alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الفقه الاسلامى

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف farouksi الإثنين مارس 28, 2011 8:26 am

اعطى لنفسك فرصه لتتفقه فى دينك مش خساره نصف ساعه من وقتك لتعرف فيها الكثير



تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)

الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ
الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها
المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ
أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله
بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة
الناشر : دار الفكر - سوريَّة - دمشق
الطبعة : الطَّبعة الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها، وهي الطَّبعة الثَّانية عشرة لما تقدَّمها من طبعات مصوَّرة؛ لأنَّ الدَّار النَّاشرة دار الفكر بدمشق لاتعتبر التَّصوير وحده مسوّغاً لتعدّد الطّبعات مالم يكن هناك إضافات ملموسة.
عدد الأجزاء : 10
ـ الكتاب مقابل على المطبوع ومرقَّم آليّاً ترقيماً غير موافق للمطبوع.
ـ مذيَّل بالحواشي دون نقصان.
نال شرف فهرسته وإعداده للشَّاملة: أبو أكرم الحلبيّ من أعضاء ملتقى أهل الحديث
لا تنسونا من دعوة في ظهر الغيب ...
...................................الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ...................................
........................................الجزء الأول........................................
....................................هذه الطبعة الجديدة.....................................
الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على رسول الرحمة ومعلم الأمة محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الفقه الإسلامي العظيم الذي هو نسيج الإسلام المتين وشرع الله الحكيم، والذي به صاغ المسلمون حياتهم في ضوء النصوص الشرعية، فتوحدوا في العبادة والمعاملة والسلوك، هذا الفقه هو المنطلق الحضاري الرائع للأمة؛ لأنه يبني لها أصول عزتها، وقوام حياتها، ويضع لها مخطط عملها في المستقبل.
ولقد أسهم كتابي هذا ولله الحمد والمنة في أمرين أساسيين، بسبب دقته وتوثيقه وتميزه بالموضوعية والتجرد، وهما:
أولاً - إرشاد المسلمين والمسلمات إلى الأقوم، وتعليم الجيل أحكام دين الله وشرعه، في وقت اختلطت فيه العلوم، وقل فيه التخصص، ولم يعد الإفتاء في الحكم الشرعي دقيقاً، مما زاد في الجهل ومجانبة الصواب، بسبب قلة حلقات العلم ومدارسة الفقه على أيدي العلماء في المساجد والمدارس على وجه سليم أو كاف.
(1/1)
________________________________________
وثانياً - كان هذا الكتاب انتصاراً للمذاهب في وقت تعرضت فيه لهجمة شرسة من أناس منتمين في الظاهر للإسلام، وهم بعيدون عنه، أو من آخرين يدّعون الاجتهاد والتجديد، ويتذرعون بأخذ الأحكام الشرعية مباشرة من القرآن والسنة، وهم في الواقع يجهلون أبسط قواعد الاستنباط من الأدلة، بل ربما كانوا غرباء عن العلم وأصول الشريعة واللغة العربية. ولم يدروا أو تجاهلوا أن فقه المذاهب فقه متين جداً، وعميق جداً، وحضاري معاصر مع الأصالة، لايخرج عن الكتاب والسنة، فلكل حكم دليله الواضح إما من نص مباشر خاص، أو من مجموعة نصوص تشريعية، أو إدراك لما قامت عليه النصوص ذاتها من مراعاة المصالح العامة ودرء المضار والمفاسد عن الفرد والجماعة والأمة، ولا أكون مبالغاً إن قلت: لن تخلف الدنيا أمثال أئمة المذاهب في العلم والورع والتقوى والإخلاص لهذه الشريعة والحرص على استنباط الحكم الصائب ضمن مناهج الاجتهاد وأصوله السليمة.
وهذه الطبعة الجديدة هي الطبعة الرابعة المنقحة المعدلة بالنسبة لما سبقها، وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة، لأن الدار الناشرة دار الفكر بدمشق لاتعتبر التصوير وحده مسوغاً لتعدد الطبعات مالم يكن هناك إضافات ملموسة، وعلى كل حال فإن آلاف النسخ السابقة من خلال ماتم تصويره قد أغنى الثقافة الإسلامية، وكان لها انتشار واضح في جميع البلاد العربية والإسلامية، شرقها وغربها، وتميزت هذه الطبعة بما يلي:
- إحداث تغييرات جزئية، وتعديلات كثيرة، وإضافات لبحوث جديدة متعددة، مثل النية والباعث في العقود، ونظرية الفسخ، والتأمين وإعادة التأمين، والدولة الإسلامية، وإعادة صياغة بعض الأبواب الفقهية كالمزارعة والاستصناع مثلاً.
- إغناء الفهرسة وتطويرها بحسب أحدث مناهج الفهرسة والمكانز العربية والأجنبية.
- تخريج الآيات بالإضافة لتخريج الأحاديث النبوية الشريفة الذي كان مرعياً منذ صدور الطبعة الأولى.
(1/2)
________________________________________
- إضافة كثير من المسائل الجزئية والموضوعات المعاصرة، الملحقة بالأبواب الفقهية، ليصير الكتاب أكثر معاصرة ومواكبة للحاجة، وتلبية الرغبات المتنوعة لمعرفة حكم كل جديد أو طارئ.
- إلحاق قرارات مجمع الفقه الإسلامي الصادرة عنه في دوراته الثماني السابقة باستثناء الدورة الأولى التي لم يكن فيها توصيات أو قرارات أو فتاوى جماعية، وإضافة وثيقة شرعة حقوق الإنسان في الإسلام.
- أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل مني هذا العمل، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وفي ميزان حسناتي يوم الدين؛ لأن قصدي هو إغناء المعرفة بعلوم الشريعة وتصحيح الأقوال والأفعال وضبط أصول الالتزام.
................................بسم الله الرحمن الرحيم..................................
.....................................وبه نستعين........................................
........................................تقديم...........................................
- الحمد لله العليم الخبير، والصلاة والسلام على سيدنا محمد البشير النذير، وعلى آله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الحياة، ورضي الله تبارك وتعالى عن أئمة الاجتهاد من السلف الصالح صحباً وتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
- فإن تنظيم شؤون الحياة والعلاقات الاجتماعية بين الناس، لايتم على نحو صحيح في ميزان العدل الإلهي والمنطق البشري، من دون عقيدة سامية، وأخلاق رصينة، ومبادئ وأنظمة شاملة، تضع حداً للفرد في ذاته وفي سره وعلانيته، وللأسرة الخلية الأولى للمجتمع، وللمجتمع الكبير المنتظم تحت سلطان الدولة، ليعيش في أمن واستقرار، ويظل في تقدم إلى الأمام، وليحمي نفسه من الأمراض التي قد يتعرض لها، والتيارات التي تغزوه وتهز كيانه، إما بسبب الضعف والانحلال والفساد ، أو بسبب الفقر والجوع، أو بسبب التسلط والظلم والاستعباد، أو بسبب الترف والأهواء، أو بسبب طغيان المادة على كل شيء، كما في عصرنا الحاضر.
(1/3)
________________________________________
- ولا عاصم لهذا المجتمع من التردي، والانحدار أو الضياع، إلا بباعث إصلاحي قوي يهز أركان الانحراف، ويقض مضاجع الغافلين السادرين، ليعيد إلى النفس الشعور بالذات والثقة بها، وضرورة إثبات وجودها وحيويتها وفاعليتها، وليس مثل القرآن العظيم، وسيرة نبي الإسلام أصدق لهجة، وأقوم دعوة، وأخلص هدفاً في تصحيح مسيرة الناس، قال الله تعالى: { وبالحق أنزلناهُ وبالحق نَزَلَ، وماأرسلناك إلا مبشراً ونذيراً } [الإسراء:17/105] { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً } [الإسراء:17/9] .
- ولايمكن البقاء لأي دعوة تعتمد على الاعتقاد الداخلي أو العاطفة فقط، بل لابد دائماً من الالتزام العملي ببعض الواجبات، ليكون ذلك دليلاً صادقاً على صحة الاعتقاد؛ لأن الإيمان الصحيح: هو ما وقر في القلب وصدقه العمل.
- وقد كان الفقه الإسلامي الذي مايزال موضع اعتزاز وفخار وتقدير بين أنواع الفقه العالمي خير صورة عملية للمسلمين، لبَّى مطالب الناس في حكم أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم، وتنظيم شؤون حياتهم، وفيه تبلورت بحق أحكام القرآن والسنة النبوية، وبه تحقق المقصد الأسمى والغاية الكبرى لهذا الدين الحنيف؛ لأن ماجاء به الإسلام من مبادئ في العقيدة الصحيحة والعبادة السليمة والمعاملة المستقيمة، إنما يهدف في الحقيقة إلى تحقيق أغراض تهذيبية، تؤدي إلى تصحيح المعاملات والسلوك الاجتماعي، وكان الفقه الأكبر: وهو معرفة النفس مالها وماعليها، والفقه بالمعنى الضيق وهو الأحكام الشرعية العملية: هو الترجمة الصادقة الدقيقة لشريعة الإسلام، ومنهاج القرآن في الحياة.
(1/4)
________________________________________
- ولكن مما لاشك فيه أن الفقه الإسلامي بحاجة ماسة إلى كتابة حديثة فيه، تبسط ألفاظه، وتنظم موضوعاته، وتبين مراميه، وتربط اجتهاداته بالمصادر الأصلية له، وتيسر للباحث طريق الرجوع إليه، للاستفادة منه في مجال التقنين،وتزوده بمعادن الثروة الخصبة الضخمة التي أبدعتها عقول المجتهدين، من غير تقيد باتجاه مذهبي معين؛ لأن فقه مذهب ما لا يمثل فقه الشريعة كله، وقد بدئ ولله الحمد على هذا النحو بمحاولات كتابة موسوعة فقهية في سورية ومصر والكويت، ولما يكتمل شيء منها إلى الآن؛ لأن للعمل الجماعي عيوبه أحياناً، من بطء الإنجاز، وتوزع العلماء، وكثرة المشكلات.
- وكون أحد آراء الفقهاء من دون تعيين هو الحق والصواب ـ باعتبار أن الحق واحد لا يتعدد ـ لايمنع الأخذ بأي رأي فقهي؛ لتعذر معرفة الأصوب بسبب انقطاع الوحي والنبوة، إلا أن يتضح لنا رجحان الرأي بدليله الأقوى. وإذا لم يتبين الأمر أمامنا، فلنأخذ في مجال وضع القوانين المستمدة من الفقه بالرأي الذي يحقق مصلحة الناس، وحاجة التعامل، ويتلاءم مع التطورات الزمنية، والأعراف الصحيحة التي لا تصادم الشريعة، وتنسجم في أفقها العام وهدفها البعيد، مع مبادئ الإسلام وروح التشريع، ومقاصد الشرائع الكلية، وبه نحقق غاية الشريعة ومصالح الناس معا ً، فلا يتعثر تطبيق الشريعة، ولا يصطدم بأصولها العامة، أو بأحكامها الثابتة المقررة في نصوصها، فإن الأخذ بالنصوص لايكون بتعطيلها، بل بتخصيصها وتأويلها والاجتهاد في فهمها، فكثيراً ماخصص الفقهاء النص الشرعي بالتعامل، وقرروا بناء الأحكام على العرف.
(1/5)
________________________________________
- وكل هذا يتم على وفق نظرة إسلامية شاملة متكاملة، لا بمجرد ترقيع الواقع المخالف في أسسه بمظاهر إسلامية، وترك الجوهر والمضمون الحقيقي، ولا بمجرد تطعيم القوانين والأنظمة بنموذج إسلامي مبتور الجذور والأصول عن بقية أحكام شرع الله تعالى، كالبدء بتطبيق العقوبات الشرعية ( الحدود مثلاً ) في مجتمع ما غريب عن الإسلام في التربية والتعليم، والاجتماع والاقتصاد، والمنهج والحياة، والتنظيم المستورد المفروض قسراً على الأمة.
- وبما أنني ما زلت مؤمناً بأن المستقبل للإسلام وفقهه وتشريعاته، وإن عطل بعض الناس الانتفاع بنظامه، بالقوانين الوضعية المستوردة، فإني حريص على بيان أحكام هذا الفقه؛ لأن ذلك التعطيل ردة موقوتة ليس لها دعائم بقاء أو استقرار أو احترام في أذهان المسلمين، بدليل ظهور صحوة مباركة في بداية هذا القرن الخامس عشر الهجري، وبروز اتجاه قوي نحو العودة بالفعل لتطبيق الشريعة الإسلامية في شتى المجالات، وقد بدأت فعلاً لجان علمية متخصصة تنفذ قرارات وزراء العدل العرب بوضع قانون موحد مستمد من الشريعة الإسلامية في النطاقين المدني والجنائي بالإضافة إلى مشروع قانون موحد في الأحوال الشخصية وقد أنجز أغلب هذه المشروعات.
- منهج هذا الكتاب :





عدل سابقا من قبل farouksi في الإثنين مارس 28, 2011 8:48 am عدل 1 مرات
farouksi
farouksi
مشرف عام المنتديات العلمية
مشرف عام المنتديات العلمية

رقم العضوية : 214
عدد المساهمات : 678
المهارة : 9045
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
الموقع : saudi arabia . makkah
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف farouksi الإثنين مارس 28, 2011 8:27 am

- يمكن إبراز بعض مزايا هذا الكتاب في الفقه على النحو الجديد في التأليف تحقيقاً واستنباطاً وأسلوباً وتبويباً وتنظيماً وفهرسة واستدلالاً بما يأتي:
(1/6)
________________________________________
- 1ً - إنه كتاب فقه الشريعة الإسلامية المعتمد على الدليل الصحيح من القرآن والسنة والمعقول، لا فقه السنة وحدها، ولا فقه الرأي وحده، إذ ليس عمل المجتهد معتبراً بغير الاعتماد على القرآن والسنة. ومعرفة أحكام الشرع الفقهية التي هي مجرد أمر وصفي وبيان مسلَّمات، لاتكوِّن قناعة عقلية ولا متعة نفسية، ولا طمأنينة للعالم والمتعلم إذا جاءت من غير دليل، كما أن العلم بدليل الحكم يخرج من ربقة الجمود على التقليد المذموم في القرآن إلى الاتباع المقرون بالبصيرة الذي اشترطه الأئمة فيمن يتلقى العلم عنهم، ثم إن أدلة الأحكام هي روح الفقه، ودراستها رياضة للعقل، وتربية له، وتكوين للملكة الفقهية لدى كل متفقه.
- وبكلمة موجزة: يمتاز هذا الكتاب الشامل فقه المذاهب باعتماده ــ وهو اعتماد المذاهب الإسلامية نفسها ــ على استنباط أحكامه من مختلف مصادر التشريع الإسلامي النقلية والعقلية ( الكتاب والسنة والاجتهاد بالرأي المعتمد على روح التشريع الأصلية العامة ) فمن قصر الفقه الإسلامي على القرآن وحده فقد بتر أو مسخ الإسلام من جذوره، وكان أقرب لأعداء الدين، ومن حصر الفقه بالسنة وحدها فقد قصَّر وأساء، وعاش قاصر الطرف عن شؤون الحياة، وبعد عن التفاعل أو التجاوب مع متطلبات الناس، وتحقيق مصالحهم، ومن المعروف أنه حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله ودينه، وأن زعماء مدرسة الحديث ( مالك والشافعي وأحمد ) أخذوا بالمصالح المرسلة والعرف والعادة وسد الذرائع وغيرها من أدلة الاجتهاد بالرأي، كما أن زعماء مدرسة الرأي كالنخعي وربيعة الرأي وأبي حنيفة وأصحابه لم يهملوا بتاتاً سنة أو أثراً أو اجتهاداً عن السلف.
(1/7)
________________________________________
- 2ً - وهو ليس كتاباً مذهبياً محدوداً، وإنما هو فقه مقارن بين المذاهب الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) وبعض المذاهب الأخرى أحياناً، بالاعتماد الدقيق في تحقيق كل مذهب على مؤلفاته الموثوقة لديه، والإحالة على المصادر المعتمدة عند أتباعه؛ لأن نقل حكم في مذهب من كتب المذاهب الأخرى لايخلو من الوقوع في غلط في بيان الرأي الراجح المقرر، وقد عثرت على أمثلة كثيرة من هذا النوع، آثرت عدم الإشارة إليها، حرصاً على الموضوعية والإيجابية فيما يقرر، وبعداً عن تفسيرات فجة، وعصبيات مذهبية ضيقة، وتنزهاً عن المغالاة في تقديس كل جزئيات الكتب الفقهية. وقد لقي هذا النوع من الدراسة والبيان لفقه المذاهب الأربعة إقبالاً شديداً وحرصاً تاماً على المطالعة والاستفادة، وهو يتفق مع الاتجاه العالمي للدراسة المقارنة، ويسهم في البعد عن العصبية المذهبية أو يزيلها من النفس. ومع ذلك فإني أحاول دائماً التنويه بالرأي الموحد بين فقهاء المذاهب، لا في مجرد العناوين لأحكام فقهية، بل في الشروط والتفصيلات أيضاً.
- 3ً - فيه الحرص على بيان صحة الحديث، وتخريج وتحقيق الأحاديث التي استدل بها الفقهاء، حتى يتبين القارئ طريق السلامة، فيأخذ الرأي الذي صح دليله، ويترك من دون أسف كل رأي متكئ على حديث ضعيف. وإذا لم أذكر ضعف الحديث فلأنه مقبول صحيح، عملاً بالأصل العام في الحديث.
- 4ً - إنه كتاب يستوعب مختلف الأحكام الفقهية للمسائل الأصلية، وموازنة القضايا الفقهية في كل مذهب مع المذاهب الأخرى، حتى يتحقق التقابل بين الآراء، ويجد الباحث ضالته المنشودة لمعرفة الحكم المطلوب في المذهب الذي يطمئن إليه، ومقابلة الجزئيات المذهبية مع المذاهب الأخرى والموازنة بين الآراء. وبالرغم من كونه أمراً عسيراً، فإنه يحقق هدف القارئ، ويروي ظمأه.
(1/Cool
________________________________________
- 5ً - فيه تركيز على الجوانب العملية أو الواقعية، وبعد عن المسائل الفرضية البعيدة الحصول، وإهمال لكل مايتعلق بالرق والعبيد، لعدم الحاجة إليه بعد إنهاء هذه المشكلة وإلغاء الرق من العالم، إلا على سبيل الإلمام التاريخي واستكمال تصور المسائل الفقهية أحياناً.
- 6ً - قد أذكر ترجيحاً بين الآراء بحسب مايبدو لي، وبخاصة في مقابلة الحديث الضعيف، أو لما أرى في مذهب ما من تحقيق مصلحة أو دفع مفسدة ومضرة.
- وإذا لم أصرح بالترجيح، فالأولى العمل برأي الأكثرين أو الجمهور؛ لأن الكثرة يحصل بها الترجيح، فيقدم رأي الجمهور إلا إذا لم يكن ملائماً لظروف الحياة الشرعية المعاصرة في المعاملات أو لم يترجح لدى مجتهد ما.
- ويجوز تقليد كل مذهب إسلامي معتمد عند الأغلبية، وإن أدى إلى التلفيق (1) ، عند الضرورة أو الحاجة أو العجز والعذر؛ لأن الصحيح جوازه عند المالكية وجماعة من الحنفية، كما يجوز الأخذ بأيسر المذاهب أو تتبع الرخص (2) عند الحاجة أو المصلحة لاعبثاً وتلهياً وهوى؛ لأن دين الله يسر لا عسر، فيكون القول بجواز التلفيق من باب التيسير على الناس، قال الله تعالى: {يريد الله بكم اليسر، ولايريد بكم العسر} [البقرة:2/185]، {وما جعل عليكم في الدين من
- -------------------------------
- (1) التلفيق: هو الإتيان بكيفية لايقول بها كل مجتهد على حدة.
- (2) تتبع الرخص: أن يأخذ الشخص من كل مذهب ماهو أهون له وأيسر فيما يطرأ عليه من المسائل. حرج} [الحج:22/78]، { يريد الله أن يخفف عنكم، وخلق الإنسان ضعيفاً} [النساء:4/28].
(1/9)
________________________________________
- ولايجوز تتبع الرخص عبثاً أو لهوى ذاتي، بأن يأخذ الإنسان من كل مذهب ماهو الأخف عليه، من غير ضرورة ولا عذر، سداً لذرائع الفساد بالانحلال من التكاليف الشرعية، ولايجوز التلفيق الذي يؤدي إلى نقض حكم الحاكم؛ لأن حكمه يرفع الخلاف درءاً للفوضى، ولا التلفيق الذي يؤدي إلى الرجوع عما عمل به المرء تقليداً، أو إلى مصادمة أمر مجمع عليه، أو الوقوع في محظور شرعي، كالتزوج بامرأة بلا ولي ولاصداق ولا شهود، مقلداً كل مذهب فيما لايقول به الآخر ، أو تحليل المبتوتة بتزويجها من غلام صغير.
- 7ً - سهولة الأسلوب، وتبسيط الكلام، وبيان الأمثال، والتبويب والمنهج الأقرب لفهم أهل العصر ومألوفهم، وتحقيق الرأي الراجح في كل مذهب، ووضع الضوابط الكلية، ليسهل التعرف على الأحكام من غير استطراد ولابعثرة للمسائل، فيصبح الفقه قريب المنال بأسلوبه وتنظيمه وتبويبه، بعد أن كان أحياناً عصي الفهم، غريب الأسلوب، بعيد الإدراك، حتى بالنسبة للمتخصص الذي يلقى صعوبة في التعرف على حكم فقهي معين في ثنايا المسائل الكثيرة المتشابكة، وقد يحتاج لجهد كبير ووقت طويل للاطلاع على باب فقهي برمَّته، أو اللجوء إلى أكثر من كتاب في الموضوع ذاته. وحينئذ لايبقى عذر لأحد في محاولة التهرب من تطبيق أحكام الفقه الإسلامي، بعد أن أزيل غموضه، ورفعت حواجز الوهم والتعقيد والصعوبة في فهمه من بطون الكتب القديمة الغاصة بثروة وكنوز لامثيل لها في التاريخ.
- 8ً - حاولت بحث بعض القضايا الجديدة وبخاصة في هذه الطبعة التاسعة، ليتعايش الناس معها، مستلهماً قواعد الشريعة ومبادئها ومقررات الفقهاء، ويظل الباب مفتوحاً أمام المزيد من البحوث والاجتهادات الجزئية؛ لأن فضل الله لاينقطع، ومواهبه وعطاياه لاتنحصر في زمن دون آخر، ولا على أشخاص دون غيرهم.
(1/10)
________________________________________
- ويظل رائدي إلى الأبد قوله تعالى: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء} [فاطر:35/28]، وقوله سبحانه: {وقل: رب زدني علماً} [طه:20/114]، وقوله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري ومسلم: «من يرد الله به خيراً، يفقهه في الدين» وما يرويه البخاري: «رب مبلَّغ أوعى من سامع» .
- ومع أن هذا العمل يحتاج إلى جهد كبير وصبر وأناة، وتعاون فئة من العلماء، فقد صممت على الكتابة مستعيناً بالله تعالى، لتقريب الفقه إلى الناس، سواء العالم والمتعلم، من غير تعصب لرأي مذهبي معين؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها، ولأن المساهمة في تقدم العلم بحسب مايرى العالم من الحاجة أمر واجب على العلماء، لأن «العلم يزكو بالإنفاق» كما قال سيدنا علي رضي الله عنه،خصوصاً مايتطلب البحث والتتبع والاستقصاء، والتحقيق وبيان الراجح دليلاً ومذهباً، راجياً من الله تعالى أن يحقق به النفع، وأن يكون سبيلاً للأجر وادخار الثواب عند الله تعالى بعد الموت وانتهاء الأجل، قال النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن أبي هريرة: «إذا مات الإنسان انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (1) وقال ابن عمر رضي الله عنه: «مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة» وجزى الله والدي رحمه الله الذي حبب إلي هذا العلم، وجزى الله أيضاً أساتذتي في الأزهر وسورية على أفضالهم علي خير الجزاء.
- فإن أصبت الهدف المرجّى، فهو من فضل الله تعالى، ولا أدعي العصمة والكمال والإحاطة بكل شيء في الفقه، فذلك من صفات الله وحده، وأعترف سلفاً بعجزي وقصوري، قال الله سبحانه: {وماأوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء:17/85]، وإنما هو عمل لايعدو أن يكون محاولة في البيان والترتيب وتقريب الفقه للناس، والموازنة بين أحكامه في المذاهب الأربعة ونحوها، والله ولي التوفيق.
--------------------------------
(1) لكن رمز له السيوطي بالضعف ويظهر أنه تصحيف مطبعي؛ لأن الحديث صحيح.
(1/11)
________________________________________
- {رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلني من ورثة جنة النعيم} [الشعراء:26/83-84-85].
- الباعث المباشر على تأليف هذا الكتاب:
- كان المسلم في الصدر الأول وِحْدة متكاملة، يجمع بين شؤون الدين والدنيا والآخرة، في انسجام والتزام دقيق متوازن، سواء في شخصه وأسرته أم في سلوكه وعمله في الحياة، وسواء أكان حاكماً قائداً، أم رعية من آحاد المسلمين العاديين، فكان إذا دعا داعي الجهاد مثلاً هبَّ كالأسد الهصور للدفاع المستميت عن دين الله تعالى وعزة الإسلام وحرمات المسلمين، وإن طرأت قضية تهم الجماعة أو المجتمع في السياسة والحكم أو في القضايا الاجتماعية أو في مجال الإفتاء، بادر إلى تقديم كل مايمكنه من عمل مثمر أو فكر متفتح منتج مستلهماً العون الإلهي، مبتغياً تحقيق مرضاة الله تعالى.
- واليوم تشعبت اتجاهات المسلمين ومسالكهم، فلم يعد التوجه للإسلام في قمة عناية المسلم وعمله، وأصبح العمل البنَّاء من أجل الصالح العام أمراً قليل الأهمية أو عسير التحقيق، وانصرف غالب الناس من ملايين المسلمين الموزعين في زهاء إحدى وخمسين دولة الآن إلى أعمالهم الخاصة، تشغلهم ثروتهم أو تجارتهم أو عملهم الحر أو تثقيفهم أنفسهم بثقافات نظرية أو عملية معاصرة طغت على الثقافة الإسلامية الأصيلة.
(1/12)
________________________________________
- وأصبح من الصعب العثور على فهم إيجابي للمسلم لحياة العصر، بسبب ازدواج الثقافة العلمية المادية والشرعية، أو بسبب العمل بالتقنينات الوضعية المستوردة والنظريات الاقتصادية الحديثة. لكن يظل في أعماق الساحة الإسلامية قلَّة من الرجال أو الشباب الذين فهموا ما يتطلبه الإسلام، وحياة المسلم المعاصر، من احتياجات مع زحمة أعباء الحياة، لمعرفة شؤون الحلال والحرام في المعاملات أو أحكام التكاليف الشرعية، فقدروا مايضر وماينفع، وبعدوا عن العيش بالعاطفة وحدها.
- ولقد كان لأصحاب دار الفكر في دمشق، فضل الاقتراح علي بتأليف كتاب فقهي جامع لكل نواحي الفقه الإسلامي، ينسجم مع أسلوب ،وحاجات المسلم في الوقت الراهن الذي لم يعد يقبل بديلاً عن التسلح بالقناعة الفكرية، والاطمئنان الذاتي لصحة الحكم الشرعي المؤيد بالدليل، فبادرت إلى تلبية الدعوة وتنفيذ الاقتراح بجهد متواصل وعمل مضن، حتى وفقني الله تعالى لإنجاز المطلوب، بعد أن
farouksi
farouksi
مشرف عام المنتديات العلمية
مشرف عام المنتديات العلمية

رقم العضوية : 214
عدد المساهمات : 678
المهارة : 9045
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
الموقع : saudi arabia . makkah
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف farouksi الإثنين مارس 28, 2011 8:28 am

لمست فائدة هذا المنهج في الإقبال على دراسة واقتناء وتدريس ثلاثة أجزاء من هذا الكتاب عن المعاملات والعقود بعنوان ( الفقه الإسلامي في أسلوبه الجديد ) في أكثر من ست جامعات عربية.
- فللإخوة أصحاب دار الفكر كل التقدير والشكر الجزيل، ولهم من الله تعالى المثوبة وحسن الجزاء على نشر هذا الكتاب وطبعه وتمويله وإخراجه في أجمل مظهر من الطباعة الأنيقة الحديثة، وجزاهم الله خير الجزاء. مقدمات ضرورية عن الفقه
- لابد قبل البدء في بحث الأحكام الشرعية من بيان معلومات تتناول ما يأتي:
- معنى الفقه وخصائصه، لمحة موجزة عن فقهاء المذاهب، مراتب الفقهاء وكتب الفقه، اصطلاحات الفقه والمؤلفين في المذاهب، أسباب اختلاف الفقهاء، الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب وخطة البحث.
(1/13)
________________________________________
- المطلب الأول ـ معنى الفقه وخصائصه:
- الفقه لغة: الفهم (1) ، ومنه قوله تعالى: {قالوا: ياشعيب، ما نفقه كثيراً مما تقول} [هود:11/91]، وقوله سبحانه: {فما لهؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثاً} [النساء:4/78] .
- وفي الاصطلاح الشرعي: عرفه أبو حنيفة رحمه الله تعالى بأنه «معرفة النفس مالها وما عليها» (2) والمعرفة: ( هي إدراك الجزئيات عن دليل ). والمراد بها هنا سببها: وهو الملكة الحاصلة من تتبع القواعد مرة بعد أخرى.
- وهذا تعريف عام يشمل أحكام الاعتقاديات، كوجوب الإيمان ونحوه، والوجدانيات أي الأخلاق والتصوف، والعمليات كالصلاة والصوم والبيع ونحوها، وهذا هو الفقه الأكبر. وعموم هذا التعريف كان ملائماً لعصر أبي حنيفة الذي لم يكن الفقه فيه قد استقل عن غيره من العلوم الشرعية، ثم استقل، فأصبح علم الكلام ( التوحيد ) يبحث في الاعتقاديات، وعلم الأخلاق والتصوف كالزهد والصبر والرضا وحضور القلب في الصلاة ونحوها، يبحث في الوجدانيات. وأما الفقه المعروف حالياً فموضوعه أصبح مقصوراً على معرفة ما للنفس وما عليها من الأحكام العملية، وعندئذ زاد الحنفية في التعريف كلمة ( عملاً ) لتخرج الاعتقاديات والوجدانيات.
- وعرف الشافعي رحمه الله الفقه بالتعريف المشهور بعده عند العلماء بأنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية (3) .
- والمقصود بالعلم هنا: هو الإدراك مطلقاً الذي يتناول اليقين والظن؛ لأن الأحكام العملية قد تثبت بدليل قطعي يقيني، كما تثبت غالباً بدليل ظني.
--------------------------------
(1) يقال: فقه يفقه كعلم يعلم، أي فهم مطلقاً، سواء أكان الفهم دقيقاً أم سطحياً، ويقال: فقه يفقه مثل كرم يكرم، أي صار الفقه له سجية. ويقال: تفقه الرجل تفقهاً: أي تعاطى الفقه، ومنه قوله تعالى: {ليتفقهوا في الدين} [التوبة:9/122].
(2) مرآة الأصول:44/1، التوضيح لمتن التنقيح: 10/1 .
(3) شرح جمع الجوامع للمحلي: 32/1 ومابعدها، شرح الإسنوي:24/1، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب: 18/1، مرآة الأصول: 50/1، المدخل إلى مذهب أحمد:ص58.
(1/14)
________________________________________
- والأحكام: جمع حكم، وهو مطلوب الشارع الحكيم، أو هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييراً أو وضعاً. والمراد بالخطاب عند الفقهاء: هو الأثر المترتب عليه، كإيجاب الصلاة، وتحريم القتل، وإباحة الأكل، واشتراط الوضوء للصلاة.
- واحترز بعبارة ( العلم بالأحكام ) عن العلم بالذوات والصفات والأفعال.
- و( الشرعية ): المأخوذة من الشرع، فيحترز بها عن الأحكام الحسية مثل: الشمس المشرقة، والأحكام العقلية مثل: الواحد نصف الاثنين، والكل أعظم من الجزء، والأحكام اللغوية أو الوضعية، مثل: الفاعل مرفوع، أو نسبة أمر إلى آخر إيجاباً أو سلباً مثل زيد قائم، أو غير قائم.
- و( العملية ): المتعلقة بالعمل القلبي كالنية، أو غير القلبي مما يمارسه الإنسان مثل القراءة والصلاة ونحوها من عمل الجوارح الباطنة والظاهرة. والمراد أن أكثرها
عملي، إذ منها ماهو نظري، مثل اختلاف الدين مانع من الإرث. واحترز بها عن الأحكام العلمية والاعتقادية، كأصول الفقه، وأصول الدين كالعلم بكون الإله واحداً سميعاً بصيراً. وتسمى العملية أحياناً: ( الفرعية) والاعتقادية: (الأصلية).
- و(المكتسب) صفة للعلم: ومعناه المستنبط بالنظر والاجتهاد، وهو احتراز عن علم الله تعالى، وعلم ملائكته بالأحكام الشرعية، وعلم الرسول صلّى الله عليه وسلم الحاصل بالوحي، لا بالاجتهاد، وعلمنا بالبدهيات أوالضروريات التي لاتحتاج إلى دليل ونظر، كوجوب الصلوات الخمس، فلا تسمى هذه المعلومات فقهاً، لأنها غير مكتسبة.
(1/15)
________________________________________
- والمراد بالأدلة التفصيلية: ما جاء في القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس. واحترز بها عن علم المقلد لأئمة الاجتهاد، فإن المقلد لم يستدل على كل مسألة يعملها بدليل تفصيلي، بل بدليل واحد يعم جميع أعماله، وهو مطالبته بسؤال أهل الذكر والعلم، فيجب عليه العمل بناء على استفتاء منه. هذا.. وقد أصبح الفقه أخيراً كما في قواعد الزركشي: هو معرفة أحكام الحوادث نصاً واستنباطاً، على مذهب من المذاهب.
- وموضوع الفقه : هو أفعال المكلفين من حيث مطالبتهم بها، إما فعلاً كالصلاة، أو تركاً كالغصب، أو تخييراً كالأكل.
- والمكلفون : هم البالغون العاقلون الذين تعلقت بأفعالهم التكاليف الشرعية.
- خصائص الفقه :
- الفقه : هو الجانب العملي من الشريعة، والشريعة: كل ماشرع الله تعالى لعباده من الأحكام، سواء بالقرآن، أم بالسنة، وسواء ماتعلق منها بكيفية الاعتقاد، ويختص بها علم الكلام أو علم التوحيد، أو بكيفية العمل، ويختص بها علم الفقه.
- وقد بدأت نشأة الفقه تدريجياً في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم وفي عصر الصحابة، وكان سبب نشوئه وظهوره المبكر بين الصحابة هو حاجة الناس الماسة إلى معرفة أحكام الوقائع الجديدة، وظلت الحاجة إلى الفقه قائمة في كل زمان لتنظيم علاقات الناس الاجتماعية، ومعرفة الحقوق والواجبات لكل إنسان، وإيفاء المصالح المتجددة، ودرء المضار والمفاسد المتأصلة والطارئة.
- ويمتاز الفقه الإسلامي بعدة مزايا أو خصائص أهمها مايأتي (1) :
--------------------------------
- (1) راجع فجر الإسلام لأحمد أمين، وتاريخ الفقه الإسلامي للسايس وتاريخ التشريع للخضري، والسياسة الشرعية لشيخ الأزهر سابقاً الدكتور عبد الرحمن تاج، والأموال ونظرية العقد للدكتور محمد يوسف موسى: ص 136-154، المدخل الفقهي للأستاذ مصطفى الزرقاء: ف/2-4 و090 2 ً
(1/16)
________________________________________
- 1 ً - أساسه الوحي الإلهي : يتميز الفقه عن غيره من القوانين الوضعية بأن مصدره وحي الله تعالى المتمثل في القرآن والسنة النبوية، فكل مجتهد مقيد في استنباطه الأحكام الشرعية بنصوص هذين المصدرين، وما يتفرع عنهما مباشرة، وماترشد إليه روح الشريعة، ومقاصدها العامة، وقواعدها ومبادئها الكلية، فكان بذلك كامل النشأة، سوي البنية، وطيد الأركان، لاكتمال مبادئه، وإتمام قواعده، وإرساء أصوله في زمن الرسالة وفترة الوحي على النبي صلّى الله عليه وسلم ، قال تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً } [المائدة:5/3]، ولم يبق بعدئذ إلا التطبيق على وفق المصالح البشرية التي تنسجم مع مقاصد الشريعة.
- 2 ً ــ شموله كل متطلبات الحياة : يمتاز الفقه الإسلامي عن القوانين بأنه يتناول علاقات الإنسان الثلاث: علاقته بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بمجتمعه، لأنه للدنيا والآخرة، ولأنه دين ودولة، وعام للبشرية وخالد إلى يوم القيامة، فأحكامه كلها تتآزر فيها العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة، لتحقق ــ بيقظة الضمير، والشعور بالواجب، ومراقبة الله تعالى في السر والعلن، واحترام الحقوق- غاية الرضا والطمأنينة والإيمان والسعادة والاستقرار، وتنظيم الحياة الخاصة والعامة وإسعاد العالم كله.
- ومن أجل تلك الغاية: كانت الأحكام العملية (الفقه) وهي التي تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال ، وأفعال وعقود ،وتصرفات، شاملة نوعين:
(1/17)
________________________________________
- الأول: أحكام العبادات: من طهارة وصلاة وصيام وحج وزكاة ونذر ويمين، ونحو ذلك مما يقصد به تنظيم علاقة الإنسان بربه. وقد ورد في القرآن عن العبادات بأنواعها نحو (140) آية.
- الثاني: أحكام المعاملات: من عقود وتصرفات وعقوبات ،وجنايات، وضمانات، وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض، سواء أكانوا أفراداً أم جماعات. وهذه الأحكام تتفرع إلى ما يلي:
- أ ــ الأحكام التي تسمى حديثاً بالأحوال الشخصية: وهي أحكام الأسرة من بدء تكوينها إلى نهايتها من زواج وطلاق ونسب ونفقة وميراث، ،يقصد بها تنظيم علاقة الزوجين والأقارب بعضهم ببعض.
- ب ــ الأحكام المدنية: وهي التي تتعلق بمعاملات الأفراد ومبادلاتهم من بيع وإجارة ورهن وكفالة وشركة ومداينة ووفاء بالالتزام، ويقصد بها تنظيم علاقات الأفراد المالية حفظ حق المستحق. وقد ورد في المجموعة المدنية في القرآن نحو سبعين آية.
- جـ ــ الأحكام الجنائية: وهي التي تتعلق بما يصدر من المكلف من جرائم، ومايستحقه عليها من عقوبات، ويقصد بها حفظ حياة الناس وأموالهم وأعراضهم وحقوقهم، وتحديد علاقة المجني عليه بالجاني وبالأمة، وضبط الأمن. وقد ورد في المجموعة الجنائية في القرآن نحو ثلاثين آية.
- د ــ أحكام المرافعات أو الإجراءات المدنية أو الجنائية: وهي التي تتعلق بالقضاء والدعوى وطرق الإثبات بالشهادة واليمين والقرائن وغيرها، ويقصد بها تنظيم الإجراءات لإقامة العدالة بين الناس. وقد ورد في القضاء والشهادة ومايتعلق بها في القرآن نحو (عشرين ) آية.
هـ ــ الأحكام الدستورية: وهي التي تتعلق بنظام الحكم وأصوله، ويقصد بها تحديد علاقة الحاكم بالمحكوم، وتقرير ما للأفراد والجماعات من حقوق، وماعليهم من واجبات.
(1/18)
________________________________________
- و ــ الأحكام الدولية: وهي التي تتعلق بتنظيم علاقةِ الدولةِ الإسلاميةِ بغيرها من الدول في السِّلمِ وَالحْرَبِ، وعلاقة غير المسلمين المواطنين بالدولة، وتشمل ُ الجهاد َ والمعاهداتِ. ويقصد بها تحديد نوع العلاقة والتعاون والاحترام المتبادل بين الدول.
- ز ــ الأحكام الاقتصادية والمالية: وهي التي تتعلق بحقوق الأفراد المالية والتزاماتهم في نظام المال، وحقوق الدولة وواجباتها المالية، وتنظيم موارد الخزينة ونفقاتها. ويقصد بها تنظيم العلاقات المالية بين الأغنياء والفقراء، وبين الدولة والأفراد. وهذه تشمل أموال الدولة العامة والخاصة، كالغنائم والأنفال والعشور (ومنها الجمارك) والخراج (ضريبة الأرض) والمعادن الجامدة والسائلة وموارد الطبيعة المخلوقة، وأموال المجتمع كالزكاة والصدقات والنذور والقروض، وأموال الأسرة كالنفقات والمواريث والوصايا، وأموال الأفراد كأرباح التجارة، والإجارة، والشركات، وكل مرافق الاستغلال المشروع، والإنتاج، والعقوبات المالية، كالكفارات والديات والفدية.
- ح ــ الأخلاق أو الآداب ( المحاسن والمساوئ ): وهي التي تحد من جموح الإنسان، وتشيع أجواء الفضيلة والتعاون والتراحم بين الناس.
- وكان سبب اتساع الفقه هو ما جاء في السنة النبوية من الأحاديث الكثيرة في كل باب من هذه الأبواب.
- 3 ً ــ اتصافه بالصفة الدينية حلاً وحرمة: يفترق الفقه عن القانون الوضعي في أن كل فعل أو تصرف مدني في المعاملات يتصف بوجود فكرة الحلال والحرام فيه، مما يؤدي إلى اتصاف أحكام المعاملات بوصفين:
farouksi
farouksi
مشرف عام المنتديات العلمية
مشرف عام المنتديات العلمية

رقم العضوية : 214
عدد المساهمات : 678
المهارة : 9045
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
الموقع : saudi arabia . makkah
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف farouksi الإثنين مارس 28, 2011 8:31 am

- أحدهما ـ دنيوي يبنى على ظاهر الفعل أو التصرف، ولا علاقة له بالأمر المستتر الباطني، وهو الحكم القضائي؛ لأن القاضي يحكم بما هو مستطاع. وحكمه لايجعل الباطل حقاً، والحق باطلاً في الواقع، ولايحل الحرام ولايحرم الحلال في الواقع. ثم إن القضاء ملزم، بعكس الفتوى.
(1/19)
________________________________________
- والثاني ــ حكم أخروي يبنى على حقيقة الشيء والواقع، وإن كان خفياً عن الآخرين، ويعمل به فيما بين الشخص وبين الله تعالى. وهو الحكم الدياني. وهذا مايعتمده المفتي، والفتوى: هي الإخبار عن الحكم الشرعي من غير إلزام. ومنشأ هذه التفرقة: حديث النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه مالك وأحمد وأصحاب الكتب الستة: « إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن (1) بحجته من بعض، فأقضي له على نحوٍ مما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها » وسبب وجود هذين الوصفين: أن الشريعة وحي الله، لها ثواب وعقاب أخروي، وهي نظام روحي ومدني معاً، لأنها جاءت لخيري الدنيا والآخرة، أو الدين والدنيا.
- وتظهر ثمرة التفرقة مثلاً في الطلاق والأيمان والديون والإبراء والإكراه ونحوها، وبناء عليه، اختلفت وظيفة القاضي عن وظيفة المفتي، فالقاضي يصدر حكمه بناء على الأمر الظاهر فقط، والمفتي يراعي الباطن والظاهر معاً، فإذا اختلفا بني حكمه على الباطن إذا بان له.
- فمن طلق امرأته خطأ غير قاصد الطلاق، يقع منه قضاء ولا يقع ديانة، ومن أبرأ مدينه دون أن يعلمه بذلك، ثم رفع الدعوى على المدين مطالباً بسداد الدين، فالقضاء يقضي له بقبض الدين، والفتوى تمنعه من ذلك لوجود الإبراء.
- وقد أدى وجود هذه النزعة الدينية أو الوازع الديني الداخلي إلى إضفاء صفة الهيبة والاحترام للأنظمة الشرعية، وإلى صيانة الحقوق بجانب النزعة المادية التي تلاحظها فقط القوانين الوضعية؛ لأن الشريعة ترعى الاعتبارين معاً: الاعتبار القضائي والاعتبار الدياني.
- 4 ً ــ ارتباط الفقه بالأخلاق: يختلف الفقه عن القانون في تأثره بقواعد الأخلاق، فليس للقانون الوضعي إلا غاية نفعية وهي العمل على حفظ النظام واستقرار المجتمع، وإن أهدرت بعض مبادئ الدين والأخلاق.
--------------------------------
(1) ألحن بحجته أي أفطن وأحسن بياناً لها.
(1/20)
________________________________________
أما الفقه فيحرص على رعاية الفضيلة والمثل العليا والأخلاق القويمة، فتشريع العبادات من أجل تطهير النفس وتزكيتها وإبعادها عن المنكرات؛ وتحريم الربا بقصد بث روح التعاون والتعاطف بين الناس، وحماية المحتاجين من جشع أصحاب المال؛ والمنع من التغرير والغش في العقود وأكل المال بالباطل ، وإفساد العقود بسبب الجهالة ونحوها من عيوب الرضا، من أجل إشاعة المحبة وتوفير الثقة، ومنع المنازعة بين الناس، والسمو عن أدران المادة، واحترام حقوق الآخرين؛ والأمر بتنفيذ العقود قصد به الوفاء بالعهد؛ وتحريم الخمر للحفاظ على مقياس الخير والشر وهو العقل.
- وإذا تآزر الدين والخلق مع التعامل، تحقق صلاح الفرد والمجتمع، وسعادتهما معاً، وتهيأ سبيل الخلود في النعمى في عالم الآخرة، والأمل بالخلود هو مطمح البشرية من قديم الزمان. وبذلك تكون غاية الفقه هي خير الإنسان حقاً في الحال والمآل، وإسعاده في الدنيا والآخرة.
- ثم إن التأثر بالدين والخلق يجعل الفقه أكثر امتثالاً وأشد احتراماً وطاعة، أما القوانين فيكثر الإفلات من سلطانها.
(1/21)
________________________________________
- 5 ً ــ الجزاء على المخالفة دنيوي وأخروي: يمتاز الفقه عن القانون الذي يقرر جزاء دنيوياً فقط على المخالفة بأن لديه نوعين من الجزاء على المخالفات: الجزاء الدنيوي من عقوبات مقدرة ( الحدود ) وغير مقدرة ( التعازير )، على الأعمال الظاهرة للناس، والجزاء الأخروي على أعمال القلو ب غير الظاهرة للناس، كالحقد والحسد وقصد الإضرار بالآخربن إذا اتخذ مظهراً إيجابياً، وعلى الأعمال الظاهرة التي لم يعاقب عليها في الدنيا، إما بسبب إهمال عقوبتها، كتعطيل الحدود اليوم في أغلب الدول، أو لعدم إثباتها في الظاهر، أو لعدم اطلاع السلطة عليها كذلك الجزاء في الفقه إيجابي وسلبي، إيجابي لأن فيه ثواباً على طاعة الأوامر وامتثالها، وسلبي لأنه يقرر ثواباً على اجتناب النواهي والمعاصي والكف عنها. أما القانون فيقتصر على تقرير جزاءات سلبية على مخالفة أحكامه، دون تقرير ثواب على حالة امتثال قواعده.
- 6 ً- النزعة في الفقه جماعية: أي أن فيه مراعاة لمصلحة الفرد والجماعة معاً، دون أن تطغى واحدة على الأخرى، ومع ذلك تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند تعارض المصلحتين، كما أنه عند تعارض مصلحة شخصين: تقدم مصلحة من يصيبه أكبر الضررين، تطبيقاً لقاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) و( يدفع أكبر الضررين بالأخف منهما ).
- فمن أمثلة رعاية مصلحة الجماعة: تشريع العبادات من صلاة وصوم ونحوهما، وحل البيع وتحريم الربا، وتحريم الاحتكار ثم البيع بثمن المثل، ومشروعية التسعير الجبري، وإقامة الحدود على أخطر المنكرات، وتنظيم الأسرة، ورعاية حقوق الجار، والوفاء بالعقود، والبيع الجبري للمصلحة العامة كبناء المساجد والمدارس والمشافي، وإنشاء المقابر، وتوسيع الطرق ومجاري الأنهار.
(1/22)
________________________________________
- ومن أمثلة تقييد حق الفرد عند ضرر الجماعة، أو حدوث ضرر أكبر: عدم إلزام الزوجة بطاعة زوجها إذا أضرَّ بها، لقوله تعالى: {ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا} [البقرة:2/231]، وعدم إطاعة الحاكم إذا أمر بمعصية، أو تنكر للمصلحة العامة؛ لأن الطاعة في المعروف، ولقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد: « السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره، مالم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة» .
- ومن أمثلته: تقييد جواز الوصية بثلث المال منعاً من إضرار الورثة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص فيما يرويه البخاري ومسلم: «الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة، يتكففون الناس» أي فقراء يسألون الناس بأكفهم.
- ومن أمثلته: ترك الأراضي المفتوحة بيد أهلها على أن يدفعوا ضريبة الجزية والخراج، توفيراً لمورد عام للخزينة، ورعاية لمصلحة المسلمين العامة، ومنه تشريع الشفعة للشريك أو للجار دفعاً للضرر الذي قد يحدث من المشتري الجديد. ومنه إمرار الماء في أرض الغير لإرواء الأرض البعيدة عن مجرى الماء. ونحو ذلك من الأمثال التي تصدر عن مبدأ واحد في الإسلام، وهو أن مصدر الحق: هو الله الذي لايمنحه لأحد إلا لغرض حكيم هو تحقيق الخير للفرد وللمجتمع معاً.
- 7 ً - الفقه صالح للبقاء والتطبيق الدائم: إن فقه المبادئ الخالدة لايتغير كالتراضي في العقود، وضمان الضرر، وقمع الإجرام وحماية الحقوق، والمسؤولية الشخصية، أما الفقه المبني على القياس ومراعاة المصالح والأعراف، فيقبل التغير والتطور بحسب الحاجات الزمنية، وخير البشرية، والبيئات المختلفة زماناً ومكاناً، مادام الحكم في نطاق مقاصد الشريعة وأصولها الصحيحة، وذلك في دائرة المعاملات لا في العقائد والعبادات، وهذا هو المراد بقاعدة ( تتغير الأحكام بتغير الأزمان ).
(1/23)
________________________________________
- 8 ً - إن الغاية من توطئة الفقه وتعبيد طرق الوصول إليه هي الإفادة الكاملة منه على الصعيد الفردي، وعلى الصعيد الرسمي باستمداد القوانين في كل بلاد الإسلام منه؛ لأن غايته خير الإنسان وإسعاده في الدارين، أما غاية القوانين الحالية فهي مجرد استقرار المجتمع.
- وقد اشتمل الفقه الإسلامي على فروع القوانين المختلفة كما بينا، ويمكن معرفة حكم مشكلات العصر كالتأمين ونظام المصارف ونظام البورصات وقواعد النقل الجوي والبحري ونحوها بالقواعد الفقهية الكلية، والاجتهاد المستند إلى القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع والعرف وغيرها، كما يمكن صياغة الفقه على أساس النظريات العامة كما هو الشأن في دراسة القوانين، مثل نظرية الضمان،ونظرية الضرورة، ونظرية العقد، ونظرية الملكية، والمؤيدات الشرعية المدنية والجزائية ونظرية الحق، والتعسف في استعمال الحق، والظروف الطارئة وغيرها. وأجاز بعض الفقهاء خلافا ً للأكثرية تخصيص النصوص بالعرف كعدم إلزام المرأة الشريفة القدر بإرضاع ولدها عند المالكية (1) ، ومثل أخذ أبي يوسف بالعرف في مقياس الأموال الربوية كيلاً أو وزناً لتحقيق المساواة وعدمها، فإذا تبدل عرف التعامل، فأصبح بيع المال الربوي كالقمح والشعير وزنياً بعد أن كان كيلياً، أو العكس، عمل به، وينظر حينئذ للتساوي وزناً أو كيلاً بحسب المتعارف بين الناس.
- كما أجاز بعضهم تغير الحكم لتغير علته كإيقاف سهم المؤلفة قلوبهم (2) ، واعتماد حساب أوائل الشهور العربية على الحساب، لا على الرؤية (3) .
- وأجاز آخرون تغير الحكم بالضرورة أو الحاجة دفعاً للحرج والضرر عن الناس بشرط توافر معنى الضرورة والحاجة شرعاً، والترخيص بالقدر اللازم فقط لإزالة الضرورة وتحقيق الحاجة، لأن « الضرورة تقدر بقدرها » (4) ، والضرورة: هي التي تهدد المرء بهلاك نفسه أو نسله، أو تلف ماله، أو ذهاب عقله إذا لم يقدم على الشيء الممنوع. والحاجة: ما يترتب على عدم استعمال الشيء الممنوع من حرج ومشقة تصيب الإنسان في نفسه أو ولده أو ماله أو عقله.
--------------------------------
(1) والتحقيق أن هذا من قبيل تفسير النص الغامض أو المجمل بالعرف، وليس من قبيل التخصيص.
(2) فتح القدير: 14/2 وما بعدها.
(3) رسالة أحمد شاكر في أوائل الشهور العربية.
(4) انظر كتابنا نظرية الضرورة الشرعية.
(1/24)
________________________________________
- والعمل بالفقه في الجملة واجب إلزامي؛ لأن المجتهد يجب عليه أن يعمل بما أداه إليه اجتهاده، وهو بالنسبة إليه حكم الله تعالى. وعلى غير المجتهد أن يعمل بفتوى المجتهد، إذ ليس أمامه طريق آخر لمعرفة الحكم الشرعي سوى الاستفتاء لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء:21/7]. وإنكار حكم من أحكام الشريعة التي ثبتت بدليل قطعي، أو زعم قسوة حكم ما كالحدود مثلاً، أو ادعاء عدم صلاحية الشريعة للتطبيق، يعتبر كفراً وردة عن الإسلام. أما إنكار الأحكام الثابتة بالاجتهاد المبني على غلبة الظن فهو معصية وفسق وظلم؛ لأن المجتهد بذل أقصى جهده لمعرفة الحق وبيان حكم الله تعالى، بعيداً عن أي هوى شخصي، أو مأرب نفعي، أو طلب سمعة أو شهرة زائفة، وإنما مستنده الدليل الشرعي، ورائده الحق، وشعاره الأمانة والصدق والإخلاص.
(1/25)
________________________________________
- وسبيل العودة إلى العمل بالفقه: هو تقنينه (1) أي صياغته في مواد مبسطة تيسيراً لرجوع القضاة إليه، وتوحيداً لأحكام القضاة، وتسهيلاً لأمر المتقاضين بمعرفة الحكم الذي يتقاضى على أساسه. ويتم هذا من طريق لجنة من علماء المذاهب لانتقاء الحكم من أي مذهب حسبما يرون من المصلحة، ويكون عمل اللجنة جاداً وسريعاً، حتى إذا ما انتهت من أعمالها أصدر الحاكم -وهنا العقدة- أمراً باعتماد القانون المستمد من الفقه، تجاوباً مع تطلعات الناس بالرجوع إلى الشريعة وفقه القرآن والسنة، وفي ذلك راحة للنفوس، وطمأنينة للقلوب تزول بها تلك الازدواجية بين الدين والحياة والأنظمة السائدة.
ولعل في مثل هذا المؤلَّف ما ييسر الطريق أمام هؤلاء المقننين، وليس في الأمر صعوبة إذا صدقت النية وتوافرت العزيمة، وكان الحاكم جاداً في تنفيذ هذه الخطوة الجريئة التي لا تتم إلا بصدق الإسلام، والاقتناع الحر، والقدرة على مواجهة التحديات والتخرصات والأضاليل.
- المطلب الثاني ـ لمحة موجزة عن فقهاء المذاهب:
- الفقيه أو المفتي: هو المجتهد، والمجتهد: هو الذي حصلت له ملكة يقتدر بها على استنباط الأحكام
farouksi
farouksi
مشرف عام المنتديات العلمية
مشرف عام المنتديات العلمية

رقم العضوية : 214
عدد المساهمات : 678
المهارة : 9045
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
الموقع : saudi arabia . makkah
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف اريام الإثنين مارس 28, 2011 7:40 pm

الفقه الاسلامى 2416736919
اريام
اريام
عضو نشيط
عضو نشيط

رقم العضوية : 406
عدد المساهمات : 182
المهارة : 5831
تاريخ التسجيل : 07/02/2011
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف farouksi الثلاثاء مارس 29, 2011 6:38 am

الفقه الاسلامى 59663.imgcache
farouksi
farouksi
مشرف عام المنتديات العلمية
مشرف عام المنتديات العلمية

رقم العضوية : 214
عدد المساهمات : 678
المهارة : 9045
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
الموقع : saudi arabia . makkah
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف روضة الإثنين أبريل 04, 2011 6:40 pm

موضوع رائع ومجهود ممتاز جعلة الله فى ميزان حسناتك
روضة
روضة
مشرفة الطبيعة و العلوم البيئية
مشرفة الطبيعة و العلوم البيئية

رقم العضوية : 357
عدد المساهمات : 1389
المهارة : 11927
تاريخ التسجيل : 31/12/2010
الكفاءة : 50

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف الموسيقار الإثنين أبريل 18, 2011 12:48 pm

جزاكم الله خير الجزاء
الموسيقار
الموسيقار
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50694
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف احمدعبدالعليم السبت أبريل 23, 2011 11:46 pm

بارك الله فيك يا باشا
احمدعبدالعليم
احمدعبدالعليم
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 5479
المهارة : 28603
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
الكفاءة : 31

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الفقه الاسلامى Empty رد: الفقه الاسلامى

مُساهمة من طرف الموسيقار الأربعاء أبريل 27, 2011 4:05 pm

أنت وصلت مصر بالسلامه ولا لسه ياباشا ؟؟
الموسيقار
الموسيقار
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50694
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى