alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:07 pm

يزدجرد من حلوان إلى الري و استخلف عليها حشرشوم ، و جاء القعقاع إلى حلوان فبرز إليه حشرشوم و على مقدمته الرمى ، فقتله القعقاع و هرب حشرشوم من ورائه ، و ملك القعقاع حلوان و كتب إلى عمر في الفتح و استأذنوا في اتباعهم ، فأبى و قال : وددت أن بين السواد و الجبل سداً

حصيناً من ريف السواد فقد آثرت سلامة المسلمين على الأنفال .

و أحصيت الغنيمة فكانت ثلاثين ألف ألف ، فقسمها سلمان بن ربيعة ، يقال : إنه أصاب الفارس تسعة آلاف و تسعة من الدواب . و بعثوا بالأخماس إلى عمر مع زياد ابن أبيه . فلما قدم الخمس قال عمر : و الله لا يجنه سقف حتى أقسمه ، فجعله في المسجد و بات عبد الرحمن بن عوف و عبد الله بن أرقم يحرسانه ، و لما أصبح جاء في الناس و نظر إلى ياقوتة و جوهرة فبكى ، فقال عبد الرحمن بن عوف : ما يبكيك يا أمير المؤمنين و هذا موطن شكر ؟ قال : و الله ما أعطى الله هذا قوماً إلا تحاسدوا و تباغضوا فيلقي الله بأسهم بينهم . و منع عمر من قسمة السواد ما بين حلوان و القادسية فأقره حبساً ، و اشترى جرير بعضه بشاطئ الفرات فرد عمر الشراء .

و لما رجع هاشم من جلولاء إلى المدائن بلغهم أن أدين بن الهرامون جمع جمعاً و جاء بهم إلى السهل ، فبعث إليه ضرار بن الخطاب في جيش فلقيهم بما سبدان فهزمهم و أسر أدين فقتله ، و انتهى في طلبهم إلى النهروان و فتح ماسبدان عنوة و رد إليها أهلها و نزل به بها فكانت أحد فروج الكوفة ، و قيل كان فتحها بعد نهاوند و الله سبحانه أعلم .



ولاية عتبة بن غزوان على البصرةكان عمر عندما بعث المثنى إلى الحيرة بعث قطبة بن قتادة السدوسي إلى البصرة فكان يغير بتلك الناحية ، ثم استمد عمر فبعث إليه شريح بن عامر بن سعد ابن بكر فأقبل إلى البصرة و مضى إلى الأهواز ، و لقيه مسلحة الأعاجم فقتلوه . فبعث عمر عتبة بن غزوان والياً على تلك الناحية ، و كتب إلى العلاء بن الحضرمي أن يمده بعرفجة بن هرثمة و أمره أن يقيم بالتخوم بين أرض العرب و أرض العجم ، فانتهى إلى حيال الجسر و بلغ صاحب الفرات خبرهم فأقبل في أربعة آلاف و عتبة في خمسمائة و التقوا فقتلوا الأعاجم أجمعين و أسروا صاحب الفرات ، ثم نزل البصرة في ربيع سنة أربع عشرة ، و قيل إن البصرة بصرت سنة ست عشرة بعد جلولاء و تكريت . أرسل سعد إليها عتبة فأقام بها شهراً و خرج إليه أهل الأبلة ، و كانت مرفأ للسفن من الصين ، فهزمهم عتبة و أحجرهم في المدينة و رجع إلى عسكره ، و رعب الفرس فخرجوا عن الأبلة و حملوا ما خف و أدخلوا
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:08 pm

المدينة و عبروا النهر ، و دخلها المسلمون فغنموا ما فيها و اقتسموه . ثم اختط البصرة بالمسجد فبناه بالقصب . و جمع لهم أهل دست ميان فلقيهم عتبة فهزمهم و أخذ مرزبانها أسيراً ، و أخذ قتادة منطقته فبعث بها إلى عمر ، و سأل عنهم فقيل له : انثالت عليهم الدنيا فهم يهيلون الذهب و الفضة . فرغب الناس في البصرة و أتوها . ثم سار عتبة إلى عمر بعد أن بعث مجاشع بن مسعود في جيش إلى الفرات ، و استخلف المغيرة بن شعبة على الصلاة إلى قدوم مجاشع ، و جاء ألف بيكان من عظماء الفرس إلى المسلمين و لقيهم المغيرة بن شعبة بالمرغاب و بينما هم في القتال إذ لحق بهم النساء وقد اتخذن خمرهن رايات ، فانهزم الأعاجم و كتبوا بالفتح إلى عمر ، فرد عتبة إلى عمله فمات في طريقه ، و قيل إن إمارة عتبة كانت سنة خمس عشرة و قيل ست عشرة فوليها ستة أشهر ، و استعمل عمر بعده المغيرة بن شعبة سنتين فلما رمى بما رمى به عزله ، و استعمل أبا موسى . و قيل استعمل بعد عتبة أبا سبرة و بعده المغيرة .



وقعة مرج الروم و فتوح مدائن الشام بعدها

لما انهزم الروم بفحل سار أبو عبيدة و خالد إلى حمص و اجتمعوا بذي الكلاع في طريقهم و بعث هرقل توذر البطريق للقائهم فنزلوا جميعاً بمرج الروم ، و كان توذر بإزاء خالد و شمس بطريق آخر بإزاء أبي عبيدة و أمسوا متباريين . ثم أصبح فلم يجدوا توذر و سار إلى دمشق و اتبعه خالد ، و استقبله يزيد من دمشق فقاتله ، و جاء خالد من خلفه فلم يفلت منهم إلا القليل و غنموا ما معهم . و قاتل شمس أبو عبيدة بعد خالد فانهزم الروم و قتلوا و اتبعهم أبو عبيدة إلى حمص و معه خالد ، فبلغ ذلك هرقل فبعث بطريق حمص إليها و سار هو في الرهاء ، فحاصر أبو عبيدة حمص حتى طلبوا الأمان فصالحهم ، و كان هرقل يعدهم في حصارهم المدد ، و أمر أهل الجزيرة بإمدادهم فساروا لذلك . و بعث سعد بن أبي وقاص العساكر من العراق فحاصروا هبت و قرقيسيا فرجع أهل الجزيرة إلى بلادهم . و يئس أهل حمص من المدد فصالحوا على صلح أهل دمشق ، و أنزل أبو عبيدة فيها السمط بن الأسود في بني معاوية من كندة الأشعث بن ميناس في السكون و المقداد في بلي و غيرهم ، و ولى عليهم أبو عبيدة عبادة بن الصامت و صار إلى حماة فصالحوه على الجزية عن رؤسهم و الخراج عن أرضهم ، ثم سار نحو شيزر فصالحوا كذلك ، ثم إلى المعرة كذلك و يقال معرة النعمان و هو النعمان بن بشير الأنصاري . ثم سار إلى اللاذقية ففتحها عنوة ثم سليمة أيضاً ، ثم أرسل أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى قنسرين فاعترضه ميناس عظيم الروم بعد هرقل فهزمهم خالد و أثخن فيهم ، و نازل قنسرين حتى افتتحها عنوة و خربها . و أدرب إلى هرقل من ناحينه ، و أدرب عياض بن غنم لذلك ، و أدرب عمر بن مالك من الكوفة إلى قرقيسيا ، و أدرب عبد الله بن المعتمر من الموصل ، فارتحل هرقل إلى القسطنطينية من أمدها ، و أخذ أهل الحصون بين الإسكندرية و طرسوس و شعبها أن ينتفع المسلمون بعمارتها . و لما بلغ عمر صنيع خالد قال : أمر خالد نفسه يرحم الله أبا بكر هو كان أعلم مني بالرجال . و قد كان عزل خالداً و المثنى بن حارثة خشية أن يداخلهما كبر من تعظيم فوكلوا إليه ، ثم رجع عن رأيه في المثنى عند قيامه بعد أبي عبيد ، و في خالد بعد قنسرين فرجع خالد إلى إمارته . و لما فرغ أبو عبيدة من قنسرين سار إلى حلب و بلغه أن أهل قنسرين غدروا فبعث إليهم السمط الكندي فحاصرهم و فتح و غنم ، و وصل أبو عبيدة إلى خناصر حلب و هو موضع قريب منها يجمع أصنافاً من العرب ، فصالحوا على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك . ثم أتى حلب و كان على مقدمته عياض بن غنم الفهري فحاصرهم حتى صالحوه على الأمان ، و أجاز ذلك أبو عبيدة ، و قيل صولحوا على مقاسمة الدور و الكنائس ، و قيل إنتقلوا إلى إنطاكية حتى صالحوا و رجعوا إلى حلب .

ثم سار أبو عبيدة من حلب إلى أنطاكية و بها جمع كبير من فل قنسرين و غيرهم و لقوه قريباً منها فهزمهم و أحجرهم و حاصرهم حتى صالحوه على الجلاء أو الجزية و رحل عنهم ، ثم نقضوا فبعث أبو عبيدة إليهم عياض بن غنم و حبيب بن مسلمة ففتحاها على الصلح الأول و كانت عظيمة الذكر ، فكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يرتب فيها حامية مرابطة و لا يؤخر عنهم العطاء . ثم بلغ أبا عبيدة أن جمعاً بالروم بين معرة مصرين و حلب فسار إليهم فهزمهم و قتل بطارقتهم ، و أمعن بل و أثخن فيهم ، و فتح معرة مصرين على صلح حلب . و جالت خيوله فبلغت سرمين و تيري و غلبوا على جميع أرض قنسرين و أنطاكية ، ثم فتح حلب ثانية .

و سار يريد قورس ، و على مقدمته عياض ، فصالحوه على صلح أنطاكية . و بث خيله ففتح تل نزار و ما يليه ، ثم فتح منبج على يد سلمان بن ربيعة الباهلي ، ثم بعث عياضاً إلى دلوك و عينتاب فصالهم على مثل منبج و اشترط عليهم أن يكونوا عوناً للمسلمين . و ولى أبو عبيدة على كل ما فتح من الكور عاملاً و ضم إليه جماعة و شحن الثغور المخوفة بالحامية . و استولى المسلمون على الشام من هذه الناحية إلى الفرات ، و عاد أبو عبيدة إلى فلسطين .

و بعث أبو عبيدة جيشاً مع ميسرة بن مسروق العبسي ، فسلكوا درب تفليس إلى بلاد الروم فلقي جمعاً للروم و معهم عرب من غسان و تنوخ و إياد يريدون اللحاق بهرقل فأوقع بهم و أثحن فيهم ، و لحق به على أنطاكية مالك بن الأشتر النخعي مدداً فرجعوا جميعاً إلى أبي عبيدة . و بعث أبو عبيدة جيشاً آخر إلى مرعش مع خالد بن الوليد ففتحها على إجلاء أهلها بالأمان و خربها ، و بعث جيشاً آخر مع حبيب بن مسلمة إلى حصن الحرث كذلك . و في خلال ذلك فتحت قيسارية ، و بعث إليها يزيد بن أبي سفيان أخاه معاوية بأمر عمر فسار إليها و حاصرهم بعد أن هزمهم ، و بلغت قتلاهم في الهزائم ثمانين ألفاً و فتحها آخراً و كان علقمة بن مجزز على غزة و فيها القبفار من بطارقة الروم .



وقعة أجنادين و فتح بيسان و الأردن و بيت المقدس

لما انصرف أبو عبيدة و خالد إلى حمص بعد واقة مرج الروم نزل عمرو و شرحيبل على أهل بيسان فافتتحها و صالح أهل الأردن ، و اجتمع عسكر الروم بأجنادين و غزة و بيسان و عليهم أرطبون من بطارقة الروم ، فسار عمرو و شرحبيل إليهم و استخلف على الأردن أبا الأعور السلمي . و كان الأرطبون قد أنزل بالرملة جنداً عظيماً من الروم و بيت المقدس كذلك ، و بعث عمر و علقمة بن حكيم الفراسي و مسرور بن العكي لقتال أهل بيت المقدس ، و بعث أبا أيوب المالكي إلى قتال أهل الرملة ، و كان معاوية محاصراً لأهل قيسارية فشغل جميعهم عنه ، ثم زحف عمرو إلى الأرطبون و اقتتلوا كيوم اليرموك و أشد ، و انهزم أرطبون إلى بيت المقدس و أفرج له المسلمون الذين كانوا يحاصرونها حتى دخل .

و رجعوا إلى عمرو و قد نزل أجنادين . و قد تقدم لنا ذكر هذه الوقعة قبل اليرموك على قول من جعلها قبلها و هذا على قول من جعلها بعدها . و لما دخل أرطبون بيت المقدس فتح عمرو غزة ، و قيل كان فتحها في خلافة أبي بكر ، ثم فتح سبسطية و فيها قبر يحيى بن زكريا ، و فتح نابلس على الجزية ثم فتح مدينة لد ، ثم عمواس و بيت حبرين و يافا و رفح و سائر مدائن الأردن . و بعث إلى الأرطبون فطلب أن يصالح كأهل الشام و يتولى العقد عمر و كتبوا إليه بذلك ، فسار عن المدينة و استخلف علي بن أبي طالب بعد أن عذله في مسيره فأبى ، و قد كان واعد أمراء الأجناد هنالك فلقيه يزيد ثم أبو عبيدة ثم خالد على الخيول عليهم الديباج و الحرير فنزل و رماهم بالحجاز ، و قال : أتستقبلوني في هذا الزي ؟ و إنما شبعتم منذ سنتين و الله لو كان على رأس الماءين لاستبدلت بكم فقالوا : إنها بلا ثمن . و إن علينا السلاح ، فسكت و دخل الجابية . و جاءه أهل بيت المقدس وقد هرب أرطبون عنهم إلى مصر ، فصالحوه على الجزية و فتحوها له و كذلك أهل الرملة . و ولى علقمة بن حكيم على نصف فلسطين و أسكنه الرملة ، و علقمة بن مجزز على النصف الآخر و أسكنه بيت المقدس ، و ضم عمراً و شرحبيل إليه فلقياه بالجابية . و ركب عمر إلى بيت المقدس فدخلها و كشف عن الصخرة و أمر ببناء المسجد عليها و ذلك سنة خمس عشرة و قيل سنة ست عشرة . و لحق أرطبون بمصر مع من أبى الصلح من الروم حتى هلك في فتح مصر ، و قيل إنما لحق بالروم و هلك في بعض الصوائف . ثم فرق عمر المطاء و دون الدوادين سنة خمس عشرة و رتب ذلك على السابقة .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:09 pm

و لما أعطى صفوان بن أمية و الحرث بن هشام و سهيل بن عمرو أقل من غيرهم قالوا : لا و الله لا يكون أحد أكرم منا : إنما أعطيت على سابقة الإسلام لا على الأحساب . قالوا فنعم إذاً . و خرجوا إلى الشام فلم يزالوا مجاهدين حتى أصيبوا .

و لما وضع عمر الدواوين قال له علي و عبد الرحمن إبدأ بنفسك ، قال لا بل بعم رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم الأقرب فالأقرب ، و رتب ذلك على مراتب ففرض خمسة آلاف ثم أربعة ثم ثلاثة ثم ألفين و خمسمائة ثم ألفين ثم ألفاً واحداً ثم خمسمائة ثم ثلثمائة ثم مائتين و خمسين ثم مائتين ، و أعطى نساء النبي صلى الله عليه و سلم عشرة آلاف لكل واحدة و فضل عائشة بألفين ، و جعل النساء على مراتب فلأهل بدر خمسمائة ثم أربعمائة ثم ثلثمائة ثم مائتين ، و الصبيان مائة مائة و المساكين جريبين في الشهر ، و لم يترك في بيت المال شيئاً . و سئل في ذلك فأبى و قال : هي فتنة لمن بعدي . و سأل الصحابة في قوته من بيت المال ، فأذنوا له و سألوه في الزيادة على لسان حفصة ابنته متكتمين عنه ، فغضب و امتنع ، و سألها عن حال رسول الله صلى الله عليه و سلم في عيشه و ملبسه و فراشه فأخبرته بالكفاف من ذلك ، فقال و الله لأضعن الفضول مواضعها و لأتبلغن بالترجية و إنما مثلي و مثل صاحبي كثلاثة سلكوا طريقاً و تزود الأول فبلغ المنزل و اتبعه الآخر مقتدياً به كذلك ثم جاء الثالث بعدهما فإن اقتفى طريقهما و زادهما لحق بهما و إلا لم يبلغهما .

و فتحت في جمادى من هذه السنة تكريت لأهل الجزيرة كانوا قد اجتمعوا إلى المرزبان الذي كان بها و هم من الروم و إياد و تغلب و النمر و معهم المشهارجة ليحموا أرض الجزيرة من ورائهم ، فسرح إليهم سعد بن أبي وقاص بأمر عمر ، كاتبه عبد الله بن المعتمر و على مقدمته ربعي بن الأفكل و على الخيل عرفجة بن هرثمة ، فحاصروهم أربعين يوماً و داخلوا العرب الذين معهم فكانوا يطلعونهم على أحوال الروم ، ثم يئس الروم من أمرهم و اعتزموا على ركوب السفن في دجلة للنجاة ، فبعث العرب بذلك إلى المسلمين و سألوهم الأمان ، فأجابوهم على أن يسلموا فأسلموا و واعدهم الثبات و التكبير و أن يأخذوا على الروم أبواب البحر مما يلي دجلة ففعلوا . و لما سمع الروم التكبير من جهة البحر ظنوا أن المسلمين استداروا من هناك فخرجوا إلى الناحية التي فيها المسلمون فأخذتهم السيوف من الجهتين ، و لم يفلت إلا من أسلم من قبائل ربيعة من تغلب و النمر و إياد . و قسمت الغنائم فكان للفارس ثلاثة آلاف درهم و للراجل ألف . و يقال إن عبد الله بن المعتمر بعث ربعي بن الأفكل بعهد عمر إلى الموصل و نينوى و هما حصنان على دجلة من شرقيها و غربيها ، فسار في تغلب و إياد و النمر و سبقوه إلى الحصنين فأجابوا إلى الصلح و صاروا ذمة . و قيل بل الذي فتح الموصل عتبة بن فرقد سنة عشرين و أنه ملك نينوى و هو الشرقي عنوة . و صالحوا أهل الموصل و هو الغربي على الجزية و فتح معها جبل الأكراد و جميع أعمال الموصل وقيل إنما بعث عتبة بن فرقد عياض بن غنم عندما فتح الجزيرة على ما نذكره و الله أعلم .



مسير هرقل إلى حمص و فتح الجزيرة و أرمينية

كان أهل الجزيرة قد راسلوا هرقل و أغروه بالشام و أن يبعث الجنود إلى حمص و واعدوه المدد ، و بعثوا الجنود إلى أهل هيت مما يلي العراق ، فأرسل سعد عمر بن مالك بن جبير بن مطعم في جند و على مقدمته الحرث بن يزيد العامري فسار إلى هيت و حاصرهم ، فلما رأى اعتصامهم بخندقهم حجر عليهم الحرث بن يزيد و خرج في نصف العسكر و جاء قرقيسيا على غرة فأجابوه إلى الجزية ، و كتب إلى الحرث أن يخندق على عسكر الجزيرة فبيت حتى سألوا المسألمة و العود إلى بلادهم فتركهم و لحق بعمر بن مالك .

و لما اعتزم هرقل على قصد حمص و بلغ الخبر أبا عبيدة ضم إليه مسالحه و عسكر بفنائها ، و أقبل إليه خالد من قنسرين ، و كتبوا إلى عمر بخبر هرقل فكتب إلى سعد أن يذهب بل أن يندب الناس مع القعقاع بن عمرو و يسرحهم من يومهم فإن أبا عبيدة قد أحيط به ، و إن يسرح سهيل بن عدي إلى الرقة فإن أهل الجزيرة هم الذين استدعوا الروم إلى حمص ، و أن يسرح عبد الله بن عتبان إلى نصيبين ثم يقصد حران و الرها ، و أن يسرح الوليد بن عقبة إلى عرب الجزيرة من ربيعة و تنوخ و أن يكون عياض بن غنم على أمراء الجزيرة هؤلاء إن كانت حرب . فمضى القعقاع من يومه في أربعة آلاف إلى حمص ، و سار عياض بن غنم و أمراء الجزيرة كل أمير إلى كورته ، و خرج عمر من المدينة فأتى الجابية يريد حمص مغيثاً لأبي عبيدة . و لما سمع أهل الجزيرة خبر الجنود فارقوا هرقل و رجعوا إلى بلادهم ، و زحف أبو عبيدة إلى الروم فانهزموا ، و قدم القعقاع من العراق بعد الوقعة بثلاث ، و كتبوا إلى عمر بالفتح فكتب إليهم أن أشركوا أهل العرب في الغنيمة . و سار عياض بن غنم إلى الجزيرة و بعث سهيل بن عدي إلى الرقة عندما انقبضوا عن هرقل فنهضوا معه ، إلا إياد بن نزار ، فإنهم دخلوا أرض الروم . ثم بعث عياض بن سهيل و عبد الله يضمهما إليه ، و سار بالناس إلى حران فأجابوه إلى الجزية . ثم سرح سهيلاً و عبد الله إلى الرها فأجابوا إلى الجزية ، و كمل فتح الجزيرة . و كتب أبو عبيدة إلى عمر لما رجع من الجابية و انصرف معه خالد أن يضم إليه عياض بن غنم مكانه ففعل ، و ولى حبيب بن مسلمة على عجم الجزيرة و حربها و الوليد بن عقبة على عربها .و لما بلغ عمر دخول إياد إلى بلاد الروم ، كتب إلى هرقل بلغني أن حياً من أحياء العرب تركوا دارنا و أتوا دارك فو الله لتخرجنهم أو لنخرجن النصارى إليك ، فأخرجهم هرقل و تفرق منهم أربعة آلاف فيما يلي الشام و الجزيرة ، و أبى الوليد بن عقبة أن يقبل منهم إلا
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:09 pm

الإسلام ، فكتب إليه عمر إنما ذلك في جريرة العرب إلى تل التي فيها مكة و المدينة و اليمن فدعهم على أن لا ينصروا وليداً و لا يمنعوا أحداً منهم من الإسلام . ثم وفدوا إلى عمر في أن يضع عنهم اسم الجزية فجعلها الصدقة مضاعفة ثم عزل الوليد عنهم لسطوته و عزتهم ، و أمر عليهم فرات بن حيان و هند بن عمر الجملي .

و قال ابن إسحق : إن فتح الجزيرة كان سنة تسع عشرة و إن سعداً بعث إليها الجند مع عياض بن غنم و فيهم ابنه عمر مع عياض بن غنم ، ففتح عمر مع عياض الرها ، و صالحت حران ، و افتتح أبو موسى نصيبين ، و بعث عثمان بن أبي العاص إلى أرمينية فصالحوه على الجزية ، ثم كان فتح قيسارية من فلسطين ، فتكون الجزيرة على هذا من فتوح أهل العراق و الأكثر أنها من فتوح أهل الشام . و أن أبا عبيدة سير عياض بن غنم إليها ، و قيل بل استخلفه لما توفي ، فولاه عمر على حمص و قنسرين و الجزيرة فسار إليها سنة ثمان عشرة في خمسة آلاف فانتهت طائفة إلى الرقة فحاصروها حتى صالحوه على الجزية و الخراج على الفلاحين . ثم سار إلى حران فجهز عليها صفوان بن المعطل و حبيب بن مسلمة ، و سار هو إلى الرها فحاصرها حتى صالحوه . ثم رجع إلى حران و صالحهم كذلك ، ثم فتح سميساط و سروج و رأس كيفا فصالحوه على منبج كذلك ، ثم آمد ثم ميافارقين ثم كفرتوثا ثم نصيبين ثم ماردين ثم الموصل و فتح أحد حصنيها ، ثم سار إلى أرزن الروم ففتحها و دخل الدرب إلى بدليس . ثم خلاط فصالحوه و انتهى إلى أطراف أرمينية ، ثم عاد إلى الرقة و مضى إلى حمص فمات . و استعمل عمر عمير بن سعد الأنصاري ففتح رأس عين و قيل إن عياضاً هو الذي أرسله ، و قيل إن أبا موسى الأشعري هو الذي افتتح رأس عين بعد وفاة عياض بولاية عمر ، و قيل إن خالد حضر فتح الجزيرة مع عياض و دخل الحمام بآمد فأطلى بشيء فيه خمر و قيل لم يسر خالد تحت لواء أحد بعد أبي عبيدة .

و لما فتح عياض سمساط بعث حبيب بن مسلمة إلى ملطية ففتحها عنوة أيضاً و رتب فيها الجند و ولى عليها ، و لما أدرب عياض بن غنم من الجابية . فرجع عمر إلى المدينة سنة سبع عشرة و على حمص أبو عبيدة ، و على قنسرين خالد بن الوليد من تحته ، و على دمشق يزيد ، و على الأردن معاوية ، و على فلسطين علقمة بن مجزز ، و على السواحل عبد الله بن قيس . و شاع في الناس ما أصاب خالد مع عياض بن غنم من الأموال فانتجعه رجال منهم الأشعث بن قيس و أجازه بعشرة آلاف ، و بلغ ذلك عمر مع ما بلغه في آمد من تدلكه بالخمر ، فكتب إلى أبي عبيدة أن يقيمه في المجلس و ينزع عنه قلنسوته و يعقله بعمامته و يسأله من أين أجاز الأشعث ؟ فإن كان من ماله فقد أسرف فاعزله و اضمم إليك عمله . فاستدعاه أبو عبيدة و جمع الناس و جلس على المنبر و سأل البريد خالداً فلم يجبه ، فقام بلال و أنفذ فيه أمر عمر و سأله ، فقال : من مالي فأطلقه و أعاد قلنسوته و عمامته . ثم استدعاه عمر فقال من أين هذا الثراء ؟ قال : من الأنفال و السهمان و ما زاد على ستين ألفا فهو لك فجمع ماله فزاد عشرين فجعلها في بيت المال ثم استصلحه .

و في سنة سبع عشرة هذه اعتمر عمر و وسع في المسجد ، و أقام بمكة عشرين ليلة ، و هدم على من أبى البيع دورهم لذلك ، و كانت العمارة في رجب و تولاها : مخرمة بن نوفل ، و الأزهر بن عبد عوف ، و حويطب بن عبد العزى و سعيد بن يربوع ، و استأذنه أهل المياه أن يبنو المنازل بين مكة و المدينة فأذن لهم على شرط أن ابن السبيل أحق بالظل و الماء .



غزو فارس من البحرين و عزل العلاء عن البصرة ثم المغيرة و ولاية أبي موسى

كان العلاء بن الحضرمي على البحرين أيام أبي بكر ثم عزله عمر بقدامة بن مظعون ثم أعاده ، و كان العلاء يناوئ سعد بن أبي وقاص و وقع له في قتال أهل الردة ما وقع ، فلما ظفر سعد بالقادسية كانت أعظم من فعل العلاء ، فأراد أن يؤثر في الفرس شيئاً فندب الناس إلى فارس و أجابوه ، و فرقهم أجنادا بين الجارود بن المعلى و السوار ابن همام و خليد بن المنذر و أمره على جميعهم و حمله في البحر إلى فارس بغير إذن من عمر لأنه كان ينهي عن ذلك و أبو بكر قبله خوف الغرق . فخرجت الجنود إلى اصطخرو بإزائهم الهربذ في أهل فارس ، و حالوا بينهم و بين سفنهم فخاطبهم خليد و قال : إنما جئتم لمحاربتهم و السفن و الأرض لمن غلب . ثم ناهدوهم و اقتتلوا بطاوس ، و قتل الجارود و السوار و أمر خليد أصحابه أن يقاتلوا رجالة ، و قتل من الفرس مقتلة عظيمة ، ثم خرج المسلمون نحو البصرة و أخذ الفرس عليهم الطرق فعسكروا و امتنعوا ، و بلغ ذلك عمر فأرسل إلى عتبة بالبصرة يأمره بإنفاذ جيش كثيف إلى المسلمين بفارس قبل أن يهلكوا ، و أمر العلاء بالإنصراف عن البحرين إلى سعد بمن معه ، فأرسل عتبة الجنود اثني عشر ألف مقاتل فيهم عاصم بن عمرو و عرفجة بن هرثمة و الأحنف بن قيس و أمثالهم و عليهم أبو سبرة بن أبي رهم من عامر بن لؤي ، فساحل بالناس حتى لقوا خليداً و العسكر ، و قد تداعى إليهم بعد وقعة طاوس أهل فارس من كل ناحية ، فاقتتلوا و انهزم المشركون و قتلوا . ثم انكفؤا بما أصابوا من الغنائم و استحثهم عتبة بالرجوع فرجعوا إلى البصرة . ثم استأذن عتبة في الحج فأذن له عمر فحج ، ثم استعفاه فأبى و عزم عليه ليرجعن إلى عمله فانصرف و مات ببطن نخلة على رأس ثلاث سنين من مفارقة سعد . و استخلف على عمله أبا سبرة بن أبي رهم فأقره عمر بقية السنة . ثم استعمل المغيرة بن شعبة عليها ، و كان بينه و بين أبي بكرة منافرة و كانا متجاورين في مشربتين ينفذ البصر من إحداهما إلى الأخرى من كوتين ، فزعموا أن أبا بكرة و زياد بن أبيه و هو أخوه لأمه و آخرين معهما عاينوا المغيرة على حاله قذفوه بها و ادعوا الشهادة و منعه أبو بكرة من الصلاة ، و بعثوا إلى عمر
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:10 pm

، فبعث أبا موسى أميراً في تسعة و عشرين من الصحابة فيهم أنس بن مالك و عمران بن حصين و هشام بن عامر و معهم كتاب عمر إلى المغيرة : أما بعد فقد بلغني عنك نبأ عظيم و بعثت أبا موسى أميراً فسلم إليه ما في يدك و العجل . و لما استحضرهم عمر اختلفوا في الشهادة و لم يستكملها زياد فجلد الثلاثة . ثم عزل أبا موسى عن البصرة بعمر بن سراقة ثم صرفه إلى الكوفة و رد أبا موسى فأقام عليه .



بناء البصرة و الكوفة

و في هذه السنة و هي أربع عشرة بلغ عمر أن العرب تغيرت ألوانهم و رأى ذلك في وجوه و فودهم فسألهم فقالوا وخومة البلاد غيرتنا ، و قيل إن حذيفة و كان مع سعد كتب بذلك إلى عمر فسأل عمر سعداً فقال : غيرتهم وخومة البلاد و العرب لا يوافقها من البلاد إلا ما وافق إبلها ، فكتب إليه أن يبعث سلمان و حذيفة شرقية فلم يرضيا إلا بقعة الكوفة فيها و دعيا أن تكون منزل بثبات . و رجع إلى سعد فكتب إلى القعقاع و عبد الله بن المعتمر أن يستخلفا على جندهما و يحضرا ، و ارتحل من المدائن فنزل الكوفة في المحرم سنة سبع عشرة لسنتين و شهرين من وقعة القادسية و لثلاث سنين و ثمانية أشهر من ولاية عمر ، و كتب عمر إني قد نزلت الكوفة بين الحيرة و الفرات برياً بحرياً بين الجلاء و النصر و خيرت الناس بينهما و بين المدائن و من أعجبته تلك جعلته فيها مسلحة ، فلما استقروا بالكوفة ثاب إليهم ما فقدوه من حالهم . و نزل أهل البصرة أيضاً منازلهم في وقت واحد مع أهل الكوفة بعد ثلاث مرات نزلوها من قبل و استأذنوا جميعاً في بنيان القصب ، فكتب عمر : إن العسكرة أشد لحربكم و أذكر لكم و ما أحب أن أخالفكم فابتنوا بالقصب . ثم وقع الحريق في القصرين فاستأذنوا في البناء باللبن فقال : إفعلوا و لا يزيد أحد على ثلاثة بيوت و لا تطاولوا في البنيان و الزموا السنة تلزمكم الدولة . و كان على تنزيل الكوفة أبو هياج بن مالك ، و على تنزيل البصرة أبو المحرب عاصم بن الدلف . و كانت ثغور الكوفة أربعة : حلوان و عليها القعقاع ، و ماسبدان و عليها ضرار بن الخطاب ، و قرقيسيا و عليها عمر بن مالك ، و الموصل و عليها عبد الله بن المعتمر . و يكون بها خلفاؤهم إذا غابوا .



فتح الأهواز و السوس بعدها

لما انهزم الهرمزان يوم القادسية قصد خوزستان و هي قاعدة الأهواز فملكها و ملك سائر الأهواز ، و كان أصله منهم من البيوتات السبعة في فارس ، و أقام يغير على أهل ميسان و دست ميسان من ثغور البصرة يأتي إليها من منادر و نهر تيري من ثغور الأهواز . و استمد عتبة بن غزوان سعداً فأمده بنعيم بن مقرن ، و نعيم بن مسعود ، فنزلا بين ثغور البصرة و ثغور الأهواز . و بعث عتبة بن غزوان سلمي بن القين و حرمله بن مريطة من بني العدوية بن حنظلة فنزلا على ثغور البصرة بميسان ، و دعوا بني العم بن مالك و كانوا ينزلون خراسان ، فأهل البلاد يأمنونهم ، فاستجابوا و جاء منهم غالب الوائلي و كليب بن وائل الكلبي فلقيا سلمي و حرملة و واعداهما الثورة بمنادر و نهرتيري . و نهض سلمي و حرملة يوم الموعد في التعبية و أنهضا نعيماً و التقوا هم و الهرمزان و سلمي على أهل البصرة و نعيم على أهل الكوفة ، و أقبل إليهما المدد من قبل غالب و كليب وقد ملك منادر و نهرتيري ، فانهزم و قتل المسلمون من أهل فارس مقتلة ، و انتهوا في اتباعهم إلى شاطئ دجيل و ملكوا ما دونها . و عبر الهرمزان جسر سوق الأهواز و صار دجيل بينه و بين المسلمين ، ثم طلب الهرمزان الصلح فصالحوه على الأهواز كلها ما خلا نهر تيري و منادر و ما غلبوا عليه من سوق الأهواز فإنه لا برد ، و بقيت المسالح على نهر تيري و منادر و فيهما غالب و كليب . ثم وقع بينهما و بين الهرمزان اختلاف في التخم و وافقهما سلمي و حرملة فنقض الهرمزان و منع ما قبله و كثف جنوده بالأكراد ، و بعث عتبة بن غزوان حرقوص بن زهير السعدي لقتاله ، فانهزم و سار إلى رام هرمز و فتح حرقوص سوق الأهواز و نزل بها و اتسقت له البلاد إلى تستر . و وضع الجزية و كتب بالفتح و بعث في أثر الهرمزان جزء بن معاوية فانتهى إلى قرية الشغر ، ثم إلى دورق فملكها و أقام بالبلاد و عمرها و طلب الهرمزان الصلح على ما بقي من البلاد ، و نزل حرقوص جبل الأهواز و كان يزدجر في خلال ذلك يمد و يحرض أهل فارس حتى اجتمعوا و تعاهدوا مع أهل الأهواز على النصرة ، و بلغت الأخبار حرقوصاً و جزءا و سلمي و حرملة فكتبوا إلى عمر فكتب إلى سعد أن يبعث جنداً كثيفاً مع النعمان بن مقرن ينزلون منازل الهرمزان ، و كتب إلى أبي موسى أن يبعث كذلك جنداً كثيفاً مع سعد بن عدي أخي سهيل و يكون فيهم البراء بن مالك و مجزأة بن ثور و عرفجة بن هرثمة و غيرهم ، و على الجندين أبو سبرة بن أبي رهم .فخرج النعمان بن مقرن في أهل الكوفة فخلف حرقوصا و سلمي و حرملة إلى الهرمزان و هو برام هرمز ، فلما سمع الهرمزان بمسير النعمان إليه بادره الشده و لقيه فانهزم و لحق بتستر ، و جاء النعمان إلى رام هرمز فنزلها و جاء أهل البصرة من بعده فلحقهم خبر الواقعة بسوق الأهواز فساروا حتى أتوا تستر ، و لحقهم النعمان فاجتمعوا على تستر و بها الهرمزان ، و أمدهم عمر بأبي موسى جعله على أهل البصرة فحاصروهم أشهراً و أكثروا فيهم القتل ، و زاحفهم المشركون ثمانين زحفاً سجالاً ثم انهزموا في آخرها
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:11 pm

، و اقتحم المسلمون خنادقهم و أحاطوا بها و ضاق عليهم الحصار فاستأمن بعضهم من داخل البلد بمكتوب في سهم على أن يدلهم على مدخل يدخلون منه ، فانتدب لهم طائفة و دخلوا المدينة من مدخل الماء و ملكوها و قتلوا المقاتلة ، و تحصن الهرمزان بالقلعة فأطافوا بها و استنزلوه على حكم عمرو و أوثقوه . و اقتسموا الفيء فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف و الراجل ألف . و قتل من المسلمين في تلك الليلة البراء بن مالك و مجزأة بن ثور قتلهما الهرمزان .

ثم خرج أبو سبرة في أثر المنهزمين و معه النعمان و أبو موسى فنزلوا على السوس ، و سار زر ابن عبد الله الفقيمي إلى جند يسابور فنزل عليها . و كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري بالرجوع إلى البصرة و أمر مكانه الأسود بن ربيعة بن مالك صحابي يسمى المقترب ، و أرسل أبو سبرة بالهرمزان إلى عمر في وفد منهم أنس بن مالك و الأحنف بن قيس فقدموا به بالمدينة و ألبسوه كسوته من الديباج المذهب و تاجه مرصعاً بالياقوت و حليته ليراه المسلمون ، فلما رآه عمر أمر بنزع ما عليه و قال يا هرمزان كيف رأيت أمر الله و عاقبة الغدر ؟ فقال : يا عمر إنا و إياكم في الجاهلية كان الله قد خلى بيننا و بينكم فغلبناكم . فلما صار الآن معكم غلبتمونا . قال : فما حجتك و ما عذرك في الانتفاض مرة بعد أخرى ؟ قال : أخاف أن تقتلني قبل أن أخبرك ، قال لا تخف ذلك . ثم استقى فأتي بالماء فقال : أخاف أن أقتل و أنا أشرب فقال لا بأس عليك حتى تشربه ، فألقاه من يده و قال لا حاجة لي في الماء و قد أمنتني . قال : كذبت . قال أنس : صدق يا أمير المؤمنين فقد قلت له لا بأس عليك حتى تخبرني و حتى تشربه و صدق الناس . فأقبل عمر على الهرمزان و قال خدعتني لا و الله إلا أن تسلم ! فأسلم . ففرض له في ألفين و أنزله المدينة و استأذنه الأحنف بن قيس في الانسياح في بلاد فارس و قال : لا يزالون في الانتقاض حتى يهلك ملكهم فأذن له .

و لما لحق أبو سبرة بالسوس و نزل عليها و بها شهريار أخو الهرمزان فأحاط بها و معه المقترب بن ربيعة في جند البصرة ، فسأل أهل السوس فأجابوهم . و سار النعمان بن مقرن بأهل الكوفة إلى نهاوند وقد اجتمع بها الأعاجم ، و سار المقترب إلى زر بن عبد الله على جند يسابور فحاصروها مدة ثم رمى السهم بالأمان من خارج على الجزية فخرجوا لذلك ، فناكرهم المسلمون فإذا عبد فعل ذلك أصله منهم ، فأمضى عمر أمانه . و قيل في فتح السوس إن يزدجرد سار بعد وقعة جلولاء فنزل اصطخر و معه سباه في سبعين ألفا من فارس فبعثه إلى السوس و نزل الكلبانية و بعث الهرمزان إلى تستر ، ثم كانت واقعة أبي موسى فحاصرهم فصالحوه على الجزية و سار إلى هرمز ثم إلى تستر . و نزل سباه بين رام هرمز و تستر ، و حمل أصحابه على صلح أبي موسى ثم على الإسلام على أن يقاتلوا الأعاجم و لا يقتلوا العرب و يمنعهم هو من العرب ، و يلحقوا بأشراف العطاء فأعطاهم ذلك عمر و أسلموا و شهدوا فتح تستر ، و مضى سباه إلى بعض الحصون في زي العجم فغدرهم و فتحه للمسلمين و كان فتح تستر و ما بعدها سنة سبع عشرة و قيل ست عشرة .



مسير المسلمين إلى الجهات للفتح

لما جاء الأحنف بن قيس بالهرمزان إلى عمر قال له : يا أمير المؤمنين لا يزال أهل فارس يقاتلون ما دام ملكهم فيهم فلو أذنت بالإنسياح في بلادهم فأزلنا ملكهم انقطع رجاؤهم ، فأمر أبا موسى أن يسير من البصرة غير بعيد و يقيم حتى يأتي أمره ، ثم بعث إليه مع سهيل بن عدي بألوية الأمراء الذين يسيرون في بلاد العجم : لواء خراسان للأحنف بن قيس ، و لواء أردشير خرة و سابور لمجاشع بن مسعود السلمي ، و لواء اصطخر لعثمان بن أبي العاص الثقفي ، و لواء فسا و دار ابجرد لسارية بن زنيم الكناني ، و لواء كرمان لسهيل بن عدي ، و لواء سجستان لعاصم بن عمرو ، و لواء مكران للحكم بن عمير التغلبي . و لم يتهيأ مسيرهم إلى سنة ثمان عشرة ، و يقال سنة إحدى و عشرين أو إثنين و عشرين ، ثم ساروا في بلاد العجم و فتحوا كما يذكر بعد .



مجاعة عام الرمادة و طاعون عمواس

و أصاب الناس سنة ثمان عشرة قحط شديد و جدب أعقب جوعاً بعد العهد بمثله مع طاعون أتى على جميع الناس ، و حلف عمر لا يذوق السمن و اللبن حتى يحيا الناس ، و كتب إلى الأمراء بالأمصار يستمدهم لأهل المدينة ، فجاء أبو عبيدة بأربعة آلاف راحلة من الطعام ، و أصلح عمرو بن العاص بحر القلزم و أرسل فيه الطعام من مصر فرخص السعر ، و استقى عمر بالناس فخطب الناس و صلى . ثم قام و أخذ بيد العباس و توسل به ثم بكى و جثا على ركبتيه يدعو إلى أن مطر الناس . و هلك بالطاعون أبو عبيدة و معاذ و يزيد بن أبي سفيان و الحرث بن هشام و سهيل بن عمرو و ابنه عتبة في آخرين أمثالهم . و تفانى الناس بالشام ، و كتب عمر إلى أبي عبيدة أن يرتفع بالمسلمين من الأرض التي هو بها فدعا أبا موسى يرتاد له منزلا و مات قبل رحيله و سار عمر بالناس إلى الشام و انتهى إلى سرغ و لقيه أمراء الأجناد و أخبروه بشدة الوباء ، و اختلف الناس عليه في قدومه فقبل إشارة العود و رجع ، و أخبر عبد الرحمن بن عوف بما سمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم في أمر الوباء فقال : " إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه و إذا وقع بأرض و أنتم فيها فلا تخربوا فرار منه " . أخرجاه في الصحيحين .و لما هلك يزيد ولى عمر على دمشق أخاه معاوية بن أبي سفيان و على الأرض شرحبيل بن حسنة ، و لما فحش أثر الطاعون بالشام أجمع عمر على المسير إليه ليقسم مواريث المسلمين
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:13 pm

و يتطوف على الثغور ففعل ذلك ، و رجع و استقضى في سنة ثمان عشرة على الكوفة شريح بن الحرث الكندي ، و على البصرة كعب بن سوار الأزدي . و حج في هذه السنة و يقال إن فتح جلولاء و المدائن و الجزيرة كان في هذه السنة وقد تقدم ذكر ذلك و كذلك فتح قيسارية على يد معاوية و قيل سنة عشرين .



فتح مصر

و لما فتح عمر بيت المقدس استأذنه عمرو بن العاص في فتح مصر فأغزاه ثم اتبعه الزبير بن العوام فساروا سنة عشرين أو إحدى أو إثنين أو خمس فاقتحموا باب إليون ثم ساروا في قرى الريف إلى مصر و لقيهم الجاثليق أبو مريم و الأسقف قد بعثه المقرقس ، و جاء أبو مريم إلى عمرو فعرض الجزية و المنع و أخبره بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه و سلم في شأنهم ، و أجلهم ثلاثاً و رجعوا إلى المقوس و أرطبون أمير الروم فأبى من ذلك أرطبون و عزم على الحرب و بيت المسلمين فهزموه و جنده . و نازلوا عين شمس و هي المطرية و بعثوا لحصار الفرما أبرهه بن الصباح ، و لحصار الإسكندرية عوف ابن مالك ، و راسلهم أهل البلاد و انتظروا عين شمس فحاصرهم عمرو و الزبير مدة حتى صالحوهما على الجزية ، و أجروا ما أخذوا قبل ذلك عنوة ، فجرى الصلح و شرطوا رد السبايا فأمضاه لهم عمر بن الخطاب على أن يجيز السبايا في الإسلام و كتب العهد بينهم و نصه :

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عمرو العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم و دمهم و أموالهم و كافتهم و صاعهم و مدهم و عددهم لا يزيد شيء في ذلك و لا ينقص و لا يساكنهم النوب ، و على أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح و انتهت زيارة نهرهم خمسين ألف ألف و عليه ممن جنى نصرتهم فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزى بقدرهم و ذمتنا ممن أبى برية و إن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك ، و من دخل في صلحهم من الروم و النوب فله ما لهم و عليه ما عليهم و من أبى و اختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه و يخرج من سلطاننا ، و عليهم ما عليهم أثلاثا في كل ثلث جباية ثلث ما عليهم على ما في هذا الكتاب عهد الله و ذمته و ذمة رسوله و ذمة الخليفة أميرالمؤمنين و ذمم المؤمنين . و على النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا و كذا رأسا و كذا و كذا فرسا على أن لا يغزوا و لا يمنعوا من تجارة صادرة و لا واردة . و شهد الزبير و عبد الله و محمد إبناه و كتب وردان و حضر هذا نص الكتاب منقولا من الطبري .

قال فدخل في ذلك أهل مصر كلهم و قبلوا الصلح و نزل المسلمون الفسطاط ، و جاء أبو مريم الجاثليق يطلب السبايا التي بعد المعركة في أيام الأجل فأبى عمرو من ردها و قال : أغاروا و قاتلوا و قسمتهم في الناس ، و بلغ الخبر إلى عمر فقال : من يقاتل في أيام الأجل فله الأمن و بعث بهم إلى الرباق فردهم عليهم . ثم سار عمرو إلى الإسكندرية فاجتمع له من بينها و بين الفسطاط من الروم و القبط فهزمهم و أثخن فيهم ، و نازل الإسكندرية و بها المقوس و سأله الهدنة إلى مدة فلم يجبه و حاصرهم ثلاثة أشهر ثم فتحها عنوة و غنم ما فيها و جعلهم ذمة . و قيل إن المقوقس صالح عمراً على إثني عشر ألف دينار على أن يخرج من يخرج و يقيم من يقيم باختيارهم و جعل عمرو فيها جنداً .

و لما فتح مصر و الإسكندرية أغزى عمرو العساكر إلى النوبة فلم يظفروا ، فلما كان أيام عثمان و عبد الله بن أبي سرح على مصر صالحهم على عدة رؤوس في كل سنة و يهدي إليهم المسلمون طعاماً و كسوة فاستمر ذلك فيها .



وقعة نهاوند و ما كان بعدها من الفتوحات

لما فتحت الأهواز و يزدجرد بمرو كاتبوه و استجدوه ، فبعث إلى الملوك ما بين الباب و السند و خراسان و حلوان يستمدهم فأجابوه ، و اجتمعوا إلى نهاوند و على الفرس الفريرزان في مائة و خمسين ألف مقاتل . و كان سعد بن أبي وقاص قد ألب أقوام عليه من عسكره ، و شكوا إلى عمر فبعث محمد بن مسلمة في الكشف عن أمره فلم يسمع إلا خيراً سوى مقالة من بني عبس ، فاستقدمه محمد إلى عمر و خبره الخبر و قال : كيف تصلي يا سعد ؟ قال : أطيل الأولتين و أحذف الأخيرتين . قال : هكذا الظن بك ، ثم قال : من خليفتك على الكوفة ؟ قال : عبد الله بن عبد الله بن عتبان فأقره و شافهه بخبر الأعاجم و أشار بالانسياح ليكون أهيب على العدو . فجمع عمر الناس و استشارهم بالمسير بنفسه ، فمن موافق و مخالف إلى أن اتفق رأيهم على أن يبعث الجنود و يقيم ردءاً لهم ، و كان ذلك رأي علي و عثمان و طلحة و غيرهم ، فولى على حربهم النعمان بن مقرن المزني و كان على جند الكوفة بعد انصرافهم من حصار السوس ، و أمره أن يصير إلى ماء لتجتمع الجيوش عليه و يسير بهم إلى الفيرزان و من معه . و كتب إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان أن يستنفر الناس مع النعمان ، فبعثهم مع حذيفة بن اليمان و معه نعيم بن مقرن ، و كتب إلى المقترب و حرملة و زر الذين كانوا بالأهواز و فتحوا السوس و جنديسابور أن يقيموا بتخوم أصبهان و فارس و يقطعوا المدد عن أهل نهاوند . و اجتمع الناس على النعمان و فيهم حذيفة و جرير و المغيرة و ابن عمر و أمثالهم ، و أرسل النعمان طليحة و عمرو بن معد يكرب طليعة ، و رجع عمرو من طريقه . و انتهى طليحة إلى نهاوند و نفض الطرق فلم يلق بها أحداً و أخبر الناس ، فرحل النعمان و عبى المسلمين ثلاثين ألفا ، و جعل على مقدمته نعيم بن مقرن و على مجنبتيه حذيفة بن اليمان و سويد بن
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:14 pm

مقرن و على المجرد القعقاع و على الساقة مجاشع بن مسعود . و مع الفيرزان كتائبه و على مجنبتيه الزردق و بهمن جادويه مكان ذي الحاجب ، وقد توافى إليهم بنهاوند كل من غاب من القادسية من أبطالهم .

فلما تراءى الجمعان كبر المسلمون و حطت العرب الأثقال و تبادر أشراف الكوفة إلى فسطاط النعمان فبنوه ، حذيفة بن اليمان و المغيرة بن شعبة و عقبة بن عمرو و جرير بن عبد الله و حنظلة الكاتب و بشير بن الخصاصية و الأشعث بن قيس و وائل بن حجر و سعيد بن قيس الهمداني . ثم تزاحفوا للقتال يوم الأربعاء و الخميس و الحرب سجال ثم أحجروهم في خنادقهم يوم الجمعة و حاصروهم أياماً ، و سئم المسلمون إعتصامهم بالخنادق و تشاوروا ، و أشار طليحة باستخراجهم للمناجزة بالاستطراد فناشبهم القعقاع فبرزوا إليه كأنهم حبال حديد قد تواثقوا أن لا يفروا و ألقوا حسك الحديد خلفهم لئلا ينهزموا ، فلما بارزوا استطرد لهم حتى فارقوا الخنادق وقد ثبت لهم المسلمون و نزل الصبر ، ثم وقف النعمان على الكتائب و حرض المسلمين و دعا لنفسه بالشهادة ، و قال : إذا كبرت الثالثة فاحملوا . ثم كبر و حمل عند الزوال و تجاول الناس ساعة و ركدت الحرب ثم انفض الأعاجم و انهزموا و قتلوا ما بين الظهر و العتمة حتى سالت أرض المعركة دما تزلق فيه المشاة حتى زلق فيه النعمان و صرع ، و قيل بل أصابه سهم ، فسجاه أخوه نعيم بثوب . و تناول الراية حذيفة بعهده و تواصوا بكتمان موته . و ذهب الأعاجم ليلاً و عميت عليهم المذاهب ، و عقرهم حسك الحديد و وقعوا في اللهب الذي أعدوه في عسكرهم فمات منهم اكثر من مائة ألف منها نحو ثلاثين ألفاً في المعركة ، و هرب الفيرزان بعد أن صرع إلى همذان و اتبعه نعيم بن مقرن فأدركه بالثنية دونها وقد سدتها الأحمال و ترجل و صعد في الجبل ، و كان نعيم قد قدم القعقاع أمامه فاعترضه و قتله المسلمون على الثنية ، و دخل الفل همذان و بها خسرشنوم فنزل المسلمون عليها مع نعيم و القعقاع ، و دخل المسلمون نهاوند يوم الوقعة و غنموا ما فيها و جمعوه إلى صاحب الأقباض السائب بن الأقرع .

و ولي على أجند حذيفة بعهد النعمان إليه . ثم جاء الهربذ صاحب بيت النار إلى حذيفة فأمنه و أخرج له سفطين مملوأين جوهرا نفيسا كانا من دخائر كسرى أودعهما عنده البخرجان فنقلهما المسلمون ، و بعث الخمس مع السائب إلى عمر و أخبره بالواقعة و بالفتح بمن استشهد فبكى ، و بالسفطين فقال ضعهما في بيت المال و ألحق بجندك . قال السائب : ثم لحقني رسوله بالكوفة فردني إليه فلما رآني قال : ما لي و للسائب ما هو إلا أن نمت الليلة التي خرجت فيها فباتت الملائكة تسجني إلى السفطين يشعلان نارا يتوعدوني بالكي إن لم أقسمهما فخذهما عني و بعهما في أرزاق المسلمين . فبعتهما بالكوفة من عمرو بن حريث المخزومي بألفي ألف درهم و باعهما عمرو بأرض الأعاجم بضعفهما ، فكان له بالكوفة مال . و كان سهم الفارس بنهاوند ستة آلاف و الراجل ألفين و لم يكن للفرس من بعدها إجتماع . و كان أبو لؤلؤة قاتل عمر من أهل نهاوند حصل في أسر الروم و أسره الفرس منهم ، فكان إذا لقي سبي نهاوند بالمدينة يبكي و يقول : أكل عمر كبدي . و كان أبو موسى الأشعري قد حضر نهاوند على أهل البصرة فلما انصرف مر بالدينور فحاصرها خمسة أيام ، ثم صالحوه على الجزية . و سار إلى أهل شيروان فصالحوه كذلك . و بعث السائب بن الأقرع إلى الصيمرة ففتحها صلحاً .

و لما اشتد الحصار بأهل همذان بعث خسرشنوم إلى نعيم و القعقاع في الصلح على قبول الجزية فأجابوه إلى ذلك ثم اقتدى أهل الماهين و هم الملوك الذين جاؤا لنصرة يزدجرد و أهل همذان ، و بعثوا إلى حذيفة فصالحوه . و أمر عمر بالإنسياح في بلاد الأعاجم ، و عزل عبد الله بن عبد الله بن عتبان عن الكوفة و بعثه في وجه آخر . و ولى مكانه زياد بن حنظلة حليف بني عبد قصي و استعفى فأعفاه ، و ولى عمار بن ياسر ، و استدعى ابن مسعود من حمص فبعثه معه معلما لأهل الكوفة ، و أمدهم بأبي موسى ، و أمد أهل البصرة مكانه بعبد الله بن عبد الله ، ثم بعثه إلى أصبهان مكان حذيفة ، و ولى على البصرة عمرو بن سراقة .

ثم انتقض أهل همذان فبعث إلى نعيم بن مقرن فحاصرهم ، و صار بعد فتحها إلى خراسان ، و بعث عتبة بن فرقد و بكر بن عبد الله إلى أذربيجان يدخل أحدهما من حلوان و الآخر من الموصل ، و لما وصل عبد الله بن عبد الله بن عتبان إلى أصبهان ، و كان من الصحابة من وجوه الأنصار حليف بني الحبلى فأمده بأبي موسى ، وجعل على مجنبتيه عبد الله بن ورقاء الرياحي و عصمة بن عبد الله ، فسار إلى نهاوند و رجع حذيفة إلى عمله على ما سقت دجلة . فسار عبد الله بمن معه و من تبعه من عند النعمان نحو أصبهان ، و على جندها الأسبيدان و على مقدمتة شهريار بن جادويه في جمع عظيم برستاق أصبهان ، فاقتتلوا و بارز عبد الله بن ورقاء شهريار فقتله ، و انهزم أهل أصبهان و صالحهم الأسبيدان على ذلك الرستاق ، ثم ساروا إلى أصبهان و تسمى جي و ملكها الفادوسفان ، فصالحهم على الجزية و الخيار بين المقام و الذهاب و قال : و لكم أرض من ذهب . و قدم أبو موسى على عبد الله من ناحية الأهواز فدخل معه أصبهان و كتبوا إلى عمر بالفتح . فكتب إلى عبد الله أن يسير إلى سهيل بن عدي لقتال كرمان ، فاستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع ، و لحق بسهيل قبل أن يصل كرمان . و قد قيل : إن النعمان بن مقرن حضر فتح أصبهان أرسله إليها عمر من المدينة و استجاش له أهل الكوفة فقتل في حرب أصبهان ، و الصحيح أن النعمان قتل بنهاوند . و افتتح أبو موسى قم و قاشان . ثم ولى عمر على الكوفة سنة إحدى و عشرين المغيرة بن شعبة و عزل عماراً .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:16 pm

فتح همذان

كان أهل همذان قد صالح عليهم خسرشنوم القعقاع و ضمنهما ثم انتقض فكتب عمر إلى نعيم أن يقصدها فودع حذيفة و رجع إليها من الطريف على تعبيته ، فاستولى على بلادها أجمع حتى صالحوا على الجزية ، و قيل إن فتحها كان سنة أربع و عشرين فبينما نعيم يجول في نواحي همذان إذ جاء الخبر بخروج الديلم و أهل الري و أسفنديار أخو رستم بأهل أذربيجان ، فاستخلف نعيم على همذان يزيد بن قيس الهمداني و سار إليهم فاقتتلوا و انهزم الفرس و كانت واقعتها مثل نهاوند و أعظم . و كتبوا إلى عمر بالفتح فأمر نعيماً فأمر بقصد الري و المقام بها بعد فتحها . و قيل إن المغيرة بن شعبة أرسل من الكوفة جرير بن عبد الله إلى همذان ففتحها صلحا و غلب على أرضها ، و قيل تولاها بنفسه و جرير على مقدمته . و لما فتح جرير همذان بعث البراء بن عازب إلى قزوين ففتح ما قبلها ، و سار إليها فاستنجدوا بالديلم فوعدوهم ثم جاء البراء في المسلمين فخرجوا لقتالهم و الديلم وقوف على الجبل ينظرون ، فيئس أهل قزوين منهم و صالحوا البراء على صلح أبهر قبلها . ثم غزا البراء الديلم و جيلان .



فتح الري

و لما انصرف نعيم من واقعته سار إلى الري و خرج إليه أبو الفرخان من أهلها في الصلح و أبى ذلك ملكها سياوخش بن مهران بن بهرام جوبين ، و استمد أهل دنباوند و طبرستان و قومس و جرجان فأمدوه و التقوا مع نعيم فشغلوا به عن المدينة ، وقد كان خلفهم أبو فرخان . و دخل المدينة من الليل و معه المنذر بن عمر و أخو نعيم فلم يشعروا و هو موافقون لنعيم إلا بالتكبير من روائهم ، فانهزموا و قتلوا و أفاء الله على المسلمين بالري مثل ما كان بالمدائن ، و صالحه أبو الفرخان الزبيني على البلاد فلم يزل شرفهم في عقبه . و أخرب نعيم مدينتهم العتيقة و أمر ببناء أخرى . و كتب إلى عمر بالفتح و صالحه أهل دنباوند على الجزية فقبل منهم .

و لما بعث بالأخماس إلى عمر كتب إليه بإرسال أخيه سويد إلى قومس و معه هند بن عمرو الجملي ، فسار فلم يقم له أحد و أخذها سلما و عسكر بها . و كاتبه الفل الذين بطبرستان و بالمفاوز فصالحوه على الجزية ، ثم سار إلى جرجان و عسكر فيها ببسطام و صالحه ملكها على الجزية ، و تلقاه مرزبان صول قبل جرجان فكان معه حتى جبى الخراج و أراه مروجها و سدها ، و قيل كان فتحها سنة ثلاثين أيام عثمان ، ثم أرسل سويد إلى الأصبهبذ صاحب طبرستان على الموادعة فقبل و عقد له بذلك .



فتح أذربيجان

و لما افتتح نعيم الري أمره عمر أن يبعث سماك بن خرشة الأنصاري إلى أذربيجان ممدا لبكير بن عبد الله ، و كان بكير بن عبد الله عندما سار إلى أذربيجان لقي بالجبال أسفنديار بن فرخزاد مهزوماً من واقعة نعيم من ماح رود دون همذان و هو أخو رستم فهزمه بكير و أسره . فقال له : أمسكني عندك فأصالح لك على البلاد و إلا فروا إلى الجبال و تركوها ، و تحصن من تحصن إلى يوم ما فأمسكه و سارت البلاد صلحا إلا الحصون . و قدم عليه سماك و هو في مثل ذلك وقد افتتح ما يليه و افتتح عتبة بن فرقد ما يليه ، و كتب بكير إلى عمر يستأذنه في التقدم ، فأذن له أن يتقدم نحو الباب و أن يستخلف على ما افتتح ، فاستخلف عتبة بن فرقد و جمع له عمر أذربيجان كلها ، فولى عتبة سماك بن خرشة على ما افتتحه بكير . و كان بهرام بن الفرخزاد قصد طريق عتبة و أقام به في عسكره مقتصداً معترضاً له فلقيه عتبة و هزمه ، و بلغ خبر الأسفنديار و هو أسير عند بكير فصالحه و اتبعه أهل أذربيجان كلهم . و كتب بكير و عتبة بذلك إلى عمر و بعثوا بالأخماس فكتب عمر لأهل أذربيجان كتاب الصلح ، ثم غزا عتبة بن فرقد شهر زور و الصامغان ففتحهما بعد قتال على الجزية و الخراج ، و قتل خلقاً من الأكراد ، و كتب إلى عمر أن فتوحي بلغت أذربيجان فولاه إياها و ولى هرثمة بن عرفجة الموصل .



فتح الباب

و لما أمر عمر بكير بن عبد الله بغزو الباب و التقدم إليها ، بعث سراقة بن عمرو على حربها فسار من البصرة ، و جعل مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة و على إحدى مجنبتيه ابن أسيد الغفاري و على الأخرى بكير بن عبد الله المتقدم و على المقاسم سلمان بن ربيعة الباهلي ، و رد أبا موسى الأشعري إلى البصرة مكان سراقة ، ثم أمد سراقة بجبيب بن مسلمة من الجزيرة و جعل مكانه زياد بن حنظلة ، و سار سراقة من أذربيجان ، فلما وصل عبد الرحمن بن ربيعة في مقدمته على الباب و الملك بها يومئذ شهريار من ولد شهريرار الذي أفسد بني إسرائيل و أغزى الشام منهم ، فكاتبه شهريار و استأمنه على أن يأتي فحضر و طلب الصلح و الموادعة على أن تكون جزيته النصر و الطاعة للمسلمين ، قال : و لا تسومونا الجزية فتوهنونا لعدوكم . فسيره عبد الرحمن إلى سراقة فقبل منه و قال : لا بد من الجزية على من يقيم و لا يحارب العدو . فأجاب ، و كتبوا إلى عمر فأجاز ذلك .



فتح موقان و جبال أرمينية
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:18 pm

و لما فرغ سراقة من الباب بعث أمراء إلى مايليه من الجبال المحيطة بأرمينية ، فأرسل بكير بن عبد الله إلى موقان ، و حبيب بن مسلمة إلى تفليس ، و حذيفة بن اليمان إلى جبال اللان ، و سلمان بن ربيعة إلى الوجه الآخر . و كتب بالخبر إلى عمر فلم يرج تمام ذلك لأنه فرج عظيم ، ثم بلغه موت سراقة و استخلف عبد الرحمن بن ربيعة ، فأقره عمر على فرج الباب و أمره بغزو الترك . و لم يفتح أحد من أولئك الأمراء إلا بكير بن عبد الله فإنه فتح موقان ، ثم تراجعوا على الجزية ديناراً عن كل حالم .



غزو الترك

و لما أمر عبد الرحمن بن ربيعة بغزو الترك سار حتى الباب و سار معه شهريار فغزا بلنجر و هم قوم من الترك ففروا منه و تحصنوا ، و بلغت خلية على مائتي فرسخ من بلنجر و عاد بالظفر و الغنائم . و لم يزل يردد الغزو فيهم إلى أيام عثمان فتذامر الترك و كانوا يعتقدون أن المسلمين لا يقتلون لأن الملائكة معهم ، فأصابوا في هذه الغزاة رجلا من المسلمين على غزة فقتلوه و تجاسروا ، و قاتل عبد الرحمن فقتل و انكشف أصحابه ، و أخذ الراية أخوه سلمان فخرج بالناس و معه أبو هريرة الدوسي فسلكوا على جيلان إلى جرجان .



فتح خراسان

و لما عقدت الألوية للأمراء للإنسياح في بلاد فارس كان الأحنف بن قيس منهم بخراسان و قد تقدم ، أن يزدجرد سار بعد جلولاء إلى الري و بها أبان جادويه من مرازبته فأكرهه على خاتمه ، و كتب الضحاك بما اقترح من ذخائر يزدجرد و ختم عليها و بعث بها إلى سعد ، فردها عليه على حكم الصلح الذي عقد له . ثم سار يزدجرد و الناس معه إلى أصبهان ثم إلى كرمان ثم رجع إلى مرو من خراسان فنزلها و أمن من العرب ، و كاتب الهرمزان و أهل فارس بالأهواز و الفيرزان و أهل الجبال فنكثوا جميعاً و هزمهم الله و خذلهم و أذن عمر للمسلمين بالانسياح في بلادهم .

و أمر الأمراء كما قدمناه و عقد لهم الألوية ، فسار الأحنف إلى خراسان سنة ثمان عشرة و قيل اثنتين و عشرين فدخلها من الطبسين ، و افتتح هراة عنوة و استخلف عليها صحار بن فلان العبدي ، ثم سار إلى مرو الشاهجان ، و أرسل إلى نيسابور مطرف بن عبد الله بن الشخير ، و إلى سرخس الحرث بن حسان ، و درج يزدجرد من مرو الشاهجان إلى مرو الروذ فملكها الأحنف و لحقه مدد أهل الكوفة هنالك ، فسار إلى مرو الروذ و استخلف على الشاهجان حارثة بن النعمان الباهلي و جعل مدد الكوفة في مقدمته ، و التقوا هم و يزدجرد على بلخ فهزموه و عبر النهر فلحقهم الأحنف و قد فتح الله عليهم ، و دخل أهل خراسان في الصلح ما بين نيسابور و طخارستان . و ولى على طخارستان ربعي بن عامر ، و عاد إلى مرو الروذ فنزلها و كتب إلى عمر بالفتح ، فكتب إليه أن يقتصر على ما دون النهر .

و كان يزدجرد و هو بمرو الروذ قد استنجد ملوك الأمم و كتب إلى ملك الصين و إلى خاقان ملك الترك و إلى ملك الصغد ، فلما عبر يزدجرد النهر مهزوما أنجده خاقان في الترك و أهل فرغانة و الصغد ، فرجع يزدجرد و خاقان إلى خراسان فنزلا بلخ ، و رجع أهل الكوفة إلى الأحنف بمرو الروذ و نزل المشركون عليه ، ثم رحل و نزل سفح الجبل في عشرين ألفاً من أهل البصرة و أهل الكوفة و تحصن العسكران بالخنادق و أقاموا يقاتلون أياماً ، و صحبهم الأحنف ليلة و قد خرج فارس من الترك يضرب بطبله و يتلوه إثنان كذلك ، ثم يخرج العسكر بعدهم عادة لهم ، فقتل الأحنف الأول ثم الثاني ثم الثالث فلما مر بهم خاقان تشاءم و تطير و رجع أدراجه فارتحل و عاد إلى بلخ ، و بلغ الخبر إلى يزدجرد و كان على مرو الشاهجان محاصراً لحارثة بن النعمان و من معه فجمع خزائنه و أجمع اللحاق بخاقان على بلخ ، فمنعه أهل فارس و حملوه على صلح المسلمين و الركون إليهم و أمهم أوفى ذمة من الترك ، فأبى من ذلك و قاتلهم فهزموه و استولوا على الخزائن ، و لحق بخاقان و عبروا النهر إلى فرغانة ، و أقام يزدجرد ببلد الترك عمر كلها إلى أن كفر أهل خراسان أيام عثمان . ثم جاء أهل فارس إلى الأحنف و دفعوا إليه الخزائن و الأموال و صالحوه و اغتبطوا بملكة المسلمين ، و قسم الأحنف الغنائم فأصاب الفارس ما أصابه يوم القادسية .

ثم نزل الأحنف بلخ و أنزل أهل الكوفة في كورها الأربع و رجع إلى مرو الروذ فنزلها ، و كتب بالفتح إلى عمر . و كان يزدجرد لما عبر النهر لقي رسوله الذي بعثه إلى ملك الصين قد رده إليه يسأله أن يصف له المسلمين الذين فعلوا به هذه الأفاعيل مع قلة عددهم ، و يسأل عن وفائهم و دعوتهم و طاعة أمرائهم و وقوفهم عند الحدود و مآكلهم و شرابهم و ملابسهم و مراكبهم ، فكتب إليه بذلك كله . و كتب إليه ملك الصين أن يسالمهم فإنهم لا يقوم لهم شيء بما قام نردبل ، فأقام يزدجرد بفرغانة بعهد من خاقان . و لما وصل الخبر إلى عمر خطب الناس و قال : ألا و إن ملك المجوسية قد ذهب فليسوا يملكون من بلادهم شبراً يضر بمسلم ، ألا و إن الله قد أورثكم أرضهم و ديارهم و أموالهم و أبناءهم لينظر كيف تعلمون فلا تبدلوا فيستبدل الله بكم غيركم ، فإني لا أخاف على هذه الأمة أن تؤتى إلا من قبلكم .



فتوح فارسو لما خرج الأمراء الذين توجهوا إلى فارس من البصرة افترقوا و سار كل أمير إلى جهته و بلغ ذلك أهل فارس فافترقوا إلى بلدانهم و كانت تلك هزيمتهم و شتاتهم . و قصد مجاشع بن مسعود من الأمراء سابور و أردشير خرة فاعترضه الفرس دونهما بتوج فقتلهم و أثخن فيهم
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:20 pm

، و افتتح توج و استباحها و صالحهم على الجزية و أرسل بالفتح و الأخماس إلى عمر ، فكانت واقعة توج هذه ثانية لواقعة العلاء بن الحضرمي عليهم أيام طاوس ثم دعوا إلى الجزية فرجعوا و أقروا بها .

اصطخر : و قصد عثمان بن أبي العاص اصطخر فزحفوا إليه يجور ، فهزمهم و أثخن فيهم و فتح جور و اصطخر و وضع عليهم الجزية و أجابه الهربذ إليها ، و كان ناس منهم فروا فتراجعوا إليها . و بعث بالفتح و الخمس إلى عمر . ثم فتح كازرون و النوبندجان و غلب على أرضها ، و لحق به أبو موسى فافتتحا مدينة شيراز و أرجان على الجزية و الخراج ، و قصد عثمان جنابة ففتحها و لقي الفرس بناحية جهرم فهزمهم و فتحها . ثم نقض شهرك في أول خلافة عثمان فبعث عثمان بن أبي العاص ابنه و أخاه الحكم و أتته الأمداد من البصرة و عليه عبيد الله بن معمر و شبل بن معبد و التقوا بأرض فارس ، فانهزم شهرك و قتله الحكم بن أبي العاصي و قيل سوار بن همام العبدي و قيل إن ابن شهرك حمل على سوار فقتله . و يقال إن اصطخر كانت سنة ثمان و عشرين و قيل تسع و عشرين . و قيل إن عثمان بن أبي العاص أرسل أخاه الحكم من البحرين إلى فارس في ألفين ، فسار إلى توج و على مجنبته الجارود و أبو صفرة والد المهلب ، و كان كسرى أرسل شهرك في الجنود إلى لقائهم ، فالتقوا بتوج و هزمهم إلى سابور و قتل شهرك و حاصروا مدينة سابور حتى صالح عليها ملكها و استعانوا به على قتال اصطخر ، ثم مات عمر رضي الله عنه ، و بعث عثمان بن عفان عبيد الله بن معمر مكان عثمان بن أبي العاص و أقام محاصراً اصطخر و أراد ملك سابور الغدر به ، ثم أحضر و أصابت عبيد الله حجارة منجنيق فمات بها . ثم فتحوا المدينة فقتلوا بها بشراً كثيراً منهم .

بساودر ايجرد : و قصد سارية بن زنيم الكناني من أمراء الانسياح مدينة بسا و دار ايجرد فحاصرهم ، ثم استجاشوا بأكراد فارس و اقتتلوا بصحراء ، و قام عمر على المنبر و نادي يا سارية الجبل ، يشير إلى جبل كان ازاءه أن يسند إليه ، فسمع ذلك سارية و لجأ إليه ثم انهزم المشركون ، و أصاب المسلمون مغانمهم و كان فيها سفط جوهر فاستوهبه سارية من الناس ، و بعث به مع الفتح إلى عمر ، و لما قدم به الرسول سأله عمر فأخبره عن كل شيء و دفع إليه السفط فأبى إلا أن يقسم على الجند فرجع به و قسمه سارية .

كرمان : و قصد سهيل بن عدي من أمراء الانسياح كرمان و لحث به عبد الله بن عبد الله بن عتبان ، و حشد أهل كرمان و استعانوا بالقفص و قاتلوا المسلمين في أدنى أرضهم فهزموهم بإذن الله ، و أخذ المسلمون عليهم الطريق بل الطرق و دخل النسير بن عمرو العجلي إلى جيرفت و قتل في طريقه مرزبان كرمان ، و عبد الله بن عبد الله مفازة شيرزاد و أصابوا ما أرادوا من إبل و شاء . و قيل إن الذي فتح كرمان عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي . ثم أتى الطبسين من كرمان ، ثم قدم على عمر و قال : أقطعني الطبسين ، فأراد أن يفعل فقال إنها رستاقان فامتنع .

سجستان : و قصد عاصم بن عمرو من الأمراء سجستان و لحق به عبد الله بن عمير و قاتلوا أهل سجستان في أدنى أرضهم فهزموهم و حصروهم بزرنج و مخروا أرض سجستان ، ثم طلبوا الصلح على مدينتهم و أرضها ، على أن الفدافد حمى ، و بقي أهل سجستان على الخراج و كانت أعظم من خراسان و أبعد فروجا يقاتلون القندهار و الترك و أمما أخرى ، فلما كان زمن معاوية هرب الشاه من أخيه نبيل ملك الترك إلى بلد من سجستان يدعى آمل ، و كان على سجستان سلم بن زياد بن أبي سفيان فعقد له و أنزله آمل ، و كتب إلى معاوية بذلك فأقره بغير نكير و قال : إن هؤلاء قوم غدر و أهون ما يجيء منهم إذا وقع اضطراب أن يغلبوا على بلاد آمل بأسرها ، فكان كذلك . و كفر الشاه بعد معاوية و غلب على بلاد آمل و اعتصم منه زنبيل بمكانه ، و طمع هو في زرنج فحاصرها حتى جاءت الأمداد من البصرة فأجفلوا عنها .

مكران : و قصد الحكم بن عمرو التغلبي من أمراء الانسياح بلد مكران و لحق به شهاب بن المخارق و جاء سهيل بن عدي و عبد الله بن عبد الله بن عتبان و انتهوا جميعاً إلى دوين و أهل مكران على شاطية و قد أمدهم أهل السند بجيش كثيف ، و لقيهم المسلمون فهزموهم و أثخنوا فيهم بالقتل ، و اتبعوهم أياماً حتى انتهوا إلى النهر و رجعوا إلى مكران فأقاموا بها و بعثوا إلى عمر بالفتح و الأخماس مع صحار العبدي ، و سأله عمر عن البلاد فأثنى عليها سراً ، فقال : و الله لا يغزوها جيش لي أبداً و كتب إلى سهيل و الحكم أن لا يجوز مكران أحد من جنودكما .



خبر الأكرادكان أمر أمراء الانسياح لما فصلوا إلى النواحي ، اجتمع ببيروذ بين نهر تيري و منادر من أهل الأهواز جموع من الأعاجم أعظمهم الأكراد ، و كان عمر قد عهد إلى أبي موسى أن يسير إلى أقصى تخوم البصرة ردءاً للأمراء المنساحين ، فجاء إلى بيروذ و قاتل تلك الجموع قتالا شديدا و قاتل المهاجر بن زياد حتى قتل . ثم وهن الله المشركين فتحصنوا منه في قلة و ذلة ، فاستخلف أبو موسى عليهم أخاه الربيع بن زياد و سار إلى أصبهان مع المسلمين الذين يحاصرونها حتى إذا فتحت رجع إلى البصرة . و فتح الربيع بن زياد بيروذ و غنم ما فيها و لحق به بالبصرة و بعثوا إلى عمر بالفتح و الأخماس ، و أراد ضبة بن محصن العنزي أن يكون في الوفد فلم يجبه أبو موسى ، فغضب و انطلق شاكيا إلى عمر بانتقائه ستين غلاما من
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:21 pm

أبناء الدهاقين لنفسه و أنه أجاز الحطيئة بألف و ولى زياد بن أبي سفيان أمور البصرة ، و اعتذر أبو موسى و قبله عمر .

و كان عمر قد اجتمع إليه جيش من المسلمين فبعث عليهم سلمة بن قيس الأشجعي و دفعهم إلى الجهاد على عادته و أوصاهم ، فلقوا عدوا من الأكراد المشركين فدعوهم إلى الإسلام أو الجزية ، فأبوا و قاتلوهم و هزموهم و قتلوا و سبوا و قسموا الغنائم ، و رآى سلمة جوهراً في سفط فاسترضى المسلمين و بعث به إلى عمر فسأل الرسول عن أمور الناس حتى أخبره بالسهفط فغضب و أمر به فوجئ في عنقه ، و قال : أسرع قبل أن تفترق الناس ليقسمه سلمة فيه فباعه سلمة و قسمه في الناس و كان الفص يباع بخمسة دراهم و قيمته عشرون ألفا .



مقتل عمر و أمر الشورى و بيعة عثمان رضي الله عنه

كان للمغيرة بن شعبة مولى من نصارى العجم إسمه أبو لؤلؤة و كان يشدد عليه في الخراج ، فلقي يوما عمر في السوق فشكى إليه و قال : أعدني على المغيرة فإنه يثقل علي في الخراج درهمين في كل يوم ، قال : و ما صناعتك ؟ قال نجار حداد نقاش ، فقال : ليس ذلك بكثير على هذه الصنائع و قد بلغني أنك تقول أصنع رحى تطحن بالريح فاصنع لي رحى . قال : أصنع لك رحى يتحدث الناس بها أهل المشرق و المغرب ، و انصرف ، فقال عمر : توعدني العلج . فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة و استوت الصفوف و دخل أبو لؤلؤة في الناس و بيده خنجر برأسين نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات إحداها تحت سرته ، و قتل كليبا بن أبي البكير الليثي ، و سقط عمر فاستخلف عبد الرحمن بن عوف في الصلاة و احتمل إلى بيته .

ثم دعا عبد الرحمن و قال : أريد أن أعهد إليك ، قال : أتشير علي بها قال : لا .

قال : و الله لا أفعل . قال : فهبني صمتاً حتى إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنهم راض . ثم دعا عليا و عثمان و الزبير و سعدا و عبد الرحمن معهم ، و قال انتظروا طلحة ثلاثا فإن جاء و إلا فاقضوا أمركم ، و ناشد الله من يفضي إليه الأمر منهم أن يحمل أقاربه على رقاب الناس ، و أوصاهم بالأنصار الذين تبوؤا الدار و الإيمان أن يحسن إلى محسنهم و بعفو عن مسيئهم ، و أوصى بالعرب فإنهم مادة الإسلام أن تؤخذ صدقاتهم في فقرائهم ، و أوصى بذمة رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يوفى لهم بعهدهم ، ثم قال : اللهم قد بلغت لقد تركت الخليفة من بعدي على أنقى من الراحة . ثم دعى أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على باب هؤلاء و لا تدع أحداً يدخل إليهم حتى يقضوا أمرهم . ثم قال : يا عبد الله بن عمر اخرج فانظر من قتلني ؟ قال يا أمير المؤمنين : قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة . قال : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة . ثم بعث إلى عائشة يستأذنها في دفنه مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبي بكر فأذنت له . ثم قال : يا عبد الله إن اختلف القوم فكن مع الأكثر ، فإن تساووا فكن مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف .

ثم أذن للناس فدخل المهاجرون و الأنصار فقال لهم : أهذا عن ملأ منكم ؟ فقالوا : معاذ الله . و جاء علي و ابن عباس فقعدوا عنه رأسه ، و جاء الطبيب فسقاه نبيذا فخرج متغيرا ثم لبنا فخرج كذلك ، فقال له : اعهد . قال : قد فعلت . و لم يزل يذكر الله إلى أن توفي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين ، و صلى عليه صهيب و ذلك لعشر سنين و ستة أشهر من خلافته .

و جاء أبو طلحة الأنصاري و معه المقداد بن الأسود ، و قد كان أمرهما عمر أن يجمعا هؤلاء الرهط الستة في مكان و يلزماهم أن يقدموا للناس من يختاروه منهم و إن اختلفوا كان الاتباع للأكثر و إن تساووا حكموا عبد الله بن عمر أو اتبعوا عبد الرحمن بن عوف ، و يؤجلوهم في ذلك ثلاثا يصلي فيهم بالناس صهيب و يحضر عبد الله بن عمر معهم مشيرا ليس له شي من الأمر و طلحة شريكهم أن قدم في الثلاث ليال .

فجمعهم أبو طلحة و المقداد في بيت المسور بن مخرمة و قيل في بيت عائشة ، و جاء عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة فجلسا بالباب فحصبهما سعد و أقامهما و قال : تريدان أن تقولا حضرنا و كنا في أهل الشورى . ثم دار بينهما الكلام و تنافسوا في الأمر ، فقال : عبد الرحمن أيكم يخرج منها نفسه و يجتهد فيوليها أفضلكم و أنا أفعل ذلك ؟ فرضي القوم و سكت علي . فقال : ما تقول على شريطة أن تؤثر الحق و لا تتبع الهوى و لا تخص ذا رحم و لا تألوا الأمة نصحا و تعطينا العهد بذلك . قال : و تعطوني أنتم مواثيقكم على أن تكونوا معي على من خالف و ترضوا من اخترت و تواثقوا . ثم قال لعلي : أنت أحق من حضر بقرابتك و سوابقك و حسن أثرك في الدين و لم تبعد في نفسك فمن ترى أحق فيه بعدك من هؤلاء ؟ قال : عثمان . و خلا بعثمان فقال له مثل ذلك فقال : علي .

و دار عبد ا لرحمن لياليه كلها يلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و من يوافي المدينة من أمراء الأجناد و أشراف الناس و يشيرهم إلى صبيحة الرابع ، فأتى منزل المسور بن مخرمة و خلا فيه بالزبير و سعد أن يتركا الأمر لعلي أو عثمان فاتفقا على علي ، ثم قال له سعد بايع لنفسك و أرحنا فقال : قد خلعت لهم نفسي على أن أختار و لو لم أفعل ما أريدها . ثم استدعى عبد الرحمن عليا و عثمان فناجى كلا منهما إلى أن رضوا بل إلى أن صلوا الصبح و لا يعلم أحد ما قالوا . ثم جمع المهاجرين و أهل السابقة من الأنصار و أمراء الأجناد حتى غص المسجد بهم ، فقال : أشيروا علي ، فأشار عمار بعلي و وافقه المقداد . فقال ابن أبي سرح : إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان و وافقه عبد الله بن أبي ربيعة ، فتفاوضا و تشاتما و نادى سعد : يا عبد الرحمن افرغ قبل أن يفتتن الناس . فقال : نظرت و شاورت فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلا . ثم قال لعلي : عليك عهد الله و ميثاقه لتعملن بكتاب الله و سنة رسوله و سيرة الخليفتين من بعده ، قال : أرجوا أن أجتهد بل أن أفعل بمبلغ عملي و طاقتي . و قال لعثمان مثل ذلك فقال : نعم . فرفع رأسه إلى سقف المسجد و يده في يد عثمان ، و قال : اللهم اشهد أني قد جعلت ما في عنقي من ذلك في عنق من ذلك في عنق عثمان فبايعه الناس . ثم قدم طلحة في ذلك اليوم فأتى عثمان ، فقال له عثمان : أنت على الخيار في الأمر و إن أبيت رددتها . فقال : أكل الناس بايعوك ؟ قال : نعم . قال : رضيت ، و لا أرغب عما أجمعوا عليه .

و كانت العجم بالمدينة يستروح بعضها إلى بعض ، و مر أبو لؤلؤة بالهرمزان و بيده الخنجر الذي طعن به عمر فتناوله من يده و أطال النظر فيه ثم رده إليه ، و معهم جفينة نصراني من أهل الحيرة . فلما طعن عمر من الغداة قال عبد الرحمن بن أبي بكر لعبيد الله بن عمر : أني رأيت هؤلاء الثلاثة يتناجون فلما رأوني افترقوا و سقط منهم هذا الخنجر ، فعدا عبيد الله عليهم فقتلهم ثلاثتهم ، و أمسكه سعد بن أبي وقاص و جاء به إلى عثمان بعد البيعة و هو في المسجد فأشار علي بقتله ، و قال عمرو بن العاص : لا يقتل عمر بالأمس و يقتل ابنه اليوم ، فجعلها عثمان دية و احتملها و قال أنا وليه . ثم قام عثمان و صعد المنبر و بايعه الناس كافة ، و ولى لوقته سعد بن أبي وقاص على الكوفة و عزل المغيرة و ذلك بوصية عمر لأنه أوصى بتولية سعد ، و قال لم أعزله عن سوء و لا خيانة منه . و قيل إنما ولاه و عزل المغيرة بعد سنة و أنه أقر لأول أمره عمال عمر كلهم .



نقض أهل الإسكندرية و فتحها

لما سار هرقل إلى القسطنطينية و فارق الشام و استولى المسلمون على الإسكندرية و بقي الروم بها تحت أيديهم ، فكاتبوا هرقل فاستنجدوه فبعث إليهم عسكراً مع منوبل الخصي و نزلوا بساحل الإسكندرية لمنعهم المقوقس من الدخول إليه ، فساروا إلى مصر و لقيهم عمرو بن العاص و المسلمون فهزموهم و اتبعوهم إلى الإسكندرية ، و أثخنوا فيهم بالقتل و قتل قائدهم منويل الخصي ، و كانوا قد أخذوا في مسيرهم إلى مصر أموال أهل القرى فردها عمرو عليهم بالبينة ثم هدم سور الإسكندرية و رجع إلى مصر .



ولاية الوليد بن عقبة الكوفة و صلح أرمينية و أذربيجانو في سنة خمس و عشرين عزل عثمان سعداً عن الكوفة لأنه اقترض من عبد الله بن مسعود من بيت المال قرضاً ، و تقاضاه ابن مسعود فلم يوسر سعد فتلاحيا و تناجيا بالقبيح و افترقا
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:22 pm

يتلاومان ، و تداخلت بينهما العصبية ، و بلغ الخبر عثمان فعزل سعداً و استدعى الوليد بن عقبة من الجزيرة ، و كان على غربها منذ ولاه عمر ، فولاه عثمان على الكوفة فكان مكان سعد .

ثم عزل عتبة بن فرقد عن أذربيجان فنقضوا ، فغزاهم الوليد و على مقدمته عبد الله بن شبيل الأحمسي فأغار على أهل موقان و البرزند و الطيلسان ففتح و غنم و سبى ، و طلب أهل كور أذربيجان الصلح فصالحهم على صلح حذيفة ثمانمائة درهم و قبض المال ثم بث سراياه و بعث سلمان بن ربيعة الباهلي إلى أهل أرمينية في اثني عشر ألفاً فسار فيها و أثخن ، ثم انصرف إلى الوليد و عاد الوليد إلى الكوفة و جعل طريقه على الموصل ، فلقيه كتاب عثمان بأن الروم أجلبوا على معاوية بالشام فابعث إليهم رجلاً من أهل النجدة و البأس في عشرة آلاف عند قراءة المكتوب ، فبعث الوليد الناس مع سلمان بن ربيعة ثمانية آلاف و مضوا إلى الشام و دخلوا أرض الروم مع حبيب بن مسلمة ، فشنوا عليهم بالغارات و استفتحوا الحصون ، و قيل إن الذي أمد حبيب بن مسلمة بسلمان بن ربيعة هو سعيد بن العاص ، و ذلك أن عثمان كتب إلى معاوية أن يغزي حبيب بن مسلمة في أهل الشام أرمينية فبعثه و حاصر قاليقلا حتى نزلوا على الجلاء أو الجزية ، فجلى كثير إلى بلاد الروم و أقام فيها فيمن معه أشهرا . ثم بلغه أن بطريق أرميناقس و هي بلاد ملطية و سيواس و قونية إلى خليج قسطنطينية قد زحف إليه في ثمانين ألفاً ، فاستنجد معاوية فكتب إلى عثمان فأمر سعيد بن العاص بإمداد حبيب فأمده بسلمان في ستة آلاف ، و بيت الروم فهزمهم و عاد إلى قاليقلا ، ثم سار في البلاد فجاء بطريق خلاط و بيده أمان عياض بن غنم و حمل ما عليهم من المال فنزل حبيب خلاط ، ثم سار منها فصالحه صاحب السيرجان ثم صاحب اردستان ثم صالح أهل دبيل بعد الحصار ، ثم أهل بلاد السيرجان كلهم . ثم أتى أهل شمشاط فحاربوه فهزمهم و غلب على حصونهم ، ثم صالحه بطريق خرزان على بلاده و سار إلى تفليس فصالحوه و فتح عدة حصون و مدن تجاورها . و سار ابن ربيعة الباهلي إلى أران فصالح أهل البيلقان على الجزية و الخراج ، ثم أهل بردعة كذلك وقراها و قاتل أكراد البوشنجان و ظفر بهم و صالح بعضهم على الجزية ، و فتح مدينة شمكور و هي التي سميت بعد ذلك المتوكلية ، و سار سلمان حتى فتح فلية و صالحه صاحب كسكر على الجزية و ملك شروان و سائر ملوك الجبال إلى مدينة الباب و انصرفوا . ثم غزا معاوية الروم و بلغ عمورية و وجد ما بين انطاكية و طرسوس من الحصون خاليا فجمع فيها العساكر حتى رجع و خربها .



ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر و فتح افريقية

و في سنة ست و عشرين عزل عثمان عمرو بن العاص عن خراج مصر و استعمل مكانه عبد الله بن أبي سرح أخاه من الرضاعة ، فكتب إلى عثمان يشكو عمرا فاستقدمه و استقل عبد الله بالخراج و الحرب و أمره بغزو افريقية . و قد كان عمرو بن العاص سنة إحدى و عشرين سار من مصر إلى برقة فصالح أهلها على الجزية ثم سار إلى طرابلس فحاصرها شهراً ، و كانت مكشوفة السور من جانب البحر و سفن الروم في مرساها فحسر القوم في بعض الأيام و انكشف أمرها لبعض المسلمين المحاصرين فاقتحموا البلد بين البحر و البيوت فلم يكن للروم ملجأ إلا سفنهم ، و ارتفع الصياح فأقبل عمرو بعساكره فدخل البلد و لم تفلت الروم إلا بما خف في المراكب ، و رجع إلى مدينة صبرة و كانوا قد آمنوا بمنعة طرابلس فصبحهم المسلمون و دخلوها عنوة ، و كمل الفتح و رجع عمرو إلى برقة فصالحه أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار جزية و كان أكثر أهل برقة لواتة . و كان يقال إن البربر ساروا بعد قتل ملكهم جالوت إلى المغرب و انتهوا إلى لوبية و مراقية كورتان من كور مصر ، فصارت زناتة و مغيلة من البربر إلى المغرب فسكنوا الجبال و سكنت لواتة برقة و تعرف قديماً انطابلس ، و انتشروا إلى السوس و نزلت هوراة مدينة لبدة و نزلت نفوسة مدينة صبرة و جلوا من كان هنالك من الروم ، و أقام الأفارق و هم خدم الروم و بقيتهم على صلح يؤدونه إلى من غلب عليهم إلى أن كان صلح عمرو بن العاص .

ثم إن عبد الله بن أبي سرح كان أمره عثمان بغزو افريقية سنة خمس و عشرين ، و قال له : إن فتح الله عليك فلك خمس الخمس من الغنائم . و أمر عقبة بن نافع بن عبد القيس على جند و عبد الله بن نافع بن الحرث على آخر و سرحهما ، فخرجوا إلى افريقية في عشرة آلاف و صالحهم أهلها على مال يؤدونه و لم يقدروا على التوغل فيها لكثرة أهلها . ثم إن عبد الله بن أبي سرح استأذن عثمان في ذلك و استمده ، فاستشار عثمان الصحابة فأشاروا به ، فجهز العساكر من المدينة و فيهم جماعة من الصحابة منهم ابن عباس و ابن عمر و ابن عمرو بن العاص و ابن جعفر و الحسن و الحسين و ابن الزبير و ساروا مع عبد الله بن أبي سرح سنة ست و عشرين ، و لقيهم عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين ببرقة ، ثم ساروا إلى طرابلس فنهبوا الروم عندها ، ثم ساروا إلى افريقية و بثوا السرايا في كل ناحية ، و كان ملكهم جرجير يملك ما بين طرابلس و طنجة تحت ولاية هرقل و يحمل إليه الخراج ، فلما بلغه الخبر جمع مائة و عشرين ألفاً من العساكر و لقيهم على يوم و ليلة من سبيطلة دار ملكهم و أقاموا يقتتلون و دعوه إلى الإسلام أو الجزية فاستكبر . و لحقهم عبد الرحمن بن الزبير مدداً بعثه عثمان لما أبطأت أخبارهم ، و سمع جرجير بوصول المدد ففت في عضده ، و شهد ابن الزبير معهم القتال ، و قد غاب ابن أبي سرح و سأل عنه فقيل إنه سمع منادي جرجير يقول من قتل ابن أبي سرح فله مائة ألف دينار و أزوجه ابنتي فخاف و تأخر عن شهود القتال ، فقال له ابن الزبير : تنادي أنت بأن من قتل جرجير نفلته مائة ألف و زوجته ابنته و استعملته على بلاده ، فخاف جرجير أشد منه .

ثم قال عبد الله بن الزبير لابن أبي سرح أن يترك جماعة من أبطال المسلمين المشاهير متأهبين للحرب ، و يقاتلون الروم بباقي العسكر إلى أن يضجروا فيركب عليهم بالآخرين على غرة لعل الله ينصرنا عليهم ، و وافق على ذلك أعيان الصحابة ففعلوا ذلك و ركبوا من الغد إلى الزوال و ألحوا عليهم حتى أتعبوهم ثم افترقوا ، و أركب عبد الله الفريق الذين كانوا مستريحين فكبروا و حملوا حملة رجل واحد حتى غشوا الروم في خيامهم فانهزموا و قتل كثير منهم ، و قتل ابن الزبير جرجير و أخذت ابنته سبية فنفلها ابن الزبير ، و حاصر ابن أبي سرح سبيطلة ففتحها و كان سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار و سهم الرجل ألف . و بث جيوشه في البلاد إلى قفصة فسبوا و غنموا ، و بعث عسكراً إلى حصن الأجم و قد اجتمع به أهل البلاد فحاصره و فتحه على الأمان ، ثم صالحه أهل افريقية على ألفي ألف و خمسمائة ألف دينار . و أرسل ابن الزبير بالفتح و الخمس فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار ، و بعض الناس يقول أعطاه إياه و لا يصح ، و إنما أعطى ابن أبي سرح خمس الخمس من الغزوة الأولى . ثم رجع عبد الله بن أبي سرح إلى مصر بعد مقامه سنة و ثلاثة أشهر . و لما بلغ هرقل أن أهل افريقية صالحوه بذلك المال الذي أعطوه غضب عليهم و بعث بطريقا يأخذ منهم مثل ذلك ، فنزل قرطاجنة و أخبرهم بما جاء له فأبوا و قالوا : قد كان ينبغي أن يساعدنا مما نزل بنا . فقاتلهم البطريق و هزمهم و طرد الملك الذي ولوه بعد جرجير ، فلحق بالشام و قد اجتمع الناس على معاوية بعد علي رضي الله عنه ، فاستجاشه على افريقية فبعث معه معاوية بن حديج السكوني في عسكر ، فلما وصل الاسكندرية و هلك الرومي و مضى ابن حديج في العساكر فنزل قونية ، و سرح إليه البطريق ثلاثين ألف مقاتل و قاتلهم معاوية فهزمهم معاوية ، و حاصر حصن جلولاء فامتنع معه حتى سقط ذات سوره فملكه المسلمون و غنموا ما فيه . ثم بث السرايا و دوخ البلاد فأطاعوا ، و عاد إلى مصر . و لما أصاب ابن أبي سرح من افريقية ما أصاب و رجع إلى مصر خرج قسطنطين بن هرقل غازيا إلى الاسكندرية في ستمائة مركب و ركب المسلمون البحر مع ابن أبي سرح و معه معاوية في أهل الشام . فلما تراءى الجمعان أرسوا جميعا ، و باتوا على أمان و المسلمون يقرؤن و يصلون . ثم قرنوا سفنهم عند الصباح و اقتتلوا و نزل الصبر و استحر القتل ، ثم انهزم قسطنطين جريحاً في فل قليل من الروم ، و أقاموا ابن أبي سرح بالموضع أياماً ثم قفل و سمى المكان ذات الصواري و الغزوة كذلك لكثرة ما كان بها من الصواري ، و كانت هذه الغزواة سنة إحدى و ثلاثين و قيل أربع و ثلاثين . و سار قسطنطين إلى صقلية و عرفهم خبر الهزيمة فنكروه و قتلوه في الحمام .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:24 pm

فتح قبرص

كان أبو عبيدة لما احتضر استخلف على عمله عياض بن غنم و كان ابن عمه و خاله و قيل استخلف معاذ بن جبل ، و استخلف عياض بعده سعيد بن حذيم الجمحي ، و مات سعيد فولى عمر مكانه عمير بن سعيد الأنصاري ، و مات يزيد بن أبي سفيان فجعل عمر مكانه على دمشق أخاه معاوية ، فاجتمعت له دمشق و الأردن ، و مات عمر و هو كذلك و عمير على حمص و قنسرين ، ثم استعفى عمير عثمان في مرضه فأعفاه و ضم حمص و قنسرين إلى معاوية ، و مات عبد الرحمن بن أبي علقمة و كان على فلسطين فضم عثمان عمله إلى معاوية فاجتمع الشام كله لمعاوية لسنتين من إمارة عثمان . و كان يلح على عمر في غزو البحر و كان و هو بحمص كتب إليه في شأن قبرص أن قرية من قرى حمص يسمع أهلها نباح كلاب قبرص و صياح دجاجهم ، فكتب عمر إلى عمرو بن العاص : صف لي البحر و راكبه ! فكتب إليه : هو خلق كبير يركبه خلق صغير ليس إلا السماء و الماء إن ركد فلق القلوب و إن تحرك أزاغ العقول يزداد فيه اليقين قلة و الشك كثرة و راكبه دود على عود إن مال غرق و إن نجا برق . فكتب عمر إلى معاوية و الذي بعث محمدا بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبدا ، و قد بلغني أن بحر الشام يشرف على أطول شيء من الأرض فسيأذن الله كل يوم و ليلة في أن يغرق الأرض فكيف أحمل الجنود على هذا الكافر ، و بالله لمسلم واحد أحب إلي مما حوت الروم ، فإياك أن تعرض لي في ذلك فقد علمت ما لقي العلاء مني .

ثم كاتب ملك الروم عمر و قاربه و أقصر عن الغزو ، ثم ألح معاوية على عثمان بعده في غزو البحر فأجابه على خيار الناس و طوعهم ، فاختار الغزو جماعة من الصحابة فيهم ، أبو ذر و أبو الدرداء و شداد بن أوس و عبادة بن الصامت و زوجه أم حرام بنت ملحان ، و استعمل عليهم عبد الله بن قيس حليف بني فزارة ، و ساروا إلى قبرص و جاء عبد الله بن أبي سرح من مصر فاجتمعوا عليها و صالحهم أهلها على سبعة آلاف دينار لكل سنة ، و يؤدون مثلها للروم ، و لا منعة لهم على المسلمين ممن أرادهم من سواهم و على أن يكون عينا للمسلمين على عدوهم ، و يكون طريق الغزو للمسلمين عليهم . و كانت هذه الغزاة سنة ثمان و عشرين و قيل تسع و عشرين و قيل ثلاث و ثلاثين ، و ماتت فيها أم حرام سقطت عن دابتها حين خرجت من البحر ، و كان النبي صلى الله عليه و سلم أخبرها بذلك . و أقام عبد الله بن قيس الجاسي على البحر فغزا خمسين غزاة لم ينكب فيها أحد ، إلى أن نزل في بعض أيام في ساحل المرقي من أرض الروم فثاروا إليه فقتلوه ، و نجا الملاح و كان استخلف سفيان بن عوف الأزدي على السفن فجاء إلى أهل المرقي و قاتلهم حتى قتل و قتل معه جماعة .



ولاية ابن عامر على البصرة و فتوح فارس و خراسان

و في السنة الثالثة من خلافة عثمان خرج أبو موسى من البصرة غازياً إلى أهل آمد و الأكراد لما كفروا حمل ثقله على أربعين بغلاً من القصر بعد أن كان حض على الجهاد مشياً ، فألب الناس عليه و مضوا إلى عثمان فاستعفوه منه و تولى كبر ذلك غيلان بن خرشة فعزله عثمان و ولى عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس و هو ابن خال عثمان ، و كان ابن خمس و عشرين سنة ، و جمع له جند أبي موسى و جند عثمان بن أبي العاص من عمان و البحرين ، فصرف عبيد الله بن معمر عن خراسان و بعثه إلى فارس ، و ولى على خراسان مكانه عمير بن عثمان بن سعد فأثخن فيها حتى بلغ فرغانة و لم يدع كورة إلا أصلحها . ثم ولى عليها سنة أربع أمير بن أحمر اليشكري ، و على كرمان عبد الرحمن بن عبيس ، و استعمل على سجستان في سنة أربع عمران بن الفضيل البرجمي ، و على كرمان عاصم بن عمرو فجاشت فارس و انتقضت بعبيد الله بن عمرو و جمعوا له فلقيهم بباب اصطخر فقتل عبيد الله و انهزم جنده .

و بلغ الخبر عبد الله بن عامر فاستنفر أهل البصرة و سار بالناس ، و على مقدمته عثمان بن أبي العاص و في المجنبتين أبو برزة الأسلمي و معقل بن يسار و على الخيل عمران بن حصن ، و لقيهم بإصطخر فقتل منهم مقتلة عظيمة و انهزموا و فتح اصطخر عنوة ، و بعدها دار ابجرد . و سار إلى مدينة جور و هي اردشير ، و كان هرم بن حيان محاصراً لها فلما جاء ابن عامر فتحها . ثم عاد إلى اصطخر وقد نقضت فحاصرها طويلا و رماها بالمجانيق و اقتحمها عنوة ففني فيها أكثر أهل البيوتات و الأساورة لأنهم كانوا لجأوا إليها ، و وطئ أهل فارس وطأة لم يزالوا منها في ذل . و كتب إلى عثمان بالفتح فكتب إليه أن يستعمل على كور فارس هرم بن حيان اليشكري و هرم بن حيان العبسي و الخريت بن راشد و أخاه المنجاب من بني سلمة و البرجمان الهجيمي ، و أن يفرق كور خراسان بين ستة نفر : الأحنف بن قيس على المرو ، و حبيب بن قرة اليربوعي على بلخ ، و خالد بن عبد الله زهير على هراة ، و أمير بن أحمر اليشكري على طوس ، و قيس بن هبيرة السلمي على نيسابور ، ثم جمع عثمان خراسان كلها لقيس ، و استعمل أمير بن أحمد اليشكري على سجستان ، ثم بعده عبد الرحمن بن سمرة من قرابة ابن عامر بن كريز ، فلم يزل عليها حتى مات عثمان و عمران على كرمان و عمير بن عثمان ابن مسعود على فارس و ابن كريز القشيري على مكران ، و خرج على قيس بن هبيرة بعد موت عثمان ابن عمه عبد الله بن حازم كما نذكره .

و لما افتتح ابن عامر فارس أشار عليه الناس بقصد خراسان و كانوا قد انتقضوا فسار إليها و قيل عاد إلى البصرة ، و استخلف على فارس شريك بن الأعور الحارثي فبنى مسجدها . فلما دخل البصرة أشار عليه الأحنف بن قيس و حبيب بن أوس بالمسير إلى خراسان فتجهز و استخلف على البصرة زياد بن أبيه ، و سار إلى كرمان وقد نكثوا فبعث لحربهم مجاشع بن مسعود السلمي و لحرب سجستان الربيع بن زياد الحارثي ، و سار هو إلى نيسابور و تقدمه الأحنف بن قيس إلى الطبسين حصنان هما بابا خراسان فصالحه أهلها ، و سار إلى قوهستان فقاتل أهلها حتى أحجرهم في حصنهم و لحقه ابن عامر فصالحوه على ستمائة ألف درهم ، و قيل كان المتولي حرب قوهستان أمير بن أحمر اليشكري .

ثم بعث ابن عامر السرايا إلى أعمال نيسابور ففتح رستاق رام عنوة و باخرز و جيرفت عنوة ، و بعث الأسود بن كلثوم من عدي الرباب و كان ناسكا إلى بيهق من أعمالها فدخل البلد من ثلمة كانت في سورها و قاتل حتى قتل و ظفر أخوه أدهم بالبلد . و فتح ابن عامر بشت بالشين المعجمة من أعمال نيسابور ثم اسفراين ثم قصد نيسابور ، و بعدها استولى على أعمالها فحاصرها أشهراً و كان بها أربع مرازبة من فارس فسأل واحد منهم الأمان على أن يدخلهم ليلا ، و فتح لهم الباب و تحصن الأكبر منهم في حصنها حتى صالح على ألف ألف درهم . و ولى ابن عامر على نيسابور قيس بن الهيثم السلمي . و بعث جيشاً إلى نسا و أبيورد فصالحهم أهلها ، و آخر إلى سرخس فصالحوا مرزبانها على أمان مائة رجل لم يدخل فيها نفسه فقتله و افتتحها عنوة و جاء ، مرزبان طوس فصالحه على ستمائة ألف درهم ، و بعث جيشاً إلى هراة مع عبد الله بن حازم فصالح مرزبانها على ألف ألف درهم . ثم بعث مرزبان مرو فصالح على ألف ألف و مائتى ألف و أرسل إليه ابن عامر حاتم بن النعمان الباهلي ، ثم بعث الأحنف بن قيس إلى طخارستان فصالح في طريقه رستاقاً على ثلثمائة ألف و على أن يدخل رجل يؤذن فيه و يقيم حتى ينصرف و مر إلى مرو الروذ ، و زحف إليه أهلها فهزمهم و حاصرهم و كان مرزبانها من أقارب باذام صاحب اليمن فكتب إلى الأحنف متوسلا بذلك في الصلح فصالحه على ستمائة ألف . ثم اجتمع أهل الجوزجان و الطالقان و الفارياب في جمع عظيم و لقيهم الأحنف فقاتلهم قتالاً شديداً ثم انهزموا فقتلوا قتلاً ذريعاً .و رجع الأحنف إلى مروالروذ ، و بعث الأقرع بن حابس إلى فلهم بالجوزجان فهزمهم و فتحها عنوة ، ثم فتح الأحنف الطالقان صلحاً و الفارياب و قيل فتحها أمير بن أحمد ، ثم سار الأحنف إلى بلخ و هي مدينة طخارستان فصالحوه على أربعمائة ألف و قيل سبعمائة و استعمل عليها أسيد بن المنشمر ، ثم سار إلى خوارزم على نهر جيحون فامتنعت عليه فرجع إلى بلخ . وقد استوفى أسيد قبض المال و كتبوا إلى ابن عامر . و لما سار مجاشع بن مسعود إلى كرمان كما ذكرناه و كانوا قد انتقضوا ففتح هميد عنوة و بنى بها قصراً ينسب إليه ، ثم سار إلى السيرجان و هي مدينة كرمان فحاصرها و فتحها عنوة و جلى كثيراً من أهلها . ثم فتح جيرفت عنوة ودوخ نواحي كرمان و أتى القفص وقد تجمع له من العجم من أهل الجلاء ،
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:26 pm

و قاتلهم فظفر و ركب كثير منهم البحر إلى كرمان و سجستان ، ثم أنزل العرب في منازلهم و أراضيهم .

و سار الربيع بن زياد الحارثي بولاية ابن عامر كما قدمناه إلى سجستان فقطع المفازة من كرمان حتى أتى حصن زالق فأغار عليهم يوم المهرجان و أسر دهقانهم ، فافتدى بما غمر عنزة قاعة من الذهب و الفضة ، و صالحوه على صلح فارس . و سار إلى زرنج و لقيه المشركون دونها فهزمهم و قتلهم و فتح حصوناً عدة بينها و بينه ، ثم انتهى إليها و قاتله أهلها فأحجرهم و حاصرها ، و بعث مرزبانها في الأمان ليحضر فأمنه و جلس له على شلو من أشلاء القتلى و ارتفق بآخر و فعل أصحابه مثله ، فرعب المرزبان من ذلك و صالح على ألف جام من الذهب يحملها ألف وصيف ، و دخل المسلمون المدينة ، ثم سار منها إلى وادي سنارود فعبره إلى القرية التي كان رستم الشديد يربط بها فرسه ، فقاتلهم و ظفر بهم ، و عاد إلى زرنج و أقام بها سنة ثم سار بها إلى ابن عامر و استخلف عليها عاملاً فأخرجوه و امتنعوا . فكانت ولاية الربيع سنة و نصف سنة سبى فيها أربعين ألف رأس و كان الحسن البصري يكتب له .

ثم استعمل ابن عامر على سجستان عبد الرحمن بن سمرة فسار إليها و حاصر زرنج حتى صالحوه على ألفي ألف درهم و ألفي وصيف ، و غلب على ما بينها و بين الكش من ناحية الهند و على ما بينها و بين الدادين من ناحية الرخج ، و لما انتهى إلى بلد الدادين حاصرهم في جبل الزور حتى صالحوه و دخل على الزور و هو صنم من ذهب عيناه ياقوتتان ، فأخذهما و قطع يده ، و قال للمرزبان : دونك الذهب و الجوهر و إنما قصدت أنه لا يضر و لا ينفع . ثم فتح كاتبل و زابلستان و هي بلاد غزنة فتحها صلحاً . ثم عاد إلى زرنج إلى أن اضطرب أمر عثمان ، فاستخلف عليها أمير بن أحمر و انصرف فأخرجه أهلها و انتقضوا . و لما كان الفتح لابن عامر في فارس و خراسان و كرمان و سجستان قال له الناس : لم يفتح لأحد ما فتح عليك فقال : لا جرم لأجعلن شكري لله على ذلك أن أخرج محرماً من موقفي هذا . فأحرم بعمرة من نيسابور و قدم على عثمان استخلف على خراسان قيس بن الهيثم ، فسار قيس في أرض طخارستان و دوخها و امتنع عليه سنجار فافتتحها عنوة .





ولاية سعيد بن العاص الكوفة

كان عثمان لأول ولايته قد ولى على الكوفة الوليد بن عقبة استقدمه إليها من عمله بالجزيرة و على بني تغلب و غيرهم من العرب ، فبقي على ولاية الكوفة خمس سنين و كان أبو زبيد الشاعر قد انقطع إليه من أخواله بني تغلب ليد أسداها إليه و كان نصرانياً فأسلم على يده و كان يغشاه بالمدينة و الكوفة ، و كان أبو زبيد يشرب الخمر فكان بعض السفهاء يتحدث بذلك في الوليد لملازمته إياه . ثم عدا الشباب من الأزد بالكوفة على رجل من خزاعة فقتلوه ليلاً في بيته و شهد عليهم أبو شريح الخزاعي فقتلهم الوليد فيه بالقسامة ، و أقام آباؤهم للوليد على حقه و كانوا ممن يتحدثون فيه ، و جاؤا إلى ابن مسعود بمثل ذلك فقال : لا نتبع عورة من استتر عنا . و تغيظ الوليد من هذه المقالة و عاتب ابن مسعود عليها ، ثم عمد أحد أولئك الرهط إلى ساحر قد أتى به الوليد فاستفتى ابن مسعود فيه و أفتى بقتله ، و حبسه الوليد ثم أطلقه ، فغضبوا و خرجوا إلى عثمان شاكين من الوليد و أنه يشرب الخمر . فاستقدمه عثمان و أحضره و قال : رأيتموه يشرب ؟ قالوا لا إنما رأيناه يقيء الخمر فأمر سعيد بن العاص فجلده و كان علي حاضراً فقال : إنزعوا خميصته للجلد . و قيل إن علياً أمر ابنه الحسن أن يجلده فأبى فجلده عبد الله بن جعفر ، و لما بلغ أربعين قال : أمسك جلد رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر أربعين و جلد عمر ثمانين و كل سنة .

و لما وقعت هذه الواقعة عزل عثمان الوليد عن الكوفة و ولى مكانه سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية ، مات سعيد الأول كافراً و كان يكنى أحيحة ، و خالد ابنه عم سعيد الثاني ولاه رسول الله صلى الله عليه و سلم صنعاء و كان يكتب و استشهد يوم مرج الصفر ، و ربي سعيد الثاني في حجر عثمان فلما فتح الشام أقام مع معاوية ثم استقدمه عثمان و زوجه و أقام عنده حتى كان من رجال قريش . فلما استعمله عثمان و ذلك سنة ثلاثين سار إلى الكوفة و معه الأشتر و أبو خشة الغفاري و جندب بن عبد الله و الصعب بن جثامة ، و كانوا شخصوا مع الوليد ليعينوه فصاروا عليه ، فلما وصل خطب الناس و حذرهم و تعرف الأحوال ، و كتب إلى عثمان أن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم و غلب الروادف و التابعة على أهل الشرف و السابقة ، فكتب إليه عثمان أن يفضل أهل السابقة و يجعل من جاء بعدهم تبعاً يعرف لكل منزلته و يعطيه حقه . فجمع الناس و قرأ عليهم كتاب عثمان و قال : أبلغوني حاجة ذي الحاجة . و جعل القراء في سمره فلم ترض أهل الكوفة ذلك و فشت المقالة ، و كتب سعيد إلى عثمان فجمع الناس و استشارهم فقالوا : أصبت لا تطمع في الأمور من ليس لها بأهل فتفسد . فقال : يا أهل المدينة إني أرى الفتن دبت إليكم و إني أرى أن أتخلص الذي لكم و أنقله إليكم من العراق . فقالوا : و كيف ذلك ؟ قال : تبيعونه ممن شئتم بما لكم في الحجاز و اليمن . ففعلوا ذلك و استخلصوا ما كان لهم بالعراق ، منهم طلحة و مروان و الأشعث بن قيس ، و رجال من القبائل و اشتروا ذلك بأموال كانت لهم بخيبر و مكة و الطائف .



غزو طبرستان

و في هذه السنة غزا سعيد بن العاص طبرستان و لم يغزها أحد قبله ، و قد تقدم أن الأصبهبذ صالح سويد بن مقرن عنها أيام عمر على مال ، فغزاها سعيد في هذه السنة و معه ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم الحسن و الحسين و ابن عباس و ابن عمر و ابن عمرو و ابن الزبير و حذيفة بن اليمان في غيرهم ، و وافق خروج ابن عامر من البصرة إلى خراسان فنزل نيسابور ، و نزل سعيد قومس و هي صلح كان حذيفة صالحهم عليه بعد نهاوند . فأتى سعيد جرجان فصالحوه على مائتي ألف ، ثم أتى متاخمة جرجان على البحر فقاتله أهلها ، ثم سألوا الأمان فأعطاهم على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً ، و فتحوا فقتلهم أجمعين إلا رجلاً و قتل معه محمد بن الحكم بن أبي عقيل جد يوسف بن عمرو ، و كان أهل جرجان يعطون الخراج تارة مائة ألف و أخرى مائتين و ثلثمائة و ربما منعوه . ثم امتنعوا و كفروا فانقطع طريق خراسان من ناحية قومس إلا على خوف شديد ، و صار الطريق إلى خراسان من فارس كما كان من قبل حتى ولي قتيبة بن مسلم خراسان . و قدمها يزيد بن المهلب فصالح المرزبان و فتح البحيرة و دهستان و صالح أهل جرجان على صلح سعيد .



غزو حذيفة الباب و أمر المصاحف

و في سنة ثلاثين هذه صرف حذيفة من غزو الري إلى غزو الباب مدداً لعبد الرحمن بن ربيعة و أقام له سعيد العاص بأذربيجان ردءاً حتى عاد بعد مقتل عبد الرحمن كما مر ، فأخبره بما رأى من اختلاف أهل البلدان في القرآن و أن أهل حمص يقولون قراءتنا خير من قراءة غيرنا و أخذناها عن المقداد ، و أهل دمشق يقولون كذلك ، و أهل البصرة عن أبي موسى ، و أهل الكوفة عن ابن مسعود . و أنكر ذلك و استعظمه و حذر من الاختلاف في القرآن ، و وافقه من حضر من الصحابة و التابعين ، و أنكر عليه أصحاب ابن مسعود فأغلظ عليهم و خطأهم ، فأغلظ له ابن مسعود فغضب سعيد و افترق المجلس ، و سار حذيفة إلى عثمان فأخبره و قال : أنا النذير العريان فأدرك الأمة . فجمع عثمان الصحابة فرأوا ما رآه حذيفة ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن إبعثي إلينا بالصحف ننسخها و كانت هذه الصحف هي التي كتبت أيام أبي بكر ، فإن القتل لما استحر في القراء يوم اليمامة قال عمر لأبي بكر : أرى أن تأمر بجمع القرآن لئلا يذهب الكثير منه لفناء القراء ، فأبى و قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يفعله . ثم استبصر و رجع إلى رأي عمر و أمر زيد ثابت بجمعه من الرقاع و العسب و صدور الرجال ، و كتب في الصحف فكانت عند أبي بكر ثم عند عمر ثم عند حفصة . و أرسل عثمان فأخذها ، و أمر زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص و عبد الرحمن بن الحرث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف ، و قال إذا اختلفتم فاكتبوها بلسان قريش ففعلوا . و نسخوا المصاحف فبعث إلى كل أفق بمصحف يعتمد عليه ، و حرق ما سوى ذلك الصحابة في سائر الأمصار ، و نكره عبد الله بن مسعود في الكوفة حتى نحاهم عن ذلك و حملهم عليه .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:28 pm

مقتل يزدجرد

لما خرج ابن عامر من البصرة إلى فارس فافتتحها هرب يزدجرد من جور و هي أردشير خره في سنة ثلاثين ، و بعث ابن عامر في إثره مجاشع بن مسعود و قيل هرم بن حيان اليشكري و قيل العبسي ، فاتبعه إلى كرمان فهرب إلى خراسان و هلك الجند في طريقهم بالثلج ، فلم يسلم إلا مجاشع و رجع معه و كان مهلكهم على خمسة فراسخ من السيرجان ، و لحق يزدجرد بمرو و معه خرزاذ أخو رستم ، فرجع عنه إلى العراق و وصى به ما هو به مرزبان مرو فسأله في المال فمنعه و خافه على نفسه و على مرو و استجاش بالترك فبيتوه و قتل أصحابه و هرب يزدجرد ماشياً إلى شط المرغاب و آوى إلى بيت رجل ينقر الأرحاء ، فلما نام قتله ورماه في النهر . و قيل إنما بيته أهل مرو و لما جاؤا إلى بيت الرجل أخذوه و ضربوه فأقر بقتله و أهله ، و استخرجوا يزدجرد من النهر و حملوه في تابوت إلى اصطخر فدفن في ناوس هنالك .

و قيل إن يزدجرد هرب من وقعة نهاوند إلى أرض أصبهان و استأذن عليه بعض رؤسائها و حجب فضرب البواب و شجه ، فرحل عن أصبهان إلى الري ، و جاء صاحب طبرستان و عرض عليه بلاده فلم يجبه و مضى من فوره ذلك إلى سجستان ، ثم إلى مرو في ألف فارس ، و قيل بل أقام بفارس أربع سنين ثم بكرمان سنتين و طلبه دهقانها في شيء فمنعه فطرده عن بلاده ، و أقام بسجستان خمس سنين ، ثم نزل خراسان و نزل مرو و معه الرهن من أولاد الدهاقين و فرخزاذ و كاتب ملوك الصين و فرغانة و الخزر و كابل ، و كان دهقان مرو قد منعه الدخول خوفاً من مكره و وكل ابنه بحفظ الأبواب ، فعمد يزدجرد يوماً إلى مرو ليدخلها فمنعه ابن الدهقان و أظهر عصيان أبيه في ذلك ، و قيل بل أراد يزدجرد أن يجعل ابن أخيه دهقاناً عليها فعمل في هلاكه ، و كتب إلى نيزك طرخان يستقدمه لقتل يزدجرد و مصالحة العرب عليه و أن يعطيه كل يوم ألف درهم ، فكتب نيزك إلى يزدجرد يعده المساعدة على العرب و أنه يقدم عليه فيلقاه منفرداً عن العسكر و عن فرخزاد ، فأجابه إلى ذلك بعد أن امتنع فرخزاد و اتهمه يزدجرد في امتناعه فتركه لشأنه بعد أن أخذ خطه برضاه بذلك . و سار إلى نيزك فاستقبله بأشياء و جاء به إلى عسكره ثم سأله أن يزوجه إبنته فأنف يزدجرد من ذلك و سبه فعلا رأسه بالمقرعة فركض منهزماً و قتل أصحابه ، و انتهى إلى بيت طحان فمكث فيه ثلاثاً لم يطعم ، ثم عرض عليه الطعام فقال لا أطعم إلا بالزمزمة ، فسأل من زمزم له حتى أكل و وشى المزمزم بأمره إلى بعض الأساورة فبعث إلى الطحان بخنقه و القائه في النهر ، فأبى من ذلك و جحده ، فدل عليه ملبسه و عرف المسك فيه فأخذوا ما عليه و خنقوه و ألقوه في الماء فجعله أسقف مرو في تابوت و دفنه .

و قيل بل سار يزدجرد من كرمان قبل وصول العرب إليها إلى مرو و في أربعة آلاف على الطبسين و قهستان ، و لقيه قبل مرو قائدان من الفرس متعاديين فسعى أحدهما في الآخر ، و وافقه يزدجرد في قتله ، و نمى الخبر إليه فبيت يزدجرد و عدوه ، فهرب إلى رحى على فرسخين من مرو ، و طلب منه الطحان شيئاً فأعطاه منطقته فقال : إنما أحتاج أربعة دراهم ، فقال : ليست معي . ثم قام فقتله الطحان و ألقى شلوه في الماء . و بلغ خبر قتله إلى المطران بمرو فجمع النصارى و وعظهم عليه من حقوق سلفه فدفنوه و بنوا له ناووسا و أقاموا له مأتماً ، بعد عشرين سنة من ملكه ستة عشر منها في محاربة العرب .

و انقرض ملك الساسانية بموته . و يقال إن قتيبة حين فتح الصغد وجد جاريتين من ولد المخدج ابنه كان قد وطئ أمه بمرو فولدت هذا الغلام بعد موته ذاهب الشق فسمى المخدج ، و ولد له أولاد بخراسان و وجد قتيبة هاتين الجاريتين من ولده فبعث بهما إلى الحجاج ، و بعث بهما إلى الوليد أو بإحداهما فولدت له يزيد الناقص .



ظهور الترك بالثغور

كان الترك و الخزر يعتقدون أن المسلمين لا يقتلون لما رأوا من شدتهم و ظهورهم في غزواتهم حتى أكمنوا لهم في بعض الغياض فقتلوا بعضهم فتجاسروا على حربهم . و كان عبد الرحمن بن ربيعة على ثغور أرمينية إلى الباب ، و استخلف عليها سراقة بن عمرو و أقره عمر و كان كثير الغزو في بلاد الخزر ، و كثيراً ما كان يغزو بلنجر و كان عثمان قد نهاه عن ذلك فلم يرجع ، فغزاهم سنة اثنتين و ثلاثين و جاء الترك لمظاهرتهم و تذامروا فاشتدت الحرب بينهم و قتل عبد الرحمن كما مر ، و افترقوا فرقتين فرقة سارت نحو الباب لقوا سلمان بن ربيعة قد بعثه سعيد بن العاص من الكوفة مدداً للمسلمين بأمر عثمان فساروا معه ، و فرقة سلكوا على جيلان و جرجان فيهم سلمان الفارسي و أبو هريرة . ثم استعمل سعيد بن العاص على الباب سلمان بن ربيعة مكان أخيه ، و بعث معه جنداً من أهل الكوفة عليهم حذيفة بن اليمان و أمدهم عثمان بحبيب بن مسلمة في جند الشام و سلمان أمير على الجميع ، نازعه حبيب الإمارة فوقع الخلاف ، ثم غزا حذيفة بعد ذلك ثلاث غزوات آخرها عند مقتل عثمان .

و خرجت جموع الترك سنة إثنتين و ثلاثين من ناحية خراسان في أربعين ألفاً عليهم قارن من ملوكهم فانتهى إلى الطبسين ، و اجتمع له أهل بادغيس و هراة و قهستان ، و كان على خراسان يومئذ قيس بن الهيثم السلمي استخلفه عليها ابن عامر عند خروجه إلى مكة محرماً فدوخ جهتها ، و كان معه ابن عمه عبد الله بن حازم فقال لابن عامر : اكتب لي على خراسان عهداً إذا خرج منها قيس ففعل ، فلما أقبلت جموع الترك قال قيس لابن حازم : ما ترى ، قال : أرى أن تخرج عن البلاد فإن عهد ابن عامر عندي بولايتها . فترك منازعته و ذهب إلى ابن عامر ، و قيل أشار عليه أن يخرج إلى ابن عامر يستمده ، فلما خرج أظهر عهد ابن عامر له بالولاية عند مغيب قيس ، و سار ابن حازم للقاء الترك في أربعة آلاف . و لما التقى الناس أمر جيشه بإيقاد النار في أطراف رحالهم فهاج العدو على دهش ، و غشيهم ابن حازم بالناس متتابعين ، فانهزموا و أثخن المسلمون فيهم بالقتل و السبي . و كتب ابن حازم بالفتح إلى ابن عامر فأقره على خراسان فلم يزل والياً عليها إلى حرب الجمل ، فأقبل إلى البصرة و بقي أهل البصرة بعد غزوة ابن حازم هذه حتى غزوا المنتقضين من أهلها و عادوا جهزوا كتيبة من أربعة آلاف فارس هناك .



بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنهلما استكمل الفتح و استكمل للملة الملك و نزل العرب بالأمصار في حدود ما بينهم و بين الأمم من البصرة و الكوفة و الشام و مصر ، و كان المختصون بصحابة الرسول صلى الله عليه و سلم و الإقتداء بهدية و آدابه المهاجرين و الأنصار من قريش و أهل الحجاز و من ظفر بمثل ذلك من غيرهم . و أما سائر العرب من بني بكر بن وائل و عبد القيس و سائر ربيعة و الأزد و كندة و تميم و قضاعة و غيرهم ، فلم يكونوا من تلك الصحبة بمكان إلا قليلاً منهم و كان في الفتوحات قدم ، فكانوا يرون ذلك لأنفسهم مع ما يدين به فضلاؤهم من تفضل أهل السابقة من الصحابة و معرفة حقهم ، و ما كانوا فيه من الذهول و الدهش لأمر النبوة و تردد الوحي و تنزل الملائكة ، فلما انحسر ذلك العباب و تنوسي الحال بعض الشيء و ذل العدو و استفحل الملك ، كانت عروق الجاهلية تنفض و وجدوا الرياسة عليهم للمهاجرين و الأنصار من قريش و سواهم ، فأنفت نفوسهم منه ، و وافق أيام عثمان فكانوا يظهرون الطعن في ولاته بالأمصار ، و المؤاخذة لهم باللحظات و الخطرات ، والإستبطاء عليهم في الطاعات و التجني بسؤال الاستبدال منهم و العزل ، و يفيضون في النكير على عثمان . و فشت المقالة في ذلك من أتباعهم و تنادوا بالظلم من الأمراء في جهاتهم و انتهت الأخبار بذلك إلى الصحابة بالمدينة ، فارتابوا لها و أفاضوا في عزل عثمان و حمله على عزل أمرائه . و بعث إلى الأمصار من يأتيه بصحيح الخبر : محمد بن مسلمة إلى الكوفة ، و أسامة بن زيد إلى البصرة ، و عبد الله بن عمر إلى الشام ، و عمار بن ياسر إلى مصر و غيرهم إلى سوى هذه ، فرجعوا إليه فقالوا : ما أنكرنا شيئاً و لا نكره أعيان المسلمين و لا عوامهم إلا عماراً فإنه استماله قوم من الأشرار انقطعوا إليه منهم عبد الله بن سبأ و يعرف بابن السوداء ، كان
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:31 pm

يهودياً و هاجر أيام عثمان فلم يحسن إسلامه و أخرج من البصرة فلحق بالكوفة ثم بالشام و أخرجوه فلحق بمصر ، و كان يكثر الطعن على عثمان و يدعو في السر لأهل البيت و يقول : إن محمداً يرجع كما يرجع عيسى . و عنه أخذ ذلك أهل الرجعة ، و إن علياً وصي رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث لم يجز وصيته و إن عثمان أخذ الأمر بغير حق ، و يحرض الناس على القيام في ذلك و الطعن على الأمراء . فاستمال الناس بذلك في الأمصار و كاتب به بعضهم بعضاً ، و كان معه خالد بن ملجم و سودان بن حمران و كنانة بن بشر فثبطوا عمارا عن المسير إلى المدينة .

و كان مما أنكروه على عثمان إخراج أبي ذر من الشام و من المدينة إلى الربذة ، و كان الذي دعا إلى ذلك شدة الورع من أبي ذر و حمله الناس على شدائد الأمور و الزهد في الدنيا و أنه لا ينبغي لأحد أن يكون عنده أكثر من قوت يومه ، و يأخذ بالظاهر في ذم الإدخار بكنز الذهب و الفضة . و كان ابن سبأ يأتيه فيغريه و يعيب قوله المال مال الله ، و يوهم أن في ذلك احتجانه للمال و صرفه على المسلمين ، حتى عتب أبو ذر معاوية فاستعتب له و قال سأقول مال المسلمين ، و أتى ابن سبأ إلى أبي الدرداء عبادة بن الصامت بمثل ذلك فدفعوه ، و جاء به عبادة إلى معاوية و قال هذا الذي بعث عليك أبا ذر . و لما كثر ذلك على معاوية شكاه إلى عثمان فاستقدمه و قال له ما لأهل الشام يشكون منك فأخبره ، فقال : يا أبا ذر لا يمكن حمل الناس على الزهد و إنما علي أن أقضي بينهم بحكم الله و أرغبهم في الاقتصاد ، فقال أبو ذر : لا ترضى من الأغنياء حتى يبذلوا المعروف و يحسنوا للجيران و الإخوان و يصلوا القرابة ، فقال له كعب الأحبار : من أدى الفريضة فقد قضى ما عليه فضربه أبو ذر فشجه و قال : يا ابن اليهودية ما أنت و هذا . فاستوهب عثمان من كعب شجته فوهبه . ثم استأذن أبو ذر عثمان في الخروج من المدينة و قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرني بالخروج منها إذا بلغ البناء سلعاً ، فأذن له ، و نزل الربذة و بنى بها مسجداً و أقطعه عثمان صرمة من الإبل و أعطاه مملوكين و أجرى عليه رزقاً ، و كان يتعاهد المدينة فعد أولئك الرهط خروج أبي ذر فيما ينقمونه على عثمان مع ما كان من أعطاه مروان خمس مغانم أفريقية و الصحيح انه اشتراه بخمسمائة ألف فوضعها عنه .

و مما عدوا أيضاً زيادة النداء على الزوراء يوم الجمعة ، و إتمامه الصلاة في منى و عرفة مع أن الأمر في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم و الشيخين بعده كان على القصر . و لما سأله عبد الرحمن و احتج عليه بذلك قال له : بلغني أن بعض حاج اليمن و الجفاة جعل صلاة المقيم ركعتين من أجل صلاتي وقد اتخذت بمكة أهلا و لي بالطائف مال . فلم يقبل ذلك عبد الرحمن فقال : زوجتك بمكة إنما تسكن بسكناك ولو خرجت و مالك بالطائف على أكثر من مسافة القصر . و أما حاج اليمن فقد شهدوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه و سلم و الشيخين بعده و قد كان الإسلام ضرب بجرانه . فقال عثمان : هذا رأي رأيته . فمن الصحابة من تبعه على ذلك و منهم من خالفه . و مما عدوا عليه سقوط خاتم النبي صلى الله عليه و سلم من يده في بئر أريس على ميلين من المدينة فلم يوجد . و أما الحوداث التي وقعت في الأمصار فمنها قصة الوليد بن عقبة وقد تقدم ذكرها و أنه عزله على شرب الخمر و استبدله بسعيد بن العاص منه ، و كان وجوه الناس و أهل القادسية يسمرون عنده مثل مالك بن كعب الأرحبي و الأسود بن يزيد و علقمة بن قيس من النخع و ثابت بن قيس الهمداني و جندب بن زهير الغامدي و جندب بن كعب الأزدي و عروة بن الجعد و عمرو بن الحمق الخزاعي و صعصعة بن صوحان و أخوه زيد و ابن الكواء بن زياد و عمير بن ضابيء و طليحة بن خويلد ، و كانوا يفيضون في أيام الوقائع و في أنساب الناس و أخبارهم و ربما ينتهون إلى الملاحاة و يخرجون منها إلى المشاتمة و المقاتلة ، و يعذلهم في ذلك حجاب سعيد بن العاص فينهرونهم و يضربونهم . و قد قيل إن سعيدا قال يوماً : إنما هذا السواد بستان قريش ، فقال له الأشتر : السواد الذي أفاء الله علينا بأسيافنا تزعم أنه بستان لك و لقومك ؟ و خاص القوم في ذلك ، فأغلظ لهم عبد الرحمن الأسدي صاحب شرطته فوثبوا عليه و ضربوه حتى غشي عليه ، فمنع سعيد بعدها السمر عنده . فاجتمعوا في مجالسهم يثلبون سعيداً و عثمان ، و السفهاء يغشونهم .

فكتب سعيد و أهل الكوفة إلى عثمان في إخراجهم ، فكتب أن يلحقوهم بمعاوية و كتب إلى معاوية إن نفراً خلقوا للفتنة فقم عليهم و انههم و إن آنست منهم رشدا فأقبل و إن أعيوك فارددهم علي ، فأنزلهم معاوية و أجرى عليهم ما كان لهم بالعراق ، و أقاموا عنده يحضرون مائدته ثم قال لهم يوماً : أنتم قوم من العرب لكم أسنان و ألسنة وقد أدركتم بالإسلام شرفاً و غلبتم الأمم و حويتم مواريثهم و قد بلغني أنكم نقمتم قريشاً و لو لم تكن قريش كنتم إذلة إذا أئمتكم لكم جنة فلا تفترقوا على جنتكم و إن أئمتكم يصبرون لكم على الجور و يحملون عنكم المؤنة والله لتنتهن أو ليبتلينكم الله بمن يسومكم و لا يحمدكم على الصبر ، ثم تكونون شركاءهم فيما جررتم على الرعية في حياتكم و بعد وفاتكم . فقال له صعصعة منهم : أما ما ذكرت من قريش فإنها لم تكن أكثر الناس و لا أمنعها في الجاهلية فتخوفنا ، و أما ما ذكرت من الجنة فإن الجنة إذا اخترمت خلص إلينا . فقال معاوية : الآن عرفتكم و علمت أن الذي أغراكم على هذا قلة العقول و أنت خطيبهم و لا أرى لك عقلاً أعظم عليك أمر الإسلام ، و تذكرني الجاهلية أخزى الله قوماً عظموا أمركم فقهوا عني و لا أظنكم تفقهون ، ثم ذكر شأن قريش و أن عزها إنما كان بالله في الجاهلية و الإسلام و لم يكن بكثرة و لا شدة ، و كانوا على أكرم أحساب و أكمل مروءة و بوأهم الله حرمه فآمنوا فيه مما أصاب العرب و العجم و الأسود و الأحمر في بلادهم ، ثم ذكر بعثة النبي صلى الله عليه و سلم و أن الله ارتضى له أصحابا كان خيارهم قريشاً فبنى الملك عليهم و جعل الخلافة فيهم فلا يصلح ذلك إلا بهم ، ثم قرعهم و وبخهم و هددهم ، ثم أحضرهم بعد أيام ، و قال : اذهبوا حيث شئتم لا ينفع الله بكم أحداً و لا يضره ، و إن أردتم النجاة فالزموا الجماعة و لا تبطرنكم النعمة و سأكتب إلى أمير المؤمنين فيكم . و كتب إلى عثمان : أنه قدم علي أقوام ليست لهم عقول و لا أديان أبطرهم العدل إنما همهم الفتنة و أموال أهل الذمة ، و الله مبتليهم ثم فاضحهم و ليسوا بالذين ينكون أحد إلا مع غيرهم فإنه سعيداً و من عنده عنهم .

فخرجوا من عنده قاصدين الجزيرة و مروا بعبد الرحمن بن خالد بن الوليد بحمص فأحضرهم ، و قال : يا ألة الشيطان لا مرحباً بكم و لا أهلاً قد رجع الشيطان محسورا وأنتم بعد في نشاط خسر الله عبد الرحمن إن لم يؤدبكم يا معشر من لا أدري أعرب هم أم عجم . ثم مضى في توبيخهم على ما فعلوا و ما قالوا لسعيد و معاوية ، فهابوا سطوته و طفقوا يقولون : نتوب إلى الله أقلنا أقالك الله ، حتى قال : تاب الله عليكم . و سرح الأشتر إلى عثمان تائباً فقال له عثمان : أحلك حيث تشاء ، فقال : مع عبد الرحمن بن خالد قال : ذاك إليك فرجع إليهم . و قيل إنهم عادوا إلى معاوية من القابلة و دار بينهم و بينه القول و أغلظوا له و أغلظ عليهم ، و كتب إلى عثمان فأمر أن يردهم إلى سعيد ، فردهم فأطلقوا ألسنتهم وضج سعيد منهم ، و كتب إلى عثمان ، فكتب إليه أن يسيرهم إلى عبد الرحمن بن خالد فدار بينهم و بينه ما قدمناه . و حدث بالبصرة مثل ذلك من الطعن و كان بدؤه فيما يقال شأن عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوادء ، هاجر إلى الإسلام من اليهودية و نزل على حكيم بن جبلة العبدي و كان يتشيع لأهل البيت ، ففشت مقالته بالطعن و بلغ ذلك حكيم بن جبلة فأخرجه و أتى الكوفة فأخرج أيضاً و استقر بمصر ، و أقام يكاتب أصحابه بالبصرة و يكاتبونه و المقالات تفشوا بالطعن و النكير على الأمراء . و كان حمران بن أبان أيضاً يحقد لعثمان أنه ضربه على زواجه امرأة في العدة و سيره إلى البصرة ، فلزم ابن عامر و كان بالبصرة عامر بن عبد القيس و كان زاهدا متقشفا فأغرى به حمران صاحب ابن عامر فلم يقبل سعايته ، ثم أذن له عثمان فقدم المدينة و معه قوم فسعوا بعامر بن عبد القيس أنه لا يرى التزويح و لا يأكل اللحم و لا يشهد الجمعة ، فألحقه عثمان بمعاوية و أقام عنده حتى تبينت براءته و عرف فضله و حقه و قال : إرجع إلى صاحبك فقال : لا أرجع إلى بلد استحل أهله مني ما استحلوا و أقام بالشام كثير العبادة و الإنفراد بالسواحل إلى أن هلك .و لما فشت المقالات بالطعن و الأرجاف على الأمراء اعتزم سعيد بن العاص على الوفادة على عثمان سنة أربع و ثلاثين ، و كان قبلها قد ولى على الأعمال أمراء من قبله ، فولى الأشعث بن قيس على أذربيجان و سعيد بن قيس على الري و النسير العجلي على همذان و السائب بن الأقرع على أصبهان و مالك بن حبيب على ماه و حكيم بن سلامة على الموصل و
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:32 pm

جرير بن عبد الله على قرقيسيا و سلمان بن ربيعة على الباب و جعل على حلوان عتيبة بن النهاس و على الحرب القعقاع بن عمرو ، فخرجوا لأعمالهم و خرج هو وافدا على عثمان ، و استخلف عمرو بن حريث و خلت الكوفة من الرؤساء و أظهر الطاعنون أمرهم و خرج بهم يزيد بن قيس يريد خلع عثمان ، فبادره القعقاع بن عمرو فقال له : إنما نستعفي من سعيد . و كتب يزيد إلى الرهط الذين عند عبد الرحمن بن خالد بحمص في القدوم ، فساروا إليه و سبقهم الأشتر و وقف على باب المسجد يوم الجمعة يقول جئتكم من عند عثمان و تركت سعيداً يريده على نقصان نسائكم على مائة درهم و رد أولى البلاء منكم إلى ألفين ، و يزعم أن فيئكم بستان قريش . ثم استخف الناس و نادى يزيد في الناس و نادى في الناس من شاء أن يلحق بيزيد لرد سعيد فليفعل ، فخرجوا و ذوو الرأي يعذلونهم فلا يسمعون .

و أقام أشرف الناس و عقلاؤهم مع عمرو بن حريث و نزل يزيد و أصحابه الجزعة قريباً من القادسية لاعتراض سعيد و رده ، فلما وصل قالوا : إرجع فلا حاجة لنا بك قال : إنما كان يكفيكم أن تبعثوا واحداً إلي و إلى عثمان رجلاً . و قال مولى له : ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع ، فقتله الأشتر و رجع سعيدا إلى عثمان فأخبره بخبر القوم و أنهم يختارون أبا موسى الأشعري ، فولاه الكوفة و كتب إليهم : أما بعد فقد أمرت عليكم من اخترتم و أعفيتكم من سعيد و الله لأقرضنكم عرضي و لأبذلنكم صبري و لأستصلحنكم بجهدي . و خطب أبو موسى الناس ، و أمرهم بلزوم الجماعة ، و طاعة عثمان ، فرضوا و رجع الأمراء من قرب الكوفة و استمر أبو موسى على عمله .

و قيل إن أهل الكوفة أجمع رأيهم أن يبعثوا إلى عثمان و يعذلوه فيما نقم عليه ، فأجمع رأيهم على عامر بن عبد القيس الزاهد و هو عامر بن عبد الله من بني تميم ثم من بني العنبر فأتاه و قال له : إن ناساً اجتمعوا و نظروا في أعمالك فوجدوك ركبت أمورا عظاماً ، فاتق الله وتب إليه . فقال عثمان : ألا تسمعون إلى هذا الذي يزعم الناس أنه قارئ ثم يجيء يكلمني في المحقرات ؟ ووالله لا يدري أين الله . فقال له عامر : بل و الله إني لأدري إن الله لبالمرصاد . فأرسل عثمان إلى معاوية و عبد الله بن أبي سرح و سعيد بن العاص و عبد الله بن عامر و عمرو بن العاص ، و كانوا بطانته دون الناس فجمعهم و شاروهم ، و قال : إنكم وزرائي و نصحائي و أهل ثقتي وقد صنع الناس ما رأيتم فطلبوا أن أعزل عمالي و أرجع إلى ما يحبون فاجتهدوا رأيكم . فقال ابن عامر : أرى أن تشغلهم بالجهاد ، و قال سعيد : متى تهلك قادتهم يتفرقوا ، وقال معاوية : إجعل كفالتهم إلى أمرائهم و أنا أكفيك الشام ، و قال عبد الله : استصلحهم بالمال . فردهم عثمان إلى أعمالهم و أمرهم بتجهيز الناس في البعوث ليكون لهم فيها شغل ، و رد سعيد إلى الكوفة فلقيه الناس بالجزعة و ردوه كما ذكرناه و ولى أبا موسى و أمر عثمان حذيفة بغزو الباب فسار نحوه .

و لما كثر هذا الطعن في الأمصار و تواتر بالمدينة و كثر الكلام في عثمان و الطعن عليه ، و كان له منهم شيعة يذبون عنه مثل زيد بن ثابت و أبي أسيد الساعدي و كعب بن مالك و حسان بن ثابت فلم يغنوا عنه ، و اجتمع الناس إلى علي بن أبي طالب و كلموه و عددوا عليه ما نقموه ، فدخل على عثمان و ذكر له شأن الناس و ما نقموا عليه و ذكره بأفعال عمر و شدته و لينه هو لعماله و عرض عليه ما يخاف من عواقب ذلك في الدنيا و الآخرة ، فقال له : إن المغيرة بن شعبة وليناه و عمر ولاه ، و معاوية كذلك ، و ابن عامر تعرفون رحمه و قرابته . فقال له علي إن عمر كان يطأ على صماخ من ولاه و أنت ترفق بهم و كانوا أخوف لعمر من غلامه يرفأ و معاوية يستبد عليك ، و يقول هذا أمر عثمان فلا تغير عليه . ثم تكالما طويلاً و افترقا و خرج عثمان على أثر ذلك ، و خطب و عرض بما هو فيه من الناس و طعنهم و ما يريدون منه ، و أنهم تجرؤا عليه لرفقه بما لم يتجرؤا بمثله على ابن الخطاب ، و وافقهم برجوعه في شأنه إلى ما يقدمهم .



حصار عثمان و مقتله رضي الله عنه و أتابه و رفع درجته

و لما كثرت الإشاعة في الأمصار بالطعن على عثمان و عماله ، و كتب بعضهم إلى بعض في ذلك و توالت الأخبار بذلك على أهل المدينة ، جاؤا إلى عثمان و أخبروه فلم يجدوا عنده علماً منه . و قال : أشروا علي و أنتم شهود المؤمنين . قالوا : تبعث من تثق به إلى الأمصار يأتوك بالخبر . فأرسل محمد بن مسلمة إلى الكوفة ، و أسامة بن زيد إلى البصرة ، و عبد الله بن عمر إلى الشام و غيرهم إلى سواها فرجعوا ، و قالوا : ما أنكرنا شيئاً و لا أنكره علماء المسلمين و لا عوامهم ، و تأخر عمار بن ياسر بمصر و استماله ابن السوادء و أصحابه خالد بن ملجم و سودان بن حمران و كنانة بن بشر ، و كتب عثمان إلى أهل الأمصار : إن قد رفع إلي أهل المدينة أن عمالي وقع منهم أضرار بالناس و قد أخذتهم بأن يوافوني في كل موسم فمن كان حق فليحضر يأخذ بحقه مني أو من عمالي ، أو تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين . فبكى الناس عند قراءة كتابه عليهم و دعوا له ، و بعث إلى عمال الأمصار فقدموا عليه في الموسم : عبد الله بن عامر و ابن أبي سرح و معاوية و أدخل معهم سعيد بن العاص و عمراً و قال : ويحكم ما هذه الشكاية و الإذاعة وإني لأخشى و الله أن تكونوا صادقين ! فقالوا له : ألم يخبرك رسلك بأن أحداً لم يشافههم بشيء ؟ و إنما هذه إشاعة لا يحل الأخذ بها و اختلفوا في وجه الرأي في ذلك . فقال عثمان : إن الأمر كائن و بابه سيفتح و لا أحب أن تكون لأحد علي حجة في فتحه وقد علم الله أني لم آل الناس خيراً فسكتوا الناس و بينوا لهم حقوقهم . ثم قدم المدينة فدعا علياً و طلحة و الزبير و معاوية حاضر فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال : أنتم ولاة هذا الأمر و اخترتم صاحبكم يعني عثمان وقد كبر و أشرف و فشت مقالة خفتها عليكم فما عنيتم فيه من شيء فأنا لكم به و لا تطمعوا الناس أمركم . فانتهره علي ، ثم ذهب عثمان يتكلم ، و قال : اللذان كانا قبلي منعا قرابتهما احتساباً و أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعطي قرابته و أن قرابتي أهل علية و قلة معاش فأعطيتهم فإن رأيتم ذلك خطأ فردوه ، فقالوا : أعطيت عبد الله بن خالد بن أسيد خمسين ألفاً و مروان خمسة عشر ألفاً ، قال : آخذ ذلك منهما ، فانصرفوا راضين .

و قال له معاوية : اخرج معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك ما لا تطيقه ، قال : لا أبتغي بجوار رسول الله صلى الله عليه و سلم بدلا . قال فأبعث إليك جنداً يقيمون معك ، قال : لا أضيق على جيران رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال معاوية : لتغتالن و لتعرين ، قال : حسبي الله و نعم الوكيل . ثم سار معاوية و مر على علي و طلحة و الزبير فوصاهم بعثمان و ودعهم و مضى . و كان المنحرفون عن عثمان بالأمصار قد تواعدوا عند مسير الأمراء إلى عثمان أن يثبوا عليه في مغيبهم ، فرجع الأمراء و لم يتهيأ لهم ذلك ، و جاءتهم كتب من المدينة ممن صار إلى مذاهبهم في الانحراف عن عثمان أن أقدموا علينا فإن الجهاد عندنا ، فتكاتبوا من أمصارهم في القدوم إلى المدينة ، فخرج المصريون و فيهم عبد الرحمن بن عديس البلوي في خمسمائة و قيل في ألف و فيهم كنانة بن بشر الليثي و سودان بن حمران السكوني و ميسرة أو قتيرة بن فلان السكوني ، و عليهم جميعاً الغافقي بن حرب العكي ، و خرج أهل الكوفة و فيهم زيد صوحان العبدي و الأشتر النخعي و زياد بن النضر الحارثي و عبد الله بن الأصم العامري ، و خرج أهل البصرة و فيهم حكيم بن جبلة العبدي و ذريح بن عباد و بشر بن شريح القيسي و ابن المحرش و عليهم حرقوص بن زهير السعدي و كلهم في مثل عدد أهل مصر ، و خرجوا جميعاً في شوال مظهرين للحج .

و كانوا من المدينة على ثلاث مراحل تقدم ناس من أهل البصرة و كان هواهم في طلحة فنزلوا ذا خشب ، و تقدم ناس من أهل الكوفة و كان هواهم في الزبير فنزلوا الأعوص ، و نزل معهم ناس من أهل مصر و كان هواهم في علي و تركوا عامتهم بذي المروة . و قال زياد بن النضر و عبد الله بن الأصم من أهل الكوفة : لا تعجلوا حتى تدخل المدينة فقد بلغنا أنهم عسكروا لنا فوالله إن كان حقاً لا يقوم لنا أمر . ثم دخلوا المدينة و لقوا علياً و طلحة و الزبير و أمهات المؤمنين و أخبروهم أنهم إنما أتوا للحج و أن يستعفوا من بعض العمال ، و استأذنوا في الدخول فمنعوهم و رجعوا إلى أصحابهم و تشاوروا في أن يذهب من أهل الكوفة و كل مصر فريق إلى أصحابهم كيادا و ظلما في الفرقة ، فأتى المصريون علياً و هو في عسكر عند أحجار الزيت و قد بعث ابنه الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع عليه فعرضوا عليه أمرهم ، فصاح بهم و طردوهم و قال : إن جيش ذي المروة و ذي خشب و الأعوص ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه و
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:34 pm

سلم وقد علم ذلك الصالحون . و أتى البصريون طلحة و الكوفيون الزبير فقالا مثل ذلك فانصرفوا و افترقوا عن هذه الأماكن إلى عسكرهم على بعد . فتفرق أهل المدينة فلم يشعروا إلا و التكبير في نواحيها ، وقد هجموا و أحاطوا بعثمان و نادوا بأمان من كف يده ، و صلى عثمان بالناس أياماً و لزم الناس بيوتهم ولم يمنعوا الناس من كلامه ، و غدا عليهم علي فقال : ما ردكم بعد ذهابكم ، قالوا أخذنا كتاباً مع بريد بقتلنا . و قال البصريون لطلحة و الكوفيون لزبير مثل مقالة أهل مصر و أنهم جاؤا لينصروهم ، فقال لهم علي : كيف علمتم بما علمتم بما لقي أهل مصر و كلكم على مراحل من صاحبه حتى رجعتم علينا جميعاً ؟ هذا أمر أبرم بليل . فقالوا : اجعلوا كيف شئتم لا حاجة لنا بهذا الرجل ليعتزلنا ، و هم يصلون خلفه و منعوا الناس من الاجتماع معه .

و كتب عثمان إلى الأمصار يستحثهم فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري ، و بعث عبد الله بن أبي سرح معاوية بن حديج و خرج من الكوفة القعقاع بن عمرو ، و تسابقوا إلى المدينة على الصعب و الذلول ، و قام بالكوفة نفر يحضون على إعانة أهل المدينة فمن الصحابة عقبة بن عامر و عبد الله بن أبي أوفى و حنظلة الكاتب ، و من التابعين مسروق الأسود و شريح و عبد الله بن حكيم . و قام بالبصرة في ذلك عمران بن حصين و أنس بن مالك و هشام بن عامر ، و من التابعين كعب بن سوار و هرم بن حيان . و قال بالشام و بمصر جماعة أخرى من الصحابة و التابعين .

ثم خطب عثمان في الجمعة القابلة و قال يا هؤلاء الله الله فو الله إن أهل المدينة ليعلموا أنكم ملعونون على لسان محمد فامحوا الخطايا بالصواب . فقال محمد بن مسلمة : أنا أشهد بذلك . فأقعده حكيم بن جبلة ، و قام زيد بن ثابت فأقعده آخر ، و حصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد ، و أصيب عثمان بالحصباء فصرع و قاتل دونه سعد بن أبي وقاص و الحسين و زيد بن ثابت و أبو هريرة . و دخل عثمان بيته و عزم عليهم في الانصراف فانصرفوا ، و دخل علي وطلحة و الزبير على عثمان يعودونه و عنده نفر من بني أمية فيهم مروان فقالوا لعلي : أهلكتنا وصنعت هذا الصنع و الله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا ، فقام مغضباً و عادوا إلى منازلهم . و صلى عثمان بالناس و هو محصور ثلاثين يوماً ، ثم منعوه الصلاة ، و صلى بالناس أمير المصريين الغافقي بن حرب العكي ، و تفرق أهل المدينة في بيوتهم و حيطانهم ملازمين للسلاح و بقي الحصار أربعين يوماً . و قيل بل أمر عثمان أبا أيوب الأنصاري فصلى أياماً ، ثم صلى علي بعده بالناس و قيل أمر علي سهل بن حنيف فصلى عشر ذي الحجة ثم صلى العيد و الصلوات حتى قتل عثمان .

و قد قيل عثمان أن محمد بن أبي بكر و محمد بن أبي حذيفة كانا بمصر يحرضان على عثمان ، فلما خرج المصريون في رجب مظهرين للحج و مضمرين قتل عثمان أو خلعه و عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي كانا فيمن خرج مع المصريين محمد بن أبي بكر ، و بعث عبد الله بن سعد في آثارهم و أقام محمد بن حذيفة بمصر ، فلما كان ابن أبي سرح بأيلة بلغه أن المصريين رجعوا إلى عثمان فحصروه ، و أن محمد بن أبي حذيفة غلب على مصر فرجع سريعاً إليهما فمنع منهما ، فأتى فلسطين و أقام بها حتى قتل عثمان . و أما المصريون فلما نزلوا ذا خشب جاء عثمان إلى بيت علي و مت إليه بالقرابة في أن يركب إليهم و يردهم لئلا تظهر الجراءة منهم ، فقال له علي : قد كلمتك في ذلك فأطعت أصحابك و عصيتني ! يعني مروان و معاوية و ابن عامر و ابن أبي سرح و سعيداً . فعلي أي شيء أردهم ؟ فقال : على أن أصير إلى ما تراه و تشيره و أن أعصي أصحابي و أطيعك . فركب في ثلاثين من المهاجر و الأنصار فيهم سعيد بن زيد و أبو جهم العدوي و جبير بن مطعم و حكيم بن حزام و مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و عبد الرحمن بن عتاب ، و من الأنصار أبو أسيد الساعدي و أبو حميد و زيد بن ثابت و حسان و كعب بن مالك ، و من العرب نيار بن مكرز ، فأتوا المصريين و تولى الكلام معهم : علي و محمد بن مسلمة ، فرجعوا إلى مصر ، و قال ابن عديس لمحمد أتوصينا بحاجة ، قال : تتقي الله و ترد من قبلك عن إمامهم فقد وعدنا أن يرجع و ينزع . و رجع القوم إلى المدينة و دخل علي على عثمان و أخبره برجوع المصريين ، ثم جاءه مروان من الغد فقال له : أخبر الناس بأن أهل مصر قد رجعوا و أن ما بلغهم عنك كان باطلاً قبل أن تجيء الناس من الأمصار و يأتيك ما لا تطيقه ففعل . فلما خطب ناداه الناس من كل ناحية اتق الله يا عثمان وتب إلى الله و كان أولهم عمرو بن العاص ، فرفع يده و قال لهم : إني تائب . و خرج عمرو بن العاص إلى منزله بفلسطين ، ثم جاء الخبر بحصاره و قتله .

و قيل إن علياً لما رجع عن المصريين أشار على عثمان أن يسمع الناس ما اعتزم عليه من النزع قبل أن يجيء غيرهم ، ففعل و خطب بذلك و أعطى الناس من نفسه التوبة و قال : أنا أول من اتعظ أستغفر الله مما فعلت و أتوب إليه فليأت أشرافكم يروني رأيهم فوالله إن ردني الحق عبداً لاستن بسنة العبد و لأذلن ذل العبد و ما عن الله مذهب إلا إليه فوالله لأعطينكم الرضى و لا أحتجب عنكم . ثم بكى و بكى الناس و دخل منزله ، فجاءه نفر من بني أمية يعذلونه في ذلك فوبختهم نائلة بنت الفرافصة فلم يرجعوا إليها ، و عابوه فيما فعل و استذلوه في إقراره بالخطبة و التوبة عند الخوف ، و اجتمع الناس بالباب وقد ركب بعضهم بعضا ، فقال لمروان : كلمهم فأغلظ لهم في القول . و قال : جئتم لنزع ملكنا من أيدينا . و الله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم و تحمدوا غب رأيكم ارجعوا إلى منازلكم فإنا و الله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا . و بلغ الخبر عليا فنكر ذلك ، و قال لعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوت : أسمعت خطبته بالأمس و مقالة مروان للناس اليوم ؟ يا لله و يا للناس إن قعدت في بتي ، قال : تركتني و قرابتي قرابتي و حقي و إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان و يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن و صحبة الرسول . و قام مغضباً إلى عثمان و استقبح مقالة مروان و أنبه عليها و قال ما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتكم فقد أذهبت شرفك و غلبت على رأيك . ثم دخلت عليه امرأته نائلة و قد سمعت قول علي ، فعذلته في طاعة مروان ، و أشارت عليه باستصلاح علي فبعث إليه فلم يأته . فأتاه عثمان إلى منزله ليلا يستلينه و يعده الثبات على رأيه معه فقال : بعد أن قام مروان على بابك يشتم الناس و يؤذيهم ، فخرج عثمان و هو يقول : خذلتني و جرأت الناس ، فقال علي : و الله إني أكثر الناس ذبا و لكني كلما جئت بشيء أظنه لك رضىً جاء مروان بأخرى فسمعت قوله و تركت قولي . ثم منع عثمان الماء فغضب علي غضباً شديداً حتى دخلت الروايا على عثمان .

و قيل إن عليا كان عند حصار عثمان بخيبر فقدم و الناس مجتمعون عند طلحة فجاء عثمان و قال : يا علي إن لي حق الإخاء و القرابة و الصهر ، و لو كان أمر الجاهلية فقط كان عاراً على بني عبد مناف أن تنزع تيم أمرهم ! فجاء علي إلى طلحة و قال : ما هذا ، فقال طلحة : أبعد ما مس الحزام الطبيين يا أبا حسن . فانصرف علي إلى بيت المال ، و أعطى الناس فبقي طلحة وحده و سر بذلك عثمان و جاء إليه طلحة فقال له و الله ما جئت تائباً و لكن مغلوباً فالله حسيبك يا طلحة . و قيل إن المصريين لما رجعوا خرج إليهم محمد بن مسلمة فأعطوه صحيفة قالوا وجدناها عند غلام عثمان بالبويب و هو على بعير من إبل الصدقة يأمر فيها بجلد عبد الرحمن بن عديس و عمرو بن الحمق و عروة بن البياع و حبسهم و حلق رؤوسهم و لحاهم و صلب بعضهم ، و قيل وجدت الصحيفة بيد أبي الأعور السلمي . فعاد المصريون و عاد معهم الكوفيون و البصريون و قالوا لمحمد بن مسلمة حين سألهم : قد كلمنا علياً و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد فوعدونا أن يكلموه فليحضر علي معنا عند عثمان . ثم دخل علي و محمد على عثمان و أخبروه بقول أهل مصر فحلف ما كنت و لا علم . و قال محمد صدق هذا من عمل مروان . و دخل المصريون فشكى ابن عديس بابن أبي سرح و ما أحدثه بمصر و أنه ينسب ذلك إلى كتاب عثمان و أنا جئنا من مصر لقتلك فردنا علي و محمد و ضمنا لنا النزوع عن هذا كله فرجعنا و لقينا هذا الكتاب و فيه أمرك لابن أبي سرح بجلدنا و المثلة بنا و طول الحبس و هو بيد علامك و عليه خاتمك ، فحلف عثمان ما كتب و لا أمر و لا علم . قال : فكيف يجترأ عليك بمثل هذا فقد استحقيت الخلع على التقديرين و لا يحل أن يولى الأمور من ينتهي إلى هذا الضعف ، فاخلع نفسك فقال : لا أنزع ما ألبسني الله و لكن أتوب و أرجع ، قال : رأيناك تتوب و تعود فلا بد من خلعك أو قتلك و قتال أصحابك دون ذلك أن يخلص إليك أو تموت ، فقال : لا ينالكم أحد بأخرى و لو أردت ذلك لاستجشت بأهل الأمصار
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:38 pm

. ثم كثر اللغط و أخرجوا و مضى علي إلى منزله ، و حصر المصريون عثمان و كتب إلى معاوية و ابن عامر يستحثهم و قام يزيد بن أسد القسري فاستنفر أهل الشام و سار إلى عثمان و بلغهم قتله بوادي القرى ، فرجعوا و قيل سار من الشام حبيب بن مسلمة و من البصرة مجاشع بن مسعود فبلغهم قتله بالربذة فرجعوا . و كانت بطانة عثمان أشاروا عليه أن يبعث إلى علي في كفهم عنه على الوفاء لهم ، فبعث إليه في ذلك فأجاب بعد توقف ثم بعث إليهم فقالوا لا بد لنا أن نتوثق منه وجاء فأعلمه و توثق منه على أجل ثلاثة أيام ، وكتب بينهم كتاباً على رد المظالم و عزل من كرهوه من العمال . ثم مضى الأجل و هو مستعد و لم يغير شيئاً ، فجاء المصريون من ذي خشب يستنجدون عهدهم فأبى فحصروه و أرسل إلى علي و طلحة و الزبير و أشرف عليهم فحياهم و دعا لهم ، ثم قال : أنشدكم الله تعالى هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر أن يختار و يجمعوا على خيركم ؟ أتقولون أنه لم يستجب لكم أو تقولن أن الله لم يبال بمن ولي هذا الدين أم تقولون أن الأمة و لوا مكابرة و عن غير مشورة فوكلهم إلى أمهر أولم يعلم عاقبة أمري ، ثم أنشدكم الله هل تعلمون لي من السوابق ما يجب حقه فمهلا فلا يحل إلا قتل ثلاثة : زان بعد إحصان و كافر بعد إيمان و قاتل بغير حق ثم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ، ثم لا يرفع الله عنكم الاختلاف . فقالوا له : ما ذكرت من الاستخارة بعد عمر فكل ما صنع الله تعالى فيه الخيرة ، و لكن الله ابتلى بك عباده و أما حقك و سابقتك فصحيح ، لكن أحدثت ما علمت و لا نترك إقامة الحق مخافة الفتنة عاماً قابلاً ، و أما حصر القتل في الثلاثة ففي كتب الله قتل من سعى في الأرض فسادا و من قاتل على البغي و على منع الحق و المكابرة عليه ، و أنت إنما تمسكت بالأمارة علينا و إنما قاتل دونك هؤلاء لهذه التسمية فلو نزعتها انصرفوا . فسكت عثمان و لزم الدار و أقسم على الناس بالانصراف فانصرفوا إلا الحسن بن علي و محمد بن طلحة و عبد الله بن الزبير . و كانت مدة انحصاره أربعين يوماً ، و لثمان عشرة منها وصل الخبر بمسير الجنود من الأمصار فاشتد الانحصار و منعوه من لقاء الناس و من الماء ، و أرسل إلى علي و طلحة و الزبير و أمهات المؤمنين يطلب الماء فركب علي إليهم مغلساً ، و قال : يا أيها الناس إن هذا لا يشبه أمر المؤمنين و لا الكافرين و إنما الأسير عند فارس و الروم يطعم و يسقى . فقالوا : لا و الله و نعمة عين . فرجع و جاءت أم حبيبة على بغلتها مشتملة على أدواة و قالت : أردت أن أسأل هذا الرجل عن وصايا عنده لبني أمية أو تهلك أموال أيتامهم و أراملهم ، فقالوا : لا و الله ، و ضربوا وجه البغلة فنفرت و كادت تسقط عنها و ذهب بها الناس إلى بيتها .

و أشرف عليهم عثمان و قرر حقوقه و سوابقه فقال بعضهم مهلاً عن أمير المؤمنين ، فجاء الأشتر و فرق الناس و قال : لا يمكر بكم . ثم خرجت عائشة إلى الحج و دعت أخاها فأبى ، فقال له حنظلة الكاتب : تدعوك أم المؤمنين فلا تتبعها و تتبع سفهاء العرب فيما لا يحل و لو قد صار الأمر إلى الغلبة غلبك عليه بنو عبد مناف . ثم ذهب حنظلة إلى الكوفة و بلغ طلحة و الزبير ما لقي علي و أم حبيبة فلزموا بيوتهم . و كان آل حزم يدسون كالماء إلى بيت عثمان في الغفلات ، و كان ابن عباس ممن لزم باب عثمان للمدافعة فأشرف عليه عثمان و أمره أن يحج بالناس ، فقال : جهاد هؤلاء أحب إلي ، فأقسم عليه و انطلق .

و لما رأى أهل مصر أن أهل الموسم يريدون قصدهم ، و أن أهل الأمصار يسيرون إليهم اعتزموا على قتل عثمان رضي الله عنه يرجون في ذلك خلاصهم و اشتغال الناس عنهم ، فقاموا إلى الباب ليقتحموه فمنعهم الحسن بن علي و ابن الزبير و محمد بن طلحة و مروان و سعيد بن العاص و من معهم من أبناء الصحابة و قاتلوهم و غلبوهم دون الباب ، ثم صدهم عثمان عن القتال و حلف ليدخلن فدخلوا و أغلق الباب فجاؤا بالنار و أحرقوه ، و دخلوا و عثمان يصلي و قد افتتح سوره طه ، و قد سار أهل الدار فما شغله شيء من أمرهم حتى فرغ و جلس إلى المصحف يقرأ فقرأ : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً و قالوا حسبناً الله و نعم الوكيل " . ثم قال لمن عنده إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد عهد إلي عهداً فأنا صابر عليه ، و منعهم من القتال و أذن للحسن في اللحاق بأبيه و أقسم عليه فأبى و قاتل دونه ، و كان المغيرة بن الأخنس بن شريق قد تعجل من الحج في عصابة لنصره فقاتل حتى قتل . و جاء أبو هريرة ينادي يا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة و تدعونني إلى النار و قاتل ، ثم اقتحمت الدار من ظهرها من جهة دار عمرو بن حزم فامتلأت قوماً و لا يشعر الذين بالباب ، و انتدب رجل فدخل على عثمان في البيت فحاوره في الخلع فأبى فخرج ، و دخل آخر ثم آخر كلهم يعظمه فيخرج و يفارق القوم ، و جاء ابن سلام فوعظهم فهموا بقتله ، و دخل عليه محمد بن أبي بكر فحاوره طويلا بما لا حاجة إلى ذكره ثم استحيا و خرج . ثم دخل عليه السفهاء فضربه أحدهم و أكبت عليه نائلة امرأته تتقي الضرب بيدها فنفحها أحدهم بالسيف في أصابعها . ثم قتلوه و سال دمه على المصحف ، و جاء غلمانه فقتلوا بعض أولئك القاتلين و قتلاء آخر و انتبهوا ما في البيت و ما على النساء حتى نائلة ، و قتل الغلمان منهم و قتلوا من الغلمان ، ثم خرجوا إلى بيت المال فانتهبوه ، و أرادوا قطع رأسه فمنعهم النساء فقال ابن عديس : اتركوه . و يقال إن الذي تولى قتله كنانة بن بشر التجيبي و طعنه عمر بن الحمق طعنات ، و جاء عمير بن ضابيء و كان أبوه مات في سجنه فوثب عليه حتى كسر ضلعاً من أضلاعه . و كان قتله لثمان عشرة خلت من ذي الحجة و بقي في بيته ثلاثة أيام . ثم جاء حكيم بن حزام و جبير بن معطم إلى علي فأذن لهم في دفنه ، فخرجوا به بين المغرب و العشاء و معهم الزبير و الحسن و أبو جهم بن حذيفة و مروان فدفنوه في حش كوكب ، و صلى عليه جبير و قيل مروان و قيل حكيم ، و يقال : إن ناسا تعرضوا لهم ليمنعوا من
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:39 pm

الصلاة عليه ، فأرسل إليهم علي و زجرهم . و قيل إن علياً و طلحة حضراً جنازته و زيد بن ثابت و كعب بن مالك .

و كان عماله عند موته على ما نذكره : فعلى مكة عبد الله بن الحضرمي ، و على الطائف القاسم بن ربيعة الثقفي ، و على صنعاء يعلى بن منية ، و على الجند عبد الله بن ربيعة ، و على البصرة و البحرين عبد الله بن عامر ، و على الشام معاوية بن أبي سفيان ، و على حمص عبد الرحمن بن خالد من قبله ، و على قنسرين حبيب بن مسلمة كذلك ، و على الأردن أبو الأعور السلمي كذلك ، و على فلسطين علقمة بن حكيم الكندي كذلك ، و على البحرين عبد الله بن قيس الفزاري ، و على القضاء أبو الدرداء ، و على الكوفة أبو موسى الأشعري على الصلاة و القعقاع بن عمرو على الحرب ، و على خراج السواد جابر المزني و سماك الأنصاري على الخراج ، و على قرقيسيا جرير بن عبد الله ، و على أذربيجان الأشعث بن قيس ، و على حلوان عتيبة بن النهاس ، و على أصبهان السائب بن الأقرع ، و على ما سبدان خنيس ، و على بيت المال عقبة بن عمرو ، و على القضاء زيد بن ثابت .



بيعة علي رضي الله عنه

لما قتل عثمان اجتمع طلحة و الزبير و المهاجرون و الأنصار و أتوا عليا يبايعونه ، فأبى و قال : أكون وزيراً لكم خير من أن أكون أميراً و من اخترتم رضيته ، فألحوا عليه و قالوا : لا نعلم أحق منك و لا نختار غيرك حتى غلبوه في ذلك ، فخرج إلى المسجد و بايعوه و أول من بايعه طلحة ثم الزبير بعد أن خيرهما و يقال إنهما ادعيا الإكراه بعد ذلك بأربعة أشهر و خرجا إلى مكة ، ثم بايعه الناس . و جاؤا بسعد فقال لعلي : حتى تبايعك الناس فقال : اخلوه و جاؤا بابن عمر فقال : كذلك . فقال : ائتني بكفيل . قال : لا أجده فقال الأشتر : دعني أقتله فقال علي : دعوه أنا كفيله . و بايعت الأنصار و تأخر منهم حسان بن ثابت و كعب بن مالك و مسلمة بن مخلد و أبو سعيد الخدري و محمد بن مسلمة و النعمان بن بشير و زيد بن ثابت و رافع بن خديج و فضالة بن عبيد و كعب بن عجرة و سلمة بن سلامة بن وقش ، و تأخر من المهاجرين عبد الله بن سلام و صهيب بن سنان و أسامة بن زيد و قدامة بن مظعون و المغيرة بن شعبة . و أما النعمان بن بشير فأخذ أصابع نائلة امرأة عثمان و قميصه الذي قتل فيه و لحق بالشام صريخاً .

و قيل إن عثمان لما قتل بقي الغافقي بن حرب أميرا على المدينة خمسة أيام ، و التمس من يقوم بالأمر فلم يجبه أحد ، و أتوا إلى علي فامتنع ، و أتى الكوفيون الزبير و البصريون طلحة فامتنعا ، ثم بعثوا إلى سعد و ابن عمر فامتنعا . فبقوا حيارى و رأوا أن رجوعهم إلى الأمصار بغير إمام يوقع في الخلاف و الفساد ، فجمعوا أهل المدينة و قالوا : أنتم أهل الشورى و حكمكم جائز على الأمة فاعقدوا الأمامة و نحن لكم تبع و قد أجلناكم يومين و إن لم تفعلوا قتلنا فلانا و فلانا و غيرهما يشيرون إلى الأكابر . فجاء الناس إلى علي فاعتذر و امتنع ، فخوفوه الله في مراقبة الإسلام ، فوعدهم إلى الغد . ثم جاؤه من الغد و جاء حكيم بن جبلة في البصريين ، فأحضر الزبير كرها ، و جاء الأشتر في الكوفيين فأحضر طلحة كذلك و بايعوا لعلي ، و خرج إلى المسجد و قال : هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أردتم و قد افترقنا الأمس و أنا كاره فأبيتم إلا أن أكون عليكم ، فقالوا : نحن على ما افترقنا عليه بالأمس ، فقال لهم : اللهم اشهد ! ثم جاؤا بقوم ممن تخلف قالوا نبايع على إقامة كتاب الله . ثم بايع العامة ، و خطب علي و ذكر الناس و ذلك يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة و رجع إلى بيته ، فجاءه طلحة و الزبير و قالا : قد اشترطنا إقامة الحدود فأقمها على قتلة هذا الرجل ، فقال : لا قدرة لي على شيء مما تريدون حتى يهدأ الناس و ننظر الأمور فتؤخذ الحقوق ، فافترقوا عنه .

و أكثر بعضهم المقالة في قتلة عثمان و باستناده إلى أربعة في رأيه ، و بلغه ذلك فخطبهم و ذكر فضلهم و حاجتهم إليهم و نظره لهم ، ثم هرب مروان و بنو أمية و لحقوا بالشام ، فاشتد على علي منع قريش من الخروج ، ثم نادى في اليوم الثالث برجوع الأعراب إلى بلادهم ، فأبوا و تدامرت معهم السبيئه ، و جاءه طلحة و الزبير فقالا : دعنا نأتي البصرة و الكوفة فنستنفر الناس فأمهلهما . و جاء المغيرة فأشار عليه باستبقاء العمال حتى يستقر الأمر و يستبدلوا بمن شاء فأمهله ، و رجع من الغد فأشار بمعالجة الاستبدال ، و جاءه ابن عباس فأخبره بخبر المغيرة ، فقال : نصحك أمس و غشك اليوم . قال : فما الرأي ؟ قال : كان الرأي أن تخرج عند قتل الرجال إلى مكة و أما اليوم فإن بني أمية يشبهون على الناس بأن يلجموك طرفاً من هذا الأمر و يطلبون ما طلب أهل المدينة في قتلة عثمان فلا يقدرون عليهم و الأمر أن تقر معاوية . فقال علي رضي الله عنه : و الله لا أعطيه إلى السيف . فقال له ابن عباس : أنت رجل شجاع لست صاحب رأي في الحرب أما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الحرب خدعة . قال : بلى ! فقال ابن عباس : أما و الله إن أطعتني لأتركنهم ينظرون في دبر الأمور و لا يعرفون ما كان وجهها من غير نقصان عليك و لا إثم لك . فقال : يا ابن عباس لست من هنياتك و لا هنيات معاوية في شيء . فقال ابن عباس : أطعني و ألحق بمالك بينبع و أغلق بابك عليك فإن العرب تجول جولة و تضطرب و لا تجد غيرك ، و إن نهضت مع هؤلاء القوم يحملك الناس دم عثمان غداً . فأبى علي و قال : أشر علي و إذا خالفتك أطعني . قال : أيسر مالك عندي الطاعة . قال : فسر إلى الشان فقد وليتكها . قال : إذاً يقتلني معاوية بعثمان أو يحبسني فيتحكم علي لقرابتي منك و لكن أكتب إليه وعده فأبى . و كان المغيرة يقول نصحته فلم يقبل فغضب و لحق بمكة .

ثم فرق علي العمال على الأمصار فبعث على البصرة عثمان بن حنيف ، و على الكوفة عمارة بن شهاب من المهاجرين ، و على اليمن عبيد الله بن عباس ، و على مصر قيس بن سعد ، و على الشام سهل بن حنيف . فمضى عثمان إلى البصرة و اختلفوا عليه فأطاعته فرقة و قال آخرون : ما يصنع أهل المدينة فنقتدى بهم ، و مضى عمارة إلى الكوفة فلما بلغ زبالة لقي طليحة بن خويلد فقال له : ارجع فإن اليوم لا يستبدلون بأبي موسى و إلا ضربت عنقك ، و مضى ابن عباس إلى اليمن فجمع يعلى بن منية مال الجباية و خرج به إلى مكة و دخل عبيد الله إلى اليمن ، و مضى قيس بن سعد إلى مصر و لقيه بأيلة خيالة من أهل مصر فقالوا : من أنت ؟ قال : قيس بن سعد من فل عثمان أطلب من آوي إليه و أنتصر به . و مضى حتى دخل مصر و أظهر أمره فافترقوا عليه فرقة كانت معه و أخرى تربصوا حين يروا فعله في قتلة عثمان . و مضى سهل بن حنيف إلى الشام حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل فقال لهم : أنا أمير على الشام ، قالوا إن كان بعثك غير عثمان فارجع فرجع .

فلما رجع و جاءت أخبار الآخرين دعا علي طلحة و الزبير و قال قد وقع ما كنت أحذركم . فسألوه الإذن في الخروج من المدينة و كتب علي إلى أبي موسى مع معبد الأسلمي فكتب إليه بطاعة أهل الكوفة و ببيعتهم و من الكاره منهم و الراضي حتى كأنه يشاهد . و كتب إلى معاوية مع سبرة الجهني فلم يجبه إلى ثلاثة أشهر من مقتل عثمان ، ثم دعا قبيصة من عبس و أعطاه كتابا مختوما عنوانه من معاوية إلى علي و أوصاه بما يقول و أعاده مع رسول علي ، فقدما في ربيع الأول و دخل العبسي و قد رفع الطومار كما أمره حتى دفعه إلى علي ، ففضه فلم يجد فيه كتاباً فقال للرسول : ما وراءك ؟ قال : آمن أنا ؟ قال نعم قال تركت قوما لا يرضون إلا بالقود قال : و ممن ؟ قال منك و تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان منصوباً على منبر دمشق . فقال : اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ! قد نجا و الله و قتلة عثمان إلا أن يشاء الله . ثم رده إلى صاحبه و صاحت السبئية اقتلوا هذا الكلب وافد الكلب ، فنادى يا آل مضر يا لقيس أحلف بالله ليردنها عليكم أربعة آلاف خصي فانظروا كم الفحول و الركاب و تقاووا عليه ، فمنعته مضر و دس أهل المدينة على علي من يأتيهم برأيه في القتال و هو زياد بن حنظلة التميمي و كان منقطعاً إليه فجالسه ساعة فقال له علي : سيروا لغزو الشام . فقال لعلي : الأناة و الرفق أمثل فتمثل يقول :

متى تجمع القلب الذكي و صارما و أنفا حمياً تجتنبك المظالم

فعلم أن رأيه القتال ثم جاء إلى القوم الذين دسوه فأخبرهم ثم استأذنه طلحة و الزبير في العمرة و لحقا بمكة . ثم اعتزم على الخروج إلى الشام و دعا أهل المدينة إلى قتالهم ، و قال : انطلقوا إلى هؤلاء القوم الذين يريدون تفريق جماعتكم لعل الله يصلح بكم ما أفسد أهل الآفاق و تقضون الذي عليكم .

و أمر الناس بالتجهز إلى الشام و دفع اللواء لمحمد بن الحنفية ، و ولى عبد الله بن عباس ميمنته ، و عمرو بن سلمة ميسرته ، و يقال به عمرو بن سفيان بن عبد الأسد ، و ولى أبا ليلى بن عمرو بن الجراح ابن أخي عبيدة مقدمته ، و لم يول أحداً ممن خرج على عثمان . و استخلف على المدينة تمام بن العباس ، و على مكة قثم بن العباس . و كتب إلى قيس بن سعد بمصر و عثمان بن حنيف بالبصرة و أبي موسى بالكوفة أن يندبوا الناس إلى الشام ، و بينما هو على التجهز للشام إذ أتاه الخبر عن أهل مكة بنحو آخر و أنهم على الخلاف فانتقض عن الشام .



القسم الأول من أمر الجمل

و لما جاء خبر مكة إلى علي قام في الناس و قال : ألا إن طلحة و الزبير و عائشة قد تمالاؤا على نقض إمارتي و دعوا الناس إلى الإصلاح و سأصبر ما لم أخف على جماعتكم و أكف إن كفوا و أقتصد نحوهم ، و ندب أهل المدينة فتثاقلوا ، و بعث كميلا النخعي فجاءه بعبد الله بن عمر فقال : انهض معي ، فقال : أنا من أهل المدينة افعل ما يفعلون ، قال : فأعطني كفيلا بأنك لا تخرج ، قال : و لا هذه ، فتركه و رجع إلى المدينة ، و خرج إلى مكة و قد أخبر ابنة علي أم كلثوم بأنه سمع من أهل المدينة تثاقلهم و أنه على طاعة علي و يخرج معتمراً . و جاء الخبر من الغداة إلى علي بأنه خرج إلى الشام فبعث في أثره على كل طريق ، و ماج أهل المدينة ، و ركبت أم كلثوم إلى أبيها و هو في السوق يبعث الرجال و يظاهر في طلبه فحدثته فانصرف عن ذلك و وثق به فيما قاله ، و رجع إلى أهل المدينة فخاطبهم و حرضهم فرجعوا إلى إجابته ، و أول من أجابه أبو الهيثم بن التيهان البدري و خزيمة بن ثابت و ليس بذي الشهادتين . و لما رأى زياد بن حنظلة تثاقل الناس عن علي انتدب إليه و قال : من تثاقل عنك فإنا نخف معك و نقاتل دونك .

كان سبب اجتماعهم بمكة أن عائشة كانت خرجت إلى مكة و عثمان محصور كما قدمناه ، فقضت نسكها و انقلبت تريد المدينة فلقيت في طريقها رجلا‌ً من بني ليث أخوالها فأخبرها بقتل عثمان و بيعة علي ، فقالت : قتل عثمان و الله ظلماً و لأطلبن بدمه فقال لها الرجل : و لم أنت كنت تقولين ما قلت ؟ فقالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه ، و انصرفت إلى مكة . و جاءها الناس فقالت : إن الغوغاء من أهل الأمصار و أهل المياه و عبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلماً و نقموا عليه استعمال من حدثت سنه و قد استعمل أمثالهم من كان قبله و مواضع من الحمى حماها لهم فتابعهم و نزع لهم عنها فلما لم يجدوا حجة و لا عذرا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام و استحلوا البلد الحرام و الشهر الحرام و أخذوا المال الحرام : و الله لإصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم و لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنباً لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه . فقال عبد الله بن عامر الحضرمي و كان عامل مكة لعثمان : أنا أول طالب ، فكانت أول مجيب و تبعه بنو أمية و كانوا هربوا إلى مكة بعد قتل عثمان ، منهم : سعيد بن العاص و الوليد بن عقبة . و قدم عبد الله بن عامر من البصرة بمال كثير و يعلى بن منية من اليمن بستمائة بعير و ستمائة ألف فأناخ بالأبطح ، ثم قدم طلحة و الزبير من المدينة فقالت لهما عائشة : ما وراءكما ؟ قالا : تحملنا هرابا من المدينة من غوغاء و أعراب غلبوا على خيارهم فلم يمنعوا أنفسهم و لا يعرفون حقا و لا ينكرون باطلاً ، فقالت : انهضوا بنا إليهم ، و قال آخرون : نأتي الشام ، فقال ابن عامر : إن معاوية كفاكم الشام فأتوا البصرة فلي بها صنائع و لهم في طلحة هوى . فنكروا عليه مجيئه من البصرة و استقام رأيهم على رأيه و قالوا : إن الذين معنا لا يطيقون من بالمدينة و يحتجون ببيعة علي و إذا أتينا البصرة أنهضناهم كما أنهضنا أهل مكة و جاهدنا ، فاتفقوا و دعوا عبد الله بن عمر إلى النهوض فأبى و قال : أنا من أهل المدينة أفعل ما يفعلون . و كانت أمهات المؤمنين معها على قصد المدينة ، فلما نهضت إلى البصرة قعدوا عنها و أجابتها حفصة فمنعها أخوها عبد الله . و جهزهم ابن عامر بما معه من المال و يعلى بن منية بما معه من المال و الظهر ، و نادوا في الناس بالحملان فحملوا على ستمائة بعير و ساروا في ألف من أهل مكة و من أهل المدينة و تلاحق بهم الناس فكانوا ثلاثة آلاف ، و بعثت أم الفضل و أم عبد عبد الله بن عباس بالخبر استأجرت على كتابها من أبلغه عليا ، و نهضت عائشة و من معها ، و جاء مروان بن الحكم إلى طلحة و الزبير فقال : على أيكما أسلم بالأمرة و أؤذن بالصلاة ، فقال ابن الزبير على أبي ، و قال ابن طلحة على أبي ، فأرسلت عائشة إلى مروان تقول له أتريد أن تفرق أمرنا ليصل بالناس ابن أختي تعني عبد الله بن الزبير .وودع أمهات المؤمنين عائشة من ذات عرق باكيات ، و أشار سعيد بن العاص على مروان بن الحكم و أصحابه بإدراك ثأرهم من عائشة و طلحة و الزبير . فقالوا نسير لعلنا نقتل قتلة عثمان جميعا . ثم جاء إلى طلحة و الزبير فقال : لمن تعجلان الأمر إن ظفرتما ؟ قالا : لأحدنا الذي تختاره الناس ، فقال : بل اجعلوه لولد عثمان لأنكم خرجتم تطلبون بدمه فقال : و كيف ندع شيوخ المهاجرين و نجعلها لأبنائهم ؟ قال : فلا أراني أسعى إلا لإخراجها من بني عبد مناف فرجع ، و رجع عبد الله بن خالد بن أسيد و وافقه المغيرة بن شعبة و من معه من ثقيف فرجعوا ، و مضى القوم و معهم أبان و الوليد ابنا عثمان . و أركب يعلى بن منية عائشة جملا اسمه عسكر اشتراه بمائة دينار و قيل بثمانين ، و قيل بل كان لرجل من عرينة عرض لهم بالطريق على جمل فاستبدلوا به جمل عائشة على أن حمله بألف فزادوه أربعمائة درهم ، و سألوه عن دلالة الطريق فدلهم و مر بهم على الماء الحوأب فنبحتهم كلابه . و سأله
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:41 pm

عن الماء فعرفه باسمه . فقالت عائشة : ردوني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول و عنده نساؤه : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب ، ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته و أقامت بهم يوماً و ليلة إلى أن قيل النجاء النجاء قد أدرككم علي ، فارتحلوا نحو البصرة فلما كانوا بفنائها لقيهم عمير بن عبد الله التميمي و أشار بأن يتقدم عبد الله بن عامر إليهم فأرسلته عائشة و كتبت معه إلى رجال من البصرة ، إلى الأحنف بن قيس و سمرة و أمثالهم ، و أقامت بالحفين تتنظر الجواب ، و لما بلغ ذلك أهل البصرة دعا عثمان بن حنيف عمران بن حصين و كان رجلاً عامة ، و أبا الأسود الدؤلي و كان رجلاً خاصة ، و قال : انطلقنا إلى هذه المرأة فاعلما علمها و علم من معها . فجاآها بالحفين و قالا : إن أميرنا بعثنا نسألك عن مسيرك ؟ فقالت : إن الغوغاء و نزاع و القبائل فعلوا ما فعلوا فخرجت في المسلمين أعلمهم بذلك و بالذي فيه الناس وراءنا و ما ينبغي من إصلاح هذا الأمر . . . ثم قرأت لا خير في كثير من نجواهم الآية . ثم عدلا عنها إلى طلحة فقالا : ما أقدمك ؟ قال : الطلب بدم عثمان . فقالا : ألم تبايع عليا ؟ قال : بلى و السيف على رأسي و ما أستقبل على البيعة إن هو لم يخل بيننا و بين قتلة عثمان . و قال لهما الزبير مثل ذلك ، و رجعا إلى عثمان بن حنيف فاسترجع و قال : دارت رحى الإسلام و رب الكعبة ، ثم قال أشيروا علي ، فقال عمران : اعتزل . قال بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين . فجاءه هشام بن عامر فأشار عليه بالمسالمة و المسامحة حتى يأتي أمر علي ، فأبى و نادى في الناس فلبس السلاح ثم دس من يتكلم في الجمع ليرى ما عندهم ، فقال رجل : إن هؤلاء القوم إن كانوا جاؤا خائفين فبلدهم يأمن فيه الطير وإن جاؤا لدم عثمان فما نحن بقتلته فأطيعوني و ردوهم من حيث جاؤا . فقال الأسود بن سريع السعدي : إنما جاؤا يستعينون بنا على قتلته منا و من غيرنا . فحصبه الناس فعرف عثمان أن لهم بالبصرة ناصرا و كسره ذلك كله .

و انتهت عائشة و من معها إلى المربد ، و خرج إليها عثمان فيمن معه و حضر أهل البصرة ، فتكلم طلحة من الميمنة : فحمدوا لله و ذكر عثمان و فضله و دعا إلى الطلب بدمه و حث عليه ، و كذلك الزبير فصدقهما أهل الميمنة . و قال أصحاب عثمان من الميسرة : بايعتم عليا ثم جئتم تقولون . ثم تكلمت عائشة و قالت : كان الناس يتجنون على عثمان و يأتوننا بالمدينة فنجدهم فجرة و نجده براً تقيا و هم يحاولون غير ما يظهرون ، ثم كثروا و اقتحموا عليه داره و قتلوه و استحلوا المحرمات بلا ترة و لا عذر ، ألا و أن مما ينبغي لكم غيره أخذ قتلة عثمان و إقامة كتاب الله ثم قرأت " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم " الآية . فاختلف أصحاب عثمان عليه و مال بعضهم إلى عائشة ، ثم افترق الناس و تحاصبوا و انحدرت عائشة إلى المربد ، و جاءها جارية بن قدامة السعدي فقال : يا أم المؤمنين و الله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح ، إنه قد كان لك من الله ستر و حرمة فهتكت سترك و أبحت حرمتك و أنه من رأى قتالك يرى قتلك ، فإن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك و إن كنت مكرهة فاستعيني بالله و بالناس على الرجوع .

و أقبل حكيم بن جبلة و هو على الخيل فأنشب القتال ، و أشرع أصحاب عائشة رماحهم فاقتتلوا على فم السكة ، و حجز الليل بينهم و باتوا يتأهبون و عاداهم حكيم بن جبلة فاعترضه رجل من عبد القيس فقتله حكيم ، ثم قتل امرأة أخرى ، و اقتتلوا إلى أن زال النهار . و كثر القتل في أصحاب عثمان بن حنيف و لما عضتهم الحرب تنادوا إلى الصلح و توادعوا على أن يبعثوا إلى المدينة فإن كان طلحة و الزبير أكرها سلم لهم عثمان الأمر و إلا رجعا عنه . و سار كعب بن سوار القاضي إلى أهل المدينة يسألهم عن ذلك ، فجاءهم يوم جمعة و سألهم فلم يجبه إلا أسامة بن زيد فإنه قال : بايعا مكرهين . فضربه الناس حتى كاد يقتل . ثم خلصه صهيب و أبو أيوب و محمد بن مسلمة إلى منزله ، و رجع كعب و بلغ الخبر بذلك إلى علي ، فكتب إلى عثمان بن حنيف يعجزه و يقول و الله ما أكرها على فرقة و لقد أكرها على جماعة و فضل ، فإن كانا يريدان الخلع فلا عذر لهما و إن كانا يريدان غير ذلك نظرنا و نظروا . و لما جاء كعب بقول أهل المدينة بعث طلحة و الزبير إلى عثمان ليجتمع بها ، فامتنع و احتج بالكتاب و قال هذا غير ما كنا فيه . فجمع طلحة و الزبير الناس و جاآ إلى المسجد بعد صلاة العشاء في ليل ظلماء شاتية ، و تقدم عبد الرحمن بن عتاب في الوحل فوضع السلاح في الجائية من الزط و السابحة و هم أربعون رجلاً فقتلوهم و قتلوا عن آخرهم ، و اقتحموا على عثمان فأخرجوه إلى طلحة و الزبير و قد نتفوا شعر وجهه كله ، و بعثا عائشة بالخبر فقالت خلوا سبيله ، و قيل أمرت بإخراجه و ضربه ، و كان الذي تولى إخراجه و ضربه مجاشع بن مسعود . و قيل إن الاتفاق إنما وقع بينهم على أن يكتبوا إلى علي فكتبوا إليه و أقام عثمان يصلي فاستقبلوه و وثبوا عليه فظفروا به و أرادوا قتله ، ثم استبقوه من أجل الأنصار و ضربوه و حبسوه .

ثم خطب طلحة و الزبير و قالا يا أهل البصرة توبة بحوبة إنما أردنا أن نستعتب عثمان فغلب السفهاء فقتلوه . فقالوا لطلحة قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا ! قال الزبير : أما أنا فلم أكاتبكم ، و أخذ يرمي عليا بقتل عثمان فقال رجل من عبد القيس : يا معشر المهاجرين أنتم أول من أجاب داعي الإسلام و كان لكم بذلك الفضل ، ثم استخلفتم مراراً و لم تشاورونا ، و قتلتم كذلك ، ثم بايعتم عليا و جئتم تستعدوننا عليه فماذا الذي نقمتم عليه ؟ فهموا بقتله و منعته عشيرته ، ثم وثبوا من الغد على قتل عثمان و من معه فقتلوا منهم سبعين . و بلغ حكيم بن جبلة ما فعل بعثمان بن حنيف فجاء لنصره في جماعة من عبد القيس ، فوجد عبد الله بن الزبير فقال له : ما شأنك ؟ قال : تخلوا عن عثمان و تقيمون على ما كنتم حتى يقدم علي و لقد استحللتم الدم الحرام تزعمون الطلب بثأر عثمان و هم لم يقتلوه . ثم ناجزهم الحرب في ربيع الآخر سنة ست و ثلاثين ، و أقام حكيم أربعة قواد فكان هو بحيال طلحة ، و ذريح بحيال الزبير ، و ابن المحرش بحيال عبد الرحمن بن عتاب ، و حرقوص بن زهير بحيال عبد الرحمن بن الحرث بن هشام . و تزاحفوا و استحر القتل فيهم حتى قتل كثير منهم و قتل حكيم و ذريح ، و أفلت حرقوص في فل من أصحابه إلى قومهم بني سعد ، و تتبعوهم بالقتل و طالبوا بني سعد بحرقوص و كانوا عثمانية ، فاعتزلوا و غضبت عبد القيس كلهم و الكثير من بكر بن وائل ، و أمر طلحة و الزبير بالعطاء في أهل الطاعة لهما ، و قصدت عبد القيس و بكر بيت المال فقاتلوهم و منعوهم ، و كتبت عائشة إلى أهل الكوفة بالخبر و أمرتهم أن يثبطوا الناس عن علي و أن يقدموا بدم عثمان ، و كتبت بمثل ذلك إلى اليمامة و المدينة .

و لنرجع إلى خبر علي و قد كان لما بلغه خبر طلحة و الزبير و عائشة و مسيرهم إلى البصرة دعا أهل المدينة للنصرة و خطبهم ، فتثاقلوا أولا و أجابه زياد بن حنظلة و أبو الهيثم و خزيمة بن ثابت و ليس بذي الشهادتين و أبو قتادة في أخرين ، و بعثت أم سلمة معه ابن عمها و خرج يسابق طلحة و الزبير إلى البصرة ليردهما ، و استخلف على المدينة تمام ابن عباس و قيل سهل بن حنيف ، و على مكة قثم بن عباس ، و سار في ربيع الآخر سنة ست و ثلاثين ، و سار معه من نشط من الكوفيين و المصريين متخففين في تسعمائة ، و لقيه عبد الله بن سلام فأخذ بعنانه و قال يا أمير المؤمنين : لا تخرج منها فوالله إن خرجت منها لا يعود إليها سلطان المسلمين أبداً . فبدر الناس إليه ، فقال : دعوه فنعم الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم . و سار فانتهى إلى الربذة ، و جاء خبر سبقهم إلى البصرة فأقام يأتمر بما يفعل و لحقه ابنه الحسن و عذله في خروجه و ما كان من عصيانه أياه ، فقال : ما الذي عصياك فيه حين أمرتني ؟ قال : أمرتك أن تخرج عند حصار عثمان من المدينة و لا تحضر لقتله ، ثم عند قتله ألا تبايع حتى تأتيك وفود العرب و بيعة الأمصار ، ثم عند خروج هؤلاء أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا . فقال : أما الخروج من المدينة فلم يكن إليه سبيل و قد كان أحيط بنا كما أحيط بعثمان ، و أما البيعة فخفنا ضياع الأمر و الحل و العقد لأهل المدينة لا للعرب و لا للأمصار و لقد مات رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنا أحق بالأمر بعده فبايع الناس غيري و اتبعتهم في أبي بكر و عمر و عثمان فقتلوه و بايعوني طائعين غير مكرهين ، فأنا أقاتل من خالف بمن أطاع إلى أن يحكم الله و هو خير الحاكمين ، و أما القعود عن طلحة و الزبير فإذا لم أنظر فيما يلزمني من هذا الأمر فمن ينظر فيه ؟

ثم أرسل إلى كوفة محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر يستنفران الناس ، و أقام بالربذة يحرض الناس و أرسل إلى المدينة في أداته و سلاحه ، و قال له بعض أصحابه عرفنا بقصدك من القوم ؟ قال : الإصلاح إن قبلوه و إلا ننظرهم و إن بادرونا امتنعنا .ثم جاءه جماعة من طيء نافرين معه فقبلهم و أثنى عليهم . ثم سار من الربذة و على مقدمته أبو ليلى بن عمرو بن الجراح ، و لما انتهى إلى فيد أتته أسد و طيء و عرضوا عليه النفير معه ، فقال : الزموا قراركم ففي المهاجرين كفاية . و لقيه هنالك رجل من أهل الكوفة من بني شيبان فسأله عن أبي موسى ، فقال إن أردت الصلح فهو صاحبه ، و إن أردت القتال فليس بصاحبه . فقال : و الله ما أريد إلا الصلح حتى يرد علينا . ثم انتهى إلى الثعلبية و الأساد ، فبلغه ما لقي عثمان بن حنيف و حكيم بن جبلة ، ثم جاءه بذي قار عثمان بن حنيف و أراه ما بوجهه ، فقال : أصبت أجراً و خيراً إن الناس وليهم قبلي رجلان فعملا بالكتاب ثم ثالث فقالوا و فعلوا ثم بايعوني و منهم طلحة و الزبير ثم نكثا و ألبا علي . و من العجب انقيادهما لأبي بكر و عمر و عثمان و خلافهما علي !‍ و الله إنهما ليعلمان أني لست دونهم . ثم أخذ في الدعاء عليهما و ابن وائل هنالك يعرضون عليه النفير فأجابهم مثل طيء و أسد ، و بلغه خروج عبد القيس على طلحة و الزبير فأثنى عليهم . و أما محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر فبلغا إلى الكوفة و دفعا إلى أبي موسى كتاب علي و قاما في الناس بأمره فلم يجبهما أحد و شاوروا أبا موسى في الخروج إلى علي ، فقال : الخروج سبيل الدنيا و القعود سبيل الآخرة فقعدوا كلهم . و غضب محمد و محمد و أغلظا لأبي موسى ، فقال لهما : و الله إن بيعة عثمان لفي عنقي و عنق علي و إن كان لا بد من القتال فحتى نفرغ من قتلة عثمان حيث كانوا ، فرجعا إلى علي بالخبر و هو بذي قار ، فرجع علي باللائمة على الأشتر ، و قال : أنت صاحبنا في أبي موسى فاذهب أنت و ابن العباس و أصلح ما أفسدت . فقدما على أبي موسى و كلما استعانا عليه بالناس لم يجب إلى شيء و لم ير إلا القعود حتى تنجلي الفتنة و يلتئم الناس ، فرجع ابن عباس و الأشتر إلى علي فأرس علي ابنه الحسن و عمار بن ياسر و قال : لعمار : انطلق فأصلح ما أفسدت . فانطلقا حتى دخلا المسجد ، و خرج أبو موسى فلقي الحسن بن علي فضمه إليه و قال لعمار : يا أبا اليقظان أعدوت على أمير المؤمنين فيمن عدا و أحللت نفسك مع الفجار ؟ فقال : لم أفعل . فأقبل الحسن على أبي موسى فقال : لم تثبط الناس عنا و ما أردنا إلا الإصلاح و مثل أمير المؤمنين لا يخاف على شيء . قال : صدقت بأبي أنت و أمي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم و القائم خير من الماشي ، و الماشي خير من الراكب و المسلمون إخوان و دماؤهم و أموالهم حرام " فغضب عمار و سبه فسبه آخر و تثاور الناس ، ثم كفهم أبو موسى . و جاء زيد بن صوحان بكتاب عائشة إليه و كتابها إلى أهل الكوفة فقرأهما على الناس في سبيل الإنكار عليها فسبه شبث بن ربعي ، و تهاوى الناس و أبو موسى يكفهم و يأمرهم بلزوم البيوت حتى تنجلي الفتنة ، و يقول : أطيعوني و خلوا قريشا إذا أبوا إلا الخروج من دار الهجرة و فراق أهل العلم . حتى ينجلي الأمر . و ناداه زيد بن صوحان
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:42 pm

بإجابة علي و القيام بنصرته و تابعه القعقاع بن عمر فقام بعده فقال : لا سبيل إلى الفوضى و هذا أمير المؤمنين ملئ بما ولي و قد دعاكم فانفروا ، و قال عبد خير مثل ذلك و زاد : يا أبا موسى هل تعلم أن طلحة و الزبير بايعا ؟ قال : نعم . قال : فهل أحدث علي ما ينقص البيعة ؟ لا أدري قال : لا دريت و نحن نتركك حتى تدري . ثم قال سيحان بن صوحان مثل ما قال القعقاع ، و حرض على طاعة علي و قال : فإنه دعاكم تنظرون ما بينه و بين صاحبيه و هو المأمون على الأمة الفقيه في الدين فقال عمار و هو دعاكم إلى ذلك لتنظروا في الحق و تقاتلوا معه عليه ، و قال الحسن : أجيبوا دعوتنا و أعينونا على ما ابتلينا به و ابتليتم و إن أمير المؤمنين يقول : إن كنت مظلوما أطيعوني أو ظالما فخذوا مني بالحق . و الله إن طلحة و الزبير أول من بايعني و أول من غدر . فأجاب الناس ، و حرض عدي بن حاتم قومه و حجر بن عدي كذلك فنفر مع الحسن من الكوفة تسعة آلاف سارت منها ستة في البر و باقيهم في الماء .

و أرسل علي بعد مسير الحسن و عمار الأشتر إلى الكوفة فدخلها و الناس في المسجد و أبو موسى و الحسن و عملوا في منازعة معه و مع الناس ، فعجل الأشتر يمر بالقبائل و يدعوهم إلى القصر حتى انتهى إليه في جماعة الناس فدخله و أبو موسى بالمسجد يخطبهم و يثبطهم و الحسن يقول له اعتزل عملنا و اترك منبرنا ، فدخل الأشتر إلى القصر و أمر بإخراج غلمان أبي موسى من القصر ، و جاءه أبو موسى فصاح به الأشتر : أخرج لا أم لك و أجله تلك العشية . و دخل الناس لينهبوا متاعه فمنعهم الأشتر ، و نفر الناس مع الحسن كما قلنا و كان الأمراء على أهل النفير على كنانة و أسد و تميم و الرباب و مزينة معقل بن يسار الرياحي ، و على قبائل قيس سعد بن مسعود الثقفي عم المختار و على بكر و تغلب وعلة بن مجدوح الذهلي ، و على مذحج و الأشعريين حجر بن عدي ، و على بجيلة و أنمار و خثعم و الأزد محنف بن سليم الأزدي ، و رؤساء الجماعة من الكوفيين القعقاع بن عمرو و سعد بن مالك و هند بن عمرو و الهيثم بن شاهب ، و رؤساء النفار زيد بن صوحان و الأشتر و عدي بن حاتم و المسيب بن نجبة و يزيد بن قيس و أمثالهم . فقدموا على علي بذي قار ، فركب إليهم و رحب بهم و قال : يا أهل الكوفة دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن يرجعوا فهو الذي نريد و إن يلحوا داويناهم بالرفق حتى يبدؤنا بالظلم و لا ندع أمراً فيه الصلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله . فاجتمع الناس عنده بذي قار و عبد القيس بأسرها و هم ألوف ينتظرونه ما بينه و بين البصرة ، ثم دعا القعقاع و كان من الصحابة فأرسله إلى أهل البصرة و قال : إلق هذين الرجلين فادعهما للألفة و الجماعة و عظم عليهما الفرقة و قال له : كيف تصنع إذا قالوا ما لا وصاة مني فيه عندك ؟ قال : نلقاهم بالذي أمرت به فإذا جاء منهم مالي عندنا منك رأي فيه اجتهدنا رأينا و كلمناهم كما نسمع و نرى إنه ينبغي ، قال : أنت لها .

فخرج القعقاع فقدم البصرة و بدأ بعائشة و قال : أي أمة ما أشخصك ؟ قالت : أريد الإصلاح بين الناس ، قال ابعثني إلى طلحة و الزبير تسمعي مني و منهما ، فبعثت إليهما فجاآ فقال لهما : إني سألت أم المؤمنين ما أقدمها فقالت الإصلاح و كذلك قالا . قال فأخبراني ما هو ؟ قالا : قتلة عثمان ! فإن تركهم ترك للقرآن ، قال : فقد قتلتم منهم ستمائة من أهل البصرة و غضب لهم ستة آلاف و اعتزلوكم و طلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف فإن قاتلتم هؤلاء كلهم اجتمعت مضر و ربيعة على حربكم فأين الاصلاح ؟ قالت عائشة : فماذا تقول أنت ؟ قال هذا الأمر دواؤه التسكين و إذا سكن اختلجوا فآثروا العافية تزرقوها و كونوا مفاتيح خير و لا تعرضونا للبلاء فنتعرض له و يصرعنا و إياكم ، فقالوا قد أصبت و أحسنت فارجع فإن قدم علي و هو على مثل رأيك صلح هذا الأمر ، فرجع و أخبر عليا فأعجبه و أشرف القوم على الصلح . و قد كانت وفود أهل البصرة أقبلوا إلى علي قبل رجوع القعقاع و تفاوضوا مع أهل الكوفة و اتفقوا جميعا على الاصلاح ، ثم خطب علي الناس و أمرهم بالرحيل من الغد و أن لا يرحل معه أحد ممن أعان على عثمان . فاجتمع من أهل مصر ابن السوداء و خالد بن ملجم و الأشتر و الذين رضوا بمن سار إليه مثل علباء بن الهيثم و عدي بن حاتم و سالم بن ثعلبة القيسي و شريح بن أوفى ، و تشاوروا فيما قال علي و قالوا : هو أبصر بكتاب الله و أقرب إلى العمل به من أولئك و هو يقول ما يقول ، و إنما معه الذين أعانوا على عثمان فكيف إذا اصطلحوا و اجتمعوا و رأوا قلتنا في كثرتهم . فقال الأشتر رأيهم و الله فينا واحد و أن يصطلحوا فعلى دمائنا فهلموا نثب على طلحة نلحقه بعثمان ثم يرضى منا بالسكون ، فقال ابن السوداء : طلحة و أصحابه نحو من خمسة آلاف و أنتم ألفان و خمسمائة فلا تجدون إلى ذلك سبيلا ، و قال علباء بن الهيثم : اعتزلوا الفريقين حتى يأتيكم من تقومون به . فقال ابن السوداء : ود و الله الناس لو انفردتم فيتخطفونكم ، فقال عدي : و الله ما رضيت و لا كرهت فأما إذ وقع ما وقع و نزل الناس بهذه المنزل فإن لنا خيلا و سلاحاً . فإن أقدمتم أقدمنا و إن أحجمتم أحجمنا ، ثم قال سالم بن ثعلبة و سويد بن أوفى : أبرموا أمركم . ثم تكلم ابن السوداء فقال : يا قوم إن عزكم في خلطة الناس فصانعوهم و إذا التقى الناس غدا فانشبوا القتال فلا يجدون بدا منه و يشغلهم الله عما تكرهون ، و افترقوا على ذلك .

و أصبح علي راحلاً حتى نزل على عبد القيس فانضموا إليه و ساروا معه فنزل الزواية ، و سار من الزواية إلى البصرة . و سار طلحة و الزبير و عائشة من الفرضة و التقوا بموضع قصر عبيد الله بن زياد منتصف جمادى الآخرة ، و تراسلت بكر بن وائل و عبد القيس و جاؤا إلى علي رضي الله عنه فكانوا معه ، و أشار على الزبير بعض أصحابه أن يناجز القتال ، فاعتذر بما وقع بينه و بين القعقاع . و طلب من علي رضي الله عنه أصحابه مثل ذلك فأبى و سئل ما حالنا و حالهم في القتلى ؟ فقال : أرجو أن لا يقتل منا و منهم أحد نقي قلبه لله إلا أدخله الله الجنة ، و نهى عن قتالهم و بعث إليهم حكيم بن سلام و مالك بن حبيب إن كنتم على ما جاء به القعقاع فكفوا حتى ننزل و ننظر في الأمر ، و جاءه الأحنف بن قيس و كان معتزلاً عن القوم و قد كان بايع علياً بالمدينة بعد قتل عثمان مرجعه من الحج ، قال الأحنف : و لم أبايعه حتى لقيت طلحة و الزبير و عائشة بالمدينة و عثمان محصور و علمت أنه مقتول فقلت لهم من أبايع بعده ؟ قالوا عليا فلما رجعت و قد قتل عثمان بايعت عليا فلما جاؤا إلى البصرة دعوني إلى قتال علي فحرت في أمري بين خذلانهم أو خلع طاعتي ، فقلت : ألم تأمروني بمبايعته ؟ قالوا نعم لكنه بدل و غير فقلت لا أنقض بيعتي و لا أقاتل أم المؤمنين ، و لكن أعتزل ، و نزل بالجلحاء على فرسخين من البصرة في زهاء ستة آلاف ، فلما قدم علي جاءه و خيره بين القتال معه أو كف عشرة آلاف سيف عنه ، فاختار الكف و نادى في تميم و بني سعد فأجابوه فاعتزل بهم حتى ظفر علي فرجع إليه و اتبعه . و لما تراءى الجمعان خرج طلحة و الزبير و جاءهم علي حتى اختلفت أعناق دوابهم . فقال علي : لقد أعددتما سلاحاً و خيلاً و رجالاً إن كنتما أعددتما عند الله عذرا ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي ولا أحرم دمكما فهل من حدث أحل لكما دمي قال طلحة : ألبت على عثمان ! قال علي : يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق فلعن الله قتلة عثمان يا طلحة . أما بايعتني ؟ قال : و السيف على عنقي . ثم قال للزبير : أتذكر يوم قال لك رسول الله صلى الله عليه و سلم لتقاتلنه و أنت له ظالم ؟ قال اللهم نعم و لو ذكرت قبل مسيري ما سرت . و الله لا أقاتلك أبداً و افترقوا . فقال علي لأصحابه : إن الزبير قد عهد أن لا يقاتلكم . و رجع الزبير إلى عائشة و قال : ما كنت في موطن منذ عقلت إلا و أنا أعرف أمري غير موطني هذا ! قالت : فما تريد أن تصنع ؟ قال أدعهم و أذهب . فقال له ابنه عبد الله: خشيت رايات ابن أبي طالب و علمت أن حامليها فتية أنجاد و أن تحتها الموت الأحمر فجنبت فأحفظه ذلك . و قال : حلفت . قال : كفر عن يمينك فأعتق غلامه مكحولاً . و قيل إنما أراد الرجوع عن القتال حين سمع أن عمار بن ياسر مع علي لما ورد : ويح عمار تقتله الفئة الباغية .

و كان أهل البصرة على ثلاث فرق مفترقين مع هؤلاء و هؤلاء و ثالثة اعتزلت كالأحنف ابن قيس و عمران بن حصين ، و نزلت عائشة في الأزد و رأسهم صبرة بن شيمان ، و أشار عليه كعب بن سور بالاعتزال فأبى و كان معها قبائل كثيرة من مضر و الرباب و عليهم المنجاب بن راشد ، و بنو عمرو بن تميم و عليهم أبو الجربا ، و بنو حنظلة و عليهم هلال بن وكيع و سليم و عليهم مجاشع بن مسعود ، و بنو عامر و غطفان و عليهم زفر بن الحرث ، و الأزد و عليهم صبرة بن شيمان ، و بكر و عليهم مالك بن مسمع ، و بنو ناجية و عليهم الخريب بن راشد ، و هم في نحو ثلاثين ألفاً . و علي في عشرين ألفاً . والناس جميعاً متنازلون مضر إلى مضر و ربيعة إلى ربيعة ، و لا يشكون في الصلح و قد ردوا حكيماً و مالكاً إلى علي : إنا على ما فارقنا عليه القعقاع ، و جاء ابن عباس إلى طلحة و الزبير ، و محمد بن طلحة إلى علي و تقارب أمر الصلح و بات الذين أثاروا أمر عثمان بشر ليلة يتشاورون ، و اتفقوا على إنشاب الحرب بين الناس فغسلوا و ما يشعر بهم أحد ، و قصد مضر إلى مضر و ربيعة إلى ربيعة و يمن إلى يمن فوضعوا فيهم السلاح ، و ثار أهل البصرة و ثار كل قوم في وجوه أصحابهم . و بعث طلحة و الزبير عبد الرحمن بن الحرث بن هشام إلى الميمنة و هم ربيعة ، و عبد الرحمن بن عتاب إلى الميسرة ، و ركبا في القلب ، و سألا الناس ما هذا ؟ فقالوا : طرقنا أهل الكوفة ليلا فقال طلحة و الزبير إن علياً لا ينتهي حتى يسفك الدماء . ثم دفعوا أولئك المقاتلين فسمع علي و أهل عسكره الصيحة ، فقال ما هذا ؟ فقيل له أظنه سقط من هنا طرقنا أو نحوه السبئية بيوتنا ليلا فرددتهم . فوجدنا القوم على أهبة فركبونا ، و ثار الناس و ركب علي . و بعث إلى الميمنة و الميسرة صاحبها ، و قال : إن طلحة و الزبير لا ينتهيان حتى تسفك الدماء و نادى في الناس كفوا ، و كان رأيهم جميعا في تلك الفتنة أن لا يقتتلوا حتى يقيموا الحجة و لا يقتلوا مدبراً و لا يجهزوا على جريح و لا يستحلوا سلباً .

و أقبل كعب بن سور إلى عائشة و قال : قد أبى القوم إلا القتال فلعل الله يصلح بك فأركبها و ألبسوا هودجها الأدراع و أوقفوها بحيث تسمع الغوغاء ، و اقتتل الناس حتى انهزم أصحاب الجمل و ذهب ، و أصيب طلحة بسهم في رجله فدخل البصرة و دمه يسيل إلى أن مات . و ذهب الزبير إلى وادي السباع لما ذكره علي ، فمر بعسكر الأحنف و اتبعه عمرو بن الجرموز و كان يسائله حتى إذا قام إلى الصلاة قتله و رجع بفرسه و سلاحه و خاتمه إلى الأحنف فقال و الله ما أدري أحسنت أم أسأت . فجاء ابن جرموز إلى علي و قال للحاجب : استأذن لقاتل الزبير فقال لحاجبه : ائذن له و بشره بالنار . و لما بلغت الهزيمة البصرة و رأوا الخيل أطافت بالجمل فرجعوا و شبت الحرب كما كانت . و قالت عائشة لكعب بن سور و ناولته مصحفاً : تقدم فادعهم إليه و استقبل القوم فقتله السبيئة رشقاً بالسهم ، و رموا عائشة في هودجها حتى جأرت بالاستغاثة ثم بالدعاء على قتله عثمان ، و ضج الناس بالدعاء فقال علي ما هذا قالوا عائشة تدعو على قتلة عثمان ! فقال : اللهم العن قتلة عثمان .ثم أرسلت عائشة إلى الميمنة و الميسة و حرضتهم ، و تقدم مضر الكوفة و مضر البصرة فاجتلدوا أمام الجمل حتى ضرسوا ، و قتل زيد بن صوحان من أهل الكوفة و أخوه سيحان و ارتث أخوهما صعصعة ، و تزاحف الناس و تأخرت يمن الكوفة و ربيعتها ثم عادوا فقتل
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:44 pm

على راياتهم عشرة . ثم أخذها يزيد بن قيس فثبت ، و قتل تحت راية ربيعة زيد و عبد الله بن رقية و أبو عبيدة بن راشد بن سلمة ، و اشتد الأمر و لزقت ميمنة الكوفة بقلبهم و ميسرة أهل البصرة بقلبهم ، و منعت ميمنة هؤلاء ميسرة هؤلاء و ميسرة هؤلاء ميمنة هؤلاء ، و تنادى شجعان مضر من الجانبين بالصبر و قصدوا الأطراف يقطعونها ، و أصيبت يد عبد الرحمن بن عتاب قبل قتله ، و قاتل عند الجمل الأزد ثم بنو ضبة و بنو عبد مناة ، و كثر القتل و القطع و صارت المجنبات إلى القلب و استحر القتل إلى الجمل حتى قتل على الخطام أربعون رجلاً أو سبعون كلهم من قريش ، فجرح عبد الله بن الزبير و قتل عبد الرحمن بن عتاب و جندب بن زهير العامري و عبد الله بن حكيم بن حزام و معه راية قريش قتله الأشتر و أعانه فيه عدي بن حاتم ، و قتل الأسود بن أبي البختري و هو آخذ بالخطام و بعده عمرو بن الأشرف الأزدي في ثلاثة عشر من أهل بيته و جرح مروان بن الحكم و عبد الله بن الزبير سبعاً و ثلاثين جراحة ما بين طعنة و رمية ، و نادى علي اعقروا الجمل يتفرقوا ، و ضربه رجل فسقط فما كان صوت أشد عجيجاً منه . و كانت راية الأزدمن أهل الكوفة مع مخنف بن سليم فقتل فأخذها الصقعب أخوه فقتل ثم أخوهما عبد الله كذلك ، فأخذها العلاء بن عروة فكان الفتح و هي بيده . و كانت راية عبد القيس من أهل الكوفة مع القاسم بن سليم فقتل و معه زيد و سيحان ابنا صوحان و أخذها عدة فقتلوا منهم عبد الله بن رقية ثم منقذ الله النعمان ، و دفعها إلى ابنه مرة فكان الفتح و هي بيده . و كانت راية بكر بن وائل في بني ذهل مع الحرث بن حسان فقتل في خمسة من بني أهله و رجال من بني محدوج و خمسة و ثلاثين من بني ذهل .



القسم الثاني من أمر الجمل

و قيل في عقر الجمل : إن القعقاع دعا الأشتر و قد جاء من القتال عند الجمل إلى العود فلم يجبه ، و حمل القعقاع و الخطام بيد زفر بن الحرث فأصيب شيوخ من بني عامر ، و قال القعقاع لبجير بن دلجة من بني ضبة و هو من أصحاب علي بن يا بجير صح بقومك يعقروا الجمل قبل أن يصابوا و تصاب أم المؤمنين ، فضرب ساق البعير فوقع على شقه ، و أمن القعقاع من يليه و اجتمع هو و زفر على قطع بطان البعير و حملا الهودج فوضعاه و هو كالقنفذ بالسهام ، و فر من وراءه ، و أمر علي فنودي لا تتبعوا مدبر و لا تجهزوا على جريح و لا تدخلوا الدور ، و أمر بحمل الهودج من بين القتلى ، و أمر محمد بن أبي بكر أن يضرب عليها قبة و أن ينظر هل بها جراحة فجاء يسألها . و قيل لما سقط الجمل أقبل محمد بن أبي بكر إليه و معه عمار فاحتملا الهودج إلى ناحية ليس قربه أحد و أتاها علي فقال : كيف أنت يا أمة ؟ قالت : بخير قال : يغفر الله لك . قالت : و لك . و جاء وجوه الناس إليها فيهم القعقاع بن عمرو فسلم عليها ، و قالت له : وددت إني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة . و جاء إلى علي فقال له مثل قولها و لما كان الليل أدخلها أخوها محمد بن أبي بكر الصديق البصرة ، فأقرها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي على صفية زوجه بنت الحرث بن أبي طلحة من بني عبد الدار أم طلحة الطلحات بن عبد الله ، و تسلل الجرحى من بين القتلى فدخلوا ليلا إلى البصرة و أذن علي في دفن القتلى فدفنوا بعد أن أطاف عليهم ، و رأى كعب بن سور و عبد الرحمن بن عتاب و طلحة بن عبيد الله و هو يقول : زعموا أنه لم إلينا إلا الغوغاء مع أن هؤلاء فيهم . ثم صلى على القتلى من الجانبين و أمر بالأطراف فدفنت في قبر عظيم ، و جمع ما كان في العسكر من كل شيء و بعث به إلى مسجد البصرة و قال من عرف شيئاً فليأخذه إلا سلاحاً عليه سمة السلطان . و أحصى القتلى من الجانبين فكانوا عشرة ألاف منهم من ضبة ألف رجل .

و لما فرغ علي من الوقعة جاءه الأحنف بن قيس في بني سعد فقال له : تربصت فقال ما أراني إلا قد أحسنت و بأمرك كان ما كان ، فارفق فإن طريقك بعيد و أنت إلي عند أحوج منك أمس فلا تقل لي مثل هذا فإني لم أزل لك ناصحاً . ثم دخل البصرة يوم الاثنين فبايعه أهلها على راياتهم حتى الجرحى و المستأمنة ، و أتاه عبد الرحمن بن أبي بكرة فبايعه و عرض له في عمه زياد بأنه متربص ، فقال و الله إنه لمريض و على مسرتك لحريص . فقال : انهض أمامي فمضى فلما دخل عليه علي اعتذر فقبل عذره و اعترض بالمرض قبل عذره ، و أراده على البصرة فامتنع و قال : و لها رجلا من أهلك تسكن إليه الناس و سأشير عليه ، و أشار بابن عباس فولاه ، و جعل زياداً على الخراج و بيت المال ، و أمر ابن عباس بموافقته فيما يراه . ثم راح علي إلى عائشة في دار ابن خلف و كان عبد الله بن خلف قتل في الوقعة فأساءت أمه و بعض النسوة عليه ، فأعرض عنهن و حرضه بعض أصحابه عليهن فقال : إن النساء ضعيفات و كنا نؤمر بالكف عنهن و هن مشركات فكيف بهن مسلمات . ثم بلغه أن بعض الغوغاء عرض لعائشة بالقول و الإساءة ، فأمر من أحضر له بعضهم و أوجعهم ضربا ، ثم جهزها علي إلى المدينة بما احتاجت إليه و بعثها مع أخيها محمد مع أربعين من نسوة البصرة اختارهن لمرافقتها ، و أذن للفل ممن خرج عنها أن يرجعوا معها ، ثم جاء يوم ارتحالها فودعها و استعتبت له و استعتب لها ، و مشى معها أميالا و شيعها بنوه مسافة يوم ، و ذلك غرة رجب ، فذهبت إلى مكة فقضت الحج و رجعت إلى المدينة . و رجع بنو أمية من الفل ناجين إلى الشام ، فعتبة بن أبي سفيان و عبد الرحمن و يحيى أخوا مروان خلصوا إلى عصمة بن أبير التميمي إلى أن أندملت جراحهم ، ثم بعثهم إلى الشام . و أما عبد الله بن عامر فخلص إلى بني حرقوص و مضى من هنالك ، و أما مروان بن الحكم فأجاره أيضاً مالك بن مسمع و بعثه و قيل كان مع عائشة فلما ذهبت إلى مكة فارقها إلى المدينة ، و أما ابن الزبير فاختفى بدار بعض الأزد و بعث إلى عائشة يعلمها بمكانه فأرسلت أخاها محمداً و جاء إليها به .

ثم قسم علي جميع ما في بيت المال على من شهد معه ، و كان يزيد على ستمائة ألف فأصاب كل رجل خمسمائة ، و قال : إن أظفركم الله بالشام فلكم مثلها إلى أعطياتكم . فخاض السبيئة في الطعن عليه بذلك و بتحريم أموالهم مع إراقة دمائهم ، و رحلوا عنه فأعجلوه عن المقام بالبصرة ، و ارتحل في آثارهم ليقطع عليهم أمراً إن أرادوه .

و قد قيل في سياق أمر الجمل غير هذا ، هو أن علياً لما أرسل محمد بن أبي بكر إلى أبي بموسى لستنفر له أهل الكوفة و امتنع ، سار هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى علي بالربذة فأخبره فأعاده إليه يقول له : إني لم أولك إلا لتكون من أعواني على الحق ، فامتنع أبو موسى و كتب إليه هاشم مع المحل بن خليفة الطائي ، فبعث علي ابنه الحسن و عمار الله ياسر يستنفران كما مر . و بعث قرظة بن كعب الأنصاري أميرا و بعث إليه : إني قد بعثت الحسن و عمارا يستنفران الناس و بعثت قرظة بن كعب واليا على الكوفة فاعتزل عملنا مذموماً مدحوراً و إن لم تفعل فقد أمرته أن ينابذك و إن ظفر بك أن يقطعك إرباً إرباً و إن الناس توافقوا للقتال ، و أمر علي من يتقدم بالمصحف يدعوهم إلى ما فيه و إن قطع و قتل و حمله بعض الناس و فعل ذلك فقتل .

و حملت ميمنتهم على ميسرتهم فاقتتلوا و لاذ الناس بجمل عائشة أكثرهم من ضبة و الأزد ثم انهزموا آخر النهار ، و استحر في الأزد القتل و حمل عمار على الزبير يحوزه بالرمح ثم استلان له و تركه ، و ألقى عبد الله بن الزبير نفسه مع الجرحى . و عقر الجمل و احتمل عائشة أخوها محمد فأنزلها و ضرب عليها قبة و وقف عليها علي يعاتبها ، فقالت له ملكت فأسجح نعم ما أبكيت قومك اليوم ، فسرحها في جماعة رجال و نساء المدينة و جهزها بما تحتاج إليه . هذا أمر الجمل ملخص من كتاب أبي جعفر الطبري اعتمدناه للوثوق به و لسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة و غيره من المؤرخين . و قتل يوم الجمل عبد الرحمن أخو طلحة من الصحابة و المحرز بن حارثة العبشمي و كان عمر ولاه على أهل مكة ، و مجاشع و مخالد ابنا مسعود مع عائشة . و عبد الله بن حكيم بن حزام و هند بن أبي هالة و هو ابن خويلد بن خديجة قتل مع علي و قيل بالبصرة و غيرهم . انتهى أمر الجمل .

و لما فرغ الناس من هذه الوقعة اجتمع صعاليك من العرب و عليهم جبلة بن عتاب الحنظلي و عمران بن الفضيل البرجمي ، و قصدوا سجستان و قد نكث أهلها ، و بعث علي إليهم عبد الرحمن بن جرو الطائي فقتلوه ، فكتب إلى عبد الله بن عباس أن يبعث إلى سجستان والياً ، فبعث ربعي بن كاس العنبري في أربعة آلاف و معه الحصين بن أبي الحر فقتل جبلة و انهزموا و ضبط ربعي البلاد و استقامت .



انتقاض محمد بن أبي حذيفة بمصر و مقتله

لما قتل أبو حذيفة بن عتبة يوم اليمامة ترك ابنه محمداً في كفالة عثمان و أحسن تربيته و سكر في بعض الأيام فجلده عثمان ـ ثم نتنسك و أقبل على العبادة و طلب الولاية من عثمان ، فقال : لست بأهل فاستأذنه على اللحاق بمصر لغزو البحر فأذن له و جهزه و لزمه الناس و عظموه لما رأوا من عبادته ، ثم غزا مع ابن أبي سرح غزوة الصواري كما مر ، فكان يتعرض له بالقدح فيه و في عثمان بتوليته و يجتمع في ذلك مع محمد بن أبي بكر ، و شكاهما ابن أبي سرح إلى عثمان فكتب إليه بالتجافي عنهما لوسيلة ذلك بعائشة و هذا لتربيته . و بعث إلى ابن أبي حذيفة ثلاثين ألف درهم و حمل من الكسوة فوضعهما ابن أبي حذيفة في المسجد ، و قال : يا معشر المسلمين كيف أخادع عن ديني و آخذ الرشوة عليه ، فأزاداد أهل مصر تعظيما له و طعناً على عثمان و بايعوه على رياستهم ، و كتب إليه عثمان يذكره بحقوقه عليه فلم يرده ذلك . و ما زال يحرض الناس عليه خرجوا لحصاره و أقام هو بمصر ، و خرج ابن أبي سرح إلى عثمان فاستولى هو على مصر و ضبطها إلى أن قتل عثمان و بويع علي و بايع عمرو بن العاص لمعاوية ، و سار إلى مصر قبل قدوم قيس بن سعد فمنعهما فخدعا محمد حتى خرج إلى العريش فتحصن بها في ألف رجل ، فحاصراه حتى نزل على حكمهم فقتلوه .

و في هذا الخبر بعض الهون لأن الصحيح أن عمرا ملك مصر بعد صفين ، و قيس ولاه علي لأول بيعته ، و قد قيل أن ابن أبي حذيفة لما حوصر عثمان بالمدينة أخرج هو ابن أبي سرح عن مصر و ضبطها ، و أقام ابن أبي سرح بفلسطين حتى جاء الخبر بقتل عثمان و بيعة علي و توليته قيس بن سعد على مصر ، فأقام بمعاوية . و قيل إن عمراً سار إلى مصر بعد صفين فبرز إليه ابن أبي حذيفة في العساكر و خادعه في الرجوع إلى بيعة علي ، و أن يجتمعا لذلك بالعريش في غير جيش من الجنود ، و رجع إلى معاوية عمرو فأخبره ، ثم جاء إلى ميعاده بالعريش و قد استعد بالجنود و أكمنهم و أكمنهم خلفه حتى إذا التقيا طلعوا على أثره فتبين ابن أبي حذيفة الغدر فتحصن بقصر العريش إلى أن نزل على حكم عمرو . و بعث به إلى معاوية فحبسه إلى أن فر من محبسه فقتل ، و قيل إنما بعثه عمرو إلى معاوية عند مقتل محمد بن أبي بكر و أنه أمنه ثم حمله إلى معاوية فحبسه بفلسطين .



ولاية قيس بن سعد علي مصركان علي قد بعث إلى مصر لأول بيعته قيس بن سعد أميراً في صفر من سنة ست و ثلاثين و أذن له في الإكثار من الجنود و أوصاه فقال له : لو كنت لا أدخلها إلا بجند آت بهم من
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3 Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى- - - 3

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يوليو 20, 2010 9:45 pm

المدينة لا أدخلها أبداً فأنا أدع لك الجند تبعثهم في وجوهك ، و خرج في سبعة من أصحابه حتى أتى مصر و قرأ عليهم كتابا يعلهم بمبايعته و طاعته و أنه أميرهم ، ثم خطب فقال بعد أن حمد الله : أيها الناس قد بايعنا خير من نعلم بعد نبينا فبايعوه على كتاب الله و سنة رسوله . فبايعه الناس و استقامت مصر ، و بعث عليها عماله إلا بعض القرى كان فيها قوم يدعون إلى الطلب بدم عثمان ، مثل يزيد بن الحرث و مسلمة بن مخلد ، فهادنهم و جبى الخراج و انقضى امر الجمل و هو بمصر و خشي معاوية أن يسير إليه علي في أهل العراق و قيس من ورائه في أهل مصر فكتب إليه يعظم قتل عثمان و يطوقه عليا و يحضه على البراءة من ذلك و متابعته على أمره على أن يوليه العراقين إذا ظفر و لا يعزله ، يولي من أراد من أهله الحجاز كذلك ، و يعطيه ما شاء من الأموال . فنظر في أهله بين موافقته أو معاجلته بالحرب فآثر الموافقة ، فكتب إليه : أما بعد فإني لم أقارف شيئاً مما ذكرته و ما اطلعت لصاحبي على شيء منه . و أما متابعتك فانظر فيها و ليس هذا مما يسرع إليه ، و أنا كاف عنك فلا يأتيك شيء من قبلي تكرهه حتى نرى و ترى . فكتب إليه معاوية : إني لم أرك تدنو فأعدك سلماً و لا تتباعد فأعدك حربا ، و ليس مثلي يصانع المخادع و ينخدع للمكايد و معه عدد الرجال و أعنة الخيل و السلام . فعلم قيس أن المدافعة لا تنفع معه فأظهر له ما في نفسه ، و كتب إليه بالرد القبيح و الشتم و التصريم بفضل علي و الوعيد ، فحينئذ أيس معاوية منه وكاده من قبل علي ، فأشاع في الناس أن قيسا شيعة له تأتينا كتبه و رسله و نصائحه و قد ترون ما فعل بإخوانكم القائمين بثأر عثمان و هو يجري عليهم من الأعطية و الأرزاق ، فأبلغ ذلك إلى علي محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر و عيونه بالشام فأعظم ذلك ، و فاوض فيه الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر ، فقال له عبد الله : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك و أعزله عن مصر . ثم جاء كتابه بالكف عن قتال المعتزلين فقال ابن جعفر : مره بقتالهم خشية أن تكون هذه ممالأة . فكتب إليه يأمره بذلك فلم ير قيس ذلك رأيا و قال : متى قاتلناهم ساعدوا عليك عدوك و هم الآن معتزلون و الرأي تركهم . فقال ابن جعفر : يا أمير المؤمنين ابعث محمد بن أبي بكر على مصر ، و كان أخاه لأمه ، و اعزل قيساً فبعثه . و قيل بعث قبله الأشتر النخعي ، و مات بالطريق ، فبعث محمد و لما قدم محمد على قيس خرج عنها مغضبا إلى المدينة و كان عليها مروان بن الحكم فأخافه ، فخرج هو و سهل بن حنيف إلى علي . و كتب معاوية إلى مروان يعاتبه لو أمددت عليا بمائة ألف مقاتل كان أيسر علي من قيس بن سعد .

و لما قدم قيس على علي و كشف له عن وجه الخبر قبل عذره و أطاعه في أمره كله ، و قدم محمد مصر فقرأ كتاب علي على الناس و خطبهم ، ثم بعث إلى أولئك القوم المعتزلين الذين كان قيس وادعهم . ادخلوا في طاعتنا أو اخرجوا عن بلادنا . فقالوا : دعنا حتى ننظر . و أخذوا حذرهم ، و لما انقضت صفين و صار الأمير إلى التحيكم بارزوه و بعث العساكر إلى يزيد بن الحرث الكناني بخربتا و عليهم الحرث بن جمهان فقتلوه ثم بعث آخر فقتلوه .



مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية

لما أحيط بعثمان خرج عمرو بن العاص إلى فلسطين و معه ابناه عبد الله و محمد ، فسكن بها هاربا مما توقعه من قتل عثمان إلى أن بلغه الخبر بقتله ، فارتحل يبكي و يقول كما تقول النساء ، حتى أتى دمشق فبلغه بيعة علي ، فاشتد عليه الأمر و أقام ينتظر ما يصنعه الناس ، ثم بلغه مسير عائشة و طلحة و الزبير فأمل فرجا من أمره ، ثم جاءه الخبر بوقعة الجمل فارتاب في أمره ، و سمع أن معاوية بالشام لا يبايع علياً و أنه يعظم قتل عثمان ، فاستشار ابنيه في المسير إليه ، فقال له ابنه عبد الله توفي النبي صلى الله عليه و سلم و الشيخان بعده و هم راضون عنك فأرى أن تكف يدك و تجلس في بيتك حتى يجتمع الناس . و قال له محمد : أنت ناب من أنياب العرب و كيف يجتمع هذا الأمر و ليس لك فيه صيت . فقال : يا عبد الله أمرتني بما هو خير لي في ديني ، و يا محمد أمرتني بما هو خير لي في دنياي و شر لي في آخرتي . ثم خرج و معه ابناه حتى قدم على معاوية فوجدوهم يطلبون دم عثمان ، فقال : أنتم على الحق اطلبوا بدم الخليفة المظلوم . فأعرض معاوية قليلاً ، ثم رجع إليه و شركه في سلطانه .



أمر صفين

لما رجع علي بعد وقعة الجمل إلى الكوفة مجمعاً على قصد الشام ، بعث إلى جرير بن عبد الله البجلي بهمدان و إلى الأشعث بن قيس بأذربيجان و هما من عمال عثمان بأن يأخذا له البيعة و يحضرا عنده ، فلما حضرا بعث جرير إلى معاوية يعلمه ببيعته و نكث طلحة و الزبير و حزبهما و يدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس ، فلما قدم عليه طاوله في الجواب و حمل أهل الشام ليرى جرير قيامهم في دم عثمان و اتهامهم علياً به ، و كان أهل الشام لما قدم عليه النعمان بشير بقميص عثمان ملوثاً بالدم كما قدمناه و بأصابع زوجته نائلة ، وضع معاوية القميص على المنبر و الأصابع من فوقه ، فمكث الناس يبكون مدة و أقسموا ألا يمسهم ماء إلا لجنابة و لا يناموا على فراش حتى يثأروا لعثمان و من حال دون ذلك قتلوه . فرجع جرير بذلك إلى علي و عذله الأشتر في بعث جرير و أنه طال مقامه حتى تمكن أهل الشام من رأيهم فغضب لذلك جرير و لحق بقرقيسيا و استقدمه معاوية فقدم عليه . و قيل أن شرحبيل بن السمط الكندي أشار على معاوية برد جرير لأجل منافسة كانت بينهما منذ أيام عمر ، و ذلك أن شرحبيل كان عمر بن الخطاب بعثه إلى سعد بالعراق ليكون معه فقربه سعد و قدمه و نافسه له أشعث بن قيس ، فأوصى جريرا عند وفادته على عمر أن ينال من شرحبيل عنده ، ففعل فبعث عمر شرحبيل إلى الشام فكان يحقد ذلك على جرير ، فلما جاء إلى معاوية أغراه شرحبيل به و حمله بدم عثمان .

ثم خرج علي و عسكر بالنخلة و استخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري و قدم عليه عبد الله بن عباس في أهل البصرة ، و تجهز معاوية و أغراه عمرو بقلة عسكر علي و اضطغان أهل البصرة ، له بمن قتل منهم ، و عبى معاوية أهل الشام و عقد لعمرو و لابنيه و غلامه وردان الألوية . و بعث علي في مقدمته زياد بن النضر الحارثي في ثمانية آلاف و شريح بن هانيء في أربعة آلاف ، و سار من النخيلة إلى المدائن و استنفر من كان بها من المقاتلة و بعث بن قيس في ثلاثة آلاف يسير من الموصل و يوافيه بالرقة ؟ و ولى علي المدائن سعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد ، و سار فلما وصل إلى الرقة نصب له جسر فعبر و جاء زياد و شريح من ورائه ، و كانا سمعا بمسير معاوية و خشيا أن يلقاهما معاوية و بينهما و بين علي البحر و رجعا إلى هيت و عبر الفرات ، و لحقا بعلي فقدمهما أمامه ، فلما أتيا إلى سور الروم لقيهما أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشام فطاولاه و بعثا إلى علي فسرح الأشتر و أمره أن يجعلهم على مجنبتيه ، و قال : لا تقاتلهم حتى آتيك . و كتب إلى شريح و زياد بطاعته فقدم عليهما و كف عن القتال سائر يومه حتى حمل عليهم أبو الأعور بالعشي فاقتتلوا ساعة و افترقوا عامة يومهم . و بعث الأشتر سنان بن مالك النخعي إلى أبي الأعور السلمي يدعوه إلى البراز فأبى و حجز بينهم الليل ، و وافاهم من الغد علي و عساكره ، فتقدم الأشتر و انتهى إلى معاوية و لحق به علي . و كان معاوية قد ملك شريعة الفرات فشكى الناس إلى علي العطش فبعث صعصعة بن صوحان إلى معاوية : بأنا سرنا و نحن عازمون على الكف عنكم حتى نعذر إليكم فسابقنا جندكم بالقتال و نحن رأينا الكف حتى ندعوك و نحتج عليك وقد منعتم الماء و الناس غير منتهين فابعث أصحابك يخلون عن الماء للورد حتى ننظر بيننا و بينكم و أن أردت القتال حتى يشرب الغالب فعلنا . فأشار عمرو بن العاص بتخلية الماء لهم ، و أشار ابن أبي سرح و الوليد بن عقبة بمنعهم الماء ، و عرضا بشتم فتشاتم معهم صعصعة و رجع ، و أوعز إلى أبي الأعور بمنعهم الماء و جاء الأشعث بن قيس إلى الماء فقاتلهم عليه ثم أمر معاوية أبا الأعور يزيد بن أبي أسد القسري جد خالد بن عبد الله ثم بعمرو بن العاص بعده ، و أمر علي الأشعث بشبث بن ربعي ثم بالأشتر و عليهم أصحاب علي و ملكوا الماء عليهم ، و أرادوا منعهم منه فنهاهم علي عن ذلك . و أقام يومين ثم بعث إلى معاوية أبا عمر و بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري و سعيد بن قيس الهمداني و شبث بن ربعي التميمي ، يدعونه إلى الطاعة و ذلك أول ذي الحجة سنة ست و ثلاثين ، فدخلوا عليه و تكلم بشير بن عمرو بعد حمدا لله و الثناء عليه و الموعظة
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45235
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى