alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حكم التعامل مع المال المحرم والمختلط

اذهب الى الأسفل

حكم التعامل مع المال المحرم والمختلط Empty حكم التعامل مع المال المحرم والمختلط

مُساهمة من طرف maryemelnazer الأربعاء ديسمبر 22, 2010 4:54 pm

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِنْ شُرُور أنفسِنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].



أما بعد:

فقد اعتنى الشرع بالمال كسبًا وإنفاقًا والتزامًا، فالمسلم مُقِرٌّ يوم القيامة عن ماله مِن أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ والمال هو: كلُّ عين مباحة النفع من غير حاجة، فليس المال هو الأوراق النقدية فقط، بل كلُّ ما ينتفع به من الأعيان المباحة، من سائر المآكل والمشارب والمركوبات والملبوسات والعقار، وغيرها، فهي أموال.



وقد عظَّم النبيُّ حرمة المال في مواطنَ كثيرةٍ، وانتهز فرصة اجتماع المسلمين من أماكن شتى - في يوم عرفة في حجة الوداع - فأكد ذلك في خطبته في يوم عرفة، فمما قال في خطبته: ((إن دماءَكُم وأموالَكُم حرامٌ عليكم، كحُرمة يومكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا))؛ رواه مسلم[1]، وأكد ذلك من الغد يومَ العيد.



فيجب أن يكونَ اكتسابُ المال مباحًا، وذلك بكسبه من طريق لم ينْهَ الشرع عنه، ويحرم أخْذُه من الطرُق المحَرَّمة؛ فعن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا، فإنه يُطَوَّقُه يومَ القيامةِ من سَبع أَرَضِينَ))؛ رواه البخاري، ومسلم[2].



ويشتد الأمر حينما يكون مع ظلم المسلم - بأخذ حقه - عدم تعظيم الخالق والحلف به كاذبًا، فعن أبي أمامة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من اقتطع حقَّ امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة))، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا، يا رسول الله، قال: ((وإن قضيبًا مِن أراك))؛ رواه مسلم[3].



فلنتب إلى الله جميعًا، ولنتخفَّف من حقوق الخلق في الدنيا، قبل المقاصّة يومَ القيامة.



وفي هذه الخطبة أذكُر ما تمس الحاجة إليه من أحكام التعامُل مع من أموالهم محَرَّمة أو مختلطة، والتخَلُّص منها.



فكل من علِم أن ما بيد غيره محرمٌ، لأنه سرقَهُ، أو غصبه، أو قبضه بعقد محرم، أو أنه ليس له إلا كسب محرَّم؛ كمُوظفٍ يعمل في المعامَلات المحَرَّمة في البنوك الربوية، وليس له مصدرُ رزق آخر، فيحرم التعامل معه به؛ ببيعٍ أو شراء أو قبولِ هديةٍ أو غيرِ ذلك، فما بيدِه من مالٍ محرمٍ ليس مالكًا له شرعًا، ومِنْ شُرُوط صحَّة البيع وسائر عقود المعاوضات والتبَرُّعات أن تكون من مالِك أو مَن يقوم مقامَه؛ فعن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فرأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على القبر يوصي الحافر: ((أَوْسِعْ من قِبَلِ رجليه، أَوْسِعْ من قِبَلِ رأسِه))، فلما رجع استقبله داعي امرأة، فجاء وجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوك لقمة في فمه، ثم قال: ((أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها))، فأرسلت المرأةُ، قالت: يا رسول الله، إني أرسلت إلى النقيع[4] يُشترى لي شاةٌ، فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي، قد اشترى شاة، أن أَرسلْ إليَّ بها بثمنها، فلم يوجد، فأرسلتُ إلى امرأته، فأرسلت إليَّ بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أطعميه الأسارى))؛ رواه أبو داود[5] بإسناد حسن.



فلمَّا كانت الشاة ملكًا للغير، وأُخِذت بغير إذْن صاحبها، فهي شاة محرمة لحرمة صاحبها، فامتنع النبي من أكلها هو ومن معه، وأمر بإطعامها الأسارى؛ لأنهم كفار، ولو رُميت لفسدت على مَن ذبحتها وعليها ضمانها.



وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان لأبي بكر غلام يُخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أُحْسِنُ الكهانةَ، إلاَّ أني خدعتُه، فلقيَني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلتَ منه، فأدخل أبو بكر يده، فقاء كلَّ شيء في بطنه؛ رواه البخاري[6].



أمَّا من كان ماله مختلطًا حلالاً وحرامًا، كمَن يُتاجر بالأشياءِ المباحة والأشياء المحرمةِ، وكمَن يعمل أجيرًا بعمل محرَّم، وله دخلٌ آخرُ حلالٌ، فتجوز معاملتُه بالبيع والشراء، وقبولُ هديَّته، والأكلُ من مطعمه ومشربه، فالأصل حِل المعامَلة.



فما يتمُّ التعاملُ معه به يحتمل أنه من كَسْبه الحلال، ويحتمل أنه من كسبه الحرامِ، ولا يثبُت التحريمُ بمجرَّد الاحتمالِ، فيتمسَّك بالأصل، وهو جواز التعامُلِ معه حتى يتبيَّن خلافه، هذا في باب الحل والحرمة، أمَّا باب الورع فهو باب آخر.



فعن النعمان بن بشير، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم –يقول: ((إن الحلالَ بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهُنَّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهاتِ استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حولَ الحِمَى يوشكُ أن يَرتعَ فيه، ألا وإن لكلِّ مَلِكٍ حمًى، ألا وإن حمى اللهِ محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلُحت صلُح الجسد كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه، ألا وهي القلبُ))؛ رواه البخاري ومسلم[7]، واللفظ له.



أما معاملة سائر المسلمين، سواءٌ ظهرت لنا عدالتهم، أو كانوا مستورين الحال، لا نعرف لهم عدالةً، فتجوز معاملتُهم بالبيع والشراء، وقبولُ هديَّتهم، وأكلُ طعامهم، فالأصل أن ما بيد المسلم له، فالسؤال عن مصدر ما بأيديهم تنطعٌ في الدين، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخل أحدكم على أخيه فأطعمه طعامًا، فليأكلْ منه ولا يسألْه عنه، وإن سقاه شرابًا، فليشربْ منه ولا يسألْه عنه))؛ رواه الحاكم[8]، وقال: حديث صحيح الإسناد، وله شاهد صحيح على شرط مسلم.



لكن إذا كانتْ هناك ريبةٌ في يد هذا المستور، الذي لا نعرفه، كمن يريد أن يبيعَ سلعة، وقد ظهر عليه أثرُ الخوف والعجلة، أو يريد أن يبيعها بسعر زهيد، أو يجهل طريقةَ عملِ هذه السلعةِ ومواصفاتها، ونحو ذلك من الأشياء التي تجعل الشخصَ يرتابُ في أن الشخص سارقٌ وليس مالكًا للسلعة، فهنا يتوقف ولا يُشترى منه، إلا إذا زالت الريبة، فعن الحسن بن علي، قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك))؛ رواه الترمذي[9]، وقال: حديث حسن صحيح.



maryemelnazer
maryemelnazer
عضو مميز
عضو مميز

رقم العضوية : 328
عدد المساهمات : 1055
المهارة : 11751
تاريخ التسجيل : 31/10/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى