الحياء فى الاسلام
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحياء فى الاسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الحَمدَ لِلَّهِ نَحمَدُهُ وَنَستَعِينُهُ وَنَستَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا وَمِن سَيِّئَاتِ أَعمَالِنَا، مَن يَهدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِل فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعدُ: فَإِنَّ خَيرَ الكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيرَ الهَديِ هَديُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا؛ وَكُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَةٌ، وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
إِنَّ العَينَ لَتَدمَعُ، وَإِنَّ القَلبَ لَيَحزَنُ، عَلَى قِلَّةِ الحَيَاءِ بَينَ العِبَادِ، فِي أَنحَاءِ البِلَادِ.
الحَيَاءُ خُلُقٌ رَفِيعٌ يَمنَعُ الإِنسَانَ عَنِ الِاتِّصَافِ بِالأَخلَاقِ السَّيِّئَةِ، وَالأَقوَالِ وَالأَفعَالِ القَبِيحَةِ.
الحَيَاءُ هُوَ أَسَاسُ مَكَارِمِ الأَخلَاقِ، وَمَنبَعُ كُلِّ فَضِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ القَولُ الطَّيِّبُ، وَالفِعلُ الحَسَنُ.
الحَيَاءُ دَلِيلُ الدِّينِ الصَّحِيحِ، وَسِمَةُ الصَّلَاحِ الشَّامِلِ، وَعُنوَانُ الفَلَاحِ الكَامِلِ.
يَأتِي الحَدِيثُ عَنِ الدُّرَّةِ النَّفِيسَةِ «الحَيَاءِ»، فِي وَقتٍ تُنحَرُ فِيهِ الفَضِيلَةُ، وَتُذبَحُ فِيهِ الأَخلَاقُ مِنَ الوَرِيدِ إِلَى الوَرِيدِ، عَبرَ أَجهِزَةِ الفَسَادِ السَّمعِيَّةِ مِنهَا وَالبَصَرِيَّةِ، الَّتِي تَنسِفُ الحَيَاءَ نَسفًا، وَتُدَمِّرُهُ تَدمِيرًا، فَلَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ.
الحَيَاءُ شَرعًا: خُلُقٌ يَكُفُّ العَبدَ عَنِ ارتِكَابِ القَبَائِحِ وَالرَّذَائِلِ، وَيَحُثُّهُ عَلَى فِعلِ الجَمِيلِ، وَيَمنَعُهُ مِنَ التَّقصِيرِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الحَقِّ، وَهُوَ مِن أَعلَى مَوَاهِبِ اللَّهِ لِلعَبدِ.
فَضَائِلُ الحَيَاءِ
أَوَّلًا: الحَيَاءُ مِفتَاحُ كُلِّ خَيرٍ:
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «الـحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» قَالَ: أَوْ قَالَ: «الـحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ» .
وَهُوَ أَصلُ كُلِّ خَيرٍ، وَذَهَابُهُ ذَهَابُ الخَيرِ أَجمَعِهِ .
«لِأَنَّهُ بَاعِثٌ عَلَى أَفْعَالِ الخَيْرِ وَمَانِعٌ مِنَ المَعَاصِي، وَيَحُولُ بَيْنَ الـمَرْءِ وَالقَبَائِحِ، وَيَمْنَعُهُ مِمَّا يُعَابُ بِهِ وَيُذَمُّ، فَإِذَا كَانَ هَذَا أَثَرَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ خُلُقٌ مَحْمُودٌ، لَا يُنْتِجُ إِلَّا خَيْرًا، فَالَّذِي يَهُمُّ بِفِعْلِ فَاحِشَةٍ فَيَمْنَعُهُ حَيَاؤُهُ مِنَ ارْتِكَابِهَا، أَوْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ سَفِيهٌ بِسَبٍّ وَشَتمٍ، فَيَمْنَعُهُ حَيَاؤُهُ مِنْ مُقَابَلَةِ السَّيِّئَةِ بِالسَّيِّئَةِ، أَوْ يَسْأَلُهُ سَائِلٌ فَيَمْنَعُهُ حَيَاؤُهُ مِنْ حِرْمَانِهِ، أَوْ يَضُمُّهُ مَجْلِسٌ فَيُمْسِكُ الحَيَاءُ بِلِسَانِهِ عَنِ الكَلَامِ المُحَرَّمِ، كَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، وَالخَوْضِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ؛ فَالَّذِي يَكُونُ لِلْحَيَاءِ فِي نَفْسِهِ هَذِهِ الآثَارُ الْحَسَنَةُ، فَهُوَ ذُو خُلُقٍ مَحْمُودٍ» . وَلِـهَذَا كَانَ الحَيَاءُ خَيرًا كُلُّهُ، بَل هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ.
عَنْ قُرَّةَ - ابنِ إِيَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فَذُكِرَ عِنْدَهُ الحَيَاءُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «بَل هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ» . لِعُلُوِّ مَنزِلَتِهِ، وَجَلِيلِ قَدْرِهِ، وَسُمُوِّ مَحَلِّهِ، وَرِفعَةِ شَأنِهِ، وَعَظِيمِ نَفعِهِ.
ثَانِيًا: الحَيَاءُ إِيمَانٌ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «الـحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ» .
الحَيَاءُ وَالإِيمَانُ مَقرُونَانِ لَا يَفتَرِقَانِ إِلَّا جَمِيعًا؛ لِاستِوَائِهِمَا فِي الحَثِّ عَلَى كَثِيرٍ مِن أَعمَالِ البِرِّ وَالخَيرِ، وَالزَّجرِ عَن كُلِّ شَرٍّ وَقَبِيحٍ مِنَ الفُحشِ وَالفَوَاحِشِ، وَالكَذِبِ وَالفُجُورِ وَالآثَامِ. فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْمَرْءِ رُفِعَ مِنْهُ الْآخَرُ. وَهَذَا مُشعِرٌ بِعَظَمَةِ الحَيَاءِ، وَعُلُوِّ مَكَانَتِهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَالَ: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالـحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» .
يَعْنِي: شُعْبَةً عَظِيْمَةً وَمُهِمَّةً مِنَ الإِيْمَانِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: التَّنْبِيْهُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِ بَقِيَّةِ الشُّعَبِ .
وَإِنَّمَا خَصَّهُ هُنَا بِالذِّكْرِ، «لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِثْلَ الإِيْمَانِ مِنَ ارْتِكَابِ مَا لَا يَحِلُّ، وَمَا يُعَدُّ مِنَ الفُحْشِ وَالفَوَاحِشِ» .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «دَعْهُ، فَإِنَّ الـحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ» .
ثَالِثًا: الحَيَاءُ أَبهَى زِينَةٍ:
إِنَّ الوَجْهَ المَصُوْنَ بِالحَيَاءِ، كَالجَوْهَرِ المَكْنُوْنِ فِي الوِعَاءِ، وَكَاللَّآلِئِ فِي البِحَارِ، وَكَاللُّبَابِ فِي الثِّمَارِ، وَلَنْ يَتَزَيَّنَ إِنْسَانٌ بِزِيْنَةٍ، هِيَ أَبْهَى وَلَا أَجْمَلُ مِنَ الحَيَاءِ.
عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَالَ: «مَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ» .
فَلَا يَكُونُ فِي شَيءٍ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَفعَالِ، إِلَّا زَيَّنَهُ وَجَمَّلَهُ وَحَسَّنَهُ؛ وَلَا يُنزَعُ مِن شَيءٍ، إِلَّا شَانَهُ وَعَابَهُ وَقَبَّحَهُ، وَجَرَّ إِلَيهِ العَيْبَ وَالقُبْحَ.
الحَيَاءُ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ.وَالفُحشُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ.
رَابِعًا: الحَيَاءُ خُلُقٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
عَن أَشَجِّ عَبدِ القَيسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ [لِي] النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَينِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ» قُلتُ: وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الحِلمُ وَالحَيَاءُ» ... .
وَعَن يَعلَـى بنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم رَأَى رَجُلًا يَغتَسِلُ بِالبَـرَازِ بِلَا إِزَارٍ، فَصَعِدَ الـمِنبَـرَ، فَحَـمِدَ اللَّـهَ، وَأَثنَى عَلَـيـهِ؛ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «إِنَّ اللَّـهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّـيـرٌ، يُـحِبُّ الـحَيَاءَ وَالسَّتـرَ، فَإِذَا اغتَسَلَ أَحَدُكُم فَلـيَستَتِـر» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَﮕ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَڬ... يُحِبُّ الْـحَيِيَّ الْعَفِيفَ الـْمُتَعَفِّفَ» .
خَامِسًا: الحَيَاءُ يَقُودُ إِلَى الجَنَّةِ:
عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ؛ وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ، وَالجَفَاءُ فِي النَّارِ» .
* «الإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ»: هُوَ أَهلُ الإِيمَانِ فِي الجَنَّةِ. وَمَعنَى البَذَاءِ فِي النَّارِ: هُوَ أَهلُ البَذَاءِ فِي النَّارِ.
* «البَذَاءُ»: الفُحْشُ فِي القَوْلِ، وَالسُّوءُ فِي الخُلُقِ. وَالكَلَامُ البَذِيءُ: الكَلَامُ القَبِيحُ.
* «مِنَ الجَفَاءِ»: أَي أَهلُهُ التَّارِكُونَ لِلوَفَاءِ، الثَّابِتُونَ عَلَى غَلَاظَةِ الطَّبعِ وَقَسَاوَةِ القَلْبِ. وَهَذَا يُوْرِثُ تَرْكَ الصِّلَةِ وَالبِرِّ
ابوعيسى- عضو جديد
- رقم العضوية : 452
عدد المساهمات : 42
المهارة : 5274
تاريخ التسجيل : 01/05/2011
الكفاءة : 0
رد: الحياء فى الاسلام
بارك الله فيك
maryemelnazer- عضو مميز
- رقم العضوية : 328
عدد المساهمات : 1055
المهارة : 11752
تاريخ التسجيل : 31/10/2010
الكفاءة : 0
رد: الحياء فى الاسلام
مشكور موضوع جميل بجد
lemo- مشرف منتدى الصور
- رقم العضوية : 453
عدد المساهمات : 175
المهارة : 6043
تاريخ التسجيل : 01/05/2011
الكفاءة : 0
رد: الحياء فى الاسلام
وبارك الله فيكم احبتى للمرور الكريم والرد العطر
ابوعيسى- عضو جديد
- رقم العضوية : 452
عدد المساهمات : 42
المهارة : 5274
تاريخ التسجيل : 01/05/2011
الكفاءة : 0
رد: الحياء فى الاسلام
جزاكم الله خيراً وجعله الله في ميزان حسناتك
الموسيقار- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50695
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100
مواضيع مماثلة
» 15- الحياء
» القران ومعاملات الاسلام
» اللهم اعز الاسلام والمسلمين
» كتاب الأدب -84- باب الحياء وفضله والحثِّ على التخلق به
» مائة الف بريطانى يعتنقون الاسلام
» القران ومعاملات الاسلام
» اللهم اعز الاسلام والمسلمين
» كتاب الأدب -84- باب الحياء وفضله والحثِّ على التخلق به
» مائة الف بريطانى يعتنقون الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى