الميدان والصندوق
صفحة 1 من اصل 1
الميدان والصندوق
تجرى الانتخابات البرلمانية - التى انتهت أمس الجولة الأولى من مرحلتها
الأولى - فى أجواء غير طبيعية واستثنائية، فبينما كانت الجماهير تندفع
بكثافة نحو صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتها كان الآلاف من شباب مصر
يواصلون اعتصامهم فى ميدان التحرير احتجاجاً على الطريقة التى تدار بها
المرحلة الانتقالية، ولمطالبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل حكومة
إنقاذ وطنى للتعجيل بعملية نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة. وقد انطوى
هذا المشهد المثير على مفارقة دفعت ببعض الإعلاميين إلى محاولة إظهار
«الصندوق» كأنه نقيض «الميدان»، وإظهار من توجهوا لوضع البطاقات
الانتخابية فى «الصندوق» كأنهم يسجلون احتجاجهم على معتصمين فى «الميدان»
يخشون أن تكون هذه الانتخابات وسيلة لسرقة الثورة أو اختطافها. وتلك صورة
تبدو لى غير دقيقة، بل مشوهة تماماً، وذلك لعدة أسباب، أهمها: 1- أن
أعداداً كبيرة من الشباب المعتصمين فى ميدان التحرير ذهبوا إلى «الصندوق»
للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، ثم عادوا إلى «الميدان» للاعتصام من
جديد، صحيح أن بعضهم ذهب ليضع بطاقة بيضاء أو ليكتب على البطاقة شعاراً
يسجل به احتجاجه على دماء سُفكت دون مبرر، لكنه كان حريصاً على المشاركة
فى العملية الانتخابية. 2- أن من لم يذهب من هؤلاء الشباب إلى الصندوق
وفضل البقاء فى الميدان أراد فقط أن يسجل اعتراضه على «ترتيب» أو موقع هذه
الانتخابات فى العملية السياسية، وليس على ضرورتها أو أهميتها فى بناء
نظام ديمقراطى لا يوجد خلاف على أنه الوسيلة الأساسية لبناء دولة مصرية
حديثة وقوية. 3- أن جميع المعتصمين فى الميدان، سواء من توجه منهم للإدلاء
بصوته فى الانتخابات، أو من امتنع عن الذهاب، أكدوا أن معركتهم ليست مع
الديمقراطية وإنما مع القوى المعادية لها، وأنهم يصرون على تصحيح ما وقع
من أخطاء فى إدارة المرحلة الانتقالية. وأياً كانت وجاهة الحجج التى
يطرحها هذا الفريق أو ذاك، دفاعاً عن موقفه أو عن وجهة نظره، فإن المستقبل
هو ما يتعين أن نركز عليه منذ الآن فصاعداً، لذا هناك سؤال يفرض نفسه فى
هذه المرحلة ويتعين على جميع الفرقاء، خصوصاً القوى صاحبة المصلحة فى
التغيير، أن يجيبوا عنه بصراحة: هل انتهى دور «الميدان» وأصبح «الصندوق»
هو الأداة الوحيدة الموثوق بها، والتى يمكن الاطمئنان لها ويتعين اللجوء
إليها لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية وبناء نظام ديمقراطى يتسع
للجميع؟
ورغم صعوبة تقديم إجابة بسيطة وقاطعة، بـ«نعم» أو «لا» على هذا السؤال،
إلا أننى أعتقد أنه مازال لـ«الميدان» دور مهم يتعين أن يلعبه للضغط على
أطراف كانت ولاتزال مصممة على عرقلة عملية التحول الديمقراطى، إلى أن تصل
سفينة الوطن إلى بر الأمان وننجح جميعاً فى التأسيس لنظام ديمقراطى حقيقى.
ولكى يتمكن «الميدان» من لعب دور مازال فى تقديرى مطلوبا بشدة، فعلى جميع
القوى صاحبة المصلحة فى التغيير أن تراجع المواقف التى تبنتها منذ 11
فبراير حتى الآن، وأن تستفيد من أخطاء كثيرة وقعت فيها فى الماضى. وأول
خطوة فى طريق هذه المراجعة هى الاعتراف بالنتائج النهائية للانتخابات
البرلمانية حين تعلن، طالما لم تشبها شكوك بالتزوير، وأن تبنى عليها وتعمل
على توحيد صفوف جميع القوى التى لها مصلحة فى بناء نظام ديمقراطى حقيقى،
وعدم استخدام «الميدان» إلا لرفع المطالب التى عليها إجماع وطنى ولتنظيم
فعاليات تشارك فيها جميع القوى. بخروج الشعب المصرى بكثافة
فى انتخابات برلمانية نزيهة تكون أولى خطوات التحول الديمقراطى فى مصر قد
بدأت، لكن الطريق لإتمام عملية التحول الديمقراطى مازال طويلا ووعرا
ويحتاج إلى جهود مضنية ومخلصة ومتجردة من الجميع.
الأولى - فى أجواء غير طبيعية واستثنائية، فبينما كانت الجماهير تندفع
بكثافة نحو صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتها كان الآلاف من شباب مصر
يواصلون اعتصامهم فى ميدان التحرير احتجاجاً على الطريقة التى تدار بها
المرحلة الانتقالية، ولمطالبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل حكومة
إنقاذ وطنى للتعجيل بعملية نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة. وقد انطوى
هذا المشهد المثير على مفارقة دفعت ببعض الإعلاميين إلى محاولة إظهار
«الصندوق» كأنه نقيض «الميدان»، وإظهار من توجهوا لوضع البطاقات
الانتخابية فى «الصندوق» كأنهم يسجلون احتجاجهم على معتصمين فى «الميدان»
يخشون أن تكون هذه الانتخابات وسيلة لسرقة الثورة أو اختطافها. وتلك صورة
تبدو لى غير دقيقة، بل مشوهة تماماً، وذلك لعدة أسباب، أهمها: 1- أن
أعداداً كبيرة من الشباب المعتصمين فى ميدان التحرير ذهبوا إلى «الصندوق»
للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، ثم عادوا إلى «الميدان» للاعتصام من
جديد، صحيح أن بعضهم ذهب ليضع بطاقة بيضاء أو ليكتب على البطاقة شعاراً
يسجل به احتجاجه على دماء سُفكت دون مبرر، لكنه كان حريصاً على المشاركة
فى العملية الانتخابية. 2- أن من لم يذهب من هؤلاء الشباب إلى الصندوق
وفضل البقاء فى الميدان أراد فقط أن يسجل اعتراضه على «ترتيب» أو موقع هذه
الانتخابات فى العملية السياسية، وليس على ضرورتها أو أهميتها فى بناء
نظام ديمقراطى لا يوجد خلاف على أنه الوسيلة الأساسية لبناء دولة مصرية
حديثة وقوية. 3- أن جميع المعتصمين فى الميدان، سواء من توجه منهم للإدلاء
بصوته فى الانتخابات، أو من امتنع عن الذهاب، أكدوا أن معركتهم ليست مع
الديمقراطية وإنما مع القوى المعادية لها، وأنهم يصرون على تصحيح ما وقع
من أخطاء فى إدارة المرحلة الانتقالية. وأياً كانت وجاهة الحجج التى
يطرحها هذا الفريق أو ذاك، دفاعاً عن موقفه أو عن وجهة نظره، فإن المستقبل
هو ما يتعين أن نركز عليه منذ الآن فصاعداً، لذا هناك سؤال يفرض نفسه فى
هذه المرحلة ويتعين على جميع الفرقاء، خصوصاً القوى صاحبة المصلحة فى
التغيير، أن يجيبوا عنه بصراحة: هل انتهى دور «الميدان» وأصبح «الصندوق»
هو الأداة الوحيدة الموثوق بها، والتى يمكن الاطمئنان لها ويتعين اللجوء
إليها لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية وبناء نظام ديمقراطى يتسع
للجميع؟
ورغم صعوبة تقديم إجابة بسيطة وقاطعة، بـ«نعم» أو «لا» على هذا السؤال،
إلا أننى أعتقد أنه مازال لـ«الميدان» دور مهم يتعين أن يلعبه للضغط على
أطراف كانت ولاتزال مصممة على عرقلة عملية التحول الديمقراطى، إلى أن تصل
سفينة الوطن إلى بر الأمان وننجح جميعاً فى التأسيس لنظام ديمقراطى حقيقى.
ولكى يتمكن «الميدان» من لعب دور مازال فى تقديرى مطلوبا بشدة، فعلى جميع
القوى صاحبة المصلحة فى التغيير أن تراجع المواقف التى تبنتها منذ 11
فبراير حتى الآن، وأن تستفيد من أخطاء كثيرة وقعت فيها فى الماضى. وأول
خطوة فى طريق هذه المراجعة هى الاعتراف بالنتائج النهائية للانتخابات
البرلمانية حين تعلن، طالما لم تشبها شكوك بالتزوير، وأن تبنى عليها وتعمل
على توحيد صفوف جميع القوى التى لها مصلحة فى بناء نظام ديمقراطى حقيقى،
وعدم استخدام «الميدان» إلا لرفع المطالب التى عليها إجماع وطنى ولتنظيم
فعاليات تشارك فيها جميع القوى. بخروج الشعب المصرى بكثافة
فى انتخابات برلمانية نزيهة تكون أولى خطوات التحول الديمقراطى فى مصر قد
بدأت، لكن الطريق لإتمام عملية التحول الديمقراطى مازال طويلا ووعرا
ويحتاج إلى جهود مضنية ومخلصة ومتجردة من الجميع.
فوكس- عضو ممتاز
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2792
المهارة : 21457
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
الكفاءة : 13
مواضيع مماثلة
» الميدان [ الأبنودي ]
» من الميدان ليلة الجمعة 8 يوليو
» شمس بكرة فى قلب الميدان ..جمعة الوحدة و الانتفاضة
» قصيدة الميدان لعبد الرحمن الابنودى
» من الميدان ليلة الجمعة 8 يوليو
» شمس بكرة فى قلب الميدان ..جمعة الوحدة و الانتفاضة
» قصيدة الميدان لعبد الرحمن الابنودى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى