الخط والحضارة - للجــــــــــــــــــــــــــاحظ
صفحة 1 من اصل 1
الخط والحضارة - للجــــــــــــــــــــــــــاحظ
الخط والحضارة
وليس في الأرض أمّةٌ بها طِرْق أَوْ لها مُسْكَة، ولا جيلٌ لهم قبضٌ وبسْط، إلاّ ولهم خطّ، فأمّا أصحاب الملك والمملكة، والسلطانِ والجِباية، والدِّيانة والعبادة، فهناك الكتابُ المتقَن، والحساب المحكَم، ولا يخرج الخطُّ من الجزْم والمسنَد المنمنم والسمون كيف كان، قال ذلك الهيثمُ بن عدي، وابن الكلبي.
تخليد الأمم لمآثرها قال: فكلُّ أمّةٍ تعتمدُ في استبقاءِ مآثرها، وتحصين مناقبها، على ضربٍ من الضروب، وشكل من الأشكال.
تخليد العرب لمآثرها وكانت العربُ في جاهليَّتها تحتال في تخليدها، بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون، والكلام المقفَّى، وكان ذلك هو ديوانها، وعلى أنّ الشعرَ يُفيد فضيلةَ البيانِ، على الشاعر الراغب، والمادح، وفضيلةَ المأثُرة، على السيِّد المرغوبِ إليه، والممدوحِ به، وذهبت العجَم عَلَى أن تقيِّد مآثرَها بالبُنيان، فبنوا مثلَ كرد بيداد، وبنى أرْدشير بيضاء إصطَخْر، وبيضاء المدائن، والحَضْر، والمدن والحصون، والقناطر والجسور، والنواويس، قال: ثمَّ إنّ العربَ أحبَّتْ أن تشارك العجمَ في البناءِ، وتنفرد بالشعر، فبنوا غُمدان، وكعبةَ نَجْران، وقصرَ مارد، وقصر مأرب، وقصر شعوب والأبلق الفرد، وفيه وفي مارد، قالوا تمرَّدَ مارِدٌ وعزَّ الأبلق وغيرَ ذلك من البُنيان، قال: ولذلك لم تكن الفرسُ تبيح شريفَ البُنيان، كما لا تبيح شريف الأسماء، إلاّ لأهل البيوتات، كصنيعهم في النواويس والحمَّامات والقِباب الخضر، والشُّرَف على حيطان الدار، وكالعَقْد على الدِّهليز وما أشبهَ ذلكَ ، فقال بعض من حضر: كُتُبُ الحكماءِ وَما دَوَّنت العلماءُ من صنوف البلاغات والصِّناعات، والآداب والأرفاق، من القرون السابقة والأمم الخالية، ومن له بقيَّة ومن لا بقيّة له، أبقى ذكراً وأرفعُ قدراً وأكثر ردّاً، لأنَّ الحكمةَ أنفعُ لمن ورثها، من جهة الانتفاع بها، وأحسنُ في الأحدوثة، لمن أحبَّ الذكر الجميل.
طمس الملوك والأمراء آثار من قبلهم والكتبُ بذلك أولى من بُنيان الحجارة وحِيطان المدَر؛ لأنَّ من شأن الملوك أن يطمِسوا على آثار مَن قبلَهمُ، وأن يُميتوا ذكرَ أعدائهم، فقد هدَموا بذلك السبب أكثرَ المدنِ وأكثرَ الحصون، كذلك كانوا أيَّامَ العجَم وأيَّامَ الجاهليّة، وعلى ذلك همْ في أيّام الإسلام، كما هدم عُثمانُ صومعةَ غُمدان، وكما هدمَ الآطامَ التي كانت بالمدينة، وكما هدم زيادٌ كلَّ قصر ومصنَع كان لابن عامر، وكما هدم أصحابُنا بناءَ مدن الشامات لبني مروان.
وليس في الأرض أمّةٌ بها طِرْق أَوْ لها مُسْكَة، ولا جيلٌ لهم قبضٌ وبسْط، إلاّ ولهم خطّ، فأمّا أصحاب الملك والمملكة، والسلطانِ والجِباية، والدِّيانة والعبادة، فهناك الكتابُ المتقَن، والحساب المحكَم، ولا يخرج الخطُّ من الجزْم والمسنَد المنمنم والسمون كيف كان، قال ذلك الهيثمُ بن عدي، وابن الكلبي.
تخليد الأمم لمآثرها قال: فكلُّ أمّةٍ تعتمدُ في استبقاءِ مآثرها، وتحصين مناقبها، على ضربٍ من الضروب، وشكل من الأشكال.
تخليد العرب لمآثرها وكانت العربُ في جاهليَّتها تحتال في تخليدها، بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون، والكلام المقفَّى، وكان ذلك هو ديوانها، وعلى أنّ الشعرَ يُفيد فضيلةَ البيانِ، على الشاعر الراغب، والمادح، وفضيلةَ المأثُرة، على السيِّد المرغوبِ إليه، والممدوحِ به، وذهبت العجَم عَلَى أن تقيِّد مآثرَها بالبُنيان، فبنوا مثلَ كرد بيداد، وبنى أرْدشير بيضاء إصطَخْر، وبيضاء المدائن، والحَضْر، والمدن والحصون، والقناطر والجسور، والنواويس، قال: ثمَّ إنّ العربَ أحبَّتْ أن تشارك العجمَ في البناءِ، وتنفرد بالشعر، فبنوا غُمدان، وكعبةَ نَجْران، وقصرَ مارد، وقصر مأرب، وقصر شعوب والأبلق الفرد، وفيه وفي مارد، قالوا تمرَّدَ مارِدٌ وعزَّ الأبلق وغيرَ ذلك من البُنيان، قال: ولذلك لم تكن الفرسُ تبيح شريفَ البُنيان، كما لا تبيح شريف الأسماء، إلاّ لأهل البيوتات، كصنيعهم في النواويس والحمَّامات والقِباب الخضر، والشُّرَف على حيطان الدار، وكالعَقْد على الدِّهليز وما أشبهَ ذلكَ ، فقال بعض من حضر: كُتُبُ الحكماءِ وَما دَوَّنت العلماءُ من صنوف البلاغات والصِّناعات، والآداب والأرفاق، من القرون السابقة والأمم الخالية، ومن له بقيَّة ومن لا بقيّة له، أبقى ذكراً وأرفعُ قدراً وأكثر ردّاً، لأنَّ الحكمةَ أنفعُ لمن ورثها، من جهة الانتفاع بها، وأحسنُ في الأحدوثة، لمن أحبَّ الذكر الجميل.
طمس الملوك والأمراء آثار من قبلهم والكتبُ بذلك أولى من بُنيان الحجارة وحِيطان المدَر؛ لأنَّ من شأن الملوك أن يطمِسوا على آثار مَن قبلَهمُ، وأن يُميتوا ذكرَ أعدائهم، فقد هدَموا بذلك السبب أكثرَ المدنِ وأكثرَ الحصون، كذلك كانوا أيَّامَ العجَم وأيَّامَ الجاهليّة، وعلى ذلك همْ في أيّام الإسلام، كما هدم عُثمانُ صومعةَ غُمدان، وكما هدمَ الآطامَ التي كانت بالمدينة، وكما هدم زيادٌ كلَّ قصر ومصنَع كان لابن عامر، وكما هدم أصحابُنا بناءَ مدن الشامات لبني مروان.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
مواضيع مماثلة
» منفعة الخط - للجـــــــــــــــاحــــــــــــــظ
» أقوال الشعراء في الخط - للجـــــــــــاحــــــــــــــــظ
» بالصور.. "القومية للأنفاق": تبدء اختبارات تشغيل الخط الثالث للمترو
» أزمة جديدة في أنابيب البوتاجاز وسعر الأسطوانة يصل 20 جنيهاً ورقم الخط الساخن للشكاوى
» أقوال الشعراء في الخط - للجـــــــــــاحــــــــــــــــظ
» بالصور.. "القومية للأنفاق": تبدء اختبارات تشغيل الخط الثالث للمترو
» أزمة جديدة في أنابيب البوتاجاز وسعر الأسطوانة يصل 20 جنيهاً ورقم الخط الساخن للشكاوى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى