فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
2 مشترك
صفحة 3 من اصل 3
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
قال مجاهد:كانت المرأة تخرج تمشي بين الرجال . فذلك تبرج الجاهلية !
وقال قتادة:وكانت لهن مشية تكسر وتغنج . فنهى الله تعالى عن ذلك !
وقال مقاتل بن حيان:والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيداري قلائدها وقرطها وعنقها , ويبدو ذلك كله منها . وذلك التبرج !
وقال ابن كثير في التفسير:كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء ; وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها . فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن .
هذه هي صور التبرج في الجاهلية التي عالجها القرآن الكريم . ليطهر المجتمع الإسلامي من آثارها ويبعد عنه عوامل الفتنة , ودواعي الغواية ; ويرفع آدابه وتصوراته ومشاعره وذوقه كذلك !
ونقول:ذوقه . . فالذوق الإنساني الذي يعجب بمفاتن الجسد العاري ذوق بدائي غليظ . وهو من غير شك أحط من الذوق الذي يعجب بجمال الحشمة الهادئ , وما يشي به من جمال الروح , وجمال العفة , وجمال المشاعر .
وهذا المقياس لا يخطئ في معرفة ارتفاع المستوى الإنساني وتقدمه . فالحشمة جميلة جمالا حقيقيا رفيعا . ولكن هذا الجمال الراقي لا يدركه أصحاب الذوق الجاهلي الغليظ , الذي لا يرى إلا جمال اللحم العاري , ولا يسمع إلا هتاف اللحم الجاهر !
ويشير النص القرآني إلى تبرج الجاهلية , فيوحي بأن هذا التبرج من مخلفات الجاهلية . التي يرتفع عنها من تجاوز عصر الجاهلية , وارتفعت تصوراته ومثله ومشاعره عن تصورات الجاهلية ومثلها ومشاعرها .
والجاهلية ليست فترة معينة من الزمان . إنما هي حالة اجتماعية معينة , ذات تصورات معينة للحياة . ويمكن أن توجد هذه الحالة , وأن يوجد هذا التصور في أي زمان وفي أي مكان , فيكون دليلا على الجاهلية حيث كان !
وبهذا المقياس نجد أننا نعيش الآن في فترة جاهلية عمياء , غليظة الحس , حيوانية التصور , هابطة في درك البشرية إلى حضيض مهين . وندرك أنه لا طهارة ولا زكاة ولا بركة في مجتمع يحيا هذه الحياة ; ولا يأخذ بوسائل التطهر والنظافة التي جعلها الله سبيل البشرية إلى التطهر من الرجس , والتخلص من الجاهلية الأولى ; وأخذ بها , أول من أخذ , أهل بيت النبي [ ص ] على طهارته ووضاءته ونظافته .
والقرآن الكريم يوجه نساء النبي [ ص ] إلى تلك الوسائل ; ثم يربط قلوبهن بالله , ويرفع أبصارهن إلى الأفق الوضيء الذي يستمددن منه النور , والعون على التدرج في مراقي ذلك الأفق الوضيء:
وقال قتادة:وكانت لهن مشية تكسر وتغنج . فنهى الله تعالى عن ذلك !
وقال مقاتل بن حيان:والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيداري قلائدها وقرطها وعنقها , ويبدو ذلك كله منها . وذلك التبرج !
وقال ابن كثير في التفسير:كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء ; وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها . فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن .
هذه هي صور التبرج في الجاهلية التي عالجها القرآن الكريم . ليطهر المجتمع الإسلامي من آثارها ويبعد عنه عوامل الفتنة , ودواعي الغواية ; ويرفع آدابه وتصوراته ومشاعره وذوقه كذلك !
ونقول:ذوقه . . فالذوق الإنساني الذي يعجب بمفاتن الجسد العاري ذوق بدائي غليظ . وهو من غير شك أحط من الذوق الذي يعجب بجمال الحشمة الهادئ , وما يشي به من جمال الروح , وجمال العفة , وجمال المشاعر .
وهذا المقياس لا يخطئ في معرفة ارتفاع المستوى الإنساني وتقدمه . فالحشمة جميلة جمالا حقيقيا رفيعا . ولكن هذا الجمال الراقي لا يدركه أصحاب الذوق الجاهلي الغليظ , الذي لا يرى إلا جمال اللحم العاري , ولا يسمع إلا هتاف اللحم الجاهر !
ويشير النص القرآني إلى تبرج الجاهلية , فيوحي بأن هذا التبرج من مخلفات الجاهلية . التي يرتفع عنها من تجاوز عصر الجاهلية , وارتفعت تصوراته ومثله ومشاعره عن تصورات الجاهلية ومثلها ومشاعرها .
والجاهلية ليست فترة معينة من الزمان . إنما هي حالة اجتماعية معينة , ذات تصورات معينة للحياة . ويمكن أن توجد هذه الحالة , وأن يوجد هذا التصور في أي زمان وفي أي مكان , فيكون دليلا على الجاهلية حيث كان !
وبهذا المقياس نجد أننا نعيش الآن في فترة جاهلية عمياء , غليظة الحس , حيوانية التصور , هابطة في درك البشرية إلى حضيض مهين . وندرك أنه لا طهارة ولا زكاة ولا بركة في مجتمع يحيا هذه الحياة ; ولا يأخذ بوسائل التطهر والنظافة التي جعلها الله سبيل البشرية إلى التطهر من الرجس , والتخلص من الجاهلية الأولى ; وأخذ بها , أول من أخذ , أهل بيت النبي [ ص ] على طهارته ووضاءته ونظافته .
والقرآن الكريم يوجه نساء النبي [ ص ] إلى تلك الوسائل ; ثم يربط قلوبهن بالله , ويرفع أبصارهن إلى الأفق الوضيء الذي يستمددن منه النور , والعون على التدرج في مراقي ذلك الأفق الوضيء:
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
(وأقمن الصلاة , وآتين الزكاة , وأطعن الله ورسوله). .
وعبادة الله ليست بمعزل عن السلوك الاجتماعي أو الأخلاقي في الحياة ; إنما هي الطريق للإرتفاع إلى ذلك المستوى ; والزاد الذي يقطع به السالك الطريق . فلا بد من صلة بالله يأتي منها المدد والزاد . ولا بد من صلة بالله تطهر القلب وتزكيه . ولا بد من صلة بالله يرتفع بها الفرد على عرف الناس وتقاليد المجتمع وضغط البيئة ; ويشعر أنه أهدى وأعلى من الناس والمجتمع والبيئة . وأنه حري أن يقود الآخرين إلى النور الذي يراه ; لا أن يقوده الآخرون إلى الظلمات وإلى الجاهلية التي تغرق فيها الحياة , كلما انحرفت عن طريق الله .
والإسلام وحدة تجمع الشعائر والآداب والأخلاق والتشريعات والنظم . . كلها في نطاق العقيدة . ولكل منها دور تؤديه في تحقيق هذه العقيدة ; وتتناسق كلها في اتجاه واحد ; ومن هذا التجمع والتناسق يقوم الكيان العام لهذا الدين . وبدونهما لا يقوم هذا الكيان .
ومن ثم كان الأمر بإقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , وطاعة الله ورسوله , هو خاتمة التوجيهات الشعورية والأخلاقية والسلوكية لأهل البيت الكريم . لأنه لا يقوم شيء من تلك التوجيهات بغير العبادة والطاعة . . وكل ذلك لحكمة وقصد وهدف:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). .
وفي التعبير إيحاءات كثيرة , كلها رفاف , رفيق , حنون . .
فهو يسميهم (أهل البيت)بدون وصف للبيت ولا إضافة . كأنما هذا البيت هو(البيت)الواحد في هذا العالم , المستحق لهذه الصفة . فإذا قيل(البيت)فقد عرف وحدد ووصف . ومثل هذا قيل عن الكعبة . بيت الله . فسميت البيت . والبيت الحرام . فالتعبير عن بيت رسول الله [ ص ] كذلك تكريم وتشريف واختصاص عظيم .
وهو يقول: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس - أهل البيت - ويطهركم تطهيرا). . وفي العبارة تلطف ببيان علة التكليف وغايته . تلطف يشي بأن الله سبحانه - يشعرهم بأنه بذاته العلية - يتولى تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم . وهي رعاية علوية مباشرة بأهل هذا البيت . وحين نتصور من هو القائل - سبحانه وتعالى - رب هذا الكون . الذي قال للكون:كن . فكان . الله ذو الجلال والإكرام . المهيمن العزيز الجبار المتكبر . . حين نتصور من هو القائل - جل وعلا - ندرك مدى هذا التكريم العظيم .
وهو - سبحانه - يقول هذا في كتابه الذي يتلى في الملأ الأعلى , ويتلى في هذه الأرض , في كل بقعة وفي كل أوان ; وتتعبد به ملايين القلوب , وتتحرك به ملايين الشفاه .
وعبادة الله ليست بمعزل عن السلوك الاجتماعي أو الأخلاقي في الحياة ; إنما هي الطريق للإرتفاع إلى ذلك المستوى ; والزاد الذي يقطع به السالك الطريق . فلا بد من صلة بالله يأتي منها المدد والزاد . ولا بد من صلة بالله تطهر القلب وتزكيه . ولا بد من صلة بالله يرتفع بها الفرد على عرف الناس وتقاليد المجتمع وضغط البيئة ; ويشعر أنه أهدى وأعلى من الناس والمجتمع والبيئة . وأنه حري أن يقود الآخرين إلى النور الذي يراه ; لا أن يقوده الآخرون إلى الظلمات وإلى الجاهلية التي تغرق فيها الحياة , كلما انحرفت عن طريق الله .
والإسلام وحدة تجمع الشعائر والآداب والأخلاق والتشريعات والنظم . . كلها في نطاق العقيدة . ولكل منها دور تؤديه في تحقيق هذه العقيدة ; وتتناسق كلها في اتجاه واحد ; ومن هذا التجمع والتناسق يقوم الكيان العام لهذا الدين . وبدونهما لا يقوم هذا الكيان .
ومن ثم كان الأمر بإقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , وطاعة الله ورسوله , هو خاتمة التوجيهات الشعورية والأخلاقية والسلوكية لأهل البيت الكريم . لأنه لا يقوم شيء من تلك التوجيهات بغير العبادة والطاعة . . وكل ذلك لحكمة وقصد وهدف:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). .
وفي التعبير إيحاءات كثيرة , كلها رفاف , رفيق , حنون . .
فهو يسميهم (أهل البيت)بدون وصف للبيت ولا إضافة . كأنما هذا البيت هو(البيت)الواحد في هذا العالم , المستحق لهذه الصفة . فإذا قيل(البيت)فقد عرف وحدد ووصف . ومثل هذا قيل عن الكعبة . بيت الله . فسميت البيت . والبيت الحرام . فالتعبير عن بيت رسول الله [ ص ] كذلك تكريم وتشريف واختصاص عظيم .
وهو يقول: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس - أهل البيت - ويطهركم تطهيرا). . وفي العبارة تلطف ببيان علة التكليف وغايته . تلطف يشي بأن الله سبحانه - يشعرهم بأنه بذاته العلية - يتولى تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم . وهي رعاية علوية مباشرة بأهل هذا البيت . وحين نتصور من هو القائل - سبحانه وتعالى - رب هذا الكون . الذي قال للكون:كن . فكان . الله ذو الجلال والإكرام . المهيمن العزيز الجبار المتكبر . . حين نتصور من هو القائل - جل وعلا - ندرك مدى هذا التكريم العظيم .
وهو - سبحانه - يقول هذا في كتابه الذي يتلى في الملأ الأعلى , ويتلى في هذه الأرض , في كل بقعة وفي كل أوان ; وتتعبد به ملايين القلوب , وتتحرك به ملايين الشفاه .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
وأخيرا فإنه يجعل تلك الأوامر والتوجيهات وسيلة لإذهاب الرجس وتطهير البيت . فالتطهير من التطهر , وإذهاب الرجس يتم بوسائل يأخذ الناس بها أنفسهم , ويحققونها في واقع الحياة العملي . وهذا هو طريق الإسلام . . شعور وتقوى في الضمير . وسلوك وعمل في الحياة . يتم بهما معا تمام الإسلام , وتتحقق بهما أهدافه واتجاهاته في الحياة .
ويختم هذه التوجيهات لنساء النبي [ ص ] بمثل ما بدأها به . . بتذكيرهن بعلو مكانتهن , وامتيازهن على النساء , بمكانهن من رسول الله [ ص ] وبما أنعم الله عليهن فجعل بيوتهن مهبط القرآن ومنزل الحكمة , ومشرق النور والهدى والإيمان:
(واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة . إن الله كان لطيفا خبيرا). .
وإنه لحظ عظيم يكفي التذكير به , لتحس النفس جلالة قدره , ولطيف صنع الله فيه , وجزالة النعمة التي لا يعدلها نعيم .
وهذا التذكير يجيء كذلك في ختام الخطاب الذي بدأ بتخيير نساء النبي [ ص ] بين متاع الحياة الدنيا وزينتها , وإيثار الله ورسوله والدار الآخرة . فتبدو جزالة النعمة التي ميزهن الله بها ; وضآلة الحياة الدنيا بمتاعها كله وزينتها . .
الدرس الرابع:35 من صفات الصالحين والصالحات
وفي صدد تطهير الجماعة الإسلامية , وإقامة حياتها على القيم التي جاء بها الإسلام . الرجال والنساء في هذا سواء . لأنهم في هذ المجال سواء . . يذكر الصفات التي تحقق تلك القيم في دقة وإسهاب وتفصيل:
(إن المسلمين والمسلمات , والمؤمنين والمؤمنات , والقانتين والقانتات , والصادقين والصادقات , والصابرين والصابرات , والخاشعين والخاشعات , والمتصدقين والمتصدقات , والصائمين والصائمات , والحافظين فروجهم والحافظات , والذاكرين الله كثيرا والذاكرات . . أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما). . .
وهذه الصفات الكثيرة التي جمعت في هذه الآية تتعاون في تكوين النفس المسلمة . فهي الإسلام , والإيمان ,
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)
والقنوت , والصدق , والصبر , والخشوع , والتصدق , والصوم , وحفظ الفروج , وذكر الله كثيرا . . ولكل منها قيمته في بناء الشخصية المسلمة .
والإسلام:الاستسلام , والإيمان التصديق . وبينهما صلة وثيقة أو أن أحدهما هو الوجه الثاني للآخر . فالاستسلام إنما هو مقتضى التصديق . والتصديق الحق ينشأ عنه الاستسلام .
والقنوت:الطاعة الناشئة من الإسلام والإيمان , عن رضى داخلي لا عن إكراه خارجي .
والصدق:هو الصفة التي يخرج من لا يتصف بها من صفوف الأمة المسلمة لقوله تعالى: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله)فالكاذب مطرود من الصف . صف هذه الأمة الصادقة .
والصبر:هو الصفة التي لا يستطيع المسلم حمل عقيدته والقيام بتكاليفها إلا بها . وهي تحتاج إلى الصبر في كل خطوة من خطواتها . الصبر على شهوات النفس , وعلى مشاق الدعوة , وعلى أذى الناس . وعلى التواء النفوس وضعفها وانحرافها وتلونها . وعلى الابتلاء والامتحان والفتنة . وعلى السراء والضراء , والصبر على كلتيهما شاق عسير .
والخشوع:صفة القلب والجوارح , الدالة على تأثر القلب بجلال الله , واستشعار هيبته وتقواه .
والتصدق:وهو دلالة التطهر من شح النفس , والشعور بمرحمة الناس , والتكافل في الجماعة المسلمة . والوفاء بحق المال . وشكر المنعم على العطاء .
والصوم:والنص يجعله صفة من الصفات إشارة إلى اطراده وانتظامه . وهو استعلاء على الضرورات , وصبر عن الحاجات الأولية للحياة . وتقرير للإرادة , وتوكيد لغلبة الإنسان في هذا الكائن البشري على الحيوان .
وحفظ الفرج:وما فيه من تطهر , وضبط لأعنف ميل وأعمقه في تركيب كيان الإنسان , وسيطرة على الدفعة التي لا يسيطر عليها إلا تقي يدركه عون الله . وتنظيم للعلاقات , واستهداف لما هو أرفع من فورة اللحم والدم في التقاء الرجل والمرأة , وإخضاع هذا الالتقاء لشريعة الله , وللحكمة العليا من خلق الجنسين في عمارة الأرض وترقية الحياة .
وذكر الله كثيرا:وهو حلقة الاتصال بين نشاط الإنسان كله وعقيدته في الله . واستشعار القلب لله في كل لحظة ; فلا ينفصل بخاطر ولا حركة عن العروة الوثقى . وإشراق القلب ببشاشة الذكر , الذي يسكب فيه النور والحياة .
هؤلاء الذين تتجمع فيهم هذه الصفات , المتعاونة في بناء الشخصية المسلمة الكاملة . . هؤلاء (أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما). .
وهكذا يعمم النص في الحديث عن صفة المسلم والمسلمة ومقومات شخصيتهما , بعدما خصص نساء النبي [ ص ] في أول هذا الشوط من السورة . وتذكر المرأة في الآية بجانب الرجل كطرف من عمل الإسلام في رفع قيمة المرأة , وترقية النظرة إليها في المجتمع , وإعطائها مكانها إلى جانب الرجل فيما هما فيه سواء من العلاقة بالله ; ومن تكاليف هذه العقيدة في التطهر والعبادة والسلوك القويم في الحياة . .
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً (36)
الوحدة الرابعة:36 - 48 الموضوع:حقائق حول الخضوع لحكم الله وذكره ومهمة الرسول عليه السلام وزواجه بزينب بنت جحش
هذا الدرس شوط جديد في إعادة تنظيم الجماعة المسلمة على أساس التصور الإسلامي . وهو يختص ابتداء بإبطال نظام التبني الذي ورد الحديث عنه في أول السورة . وقد شاء الله أن ينتدب لإبطال هذا التقليد من الناحية العملية رسوله [ ص ] وقد كانت العرب تحرم مطلقة الابن بالتبني حرمة مطلقة الابن من النسب ; وما كانت تطيق أن تحل مطلقات الأدعياء عملا , إلا أن توجد سابقة تقرر هذه القاعدة الجديدة . فانتدب الله رسوله ليحمل هذا العبء فيما يحمل من أعباء الرسالة . وسنرى من موقف النبي [ ص ] من هذه التجربة أنه ما كان سواه قادرا على احتمال هذا العبء الجسيم , ومواجهة المجتمع بمثل هذه الخارقة لمألوفه العميق ! وسنرى كذلك أن التعقيب على الحادث كان تعقيبا طويلا لربط النفوس بالله ولبيان علاقه المسلمين بالله وعلاقتهم بنبيهم , ووظيفة النبي بينهم . . كل ذلك لتيسير الأمر على النفوس , وتطييب القلوب لتقبل أمرالله في هذا التنظيم بالرضى والتسليم .
ولقد سبق الحديث عن الحادث تقرير قاعدة أن الأمر لله ورسوله , وأنه(ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). مما يوحي كذلك بصعوبة هذا الأمر الشاق المخالف لمألوف العرب وتقاليدهم العنيفة .
الدرس الأول:36 تحطيم الرسول عليه السلام الفوارق بين المسلمين
(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا). .
ويختم هذه التوجيهات لنساء النبي [ ص ] بمثل ما بدأها به . . بتذكيرهن بعلو مكانتهن , وامتيازهن على النساء , بمكانهن من رسول الله [ ص ] وبما أنعم الله عليهن فجعل بيوتهن مهبط القرآن ومنزل الحكمة , ومشرق النور والهدى والإيمان:
(واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة . إن الله كان لطيفا خبيرا). .
وإنه لحظ عظيم يكفي التذكير به , لتحس النفس جلالة قدره , ولطيف صنع الله فيه , وجزالة النعمة التي لا يعدلها نعيم .
وهذا التذكير يجيء كذلك في ختام الخطاب الذي بدأ بتخيير نساء النبي [ ص ] بين متاع الحياة الدنيا وزينتها , وإيثار الله ورسوله والدار الآخرة . فتبدو جزالة النعمة التي ميزهن الله بها ; وضآلة الحياة الدنيا بمتاعها كله وزينتها . .
الدرس الرابع:35 من صفات الصالحين والصالحات
وفي صدد تطهير الجماعة الإسلامية , وإقامة حياتها على القيم التي جاء بها الإسلام . الرجال والنساء في هذا سواء . لأنهم في هذ المجال سواء . . يذكر الصفات التي تحقق تلك القيم في دقة وإسهاب وتفصيل:
(إن المسلمين والمسلمات , والمؤمنين والمؤمنات , والقانتين والقانتات , والصادقين والصادقات , والصابرين والصابرات , والخاشعين والخاشعات , والمتصدقين والمتصدقات , والصائمين والصائمات , والحافظين فروجهم والحافظات , والذاكرين الله كثيرا والذاكرات . . أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما). . .
وهذه الصفات الكثيرة التي جمعت في هذه الآية تتعاون في تكوين النفس المسلمة . فهي الإسلام , والإيمان ,
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)
والقنوت , والصدق , والصبر , والخشوع , والتصدق , والصوم , وحفظ الفروج , وذكر الله كثيرا . . ولكل منها قيمته في بناء الشخصية المسلمة .
والإسلام:الاستسلام , والإيمان التصديق . وبينهما صلة وثيقة أو أن أحدهما هو الوجه الثاني للآخر . فالاستسلام إنما هو مقتضى التصديق . والتصديق الحق ينشأ عنه الاستسلام .
والقنوت:الطاعة الناشئة من الإسلام والإيمان , عن رضى داخلي لا عن إكراه خارجي .
والصدق:هو الصفة التي يخرج من لا يتصف بها من صفوف الأمة المسلمة لقوله تعالى: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله)فالكاذب مطرود من الصف . صف هذه الأمة الصادقة .
والصبر:هو الصفة التي لا يستطيع المسلم حمل عقيدته والقيام بتكاليفها إلا بها . وهي تحتاج إلى الصبر في كل خطوة من خطواتها . الصبر على شهوات النفس , وعلى مشاق الدعوة , وعلى أذى الناس . وعلى التواء النفوس وضعفها وانحرافها وتلونها . وعلى الابتلاء والامتحان والفتنة . وعلى السراء والضراء , والصبر على كلتيهما شاق عسير .
والخشوع:صفة القلب والجوارح , الدالة على تأثر القلب بجلال الله , واستشعار هيبته وتقواه .
والتصدق:وهو دلالة التطهر من شح النفس , والشعور بمرحمة الناس , والتكافل في الجماعة المسلمة . والوفاء بحق المال . وشكر المنعم على العطاء .
والصوم:والنص يجعله صفة من الصفات إشارة إلى اطراده وانتظامه . وهو استعلاء على الضرورات , وصبر عن الحاجات الأولية للحياة . وتقرير للإرادة , وتوكيد لغلبة الإنسان في هذا الكائن البشري على الحيوان .
وحفظ الفرج:وما فيه من تطهر , وضبط لأعنف ميل وأعمقه في تركيب كيان الإنسان , وسيطرة على الدفعة التي لا يسيطر عليها إلا تقي يدركه عون الله . وتنظيم للعلاقات , واستهداف لما هو أرفع من فورة اللحم والدم في التقاء الرجل والمرأة , وإخضاع هذا الالتقاء لشريعة الله , وللحكمة العليا من خلق الجنسين في عمارة الأرض وترقية الحياة .
وذكر الله كثيرا:وهو حلقة الاتصال بين نشاط الإنسان كله وعقيدته في الله . واستشعار القلب لله في كل لحظة ; فلا ينفصل بخاطر ولا حركة عن العروة الوثقى . وإشراق القلب ببشاشة الذكر , الذي يسكب فيه النور والحياة .
هؤلاء الذين تتجمع فيهم هذه الصفات , المتعاونة في بناء الشخصية المسلمة الكاملة . . هؤلاء (أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما). .
وهكذا يعمم النص في الحديث عن صفة المسلم والمسلمة ومقومات شخصيتهما , بعدما خصص نساء النبي [ ص ] في أول هذا الشوط من السورة . وتذكر المرأة في الآية بجانب الرجل كطرف من عمل الإسلام في رفع قيمة المرأة , وترقية النظرة إليها في المجتمع , وإعطائها مكانها إلى جانب الرجل فيما هما فيه سواء من العلاقة بالله ; ومن تكاليف هذه العقيدة في التطهر والعبادة والسلوك القويم في الحياة . .
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً (36)
الوحدة الرابعة:36 - 48 الموضوع:حقائق حول الخضوع لحكم الله وذكره ومهمة الرسول عليه السلام وزواجه بزينب بنت جحش
هذا الدرس شوط جديد في إعادة تنظيم الجماعة المسلمة على أساس التصور الإسلامي . وهو يختص ابتداء بإبطال نظام التبني الذي ورد الحديث عنه في أول السورة . وقد شاء الله أن ينتدب لإبطال هذا التقليد من الناحية العملية رسوله [ ص ] وقد كانت العرب تحرم مطلقة الابن بالتبني حرمة مطلقة الابن من النسب ; وما كانت تطيق أن تحل مطلقات الأدعياء عملا , إلا أن توجد سابقة تقرر هذه القاعدة الجديدة . فانتدب الله رسوله ليحمل هذا العبء فيما يحمل من أعباء الرسالة . وسنرى من موقف النبي [ ص ] من هذه التجربة أنه ما كان سواه قادرا على احتمال هذا العبء الجسيم , ومواجهة المجتمع بمثل هذه الخارقة لمألوفه العميق ! وسنرى كذلك أن التعقيب على الحادث كان تعقيبا طويلا لربط النفوس بالله ولبيان علاقه المسلمين بالله وعلاقتهم بنبيهم , ووظيفة النبي بينهم . . كل ذلك لتيسير الأمر على النفوس , وتطييب القلوب لتقبل أمرالله في هذا التنظيم بالرضى والتسليم .
ولقد سبق الحديث عن الحادث تقرير قاعدة أن الأمر لله ورسوله , وأنه(ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). مما يوحي كذلك بصعوبة هذا الأمر الشاق المخالف لمألوف العرب وتقاليدهم العنيفة .
الدرس الأول:36 تحطيم الرسول عليه السلام الفوارق بين المسلمين
(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا). .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
روي أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش - رضي الله عنها - حينما أراد النبي [ ص ] أن يحطم الفوارق الطبقية الموروثة في الجماعة المسلمة ; فيرد الناس سواسية كأسنان المشط . لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى . وكان الموالي - وهم الرقيق المحرر - طبقة أدنى من طبقة السادة . ومن هؤلاء كان زيد بن حارثة مولى رسول الله [ ص ] الذي تبناه . فأراد رسول الله [ ص ] أن يحقق المساواة الكاملة بتزويجه من شريفة من بني هاشم , قريبته [ ص ] زينب بنت جحش ; ليسقط تلك الفوارق الطبقية بنفسه , في أسرته . وكانت هذه الفوارق من العمق والعنف بحيث لا يحطمها إلا فعل واقعي من رسول الله [ ص ] تتخذ منه الجماعة المسلمة اسوة , وتسير البشرية كلها على هداه في هذا الطريق .
روى ابن كثير في التفسير قال:قال العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -:قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة). الآية . وذلك أن رسول الله [ ص ] انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فدخل على زينب بنت جحش الأسدية - رضي الله عنها - فخطبها , فقالت:لست بناكحته ! فقال رسول الله [ ص ]:" بلى فانكحيه " . قالت:يا رسول الله . أؤامر في نفسي ? فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله [ ص ] (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا). . الآية . قالت:قد رضيته لي يا رسول الله منكحا ? قال رسول الله [ ص ]:" نعم " ! قالت:إذن لا أعصي رسول الله [ ص ] قد أنكحته نفسي !
وقال ابن لهيعة عن أبي عمرة عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:خطب رسول الله [ ص ] زينب بنت جحش لزيد بن حارثة - رضي الله عنه - فاستنكفت منه , وقالت:أنا خير منه حسبا - وكانت امرأة فيها حدة - فأنزل الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة . . .)الآية كلها .
وهكذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان أنها نزلت في زينب بنت جحش - رضي الله عنها - حين خطبها رسول الله [ ص ] على مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فامتنعت ثم أجابت .
وروى ابن كثير في التفسير كذلك رواية أخرى قال:وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - رضي الله عنها - وكانت أول من هاجر من النساء - يعني بعد صلح الحديبية - فوهبت نفسها للنبي [ ص ] فقال:" قد قبلت " . فزوجها زيد بن حارثة - رضي الله عنه - [ يعني والله أعلم بعد فراقه زينب ] فسخطت هي وأخوها , وقال:إنما أردنا رسول الله [ ص ]فزوجنا عبده ! قال:فنزل القرآن: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا)إلى آخر الآية . قال:وجاء أمر أجمع من هذا: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)قال:فذاك خاص وهذا أجمع .
وفي رواية ثالثة:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر , عن ثابت البناني , عن أنس - رضي الله عنه - قال:خطب النبي [ ص ] على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها . فقال:حتى أستأمر أمها . فقال النبي [ ص ]:" فنعم إذن " . قال:فانطلق الرجل إلى امرأته , فذكر ذلك لها , فقالت:لاها الله ! إذن ما وجد رسول الله [ ص ] إلا جليبيبا , وقد منعناها من فلان وفلان ? قال:والجارية في سترها تسمع . قال:فانطلق الرجل يريد أن يخبر رسول الله [ ص ] بذلك . فقالت الجارية:أتريدون أن تردوا على رسول الله [ ص ] أمره ? إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه . قال:فكأنها جلت عن أبويها . وقالا:صدقت . فذهب أبوها إلى رسول الله [ ص ] فقال:إن كنت قد رضيته فقد رضيناه . قال [ ص ] " فإني قد رضيته " . قال:فزوجها . . ثم فزع أهل المدينة , فركب جليبيب , فوجدوه قد قتل , وحوله ناس من المشركين قد قتلهم . قال أنس - رضي الله عنه - فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت بالمدينة . .
فهذه الروايات - إن صحت - تعلق هذه الآية بحادث زواج زينب من زيد - رضي الله عنهما - أو زواجه من أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط .
وقد أثبتنا الرواية الثالثة عن جليبيب لأنها تدل على منطق البيئة الذي توكل الإسلام بتحطيمه , وتولى رسول الله [ ص ] تغييره بفعله وسنته . وهو جزء من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة على أساس منطق الإسلام الجديد , وتصوره للقيم في هذه الأرض , وانطلاق النزعة التحررية القائمة على منهج الإسلام , المستمدة من روحه العظيم .
ولكن نص الآية أعم من أي حادث خاص . وقد تكون له علاقة كذلك بإبطال آثار التبني , وإحلال مطلقات الأدعياء , وحادث زواج رسول الله [ ص ] من زينب - رضي الله عنها - بعد طلاقها من زيد . الأمر الذي كانت له ضجة عظيمة في حينه . والذي ما يزال يتخذه بعض أعداء الإسلام تكأة للطعن على رسول الله [ ص ] حتى اليوم , ويلفقون حوله الأساطير !
وسواء كان سبب نزول الآية ما جاء في تلك الروايات , أو كانت بصدد زواج الرسول [ ص ] من زينب - رضي الله عنها - فإن القاعدة التي تقررها الآية أعم وأشمل , وأعمق جدا في نفوس المسلمين وحياتهم وتصورهم الأصيل .
فهذا المقوم من مقومات العقيدة هو الذي استقر في قلوب تلك الجماعة الأولى من المسلمين استقرارا حقيقيا ; واستيقنته أنفسهم , وتكيفت به مشاعرهم . . هذا المقوم يتلخص في أنه ليس لهم في أنفسهم شيء ; وليس لهم من أمرهم شيء . إنما هم وما ملكت أيديهم لله . يصرفهم كيف يشاء , ويختار لهم ما يريد . وإن هم إلا بعض هذا الوجود الذي يسير وفق الناموس العام . وخالق هذا الوجود ومدبره يحركهم مع حركة الوجود العام ; ويقسم لهم دورهم في رواية الوجود الكبيرة ; ويقرر حركاتهم على مسرح الوجود العظيم . وليس لهم أن يختاروا الدور الذي يقومون به , لأنهم لا يعرفون الرواية كاملة ; وليس لهم أن يختاروا الحركة التي يحبونها لأن ما يحبونه قد لا يستقيم مع الدور الذي خصص لهم ! وهم ليسوا أصحاب الرواية ولا المسرح ; وإن هم إلا أجراء ,لهم أجرهم على العمل , وليس لهم ولا عليهم في النتيجة !
عندئذ أسلموا أنفسهم حقيقة لله . أسلموها بكل ما فيها ; فلم يعد لهم منها شيء . وعندئذ استقامت نفوسهم مع فطرة الكون كله ; واستقامت حركاتهم مع دورته العامة ; وساروا في فلكهم كما تسير تلك الكواكب والنجوم في أفلاكها , لا تحاول أن تخرج عنها , ولا أن تسرع أو تبطئ في دورتها المتناسقة مع حركة الوجود كله .
وعندئذ رضيت نفوسهم بكل ما يأتي به قدر الله , لشعورهم الباطن الواصل بأن قدر الله هوالذي يصرف كل شيء , وكل أحد , وكل حادث , وكل حالة . واستقبلوا قدر الله فيهم بالمعرفة المدركة المريحة الواثقة المطمئنة .
وشيئا فشيئا لم يعودوا يحسون بالمفاجأة لقدر الله حين يصيبهم , ولا بالجزع الذي يعالج بالتجمل ; أو بالألم الذي يعالج بالصبر . إنما عادوا يستقبلون قدر الله استقبال العارف المنتظر المرتقب لأمر مألوف في حسه , معروف في ضميره , ولا يثير مفاجأة ولا رجفة ولا غرابة !
ومن ثم لم يعودوا يستعجلون دورة الفلك ليقضوا أمرا هم يريدون قضاءه , ولم يعودوا يستبطئون الأحداث لأن لهم أربا يستعجلون تحقيقه , ولو كان هذا الأرب هو نصر دعوتهم وتمكينها ! إنما ساروا في طريقهم مع قدر الله , ينتهي بهم إلى حيث ينتهي , وهم راضون مستروحون , يبذلون ما يملكون من أرواح وجهود وأموال في غير عجلة ولا ضيق , وفي غير من ولا غرور , وفي غير حسرة ولا أسف . وهم على يقين أنهم يفعلون ما قدر الله لهم أن يفعلوه ; وأن ما يريده الله هو الذي يكون , وأن كل أمر مرهون بوقته وأجله المرسوم .
إنه الاستسلام المطلق ليد الله تقود خطاهم , وتصرف حركاتهم ; وهم مطمئنون لليد التي تقودهم , شاعرون معها بالأمن والثقة واليقين , سائرون معها في بساطة ويسر ولين .
وهم - مع هذا - يعملون ما يقدرون عليه , ويبذلون ما يملكون كله , ولا يضيعون وقتا ولاجهدا , ولا يتركون حيلة ولا وسيلة . ثم لا يتكلفون ما لايطيقون , ولا يحاولون الخروج عن بشريتهم وما فيها من خصائص , ومن ضعف وقوة ; ولا يدعون ما لا يجدونه في أنفسهم من مشاعر وطاقات , ولا يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا , ولا أن يقولوا غير ما يفعلون .
وهذا التوازن بين الاستسلام المطلق لقدر الله , والعمل الجاهد بكل ما في الطاقة , والوقوف المطمئن عند ما يستطيعون . . هذا التوازن هو السمة التي طبعت حياة تلك المجموعة الأولى وميزتها ; وهي التي أهلتها لحمل أمانة هذه العقيدة الضخمة التي تنوء بها الجبال !
واستقرار ذلك المقوم الأول في أعماق الضمائر هو الذي كفل لتلك الجماعة الأولى تحقيق تلك الخوارق التي حققتها في حياتها الخاصة , وفي حياة المجتمع الإنساني إذ ذاك . وهو الذي جعل خطواتها وحركاتها تتناسق مع دورة الأفلاك , وخطوات الزمان , ولا تحتك بها أو تصطدم , فتتعوق أو تبطىء نتيجة الاحتكاك
روى ابن كثير في التفسير قال:قال العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -:قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة). الآية . وذلك أن رسول الله [ ص ] انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فدخل على زينب بنت جحش الأسدية - رضي الله عنها - فخطبها , فقالت:لست بناكحته ! فقال رسول الله [ ص ]:" بلى فانكحيه " . قالت:يا رسول الله . أؤامر في نفسي ? فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله [ ص ] (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا). . الآية . قالت:قد رضيته لي يا رسول الله منكحا ? قال رسول الله [ ص ]:" نعم " ! قالت:إذن لا أعصي رسول الله [ ص ] قد أنكحته نفسي !
وقال ابن لهيعة عن أبي عمرة عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:خطب رسول الله [ ص ] زينب بنت جحش لزيد بن حارثة - رضي الله عنه - فاستنكفت منه , وقالت:أنا خير منه حسبا - وكانت امرأة فيها حدة - فأنزل الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة . . .)الآية كلها .
وهكذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان أنها نزلت في زينب بنت جحش - رضي الله عنها - حين خطبها رسول الله [ ص ] على مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فامتنعت ثم أجابت .
وروى ابن كثير في التفسير كذلك رواية أخرى قال:وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - رضي الله عنها - وكانت أول من هاجر من النساء - يعني بعد صلح الحديبية - فوهبت نفسها للنبي [ ص ] فقال:" قد قبلت " . فزوجها زيد بن حارثة - رضي الله عنه - [ يعني والله أعلم بعد فراقه زينب ] فسخطت هي وأخوها , وقال:إنما أردنا رسول الله [ ص ]فزوجنا عبده ! قال:فنزل القرآن: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا)إلى آخر الآية . قال:وجاء أمر أجمع من هذا: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)قال:فذاك خاص وهذا أجمع .
وفي رواية ثالثة:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر , عن ثابت البناني , عن أنس - رضي الله عنه - قال:خطب النبي [ ص ] على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها . فقال:حتى أستأمر أمها . فقال النبي [ ص ]:" فنعم إذن " . قال:فانطلق الرجل إلى امرأته , فذكر ذلك لها , فقالت:لاها الله ! إذن ما وجد رسول الله [ ص ] إلا جليبيبا , وقد منعناها من فلان وفلان ? قال:والجارية في سترها تسمع . قال:فانطلق الرجل يريد أن يخبر رسول الله [ ص ] بذلك . فقالت الجارية:أتريدون أن تردوا على رسول الله [ ص ] أمره ? إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه . قال:فكأنها جلت عن أبويها . وقالا:صدقت . فذهب أبوها إلى رسول الله [ ص ] فقال:إن كنت قد رضيته فقد رضيناه . قال [ ص ] " فإني قد رضيته " . قال:فزوجها . . ثم فزع أهل المدينة , فركب جليبيب , فوجدوه قد قتل , وحوله ناس من المشركين قد قتلهم . قال أنس - رضي الله عنه - فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت بالمدينة . .
فهذه الروايات - إن صحت - تعلق هذه الآية بحادث زواج زينب من زيد - رضي الله عنهما - أو زواجه من أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط .
وقد أثبتنا الرواية الثالثة عن جليبيب لأنها تدل على منطق البيئة الذي توكل الإسلام بتحطيمه , وتولى رسول الله [ ص ] تغييره بفعله وسنته . وهو جزء من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة على أساس منطق الإسلام الجديد , وتصوره للقيم في هذه الأرض , وانطلاق النزعة التحررية القائمة على منهج الإسلام , المستمدة من روحه العظيم .
ولكن نص الآية أعم من أي حادث خاص . وقد تكون له علاقة كذلك بإبطال آثار التبني , وإحلال مطلقات الأدعياء , وحادث زواج رسول الله [ ص ] من زينب - رضي الله عنها - بعد طلاقها من زيد . الأمر الذي كانت له ضجة عظيمة في حينه . والذي ما يزال يتخذه بعض أعداء الإسلام تكأة للطعن على رسول الله [ ص ] حتى اليوم , ويلفقون حوله الأساطير !
وسواء كان سبب نزول الآية ما جاء في تلك الروايات , أو كانت بصدد زواج الرسول [ ص ] من زينب - رضي الله عنها - فإن القاعدة التي تقررها الآية أعم وأشمل , وأعمق جدا في نفوس المسلمين وحياتهم وتصورهم الأصيل .
فهذا المقوم من مقومات العقيدة هو الذي استقر في قلوب تلك الجماعة الأولى من المسلمين استقرارا حقيقيا ; واستيقنته أنفسهم , وتكيفت به مشاعرهم . . هذا المقوم يتلخص في أنه ليس لهم في أنفسهم شيء ; وليس لهم من أمرهم شيء . إنما هم وما ملكت أيديهم لله . يصرفهم كيف يشاء , ويختار لهم ما يريد . وإن هم إلا بعض هذا الوجود الذي يسير وفق الناموس العام . وخالق هذا الوجود ومدبره يحركهم مع حركة الوجود العام ; ويقسم لهم دورهم في رواية الوجود الكبيرة ; ويقرر حركاتهم على مسرح الوجود العظيم . وليس لهم أن يختاروا الدور الذي يقومون به , لأنهم لا يعرفون الرواية كاملة ; وليس لهم أن يختاروا الحركة التي يحبونها لأن ما يحبونه قد لا يستقيم مع الدور الذي خصص لهم ! وهم ليسوا أصحاب الرواية ولا المسرح ; وإن هم إلا أجراء ,لهم أجرهم على العمل , وليس لهم ولا عليهم في النتيجة !
عندئذ أسلموا أنفسهم حقيقة لله . أسلموها بكل ما فيها ; فلم يعد لهم منها شيء . وعندئذ استقامت نفوسهم مع فطرة الكون كله ; واستقامت حركاتهم مع دورته العامة ; وساروا في فلكهم كما تسير تلك الكواكب والنجوم في أفلاكها , لا تحاول أن تخرج عنها , ولا أن تسرع أو تبطئ في دورتها المتناسقة مع حركة الوجود كله .
وعندئذ رضيت نفوسهم بكل ما يأتي به قدر الله , لشعورهم الباطن الواصل بأن قدر الله هوالذي يصرف كل شيء , وكل أحد , وكل حادث , وكل حالة . واستقبلوا قدر الله فيهم بالمعرفة المدركة المريحة الواثقة المطمئنة .
وشيئا فشيئا لم يعودوا يحسون بالمفاجأة لقدر الله حين يصيبهم , ولا بالجزع الذي يعالج بالتجمل ; أو بالألم الذي يعالج بالصبر . إنما عادوا يستقبلون قدر الله استقبال العارف المنتظر المرتقب لأمر مألوف في حسه , معروف في ضميره , ولا يثير مفاجأة ولا رجفة ولا غرابة !
ومن ثم لم يعودوا يستعجلون دورة الفلك ليقضوا أمرا هم يريدون قضاءه , ولم يعودوا يستبطئون الأحداث لأن لهم أربا يستعجلون تحقيقه , ولو كان هذا الأرب هو نصر دعوتهم وتمكينها ! إنما ساروا في طريقهم مع قدر الله , ينتهي بهم إلى حيث ينتهي , وهم راضون مستروحون , يبذلون ما يملكون من أرواح وجهود وأموال في غير عجلة ولا ضيق , وفي غير من ولا غرور , وفي غير حسرة ولا أسف . وهم على يقين أنهم يفعلون ما قدر الله لهم أن يفعلوه ; وأن ما يريده الله هو الذي يكون , وأن كل أمر مرهون بوقته وأجله المرسوم .
إنه الاستسلام المطلق ليد الله تقود خطاهم , وتصرف حركاتهم ; وهم مطمئنون لليد التي تقودهم , شاعرون معها بالأمن والثقة واليقين , سائرون معها في بساطة ويسر ولين .
وهم - مع هذا - يعملون ما يقدرون عليه , ويبذلون ما يملكون كله , ولا يضيعون وقتا ولاجهدا , ولا يتركون حيلة ولا وسيلة . ثم لا يتكلفون ما لايطيقون , ولا يحاولون الخروج عن بشريتهم وما فيها من خصائص , ومن ضعف وقوة ; ولا يدعون ما لا يجدونه في أنفسهم من مشاعر وطاقات , ولا يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا , ولا أن يقولوا غير ما يفعلون .
وهذا التوازن بين الاستسلام المطلق لقدر الله , والعمل الجاهد بكل ما في الطاقة , والوقوف المطمئن عند ما يستطيعون . . هذا التوازن هو السمة التي طبعت حياة تلك المجموعة الأولى وميزتها ; وهي التي أهلتها لحمل أمانة هذه العقيدة الضخمة التي تنوء بها الجبال !
واستقرار ذلك المقوم الأول في أعماق الضمائر هو الذي كفل لتلك الجماعة الأولى تحقيق تلك الخوارق التي حققتها في حياتها الخاصة , وفي حياة المجتمع الإنساني إذ ذاك . وهو الذي جعل خطواتها وحركاتها تتناسق مع دورة الأفلاك , وخطوات الزمان , ولا تحتك بها أو تصطدم , فتتعوق أو تبطىء نتيجة الاحتكاك
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
والاصطدام . وهو الذي بارك تلك الجهود , فإذا هي تثمر ذلك الثمر الحلو الكثير العظيم في فترة قصيرة من الزمان .
ولقد كان ذلك التحول في نفوسهم بحيث تستقيم حركتها مع حركة الوجود , وفق قدر الله المصرف لهذا الوجود . . كان هذا التحول في تلك النفوس هو المعجزة الكبرى التي لا يقدر عليها بشر ; إنما تتم بإرادة الله المباشرة التي أنشأت الأرض والسماوات , والكواكب والأفلاك ; ونسقت بين خطاها ودوراتها ذلك التنسيق الإلهي الخاص .
وإلى هذه الحقيقة تشير هذه الآيات الكثيرة في القرآن . . حيث يقول الله تبارك وتعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء). . أو يقول: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء). . أو يقول: (إن الهدى هدى الله). . فذلك هوالهدى بحقيقته الكبيرة ومعناه الواسع . هدى الإنسان إلى مكانه في هيكل هذا الوجود ; وتنسيق خطاه مع حركة هذا الوجود .
ولن يؤتي الجهد كامل ثماره إلا حين يستقيم القلب على هدى الله بمعناه ; وتستقيم حركة الفرد مع دورة الوجود ; ويطمئن الضمير إلى قدر الله الشامل الذي لا يكون في الوجود أمر إلا وفق مقتضاه .
ومن هذا البيان ينجلي أن هذا النص القرآني: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). . أشمل وأوسع وأبعد مدى من أي حادث خاص يكون قد نزل فيه . وأنه يقرر كلية أساسية , أو الكلية الأساسية , في منهج الإسلام !
الدرس الثاني:37 إبطال التبني وزواج النبي بزينب زوجة زيد
ثم يجيء الحديث عن حادث زواج النبي [ ص ] من زينب بنت جحش , وما سبقه وما تلاه من أحكام وتوجيهات:
وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه:أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه ; وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه . فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا . وكان أمر الله مفعولا . ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له . سنة الله في الذين خلوا من قبل . وكان أمر الله قدرا مقدورا . الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله . وكفى بالله حسيبا . ما كان محمد أبا أحد من رجالكم , ولكن رسول الله وخاتم النبيين , وكان الله بكل شيء عليما . .
مضى في أول السورة إبطال تقليد التبني ; ورد الأدعياء إلى آبائهم , وإقامة العلاقات العائلية على أساسها الطبيعي: وما جعل أدعياءكم أبناءكم . ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله . فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم . وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم , وكان الله غفورا رحيما . . . .
ولكن نظام التبني كانت له آثار واقعية في حياة الجماعة العربية ; ولم يكن إبطال هذه الآثار الواقعية في حياة المجتمع ليمضي بالسهولة التي يمضي بها إبطال تقليد التبني ذاته . فالتقاليد الاجتماعية أعمق أثرا في النفوس . ولا بد من سوابق عملية مضادة . ولا بد أن تستقبل هذه السوابق أول أمرها بالاستنكار ; وأن تكون شديدة الوقع على الكثيرين .
وقد مضى أن رسول الله [ ص ] زوج زيد بن حارثة - الذي كان متبناه , وكان يدعى زيد ابن محمد ثم دعى إلى أبيه - من زينب بنت جحش , ابنة عمة رسول الله [ ص ] ليحطم بهذا الزواج فوارق الطبقات الموروثة , ويحقق معنى قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)ويقرر هذه القيمة الإسلامية الجديدة بفعل عملي واقعي .
ثم شاء الله أن يحمل نبيه بعد ذلك - فيما يحمل من أعباء الرسالة - مؤنة إزالة آثار نظام التبني ; فيتزوج من مطلقة متبناه زيد بن حارثة . ويواجه المجتمع بهذا العمل , الذي لا يستطيع أحد أن يواجه المجتمع به , على الرغم من إبطال عادة التبني في ذاتها !
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37)
وألهم الله نبيه [ ص ] أن زيدا سيطلق زينب ; وأنه هو سيتزوجها , للحكمة التي قضى الله بها . وكانت العلاقات بين زيد وزينب قد اضطربت , وعادت توحي بأن حياتهما لن تستقيم طويلا .
وجاء زيد مرة بعد مرة يشكو إلى رسول الله [ ص ] اضطراب حياته مع زينب ; وعدم استطاعته المضي معها . والرسول - صلوات الله وسلامه عليه - على شجاعته في مواجهة قومه في أمر العقيدة دون لجلجة ولا خشية - يحس ثقل التبعة فيما ألهمه الله من أمر زينب ; ويتردد في مواجهة القوم بتحطيم ذلك التقليد العميق ; فيقول لزيد [ الذي أنعم الله عليه بالإسلام وبالقرب من رسوله وبحب الرسول له , ذلك الحب الذي يتقدم به في قلبه على كل أحد بلا استثناء . والذي أنعم عليه الرسول بالعتق والتربية والحب ] . . يقول له: (أمسك عليك زوجك واتق الله). . ويؤخر بهذا مواجهة الأمر العظيم الذي يتردد في الخروج به على الناس . كما قال الله تعالى: (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه !). . وهذا الذي أخفاه النبي [ ص ] في نفسه , وهو يعلم أن الله مبديه , هو ما ألهمه الله أن سيفعله . ولم يكن أمرا صريحا من الله . وإلا ما تردد فيه ولا أخره ولا حاول تأجيله . ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه . ولكنه [ ص ] كان أمام إلهام يجده في نفسه , ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته , ومواجهة الناس به . حتى أذن الله بكونه . فطلق زيد زوجه في النهاية . وهو لا يفكر لا هو ولا زينب , فيما سيكون بعد . لأن العرف السائد كان يعد زينب مطلقة ابن لمحمد لا تحل له . حتى بعد إبطال عادة التبني في ذاتها . ولم يكن قد نزل بعد إحلال مطلقات الأدعياء . إنما كان حادث زواج النبي بها فيما بعد هو الذي قرر هذه القاعدة . بعدما قوبل هذا القرار بالدهشة والمفاجأة والاستنكار .
وفي هذا ما يهدم كل الروايات التي رويت عن هذا الحادث ; والتي تشبث بها أعداء الإسلام قديما وحديثا , وصاغوا حولها الأساطير والمفتريات !
إنما كان الأمر كما قال الله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها , لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا). . وكانت هذه إحدى ضرائب الرسالة الباهظة حملها رسول الله [ ص ] فيما حمل ; وواجه بها المجتمع الكاره لها كل الكراهية . حتى ليتردد في مواجهته بها وهو الذي لم يتردد في مواجهته بعقيدة التوحيد , وذم الآلهة والشركاء ; وتخطئة الآباء والأجداد !
(وكان أمر الله مفعولا). . لا مرد له , ولا مفر منه . واقعا محققا لا سبيل إلى تخلفه ولا إلى الحيدة عنه . وكان زواجه [ ص ] من زينب - رضي الله عنها - بعد انقضاء عدتها . أرسل إليها زيدا زوجها السابق . وأحب خلق الله إليه . أرسله إليها ليخطبها عليه .
عن أنس - رضي الله عنه - قال:لما انقضت عدة زينب - رضي الله عنها - قال رسول الله [ ص ] لزيد بن حارثة . " اذهب فاذكرها علي " فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها . قال:فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها , وأقول:إن رسول الله [ ص ] ذكرها ! فوليتها ظهري , ونكصت على عقبي , وقلت:يا زينب . أبشري . أرسلني رسول الله [ ص ] بذكرك . قالت:ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي عز وجل . فقامت إلى مسجدها . ونزل القرآن . وجاء رسول الله [ ص ] فدخل عليها بغير إذن . . .
مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39) مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40)
ولقد كان ذلك التحول في نفوسهم بحيث تستقيم حركتها مع حركة الوجود , وفق قدر الله المصرف لهذا الوجود . . كان هذا التحول في تلك النفوس هو المعجزة الكبرى التي لا يقدر عليها بشر ; إنما تتم بإرادة الله المباشرة التي أنشأت الأرض والسماوات , والكواكب والأفلاك ; ونسقت بين خطاها ودوراتها ذلك التنسيق الإلهي الخاص .
وإلى هذه الحقيقة تشير هذه الآيات الكثيرة في القرآن . . حيث يقول الله تبارك وتعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء). . أو يقول: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء). . أو يقول: (إن الهدى هدى الله). . فذلك هوالهدى بحقيقته الكبيرة ومعناه الواسع . هدى الإنسان إلى مكانه في هيكل هذا الوجود ; وتنسيق خطاه مع حركة هذا الوجود .
ولن يؤتي الجهد كامل ثماره إلا حين يستقيم القلب على هدى الله بمعناه ; وتستقيم حركة الفرد مع دورة الوجود ; ويطمئن الضمير إلى قدر الله الشامل الذي لا يكون في الوجود أمر إلا وفق مقتضاه .
ومن هذا البيان ينجلي أن هذا النص القرآني: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). . أشمل وأوسع وأبعد مدى من أي حادث خاص يكون قد نزل فيه . وأنه يقرر كلية أساسية , أو الكلية الأساسية , في منهج الإسلام !
الدرس الثاني:37 إبطال التبني وزواج النبي بزينب زوجة زيد
ثم يجيء الحديث عن حادث زواج النبي [ ص ] من زينب بنت جحش , وما سبقه وما تلاه من أحكام وتوجيهات:
وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه:أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه ; وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه . فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا . وكان أمر الله مفعولا . ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له . سنة الله في الذين خلوا من قبل . وكان أمر الله قدرا مقدورا . الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله . وكفى بالله حسيبا . ما كان محمد أبا أحد من رجالكم , ولكن رسول الله وخاتم النبيين , وكان الله بكل شيء عليما . .
مضى في أول السورة إبطال تقليد التبني ; ورد الأدعياء إلى آبائهم , وإقامة العلاقات العائلية على أساسها الطبيعي: وما جعل أدعياءكم أبناءكم . ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله . فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم . وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم , وكان الله غفورا رحيما . . . .
ولكن نظام التبني كانت له آثار واقعية في حياة الجماعة العربية ; ولم يكن إبطال هذه الآثار الواقعية في حياة المجتمع ليمضي بالسهولة التي يمضي بها إبطال تقليد التبني ذاته . فالتقاليد الاجتماعية أعمق أثرا في النفوس . ولا بد من سوابق عملية مضادة . ولا بد أن تستقبل هذه السوابق أول أمرها بالاستنكار ; وأن تكون شديدة الوقع على الكثيرين .
وقد مضى أن رسول الله [ ص ] زوج زيد بن حارثة - الذي كان متبناه , وكان يدعى زيد ابن محمد ثم دعى إلى أبيه - من زينب بنت جحش , ابنة عمة رسول الله [ ص ] ليحطم بهذا الزواج فوارق الطبقات الموروثة , ويحقق معنى قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)ويقرر هذه القيمة الإسلامية الجديدة بفعل عملي واقعي .
ثم شاء الله أن يحمل نبيه بعد ذلك - فيما يحمل من أعباء الرسالة - مؤنة إزالة آثار نظام التبني ; فيتزوج من مطلقة متبناه زيد بن حارثة . ويواجه المجتمع بهذا العمل , الذي لا يستطيع أحد أن يواجه المجتمع به , على الرغم من إبطال عادة التبني في ذاتها !
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37)
وألهم الله نبيه [ ص ] أن زيدا سيطلق زينب ; وأنه هو سيتزوجها , للحكمة التي قضى الله بها . وكانت العلاقات بين زيد وزينب قد اضطربت , وعادت توحي بأن حياتهما لن تستقيم طويلا .
وجاء زيد مرة بعد مرة يشكو إلى رسول الله [ ص ] اضطراب حياته مع زينب ; وعدم استطاعته المضي معها . والرسول - صلوات الله وسلامه عليه - على شجاعته في مواجهة قومه في أمر العقيدة دون لجلجة ولا خشية - يحس ثقل التبعة فيما ألهمه الله من أمر زينب ; ويتردد في مواجهة القوم بتحطيم ذلك التقليد العميق ; فيقول لزيد [ الذي أنعم الله عليه بالإسلام وبالقرب من رسوله وبحب الرسول له , ذلك الحب الذي يتقدم به في قلبه على كل أحد بلا استثناء . والذي أنعم عليه الرسول بالعتق والتربية والحب ] . . يقول له: (أمسك عليك زوجك واتق الله). . ويؤخر بهذا مواجهة الأمر العظيم الذي يتردد في الخروج به على الناس . كما قال الله تعالى: (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه !). . وهذا الذي أخفاه النبي [ ص ] في نفسه , وهو يعلم أن الله مبديه , هو ما ألهمه الله أن سيفعله . ولم يكن أمرا صريحا من الله . وإلا ما تردد فيه ولا أخره ولا حاول تأجيله . ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه . ولكنه [ ص ] كان أمام إلهام يجده في نفسه , ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته , ومواجهة الناس به . حتى أذن الله بكونه . فطلق زيد زوجه في النهاية . وهو لا يفكر لا هو ولا زينب , فيما سيكون بعد . لأن العرف السائد كان يعد زينب مطلقة ابن لمحمد لا تحل له . حتى بعد إبطال عادة التبني في ذاتها . ولم يكن قد نزل بعد إحلال مطلقات الأدعياء . إنما كان حادث زواج النبي بها فيما بعد هو الذي قرر هذه القاعدة . بعدما قوبل هذا القرار بالدهشة والمفاجأة والاستنكار .
وفي هذا ما يهدم كل الروايات التي رويت عن هذا الحادث ; والتي تشبث بها أعداء الإسلام قديما وحديثا , وصاغوا حولها الأساطير والمفتريات !
إنما كان الأمر كما قال الله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها , لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا). . وكانت هذه إحدى ضرائب الرسالة الباهظة حملها رسول الله [ ص ] فيما حمل ; وواجه بها المجتمع الكاره لها كل الكراهية . حتى ليتردد في مواجهته بها وهو الذي لم يتردد في مواجهته بعقيدة التوحيد , وذم الآلهة والشركاء ; وتخطئة الآباء والأجداد !
(وكان أمر الله مفعولا). . لا مرد له , ولا مفر منه . واقعا محققا لا سبيل إلى تخلفه ولا إلى الحيدة عنه . وكان زواجه [ ص ] من زينب - رضي الله عنها - بعد انقضاء عدتها . أرسل إليها زيدا زوجها السابق . وأحب خلق الله إليه . أرسله إليها ليخطبها عليه .
عن أنس - رضي الله عنه - قال:لما انقضت عدة زينب - رضي الله عنها - قال رسول الله [ ص ] لزيد بن حارثة . " اذهب فاذكرها علي " فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها . قال:فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها , وأقول:إن رسول الله [ ص ] ذكرها ! فوليتها ظهري , ونكصت على عقبي , وقلت:يا زينب . أبشري . أرسلني رسول الله [ ص ] بذكرك . قالت:ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي عز وجل . فقامت إلى مسجدها . ونزل القرآن . وجاء رسول الله [ ص ] فدخل عليها بغير إذن . . .
مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39) مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40)
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
وقد روى البخاري - رحمه الله - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:إن زينب بنت جحش - رضي الله عنها - كانت تفخر على أزواج النبي [ ص ] فتقول:زوجكن أهاليكن , وزوجني الله - تعالى - من فوق سبع سماوات .
ولم تمر المسألة سهلة , فلقد فوجئ بها المجتمع الإسلامي كله ; كما انطلقت ألسنة المنافقين تقول:تزوج حليلة ابنه !
ولما كانت المسألة مسألة تقرير مبدأ جديد فقد مضى القرآن يوكدها ; ويزيل عنصر الغرابة فيها , ويردها إلى أصولها البسيطة المنطقية التاريخية:
(ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له). .
فقد فرض له أن يتزوج زينب , وأن يبطل عادة العرب في تحريم أزواج الأدعياء . وإذن فلا حرج في هذا الأمر , وليس النبي [ ص ] فيه بدعا من الرسل .
(سنة الله في الذين خلوا من قبل). .
فهو أمر يمضي وفق سنة الله التي لا تتبدل . والتي تتعلق بحقائق الأشياء , لا بما يحوطها من تصورات وتقاليد مصطنعة لا تقوم على أساس .
(وكان أمر الله قدرا مقدورا). .
فهو نافذ مفعول , لا يقف في وجهه شيء ولا أحد . وهو مقدر بحكمة وخبرة ووزن , منظور فيه إلى الغاية التي يريدها الله منه . و يعلم ضرورتها وقدرها وزمانها ومكانها . وقد أمر الله رسوله أن يبطل تلك العادة ويمحو آثارها عمليا , ويقرر بنفسه السابقة الواقعية . ولم يكن بد من نفاذ أمر الله .
وسنة الله هذه قد مضت في الذين خلوا من قبل من الرسل:
(الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله). .
فلا يحسبون للخلق حسابا فيما يكلفهم الله به من أمور الرسالة , ولا يخشون أحدا إلا الله الذي أرسلهم للتبليغ والعمل والتنفيذ .
(وكفى بالله حسيبا). .
فهو وحده الذي يحاسبهم , وليس للناس عليهم من حساب .
(ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)فزينب ليست حليلة ابنه , وزيد ليس ابن محمد . إنما هو ابن حارثة . ولا حرج إذن في الأمر حين ينظر إليه بعين الحقيقة الواقعة .
والعلاقة بين محمد [ ص ] وبين جميع المسلمين - ومنهم زيد بن حارثة - هي علاقة النبي بقومه , وليس هو أبا لأحد منهم:
(ولكن رسول الله وخاتم النبيين). .
ومن ثم فهو يشرع الشرائع الباقية , لتسير عليها البشرية ; وفق آخر رسالة السماء إلى الأرض , التي لا تبديل فيها بعد ذلك ولا تغيير .
(وكان الله بكل شيء عليما). .
فهو الذي يعلم ما يصلح لهذه البشرية , وما يصلحها ; وهو الذي فرض على النبي ما فرض , واختار له
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)
ما اختار . ليحل للناس أزواج أدعيائهم , إذا ما قضوا منهن وطرا , وانتهت حاجتهم منهن , وأطلقوا سراحهن . . قضى الله هذا وفق علمه بكل شيء . ومعرفته بالأصلح والأوفق من النظم والشرائع والقوانين ; ووفق رحمته وتخيره للمؤمنين .
الدرس الثالث:43
ثم يمضي السياق القرآني في ربط القلوب بهذا المعنى الأخير , ووصلهم بالله الذي فرض على رسوله ما فرض , واختار للأمة المسلمة ما اختار ; يريد بها الخير , والخروج من الظلمات إلى النور:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا , وسبحوه بكرة وأصيلا . هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور , وكان بالمؤمنين رحيما . تحيتهم يوم يلقونه سلام . وأعد لهم أجرا كريما). .
وذكر الله اتصال القلب به , والاشتغال بمراقبته ; وليس هو مجرد تحريك اللسان . و إقامة الصلاة ذكر لله . بل إنه وردت آثار تكاد تخصص الذكر بالصلاة:
روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي [ ص ] قال:" إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين , كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . .
وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة . فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه , ويتصل به قلبه . سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر . والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال .
وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به . فإذا هو مليء جاد , قار , يعرف طريقه , ويعرف منهجه , ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه !
ومن هنا يحض القرآن كثيرا , وتحض السنة كثيرا , على ذكر الله . ويربط القرآن بين هذا الذكر وبين الأوقات والأحوال التي يمر بها الإنسان , لتكون الأوقات والأحوال مذكرة بذكر الله ومنبهة إلى الاتصال به حتى لا يغفل القلب ولا ينسى:
(وسبحوه بكرة وأصيلا). .
وفي البكرة والأصيل خاصة ما يستجيش القلوب إلى الاتصال بالله , مغير الأحوال , ومبدل الظلال ; وهو باق لا يتغير ولا يتبدل , ولا يحول ولا يزول . وكل شيء سواه يتغير ويتبدل , ويدركه التحول والزوال
وإلى جانب الأمر بذكر الله وتسبيحه , إشعار القلوب برحمة الله ورعايته , وعنايته بأمر الخلق وإرادة الخير لهم ; وهو الغني عنهم , وهم الفقراء المحاويج , لرعايته وفضله:
(هو الذي يصلي عليكم وملائكته , ليخرجكم من الظلمات إلى النور . وكان بالمؤمنين رحيما). .
وتعالى الله وجلت نعمته , وعظم فضله , وتضاعفت منته ; وهو يذكر هؤلاء العباد الضعاف المحاويج الفانين , الذين لا حول لهم ولا قوة , ولا بقاء لهم ولا قرار . يذكرهم , ويعني بهم , ويصلي عليهم هو وملائكته , ويذكرهم بالخير في الملأ الأعلى فيتجاوب الوجود كله بذكرهم , كما قال رسول الله [ ص ]:" يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " . .
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (44) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً (46)
ولم تمر المسألة سهلة , فلقد فوجئ بها المجتمع الإسلامي كله ; كما انطلقت ألسنة المنافقين تقول:تزوج حليلة ابنه !
ولما كانت المسألة مسألة تقرير مبدأ جديد فقد مضى القرآن يوكدها ; ويزيل عنصر الغرابة فيها , ويردها إلى أصولها البسيطة المنطقية التاريخية:
(ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له). .
فقد فرض له أن يتزوج زينب , وأن يبطل عادة العرب في تحريم أزواج الأدعياء . وإذن فلا حرج في هذا الأمر , وليس النبي [ ص ] فيه بدعا من الرسل .
(سنة الله في الذين خلوا من قبل). .
فهو أمر يمضي وفق سنة الله التي لا تتبدل . والتي تتعلق بحقائق الأشياء , لا بما يحوطها من تصورات وتقاليد مصطنعة لا تقوم على أساس .
(وكان أمر الله قدرا مقدورا). .
فهو نافذ مفعول , لا يقف في وجهه شيء ولا أحد . وهو مقدر بحكمة وخبرة ووزن , منظور فيه إلى الغاية التي يريدها الله منه . و يعلم ضرورتها وقدرها وزمانها ومكانها . وقد أمر الله رسوله أن يبطل تلك العادة ويمحو آثارها عمليا , ويقرر بنفسه السابقة الواقعية . ولم يكن بد من نفاذ أمر الله .
وسنة الله هذه قد مضت في الذين خلوا من قبل من الرسل:
(الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله). .
فلا يحسبون للخلق حسابا فيما يكلفهم الله به من أمور الرسالة , ولا يخشون أحدا إلا الله الذي أرسلهم للتبليغ والعمل والتنفيذ .
(وكفى بالله حسيبا). .
فهو وحده الذي يحاسبهم , وليس للناس عليهم من حساب .
(ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)فزينب ليست حليلة ابنه , وزيد ليس ابن محمد . إنما هو ابن حارثة . ولا حرج إذن في الأمر حين ينظر إليه بعين الحقيقة الواقعة .
والعلاقة بين محمد [ ص ] وبين جميع المسلمين - ومنهم زيد بن حارثة - هي علاقة النبي بقومه , وليس هو أبا لأحد منهم:
(ولكن رسول الله وخاتم النبيين). .
ومن ثم فهو يشرع الشرائع الباقية , لتسير عليها البشرية ; وفق آخر رسالة السماء إلى الأرض , التي لا تبديل فيها بعد ذلك ولا تغيير .
(وكان الله بكل شيء عليما). .
فهو الذي يعلم ما يصلح لهذه البشرية , وما يصلحها ; وهو الذي فرض على النبي ما فرض , واختار له
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)
ما اختار . ليحل للناس أزواج أدعيائهم , إذا ما قضوا منهن وطرا , وانتهت حاجتهم منهن , وأطلقوا سراحهن . . قضى الله هذا وفق علمه بكل شيء . ومعرفته بالأصلح والأوفق من النظم والشرائع والقوانين ; ووفق رحمته وتخيره للمؤمنين .
الدرس الثالث:43
ثم يمضي السياق القرآني في ربط القلوب بهذا المعنى الأخير , ووصلهم بالله الذي فرض على رسوله ما فرض , واختار للأمة المسلمة ما اختار ; يريد بها الخير , والخروج من الظلمات إلى النور:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا , وسبحوه بكرة وأصيلا . هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور , وكان بالمؤمنين رحيما . تحيتهم يوم يلقونه سلام . وأعد لهم أجرا كريما). .
وذكر الله اتصال القلب به , والاشتغال بمراقبته ; وليس هو مجرد تحريك اللسان . و إقامة الصلاة ذكر لله . بل إنه وردت آثار تكاد تخصص الذكر بالصلاة:
روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي [ ص ] قال:" إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين , كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . .
وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة . فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه , ويتصل به قلبه . سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر . والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال .
وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به . فإذا هو مليء جاد , قار , يعرف طريقه , ويعرف منهجه , ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه !
ومن هنا يحض القرآن كثيرا , وتحض السنة كثيرا , على ذكر الله . ويربط القرآن بين هذا الذكر وبين الأوقات والأحوال التي يمر بها الإنسان , لتكون الأوقات والأحوال مذكرة بذكر الله ومنبهة إلى الاتصال به حتى لا يغفل القلب ولا ينسى:
(وسبحوه بكرة وأصيلا). .
وفي البكرة والأصيل خاصة ما يستجيش القلوب إلى الاتصال بالله , مغير الأحوال , ومبدل الظلال ; وهو باق لا يتغير ولا يتبدل , ولا يحول ولا يزول . وكل شيء سواه يتغير ويتبدل , ويدركه التحول والزوال
وإلى جانب الأمر بذكر الله وتسبيحه , إشعار القلوب برحمة الله ورعايته , وعنايته بأمر الخلق وإرادة الخير لهم ; وهو الغني عنهم , وهم الفقراء المحاويج , لرعايته وفضله:
(هو الذي يصلي عليكم وملائكته , ليخرجكم من الظلمات إلى النور . وكان بالمؤمنين رحيما). .
وتعالى الله وجلت نعمته , وعظم فضله , وتضاعفت منته ; وهو يذكر هؤلاء العباد الضعاف المحاويج الفانين , الذين لا حول لهم ولا قوة , ولا بقاء لهم ولا قرار . يذكرهم , ويعني بهم , ويصلي عليهم هو وملائكته , ويذكرهم بالخير في الملأ الأعلى فيتجاوب الوجود كله بذكرهم , كما قال رسول الله [ ص ]:" يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " . .
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (44) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً (46)
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
ألا إنها لعظيمة لا يكاد الإدراك يتصورها . وهو يعلم أن هذه الأرض ومن عليها وما عليها إن هي إلا ذرة صغيرة زهيدة بالقياس إلى تلك الأفلاك الهائلة . وما الأفلاك وما فيها ومن فيها إلا بعض ملك الله الذي قال له:كن . فكان !
(هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور). .
ونور الله واحد متصل شامل ; وما عداه ظلمات تتعدد وتختلف . وما يخرج الناس من نور الله إلا ليعيشوا في ظلمة من الظلمات , أو في الظلمات مجتمعة ; وما ينقذهم من الظلام إلا نور الله الذي يشرق في قلوبهم , ويغمر أرواحهم , ويهديهم إلى فطرتهم . وهي فطرة هذا الوجود . ورحمة الله بهم وصلاة الملائكة ودعاؤها لهم , هي التي تخرجهم من الظلمات إلى النور حين تتفتح قلوبهم للإيمان: (وكان بالمؤمنين رحيما). .
ذلك أمرهم في الدنيا دار العمل . فأما أمرهم في الآخرة دار الجزاء , فإن فضل الله لا يتخلى عنهم , ورحمته لا تتركهم ; ولهم فيها الكرامة والحفاوة والأجر الكريم:
(تحيتهم يوم يلقونه سلام , وأعد لهم أجرا كريما). .
سلام من كل خوف , ومن كل تعب , ومن كل كد . . سلام يتلقونه من الله تحمله إليهم الملائكة . وهم يدخلون عليهم من كل باب , يبلغونهم التحية العلوية . إلى جانب ما أعد لهم من أجر كريم . . فيا له من تكريم !
فهذا هو ربهم الذي يشرع لهم ويختار . فمن ذا الذي يكره هذا الاختيار ?!
الدرس الرابع:45 - 48 مهمة الرسول عليه السلام
فأما النبي الذي يبلغهم اختيار الله لهم ; ويحقق بسنته العملية ما اختاره الله وشرعه للعباد , فيلتفت السياق التفاتة كذلك إلى بيان وظيفته وفضله على المؤمنين في هذا المقام:
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا , وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا . ولا نطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم , وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا . .
فوظيفة النبي [ ص ] فيهم أن يكون(شاهدا), عليهم . فليعملوا بما يحسن هذه الشهادة التي لا تكذب ولا تزور , ولا تبدل , ولا تغير . وأن يكون(مبشرا)لهم بما ينتظر العاملين من رحمة وغفران , ومن فضل وتكريم . وأن يكون(نذيرا)للغافلين بما ينتظر المسيئين من عذاب ونكال , فلا يؤخذوا على غرة , ولا يعذبوا إلا بعد إنذار . (وداعيا إلى الله). . لا إلى دنيا , ولا إلى مجد , ولا إلى عزة قومية , ولا إلى عصبية جاهلية , ولا إلى مغنم , ولا إلى سلطان أو جاه . ولكن داعيا إلى الله . في طريق واحد يصل إلى الله(بإذنه). . فما هو
(هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور). .
ونور الله واحد متصل شامل ; وما عداه ظلمات تتعدد وتختلف . وما يخرج الناس من نور الله إلا ليعيشوا في ظلمة من الظلمات , أو في الظلمات مجتمعة ; وما ينقذهم من الظلام إلا نور الله الذي يشرق في قلوبهم , ويغمر أرواحهم , ويهديهم إلى فطرتهم . وهي فطرة هذا الوجود . ورحمة الله بهم وصلاة الملائكة ودعاؤها لهم , هي التي تخرجهم من الظلمات إلى النور حين تتفتح قلوبهم للإيمان: (وكان بالمؤمنين رحيما). .
ذلك أمرهم في الدنيا دار العمل . فأما أمرهم في الآخرة دار الجزاء , فإن فضل الله لا يتخلى عنهم , ورحمته لا تتركهم ; ولهم فيها الكرامة والحفاوة والأجر الكريم:
(تحيتهم يوم يلقونه سلام , وأعد لهم أجرا كريما). .
سلام من كل خوف , ومن كل تعب , ومن كل كد . . سلام يتلقونه من الله تحمله إليهم الملائكة . وهم يدخلون عليهم من كل باب , يبلغونهم التحية العلوية . إلى جانب ما أعد لهم من أجر كريم . . فيا له من تكريم !
فهذا هو ربهم الذي يشرع لهم ويختار . فمن ذا الذي يكره هذا الاختيار ?!
الدرس الرابع:45 - 48 مهمة الرسول عليه السلام
فأما النبي الذي يبلغهم اختيار الله لهم ; ويحقق بسنته العملية ما اختاره الله وشرعه للعباد , فيلتفت السياق التفاتة كذلك إلى بيان وظيفته وفضله على المؤمنين في هذا المقام:
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا , وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا . ولا نطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم , وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا . .
فوظيفة النبي [ ص ] فيهم أن يكون(شاهدا), عليهم . فليعملوا بما يحسن هذه الشهادة التي لا تكذب ولا تزور , ولا تبدل , ولا تغير . وأن يكون(مبشرا)لهم بما ينتظر العاملين من رحمة وغفران , ومن فضل وتكريم . وأن يكون(نذيرا)للغافلين بما ينتظر المسيئين من عذاب ونكال , فلا يؤخذوا على غرة , ولا يعذبوا إلا بعد إنذار . (وداعيا إلى الله). . لا إلى دنيا , ولا إلى مجد , ولا إلى عزة قومية , ولا إلى عصبية جاهلية , ولا إلى مغنم , ولا إلى سلطان أو جاه . ولكن داعيا إلى الله . في طريق واحد يصل إلى الله(بإذنه). . فما هو
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
بمبتدع , ولا بمتطوع , ولا بقائل من عنده شيئا . إنما هو إذن الله له وأمره لا يتعداه . (وسراجا منيرا). . يجلو الظلمات , ويكشف الشبهات , وينير الطريق , نورا هادئا هاديا كالسراج المنير في الظلمات .
وهكذا كان رسول الله [ ص ] وما جاء به من النور . جاء بالتصور الواضح البين النير لهذا الوجود , ولعلاقة الوجود بالخالق , ولمكان الكائن الإنساني من هذا الوجود وخالقه , وللقيم التي يقوم عليها الوجود كله , ويقوم عليها وجود هذا الإنسان فيه ; وللمنشأ والمصير , والهدف والغاية , والطريق والوسيلة . في قول فصل لا شبهة فيه ولا غموض . وفي أسلوب يخاطب الفطرة خطابا مباشرا وينفذ إليها من أقرب السبل وأوسع الأبواب وأعمق المسالك والدروب !
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48)
ويكرر ويفصل في وظيفة الرسول مسألة تبشير المؤمنينوبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا). . بعدما أجملها في قولهيا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا). . زيادة في بيان فضل الله ومنته على المؤمنين , الذين يشرع لهم على يدي هذا النبي , ما يؤول بهم إلى البشرى والفضل الكبير .
وينهي هذا الخطاب للنبي [ ص ] بألا يطيع الكافرين والمنافقين , وألا يحفل أذاهم له وللمؤمنين , وأن يتوكل على الله وحده وهو بنصره كفيل:
(ولا تطع الكافرين والمنافقين , ودع أذاهم , وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا). .
وهو ذات الخطاب الوارد في أول السورة , قبل ابتداء التشريع والتوجيه , والتنظيم الاجتماعي الجديد . بزيادة توجيه النبي [ ص ] ألا يحفل أذى الكافرين والمنافقين ; وألا يتقيه بطاعتهم في شيء أو الاعتماد عليهم في شيء . فالله وحده هو الوكيل (وكفى بالله وكيلا). .
وهكذا يطول التقديم والتعقيب على حادث زينب وزيد , وإحلال أزواج الأدعياء , والمثل الواقعي الذي كلفه رسول الله [ ص ] مما يشي بصعوبة هذا الأمر , وحاجة النفوس فيه إلى تثبيت الله وبيانه , وإلى الصلة بالله والشعور بما في توجيهه من رحمة ورعاية . كي تتلقى ذلك الأمر بالرضى والقبول والتسليم . .
الوحدة الخامسة:49 - 62 الموضوع:توجيهات لحياة الرسول الخاصة وتعامل المسلمين معه مقدمة الوحدة
وهكذا كان رسول الله [ ص ] وما جاء به من النور . جاء بالتصور الواضح البين النير لهذا الوجود , ولعلاقة الوجود بالخالق , ولمكان الكائن الإنساني من هذا الوجود وخالقه , وللقيم التي يقوم عليها الوجود كله , ويقوم عليها وجود هذا الإنسان فيه ; وللمنشأ والمصير , والهدف والغاية , والطريق والوسيلة . في قول فصل لا شبهة فيه ولا غموض . وفي أسلوب يخاطب الفطرة خطابا مباشرا وينفذ إليها من أقرب السبل وأوسع الأبواب وأعمق المسالك والدروب !
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48)
ويكرر ويفصل في وظيفة الرسول مسألة تبشير المؤمنينوبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا). . بعدما أجملها في قولهيا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا). . زيادة في بيان فضل الله ومنته على المؤمنين , الذين يشرع لهم على يدي هذا النبي , ما يؤول بهم إلى البشرى والفضل الكبير .
وينهي هذا الخطاب للنبي [ ص ] بألا يطيع الكافرين والمنافقين , وألا يحفل أذاهم له وللمؤمنين , وأن يتوكل على الله وحده وهو بنصره كفيل:
(ولا تطع الكافرين والمنافقين , ودع أذاهم , وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا). .
وهو ذات الخطاب الوارد في أول السورة , قبل ابتداء التشريع والتوجيه , والتنظيم الاجتماعي الجديد . بزيادة توجيه النبي [ ص ] ألا يحفل أذى الكافرين والمنافقين ; وألا يتقيه بطاعتهم في شيء أو الاعتماد عليهم في شيء . فالله وحده هو الوكيل (وكفى بالله وكيلا). .
وهكذا يطول التقديم والتعقيب على حادث زينب وزيد , وإحلال أزواج الأدعياء , والمثل الواقعي الذي كلفه رسول الله [ ص ] مما يشي بصعوبة هذا الأمر , وحاجة النفوس فيه إلى تثبيت الله وبيانه , وإلى الصلة بالله والشعور بما في توجيهه من رحمة ورعاية . كي تتلقى ذلك الأمر بالرضى والقبول والتسليم . .
الوحدة الخامسة:49 - 62 الموضوع:توجيهات لحياة الرسول الخاصة وتعامل المسلمين معه مقدمة الوحدة
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
هذا الشوط من السورة يتضمن في أوله حكما عاما من أحكام القرآن التشريعية في تنظيم شؤون الأسرة . ذلك حكم المطلقات قبل الدخول . يجيء بعده أحكام خاصة لتنظيم حياة النبي [ ص ] حياته الزوجية الخاصة مع نسائه وعلاقات نسائه كذلك ببقية الرجال , وعلاقة المسلمين ببيت الرسول . وكرامة الرسول وبيته على الله وعلى ملائكته والملأ الأعلى . . وينتهي بحكم عام يشترك فيه نساء النبي وبناته ونساء المؤمنين , يأمرهن فيه بإرخاء جلابيبهن عند الخروج لقضاء الحاجة حتى يتميزن بهذا الزي السابغ ويعرفن , فلا يتعرض لهن ذوو السيرة السيئة من المنافقين والمرجفين والفساق الذين كانوا يتعرضون للنساء في المدينة ! ويختم بتهديد هؤلاء المنافقين والمرجفين بالإجلاء عن المدينة ما لم ينتهوا عن إيذاء المؤمنات وإشاعة الفساد . .
وهذه التشريعات والتوجيهات طرف من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة على أساس التصور الإسلامي . فأما ما يختص بحياة الرسول الشخصية , فقد شاء الله أن يجعل حياة هذا البيت صفحة معروضة للأجيال , فضمنها
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (49)
هذا القرآن الباقي , المتلو في كل زمان ومكان ; وهي في الوقت ذاته آية تكريم الله - سبحانه - لهذا البيت , الذي يتولى بذاته العلية أمره , ويعرضه للبشرية كافة في قرآنه الخالد على الزمان . .
الدرس الأول:49 لا عدة للمطلقة قبل الدخول وحقها في المتعة
(يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن , فما لكم عليهن من عدة تعتدونها , فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا). .
ولقد سبق في سورة البقرة بيان حكم المطلقات قبل الدخول في قوله تعالى:
(لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة , ومتعوهن على الموسع قدره , وعلى المقتر قدره , متاعا بالمعروف حقا على المحسنين . وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح . وأن تعفوا أقرب للتقوى , ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير). .
فالمطلقة قبل الدخول إن كان قد فرض لها مهر , فلها نصف ذلك المهر المسمى . وإن لم يذكر لها مهر فلها متاع يتبع قدرة المطلق سعة وضيقا . . وقد زاد هنا في آية الأحزاب بيان حكم العدة لهذه المطلقة وهو ما لم يذكر في آيتي البقرة . فقرر أن لا عدة عليها . إذ أنه لم يكن دخول بها . والعدة إنما هي استبراء للرحم من الحمل , وتأكد من أنها خالية من آثار الزواج السابق , كي لا تختلط الأنساب , ولا ينسب إلى رجل ما ليس
وهذه التشريعات والتوجيهات طرف من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة على أساس التصور الإسلامي . فأما ما يختص بحياة الرسول الشخصية , فقد شاء الله أن يجعل حياة هذا البيت صفحة معروضة للأجيال , فضمنها
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (49)
هذا القرآن الباقي , المتلو في كل زمان ومكان ; وهي في الوقت ذاته آية تكريم الله - سبحانه - لهذا البيت , الذي يتولى بذاته العلية أمره , ويعرضه للبشرية كافة في قرآنه الخالد على الزمان . .
الدرس الأول:49 لا عدة للمطلقة قبل الدخول وحقها في المتعة
(يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن , فما لكم عليهن من عدة تعتدونها , فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا). .
ولقد سبق في سورة البقرة بيان حكم المطلقات قبل الدخول في قوله تعالى:
(لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة , ومتعوهن على الموسع قدره , وعلى المقتر قدره , متاعا بالمعروف حقا على المحسنين . وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح . وأن تعفوا أقرب للتقوى , ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير). .
فالمطلقة قبل الدخول إن كان قد فرض لها مهر , فلها نصف ذلك المهر المسمى . وإن لم يذكر لها مهر فلها متاع يتبع قدرة المطلق سعة وضيقا . . وقد زاد هنا في آية الأحزاب بيان حكم العدة لهذه المطلقة وهو ما لم يذكر في آيتي البقرة . فقرر أن لا عدة عليها . إذ أنه لم يكن دخول بها . والعدة إنما هي استبراء للرحم من الحمل , وتأكد من أنها خالية من آثار الزواج السابق , كي لا تختلط الأنساب , ولا ينسب إلى رجل ما ليس
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
منه , ويسلب رجل ما هو منه في رحم المطلقة . فأما في حالة عدم الدخول فالرحم بريئة , ولا عدة إذن ولا انتظار: (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها). .(فمتعوهن)إن كان هناك مهر مسمى فبنصف هذا المهر , وإن لم يكن فمتاع مطلق يتبع حالة الزوج المالية . (وسرحوهن سراحا جميلا). . لا عضل فيه ولا أذى . ولا تعنت ولا رغبة في تعويقهن عن استئناف حياة أخرى جديدة .
وهذا حكم عام جاء في سياق السورة في صدد تنظيم الحياة العامة للجماعة المسلمة .
الدرس الثاني:50 - 52 ما يحل وما لا يحل للرسول من النساء
بعد ذلك يبين الله لرسوله [ ص ] ما يحل له من النساء , وما في ذلك من خصوصية لشخصه ولأهل بيته , بعدما نزلت آية سورة النساء التي تجعل الحد الأقصى للأزواج أربعا: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع). .
وكان في عصمة النبي في هذا الوقت تسع نساء , تزوج بكل منهن لمعنى خاص . عائشة وحفصة ابنتا صاحبيه أبي بكر وعمر . وأم حبيبة بنت أبي سفيان , وأم سلمة , وسودة بنت زمعة , وزينب بنت خزيمة من المهاجرات اللواتي فقدن أزواجهن وأراد النبي [ ص ] تكريمهن , ولم يكن ذوات جمال ولا شباب , إنما كان معنى التكريم لهن خالصا في هذا الزواج . وزينب بنت جحش وقد علمنا قصة زواجها , وقد كان هناك تعويض لها كذلك عن طلاقها من زيد الذي زوجها رسول الله منه فلم تفلح الزيجة لأمر قضاه الله تعالى , وعرفناه في قصتها . ثم جويرية بنت الحارث من بني المصطلق , وصفية بنت حيي بن أخطب . وكانتا من السبي فأعتقهما رسول الله وتزوج بهما الواحدة تلو الأخرى , توثيقا لعلاقته بالقبائل , وتكريما لهما , وقد أسلمتا بعدما نزل بأهلهما من الشدة .
وكن قد أصبحن (أمهات المؤمنين)ونلن شرف القرب من رسول الله [ ص ] واخترن الله ورسوله والدار الآخرة بعد نزول آيتي التخيير . فكان صعبا على نفوسهن أن يفارقهن رسول الله بعد تحديد عدد
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (50) تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (51) لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً (52)
النساء . وقد نظر الله إليهن , فاستثنى رسول الله [ ص ] من ذلك القيد , وأحل له استبقاء نسائه جميعا في عصمته , وجعلهن كلهن حلا له , ثم نزل القرآن بعد ذلك بألا يزيد عليهن أحدا , ولا يستبدل بواحدة منهن أخرى . فإنما هذه الميزة لهؤلاء اللواتي ارتبطن به وحدهن , كي لا يحرمن شرف النسبة إليه , بعدما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة . . وحول هذه المبادئ تدور هذه الآيات:
يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن , وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك , وبنات عمك وبنات عماتك , وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك , وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها , خالصة لك من دون المؤمنين , قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم , لكي لا يكون عليك حرج , وكان الله غفورا رحيما . ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء , ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك . ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن , والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما . لا يحل لك النساء من بعد , ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن - إلا ما ملكت يمينك - وكان الله على كل شيء رقيبا . .
ففي الآية يحل الله للنبي [ ص ] أنواع النساء المذكورات فيها - ولو كن فوق الأربع - مما هو محرم على غيره . وهذه الأنواع هي:الأزواج اللواتي أمهرهن . وما ملكت يمينه إطلاقا من الفيء , وبنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ممن هاجرن معه دون غيرهن ممن لم يهاجرن - إكراما للمهاجرات - وأيما امرأة وهبت نفسها للنبي بلا مهر ولا ولي . إن أراد النبي نكاحها [ وقد تضاربت الروايات حول ما إذا كان النبي [ ص ] قد تزوج واحدة من هذا الصنف من النساء أم لم يتزوج , والأرجح أنه زوج اللواتي عرضن أنفسهن عليه من رجال آخرين ] وقد جعل الله هذه خصوصية للنبي [ ص ] بما أنه ولي المؤمنين والمؤمنات جميعا . فأما الآخرون فهم خاضعون لما بينه الله وفرضه عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم . ذلك كي لا يكون على النبي حرج في استبقاء أزواجه وفي الاستجابة للظروف الخاصة المحيطة بشخصه .
ثم ترك الخيار له [ ص ] في أن يضم إلى عصمته من شاء ممن يعرضن أنفسهن عليه , أو يؤجل ذلك . ومن أرجأهن فله أن يعود إليهن حين يشاء . . وله أن يباشر من نسائه من يريد ويرجئ من يريد . ثم يعود . . (ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن). . فهي مراعاة الظروف الخاصة المحيطة بشخص الرسول [ ص ] والرغبات الموجهة إليه , والحرص على شرف الاتصال به , مما يعلمه الله ويدبره بعلمه وحلمه . (والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما).
ثم أنزل الله تحريم من عدا نسائه اللواتي في عصمته فعلا , لا من ناحية العدد , ولكن هن بذواتهن لا يستبدل بهن غيرهن ; ولم يعرف أن رسول الله قد زاد عليهن قبل التحريم:
وهذا حكم عام جاء في سياق السورة في صدد تنظيم الحياة العامة للجماعة المسلمة .
الدرس الثاني:50 - 52 ما يحل وما لا يحل للرسول من النساء
بعد ذلك يبين الله لرسوله [ ص ] ما يحل له من النساء , وما في ذلك من خصوصية لشخصه ولأهل بيته , بعدما نزلت آية سورة النساء التي تجعل الحد الأقصى للأزواج أربعا: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع). .
وكان في عصمة النبي في هذا الوقت تسع نساء , تزوج بكل منهن لمعنى خاص . عائشة وحفصة ابنتا صاحبيه أبي بكر وعمر . وأم حبيبة بنت أبي سفيان , وأم سلمة , وسودة بنت زمعة , وزينب بنت خزيمة من المهاجرات اللواتي فقدن أزواجهن وأراد النبي [ ص ] تكريمهن , ولم يكن ذوات جمال ولا شباب , إنما كان معنى التكريم لهن خالصا في هذا الزواج . وزينب بنت جحش وقد علمنا قصة زواجها , وقد كان هناك تعويض لها كذلك عن طلاقها من زيد الذي زوجها رسول الله منه فلم تفلح الزيجة لأمر قضاه الله تعالى , وعرفناه في قصتها . ثم جويرية بنت الحارث من بني المصطلق , وصفية بنت حيي بن أخطب . وكانتا من السبي فأعتقهما رسول الله وتزوج بهما الواحدة تلو الأخرى , توثيقا لعلاقته بالقبائل , وتكريما لهما , وقد أسلمتا بعدما نزل بأهلهما من الشدة .
وكن قد أصبحن (أمهات المؤمنين)ونلن شرف القرب من رسول الله [ ص ] واخترن الله ورسوله والدار الآخرة بعد نزول آيتي التخيير . فكان صعبا على نفوسهن أن يفارقهن رسول الله بعد تحديد عدد
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (50) تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (51) لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً (52)
النساء . وقد نظر الله إليهن , فاستثنى رسول الله [ ص ] من ذلك القيد , وأحل له استبقاء نسائه جميعا في عصمته , وجعلهن كلهن حلا له , ثم نزل القرآن بعد ذلك بألا يزيد عليهن أحدا , ولا يستبدل بواحدة منهن أخرى . فإنما هذه الميزة لهؤلاء اللواتي ارتبطن به وحدهن , كي لا يحرمن شرف النسبة إليه , بعدما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة . . وحول هذه المبادئ تدور هذه الآيات:
يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن , وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك , وبنات عمك وبنات عماتك , وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك , وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها , خالصة لك من دون المؤمنين , قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم , لكي لا يكون عليك حرج , وكان الله غفورا رحيما . ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء , ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك . ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن , والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما . لا يحل لك النساء من بعد , ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن - إلا ما ملكت يمينك - وكان الله على كل شيء رقيبا . .
ففي الآية يحل الله للنبي [ ص ] أنواع النساء المذكورات فيها - ولو كن فوق الأربع - مما هو محرم على غيره . وهذه الأنواع هي:الأزواج اللواتي أمهرهن . وما ملكت يمينه إطلاقا من الفيء , وبنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ممن هاجرن معه دون غيرهن ممن لم يهاجرن - إكراما للمهاجرات - وأيما امرأة وهبت نفسها للنبي بلا مهر ولا ولي . إن أراد النبي نكاحها [ وقد تضاربت الروايات حول ما إذا كان النبي [ ص ] قد تزوج واحدة من هذا الصنف من النساء أم لم يتزوج , والأرجح أنه زوج اللواتي عرضن أنفسهن عليه من رجال آخرين ] وقد جعل الله هذه خصوصية للنبي [ ص ] بما أنه ولي المؤمنين والمؤمنات جميعا . فأما الآخرون فهم خاضعون لما بينه الله وفرضه عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم . ذلك كي لا يكون على النبي حرج في استبقاء أزواجه وفي الاستجابة للظروف الخاصة المحيطة بشخصه .
ثم ترك الخيار له [ ص ] في أن يضم إلى عصمته من شاء ممن يعرضن أنفسهن عليه , أو يؤجل ذلك . ومن أرجأهن فله أن يعود إليهن حين يشاء . . وله أن يباشر من نسائه من يريد ويرجئ من يريد . ثم يعود . . (ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن). . فهي مراعاة الظروف الخاصة المحيطة بشخص الرسول [ ص ] والرغبات الموجهة إليه , والحرص على شرف الاتصال به , مما يعلمه الله ويدبره بعلمه وحلمه . (والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما).
ثم أنزل الله تحريم من عدا نسائه اللواتي في عصمته فعلا , لا من ناحية العدد , ولكن هن بذواتهن لا يستبدل بهن غيرهن ; ولم يعرف أن رسول الله قد زاد عليهن قبل التحريم:
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
(لا يحل لك النساء من بعد , ولا أن تبدل بهن من أزواج - ولو أعجبك حسنهن)لا يستثني من ذلك - (إلا ما ملكت يمينك). . فله منهن ما يشاء . . (وكان الله على كل شيء رقيبا). . والأمر موكول إلى هذه الرقابة واستقرارها في القلوب .
وقد روت عائشة - رضي الله عنها - أن هذا التحريم قد ألغي قبل وفاة النبي [ ص ] وتركت له حرية الزواج . ولكنه [ ص ] لم يتزوج كذلك غيرهن بعد هذه الإباحة . فكن هن أمهات المؤمنين . .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً (53) إِن تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54)
الدرس الثالث:53 - 55 تنظيم علاقة المسلمين ببيوت النبي وزوجاته
بعد ذلك ينظم القرآن علاقة المسلمين ببيوت النبي [ ص ] وبنسائه - أمهات المؤمنين - في حياته وبعد وفاته كذلك . ويواجه حالة كانت واقعة , إذ كان بعض المنافقين والذين في قلوبهم مرض يؤذون النبي [ ص ] في بيوته وفي نسائه . فيحذرهم تحذيرا شديدا , ويريهم شناعة جرمهم عند الله وبشاعته . و يهددهم بعلم الله لما يخفون في صدورهم من كيد وشر:
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام - غير ناظرين إناه - ولكن إذا دعيتم فادخلوا , فإذا طعمتم فانتشروا . ولا مستأنسين لحديث . إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق . وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب . ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن . وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله , ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا . إن ذلكم كان عند الله عظيما . إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما). .
روى البخاري - بإسناده - عن أنس بن مالك قال:بنى النبي [ ص ] بزينب بنت جحش بخبز ولحم . فأرسلت على الطعام داعيا . فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون . ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون . فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه . فقلت:يا رسول الله ما أجد أحدا أدعوه . قال:" ارفعوا طعامكم " . وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت . فخرج رسول الله [ ص ] فانطلق إلى حجرة عائشة - رضي الله عنها - فقال " السلام عليكم - أهل البيت - ورحمة الله وبركاته " . قالت:وعليك السلام ورحمة الله . كيف وجدت أهلك يا رسول الله ? " بارك الله لك " . فتقرى حجر نسائه , كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة , ويقلن كما قالت عائشة . ثم رجع النبي [
وقد روت عائشة - رضي الله عنها - أن هذا التحريم قد ألغي قبل وفاة النبي [ ص ] وتركت له حرية الزواج . ولكنه [ ص ] لم يتزوج كذلك غيرهن بعد هذه الإباحة . فكن هن أمهات المؤمنين . .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً (53) إِن تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54)
الدرس الثالث:53 - 55 تنظيم علاقة المسلمين ببيوت النبي وزوجاته
بعد ذلك ينظم القرآن علاقة المسلمين ببيوت النبي [ ص ] وبنسائه - أمهات المؤمنين - في حياته وبعد وفاته كذلك . ويواجه حالة كانت واقعة , إذ كان بعض المنافقين والذين في قلوبهم مرض يؤذون النبي [ ص ] في بيوته وفي نسائه . فيحذرهم تحذيرا شديدا , ويريهم شناعة جرمهم عند الله وبشاعته . و يهددهم بعلم الله لما يخفون في صدورهم من كيد وشر:
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام - غير ناظرين إناه - ولكن إذا دعيتم فادخلوا , فإذا طعمتم فانتشروا . ولا مستأنسين لحديث . إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق . وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب . ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن . وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله , ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا . إن ذلكم كان عند الله عظيما . إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما). .
روى البخاري - بإسناده - عن أنس بن مالك قال:بنى النبي [ ص ] بزينب بنت جحش بخبز ولحم . فأرسلت على الطعام داعيا . فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون . ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون . فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه . فقلت:يا رسول الله ما أجد أحدا أدعوه . قال:" ارفعوا طعامكم " . وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت . فخرج رسول الله [ ص ] فانطلق إلى حجرة عائشة - رضي الله عنها - فقال " السلام عليكم - أهل البيت - ورحمة الله وبركاته " . قالت:وعليك السلام ورحمة الله . كيف وجدت أهلك يا رسول الله ? " بارك الله لك " . فتقرى حجر نسائه , كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة , ويقلن كما قالت عائشة . ثم رجع النبي [
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
ص ] فإذا ثلاثة رهط في البيت يتحدثون . وكان النبي [ ص ] شديد الحياء . فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة . فما أدري أخبرته أم أخبر أن القوم خرجوا . فرجع حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخله والأخرى خارجه . أرخى الستر بيني وبينه , وأنزلت آية الحجاب .
والآية تتضمن آدابا لم تكن تعرفها الجاهلية في دخول البيوت , حتى بيت رسول الله [ ص ] فقد كان الناس يدخلون البيوت بلا إذن من أصحابها - كما جاء في شرح آيات سورة النور الخاصة بالاستئذان - وربما كان هذا الحال أظهر في بيوت النبي [ ص ] بعد أن أصبحت هذه البيوت مهبط العلم والحكمة وكان بعضهم يدخل وحين يرى طعاما يوقد عليه يجلس في انتظار نضج هذا الطعام ليأكل بدون دعوة إلى الطعام ! وكان بعضهم يجلس بعد الطعام - سواء كان قد دعي إليه أو هجم هو عليه دون دعوة - ويأخذ في الحديث والسمر غير شاعر بما يسببه هذا من إزعاج للنبي [ ص ] وأهله . وفي رواية أن أولئك الثلاثة الرهط الذين كانوا يسمرون كانوا يفعلون هذا وعروس النبي - زينب بنت جحش - جالسة وجهها إلى الحائط ! والنبي [ ص ] يستحيي أن ينبههم إلى ثقلة مقامهم عنده حياء منه , ورغبة في ألا يواجه زواره بما يخجلهم ! حتى تولى الله - سبحانه - عنه الجهر بالحق (والله لا يستحيي من الحق).
ومما يذكر أن عمر - رضي الله عنه - بحساسيته المرهفة كان يقترح على النبي [ ص ] الحجاب ; وكان يتمناه على ربه . حتى نزل القرآن الكريم مصدقا لاقتراحه مجيبا لحساسيته !
من رواية للبخاري - بإسناده - عن أنس بن مالك . قال:قال عمر بن الخطاب:يا رسول الله . يدخل عليك البر والفاجر . فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب . فأنزل الله آية الحجاب . . . ;
وجاءت هذه الآية تعلم الناس ألا يدخلوا بيوت النبي بغير إذن . . فإذا دعوا إلى الطعام دخلوا . فأما إذا لميدعوا فلا يدخلون يرتقبون نضجه ! ثم إذا طعموا خرجوا , ولم يبقوا بعد الطعام للسمر والأخذ بأطراف الحديث . وما أحوج المسلمين اليوم إلى هذا الأدب الذي يجافيه الكثيرون . فإن المدعوين إلى الطعام يتخلفون بعده , بل إنهم ليتخلفون على المائدة , ويطول بهم الحديث ; وأهل البيت - الذين يحتفظون ببقية من أمر الإسلام بالاحتجاب - متأذون محتبسون , والأضياف ماضون في حديثهم وفي سمرهم لا يشعرون ! وفي الأدب الإسلامي غناء وكفاء لكل حالة , لو كنا نأخذ بهذا الأدب الإلهي القويم .
ثم تقرر الآية الحجاب بين نساء النبي [ ص ] والرجال:
(وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب). .
وتقرر أن هذا الحجاب أطهر لقلوب الجميع:
(ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
والآية تتضمن آدابا لم تكن تعرفها الجاهلية في دخول البيوت , حتى بيت رسول الله [ ص ] فقد كان الناس يدخلون البيوت بلا إذن من أصحابها - كما جاء في شرح آيات سورة النور الخاصة بالاستئذان - وربما كان هذا الحال أظهر في بيوت النبي [ ص ] بعد أن أصبحت هذه البيوت مهبط العلم والحكمة وكان بعضهم يدخل وحين يرى طعاما يوقد عليه يجلس في انتظار نضج هذا الطعام ليأكل بدون دعوة إلى الطعام ! وكان بعضهم يجلس بعد الطعام - سواء كان قد دعي إليه أو هجم هو عليه دون دعوة - ويأخذ في الحديث والسمر غير شاعر بما يسببه هذا من إزعاج للنبي [ ص ] وأهله . وفي رواية أن أولئك الثلاثة الرهط الذين كانوا يسمرون كانوا يفعلون هذا وعروس النبي - زينب بنت جحش - جالسة وجهها إلى الحائط ! والنبي [ ص ] يستحيي أن ينبههم إلى ثقلة مقامهم عنده حياء منه , ورغبة في ألا يواجه زواره بما يخجلهم ! حتى تولى الله - سبحانه - عنه الجهر بالحق (والله لا يستحيي من الحق).
ومما يذكر أن عمر - رضي الله عنه - بحساسيته المرهفة كان يقترح على النبي [ ص ] الحجاب ; وكان يتمناه على ربه . حتى نزل القرآن الكريم مصدقا لاقتراحه مجيبا لحساسيته !
من رواية للبخاري - بإسناده - عن أنس بن مالك . قال:قال عمر بن الخطاب:يا رسول الله . يدخل عليك البر والفاجر . فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب . فأنزل الله آية الحجاب . . . ;
وجاءت هذه الآية تعلم الناس ألا يدخلوا بيوت النبي بغير إذن . . فإذا دعوا إلى الطعام دخلوا . فأما إذا لميدعوا فلا يدخلون يرتقبون نضجه ! ثم إذا طعموا خرجوا , ولم يبقوا بعد الطعام للسمر والأخذ بأطراف الحديث . وما أحوج المسلمين اليوم إلى هذا الأدب الذي يجافيه الكثيرون . فإن المدعوين إلى الطعام يتخلفون بعده , بل إنهم ليتخلفون على المائدة , ويطول بهم الحديث ; وأهل البيت - الذين يحتفظون ببقية من أمر الإسلام بالاحتجاب - متأذون محتبسون , والأضياف ماضون في حديثهم وفي سمرهم لا يشعرون ! وفي الأدب الإسلامي غناء وكفاء لكل حالة , لو كنا نأخذ بهذا الأدب الإلهي القويم .
ثم تقرر الآية الحجاب بين نساء النبي [ ص ] والرجال:
(وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب). .
وتقرر أن هذا الحجاب أطهر لقلوب الجميع:
(ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
فلا يقل أحد غير ما قال الله . لا يقل أحد إن الاختلاط , وإزالة الحجب , والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب , وأعف للضمائر , وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة , وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك . . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل أحد شيئا من هذا والله يقول: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن). . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . أمهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله [ ص ] ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق ! وحين يقول الله قولا . ويقول خلق من خلقه قولا . فالقول لله - سبحانه - وكل قول آخر هراء , لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد !
والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله , وكذب المدعين غير ما يقوله الله . والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول . وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط الحر فيها أقصاه أظهر في هذا وأقطع من كل دليل . [ وأمريكا أول هذه البلاد التي آتى الاختلاط فيها أبشع الثمار ] .
وقد ذكرت الآية أن مجيئهم للطعام منتظرين نضجه من غير دعوة ; وبقاءهم بعد الطعام مستأنسين للحديث . . كان يؤذي النبي فيستحيي منهم . وفي ختامها تقرر أنه ما يكون للمسلمين أن يؤذوا رسول الله . وكذلك ما يكون لهم أن يتزوجوا أزواجه من بعده ; وهن بمنزلة أمهاتهم . ومكانهن الخاص من رسول الله يحرم أن ينكحهن أحد من بعده , احتفاظا بحرمة هذا البيت وجلاله وتفرده:
(وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله , ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا). .
وقد ورد أن بعض المنافقين قال:إنه ينتظر أن يتزوج من عائشة !
(إن ذلكم كان عند الله عظيما). .
وما أهول ما يكون عند الله عظيما !
ولا يقف السياق عند هذا الإنذار الهائل , بل يستطرد إلى تهديد آخر هائل:
(إن تبدوا شيئا أو تخفوه , فإن الله كان بكل شيء عليما). .
لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58)
وإذن فالله هو الذي يتولى الأمر . وهو عالم بما يبدو وما يخفى , مطلع على كل تفكير وكل تدبير . والأمر عنده عظيم . ومن شاء فليتعرض . فإنما يتعرض لبأس الله الساحق الهائل العظيم .
وبعد الإنذار والتهديد يعود السياق إلى استثناء بعض المحارم الذين لا حرج على نساء النبي [ ص ] في أن يظهرن عليهم:
(لا جناح عليهن في آبائهن , ولا أبنائهن , ولا إخوانهن , ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن , ولا نسائهن , ولا ما ملكت أيمانهن . واتقين الله . إن الله كان على كل شيء شهيدا). .
وهؤلاء المحارم هم الذين أبيح لنساء المسلمين عامة أن يظهرن عليهم . . ولم أستطع أن أتحقق أي الآيات كان أسبق في النزول ; الآية الخاصة بنساء النبي [ ص ] هنا , أم الآية العامة لنساء المسلمين جميعا في سورة النور . والأرجح أن الأمر كان خاصا بنساء النبي [ ص ] ثم عمم . فذلك هو الأقرب إلى طبيعة التكليف . و لا يفوتنا أن نلحظ هذا التوجيه إلى تقوى الله , والإشارة إلى اطلاعه على كل شيء: (واتقين الله , إن الله كان على كل شيء شهيدا). فالإيحاء بالتقوى ومراقبة الله يطرد في مثل هذه المواضع , لأن التقوى هي الضمان الأول والأخير , وهي الرقيب اليقظ الساهر على القلوب .
الدرس الرابع:56 - 58 أمر المسلمين بالصلاة على الرسول عليه السلام ونهيهم عن إيذائه وإيذاء المؤمنين الآخرين
ويستمر السياق في تحذير الذين يؤذون النبي [ ص ] في نفسه أو في أهله ; وفي تفظيع الفعلة التي يقدمون عليها . . وذلك عن طريقين:الطريق الأولى تمجيد رسول الله [ ص ] وبيان مكانته عند ربه وفي الملأ الأعلى . والطريق الثانية تقرير أن إيذاءه إيذاء لله - سبحانه - وجزاؤه عند الله الطرد من رحمته في الدنيا والآخرة , والعذاب الذي يناسب الفعلة الشنيعةإن الله وملائكته يصلون على النبي . يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا). .
وصلاة الله على النبي ذكره بالثناء في الملأ الأعلى ; وصلاة ملائكته دعاؤهم له عند الله سبحانه وتعالى . ويا لها من مرتبة سنية حيث تردد جنبات الوجود ثناء الله على نبيه ; ويشرق به الكون كله وتتجاوب به أرجاؤه . ويثبت في كيان الوجود ذلك الثناء الأزلي القديم الأبدي الباقي . وما من نعمة ولا تكريم بعد هذه النعمة وهذا التكريم . وأين تذهب صلاة البشر وتسليمهم بعد صلاة الله العلي وتسليمه , وصلاة الملائكة في الملأ الأعلى وتسليمهم ; إنما يشاء الله تشريف المؤمنين بأن يقرن صلاتهم إلى صلاته وتسليمهم إلى تسليمه ; وأن يصلهم عن هذا الطريق بالأفق العلوي الكريم الأزلي القديم .
والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله , وكذب المدعين غير ما يقوله الله . والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول . وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط الحر فيها أقصاه أظهر في هذا وأقطع من كل دليل . [ وأمريكا أول هذه البلاد التي آتى الاختلاط فيها أبشع الثمار ] .
وقد ذكرت الآية أن مجيئهم للطعام منتظرين نضجه من غير دعوة ; وبقاءهم بعد الطعام مستأنسين للحديث . . كان يؤذي النبي فيستحيي منهم . وفي ختامها تقرر أنه ما يكون للمسلمين أن يؤذوا رسول الله . وكذلك ما يكون لهم أن يتزوجوا أزواجه من بعده ; وهن بمنزلة أمهاتهم . ومكانهن الخاص من رسول الله يحرم أن ينكحهن أحد من بعده , احتفاظا بحرمة هذا البيت وجلاله وتفرده:
(وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله , ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا). .
وقد ورد أن بعض المنافقين قال:إنه ينتظر أن يتزوج من عائشة !
(إن ذلكم كان عند الله عظيما). .
وما أهول ما يكون عند الله عظيما !
ولا يقف السياق عند هذا الإنذار الهائل , بل يستطرد إلى تهديد آخر هائل:
(إن تبدوا شيئا أو تخفوه , فإن الله كان بكل شيء عليما). .
لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58)
وإذن فالله هو الذي يتولى الأمر . وهو عالم بما يبدو وما يخفى , مطلع على كل تفكير وكل تدبير . والأمر عنده عظيم . ومن شاء فليتعرض . فإنما يتعرض لبأس الله الساحق الهائل العظيم .
وبعد الإنذار والتهديد يعود السياق إلى استثناء بعض المحارم الذين لا حرج على نساء النبي [ ص ] في أن يظهرن عليهم:
(لا جناح عليهن في آبائهن , ولا أبنائهن , ولا إخوانهن , ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن , ولا نسائهن , ولا ما ملكت أيمانهن . واتقين الله . إن الله كان على كل شيء شهيدا). .
وهؤلاء المحارم هم الذين أبيح لنساء المسلمين عامة أن يظهرن عليهم . . ولم أستطع أن أتحقق أي الآيات كان أسبق في النزول ; الآية الخاصة بنساء النبي [ ص ] هنا , أم الآية العامة لنساء المسلمين جميعا في سورة النور . والأرجح أن الأمر كان خاصا بنساء النبي [ ص ] ثم عمم . فذلك هو الأقرب إلى طبيعة التكليف . و لا يفوتنا أن نلحظ هذا التوجيه إلى تقوى الله , والإشارة إلى اطلاعه على كل شيء: (واتقين الله , إن الله كان على كل شيء شهيدا). فالإيحاء بالتقوى ومراقبة الله يطرد في مثل هذه المواضع , لأن التقوى هي الضمان الأول والأخير , وهي الرقيب اليقظ الساهر على القلوب .
الدرس الرابع:56 - 58 أمر المسلمين بالصلاة على الرسول عليه السلام ونهيهم عن إيذائه وإيذاء المؤمنين الآخرين
ويستمر السياق في تحذير الذين يؤذون النبي [ ص ] في نفسه أو في أهله ; وفي تفظيع الفعلة التي يقدمون عليها . . وذلك عن طريقين:الطريق الأولى تمجيد رسول الله [ ص ] وبيان مكانته عند ربه وفي الملأ الأعلى . والطريق الثانية تقرير أن إيذاءه إيذاء لله - سبحانه - وجزاؤه عند الله الطرد من رحمته في الدنيا والآخرة , والعذاب الذي يناسب الفعلة الشنيعةإن الله وملائكته يصلون على النبي . يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا). .
وصلاة الله على النبي ذكره بالثناء في الملأ الأعلى ; وصلاة ملائكته دعاؤهم له عند الله سبحانه وتعالى . ويا لها من مرتبة سنية حيث تردد جنبات الوجود ثناء الله على نبيه ; ويشرق به الكون كله وتتجاوب به أرجاؤه . ويثبت في كيان الوجود ذلك الثناء الأزلي القديم الأبدي الباقي . وما من نعمة ولا تكريم بعد هذه النعمة وهذا التكريم . وأين تذهب صلاة البشر وتسليمهم بعد صلاة الله العلي وتسليمه , وصلاة الملائكة في الملأ الأعلى وتسليمهم ; إنما يشاء الله تشريف المؤمنين بأن يقرن صلاتهم إلى صلاته وتسليمهم إلى تسليمه ; وأن يصلهم عن هذا الطريق بالأفق العلوي الكريم الأزلي القديم .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
وفي ظل هذا التمجيد الإلهي يبدو إيذاء الناس للنبي [ ص ] بشعا شنيعا ملعونا قبيحاإن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة , وأعد لهم عذابا مهينا). . ويزيده بشاعة وشناعة أنه إيذاء لله من عبيده ومخاليقه . وهم لا يبلغون أن يؤذوا الله . إنما هذا التعبير يصور الحساسية بإيذاء رسوله , وكأنما هو إيذاء لذاته جل وعلا . فما أفظع ! وما أبشع ! وما أشنع !
ويستطرد كذلك إلى إيذاء المؤمنين والمؤمنات عامة . إيذاؤهم كذبا وبهتانا , بنسبة ما ليس فيهم إليهم من النقائص والعيوب:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (59) لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62)
(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا , فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا). .
وهذا التشديد يشي بأنه كان في المدينة يومذاك فريق يتولى هذا الكيد للمؤمنين والمؤمنات , بنشر قالة السوء عنهم , وتدبير المؤامرات لهم , وإشاعة التهم ضدهم . وهو عام في كل زمان وفي كل مكان . والمؤمنون والمؤمنات عرضة لمثل هذا الكيد في كل بيئة من الأشرار المنحرفين , والمنافقين , والذين في قلوبهم مرض . والله يتولى عنهم الرد على ذلك الكيد , ويصم أعداءهم بالإثم والبهتان . وهو أصدق القائلين .
الدرس السادس:59 أمر المؤمنات بإرخاء الجلابيب على السيقان
ثم أمر الله نبيه [ ص ] أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين عامة - إذا خرجن لحاجتهن أن يغطين أجسامهن ورؤوسهن وجيوبهن - وهي فتحة الصدر من الثوب - بجلباب كاس . فيميزهن هذا الزي , ويجعلهن في مأمن من معابثة الفساق . فإن معرفتهن وحشمتهن معا تلقيان الخجل والتحرج في نفوس الذين كانوا يتتبعون النساء لمعابثتهنيا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن . ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين . وكان الله غفورا رحيما). .
قال السدي في هذه الآية:كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طريق المدينة فيعرضون للنساء . وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة , فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطريق يقضين حاجتهن , فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن . فإذا رأوا المرأة عليها جلباب . قالوا:هذه حرة . فكفوا عنها . وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا:هذه أمة فوثبوا عليها . .
ويستطرد كذلك إلى إيذاء المؤمنين والمؤمنات عامة . إيذاؤهم كذبا وبهتانا , بنسبة ما ليس فيهم إليهم من النقائص والعيوب:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (59) لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62)
(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا , فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا). .
وهذا التشديد يشي بأنه كان في المدينة يومذاك فريق يتولى هذا الكيد للمؤمنين والمؤمنات , بنشر قالة السوء عنهم , وتدبير المؤامرات لهم , وإشاعة التهم ضدهم . وهو عام في كل زمان وفي كل مكان . والمؤمنون والمؤمنات عرضة لمثل هذا الكيد في كل بيئة من الأشرار المنحرفين , والمنافقين , والذين في قلوبهم مرض . والله يتولى عنهم الرد على ذلك الكيد , ويصم أعداءهم بالإثم والبهتان . وهو أصدق القائلين .
الدرس السادس:59 أمر المؤمنات بإرخاء الجلابيب على السيقان
ثم أمر الله نبيه [ ص ] أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين عامة - إذا خرجن لحاجتهن أن يغطين أجسامهن ورؤوسهن وجيوبهن - وهي فتحة الصدر من الثوب - بجلباب كاس . فيميزهن هذا الزي , ويجعلهن في مأمن من معابثة الفساق . فإن معرفتهن وحشمتهن معا تلقيان الخجل والتحرج في نفوس الذين كانوا يتتبعون النساء لمعابثتهنيا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن . ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين . وكان الله غفورا رحيما). .
قال السدي في هذه الآية:كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طريق المدينة فيعرضون للنساء . وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة , فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطريق يقضين حاجتهن , فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن . فإذا رأوا المرأة عليها جلباب . قالوا:هذه حرة . فكفوا عنها . وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا:هذه أمة فوثبوا عليها . .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
وقال مجاهد:يتجلببن فيعلم أنهن حرائر , فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة . وقوله تعالى: (وكان الله غفورا رحيما)أي لما سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك .
ومن ذلك نرى الجهد المستمر في تطهير البيئة العربية , والتوجيه المطرد لإزالة كل أسباب الفتنة والفوضى , وحصرها في أضيق نطاق , ريثما تسيطر التقاليد الإسلامية على الجماعة كلها وتحكمها .
الدرس السابع:60 - 62 تهديد المنافقين والمرجفين وانطباق سنة الله عليهم
وفي النهاية يأتي تهديد المنافقين ومرضى القلوب والمرجفين الذي ينشرون الشائعات المزلزلة في صفوف الجماعة المسلمة . . تهديدهم القوي الحاسم , بأنهم إذا لم يرتدعوا عما يأتونه من هذا كله , وينتهوا عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات , والجماعة المسلمة كلها , أن يسلط الله عليهم نبيه , كما سلطه على اليهود من قبل , فيطهر منهم جو المدينة , ويطاردهم من الأرض ; و يبيح دمهم فحيثما وجدوا أخذوا وقتلوا . كما جرت سنة الله فيمن قبلهم من اليهود على يد النبي [ ص ] وغير اليهود من المفسدين في الأرض في القرون الخالية:
(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم , ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ; ملعونين , أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . سنة الله في الذين خلوا من قبل . ولن تجد لسنة الله تبديلا). .
ومن هذا التهديد الحاسم ندرك مدى قوة المسلمين في المدينة بعد بني قريظة , ومدى سيطرة الدولة الإسلامية عليها . وانزواء المنافقين إلا فيما يدبرونه من كيد خفي , لا يقدرون على الظهور ; إلا وهم مهددون خائفون .
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64)
الوحدة السادسة:63 - 73 الموضوع:مشاهد من القيامة ومبدأ الأمانة وحقيقة الحساب والجزاء والعقاب مقدمة الوحدة
في هذا الدرس الأخير من السورة حديث عن سؤال الناس عن الساعة , واستعجالهم بها , وشكهم فيها . وجواب عن هذا السؤال يدع أمرها إلى الله , مع تحذيرهم من قربها , واحتمال أن تأخذهم على غرة أخذا سريعا . ثم يعرض السياق مشهدا من مشاهد الساعة لا يسر المستعجلين بها , يوم تقلب وجوههم في النار . ويوم يندمون على عدم طاعة الله ورسوله . ويوم يطلبون لسادتهم وكبرائهم ضعفين من العذاب . وهو مشهد مفجع لا يستعجل به مستعجل . . ثم يعود بهم من هذا المشهد في الاخرة إلى هذه الأرض مرة أخرى ! يعود
ومن ذلك نرى الجهد المستمر في تطهير البيئة العربية , والتوجيه المطرد لإزالة كل أسباب الفتنة والفوضى , وحصرها في أضيق نطاق , ريثما تسيطر التقاليد الإسلامية على الجماعة كلها وتحكمها .
الدرس السابع:60 - 62 تهديد المنافقين والمرجفين وانطباق سنة الله عليهم
وفي النهاية يأتي تهديد المنافقين ومرضى القلوب والمرجفين الذي ينشرون الشائعات المزلزلة في صفوف الجماعة المسلمة . . تهديدهم القوي الحاسم , بأنهم إذا لم يرتدعوا عما يأتونه من هذا كله , وينتهوا عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات , والجماعة المسلمة كلها , أن يسلط الله عليهم نبيه , كما سلطه على اليهود من قبل , فيطهر منهم جو المدينة , ويطاردهم من الأرض ; و يبيح دمهم فحيثما وجدوا أخذوا وقتلوا . كما جرت سنة الله فيمن قبلهم من اليهود على يد النبي [ ص ] وغير اليهود من المفسدين في الأرض في القرون الخالية:
(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم , ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ; ملعونين , أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . سنة الله في الذين خلوا من قبل . ولن تجد لسنة الله تبديلا). .
ومن هذا التهديد الحاسم ندرك مدى قوة المسلمين في المدينة بعد بني قريظة , ومدى سيطرة الدولة الإسلامية عليها . وانزواء المنافقين إلا فيما يدبرونه من كيد خفي , لا يقدرون على الظهور ; إلا وهم مهددون خائفون .
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64)
الوحدة السادسة:63 - 73 الموضوع:مشاهد من القيامة ومبدأ الأمانة وحقيقة الحساب والجزاء والعقاب مقدمة الوحدة
في هذا الدرس الأخير من السورة حديث عن سؤال الناس عن الساعة , واستعجالهم بها , وشكهم فيها . وجواب عن هذا السؤال يدع أمرها إلى الله , مع تحذيرهم من قربها , واحتمال أن تأخذهم على غرة أخذا سريعا . ثم يعرض السياق مشهدا من مشاهد الساعة لا يسر المستعجلين بها , يوم تقلب وجوههم في النار . ويوم يندمون على عدم طاعة الله ورسوله . ويوم يطلبون لسادتهم وكبرائهم ضعفين من العذاب . وهو مشهد مفجع لا يستعجل به مستعجل . . ثم يعود بهم من هذا المشهد في الاخرة إلى هذه الأرض مرة أخرى ! يعود
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
ليحذر الذين آمنوا أن يكونوا كقوم موسى الذين آذوه واتهموه فبرأه الله مما قالوا - ويبدو أن هذا كان ردا على أمر واقع . ربما كان هو حديث بعضهم عن زواج الرسول [ ص ] بزينب , ومخالفته لمألوف العرب - ويدعو المؤمنين أن يقولوا قولا سديدا بعيدا عن اللمز والعيب . ليصلح الله لهم أعمالهم ويغفر لهم ذنوبهم . ويحببهم في طاعة الله ورسوله ويعدهم عليها الفوز العظيم .
ويختم السورة بالإيقاع الهائل العميق . عن الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال , وحملها الإنسان , وهي ضخمة هائلة ساحقة . ذلك ليتم تدبير الله في ترتيب الجزاء على العمل , ومحاسبة الإنسان على ما رضي لنفسه واختارليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما). .
الدرس الأول:63 علم الساعة عند الله
(يسألك الناس عن الساعة . قل:إنما علمها عند الله . وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا). .
وقد كانوا ما يفتأون يسألون النبي [ ص ] عن الساعة التي حدثهم عنها طويلا ; وخوفهم بها طويلا ; ووصف القرآن مشاهدها حتى لكأن قارئه يراها . يسألونه عن موعدها ; ويستعجلون هذا الموعد ; ويحمل هذا الاستعجال معنى الشك فيها , أو التكذيب بها , أو السخرية منها , بحسب النفوس السائلة , وقربها من الإيمان أو بعدها .
والساعة غيب قد اختص به الله سبحانه , ولم يشأ أن يطلع عليه أحدا من خلقه جميعا , بما فيهم الرسل والملائكة المقربون . وفي حديث حقيقة الإيمان والإسلام:عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال:حدثني أبي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال:بينما نحن جلوس عند رسول الله [ ص ] إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثوب , شديد سواد الشعر , لا يرى عليه أثر السفر , ولا يعرفه منا أحد , حتى جلس إلى رسول الله [ ص ] فأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع كفيه على فخذيه وقال:يا محمد أخبرني عن الإسلام . فقال:" الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمدا عبده ورسوله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال:صدقت ! فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال:فأخبرني عن الإيمان . قال:" أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال:صدقت ! قال:فأخبرني عن الإحسان . قال:" أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . قال:فأخبرني عن الساعة . قال:" ما المسؤول عنها بأعلم من السائل . . " الخ . ثم قال رسول الله [ ص ] " فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم " .
فالمسؤول رسول الله [ ص ] والسائل - جبريل عليه السلام - كلاهما لا يعلم علم الساعة (قل:إنما علمها عند الله). . على وجه الاختصاص والتفرد من دون عباد الله .
ويختم السورة بالإيقاع الهائل العميق . عن الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال , وحملها الإنسان , وهي ضخمة هائلة ساحقة . ذلك ليتم تدبير الله في ترتيب الجزاء على العمل , ومحاسبة الإنسان على ما رضي لنفسه واختارليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما). .
الدرس الأول:63 علم الساعة عند الله
(يسألك الناس عن الساعة . قل:إنما علمها عند الله . وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا). .
وقد كانوا ما يفتأون يسألون النبي [ ص ] عن الساعة التي حدثهم عنها طويلا ; وخوفهم بها طويلا ; ووصف القرآن مشاهدها حتى لكأن قارئه يراها . يسألونه عن موعدها ; ويستعجلون هذا الموعد ; ويحمل هذا الاستعجال معنى الشك فيها , أو التكذيب بها , أو السخرية منها , بحسب النفوس السائلة , وقربها من الإيمان أو بعدها .
والساعة غيب قد اختص به الله سبحانه , ولم يشأ أن يطلع عليه أحدا من خلقه جميعا , بما فيهم الرسل والملائكة المقربون . وفي حديث حقيقة الإيمان والإسلام:عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال:حدثني أبي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال:بينما نحن جلوس عند رسول الله [ ص ] إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثوب , شديد سواد الشعر , لا يرى عليه أثر السفر , ولا يعرفه منا أحد , حتى جلس إلى رسول الله [ ص ] فأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع كفيه على فخذيه وقال:يا محمد أخبرني عن الإسلام . فقال:" الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمدا عبده ورسوله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال:صدقت ! فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال:فأخبرني عن الإيمان . قال:" أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال:صدقت ! قال:فأخبرني عن الإحسان . قال:" أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . قال:فأخبرني عن الساعة . قال:" ما المسؤول عنها بأعلم من السائل . . " الخ . ثم قال رسول الله [ ص ] " فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم " .
فالمسؤول رسول الله [ ص ] والسائل - جبريل عليه السلام - كلاهما لا يعلم علم الساعة (قل:إنما علمها عند الله). . على وجه الاختصاص والتفرد من دون عباد الله .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
قدر الله هذا لحكمة يعلمها , نلمح طرفا منها , في ترك الناس على حذر من أمرها , وفي توقع دائم لها , وفي استعداد مستمر لفجأتها . ذلك لمن أراد الله له الخير , وأودع قلبه التقوى . فأما الذين يغفلون عن الساعة , ولا يعيشون في كل لحظة على أهبة للقائها , فأولئك الذين يختانون أنفسهم , ولا يقونها من النار . وقد بين الله لهم وحذرهم وأنذرهم , وجعل الساعة غيبا مجهولا متوقعا في أية لحظة من لحظات الليل والنهار: (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا). .
الدرس الثاني:64 - 68 مشهد للأتباع والمتبوعين يوم القيامة
إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا , خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا , يوم تقلب وجوهم في النار , يقولون:يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا . وقالوا:ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا , فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا . .
إنهم يسألون عن الساعة . فهذا مشهد من مشاهد الساعة:
(إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا). .
إن الله طرد الكافرين من رحمته , وهيأ لهم نارا مسعرة متوقدة , فهي معدة جاهزة حاضرة .
(خالدين فيها أبدا). .
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)
باقين فيها عهدا طويلا , لا يعلم مداه إلا الله ; ولا نهاية له إلا في علم الله , حيث يشاء الله . وهم مجردون من كل عون , محرومون من كل نصير , فلا أمل في الخلاص من هذا السعير , بمعونة من ولي ولا نصير:
(لا يجدون وليا ولا نصيرا). .
أما مشهدهم في هذا العذاب فهو مشهد بائس أليم:
(يوم تقلب وجوههم في النار). .
الدرس الثاني:64 - 68 مشهد للأتباع والمتبوعين يوم القيامة
إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا , خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا , يوم تقلب وجوهم في النار , يقولون:يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا . وقالوا:ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا , فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا . .
إنهم يسألون عن الساعة . فهذا مشهد من مشاهد الساعة:
(إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا). .
إن الله طرد الكافرين من رحمته , وهيأ لهم نارا مسعرة متوقدة , فهي معدة جاهزة حاضرة .
(خالدين فيها أبدا). .
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)
باقين فيها عهدا طويلا , لا يعلم مداه إلا الله ; ولا نهاية له إلا في علم الله , حيث يشاء الله . وهم مجردون من كل عون , محرومون من كل نصير , فلا أمل في الخلاص من هذا السعير , بمعونة من ولي ولا نصير:
(لا يجدون وليا ولا نصيرا). .
أما مشهدهم في هذا العذاب فهو مشهد بائس أليم:
(يوم تقلب وجوههم في النار). .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
والنار تغشاهم من كل جهة , فالتعبير على هذا النحو يراد به تصوير الحركة وتجسيمها , والحرص على أن تصل النار إلى كل صفحة من صفحات وجوههم زيادة في النكال !
(يقولون:يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا). .
وهي أمنية ضائعة , لا موضع لها ولا استجابة , فقد فات الأوان . إنما هي الحسرة على ما كان !
ثم تنطلق من نفوسهم النقمة على سادتهم وكبرائهم , الذين أضلوهم , وبالإنابة إلى الله وحده , حيث لا تنفع الإنابة:
(وقالوا:ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا). . هذه هي الساعة . ففيم السؤال عنها ? إن العمل لها هو المخلص الوحيد من ذا المصير المشؤوم فيها !
الدرس الثالث:69 - 71 نهي المؤمنين عن إيذاء الرسول وتوجيههم إلى طاعته
ويبدو أن زواج الرسول [ ص ] من زينب بنت جحش - رضي الله عنها - مخالفا في ذلك عرف الجاهلية الذي تعمد الإسلام أن يبطله بهذه السابقة العملية . يبدو أن هذا الزواج لم يمر بسهولة ويسر ; وأنه قد انطلقت ألسنة كثيرة من المنافقين ومرضى القلوب , وغير المتثبتين الذين لم يتضح في نفوسهم التصور الإسلامي الناصع البسيط , انطلقت تغمز وتلمز , وتؤول وتعترض , وتهمس وتوسوس . وتقول قولا عظيما !
والمنافقون والمرجفون لم يكونوا يسكتون . فقد كانوا ينتهزون كل فرصة لبث سمومهم . كالذي رأينا في غزوة الأحزاب . وفي حديث الإفك . وفي قسمة الفيء . وفي كل مناسبة تعرض لإيذاء النبي [ ص ] بغير حق .
وفي هذا الوقت - بعد إجلاء بني قريظة وسائر اليهود من قبل - لم يكن في المدينة من هو ظاهر بالكفر . فقد أصبح أهلها كلهم مسلمين , إما صادقين في إسلامهم وإما منافقين . وكان المنافقون هم الذين يروجون الشائعات , وينشرون الأكاذيب , وكان بعض المؤمنين يقع في حبائلهم , ويسايرهم في بعض ما يروجون . فجاء القرآن يحذرهم إيذاء النبي [ ص ] كما آذى بنو إسرائيل نبيهم موسى - عليه السلام - ويوجههم إلى تسديد القول , وعدم إلقائه على عواهنه , بغير ضبط ولا دقة ; ويحببهم في طاعة الله ورسوله وما وراءها من فوز عظيميا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا . وكان عند الله وجيها . يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا , يصلح لكم أعمالكم , ويغفر لكم ذنوبكم . ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). .
ولم يحدد القرآن نوع الإيذاء لموسى ; ولكن وردت روايات تعينه . ونحن لا نرى بنا من حاجة للخوض في هذا الذي أجمله القرآن . فإنما أراد الله تحذير الذين آمنوا من كل ما يؤذي النبي [ ص ]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً (69) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)
وقد ضرب بني إسرائيل مثلا للالتواء والانحراف في مواضع من القرآن كثيرة . فيكفي أن يشير إلى إيذائهم لنبيهم . وتحذير المسلمين من متابعتهم فيه , لينفر حس كل مؤمن من أن يكون كهؤلاء المنحرفين الملتوين الذين يضربهم القرآن مثلا صارخا للانحراف والالتواء .
وقد برأ الله موسى مما رماه به قومه , (وكان عند الله وجيها)ذا وجاهة وذا مكانة . والله مبرئ رسله من كل ما يرمون به كذبا وبهتانا . ومحمد [ ص ] أفضل الرسل أولاهم بتبرئة الله له والدفاع عنه .
ويوجه القرآن المؤمنين إلى تسديد القول وإحكامه والتدقيق فيه , ومعرفة هدفه واتجاهه , قبل أن يتابعوا المنافقين والمرجفين فيه ; وقبل أن يستمعوا في نبيهم ومرشدهم ووليهم إلى قول طائش ضال أو مغرض خبيث . ويوجههم إلى القول الصالح الذي يقود إلى العمل الصالح . فالله يرعى المسددين ويقود خطاهم ويصلح لهم أعمالهم جزاء التصويب والتسديد . والله يغفر لذوي الكلمة الطيبة والعمل الصالح ; ويكفر عن السيئة التي لا ينجو منها الآدميون الخطاءون . ولا ينقذهم منها إلا المغفرة والتكفير .
(ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). .
والطاعة بذاتها فوز عظيم . فهي استقامة على نهج الله . والاستقامة على نهج الله مريحة مطمئنة . والاهتداء إلى الطريق المستقيم الواضح الواصل سعادة بذاته , ولو لم يكن وراءه جزاء سواه . وليس الذي يسير في الطريق الممهود المنير وكل ما حوله من خلق الله يتجاوب معه ويتعاون كالذي يسير في الطريق المقلقل المظلم وكل ما حوله من خلق الله يعاديه ويصادمه ويؤذيه ! فطاعة الله ورسوله تحمل جزاءها في ذاتها ; وهي الفوز العظيم , قبل يوم الحساب وقبل الفوز بالنعيم . أما نعيم الآخرة فهو فضل زائد على جزاء الطاعة . فضل من كرم الله وفيضه بلا مقابل . والله يرزق من يشاء بغير حساب
الدرس الرابع:72 - 73 الأمانة وأساس الثواب والعقاب
ولعله فضل نظر الله فيه إلى ضعف هذا الإنسان , وإلى ضخامة التبعة التي يحملها على عاتقه . وإلى حمله للأمانة التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال . والتي أخذها على عاتقه , وتعهد بحملها وحده , وهو على ما هو عليه من الضعف وضغط الشهوات والميول والنزعات , وقصور العلم , وقصر العمر , وحواجز الزمان والمكان , دون المعرفة الكاملة ورؤية ما وراء الحواجز والآماد:
(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال , فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ; وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا). .
إن السماوات والأرض والجبال - التي اختارها القرآن ليحدث عنها - هذه الخلائق الضخمة الهائلة , التي يعيش الإنسان فيها أو حيالها فيبدو شيئا صغيرا ضئيلا . هذه الخلائق تعرف بارئها بلا محاولة , وتهتدي إلى ناموسه الذي يحكمها بخلقتها وتكوينها ونظامها ; وتطيع ناموس الخالق طاعة مباشرة بلا تدبر ولا واسطة . وتجري وفق هذا الناموس دائبة لا تني ولا تتخلف دورتها جزءا من ثانية ; وتؤدي وظيفتها بحكم خلقتها وطبيعتها غير شاعرة ولا مختارة .
هذه الشمس تدور في فلكها دورتها المنتظمة التي لا تختل أبدا . وترسل بأشعتها فتؤدي وظيفتها التي قدرها الله لها ; وتجذب توابعها بلا إرادة منها ; فتؤدي دورها الكوني أداء كاملا . .
وهذه الأرض تدور دورتها , وتخرج زرعها , وتقوت أبناءها , وتواري موتاها , وتتفجر ينابيعها . وفق سنة الله بلا إرادة منها .
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (73)
وهذا القمر . وهذه النجوم والكواكب , وهذه الرياح والسحب . وهذا الهواء وهذا الماء . . وهذه الجبال . وهذه الوهاد . . كلها . . كلها . . تمضي لشأنها , بإذن ربها , وتعرف بارئها , وتخضع لمشيئته بلا جهد منها ولا كد ولا محاولة . . لقد أشفقت من أمانة التبعة . أمانة الإرادة . أمانة المعرفة الذاتية . أمانة المحاولة الخاصة .
(وحملها الإنسان). .
الإنسان الذي يعرف الله بإدراكه وشعوره . ويهتدي إلى ناموسه بتدبره وبصره . ويعمل وفق هذا الناموس بمحاولته وجهده . ويطيع الله بإرادته وحمله لنفسه , ومقاومة انحرافاته ونزغاته , ومجاهدة ميوله وشهواته . . وهو في كل خطوة من هذه الخطوات مريد . مدرك . يختار طريقه وهو عارف إلى أين يؤدي به هذا الطريق !
(يقولون:يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا). .
وهي أمنية ضائعة , لا موضع لها ولا استجابة , فقد فات الأوان . إنما هي الحسرة على ما كان !
ثم تنطلق من نفوسهم النقمة على سادتهم وكبرائهم , الذين أضلوهم , وبالإنابة إلى الله وحده , حيث لا تنفع الإنابة:
(وقالوا:ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا). . هذه هي الساعة . ففيم السؤال عنها ? إن العمل لها هو المخلص الوحيد من ذا المصير المشؤوم فيها !
الدرس الثالث:69 - 71 نهي المؤمنين عن إيذاء الرسول وتوجيههم إلى طاعته
ويبدو أن زواج الرسول [ ص ] من زينب بنت جحش - رضي الله عنها - مخالفا في ذلك عرف الجاهلية الذي تعمد الإسلام أن يبطله بهذه السابقة العملية . يبدو أن هذا الزواج لم يمر بسهولة ويسر ; وأنه قد انطلقت ألسنة كثيرة من المنافقين ومرضى القلوب , وغير المتثبتين الذين لم يتضح في نفوسهم التصور الإسلامي الناصع البسيط , انطلقت تغمز وتلمز , وتؤول وتعترض , وتهمس وتوسوس . وتقول قولا عظيما !
والمنافقون والمرجفون لم يكونوا يسكتون . فقد كانوا ينتهزون كل فرصة لبث سمومهم . كالذي رأينا في غزوة الأحزاب . وفي حديث الإفك . وفي قسمة الفيء . وفي كل مناسبة تعرض لإيذاء النبي [ ص ] بغير حق .
وفي هذا الوقت - بعد إجلاء بني قريظة وسائر اليهود من قبل - لم يكن في المدينة من هو ظاهر بالكفر . فقد أصبح أهلها كلهم مسلمين , إما صادقين في إسلامهم وإما منافقين . وكان المنافقون هم الذين يروجون الشائعات , وينشرون الأكاذيب , وكان بعض المؤمنين يقع في حبائلهم , ويسايرهم في بعض ما يروجون . فجاء القرآن يحذرهم إيذاء النبي [ ص ] كما آذى بنو إسرائيل نبيهم موسى - عليه السلام - ويوجههم إلى تسديد القول , وعدم إلقائه على عواهنه , بغير ضبط ولا دقة ; ويحببهم في طاعة الله ورسوله وما وراءها من فوز عظيميا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا . وكان عند الله وجيها . يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا , يصلح لكم أعمالكم , ويغفر لكم ذنوبكم . ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). .
ولم يحدد القرآن نوع الإيذاء لموسى ; ولكن وردت روايات تعينه . ونحن لا نرى بنا من حاجة للخوض في هذا الذي أجمله القرآن . فإنما أراد الله تحذير الذين آمنوا من كل ما يؤذي النبي [ ص ]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً (69) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)
وقد ضرب بني إسرائيل مثلا للالتواء والانحراف في مواضع من القرآن كثيرة . فيكفي أن يشير إلى إيذائهم لنبيهم . وتحذير المسلمين من متابعتهم فيه , لينفر حس كل مؤمن من أن يكون كهؤلاء المنحرفين الملتوين الذين يضربهم القرآن مثلا صارخا للانحراف والالتواء .
وقد برأ الله موسى مما رماه به قومه , (وكان عند الله وجيها)ذا وجاهة وذا مكانة . والله مبرئ رسله من كل ما يرمون به كذبا وبهتانا . ومحمد [ ص ] أفضل الرسل أولاهم بتبرئة الله له والدفاع عنه .
ويوجه القرآن المؤمنين إلى تسديد القول وإحكامه والتدقيق فيه , ومعرفة هدفه واتجاهه , قبل أن يتابعوا المنافقين والمرجفين فيه ; وقبل أن يستمعوا في نبيهم ومرشدهم ووليهم إلى قول طائش ضال أو مغرض خبيث . ويوجههم إلى القول الصالح الذي يقود إلى العمل الصالح . فالله يرعى المسددين ويقود خطاهم ويصلح لهم أعمالهم جزاء التصويب والتسديد . والله يغفر لذوي الكلمة الطيبة والعمل الصالح ; ويكفر عن السيئة التي لا ينجو منها الآدميون الخطاءون . ولا ينقذهم منها إلا المغفرة والتكفير .
(ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). .
والطاعة بذاتها فوز عظيم . فهي استقامة على نهج الله . والاستقامة على نهج الله مريحة مطمئنة . والاهتداء إلى الطريق المستقيم الواضح الواصل سعادة بذاته , ولو لم يكن وراءه جزاء سواه . وليس الذي يسير في الطريق الممهود المنير وكل ما حوله من خلق الله يتجاوب معه ويتعاون كالذي يسير في الطريق المقلقل المظلم وكل ما حوله من خلق الله يعاديه ويصادمه ويؤذيه ! فطاعة الله ورسوله تحمل جزاءها في ذاتها ; وهي الفوز العظيم , قبل يوم الحساب وقبل الفوز بالنعيم . أما نعيم الآخرة فهو فضل زائد على جزاء الطاعة . فضل من كرم الله وفيضه بلا مقابل . والله يرزق من يشاء بغير حساب
الدرس الرابع:72 - 73 الأمانة وأساس الثواب والعقاب
ولعله فضل نظر الله فيه إلى ضعف هذا الإنسان , وإلى ضخامة التبعة التي يحملها على عاتقه . وإلى حمله للأمانة التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال . والتي أخذها على عاتقه , وتعهد بحملها وحده , وهو على ما هو عليه من الضعف وضغط الشهوات والميول والنزعات , وقصور العلم , وقصر العمر , وحواجز الزمان والمكان , دون المعرفة الكاملة ورؤية ما وراء الحواجز والآماد:
(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال , فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ; وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا). .
إن السماوات والأرض والجبال - التي اختارها القرآن ليحدث عنها - هذه الخلائق الضخمة الهائلة , التي يعيش الإنسان فيها أو حيالها فيبدو شيئا صغيرا ضئيلا . هذه الخلائق تعرف بارئها بلا محاولة , وتهتدي إلى ناموسه الذي يحكمها بخلقتها وتكوينها ونظامها ; وتطيع ناموس الخالق طاعة مباشرة بلا تدبر ولا واسطة . وتجري وفق هذا الناموس دائبة لا تني ولا تتخلف دورتها جزءا من ثانية ; وتؤدي وظيفتها بحكم خلقتها وطبيعتها غير شاعرة ولا مختارة .
هذه الشمس تدور في فلكها دورتها المنتظمة التي لا تختل أبدا . وترسل بأشعتها فتؤدي وظيفتها التي قدرها الله لها ; وتجذب توابعها بلا إرادة منها ; فتؤدي دورها الكوني أداء كاملا . .
وهذه الأرض تدور دورتها , وتخرج زرعها , وتقوت أبناءها , وتواري موتاها , وتتفجر ينابيعها . وفق سنة الله بلا إرادة منها .
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (73)
وهذا القمر . وهذه النجوم والكواكب , وهذه الرياح والسحب . وهذا الهواء وهذا الماء . . وهذه الجبال . وهذه الوهاد . . كلها . . كلها . . تمضي لشأنها , بإذن ربها , وتعرف بارئها , وتخضع لمشيئته بلا جهد منها ولا كد ولا محاولة . . لقد أشفقت من أمانة التبعة . أمانة الإرادة . أمانة المعرفة الذاتية . أمانة المحاولة الخاصة .
(وحملها الإنسان). .
الإنسان الذي يعرف الله بإدراكه وشعوره . ويهتدي إلى ناموسه بتدبره وبصره . ويعمل وفق هذا الناموس بمحاولته وجهده . ويطيع الله بإرادته وحمله لنفسه , ومقاومة انحرافاته ونزغاته , ومجاهدة ميوله وشهواته . . وهو في كل خطوة من هذه الخطوات مريد . مدرك . يختار طريقه وهو عارف إلى أين يؤدي به هذا الطريق !
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
إنها أمانة ضخمة حملها هذا المخلوق الصغير الحجم , القليل القوة , الضعيف الحول , المحدود العمر ; الذي تناوشه الشهوات والنزعات والميول والأطماع . .
وإنها لمخاطرة أن يأخذ على عاتقه هذه التبعة الثقيلة . ومن ثم (كان ظلوما)لنفسه(جهولا)لطاقته . هذا بالقياس إلى ضخامة ما زج بنفسه لحمله . فأما حين ينهض بالتبعة . حين يصل إلى المعرفة الواصلة إلى بارئه , والاهتداء المباشر لناموسه , والطاعة الكاملة لإرادة ربه . المعرفة والاهتداء والطاعة التي تصل في طبيعتها وفي آثارها إلى مثل ما وصلت إليه من سهولة ويسر وكمال في السماوات والأرض والجبال . . الخلائق التي تعرف مباشرة , وتهتدي مباشرة , وتطيع مباشرة , ولا تحول بينها وبين بارئها وناموسه وإرادته الحوائل . ولا تقعد بها المثبطات عن الانقياد والطاعة والأداء . . حين يصل الإنسان إلى هذه الدرجة وهو واع مدرك مريد . فإنه يصل حقا إلى مقام كريم , ومكان بين خلق الله فريد .
إنها الإرادة والإدراك والمحاولة وحمل التبعة . . هي هي ميزة هذا الإنسان على كثير من خلق الله . وهي هي مناط التكريم الذي أعلنه الله في الملأ الأعلى , وهو يسجد الملائكة لآدم . وأعلنه في قرآنه الباقي وهو يقول: (ولقد كرمنا بني آدم). . فليعرف الإنسان مناط تكريمه عند الله . ولينهض بالأمانة التي اختارها ; والتي عرضت على السماوات والأرض والجبال , فأبين أن يحملنها , وأشفقن منها . . . !
ذلك كان . .(ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات , ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات . وكان الله غفورا رحيما). .
فاختصاص الإنسان بحمل الأمانة ; وأخذه على عاتقه أن يعرف بنفسه , ويهتدي بنفسه , ويعمل بنفسه , ويصل بنفسه . . هذا كان ليحتمل عاقبة اختياره , وليكون جزاؤه من عمله . وليحق العذاب على المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات . وليمد الله يد العون للمؤمنين والمؤمنات , فيتوب عليهم مما يقعون فيه تحت ضغط ما ركب فيهم من نقص وضعف , وما يقف في طريقهم من حواجز وموانع , وما يشدهم من جواذب وأثقال . . فذلك فضل الله وعونه . وهو أقرب إلى المغفرة والرحمة بعباده: (وكان الله غفورا رحيما). .
وبهذا الإيقاع الهائل العميق تختم السورة التي بدأت بتوجيه الرسول [ ص ] إلى طاعة الله وعصيان الكافرين والمنافقين , واتباع وحي الله , والتوكل عليه وحده دون سواه . والتي تضمنت توجيهات وتشريعات يقوم عليها نظام المجتمع الإسلامي , خالصا لله , متوجها له , مطيعا لتوجيهاته .
بهذا الإيقاع الذي يصور جسامة التبعة وضخامة الأمانة . ويحدد موضع الجسامة ومنشأ الضخامة . ويحصرهاكلها في نهوض الإنسان بمعرفة الله والاهتداء إلى ناموسه , والخضوع لمشيئته . .
بهذا الإيقاع تختم السورة , فيتناسق بدؤها وختامها , مع موضوعها واتجاهها . ذلك التناسق المعجز , الدال بذاته على مصدر هذا الكتاب
وإنها لمخاطرة أن يأخذ على عاتقه هذه التبعة الثقيلة . ومن ثم (كان ظلوما)لنفسه(جهولا)لطاقته . هذا بالقياس إلى ضخامة ما زج بنفسه لحمله . فأما حين ينهض بالتبعة . حين يصل إلى المعرفة الواصلة إلى بارئه , والاهتداء المباشر لناموسه , والطاعة الكاملة لإرادة ربه . المعرفة والاهتداء والطاعة التي تصل في طبيعتها وفي آثارها إلى مثل ما وصلت إليه من سهولة ويسر وكمال في السماوات والأرض والجبال . . الخلائق التي تعرف مباشرة , وتهتدي مباشرة , وتطيع مباشرة , ولا تحول بينها وبين بارئها وناموسه وإرادته الحوائل . ولا تقعد بها المثبطات عن الانقياد والطاعة والأداء . . حين يصل الإنسان إلى هذه الدرجة وهو واع مدرك مريد . فإنه يصل حقا إلى مقام كريم , ومكان بين خلق الله فريد .
إنها الإرادة والإدراك والمحاولة وحمل التبعة . . هي هي ميزة هذا الإنسان على كثير من خلق الله . وهي هي مناط التكريم الذي أعلنه الله في الملأ الأعلى , وهو يسجد الملائكة لآدم . وأعلنه في قرآنه الباقي وهو يقول: (ولقد كرمنا بني آدم). . فليعرف الإنسان مناط تكريمه عند الله . ولينهض بالأمانة التي اختارها ; والتي عرضت على السماوات والأرض والجبال , فأبين أن يحملنها , وأشفقن منها . . . !
ذلك كان . .(ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات , ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات . وكان الله غفورا رحيما). .
فاختصاص الإنسان بحمل الأمانة ; وأخذه على عاتقه أن يعرف بنفسه , ويهتدي بنفسه , ويعمل بنفسه , ويصل بنفسه . . هذا كان ليحتمل عاقبة اختياره , وليكون جزاؤه من عمله . وليحق العذاب على المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات . وليمد الله يد العون للمؤمنين والمؤمنات , فيتوب عليهم مما يقعون فيه تحت ضغط ما ركب فيهم من نقص وضعف , وما يقف في طريقهم من حواجز وموانع , وما يشدهم من جواذب وأثقال . . فذلك فضل الله وعونه . وهو أقرب إلى المغفرة والرحمة بعباده: (وكان الله غفورا رحيما). .
وبهذا الإيقاع الهائل العميق تختم السورة التي بدأت بتوجيه الرسول [ ص ] إلى طاعة الله وعصيان الكافرين والمنافقين , واتباع وحي الله , والتوكل عليه وحده دون سواه . والتي تضمنت توجيهات وتشريعات يقوم عليها نظام المجتمع الإسلامي , خالصا لله , متوجها له , مطيعا لتوجيهاته .
بهذا الإيقاع الذي يصور جسامة التبعة وضخامة الأمانة . ويحدد موضع الجسامة ومنشأ الضخامة . ويحصرهاكلها في نهوض الإنسان بمعرفة الله والاهتداء إلى ناموسه , والخضوع لمشيئته . .
بهذا الإيقاع تختم السورة , فيتناسق بدؤها وختامها , مع موضوعها واتجاهها . ذلك التناسق المعجز , الدال بذاته على مصدر هذا الكتاب
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
أحمد بيه بدوى .. وحشتنا موضوعاتك القيمة
أدعو الله أن يجعلها فى ميزان حسناتك
و جزاكم الله خير الجزاء على مجهودك الرائع
و جعلك الله منارة للمسلمين
أدعو الله أن يجعلها فى ميزان حسناتك
و جزاكم الله خير الجزاء على مجهودك الرائع
و جعلك الله منارة للمسلمين
أحمد بغدادى- عضو v i p
- رقم العضوية : 7
عدد المساهمات : 933
المهارة : 10010
تاريخ التسجيل : 04/04/2010
الكفاءة : 15
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
مواضيع مماثلة
» فى ظلال القرأن - صورة الأاحقاف - للسيد قطب
» الفقى يأمر بايقاف برنامج ظلال و اضواء بعد مهاجمة صادق للداخلية
» فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
» فى ظلال القرأن الجزء الأول سورة إبراهيم
» فى ظلال القرآن ـ سيد قطب - صورة الأنعام
» الفقى يأمر بايقاف برنامج ظلال و اضواء بعد مهاجمة صادق للداخلية
» فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
» فى ظلال القرأن الجزء الأول سورة إبراهيم
» فى ظلال القرآن ـ سيد قطب - صورة الأنعام
صفحة 3 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى