alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:46 pm

إفساد الإعراب لنوادر المولدين
وأنا أقول: إنّ الإعرابَ يفسد نوادر المولَّدِين، كما أنّ اللحنَ يُفْسِد كلام الأعراب؛ لأنّ سامعَ ذلك الكلام إنَّما أعجبتْه تلك الصورة وذلك المخرَج، وتلك اللغة وتلك العادة؛ فإذا دَخَلْت على هذا الأمر - الذي إنما أضحك بِسُخْفِه وبعضِ كلام العجميَّة التي فيه - حروفَ الإعراب والتحقيق والتثقيل وحوَّلتَه إلى صورةِ ألفاظ الأعراب الفصحاء، وأهلِِ المروءَة والنجابة انقلب المعنى مع انقلاب نظْمِه، وتبدَّلَتْ صورته.
ثم قال أبو إسحاق: إِنْ أطعمَه اللصُّ بالنهار كسرةَ خُبْزٍ خلاّه، ودارَ حولَه ليلاً، فهو في هذا الوجه مرتشٍ وآكلُ سُحت؛ وهو مع ذلك أسمجُ الخلْقِ صوتاً، وأحمق الخلق يقَظَةً ونوماً، وينام النَّهارَ كله على نفس الجادَّة، وعلى مدقِّ الحوافر، وفي كل سوقٍ وملتقَى طريق، وعلى سبيل الحمُولة وقد سهر الليلَ كله بالصياح والصَّخَب، والنَّصَب والتَّعب، والغيظ والغضب، وبالمجيء والذَّهاب، فيركبه من حبِّ النوم على حسب حاجته إليه، فإن وطئتْه دابَّةٌ فأسوَأُ الخَلْقِ جزَعاً وأَلأمه لؤماً، وأكثره نُباحاً وعُواءً، فإن سلم ولم تَطَأهُ دابَّةٌ ولا وطئه إنسان، فليست تتمُّ له السلامة؛ لأنّه في حالِ متوقِّعٍ للبليَّةِ، ومتوقِّعُ البليَّةِ في بَليَّة، فإنْ لم يسلم فليس على ظهرها مبتلى أسوأُ حالاً منه؛ لأنّه أسوَؤُهم جزَعاً، وأقلُّهم صبراً، ولأنّه الجاني ذلك على نفسه، وقد كانت الطُّرق الخالية له معرضة، وأصول الحيطان مباحة.
وبعد فإنّ كلَّ خُلُقٍ فارقَ أخلاقَ النَّاس فإنّه مذموم، والناس ينامون بالليل الذي جعله اللّه تعالى سكَناً، وينتشرونَ بالنّهار الذي جعله اللّه تعالى لحاجات الناس مَسْرحاً.
قال صاحب الكلب: لو شئنا أن نقول: إنّ سهره بالليل ونومَه بالنهار خَصْلَةً ملوكيَّة لقلنا، ولو كان خلافُ ذلك ألذّ لكانت الملوك بذلك أولى، وأمَّا الذي أشرتمْ به من النوم في الطرق الخالية، وعبتُموه به من نومه على شارعاتِ الطُّرق والسِّكَكِ العامرة وفي الأسواق الجامعة، فكلُّ امرئٍ أعلم بِشَأْنِهِ، ولولا أنّ الكلبَ يعلمُ ما يَلقَى من الأحداث والسُّفهاءِ وصِبيان الكتَّاب، من رضِّ عظامِه بألواحهم إذا وجدوه نائِماً في طريق خالٍ ليس بحضرته رجالٌ يُهابون، ومشيخةٍ يرحمون ويزجرون السفهاءَ، وأنّ ذلك لا يعتريه في مجامع الأسواق - لقَلّ خلافه عليك، ولما رقد في الأسواق، وعلى أنّ هذا الخُلُق إنَّما يعتري كلاب الحُرَّاس، وهي التي في الأسواق مأواها ومنازلها.
وبعد فمن أخطأُ وأظلمُ ممَّن يكلِّف السباعَ أَخلاقَ الناس وعادات البهائِم وقد علمْنا أنّ سباعَ الأرض عن آخرها إنَّما تَهيج وتَسرح وتلتَمس المعيشةَ وتتلاقى على السفاد والعظال ليلاً؛ لأنها تبصر بالليل.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:47 pm

سبب اختيار الليل للنوم
وإنما نام الناسُ بالليل عن حوائِجِهم، لأنّ التمييز والتفصيل والتبيُّن لا يمكنهم إلاّ نهاراً، وليس للمتعَب المتحرِّك بدٌّ من سكون يكون جَماماً له، ولولا صرفُهم التماسَ الجَمام إلى الوقت الذي لو لم يناموا فيه والوقتُ مانع من التمييز والتبيُّن، لكانت الطبائعُ تنتقض، فجعلوا النَّوم بالليل لضربين: أحدهما لأنّ الليلَ إذ كان من طبعه البرد والرُّكود والخُثورة، كان ذلك أنزَعَ إلى النوم وما دعا إليه، لأنّه من شكله، وأمّا الوجه الآخر فلأنّ الليلَ موحِشٌ مخُوف الجوانب من الهوامِّ والسباع، ولأنّ الأشياء المبتاعةَ والحاجات إلى تمييز الدنانير، والدراهم، والحبوب، والبزور، والجواهر، وأخلاط العطر، والبَرْبَهار، وما لا يحصى عدده، فقادتهم طبائعُهم وساقتهم غرائزهم إلى وضعِ النوم في موضعه، والانتشار والتصرف في موضعه على ما قدَّر اللّه تعالى من ذلك وأحبَّه، وأمَّا السباع فإنها تتصرَّف وتبصر بالليل، ولها أيضاً عللٌ أخرى يطول ذكرُها.
نوم الملوك
وأمَّا ما ذكرتموه من نوم الملوك بالنَّهار وسهرهم بالليل، فإنّ الملوكَ لم تجهلْ فضلَ النوم بالليل والحركةِ بالنهار، ولكنَّ الملوك لكثرة أشغالها فضلَت حوائِجها عن مقدار النهار ولم يتّسع لها، فلما استعانَت بالليل ولم يكن لها بدٌّ من الخلوة بالتدبير المكتوم والسرِّ المخزون، وجمعت المقدارَ الفاضلَ عن اتِّسَاع النهار إلى المقدارِ الذي لا بدَّ للخلوة بالأسرار منه؛ أخذتْ من الليل صدراً صالحاً، فلمَّا طال ذلك عليها أعانها المِران، وخفَّ ذلك عليها بالدُّربة.
وناسٌ منهم ذهبوا إلى التناول من الشراب وإلى أن سَماع الصوت الحسن مما يزيد في المُنّة، ويكون مادَّةً للقوة، وعلموا أنّ العوامَّ إذا كانت لا تتناول الشّرابَ ولا تتكلّف السماع على هذا المعنى، أن ظنّها سيسوءُ، وقولَهَا سيكثُر؛ فرأوا أنّ الليل أسترُ وأجدرُ أن يتمَّ به التدبير، وقال الراجز:
اللَّيلُ أخفَى والنَهارُ أفْضَحُ
وقالوا في المثل: اللَّيل أخفَى للويل.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:48 pm

تلهي المحزون بالسماع
وما زالت ملوكُ العجَم تلهِّي المحزون بالسماع، وتعلِّل المريض، وتَشغله عن التفكير، حتَّى أخذت ذلك ملوكُ العرب عن ملوك العجم، ولذلك قال ابن عَسَلة الشيباني:
حتَّى نَنَامَ تَنَامَ تنَاوُمَ العُجْمِ وسماع مُدْجنةٍ تعلِّـلـنُـا
عَمَّ السِّماكِ وخالَةَ النَّجْـم فصحوت والنَّمَرِيُّ يحسَبُها
النجم: واحد وجمع، وإنَّما يعني في البيت الثريَّا، ومدجنة: يعني سحابةً دائِمة.
قول أم تأبط شراً في ولدها وفيما يحكى عن امرأةٍ من عقلاء نساءِ العرب - وإذا كان نساءُ العرب في الجملة أعقلَ من رجال العجَم، فما ظنُّكَ بالمرأةِ منهم إذا كانت مقدَّمة فيهم - فروَوا جميعاً أنَّ أمَّ تأبَّط شرّاً قالت: واللّه ما وَلَدْتُه يَتْناً، ولا سقَيته غَيْلاً ولا أبتُّه على مَأْقة.
فأمَّا اليتن فخروج رِجل المولود قبلَ رأسِه، وذلك علامة سُوءٍ، ودليلٌ على الفساد، وأَما سَقي الغَيْل، فارتضاع لبن الحبلى، وذلك فسادٌ شديد.
ما ينبغي للأم في سياسة رضيعها حين بكائه وأما قولها في المأقة، فإنَّ الصبيَّ يبكي بكاءً شديداً متعِباً موجِعاً، فإذا كانت الأمُّ جاهلةً حرّكته في المهد حركةً تورثه الدُّوار، أو نوّمته بأن تضرب يدَها على جنبه، ومتى نام الصبيُّ وتلك الفزْعةُ أو اللَّوعة أو المكروه قائمٌ في جوفه، ولم يعلَّلْ ببعضِ ما يلهيه ويُضحكه ويسرُّه، حتى يكون نومه على سرورٍ، فيسْرِي فيه ويعمَل في طباعه، ولا يكون نومه على فزعٍ أو غيظ أو غمٍّ؛ فإنَّ ذلك ممَّا يعمل في الفساد، والأمُّ الجاهلةُ والمرقِّصة الخرقاء، إذا لم تعرف فرقَ ما بين هاتين الحالتين، كثُر منها ذلك الفساد، وترادَفَ، وأعان الثاني الأوّلَ والثالثُ الثانيَ حتَّى يخرجَ الصبيُّ مائقاً، وفي المثل: صاحبي مَئِق وأنا تئقٌ، يضرب هذا المثل للمسافر الأحمق الرَّفيق والزَّميل، وقد استفرغه الضَّجر لطول السفر فقلبُه ملآن، فأوَّلُ شيءٍ يكون في ذلك المئق من المكروه لم يحتمله بل يَفيض ضجره عليه، لامتلائه من طول ما قاسى من مكروه السفر.
ما يحتاج إليه الملوك فاحتاج حُذَّاق الملوكِ وأصحابُ العنايات التامَّةِ، أن يداووا أنفسَهم بالسماع الحسن، ويشدُّوا من متْنِهم بالشراب، الذي إذا وقعَ في الجَوف حرَّك الدَّم، وإذا حرك الدَّم حرَّك طباعَ السرور، ثمَّ لا يزالُ زائداً في مِكيال الدم، زائداً في الحركة المولِّدة للسرور، هذه صفةُ الملوك، وعليه بنوا أمرَهم، جهل ذلك مَنْ جهله، وعَلمه من علمه.
وقال صاحب الكلب: أمَّا تركُه الاعتراضَ على اللِّصِّ الذي أطعمه أيَّاماً وأحسنَ إليه مِراراً، فإنَّما وجب عليه حفظُ أهلِه لإحسانهم إليه، وتعاهدهم له، فإذا كان عهده ببرِّ اللص أحدَث من عهده ببرِّ أهله، لم يكلَّف الكلبُ النظرَ في العواقب، وموازنة الأمور، والذي أَضمر اللصُّ من البَيات غَيْبٌ قد سُتِر عنه؛ وهو لا يَدري أجاء ليأخذَ أم جاء ليعطيَ، أو هم أمروه أو هو المتكلِّف لذلك؛ ولعلَّ أهله أيضاً أن يكونوا قد استحقُّوا ذلك منه بالضَّرب والإجاعة، وبالسبِّ والإهانة. وأمَّا سماجة الصَّوت فالبغل أسمجُ صوتاً منه، كذلك الطاووس على أنَّهم يتشاءَمون به، وليس الصَّوت الحسنُ إلاّ لأصناف الحمام من القَماريِّ والدَّبَاسيّ، وأصناف الشَّفانين والورَاشين، فأمّا الأسد والذئب؛ وابن آوى والخنزير، وجميعُ الطير والسباع والبهائِم فكذلك، وإنَّما لك أن تذمَّ الكلبَ في الشيء الذي لا يعمّ، والناس يقولون: ليس في الناس شيءٌ أقلَّ من ثلاثةِ أصناف: البيان الحسن، والصوت الحسنِ، والصورة الحسنة؛ ثمّ النَّاس بعدُ مختلِطون ممتزجون، وربّما كان مِنَ الناسِ بل كثيراً ما تجدُه وصوته أقبحُ من صوت الكلب، فلم تخصّون الكلبَ بشيءٍ عامَّةُ الخلق فيه أسوأ حالاً من الكلب? وأما عُواؤه مِن وَطْء الدَّابّة وسوءُ جزَعه من ضرب الصِّبيان، فجزعُ الفرَس من وقْع عذَبة السَّوط، أسوأ من جزَعه من وقع حافر بِرذون، وهو في هذا الموضع للفرس أشدُّ مناسبةً منه للحمار.
على أنَّ الدِّيكَ لا يُذكَر بصبرٍ ولا جزَع.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:49 pm

نوادر ديسيموس اليوناني
قال صاحب الديك: حدَّثني العُتْبي قال: كان في اليونانيِّين ممرور له نوادرُ عجيبة، وكان يسمَّى ديسيموس، قال: والحكماء يروون له أكثرَ من ثمانين نادرة ما منها إلاّ وهي غُرَّةٌ؛ وعينٌ من عُيون النوادر: فمنها أنَّه كان كلَّما خرجَ من بيته مع الفجر إلى شاطئ الفرات للغائط والطهور، ألقَى في أصل باب دارِه وفي دُوَّارته حجراً، كي لا ينصفق الباب، فيحتاج إلى معالجة فتحه، وإلى دفعه كلَّما رجَع من حاجته، فكان كلَّما رجع لم يجد الحجَر في موضعه، ووجد البابَ منصفقاً، فكَمن له في بعضِ الأيّام ليرى هذا الذي يصنع ما يصنع، فبينا هو في انتظاره إذ أقبَل رجلٌ حتَّى تناوَلَ الحجر، فلمَّا نحَّاه عن مكانه انصفق البابُ، فقال له: ما لَك ولهذا الحجر? وما لك تأخذه? فقال لم أعلمْ أنَّه لك، قال: فقد علمتَ أَنَّه ليس لك.
قال: وقال بعضهم: ما بال ديسيموس يعلِّم الناسَ الشِّعرَ ولا يقول الشعر? قال: ديسيموس كالمِسَنِّ الذي يشحَذ ولا يقطع.
ورآه رجلٌ يأكل في السُّوق فقال: أتأكل في السوق? فقال: إذا جاع ديسيموس في السُّوق أكلَ من السوق.
قال: وأسمعه رجلٌ كلاماً غليظاً وسطَا عليه، وفحش في القول، وتحلَّم عنه فلم يجبه، فقيل له: ما منعك من مكافأته وهو لك مُعرِض? قال: أرأيتَ لو رمحَك حِمارٌ أكنتَ ترمحُه? قال: لا، قال: فإن ينبح عليك كلب تنبح عليه? قال:لا، قال: فإنَّ السفيهَ إمّا أن يكون حماراً، وإما أن يكون كلباً؛ لأنَّه لا يخلو من شَرارَةٍ تكون فيه أو جهل، وما أكثر ما يجتمعان فيه.
أمثال أخرى في الكلب
وقال صاحب الديك: يقال للسفيه إنَّما هو كلب، وإنَّما أنتَ كلبٌ نَبَّاح، وما زال ينبَح علينا منذُ اليوم، وكلبُ مَن هذا? ويا كلب ابن الكلب، وأخسَأْ كلباً.
وقالوا في المثل: احتاج إلى الصُّوف مَنْ جَزَّ كلبَه، و أجِعْ كلبَك يتبَعْك، وأحبُّ شيء إلى الكلبِ خانقهُ، وسمِّن كلبَك يأكلك، وأجوَع من كَلْبة حَومَل، وكالكلب يربِض في الآرِيِّ فلا هو يأكل ولا يدَعَ الدابَّة تعتلف.
براقش وفي أمثالهم في الشؤم: على أهلها دلَّتْ بَراقِشُ.
وبَراقش: كلبة نبحتْ على جيشٍ مرُّوا في جوف الليل وهم لا يشعُرون بموضع الحيِّ، فاستدلُّوا عليهم بنُباح الكلبة فاستباحوهم.
الجنّ والحنّ وقال صاحب الدِّيك: روى ِإسماعيلُ المكِي عن أبي عَطاءٍ العُطارِدي قال: سمعت ابن عبَّاس يقول: السُّود من الكلاب الجِنّ، والبُقْع منها الحنّ، ويقال إنَّ الحنَّ ضَعفة الجنِّ، كما أنَّ الجنيَّ إذا كفر وظلَم وتعدَّى وأفسد، قيل شيطان؛ وإن قوي على البنيان والحمل الثقيل، وعلى استراق السمع قيل مارد، فإنْ زاد فهو عِفريت، فإن زاد فهو عبقريّ، كما أنّ الرجلَ إذا قاتل في الحرب وأقدم ولم يحجم فهو الشجاع، فإن زاد فهو البطل، فإِن زاد قالوا: بُهْمة، فإن زاد قالوا: أَلْيَس، فهذا قول أبي عبيدة.
وبعض النَّاس يزعم أنَّ الحِنّ والجنَّ صِنفان مختلفان، وذهبوا إلى قول الأعرابي حينَ أتى بعضَ الملوك ليكتتب في الزَّمْنَى، فقال في ذلك:
مِن ظاهر الدَّاءِ وداءٍ مُسَتَكِنّ إن تكتبوا الزَّمْنَى فإنِّي لَزَمِنْ
مختلفِ نجِارُهمْ حِنٌّ وجـنّ أبيتُ أهوِي في شياطينَ تُرِنّ
ما ورد من الحديث والخبر في- قتل الكلاب وعن أبي عنبسة عن أبي الزبير عن جابر: قال: أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى أن المرأة لتقدم بكلبها من البادية فنقتله، ثم نهانا عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النكتتين على عينيه؛ فإنه شيطان.
وعن أبي الزبير عن جابر قال: أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، فكنا نقتلها كلها حتى قال: إنها أمة من الأمم؛ فاقتلوا البهيم الأسود ذا النكتتين على عينيه؛ فإِنه شيطان، وعبد اللّه وأبو بكر ابنا نافع عن ابن عمر، ونافع عن أبي رافع قال: أمرَني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنْ أقتلَ الكلاب، فكُنَّا نقتُلُها؛ فانتهيت إلى ظاهر بني عامر، وإذا عجوزٌ مسكينة معها كلب وليس قربها إنسان فقالت: ارجعْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأخبره أنَّ هذا الكلبَ يُؤنِسني، وليس قربي أحد، فرجع إليه فأخبره، فأمر أن يقتلَ كلبها فقتله، وقال في حديث آخر: إنَّه لمَّا فرَغ من قتل كلاب المدينة وقتلِ كلْب المرأة قال: الآنَ استرحْت، قالوا: فقد صحَّ الخبرُ عن قتل جميع الكلاب، ثمَّ صحَّ الخبر بنسخ بعضه وقتل الأسود البهيم منها، مع الخبر بأنَّها من الجنّ والحنّ، وأنَّ أمَّتين مُسِختا، وهما الحيَّات والكلاب.
ثم روى الأشعث عن الحسن قال: ما خطَب عثمانُ خُطبةً إلاّ أمرَ بقتْل الكلاب وذبح الحمام، وعن الحسن قال: سمعت عثمانَ بن عفَّانَ يقول: اقتلوا الكلابَ واذبحوا الحمام.
قال: وقال عطاءٌ: في قتل كَلْب الصيد إذا كان صائداً أربعُون درهماً، وفي كلب الزرع شاة.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:52 pm

ما ورد من الحديث والخبر في دية الكلب
والحسن بن عمارة عن يعلى بن عطاءٍ عن إسماعيل بن حسان عن عبد اللّه بن عمر قال: قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في كلب الصَّيدِ بأربعين درهماً، وفي كلب الغنم بشاة، وفي كلب الزرع بفَرَق من طعام، وفي كلب الدار بفَرَق من تراب، حقَّ على القاتل أن يؤدِّيَه، وحُقَّ على صاحب الدار أن يقبِضه.
قالوا: والتراب لا يكون عقلاً إذا كان في مقدار الفَرَق.
وفي قوله: وحُقَّ على صاحب الدار أن يقبضه، دليلٌ على أنّه عقوبة على اتخاذه وأن ذلك على التصغير لأمر الكلب وتحقيره، وعلى وجه الإرغام لمالكه، ولو كان عوضاً أو ثواباً، أو كان في طريق الأموال المحروص عليها، لما أكْرِه على قبضه أحد، ولكان العفو أفضل.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:54 pm

ما ورد من الحديث والخبر في شأن الكلب
قال: وسئل عن الكلب يكون في الدار وفي الدار مَن هو له كاره.
ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي الحكم: أنّ ابنَ عمر سئل عن ذلك فقال: المأثَمُ على ربِّ الدَّار الذي يملكها.
وعن ابن عُمر قال: من اتَّخذ كلباً ليس بكلب زَرْع ولا ضَرْع ولا صَيد نَقَص من أجره كلَّ يوم قيراط، فقال رجل: فإن اتخذه رجلٌ وهو كاره? قال: إنَّما إثمه على صاحب الدار.
وصَدَقة بن طَيْسَلة المازنيّ قال: سألت الحسن قلت: إنَّ دورَنا في الجبّان وهي مُعْوِرة وليس عليها أبواب، أفترى أن نتَّخذ فيها كلاباً? قال: لا لا.
وعن ابن أبي أُنيسة عن سالم عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: من اقتَنَى كلباً إلاَّ كلب صيدٍ أو كلب ماشية، نقص من أجره كلَّ يوم قيراطان.
وعن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: من اقتنى كلباً فإنَّه ينقص من عمله كلَّ يوم قيراط.
ويونس عن أبيه عن إسحاق قال: حدثنا هُنَيدَةُ بن خالد الخزاعي قال: انطلقت مع نفرٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، نعودُ رجلاً من الأنصار، فلمَّا انتَهوا إلى باب الدار ثارت أكلُبٌ في وجوه القوم، فقال بعضهم لبعض: ما يُبقي هؤلاءِ من عمل فلانٍ شيئاً، كلُّ كلبٍ منها ينقُص قيراطاً في كلِّ يومٍ.
هشام بن حسان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتخذ كلباً ليسَ بكلبِ صيدٍ ولا زرْع ولا ضَرْع، فإنه ينقُص من أجره كلَّ يوم قيراطٌ، والقيراطُ مثلُ جبل أحُد.
يونس عن أبي إسحاق عن مجاهد قال: أقبل عبد اللّه بن عمرو بن العاص حتَّى نزل ناحية مكَّة، وكانت امرأةُ عمٍّ له تهاديه، فلما كانت ذاتَ يوم قالت له: لو أرسلتَ إليَّ الغنَم فاستأنستُ برعائها وكلابها فقد نزلتُ قاصية فقال: لولا كلابُها لفعلتُ؛ إنَّ الملائكةَ لا تدخلُ داراً فيها كلب. الثوريُّ عن سماك بن حرب، أنَّ ابنَ عباس قال على مِنبر البصرة: إنَّ الكلاب من الحِنّ وإنّ الحِنّ من ضَعفة الجن، فإذا غشيكم منها شيءٌ فألقُوا إليها شيئاً أو اطردوه، فإنَّ لها أَنفُسَ سوء، وهُشيم عن المغيرة عن إبراهيم قالوا: لم يكونوا ينهَوننا عن شيء من اللعب ونحنُ غلمان إلاَّ الكلاب.
قال صاحب الديك: روى إبراهيم بن أبي يحيى الأسلميّ، عن محمّد بن المنكدِر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: تقامر رجُلان على عهد عُمر بديكين، فأمر عمر بالديكة أن تُقْتَل فأتاه رجلٌ من الأنصار فقال: أمرتَ بقتل أمَّةٍ من الأمم تسبِّح اللّه تعالى? فأمر بتركها.
وعن قَتادة أنّ أبا موسى قال: لا تتَّخذوا الدَّجاج في الدُّور فتكونوا أهل قرية، وقد سمعتم ما قال اللّه تعالى في أهل القرى: "أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ".
وهذا عندي من أبي موسى ليس على ما يظنُّه الناس، لأنّ تأويله هذا ليس على وجه، ولكنَّه كرِه للفُرسان ورجالِ الحرب اتخاذَ ما يتّخذه الفلاَّح وأصحابُ التعيُّش، مع حاجته يومئذ إلى تفرُّغِهم لحروب العجم، وأخْذهم في تأهُّب الفُرسان وفي دُرْبة رجال الحرب، فإن كان ذهب إلى الذي يظهَرُ في اللفظ فهذا تأويلٌ مرغوب عنه.
وقال صاحب الكلب لصاحب الديك: فقد أمر عُمَر بقتل الدِّيَكة ولم يستثنِ منها شيئاً دون شيء، ونهى أبو موسى عن اتخاذ الدجاج ولم يستثن منها شيئاً دون شيء، والدِّيكةُ تدخل في هذا الاسم، واسم الدَّجاج يجمعها جميعاً، ورويتم في قتل الحمام مثلَ روايتكم في قتل الكلاب، ولم أركم رويتم أنّ الحمام مِسْخ، ولا أنَّ بعضَه من الجن وبعضه من الحِن، ولا أنَّ أمتين مسختا وكان أحدهما الحمام، وزعمتم أنَّ عمر إنَّما أمر بقتل الدِّيَكة حين كره الهِراش بها والقمار بها، فلعلَّ كلابَ المدينة في تلك الأيَّام كثُر فيها العَقُور وأكثر أهلُها من الهِراش بها والقمار فيها، وقد علمتم أنّ ولاة المدينة ربَّما دَمَروا على صاحب الحمام إذا خيف قِبَلَه القِمار وظنُّوا أنه الشَّرَف، وذكروا عنه الرَّمْيَ بالبُندق وخديعةَ أولادهم بالفراخ، فما بالكم لم تُخرِّجوا للكلابِ من التأويل والعذْر، مثلَ الذي خرَّجتم للحمام والديكة.
المسخ من الحيوان ورويتم في الجرَّيِّ والضِّباب أنهما كانتا أمَّتين مُسختا، وروى بعضهم في الإرْبيانة أنَّها كانت خيّاطة تسرِق السُّلوك، وأنَّها مُسِخت وترك عليها بعضُ خيوطها لتكون علامةً لها ودليلاً على جِنْس سرقتها، ورويتم في الفأرة أنَّها كانت طحّانة، وفي سُهيل أنّه كان عشّاراً باليمن وفي الحيَّة أنّها كانت في صورة جَمَل، وأنَّ اللّه تعالى عاقبها حتى لاطَها بالأرض، وقسم عقابَها على عشرة أقسام، حين احتملت دخولَ إِبليس في جوفها حتَّى وَسوَس إلى آدم مِنْ فِيها، وقلتم في الوَزَغة وفي الحكأة ما قلتم، وزعمتم أنّ الإبل خُلِقَت من أعنان الشياطين، وتأوّلتم في ذلك أقبحَ التأويل، وزعمتم أنَّ الكلابَ أمّةٌ من الجنّ مُسخت، والذئبُ أحقُّ بأن يكون شيطاناً من الكلب، لأنَّه وحشيٌّ وصاحبُ قِفار، وبه يُضرَب المثل في التعدِّي، والكلب ألوفٌ وصاحبُ ديار، وبه يُضرَبُ المثل، والذئب خَتُور غدّار، والكلب وفيٌّ مناصح، وقد أقام الناسُ في الدّىار الكلابَ مُقامَ السَّنانير للفأر، والذئب مضرَّةٌ كلُّه، والكلبُ منافعُه فاضلةٌ على مضارِّه، بل هي غالبة عليها وغامرةٌ لها، وهذه صفة جميعِ هذه الأشياء النافعة.
والناس لم يُطبِقوا على اتِّخاذها عبَثاً ولا جهْلاً، والقضاة والفقهاءُ والعُبَّاد والوُلاة والنُّسَّاك، الذين يأمرون بالمعروف وينهَون عن المنكر، والمحتَسِبة وأصحاب التكلُّف والتسليم جميعاً، لم يطبقوا على ترك النَّكِير على ما يشاهدونه منها في دورِ مَنْ لا يعصيهم ولا يمتنِع عليهمْ إلاّ وقد عَلِموا أنَّه قدْ كان لقتلِ الكلابِ بأعيانها في ذلك الدَّهر، معنى، وإلاَّ فالنَّاسُ في جميع أقطارِ الأرض لا يُجمِعون على مسالمةِ أصحاب المعاصي، الذين قد خلعوا عُذُرَهم وأبرزوا صَفحتَهم، بل ما ترى خصماً يطعن على شاهدٍ عندَ قاض بأنَّ في داره كلباً، ولا تَرَى حَكَما يردُّ بذلك شهادة، بل لو كان اتِّخاذُ الكلاب مأموراً به، لَما كان إلاّ كذلك. ولو أنَّكم حملتم حكم جميع الهَداهد على حكم هدهد سليمان، وجميعَ الغربان على حكم غُراب نوح، وجميعَ الحمام على حكم حمامة السفينة، وجميعَ الذئاب على حكم ذئب أُهبان بن أوس، وجميعَ الحميرِ على حكم حمار عُزَير - لكان ذلك حكماً مردوداً.
أمور حدثت في دهر الأنبياء وقد نعرِض لخصائص الأمور أسبابٌ في دهر الأنبياءِ ونزول الوحي، لا يعرض مثلُها في غير زمانهم: قد كان جبريل عليه السلام يمشي في الأرض على صورة دِحيةَ الكَلبيّ،
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:55 pm

وكان إبليس يتراءى في السِّكك في صورة سُرَاقة المُدْلجِي، وظهر في صورة الشيخ النَّجْدي، ومثل هذا كثير.
ما يسمى شيطاناً وليس به فإنْ زعمتم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نظَرَ إلى رجلٍ يتبع حماماً طيَّاراً فقال: "شيطانٌ يتبع شَيطاناً"، فخبِّرونا عمن يتخذ الحمام من بين جميع سكان الآفاق ونازلةِ البُلدان من الحرميِّين والبصريِّين ومن بني هاشم إلى من دونَهم، أتزعمون أنَّهم شياطينُ على الحقيقة، وأنَّهم من نجل الشياطين؛ أو تزعمون أنَّهم كانوا إنساً فمُسِخوا بعدُ جِنّاً؛ أم يكون قوله لذلك الرجل شيطان، على مثل قوله "شَيَاطِينَ الجِنِّ وَالإنْس" وعلى قول عمر: لأنَزِعنَّ شيطانَه من نُعرتِه، وعلى قول منظور بن رواحة:
شياطينُ رأْسِي وانتَشَيْنَ من الخَمْرِ فلما أتاني ما تقولُ تَـرَقَّـصَـتْ
وقد قال مَرَّةً أبو الوجيه العُكْلي: وكان ذلك حين ركبني شيطاني قيل له: وأيَّ الشياطينِ تعني? قال: الغضب.
والعرب تسمِّي كلَّ حيّةٍ شيطاناً، وأنشد الأصمعي:
تعمُّج شَيطانٍ بذي خِرْوَعٍ قَفْرِ تُلاعب مثنى حَضْرَميٍّ كأنَّـهُ
وقالت العرب: ما هو إلاّ شيطان الحَمَاطة، ويقولون: ما هو إلاّ شيطان يريدون القبح؛ وما هو إلاّ شيطان، يريدون الفِطنة وشدَّة العارضة.
وروي عن بعض الأعراب في وقعة كانت: واللّه ما قتلْنا إلاَّ شَيطَانَ بَرِصاً، لأنَّ الرجل الذي قاتلهم كان اسمه شيطان، وكان به برص.
وفي بني سعد بنو شيطان، قال طفيلٌ الغنوي:
وشيطان إذ يدعوهم ويُثَوِّب
وقال ابن مَيّادة:
تغنَّت شياطيني وجُنَّ جُنونُها فلما أتاني ما تَقُول محاربٌ
وقال الراجز:
وكانَ في العين نُبوٌّ عنِّي إنِّي وإن كنتُ حديثَ السِّنِّ
فإنَّ شيطاني كبيرُ الجِنَّ
وقال أبو النَّجم:
شَيطانُه أُنثى وشَيطانِي ذَكَرْ إنِّي وكلَّ شاعرٍ من البَشَـرْ
وهذا كلُّه منهم على وجه المثل، وعلى قول منظور بن رَواحَة:
مسبُّ عُويفِ اللؤم حيَّ بني بَـدْرِ أتاني وأهلي بالدِّماخ فـغَـمْـرَةٍ
شياطينُ رأسي وانتشَيْنَ من الخَمْر فلما أتاني ما يقولُ تـرقَّـصـتْ
خرافة العذرى وقد رويتم عن عبد اللّه بن فايد بإسنادٍ له يرفعه قال: خرافة رجل من بَني عذرة استهوته الشياطين، فتحدَّث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوماً بحديث فقالت امرأةٌ من نسائِه: هذا من حديثِ خُرافة قال: لا وَخُرَافَة حقّ.
حديث عمر مع الذي استهوته الجن ورويتم أنَّ شريك بن خُباسة دخَلَ الجنَّةَ وخرجَ منها ومعه ورقةٌ من وَرَقِها، وأنَّ عمر سأل الرجل المفقود الذي استهوته الجنُّ فقال: ما كان طعامهم? قال: الفول والرِّمَّة، وسأل عن شرابهم فقال: الجدَف، وقال الأعشى:
لأعلمُ من أمسَى أعقَّ وأحْوَبـا وإني ومَا كلّفتموني وربِّـكـم
وما ذنبه أنْ عَافت الماءَ مَشْرَبا لكالثَّورِ والجِنيّ يضرِب ظَهْرهُ
من خنقته الجن، ثم عود إلى الحوار وزعَمتم أنَّ الجنَّ خنقت حرْبَ بن أمية، وخنقت مِرداسَ بن أبي عامر، وخنقت الغَريض المغنِّي، وأنَّها قتلت سعد بن عبادة، واستهوت عمرو بن عدي واستهوت عمارة بن الوليد، فأنتم أمْلياءُ بالخرافات أقوياءُ على ردِّ الصحيح وتصحيح السقيم، وردِّ تأويل الحديث المشهورِ إلى أهوائكم، وقد عارضْناكم وقابلناكم وقارضْناكم. وقالوا: في الحديث أنّ من اقتنى كلباً ليسَ بكلْب زرْعٍ ولا ضرْع ولا قَنص فقد أَثِم، فهاتوا شيئاً من جميع الحيوان يصلح للزرْع والضَّرْع والقنص، وبعد فهل اتخذوا كلبَ الضَّرْع إلاّ ليحرسَ الماشيةَ وأولادَها من السباع? وهل عند الكلبِ عند طروق الأسد والنمر والذئاب وجميع ما يقتات اللُّحمانَ من رؤساء السباع، إلاَّ صياحَه ونباحَه وإنذاره ودلالته، وأنْ يشغلَها بعضَ الشَّغْل، ويهجهج بها بعض الهجهجة، إلى أن يلحق بها من يحميها، ويتوافى إليها من يذود عنها، إذ ليس في هذا القياس أنّا متى وجدنا دهراً تكثُر فيه اللصوص ويفشو فيه السُّرَّاق، وتظهر فيه النُّقوب، ويشيع فيه التسلُّق، ممَّن إذا أفضى إلى منزلِ القوم لم يرضَ إلا بالحريبة ليس دونها شيء، أو يأتي على الأنفس، وهو لا يصل إلى ما يريدُ حتى يمرَّ على النساء مكشَّفات، ومَن عسى إذا أخذ المرأةَ أخذَ يدٍ ألاَّ يرضى أن يتوعَّد بذبح الأولاد وأن يُتَّقى بالمال، حتَّى يذبح، ومن عسى إن تمكّن شيئاً أو أمنَ قليلاً، أن يركب الحُرَم بالسَّوءَة العظمى وبالتي لا شَوَى لها،
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:56 pm

فهذا الحال أحقُّ بالحِراسة من تلك الأحوال.
وبعد فلِمَ صار نساءُ الحرمَين يتزاوَرْن ليلاً، ونساء المصرَين يتزاورن نهاراً، ونساء الحرمين لا يرين نهاراً، ونساء المصرَين لا يُريْنَ ليلاً؛ إلاَّ للمكابرات ولمكانِ كثرةِ من يستقفي ويتحوّب للنقب والتسلُّق، وإذا كان الأمر كذلك فأيُّ الأمورِ أحقُّ بالتحصين والحياطة، وأيُّهما أشبه بالتغرير والإضاعة: اتخاذ الكلاب التي لا تنام عند نوم من قد دأب نهاره، أو ترك اتخاذها? ويقَظة السُّرَّاق على قدر المسروقين.
وعلى أنّا لو حُلنا بين حَرس الأسواق وما تشتمل عليه من حرائب الناس، وبين اتِّخاذ الكلاب، لامتنعوا من ضَمان الحراسة، ولامتنع كلُّ محروس من إعطائهم تلك الأجرة، ولوجَد اللصوصُ ذلك من أعظم الغُنْم وأجود الفُرص، أو ما تعلمون أنَّ هذا الحريم، وهذه الحرمات وهذه العقائل من الأموال، أحقُّ بالمنْع والحِراسة والدَّفع عنها بكلِّ حيلة، منْ حفظ الغنم وحريمِ الراعي وحُرمة الأجيرِ? وبعد فإنَّ الذئابَ لا تجتمع على قطيعٍ واحد، والذي يُخاف من الذئب السَّلَّة والخطفة، والاستلابُ والاختلاس، والأموالُ التي في حوانيت التجار وفي منازل أهلِ اليسار يأتيها من العدد والعُدّة، ومن نُجب أصحاب النجدة، من يحتملها بحذافيرها، مع ثقل وزنها وعظم حجمها، ثمَّ يجالدون دون ذلك بسيوف الهند وبالأذرع الطوال، وهم من بين جميع الخليقة لَولاَ أنّهم قد أحسُّوا من أنفسهم الجراءَة وثباتَ العزيمة، بما ليس من غيرهم، لكانوا كغيرهم، ولولا أنَّ قلوبَهم أشدُّ من قلوب الأسْد لما خَرَجوا، على أنّ جميع الخلق يطالبونهم، وعلى أنّ السلطانَ لم يُوَلَّ إلاّ لمكانهم، والكلابَ لم تُتَّخَذْ إلا لِلإنْذَارِ بهم، وعلى أنَّهم إذا أُخذوا ماتوا كراماً.
ولعلَّ المدينةَ قد كانت في ذلك الدهر مأموناً عليها من أهل الفساد وكان أكثرُ كلابها عَقوراً، وأكثرُ فِتيانها من بين مُهارشٍ أو مقامرٍ، والكلبُ العَقورُ والكلْب الكَلِبُ أشدُّ مضرَّةً من الذئب المأمورِ بقتله.
وقد يعرض للكلاب الكلَب والجنون لأُمور: منها أن تأكلَ لحوم الناس، ومنها كالجنون الذي يعرِض لسائر الحيوان.
قتل العامة للوزغ وجُهَّالُ النَّاسِ اليوم يقتلون الوَزَغ، على أنَّ آباءَها وأمهاتها كانت تنفُخ على نار إبراهيم، وتنقُل إليها الحطب، فأحسَب أنَّ آباءها وأمَّهاتِها قد كنَّ يعرفن فصْل ما بين النبيِّ والمتنبِّي، وأنَّهن اعتقدْن عداوة إبراهيم، على تقصيرٍ في أصل النظر، أو عن معاندةٍ بعد الاستبانة حتَّى فعلنَ ذلك - كيف جاز لنا أن تَزِر وازرةٌ وِزْرَ أخرى? إلاَّ أن تدَّعوا أنَّ هذه التي نقتلها هي تلك الجاحدةُ للنبوَّة، والكافرةُ بالربوبيّة، وأنَّها لا تتناكح ولا تتوالد.
وقد يستقيم في بعض الأمرِ أن تقتلَ أكثر هذه الأجناس، إمَّا من طريق المحنة والتعبُّد وإمّا إذ كان اللّه عزّ وجلّ قد قضى على جماعتها الموتَ، أن يجريَ ذلك المجرى على أيدي الناس، كما أجرى موت جميع الناس على يد ملك واحد، وهو ملك الموت. وبعد فلعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال هذا القول إن كان قاله، على الحكاية لأقاويل قوم، ولعلَّ ذلك كان على معنًى كان يومئذٍ معلوماً فتَرَك النَّاسُ العِلَّة ورووا الخبر سالماً من العِلل، مجرَّداً غير مضمّن.
ولعلَّ مَن سمع هذا الحديث شهِد آخرَ الكلام ولم يشهد أوَّلَه، ولعلَّه عليه الصلاة والسلام قصَد بهذا الكلام إلى ناسٍ من أصحابه قد كان دار بينهم وبينه فيه شيء، وكلُّ ذلك ممكنٌ سائغٌ غير مستنكَر ولا مدفوع.
وقد رويتم في الفواسق ما قد رويتم في الحيَّة والحدأة والعقرب والفأرة والغراب، ورويتم في الكلب العَقور، وكيف يُقتلْنَ في الحِل والحرَم، فإنْ كنتم فُقهاءَ فقد علمتم أنَّ تسميةَ الغراب بالفِسق، والفأرة بالفُويسِقة؛ أنّ ذلك ليس من شكل تسمية الفاسق، ولا من شكل تسمية إبليس، وقد قالوا: ما فجرها إِلاَّ فاجر، ولم يجعلوا الفاجر اسماً له لا يفارقه، وقد يقال للفاسق من الرجال: خبيث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أكَلَ من هذه الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا وهو على غير قوله عزّ وجلَّ "الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ"، وقد قال بعضُ الرُّجَّاز وذكر ذئباً:
إذْ أنَا بالغَائِطِ أَسْتَغِـيثُ أما أتاكَ عَنِّيَ الـحَـدِيثُ
وصِحْتُ بِالْغَائِطِ يا خَبِيثُ والذئبُ وَسْطَ غَنَمِي يَعِيثُ
وهذا الباب كثير، وليس هذا موضعه، وقد ذكرناه في كتاب الاسم والحكم.
وقد يشبه الاسمُ الاسمَ في صورةِ تقطيع الصوت، وفي الخطِّ في القرطاس، وإن اختلفت أماكنُه ودلائله، فإذا كان كذلك فإنَّما يعرف فضلُه بالمتكلِّمين به، وبالحالات والمقالات، وبالذين عُنُوا بالكلام، وهذه جملةٌ، وتفسيرها يطول.
القتل والقصاص وقالوا: قد أُمِرْنا بقتل الحيَّة والعقرب، والذئب والأسد، على معْنًى ينتظم معنَيْين: أحدهما الامتحان والتعبُّد بفكر القلب وعمل الجارحة، لا على وجه الانتقام والعقوبة، وأُمرنا بضرب الباغي بالسيف إذا كانت العَصَى لا تُغني فيه على جهة الدَّفْع وعلى جهة العقاب، ولم نُؤمَرْ بالقصد إلى قتله، وإنَّما الغاية في دفع بأسِه عنا، فإن أتى إلى ذلك المقدار عليه، كان كسارقٍ ماتَ من قطع يده، وقاذفٍ ماتَ عن جَلد ظهره، وقد أُمِرْنا بالقصد إلى قتل الحيَّات والعقارب وإن لم تعرض لنا في ذلك الوقت؛ لأنَّ جنسَها الجنسُ المتلف متَى همَّ بذلك، وليس لنا أن نضربَ الباغيَ بالسَّيف إلاَّ وهو مقبلٌ غيرُ مدبر، ولنا أن نقتل الحيَّة مقبِلةً ومدبرة، كما يُقتل الكافرُ مقبِلاً ومدبراً؛ إلاَّ أنَّ قتلَ الكافر يجمع الامتحان والعقوبة، وليس في قتل الحية إلاّ الامتحان، وقد كان يجوز أن تمتَحَن بحبسها والاحتيالِ لمنعها، دونَ قتلها، وإذا ولَّى الباغِي من غير أن يكون يريد الرجوع إلى فئة، فحكمه الأسر والحبس أبداً إلى أن يُؤْنَسَ منه النُّزوعُ، وسبيل الأحناشِ والسِّباع وذواتِ السموم من الهمَج والحشرات، القتلُ مقبلةً
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ - صفحة 2 Empty رد: ما ذكر صاحبُ الديك من ذمِّ الكلابِ - للجـــــــــــــــــــاحظ

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الجمعة سبتمبر 17, 2010 9:56 pm

ومدبرة، وقد أبيح لنا قتلُ ضروبٍ من الحيوان عندما يبلُغ من جناياتها علينا الخدش، فضلاً من الجرح والقتل، كالبعوض والنمل، والبراغيث والقمل.
والبعيرُ قتلهُ فسادٌ، فإن صال على الناس كان قتلُه صلاحاً، والإنْسان قتله حرام، فإن خيفَ منه كان قتلُه حلالاً.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45423
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى