alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 7:47 pm

غزاهم و هم غازون ببلاد فارس فقتلهم و أبرح القتل ، و هربوا أمامه و أجاز البحر في طلبهم إلى الخط و تعدى إلى بلاد البحرين قتلا و تخريباً . ثم غزا بعدها رؤوس العرب من تميم و بكر و عبد القيس فأثخن فيهم و أباد عبد القيس و لحق فلهم بالرمال ثم أتى اليمامة فقتل و أسر و خرب ثم عطف إلى بلاد بكر و تغلب ، ما بين مملكة فارس و مناظر الروم بالشام ، فقتل من وجد هنالك من العرب وطم مياههم و أسكن من رجع إليه من بني تغلب دارين من البحرين و الخطو من بني تميم هجروا من بكر بن وائل كرمان و يدعون بكر إياد و من بني حنظلة الأهواز ، و بنى مدينة الأنبار و الكرخ و السوس .

و فيما قاله غيره إن إياداً كان تشتو بالجزيرة و تصيف بالعراق و تشن الغارة . و كانت تسمى طما لانطباقها على البلاد ، و سابور يومئذ صغير حتى إذا بلغ القيام على ملكه شرع في غزوهم و رئيسهم يومئذ الحرث بن الأغر الأيادي ، و كتب إليهم بالنذر بذلك رجل من إياد كان بين ظهراني الفرس ، فلم يقبلوا حتى واقعتهم العساكر فاستلحمهم و خرجوا إلى أرض الجزيرة و الموصل إجلاء و لم يعاودوا العراق . و لما كان الفتح طلبهم المسلمون بالجزية مع تغلب و غيرهم فأنفوا و لحقوا بأرض الروم .

و قال السهيلي : عند ذكر سابور بن هرمز إنه كان يخلع أكتاف العرب و لذلك لقبه العرب ذو الأكتاف ، و أنه أخذ عمرو بن تميم بأرضهم بالبحرين و له يومئذ ثلثمائة سنة و إنه قال : إنما أقتلكم معاشر العرب لأنكم تزعمون أن لكم دولة . فقال له عمرو بن تميم : ليس هذا من الحزم أيها الملك فإن يكن حقاً فليس قتلك إياهم بدافعة و تكون قد اتخذت يداً عندهم ينتفع بها ولدك و أعقاب قومك . فيقال إنه استبقاه و رحم كبره .

ثم غزا سابور بلاد الروم و توغل فيها و نازل حصونهم ، كان ملوك الروم على عصره قسطنطين و هو أول من تنصر من ملوكهم و هلك قسطنطين و ملك بعده إليانوس من أهل بيته و انحراف عن دين النصرانية و قتل الإساقفة و هدم البيع و جمع الروم و انحدار لقتال سابور . و اجتمعت العرب معهم لثأرهم عند سابور بمن قتل منهم و سار قائد إليانوس و اسمه يوسانوس في مائة و سبعين ألفا من المقاتلة ، حتى دخل أرض فارس ، و بلغ خبره و كثرة جموعه إلى سابور فأحجم عن اللقاء و أجفل و صحبه العرب ، ففضوا جموعه و هرب في فل من عسكره ، و احتوى إليانوس على خزائنه و أمواله و استولى على مدينة طبسون من مدائن ملكه . ثم استنفر أهل النواحي و اجتمعت إليه فارس و ارتجع مدينة طبسون و أقاما متظاهرين ، و هلك إليانوس بسهم أصابه ، فبقي الروم فوضى و فزعوا إلى يوسانوس القائد أن يملكوه ، فشرط عليهم الرجوع إلى دين النصرانية كما كان قسطنطين فقبلوا . و بعث إليه سابور في القدوم عليه ، فسار إليه في ثمانين من أشراف الروم ، و تلقاه سابور و عانقه و بالغ في إكرامه و عقد معه الصلح على أن يعطي الروم قيمة ما أفسدوا من بلاده فارس و أعطوا بدلاً عن ذلك نصيبين فرضي بها أهل فارس ، و كانت مما أخذه الروم من أيديهم فملكها سابور و شرد عنها أهلها خوفاً من سطوته ، فنقل إليها من أهل اصطخر و أصبهان و غيرها . و انصرف يوسانوس بالروم و هلك عن قرب و رجع سابور إلى بلاده .

و فيما نقله الإخباريين إن سابور دخل بلاد الروم متنكراً و عثر عليه فأخذ و حبس في جلد ثور و زحف ملك الروم بعساكره إلى

جنديسابور فحاصرها ، و إن سابور هرب من حبسه و دخل

جنديسابور المدينة ثم خرج إلى الروم فهزمهم و أسر ملكهم قيصر ، و أخذه بعمارة ما خرب من بلاده و نقل التراب و الغروس إليها ثم قطع أنفه و بعث به على حمار إلى قومه ، و هي قصة واهية تشهد العادة بكذبها .

ثم هلك سابور لاثنتين و سبعين سنة من ملكه و هو الذي بنى مدينة نيسابور و سجستان و بنى الإيوان المشهور لمقعد ملوكهم ، و ملك لعهده امرؤ القيس بن عدي ، و أوصى بالملك لأخيه أردشير بن هرمز ، وفتك في أشراف فارس و عظمائهم فخلعوه لأربعين سنة من دولته . و ملكوا سابور بن ذي الأكتاف فاستبشر الناس برجوع ملك أبيه إليه ، و أحسن السيرة و رفق بالرعية و حمل على ذلك العمال و الوزراء و الحاشية و لم يزل عادلاً ، و خضع له عمه أردشير المخلوع ، و كانت له حروب مع إياد و في ذلك يقول شاعرهم :

على رغم سابور بن سابور أصبحت قباب إياد حولها الخيل و النعم

و قيل إن هذا الشعر إنما قيل في سابور ذي الأكتاف . ثم هلك سابور لخمس سنين من دولته ، و ملك أخوه بهرام و يلقب

كرمان شاه و كان حسن السياسة و هلك لإحدى عشرة سنة من دولته رماه بعض الرماة بسهم في القتال فقتله . و ملك بعده ابنه يزدجرد الأثيم ، و بعض نسابة الفرس يقول إنه أخوه ولي ابنه و إنما هو ابن ذي الأكتاف . و قال هشام بن محمد : كان فظاً غليظاً كثير المكر و الخديعة يفرغ في ذلك عقله و قوة معرفته و كان معجباً برأيه سيء الخلق كثير الحدة يستعظم الزلة الصغيرة و يرد الشفاعة من أهل بطانته متهما للناس قليل المكافأة . و بالجملة فهو سيء الأحوال مذمومها و استوزر ، لأول ولايته برسي الحكيم و يسمى فهر برشي و مهر مرسة ، و كان متقدماً في الحكمة و الفضائل و أمل أهل المملكة أن تهرب من يزدجرد الأثيم ، فلم يكن ذلك و اشتد أمره على الأشراف بالإهانة و على من دونهم بالقتل . و بينما هو جالس في مجلسه يوماً إذا بفرس عابر لم يطق أحد إمساكه قد وقف ببابه ، فقام إليه ليتولى إمساكه بنفسه فرمحه فمات لوقته لإحدى و عشرين سنة من ملكه . و ملك بعده ابنه بهرام بن يزدجرد و يلقب ببهرام جور ، و كان نشوؤه ببلاد الحيرة مع العرب أسلمه أبوه إليهم فربي بينهم و تكلم بلغتهم و لما مات أبوه قدم أهل فارس رجلاً من
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 7:49 pm

نسل أردشير ، ثم زحف بهرام جور بالعرب فاستولى على ملكه كما نذكر في أخبار آل المنذر . و في أيام بهرام جور سار خاقان ملك الترك إلى بلاد الصغد من ممالكه فهزمه بهرام و قتله ، ثم غزا الهند و تزوج ابنه ملكهم فهابته ملوك الأرض ، و حمل إليه الروم الأموال على سبيل المهادنة ، و هلك لتسع و عشرين من دولته .

و ملك ابنه يزدجرد بن بهرام جور و استوزر مهر برسي الحكيم الذي كان أبوه استوزره ، و جرى في ملكه بأحسن سيرة من العدل و الإحسان ، وهو الذي شرع في بناء الحائط بناحية الباب و الأبواب ، و جعل جبل الفتح سدا بين بلاده و ما وراءها من أمم الأعاجم ، و هلك لعشرين سنة من دولته .

و ملك من بعده ابنه هرمز و كان ملكاً على سجستان فغلب على الدولة و لحق أخوه فيروز بملك الصغد بمرو الروذ . و هذه الأمم المعروفون قديماً بالهياطلة و كانوا بين خوارزم و فرغانة ، فأمر فيروز بالعساكر و قاتل أخاه هرمز فغلبه و حبسه . و كانت الروم قد امتنعت من حمل الخراج فحمل إليهم العساكر مع وزيره مهر برسي ، فأثخن في بلادهم حتى حملوا ما كان يحملونه و استقام أمره و أظهر العدل . و أصابهم القحط في دولته سبع سنين فأحسن تدبير الناس فيها و كف عن الجباية و قسم الأموال ، و لم يهلك في تلك السنين أحد إتلافاً . و قيل أنه استسقى لرعيته من ذلك القحط فسقوا و عادت البلاد إلى أحسن ما كانت عليه . و كان لأول ما ملك أحسن إلى الهياطلة جزاء بما أعانوه على أمره ، فقوي ملكهم أمره و زحفوا إلى أطراف ملكه و ملكوا طخارستان و كثيراً من بلاد خراسان و زحف هو إلى قتالهم فهزموه و قتلوه و أربعة بنين له و أربعة إخوة و استولوا على خراسان بأسرها . و سار إليهم رجل من عظماء الفرس من أهل شيراز فغلبهم على خراسان و أخرجهم منها حتى ألقوا بجميع ما أخذوه من عسكر فيروز من الأسرى و السبي ، و كان مهالكه لسبع و عشرين من ملكه . و بنى المدن بالري و جرجان و أذربيجان .

و قال بعضهم : إن ملك الهياطلة الذي سار إلى فيروز اسمه خشتوا ، و الرجل الذي استرجع خراسان من يده هو خرسوس من نسل منوشهر ، و إن فيروز استخلفه لما سار إلى خشتوا و الهياطلة على مدينتي الملك و هما طبسون و نهرشير ، فكان من أمره مع الهياطلة بعد فيروز ما تقدم .

و ملك بعد فيروز بن يزدجرد ابنه يلاوش بن فيروز و نازعه أخوه قباذ الملك فغلبه يلاوش و لحق قباذ بخاقان ملك الترك يستنجده . و أحسن يلاوش الولاية و العدل و حمل أهل المدن على عمارة ما خرب من مدنهم ، و بنى مدينة ساباط بقرب المدائن ، و هلك لأربع سنين من دولته . و ملك من بعده أخوه قباذ بن فيروز و كان قد سار بعساكر الترك أمده بها خاقان ، فبلغه الخبر بمهلك أخيه و هو بنيسابور من طريقه ، وقد لقي بها إبناً كان له هنالك حملت به أمه منه عند مروره ذلك إلى خاقان ، فلما أحل بنيسابور و معه العساكر سأل عن المرأة ، فأحضرت و معها الخبر و جاء الخبر هنالك بمهلك أخيه يلاوش بالمولود و سار إلى سرحد الذي كان أبوه فيروز استخلفه على المدائن ، و مال الناس إليه دون قباذ و استبد عليه . فلما كبر و بلغ سن الاستبداد بأمره أنف من استبداد سرحد عليه ، فبعث إلى أصبهبذ البلاد و هو سابور مهران فقدم عليه و قبض على سرحد و حبسه ثم قتله و لعشرين من دولته حبس و خلع . ثم عاد إلى الملك و صورة الخبر عن ذلك أن مردك الزنديق كان إباحيا ، و كان يقول باستباحة أموال الناس و أنها فيء ، و أنه ليس لأحد دون أحد و هو لمن اختاره ، فعثر الناس منه على متابعة مزدك في هذا الاعتقاد و اجتمع أهل الدولة فخلعوه وحبسوه ، و ملكوا جاماسات أخاه .

و خرج رزمهر شاكياً داعياً لقباذ و يقرب إلى الناس بقتل المزدكية ، و أعاد قباذ إلى ملكه ، ثم سعت المزدكية عنده في رزمهر بإنكار ما أتى قبلهم فقبله ، و اتهمه الناس برأي مزدك فانتقضت الأطراف و فسد الملك و خلعوه و حبسوه و أعادوا جاماسات . و فر قباذ من محبسه و لحق قباذ بالهياطلة و هم الصغد مستجيشاً لهم ، و مر في طريقه بأبو شهر فتزوج بنت ملكها و ولدت له أنوشروان ، ثم أمده ملك الهياطلة ، فزحف إلى المدائن لست من مغيبه و غلب أخاه جاماسات و استولى على الملك . ثم غزا بلاد الروم و فتح آمد و سبى أهلها و طالت مدته و ابتنى المدن العظيمة منها مدينة أرجان بين الأهواز و فارس ، ثم هلك لثلاث و أربعين سنة من ملكه في الكرة الأولى . و ملك ابنه أنوشروان بن قباذ بن فيروز بن يزدجرد ، و كان يلي الأصبهبذ و هي الرياسة على الجنود ، و لما ملك فرق أصبهبذ البلاد على أربعة فجعل : أصبهبذ المشرق بخراسان و المغرب بأذربيجان و بلاد الخزر و استرد البلاد التي تغلب عليها جيران الأطراف من الملوك مثل السند و بست الرخج و زبلستان و طخارستان و دهستان ، و أثخن في أمة البازر و أجلى بقيتهم ، ثم أدهنوا و استعانوا بهم في حروبه . و أثخن في أمة صول و استلحمهم ، و كذلك الجرامقة و بلنجر و اللان و كانوا يجاورون أرمينية و يتملأون على غزوها فبعث إليهم العساكر و استلحموهم و أنزل بقيتهم أذربيجان . و أحكم بناء الحصون التي كان بناها قباذ و فيروز بناحية صول و اللان لتحصين البلاد ، و أكمل بناء الأبواب و السور الذي بناه جده بجبل الفتح ، بنوه على الأزماق المنفوخة تغوص في الماء كلما ارتفع البناء إلى أن استقرت بقعر البحر و شقت بالخناجر فتمكن الحائط من الأرض ثم وصل السور في البر ما بين جبل الفتح و البحر ، و فتحت فيه الأبواب ثم وصلوه في شعاب الجبل و بقي فيه إلى أن كمل . قال المسعودي : إنه كان باقياً لعصره . و الظن أن التتر خربوه بعد لما استولوا على ممالك
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 7:52 pm

الإسلام في المائة السابعة ، و مكانه اليوم بني ذو شيخان ملوك الشمال منهم . و كان لكسرى أنوشروان في بنائه خبر ملوك الخزر .

ثم استفحل ملك الترك زحف خاقان سيحور و قتل ملك الهياطلة و استولى على بلادهم و أطاعه أهل بلنجر و زحف إلى بلاد صول في عشرة آلاف مقاتل ، و بعث إلى أنوشروان يطلب منه ما أعطاه أهل بلنجر في الفداء ، وضبط أنوشروان أرمينية بالعساكر ، و امتنعت صول بملكها أنوشروان و الناحية الأخرى بسور الأبواب ، فرجع خاقان خائباً .

و أخذ أنوشروان في إصلاح السابلة و الأخذ بالعدل و تفقد أهل المملكة و تخير الولاة و العمال مقتدياً بسيرة أردشير بن بابك جده . ثم سار إلى بلاد الروم و افتتح حلب و قبرص و حمص و أنطاكية و مدينة هرقل ثم الإسكندرية ، و ضرب الجزية على ملوك القبط ، و حمل إليه ملك الروم الفدية ، و ملك الصين و التبت الهدايا . ثم غزا بلاد الخزر و أدرك فيهم بثأره و ما فعلوه ببلاده . ثم وفد عليه ابن ذي يزن من نسل الملوك التبابعة يستجيشه على الحبشة فبعث معه قائداً من قواده في جند من الديلم فقتلوا مسروقاً ملك الحبشة باليمن و ملكوها ، و ملك عليهم سيف بن ذي يزن . و أمره أن يبعث عساكره إلى الهند فبعث إلى سرنديب قائداً من قواده فقتل ملكها و استولى عليها و حمل إلى كسرى أموالاً جمة . و ملك على العرب في مدينة الحيرة . ثم سار نحو الهياطلة مطالباً بثأر جده فيروز فقتل ملكهم و استأصل أهل بيته ، و تجاوز بلخ و ما وراءها ، و أنزل عساكره فرغانة و أثخن في بلاد الروم و ضرب عليهم الجزى . و كان مكرماً للعلماء محباً للعلم و في أيامه ترجم كتاب كليلة و ترجمه من لسان اليهود و حله بضرب الأمثال و يحتاج إلى فهم دقيق . و على عهده ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم لإثنتين و أربعين سنة من ملكه و ذلك عام الفيل . و كذلك ولد أبوه عبد الله بن عبد المطلب لأربع و عشرين من ملكه .



القسم الثاني من الطبقة الرابعة من الفرس و هم الساسانية و الخبر عن ملوكهم الأكاسرة إلى حين الفتح الإسلامي

قال الطبري : و في أيامه رأى الموبذان الإبل الصعاب تقود الخيل العراب وقد قطعت دجلة و انتشرت في بلادها فأفزعه ذلك ، و قص الرؤيا على من يعبرها ، فقال : حادث يكون من العرب . فكتب كسرى إلى النعمان أن يبعث إليه بمن يسأله عما يريده فبعث إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حسان بن نفيلة الغساني و قص عليه الرؤيا فدله على سطيح ، و قال له : إئته أنت فسار إليه و قص عليه الرؤيا فأخبره بتأويلها و أن ملك العرب سيظهر و القصة معروفة . و كان فيما قاله سطيح إنه يملك من آل كسرى أربعة عشرة ملكا فاستطال كسرى المدة و ملكوا كلهم في عشرين سنة أو نحوها .

و بعث عامل اليمن و هرز بهدية و أموال و طرف من اليمن إلى كسرى ، فأغار عليها بنو يربوع من تميم و أخذوها ، و جاء أصحاب العير إلى هوذة بن علي ملك اليمامة من بني حنيفة ، فسار معهم إلى كسرى فأكرمه و توجه بعقد من لؤلؤ و من ثم قيل له ذو التاج ، و كتب إلى عامله بالبحرين في شأنهم ، و كان كثيرا ما يوقع ببني تميم و يقطعهم حتى سموه المكفر فتحيل عليهم بالميرة ، و نادى مناديه في أحيائهم : إن الأمير يقسم فيكم بحصن المشعر ميرة ، فتسايلوا إليه و دخلوا الحصن ، فقتل الرجال و خصى الصبيان . و جاءت هدية أخرى من اليمن على أرض الحجاز أجازها رجل من بني كنانة فعدت عليه قيس و قتلوه و أخذوا الهدية ، فنشأت الفتنة بين كنانة و قيس لأجل ذلك و كانت بينهما حرب الفجار عشرين سنة و شهدها رسول الله صلى الله عليه و سلم صغيرا كان ينبل على أعمامه . ثم هلك أنوشروان لثمان و أربعين من دولته و ملك ابنه هرمز .

قال هشام : و كان عادلاً حتى لقد أنصف من نفسه خصياً كان له ، و كانت له خؤلة في الترك و كان مع ذلك يقتل الأشراف و العلماء ، و زحف إليه ملك الترك شبابة في ثلثمائة ألف مقاتل ، فسار هرمز إلى هراة و باذغيس لحربهم ، و خالفه ملك الروم إلى ضواحي العراق ، و ملك الخزر إلى الباب و الأبواب ، و جموع العرب إلى شاطئ الفرات . فعاثوا في البلاد و نهبوا و اكتنفته الأعداء من كل جانب ، و بعث قائده بهرام صاحب الري إلى لقاء الترك ، و أقام هو بمكانه من خراسان بيت هراة و باذغيس ، و قاتل بهرام الترك و قتل ملكهم شبابة بسهم أصابه و استباح معسكره و أقام بمكانه . فزحف إليه برمومة بن شبابة بالترك فهزمه بهرام و حاصره في بعض الحصون حتى استسلم و بعث به إلى هرمز أسيراً ، و بعث معه بالأموال و الجواهر و الآنية و السلاح و سائر الأمتعة يقال في مائتين و خمسين ألفاً من الأحمال ، فوقع ذلك من هرمز أحسن المواقع . و غص أهل الدولة ببهرام و فعله فأكثروا فيه السعاية و بلغ الخبر إلى بهرام فخشيه على نفسه فداخل من كان معه من المرازبة و خلعوا هرمز ، و دعوا لابنه أبرويز و داخلهم في أهل الدولة ، فلحق أبرويز بأذريبجان خائفاً على نفسه ، و اجتمع إليه المرازبة و الأصبهبذيون فملكوه . و وثب بالمدائن الأشراف و العظماء و نفدويه و بسطام خال أبرويز فخلعوا هرمز و حبسوه تحرزا من قتله . و أقبل أبرويز بمن معه إلى المدائن فاستولى على الملك ، ثم نظر في أمر بهرام و تحرز منه و سار إليه و توافقا بشط النهروان ، و دعاه أبرويز إلى الدخول في أمره و يشترط ما أحب ، فلم يقبل ذلك و ناجزه الحرب فهزمه . ثم عاود الحرب مراراً و أحس أبرويز بالقتل من أصحابه فرجع إلى المدائن منهزماً ، و عرض على النعمان أن يركبه فرسه فنجا عليها . و كان أبوه محبوساً بطبسون فأخبره الخبر و شاوره فأشار عليه بقصد موريق ملك الروم يستجيشه ، فمضى لذلك ونزل المدائن لاثنتي عشرة سنة من ملكه . و في بعض من طرق
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 7:56 pm

هذا الخبر أن أبروبز لما استوحش من أبيه هرمز لحق بأذربيجان واجتمع عليه من اجتمع ولم يحدث شيئاً . و بعث هرمز لمحاربة بهرام قائداً من مرازبته فانهزم و قتل و رجع فلهم إلى المدائن و بهرام في اتباعهم ، و اضطرب هرمز و كتبت إليه أخت المرزبان المهزوم من بهرام تستحثه للملك فسار إلى المدائن و ملك ، و أتاه أبوه فتواضع له أبرويز و تبرأ له من فعل الناس و أنه إنما حمله على ذلك الخوف ، و سأله أن ينتقم له ممن فعل به ذلك و أن يؤنسه بثلاثة من أهل النسب و الحكمة يحادثهم كل يوم فأجابه ، و استأذنه في قتل بهرام جوبين فأشار به . و أقبل بهرام حثيثاً و بعث خاليه نفدويه و بسطام يستدعيانه للطاعة فرد أسوأ رد و قاتل أبرويز و اشتدت الحرب بينهما ، و لما رأى أبرويز فشل أصحابه شاور أباه و لحق بملك الروم ، و قال له خالاه عند وصولهم من المدائن : نخشى أن يدخل بهرام المدائن و يملك أباك و يبعث فينا إلى ملك الروم . و انطلقوا إلى المدائن فقتلوا هرمز ثم ساروا مع أبرويز و قطعوا الفرات ، و اتبعتهم عساكر بهرام وقد وصلوا إلى تخوم الروم و قاتلوهم و أسروا نفدويه خال أبرويز و رجعوا عنهم . و لحق أبرويز و من معه بأنطاكية و بعث إلى قيصر موريق يستنجده فأجابه و أكرمه و زوجه ابنته مريم ، و بعث إليه أخاه بناطوس بستين ألف مقاتل و قائدهم ، و اشترط عليه الإتاوة التي كان الروم يحملونها ، فقبل و سار بالعساكر إلى أذربيجان و وافاه هنالك خاله نفدويه هارباً من الأسر الذي كانوا أسروه . ثم بعث العساكر من أذربيجان مع أصبهبذ الناحية ، فانهزم بهرام جوبين و لحق بالترك و سار أبرويز إلى المدائن فدخلها و فرق في الروم عشرين ألف ألف دينار و أطلقهم إلى قيصر .

و أقام بهرام عند ملك الترك و صانع أبرويز عليه ملك الترك و زوجته حتى دست عليه من قتله ، و اغتم لذلك ملك الترك و طلقها من أجله ، و بعث إلى أخت بهرام أن يتزوجها فامتنعت ، ثم أخذ أبرويز في مهاداة قيصر موريق و ألطافه ، و خلعه الروم و قتلوه و ملكوا عليهم ملكاً اسمه قوفا قيصر ، و لحق بأبرويز فبعث العساكر على ثلاثة من القواد و سار أحدهم و دوخوا الشام إلى فلسطين ، و وصلوا إلى بيت المقدس فأخذوا أسقفتها و من كان بها من الأقسة و طالبوهم بخشبة الصليب فاستخرجوها من الدفن و بعثوا بها إلى كسرى ، و سار منهم قائد آخر إلى مصر و اسكندرية و بلاد النوبة فملكوا ذلك كله ، و قصد الثالث قسطنطينية و خيم على الخليج و عاث في ممالك الروم .

و لم يجب أحد إلى طاعة ابن موريق و قتل الروم قوفا الذي كانوا ملكوه لما ظهر من فجوره ، و ملكوا عليهم هرقل فافتتح أمره بغزو بلاد كسرى و بلغ نصيبين ، فبعث كسرى قائداً من أساورته فبلغ الموصل و أقام عليها يمنع الروم المجاوزة ، و جاز هرقل من مكان آخر إلى جند فارس ، فأمر كسرى قائده بقتاله فانهزم و قتل و ظفر هرقل بحصن كسرى و بالمدائن ، و وصل هرقل قريباً منها ثم رجع . و أولع كسرى العقوبة بالجند المنهزمين ، و كتب إلى سخراب بالقدوم من خراسان و بعثه بالعساكر ، و بعث هرقل عساكره و التقيا بأذرعات و بصرى فغلبهم عساكر فارس ، و سار سخراب في أرض الروم يخرب و يقتل و يسبي حتى بلغ القسطنطينية ، و رجع و عزله أبرويز عن خراسان و ولى أخاه .

و في مناوبة هذا الغلب بين فارس و الروم نزلت الآيات من أول سورة الروم . قال الطبري : و أدنى الأرض التي أشارت إليها الآية هي أذرعات و بصرى التي كانت بها هذه الحروب . ثم غلبت الروم لسبع سنين من ذلك العهد و أخبر المسلمون بذلك الوعد الكريم لما أهمهم من غلب فارس الروم ، لأن قريشاً كانوا يتشيعون لفارس لأنهم غير دائنين بكتاب ، و المسلمون يودون غلب الروم لأنهم أهل كتاب ، و في كتب التفسير بسط ما وقع في ذلك بينهم .

و أبرويز هذا هو الذي قتل النعمان بن المنذر ملك العرب و عامله على الحيرة سخطه بسعاية عدي بن زيد العبادي وزير النعمان ، و كان قد قتل أباه و بعثه إلى كسرى ليكون عنده ترجماناً للعرب كما كان أبوه قد فعل بسعايته في النعمان و حمله على أن يخطب إليه ابنته ، و بعث إليه رسوله بذلك عدي بن زيد فترجم له عنه في ذلك مقالة قبيحة أحفظت كسرى أبرويز مع ما كان تقدم له في منعه الفرس يوم بهرام كما تقدم ، فاستدعاه أبرويز و حبسه بساباط ، ثم أمر به فطرح للفيلة ، و ولى على العرب بعده أياس بن قبيصة الطائي جزاء بوفاء ابن عمه حسان يوم بهرام كما تقدم . ثم كان على عهده وقعة ذي قار لبكر بن وائل معهم من عبس و تميم على الباهوت مسلحة كسرى بالحيرة و من معه من طيء ، كان سببها أن النعمان بن المنذر أودع سلاحه عند هانيء بن مسعود الشيباني و كانت شكة ألف فارس ، و طلبها كسرى منه ، فأبى إلا أن يردها إلى بيته ، فآذنه كسرى بالحرب و آذنوه بها . و بعث كسرى إلى أياس أن يزحف إليه بالمسالح التي كانت ببلاد العرب بأن يوافوا أياساً ، و اقتتلوا بذي قار و انهزمت الفرس و من معهم . و فيها قال النبي صلى الله عليه و سلم : " اليوم انتصف العرب من العجم و بي نصروا " أوحى إليه بذلك أو نفث في روعه ، قيل إن ذلك كان بمكة و قيل بالمدينة بعد وقعة بدر بأشهر .

و في أيام أبرويز كانت البعثة لعشرين من ملكه و قيل لاثنتين و ثلاثين حكاه الطبري ، و بعث إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم بكتابه يدعوه إلى الإسلام ، كما تقدم في أخبار اليمن و كما يأتي في أخبار الهجرة . و لما طال ملك أبرويز بطر و أشر و خسر الناس في أموالهم و ولى عليهم الظلمة و ضيق عليهم المعاش و بغض عليهم ملكه . و قال هشام : جمع أبرويز من المال ما لم يجمعه أحد ، و بلغت عساكره القسطنطينية و أفريقية ، و كان يشتو بالمدائن و يصيف بهمدان ، و كان له اثنتا عشرة ألف امرأة ، و ألف فيل و خمسون ألف دابة . و بنى بيوت النيران و أقام فيها اثني عشر ألف هربذ و أحصى جبايته لثمان عشرة سنة من ملكه فكان أربعمائة ألف ألف
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 8:01 pm

مكررة مرتين و عشرون ألف ألف مثلها فحمل إلى بيت المال بمدينة طبسون ، و كانت هنالك أموال أخرى من ضرب فيروز بن يزدجرد منها اثنا عشر ألف بدرة في كل بدرة من الورق مصارفة أربعة آلاف مثقال فتكون جملتها ثمانية و أربعين ألف ألف مثقال مكررة مرتين في صنوف من الجواهر و الطيوب و الأمتعة و الآنية لا يحصيها إلا الله تعالى . ثم بلغ من عتوه و استخفافه بالناس أنه أمر بقتل المقيدين في سجونه و كانوا ستة و ثلاثين ألفاً ، فنقم ذلك عليه أهل الدولة و أطلقوا ابنه شيرويه و اسمه قباذ و كان محبوساً مع أولاده كلهم لإنذار بعض المنجمين له بأن بعض ولده يغتاله فحبسهم ، و أطلق أهل الدولة شيرويه و جمعوا إليه المقيدين الذين أمر بقتلهم ، و نهض إلى قصور الملك بمدينة نهرشير فملكها و حبس أبرويز و بعث إلى ابنه شيرويه يعنفه ، فلم يرض ذلك أهل الدولة و حملوه على قتله ، و قتل لثمان و ثلاثين سنة من ملكه ، و جاءته أختاه بوران و أزرميدخت فأسمعتاه و أغلظتا له فيما فعل فبكى و رمى التاج عن رأسه ، و هلك لثمانية أشهر من مقتل أبيه في طاعون و هلك فيه نصف الناس أو ثلثهم ، و كان مهلكه لسبع من الهجرة فيما قال السهيلي .

ثم ولي ملك الفرس من بعده ابنه أردشير طفلاً ابن سبع سنين لم يجدوا من بين الملك سواه لأن أبرويز كان قتل المرشحين كلهم من بينيه و بني أبيه ، فملك عظماء فارس هذا الطفل أردشير و كفله بهادرخشنش صاحب المائدة في الدولة ، فأحسن سياسة ملكه و كان شهريران بتخوم الروم في جند ضمهم إليه أبرويز و حموهم هنالك و صاحب الشورى في دولتهم ، و لما يشاوروه في ذلك غضب وبسط يده في القتل ، و طمع في الشورى في دولتهم ، و لما لم يشاوروه في ذلك غضب و بسط يده في القتل ، و طمع في الملك و أطاعه من كان معه من العساكر . و أقبل إلى المدائن و تحصن بهادرخشنش بمدينة طبسون دار الملك ، و نقل إليها الأموال و الذخائر و أبناء الملوك ، و حاصرها شهريران فامتنعت ، ثم داخل بعض العسس ففتحوا له الباب فاقتحمها و قتل العظماء و استصفى الأموال و فضح النساء .

و بعث أردشير الطفل الملك من قتله لسنة و نصف من ملكه ، و ملك شهريران على التخت و لم يكن من بيت الملك ، و امتعض لقتل أردشير جماعة من عظماء الدولة و فيهم زادان فروخ و شهريران و وهب مؤدب الأساورة ، و أجمعوا على قتل شهريران . و داخلوا في ذلك بعض حرس الملك فتعاقدوا على قتله ، و كانوا يعملون قدام الملك في الأيام و المشاهد سماطين ، مر بهم شهريران بعض أيام بين السماطين و هم مسلحون فلما حاذاهم طعنوه فقتلوه و قتلوا العظماء بعد قتل أردشير الطفل .

ثم ملكوا بوران بنت أبروبز و دفعت أمر الدولة إلى قبائل شهريران من حرس الملك و هو فروج بن ماخدشيراز من أهل إصطخر ، و رفعت رتبته ، و أسقطت الخراج عن الناس ، و أمرت برم القناطير و الجسور و ضرب الورق ، و ردت خشبة الصليب على الجاثليق ملك الروم ، و هلكت لسنة و أربعة أشهر . و ملكوا بعدها خشنشده من عمومة أبرويز عشرين يوماً فملك أقل من شهر . ثم ملك أزرميدخت بنت أبرويز و كانت من أجل نسائهم ، و كان عظيم فارس يومئذ هرمز أصبهبذ خراسان فأرسل إليها في التزويج ، فقالت هو حرام على الملكة و دعته ليلة كذا ، فجاء وقد عهدت إلى صاحب حرسها أن يقتله ففعل ، فأصبح بدار الملك قتيلاً و أخفي أثره . و كان لما سار إلى أزرميدخت استخلف على خراسان ابنه رستم ، فلما سمع بخبر أبيه أقبل في جند عظيم حتى نزل المدائن و ملكها ، و سمل أزرميدخت و قتلها ، و قيل سمها فماتت و ذلك لستة أشهر من ملكها ، و ملكوا بعدها رجلاً من نسل أردشير بن بابك و قتل لأيام قلائل ، و قيل بل هو من ولد أبرويز اسمه فروخ زاذ بن خسرو وجدوه بحصن الحجارة قريب نصيبين ، فجاءوا به إلى المدائن و ملكوه ثم عصوا عليه فقتلوه . و قيل لما قتل كسرى بن مهرخشنش طلب عظماء فارس من يولونه الملك و لو من قبل النساء ، فأتى برجل وجد بميسان اسمه فيروز بن مهرخشنش و يسمى أيضاً خشنشدة أمه صهاربخت بنت يرادقرار بن أنوشروان فملكوه كرهاً ، ثم قتلوه بعد أيام قلائل . ثم شخص رجل من عظماء الموالي و هو رئيس الخول إلى ناحية الغرب ، فاستخرج من حصن الحجارة قرب نصيبين إبناً لكسرى كان لجأ إلى طبسون فملكوه ، ثم خلعوه و قتلوه لستة أشهر من ملكه .

و قال بعضهم : كان أهل اصطخر قد ظفروا بيزدجرد بن شهريار بن أبرويز فلما بلغهم أن أهل المدائن عصوا على ابن خسرو

فروخ زاذ أتوا بيزدجرد من بيت النار الذي عندهم و يدعى أردشير ، فملكوه بإصطخر و أقبلوا به إلى المدائن ، و قتلوا فروخ زاذ خسرو لسنة من ملكه . و استقل يزدجرد بالملك و كان أعظم و زرائه رئيس الموالي الذي جاء بفرخزاد خسرو من حصن الحجارة . و ضعفت مملكة فارس ، و تغلب الأعداء على الأطراف من كل جانب ، فزحف إليهم العرب المسلمون بعد سنتين من ملكه ، و قيل بعد أربع ، فكانت أخبار دولته كلها هي أخبار الفتح نذكرها هنالك إلى أن قتل بمرو بعد نيف و عشرين سنة من ملكه . هذه هي سياقة الخبر عن دولة هؤلاء الأكاسرة الساسانية عند الطبري . ثم قال آخرها : فجميع سني العالم من آدم إلى الهجرة على ما يزعمه اليهود أربعة آلاف سنة و ستمائة و اثنان و أربعون سنة ، و على ما يدعيه النصارى في توراة اليونانيين ستة آلاف سنة غير ثمان سنين ، و على ما يقوله الفرس إلى مقتل يزدجرد أربعة آلاف و مائة و ثمانون سنة و مقتل يزدجرد عندهم لثلاثين من الهجرة ، و أما عند أهل الإسلام فبين آدم و نوح عشرة قرون و القرن مائة سنة و بين نوح و إبراهيم كذلك و بين إبراهيم و موسى كذلك و نقله الطبري عن ابن عباس و عن محمد بن عمرو بن واقد الإسلامي عن جماعة من أهل العلم و
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 8:04 pm

قال : إن الفترة بين عيسى و بين محمد صلى الله عليه و سلم ستمائة سنة و رواه عن سلمان الفارسي و كعب الأحبار و الله أعلم بالحق في ذلك و البقاء لله الواحد القهار .



الخبر عن دولة يونان و الروم و أنسابهم و مصايرهم

كان هؤلاء الأمم من أعظم أمم العالم و أوسعهم ملكاً و سلطاناً ، و كانت لهم الدولتان العظيمتان للإسكندر و القياصرة من بعده الذين صبحهم الإسلام و هم ملوك بالشام ، و نسبهم جميعاً إلى يافث باتفاق من المحققين ، إلا ما ينقل عن الكندي في نسب يونان إلى عابر بن فالغ و أنه خرج من اليمن بأهله و ولده مغاضباً لأخيه قحطان فنزل ما بين الأفرنجة و الروم فاختلط نسبه بهم ، وقد رد عليه أبو العباس الناشيء في ذلك بقوله :

تخلط يونان بقحطان ضلة لعمري لقد باعدت بينهما جداً

و لذلك يقال إن الإسكندر من تبع ، و ليس شيء من ذلك بصحيح ، و إنما الصحيح نسبهم إلى يافث ، ثم إن المحققين ينسبون الروم جيمعاً إلى يونان الأغريقيون منهم و اللطينيون . و يونان معدود في التوارة من ولد يافث لصلبه ، و اسمه فيها يافان بفاء تقرب من الواو ، فعربته العرب إلى يونان .

و أما هروشيوش فجعل الغريقيين خمس طوائف منتسبين إلى خمسة من أبناء يونان و هم : كيتم و حجيلة و ترشوش و دودانم و إيشاي ، و جعل من شعوب إيشاي سجينية و أثناش و شمالا و طشال و لجدمون . و نسب الروم اللطينيين فيهم و لم يعين نسبهم في أحد من الخمسة ، و نسب الإفرنج إلى غطر ما بن عومر بن يافث ، و قال : إن الصقالبة إخوانهم في نسبه ، و قال : إن الملك كان في هذه الطوائف لبني أشكان بن غومر و الملوك منهم هؤلاء الغريقيون قبل يونان و غيرهم . و نسب القوط إلى ماداي بن يافث و جعل من إخوانهم الأرمن ، ثم نسب القوط مرة أخرى إلى ماغوغ بن يافث و جعل اللطينينين من إخوانهم في ذلك النسب . و نسب القاللين منهم إلى رفنا بن غومار ، و نسب إلى طوبال بن يافث الأندلس و الإيطاليين و الأركاديين ، و نسب إلى طبراش بن يافث أجناس الترك . و اسم الغريقيين عنده يشمل أبناء يونان كلهم كما ذكره ، و ينوع الروم إلى الغريقيين و اللطينيين .

و قال ابن سعيد فيما نقله من تواريخ المشرق عن البيهقي و غيره : إن يونان هو ابن علجان بن يافث ، قال : و لذلك يقال لهم العلوج و يشركهم في هذا النسب سائر أهل الشمال من غير الترك ، و إن الشعوب الثلاثة من ولد يونان ، فالإغريقيون من ولد أغريقش بن يونان و الروم من ولد رومي بن يونان و اللطينيون من ولد لطين بن يونان ، و إن الاسكندر من الروم منهم و الله أعلم . و نحن الآن نذكر أخبار الدولتين الشهيرتين منهم مبلغ علمنا و الله الموفق للصواب سبحانه و تعالى .



الخبر عن دولة يونان و الإسكندر منهم و ما كان لهم من الملك و السلطان إلى انقراض أمرهم

هؤلاء اليونانيون المتشعبون إلى الغريقيين و اللطينيين ـ كما قلناه ـ اختصوا بسكنى الناحية الشمالية من المعمور مع إخوانههم من سائر بني يافث كلهم كالصقالبة و الترك و الإفرنجة من ورائهم و غيرهم من شعوب يافث ، و لهم منها الوسط ما بين جزيرة الأندلس إلى بلاد الترك بالمشرق طولاً و ما بين البحر المحيط و البحر الرومي عرضاً ، فمواطن اللطينين منهم في الجانب الغربي و مواطن الغريقيين منهم في الجانب الشرقي و البحر بينهما خليج القسطنطينية . و كان لكل واحد من شعبي الغريقيين و اللطينيين منهم دولة عظيمة مشهورة في العالم .

و اختص الغريقيون باسم اليونانيين ، و كان منهم الإسكندر المشهور الذكر أحد ملوك العالم ، و كانت ديارهم كما قلناه بالناحية الشرقية من خليج القسطنطينية بين بلاد الترك و دروب الشام ، ثم استولى على ما وراء ذلك من بلاد الترك و العراق و الهند ، ثم جال أرمينية و ما وراءها من بلاد الشام و بلاد مقدونية و مصر و الإسكندرية ، و كان ملوكهم يعرفون بملوك مقدونية .

وذكر هروشيوش مؤرخ الروم من شعوب هؤلاء الغريقيين بنو لجدمون و بنو أنتناش ، قال : و إليهم ينسب الحكماء الأنتاشيون و هم ينسبون لمدينتهم أجدة أنتاش ، قال : و من شعوبهم أيضا بنو طمان و لجدمون كلهم بنو شمالا بن إيشاي ، و قال في موضع آخر : لجدمون أخو شمالا .

و كانت شعوب هذه الأمة قبل الفرس و القبط و بني إسرائيل متفرقة بافتراق شعوبها ، و كان بينهم و بين إخوانهم اللطينيين فتن و حروب ، و لما استفحل ملك فارس لعهد الكينية أرادوهم على الطاعة لهم ، فامتنعوا و غزتهم فارس ، فاستصرخوا عليهم بالقبط فسالموهم إلى محاربة الغريقيين حتى أذلوهم و أخذوا الجزى منهم و ولوا عليهم . و يقال : إن أفريدون ولى عليهم ابنه ، و أن جده الإسكندر لأبيه من أعقابه . و يقال : إن بختنصر لما ملك مصر و المغرب أنفوه بالطاعة و كانوا يحملون خراجهم إلى ملك فارس عدداً من كرات الذهب أمثال البيض ضريبة معلومة عليهم في كل سنة ، و لما فرغوا من شأن أهل فارس و أنفوا ملكهم بالجزى و الطاعة صرفوا وجوههم إلى حرب اللطينيين ، ثم استفحل أمر الإيشائيين من الغريقيين و لم يكن قوامهم إلا الجرمونيون ، فغلبوهم و غلبوا بعدهم اللطينيين و الفرناسيين و الأركاديين ، و اجتمع إليهم سائر شعوب الغريقيين و اعتز سلطانهم و صار لهم الملك و الدولة .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الأربعاء يونيو 30, 2010 8:07 pm

و قال ابن سعيد : إن الملك استقر بعد يونان في ابنه أغريقش في الجانب الشرقي من خليج قسطنطينية ، و توالى الملك في ولده و قهروا اللطينيين و الروم و دال ملكهم في أرمينية ، و كان من أعظمهم هرقل الجبار بن ملكان بن سلقوس بن أغريقش ، يقال : إنه ضرب الأتاوة على الأقاليم السبعة . و ملك بعده ابنه يلاق و إليه تنسب الأمة اليلاقية و هي الآن باقية على بحر سودان . و اتصل الملك في عقب يلاق إلى أن ظهر إخوانهم الروم و استبدوا بالملك ، و كان أولهم هردوس بن منطرون بن رومي بن يونان فملك الأمم الثلاثة و صار اسمه لقبا لكل من ملك بعده ، و سمت به يهود الشام كل من قام بأمرها منهم . ثم ملك بعده ابنه هرمس ، فكانت له حروب مع الفرس إلى أن قهروه و ضربوا عليه الأتاوة ، فاضطرب حينئذ أمر اليونانيين و صاروا دولاً و ممالك . و انفرد الإغريقيون برئيس لهم ، و صنع مثل ذلك اللطينيون ، إلا أن اللقب بملك الملوك كان لملك الروم ، ثم ملك بعده ابنه مطريوش فحمل الأتاوة لملك الفرس لاشتغاله بحرب اللطينيين و الإغريقيين . و ملك بعده ابنه فليفوش و كانت أمه من ولد سرم من ولد أفريدون الذي ملكه أبوه على اليونان ، فظهر و هدم مدينة أغريقية و بنى مدينة مقدونية في وسط الممالك بالجانب الغربي من الخليج . و كان محباً للحكمة فلذلك كثر الحكماء في دولته . ثم ملك من بعده ابنه الإسكندر و كان معلمه من الحكماء أرسطو .

و قال هروشيوش : إن أباه فيلفوش إنما ملك بعد الإسكندر بن تراوش أحد ملوكهم العظماء ، و كان فيلفوش صهراً له على أخته لينبادة بنت تراوش ، و كان له منها الإسكندر الأعظم . قال : و كان ملك الإسكندر بن تراوش لعهد أربعة آلاف و ثمانمائة من عهد الخليفة و لعهد أربعمائة أو نحوها من بناء رومة ، و هلك و هو محاصر لرومة قتله اللطينيون عليها لسبع سنين من دولته . فولي أمر الغريقيين و الروم من بعده صهره على أخته لينبادة فيلفوش ابن آمنتة بن هركلش ، و اختلفوا عليه فافترق أمرهم و حاربهم إلى أن انقادوا و غلبهم على سائر أوطانهم . و أراد بناء القسطنطينية فمنعه الجرمانيون بما كانت لهم ، فقاتلهم حتى استلحمهم ، و اجتمع إليه سائر الروم و الغريقيين من بني يونان ، و ملك ما بين ألمانية و جبال أرمينية . و كان الفرس لذلك العهد قد استولوا على الشام و مصر فاعتزم فيلفوش على غزو الشام ، فاغتاله في طريقه بعض اللطينيين و قتله بثأر كان له عنده . و ولي من بعده ابنه الإسكندر فاستمر على مطالبة بلاد الشام ، و بعث إليه ملوك فارس في الخراج على الرسم الذي كان لعهد أبيه فيلفوش ، فبعث إليه الإسكندر إني قد ذبحت تلك الدجاجة التي كانت تبيض الذهب و أكلتها . ثم زحف إلى بلاد الشام و استولى عليها و فتح بيت المقدس و قرب فيه القربان و ذلك لعهد مائتين و خمسين من فتح بختنصر إياها ، و امتعض أهل فارس لانتزاعه إياها من ملكتهم ، فزحف إليه دارا في ستين ألفاً من الفرس و لقيه الإسكندر في ستمائة ألف من قومه فغلبهم و فتح كثيراً من مدن الشام و رجع إلى طرسوس ، فزحف إليه دارا و لقيه عليها فهزمه الإسكندر و افتتح طرسوس . و مضى و بنى الإسكندرية .

ثم تزاحف مع دارا و هزمه و قتله و تخطى إلى فارس فملك بلادها و هدم مدينة الملك بها و سبى أهلها ، و أشار عليه معلمه أرسطو بأن يجعل الملك في أسافلهم لتتفرق كلمتهم و يخلص إليه أمرهم ، فكاتب الإسكندر ملوك كل ناحية من الفرس و النبط و العرب و ملك على كل ناحية و توجه فصاروا طوائف في ملكهم ، و استبد كل واحد منهم بجهة كان ملكها لعقبه و معلمه أرسطو هذا من اليونانيين و كان مسكنه أثينا و كان كبير حكماء الخليفة غير منازع ، أخذ الحكمة عن أفلاطون اليوناني ، كان يعلم الحكمة و هو ماش تحت الرواق المظلل له من حر الشمس فسمى تلاميذه بالمشائين . و أخذ أفلاطون عن سقراط و يعرف بسقراط الدن بسكناه في دن من الخزف اتخذه لرهبانيته ، و قتله قومه أهل يونان مسموما لما نهاهم عن عبادة الأوثان ، و كان هو أخذ الحكمة عن فيثاغورس منهم ، و يقال : إن فيثاغورس أخذ عن تاليس حكيم ملطية ، و أخذ تاليس عن لقمان . و من حكماء اليونانيين دميقراطيس ، و أنكيثاغورس كان مع حكمته مبرزاً في علم الطب و بعث فيه بهمن ملك الفرس إلى يونان فامتنع من إيفاده عليه ضنانة به ، و كان من تلامذته جالينوس لعهد عيسى عليه السلام و مات بصقلية و دفن بها .

و لما استولى الإسكندر على بلاد فارس تخطاها إلى بلاد السند فملكها و بنى بها مدينة سماها الإسكندرية ، ثم زحف إلى بلاد الهند فغلب على أكثرها و حاربه فور ملك الهند فانهزم و أخذه الإسكندر أسيراً بعد حروب طويلة ، و غلب على جميع طوائف الهنود و ملك بلاد الصين و السند و ذللت إليه الملوك و حملت إليه الهدايا و الخراج من كل ناحية ، و راسله ملوك الأرض من أفريقية و المغرب و الإفرنجة و الصقالبة و السواد . ثم ملك بلاد خراسان و الترك ، و اختط مدينة الإسكندرية عند مصب النيل في البحر الرومي ، و استولى على الملوك يقال : على خمسة و ثلاثين ملكاً . و عاد إلى بابل فمات بها ، يقال مسموماً سمه عامله على مقدونية لأن أمه شكته إلى الإسكندر فتوعده فأهدى له سما و تناوله فمات لاثنتين و أربعين سنة من عمره ، بعد أن ملك اثنتي عشرة سنة ، سبعاً منها قبل مقتل دارا و خمساً بعده .

قال الطبري : و لما مات عرض الملك على ابنه إسكندروس فاختار الرهبانية ، فملك يونان عليهم لوغوس من بيت الملك و لقبه بطليموس . قال المسعودي : ثم سارت هذه التسمية لكل من يملك منهم و مدينتهم مقدونية و ينزلون الإسكندرية ، و ملك منهم أربعة عشر ملكاً في ثلثمائة سنة .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى