هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
+3
maryemelnazer
سمسمة
هيثم جمال
7 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
تتسرب مياه البحر الى الآبار الجوفية في المدن الساحلية اللبنانية. وهذه الظاهرة هي الى حد بعيد نتيجة سنوات من سوء إدارة السلطات المحلية للمياه، وزادتها الأحداث الأهلية التي هدَّت البلاد طوال خمس عشرة سنة. لقد حدث تدهور كبير قد لا يمكن عكسه لنوعية المياه الجوفية في بيروت الكبرى. وهو يستمر اليوم بسبب الضخ المفرط من الآبار من قبل سكان ربما يفوق عددهم 1,5 مليون نسمة، ما يجعل «خط التماسّ» بين مياه البحر والمياه الجوفية يجنح أكثر باتجاه اليابسة.
هذه الظاهرة الديناميكية لتسرب مياه البحر جعلت المياه الجوفية في بيروت غير مناسبة للاستعمال المنزلي والزراعي وحتى الصناعي، بسبب ارتفاع الملوحة في كثير من الآبار الى آلاف المليغرامات في الليتر.
المؤشر الذي لا لبس فيه لاكتشاف تسرب مياه البحر الى المياه العذبة الجوفية هو الكلوريد، الذي كثيراً ما يقاس على أنه ملوحة. وأي ارتفاع في ملوحة المياه الجوفية، أو الكلوريد، هو دائماً سبب للقلق، ويتطلب إجراءات تصحيحية مكلفة تستغرق وقتاً طويلاً.
عندما تتسرب المياه المالحة الى الطبقات الجوفية الساحلية، تنشأ منطقة تمتزج فيها المياه العذبة بمياه البحر. والحدّ الفاصل بينهما لا يكون بالضرورة تماساً حاداً، وإنما «منطقة تحوُّل» تتحكم بعرضها جزئياً خصائص الطبقة المائية الجوفية.
وتعتبر تركيزات الكلوريد التي تتعدى 500 مليغرام في الليتر دليلاً على تلوث المياه العذبة بمياه البحر. وقد تبين بشكل مستمر أن تركيزات الكلوريد في كثير من آبار بيروت تفوق هذا الحد. ويفيد علماء أن تسرب مياه البحر بنسبة 5 في المئة يرفع ملوحة المياه الجوفية بالكلوريد الى أكثر من 1000 مليغرام في الليتر. وبما أن تركيزات الكلوريد في كثير من الآبار التي تم رصدها في بيروت الكبرى تزيد على هذا المستوى، فهي دليل على أن امتزاج مياه البحر ربما تجاوز كثيراً نسبة 5 في المئة في الطبقات الجوفية التي تتغذى منها هذه الآبار. وهذا يعني أن المياه الجوفية تخطت مستوى التلوث الذي لا يمكن عكسه والبالغ 2 في المئة، ما يجعلها غير مناسبة للاستعمال المنزلي. ويعتقد معظم الأكاديميين والمهندسين أن هناك أكثر من 10 آلاف بئر تسحب من طبقات المياه الجوفية الساحلية في بيروت، ما يفاقم ظاهرة تسرب مياه البحر.
وازدياد تركيزات الكلوريد، أو الملوحة، في المياه الجوفية قد يكون الدليل الأول على اقتراب «جبهة تلوث مياه البحر». وحيث لا يوجد مصدر آخر لتلوث ملحي، يمكن اعتبار تركيزات الكلوريد العالية في المياه الجوفية دليلاً قاطعاً على هذا التلوث.
تقتضي مقاييس مياه الشرب التي حددتها وكالة حماية البيئة الأميركية ألا تحتوي على أكثر من 250 مليغراماً في الليتر لكل من الكلوريد والكبريتات، و500 مليغرام في الليتر من مجمل المواد الصلبة الذائبة. لكن كثيراً من الآبار العامة والخاصة التي أُخذت عينات منها في منطقة بيروت الكبرى، خصوصاً في الضاحية الجنوبية، أظهرت أن الأملاح ومجمل المواد الصلبة الذائبة تتعدى 5000 مليغرام في الليتر.
تبعاً لذلك، وبما أن الإمدادات المائية في لبنان تذهب بالدرجة الأولى للاستعمال الزراعي (يقدر بأكثر من 65 في المئة)، فان الضحية الأولى لتسرب مياه البحر وبالتالي ارتفاع ملوحة مياه الآبار الجوفية هي المحاصيل التي تزرع على امتداد الخط الساحلي الذي يبلغ طوله 220 كيلومتراً.
والمياه الغنية بالكلوريد تؤدي أيضاً الى تآكل الأنابيب المعدنية وتقصير عمر التمديدات المنزلية، ما يجعلها ترشح. ووفق الجمعية الأميركية للاختبار والمواد، تفرض قيود مشددة جداً على المياه المستخدمة لخلط الإسمنت، بالنسبة الى تركيزات الكلوريد والكبريتات ومجمل المواد الصلبة الذائبة. وعدم التقيد بهذه المقاييس يعني مـضـاعـفات سلبية على الخرسانة، إذ يضعف قوتها ويقصر عمرها من خلال تآكل قضبان التسليح المثبتة فيها.
لقد أظهرت معاينة كثير من أبنية الشقق السكنية على طول الخط الساحلي لبيروت تآكل التمديدات المنزلية وقضبان تسليح الاسمنت خلال مدة قصيرة من إنشائها لا تتعدى ثلاث سنوات. ويعود السبب في معظم الحالات الى الضخ غير المنضبط من آبار خاصة ذات ملوحة عالية.
لكن وجود تركيزات عالية للكلوريد ليس في ذاته دليلاً قاطعاً على تسرب فعال لمياه البحر. فالدليل الأبلغ هو ازدياد تركيز الكلوريد مع الوقت في عينات المياه التي تؤخذ دورياً، لا في القياسات المنفردة أو المتعددة التي تؤخذ في وقت واحد. الى ذلك، يشكل ازدياد تركيزات الكبريتات في المياه الجوفية مؤشراً موثوقاً آخر لتسرب مياه البحر، ولارتفاعها أثر على البشر قد يسبب الإسهال، خصوصاً للأطفال، كما يجعل المياه «عسيرة» لا يرغي فيها الصابون.
ينحو لبنان حالياً الى مناخ شبه جاف، وتفرض فترات الشح ضرائب باهظة على الموارد المائية المحدودة. ومع الاتجاه المستمر لاستخراج المياه الجوفية بكميات تتعدى القدرات التعويضية المستدامة للطبقات المائية الساحلية، فان ظاهرة تسرب مياه البحر تدفع البلاد الى عاقبة أكيدة هي الاضطرار الى تحلية مياه البحر، مثل كثير من بلدان في المنطقة، ما سيؤدي حتماً الى رفع كلفة المياه العذبة.
أما في الوقت الحاضر، فان الطريقة الفضلى لمكافحة تسرب مياه البحر هي مراقبة عمليات السحب من الآبار الساحلية، وفرض رسوم تصاعدية عليها للـتـقـليل مـن الاسـتـهلاك المسرف، وفرض عقوبات على الضخ المفرط.
ولتحقيق ذلك، يجب إنشاء آبار مراقبة على طول الخط الساحلي، وليس في بيروت فقط، والبدء بأخذ عينات من هذه الآبار دورياً للتأكد من ملوحتها على الأقل. عندئذ فقط يمكن تحديد مقدار الضرر اللاحق بالطبقات المائية الساحلية، نتيجة سنوات من الضخ غير المنضبط وسوء إدارة المياه وارتفاع عدد السكان، فضلاً عن احترار عالمي داهم.
هذه الظاهرة الديناميكية لتسرب مياه البحر جعلت المياه الجوفية في بيروت غير مناسبة للاستعمال المنزلي والزراعي وحتى الصناعي، بسبب ارتفاع الملوحة في كثير من الآبار الى آلاف المليغرامات في الليتر.
المؤشر الذي لا لبس فيه لاكتشاف تسرب مياه البحر الى المياه العذبة الجوفية هو الكلوريد، الذي كثيراً ما يقاس على أنه ملوحة. وأي ارتفاع في ملوحة المياه الجوفية، أو الكلوريد، هو دائماً سبب للقلق، ويتطلب إجراءات تصحيحية مكلفة تستغرق وقتاً طويلاً.
عندما تتسرب المياه المالحة الى الطبقات الجوفية الساحلية، تنشأ منطقة تمتزج فيها المياه العذبة بمياه البحر. والحدّ الفاصل بينهما لا يكون بالضرورة تماساً حاداً، وإنما «منطقة تحوُّل» تتحكم بعرضها جزئياً خصائص الطبقة المائية الجوفية.
وازدياد تركيزات الكلوريد، أو الملوحة، في المياه الجوفية قد يكون الدليل الأول على اقتراب «جبهة تلوث مياه البحر». وحيث لا يوجد مصدر آخر لتلوث ملحي، يمكن اعتبار تركيزات الكلوريد العالية في المياه الجوفية دليلاً قاطعاً على هذا التلوث.
تقتضي مقاييس مياه الشرب التي حددتها وكالة حماية البيئة الأميركية ألا تحتوي على أكثر من 250 مليغراماً في الليتر لكل من الكلوريد والكبريتات، و500 مليغرام في الليتر من مجمل المواد الصلبة الذائبة. لكن كثيراً من الآبار العامة والخاصة التي أُخذت عينات منها في منطقة بيروت الكبرى، خصوصاً في الضاحية الجنوبية، أظهرت أن الأملاح ومجمل المواد الصلبة الذائبة تتعدى 5000 مليغرام في الليتر.
تبعاً لذلك، وبما أن الإمدادات المائية في لبنان تذهب بالدرجة الأولى للاستعمال الزراعي (يقدر بأكثر من 65 في المئة)، فان الضحية الأولى لتسرب مياه البحر وبالتالي ارتفاع ملوحة مياه الآبار الجوفية هي المحاصيل التي تزرع على امتداد الخط الساحلي الذي يبلغ طوله 220 كيلومتراً.
والمياه الغنية بالكلوريد تؤدي أيضاً الى تآكل الأنابيب المعدنية وتقصير عمر التمديدات المنزلية، ما يجعلها ترشح. ووفق الجمعية الأميركية للاختبار والمواد، تفرض قيود مشددة جداً على المياه المستخدمة لخلط الإسمنت، بالنسبة الى تركيزات الكلوريد والكبريتات ومجمل المواد الصلبة الذائبة. وعدم التقيد بهذه المقاييس يعني مـضـاعـفات سلبية على الخرسانة، إذ يضعف قوتها ويقصر عمرها من خلال تآكل قضبان التسليح المثبتة فيها.
لقد أظهرت معاينة كثير من أبنية الشقق السكنية على طول الخط الساحلي لبيروت تآكل التمديدات المنزلية وقضبان تسليح الاسمنت خلال مدة قصيرة من إنشائها لا تتعدى ثلاث سنوات. ويعود السبب في معظم الحالات الى الضخ غير المنضبط من آبار خاصة ذات ملوحة عالية.
لكن وجود تركيزات عالية للكلوريد ليس في ذاته دليلاً قاطعاً على تسرب فعال لمياه البحر. فالدليل الأبلغ هو ازدياد تركيز الكلوريد مع الوقت في عينات المياه التي تؤخذ دورياً، لا في القياسات المنفردة أو المتعددة التي تؤخذ في وقت واحد. الى ذلك، يشكل ازدياد تركيزات الكبريتات في المياه الجوفية مؤشراً موثوقاً آخر لتسرب مياه البحر، ولارتفاعها أثر على البشر قد يسبب الإسهال، خصوصاً للأطفال، كما يجعل المياه «عسيرة» لا يرغي فيها الصابون.
ينحو لبنان حالياً الى مناخ شبه جاف، وتفرض فترات الشح ضرائب باهظة على الموارد المائية المحدودة. ومع الاتجاه المستمر لاستخراج المياه الجوفية بكميات تتعدى القدرات التعويضية المستدامة للطبقات المائية الساحلية، فان ظاهرة تسرب مياه البحر تدفع البلاد الى عاقبة أكيدة هي الاضطرار الى تحلية مياه البحر، مثل كثير من بلدان في المنطقة، ما سيؤدي حتماً الى رفع كلفة المياه العذبة.
أما في الوقت الحاضر، فان الطريقة الفضلى لمكافحة تسرب مياه البحر هي مراقبة عمليات السحب من الآبار الساحلية، وفرض رسوم تصاعدية عليها للـتـقـليل مـن الاسـتـهلاك المسرف، وفرض عقوبات على الضخ المفرط.
ولتحقيق ذلك، يجب إنشاء آبار مراقبة على طول الخط الساحلي، وليس في بيروت فقط، والبدء بأخذ عينات من هذه الآبار دورياً للتأكد من ملوحتها على الأقل. عندئذ فقط يمكن تحديد مقدار الضرر اللاحق بالطبقات المائية الساحلية، نتيجة سنوات من الضخ غير المنضبط وسوء إدارة المياه وارتفاع عدد السكان، فضلاً عن احترار عالمي داهم.
هيثم جمال- عضو مميز
- رقم العضوية : 9
عدد المساهمات : 1627
المهارة : 11711
تاريخ التسجيل : 05/04/2010
الكفاءة : 3
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
موضوع رائع شكرا لك
سمسمة- عضو مميز
- رقم العضوية : 27
عدد المساهمات : 1546
المهارة : 13369
تاريخ التسجيل : 25/04/2010
الكفاءة : 0
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
دى كارثه فعلا والمفروض يكون لها حل
الحمد لله احنا فى نعمه نشكر الله عليها
وموضوعك بيناقش مشكله كبيره جدا
موضوع اكثر من رائع شكرا على مواضيعك المميزه
الحمد لله احنا فى نعمه نشكر الله عليها
وموضوعك بيناقش مشكله كبيره جدا
موضوع اكثر من رائع شكرا على مواضيعك المميزه
maryemelnazer- عضو مميز
- رقم العضوية : 328
عدد المساهمات : 1055
المهارة : 11751
تاريخ التسجيل : 31/10/2010
الكفاءة : 0
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
موضوع هام جدا شكرا لك
farouksi- مشرف عام المنتديات العلمية
- رقم العضوية : 214
عدد المساهمات : 678
المهارة : 9045
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
الموقع : saudi arabia . makkah
الكفاءة : 0
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
موضوع متميز خلينا نتكلم في الشغل أحسن ما نفضل نمسك لبعض على أخطاء وهميه
موضوع راااائع ، وجعلنا من الماء كل شئ حي
صدق الله العظيم
موضوع راااائع ، وجعلنا من الماء كل شئ حي
صدق الله العظيم
الموسيقار- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50694
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
شكرا جزيلا لك
yousseffayid- رئيس مجلس الادارة
- رقم العضوية : 291
عدد المساهمات : 1184
المهارة : 11423
تاريخ التسجيل : 13/09/2010
الكفاءة : 0
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
أنا أعتقد ان الموضوع ده اتنفذ في بلاد كتير قبل كده
الموسيقار- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50694
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
موضوع رائع
روضة- مشرفة الطبيعة و العلوم البيئية
- رقم العضوية : 357
عدد المساهمات : 1389
المهارة : 11927
تاريخ التسجيل : 31/12/2010
الكفاءة : 50
رد: هل يضطر لبنان الى تحلية مياه البحر؟
لا تحرمينا جديدك
الموسيقار- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50694
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100
مواضيع مماثلة
» طرق تحلية المياه المالحة
» محافظ أسوان ينفي انقطاع مياه الشرب بالمحافظة بعد غرق صندل محمل بالسولار في نهر النيل
» بطاقة سياحية.. 48 ساعة في لبنان
» هل ينفجر الوضع المتأزم فى لبنان؟
» -البحر المتقارب
» محافظ أسوان ينفي انقطاع مياه الشرب بالمحافظة بعد غرق صندل محمل بالسولار في نهر النيل
» بطاقة سياحية.. 48 ساعة في لبنان
» هل ينفجر الوضع المتأزم فى لبنان؟
» -البحر المتقارب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى