ذكر محاسن الخصي ومساوِيه - للجــــــــــــــــاحظ
صفحة 1 من اصل 1
ذكر محاسن الخصي ومساوِيه - للجــــــــــــــــاحظ
ذكر محاسن الخصي ومساوِيه
ثم رجَعَ بنا القولُ إلى ذكرِ مَحاسِن الخصيّ ومساويه.
الخصيُّ يَنْكِحُ ويتّخذ الجواري ويشتدُّ شغفه بالنساء، وشغفُهنَّ به، وهو وإن كان مجبوب العضو فإنَّه قد بقي له ما عسى أن يكون فيه من ذلك ما هو أعجبُ إليهنَّ، وقد يحتلم ويخرجُ منه عند الوطء ماءٌ، ولكنَّه قليلٌ متغيِّر الريح، رقيقٌ ضعيف، وهو يباشِر بمشقّة، ثم لا يمنعه من المعاودة الماءُ الذي يخرج منه إذْ كان قليل المقدار لا يخرجه من القوّة إلى الضعف، مثل الذي يعتري من يخرج منه شيء يكون من إنسان، وهو أخثرُ، وأكثر، وأحدُّ ريحاً، وأصحُّ جوهراً، والخصيُّ يجتمع فيه أُمنيَّةُ المرأة، وذلك أنَّها تبغض كلَّ سريعِ الإراقة، بطيء الإفاقة، كما تَكرهُ كلَّ ثقيل الصدر، وخفيف العَجْز، والخصيُّ هو السريع الإفاقة، البطيء الإراقة، المأمونُ الإلقاح، فتقيمُ المرأةُ معَه، وهي آمنة العار الأكبر، فهذا أشدُّ لتوفير لذّتها وشهوتها، وإذا ابتذلن الخِيصانَ، وحَقَرن العبيد، وذهبت الهيبةُ من قلوبهنّ، وتعظيمُ البعول، والتصنُّع لذوي الأقدار باجتلاب الحياء وتكلّفِ الخجل، ظهَر كلُّ شيء في قوى طبائِعهنّ وشَهوَاتهنّ، فأمكنَهَا النَّخير والصِياح، وأن تكون مرَّةً من فوقُ، ومرَّةً من أسفل، وسمحت النفسُ بمكنونِها، وأظَهرت أقصى ما عنِدها.
وقد تجد في النساء مَنْ تؤْثر النساءَ، وتجدُ فيهنَّ من تُؤثر الرجال، وتجد فيهنَّ مَنْ تؤْثرُ الخِصيان، وتجد فيهنَّ من تجمعُ ولا تفرِّق، وتعمُّ ولا تخصُّ، وكذلك شأنُ الرجال في الرجال، وفي النساء والخصيان فالمرأة تنازِع إلى الخصيِّ لأَنَّ أمرَه أستر وعاقبتهُ أسلم، وتحرِص عليه لأنَّه ممنوعٌ منها، ولأنَّ ذلك حرام عليها، فلها جاذبان: جاذبُ حرصٍ كما يُحْرَص على الممنوع، وجاذبُ أَمْنٍ كما يُرغَب في السلامة، وقال الأَصمعيّ: قال يونس بن عُبَيد: لو أُخِذْنا بالْجَزَعِ لصَبَرنا، قال الشاعر:
وحَبُّ شيءٍ إلى الإنسان ما مُنِعا وزادها كَلَفاً بالحبِّ أَنْ منـعَـتْ
والحرصُ على الممنوعِ بابٌ لا يَقْدِر على الاحتجاز منه، والاحتراسِ من خُدَعه، إلاَّ كلُّ مبرِّز في الفطنة ومتمهِّل في العزيمة، طويلِ التجارب، فاضِل العقل على قُوَى الشهوات، وبئس الشيءُ القرينُ السوء، وقالوا: صاحب السُّوءِ قِطعةٌ من النار.
وبابٌ من هذا الشكل، فَبِكم أعظُم حاجةٍ إلى أن تعرفوه وتقِفُوا عندَه، وهو ما يصنع الخَبَرُ السابق إلى السمع، ولا سيَّما إذا صادفَ من السامع قلَّةَ تجرِبة، فإنْ قرَن بين قلَّة التجربةِ وقلَّةِ التحفُّظِ، دخل ذلك الخبر السابقُ إلى مستقرِّه دُخولاً سهلاً، وصادفَ موضعاً وطيئاً، وطبيعة قابلة، ونفساً ساكنة؛ ومتى صادفَ القلبَ كذلك، رسَخَ رسوخاً لا حيلة في إزالته، ومتى أُلقِيَ إلى الفِتيان شيءٌ من أمور الفَتيات، في وقت الغَرَارةِ، وعند غلَبةِ الطبيعة، وشَبابِ الشهوَةِ، وقلَّة التشاغُل؛ وكذلك متى أُلقِي إلى الفِتيان شيءٌ من أمورهنَّ وأُمُورِ الغِلْمان، وهناك سُكْر الشَّباب، فكذلك تكون حالهم، وإنَّ الشُّطَّار لَيخلُو أحدُهم بالغلام الغَرير فيقول له: لا يكون الغلامُ فتًى أبداً حتَّى يصادِقَ فتًى وإلاّ فهو تِكش، والتكش عندهم الذي لم يؤدّبه فتًى ولم يخرِّجه، فما الماءُ العذْبُ البارد، بأسرعَ في طباع العطشان، من كلمته، إذا كان للغُلام أدنى هوًى في الفتوَّة، وأدنَى داعيةٍ إلى المنالة، وكذلك إذا خلَت العجوز المدربة بالجارية الحَدَثة كيف تخلبها، وأنشدنا:
تخلط الجِدَّ بأصنافِ اللعـبْ فأتـتْـهـا طَـبَّةٌ عـالـمةٌ
وتَنَاهَى عند سَورات الغَضَب ترفعُ الصوتَ إذا لانت لهـا
وقال الشاعر فيما يشبهُ وقوعَ الْخَبَرِ السابق إلى القلب:
ما الحبُّ إلاَّ للـحـبـيبِ الأَوَّلِ نقِّلْ فؤادَك حيثُ شئْتَ من الهوى
وحنينُـه أبـداً لأوَّلِ مَـنْـزِلِ كم منزلٍ في الأرضِ يألَفُه الفتَى
وقال مجنون بني عامر:
فصادفَ قلباً خالياً فتـمـكَّـنَـا أتاني هَواهَا قَبْلَ أنْ أعرِفَ الهوَى
ثم رجَعَ بنا القولُ إلى ذكرِ مَحاسِن الخصيّ ومساويه.
الخصيُّ يَنْكِحُ ويتّخذ الجواري ويشتدُّ شغفه بالنساء، وشغفُهنَّ به، وهو وإن كان مجبوب العضو فإنَّه قد بقي له ما عسى أن يكون فيه من ذلك ما هو أعجبُ إليهنَّ، وقد يحتلم ويخرجُ منه عند الوطء ماءٌ، ولكنَّه قليلٌ متغيِّر الريح، رقيقٌ ضعيف، وهو يباشِر بمشقّة، ثم لا يمنعه من المعاودة الماءُ الذي يخرج منه إذْ كان قليل المقدار لا يخرجه من القوّة إلى الضعف، مثل الذي يعتري من يخرج منه شيء يكون من إنسان، وهو أخثرُ، وأكثر، وأحدُّ ريحاً، وأصحُّ جوهراً، والخصيُّ يجتمع فيه أُمنيَّةُ المرأة، وذلك أنَّها تبغض كلَّ سريعِ الإراقة، بطيء الإفاقة، كما تَكرهُ كلَّ ثقيل الصدر، وخفيف العَجْز، والخصيُّ هو السريع الإفاقة، البطيء الإراقة، المأمونُ الإلقاح، فتقيمُ المرأةُ معَه، وهي آمنة العار الأكبر، فهذا أشدُّ لتوفير لذّتها وشهوتها، وإذا ابتذلن الخِيصانَ، وحَقَرن العبيد، وذهبت الهيبةُ من قلوبهنّ، وتعظيمُ البعول، والتصنُّع لذوي الأقدار باجتلاب الحياء وتكلّفِ الخجل، ظهَر كلُّ شيء في قوى طبائِعهنّ وشَهوَاتهنّ، فأمكنَهَا النَّخير والصِياح، وأن تكون مرَّةً من فوقُ، ومرَّةً من أسفل، وسمحت النفسُ بمكنونِها، وأظَهرت أقصى ما عنِدها.
وقد تجد في النساء مَنْ تؤْثر النساءَ، وتجدُ فيهنَّ من تُؤثر الرجال، وتجد فيهنَّ مَنْ تؤْثرُ الخِصيان، وتجد فيهنَّ من تجمعُ ولا تفرِّق، وتعمُّ ولا تخصُّ، وكذلك شأنُ الرجال في الرجال، وفي النساء والخصيان فالمرأة تنازِع إلى الخصيِّ لأَنَّ أمرَه أستر وعاقبتهُ أسلم، وتحرِص عليه لأنَّه ممنوعٌ منها، ولأنَّ ذلك حرام عليها، فلها جاذبان: جاذبُ حرصٍ كما يُحْرَص على الممنوع، وجاذبُ أَمْنٍ كما يُرغَب في السلامة، وقال الأَصمعيّ: قال يونس بن عُبَيد: لو أُخِذْنا بالْجَزَعِ لصَبَرنا، قال الشاعر:
وحَبُّ شيءٍ إلى الإنسان ما مُنِعا وزادها كَلَفاً بالحبِّ أَنْ منـعَـتْ
والحرصُ على الممنوعِ بابٌ لا يَقْدِر على الاحتجاز منه، والاحتراسِ من خُدَعه، إلاَّ كلُّ مبرِّز في الفطنة ومتمهِّل في العزيمة، طويلِ التجارب، فاضِل العقل على قُوَى الشهوات، وبئس الشيءُ القرينُ السوء، وقالوا: صاحب السُّوءِ قِطعةٌ من النار.
وبابٌ من هذا الشكل، فَبِكم أعظُم حاجةٍ إلى أن تعرفوه وتقِفُوا عندَه، وهو ما يصنع الخَبَرُ السابق إلى السمع، ولا سيَّما إذا صادفَ من السامع قلَّةَ تجرِبة، فإنْ قرَن بين قلَّة التجربةِ وقلَّةِ التحفُّظِ، دخل ذلك الخبر السابقُ إلى مستقرِّه دُخولاً سهلاً، وصادفَ موضعاً وطيئاً، وطبيعة قابلة، ونفساً ساكنة؛ ومتى صادفَ القلبَ كذلك، رسَخَ رسوخاً لا حيلة في إزالته، ومتى أُلقِيَ إلى الفِتيان شيءٌ من أمور الفَتيات، في وقت الغَرَارةِ، وعند غلَبةِ الطبيعة، وشَبابِ الشهوَةِ، وقلَّة التشاغُل؛ وكذلك متى أُلقِي إلى الفِتيان شيءٌ من أمورهنَّ وأُمُورِ الغِلْمان، وهناك سُكْر الشَّباب، فكذلك تكون حالهم، وإنَّ الشُّطَّار لَيخلُو أحدُهم بالغلام الغَرير فيقول له: لا يكون الغلامُ فتًى أبداً حتَّى يصادِقَ فتًى وإلاّ فهو تِكش، والتكش عندهم الذي لم يؤدّبه فتًى ولم يخرِّجه، فما الماءُ العذْبُ البارد، بأسرعَ في طباع العطشان، من كلمته، إذا كان للغُلام أدنى هوًى في الفتوَّة، وأدنَى داعيةٍ إلى المنالة، وكذلك إذا خلَت العجوز المدربة بالجارية الحَدَثة كيف تخلبها، وأنشدنا:
تخلط الجِدَّ بأصنافِ اللعـبْ فأتـتْـهـا طَـبَّةٌ عـالـمةٌ
وتَنَاهَى عند سَورات الغَضَب ترفعُ الصوتَ إذا لانت لهـا
وقال الشاعر فيما يشبهُ وقوعَ الْخَبَرِ السابق إلى القلب:
ما الحبُّ إلاَّ للـحـبـيبِ الأَوَّلِ نقِّلْ فؤادَك حيثُ شئْتَ من الهوى
وحنينُـه أبـداً لأوَّلِ مَـنْـزِلِ كم منزلٍ في الأرضِ يألَفُه الفتَى
وقال مجنون بني عامر:
فصادفَ قلباً خالياً فتـمـكَّـنَـا أتاني هَواهَا قَبْلَ أنْ أعرِفَ الهوَى
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: ذكر محاسن الخصي ومساوِيه - للجــــــــــــــــاحظ
أثر التكرار في خلق الإنسان
وبابٌ آخر ممَّا يدعو إلى الفساد، وهو طولُ وقوعِ البصرِ على الإنسان الذي في طبعه أدنى قابلٍ، وأدنى حركةٍ عند مثله، وطولُ التداني، وكثرةُ الرؤيةِ هما أصلُ البلاء، كما قيل لابنة الخُسّ: لم زَنيتِ بعبْدِك ولم تزني بحرٍّ، وما أغْرَاك به? قالت: طُولُ السِّواد، وقُرْبُ الوِساد.
ولو أنَّ أقبحَ الناسِ وجهاً، وأنتنَهم ريحاً، وأظهرَهم فقراً، وأسقطَهم نفساً، وأوضعَهم حسَباً، قال لامرأةٍ قد تمكَّنَ من كلامِها، ومكَّنته من سَمْعِها: واللّهِ يا مولاتي وسيِّدتي، لقد أسهَرْتِ ليلي، وأرَّقْتِ عَيني، وشغلْتِنِي عن مُهِمِّ أمري، فما أعقِلُ أهلاً، ولا مالاً، ولا ولداً؛ لنَقَض طِباعَها، ولفسَخ عَقْدَها، ولو كانتْ أبرعَ الخلْقِ جمالاً، وأكملَهم كمالاً، وأملحهم مِلحاً، فإنْ تهيّأَ مع ذلك مِن هذا المتعشِّق، أَنْ تدمَع عينهُ، احتاجت هذه المرأة أن يكون معها وَرَعُ أمِّ الدرداء، ومُعاذة العدويّة، ورابعةَ القيسيَّة، والشجَّاء الخارجيَّة.
وبابٌ آخر ممَّا يدعو إلى الفساد، وهو طولُ وقوعِ البصرِ على الإنسان الذي في طبعه أدنى قابلٍ، وأدنى حركةٍ عند مثله، وطولُ التداني، وكثرةُ الرؤيةِ هما أصلُ البلاء، كما قيل لابنة الخُسّ: لم زَنيتِ بعبْدِك ولم تزني بحرٍّ، وما أغْرَاك به? قالت: طُولُ السِّواد، وقُرْبُ الوِساد.
ولو أنَّ أقبحَ الناسِ وجهاً، وأنتنَهم ريحاً، وأظهرَهم فقراً، وأسقطَهم نفساً، وأوضعَهم حسَباً، قال لامرأةٍ قد تمكَّنَ من كلامِها، ومكَّنته من سَمْعِها: واللّهِ يا مولاتي وسيِّدتي، لقد أسهَرْتِ ليلي، وأرَّقْتِ عَيني، وشغلْتِنِي عن مُهِمِّ أمري، فما أعقِلُ أهلاً، ولا مالاً، ولا ولداً؛ لنَقَض طِباعَها، ولفسَخ عَقْدَها، ولو كانتْ أبرعَ الخلْقِ جمالاً، وأكملَهم كمالاً، وأملحهم مِلحاً، فإنْ تهيّأَ مع ذلك مِن هذا المتعشِّق، أَنْ تدمَع عينهُ، احتاجت هذه المرأة أن يكون معها وَرَعُ أمِّ الدرداء، ومُعاذة العدويّة، ورابعةَ القيسيَّة، والشجَّاء الخارجيَّة.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: ذكر محاسن الخصي ومساوِيه - للجــــــــــــــــاحظ
زهد الناس فيما يملكونه ورغبتهم فيما ليس يملكونه
وإنَّمَا قال عمر بن الخَطَّاب رضي اللّه تعالى عنهُ: اضربُوهنَّ بالعُرْي لأَنَّ الثيابَ هي المدعاةُ إلى الخُروج في الأَعراس، والقيامِ في المَناحات، والظهورِ في الأعياد، ومتَى كثر خروجُها لم يعدمها أن ترى من هو من شكل طبعها، ولو كان بعلُها أتمَّ حسناً، والذي رأتْ أنقَصَ حسناً، لكان ما لا تملكه، أطرفَ ممَّا تملكُه، ولكان ما لم تنلْه، ولم تَستكثر منهُ، أشدَّ لها اشتغالاً وأشد لها اجتذاباً، ولذلك قال الشاعر:
هوى النفس شيءٌ كاقتيادِ الطرائف ولِلعين مَلْهًى بالـتِّـلادِ ولـم يقُـدْ
وقال سعيد بن مسلم: لأَن يرى حرمتي ألفُ رجل على حالٍ تكشَف منها وهي لا تراهم، أحبُّ إليّ من أن ترى حُرْمتي رجلاً واحداً غيرَ منكشف.
وقال الأوَّل: لا يضرُّك حُسْنُ من لم تعرف؛ لأنَّك إذا أتبعتها بصَرك، وقد نقضت طبعك، فعلمْتَ أنَّك لا تصل إليها بنفسك ولا بكتابك ولا برسولك، كان الذي رأيت منها كالحلم، وكما يتصور للمتمنِّي، فإذا انقضى ما هو فيهِ مِنَ المنى، ورجعت نفسُه إلى مكانها الأوَّل، لم يكن عليه من فقدها إلاّ مثلُ فقد ما رآه في النوم، أو مثَّلته له الأمانيّ.
وإنَّمَا قال عمر بن الخَطَّاب رضي اللّه تعالى عنهُ: اضربُوهنَّ بالعُرْي لأَنَّ الثيابَ هي المدعاةُ إلى الخُروج في الأَعراس، والقيامِ في المَناحات، والظهورِ في الأعياد، ومتَى كثر خروجُها لم يعدمها أن ترى من هو من شكل طبعها، ولو كان بعلُها أتمَّ حسناً، والذي رأتْ أنقَصَ حسناً، لكان ما لا تملكه، أطرفَ ممَّا تملكُه، ولكان ما لم تنلْه، ولم تَستكثر منهُ، أشدَّ لها اشتغالاً وأشد لها اجتذاباً، ولذلك قال الشاعر:
هوى النفس شيءٌ كاقتيادِ الطرائف ولِلعين مَلْهًى بالـتِّـلادِ ولـم يقُـدْ
وقال سعيد بن مسلم: لأَن يرى حرمتي ألفُ رجل على حالٍ تكشَف منها وهي لا تراهم، أحبُّ إليّ من أن ترى حُرْمتي رجلاً واحداً غيرَ منكشف.
وقال الأوَّل: لا يضرُّك حُسْنُ من لم تعرف؛ لأنَّك إذا أتبعتها بصَرك، وقد نقضت طبعك، فعلمْتَ أنَّك لا تصل إليها بنفسك ولا بكتابك ولا برسولك، كان الذي رأيت منها كالحلم، وكما يتصور للمتمنِّي، فإذا انقضى ما هو فيهِ مِنَ المنى، ورجعت نفسُه إلى مكانها الأوَّل، لم يكن عليه من فقدها إلاّ مثلُ فقد ما رآه في النوم، أو مثَّلته له الأمانيّ.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: ذكر محاسن الخصي ومساوِيه - للجــــــــــــــــاحظ
عقيل بن علفة وبناته
وقيل لعَقِيل بن عُلَّفة: لو زوَّجْتَ بناتِك فإنَّ النساءَ لحمٌ على وَضَمٍ إذا لم يكنَّ غانيات قال: كلا، إنِّي أُجِيعُهنَّ فلا يأشَرْنَ، وأُعْرِيهنَّ فلا يظهرْن فوافقت إحدى كلمتيه قولَ النبي صلى الله عليه وسلم ووافقت الأخرى قول عمر بن الخطاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصَّوْمُ وِجَاء، وقال عمر: استعينُوا عليهنّ بالعُرْي، وقد جاء في الحديث: وفِّروا أشعارهن فإنَّ ترك الشعر مَجْفَرة، وقد أتينا على هذا الباب في الموضع الذي ذكرنا فيه شأن الغيرة، وأوَّلَ الفسادِ، وكيف ينبُت، وكيف يُحصَد.
وقيل لعَقِيل بن عُلَّفة: لو زوَّجْتَ بناتِك فإنَّ النساءَ لحمٌ على وَضَمٍ إذا لم يكنَّ غانيات قال: كلا، إنِّي أُجِيعُهنَّ فلا يأشَرْنَ، وأُعْرِيهنَّ فلا يظهرْن فوافقت إحدى كلمتيه قولَ النبي صلى الله عليه وسلم ووافقت الأخرى قول عمر بن الخطاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصَّوْمُ وِجَاء، وقال عمر: استعينُوا عليهنّ بالعُرْي، وقد جاء في الحديث: وفِّروا أشعارهن فإنَّ ترك الشعر مَجْفَرة، وقد أتينا على هذا الباب في الموضع الذي ذكرنا فيه شأن الغيرة، وأوَّلَ الفسادِ، وكيف ينبُت، وكيف يُحصَد.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: ذكر محاسن الخصي ومساوِيه - للجــــــــــــــــاحظ
بعض ميول الخصيان
وقد رأيتُ غيرَ خَصيٍّ يتلوَّط، ويطلب الغلمان في المواضع، ويخلو بهم ويأخذهم على جِهة الصداقة، ويحمل في ذلك الحديد، ويقاتل دون السخول، ويتمشى مع الشطَّار. وقد كانَ في قطيعةِ الربيعِ خصيٌّ أثيرٌ عندَ مولاه، عظيم المنزلة عنده؛ وكان يثِق به في مِلْكِ يمينِه، وفي حُرَمه من بنتٍ وزوجَةٍ وأختٍ، لا يخصُّ شيئاً دونَ شيء، فأشرَفَ ذاتَ يومٍ على مِرْبَدٍ له، وفي المِربد غنمٌ صفايا، وقد شدَّ يَدي شاةٍ وركبها من مؤخَّرها يكُومُها، فلمَّا أبصره بَرِقَ وَبَعِل وسُقِطَ في يديه، وهجم عليه أمرٌ لو يكون رآه من خصيٍّ لعدوٍّ لَهُ لَمَا فارقَ ذلك الهولُ أبداً قلبَه، فكيف وإنّما عايَن الذي عاين فيمَن كان يخلُفُه في نسائه مِن حُرَمه ومِلْكِ يمينه، فبينما الرجلُ وهو واجم حزين، وهو ينظر إليه وقد تحرَّق عليه غيظاً إذْ رَفَع الخصيُّ رأسَه، فلمَّا أثبَت مولاهُ مَرَّ مُسرِعاً نحوَ باب الدار ليركَبَ رأسَه، وكان المولى أقربَ إلى الباب منه، فسبقه إليه، وكان الموضعُ الذي رآه منه موضعاً لا يُصعَد إليه، فحدَثَ لشقائِهِ أمرٌ لم يجد مولاه معه بُدّاً من صُعودِه، فلبثَ الخصيُّ ساعةً ينتفِض من حُمَّى ركِبته ثم فاظ، ولم يُمسِ إلاَّ وهو في القبر.
ولفرْط إرادتِهم النساء، وبالحسرة التي نالتهم، وبالأسف الذي دخلَهم، أبغَضُوا الفحولَ بأشدَّ مِنْ تباغُضِ الأعداءِ فيما بينهم، حتَّى ليس بين الحاسدِ الباغي وبينَ أصحابِ النِّعَم المتظاهرة، ولا بين المَاشي المعنَّى وبين راكب الهِمْلاجِ الفارِه، ولا بين ملوكٍ صاروا سُوقةً، وبينَ سُوقَةٍ صاروا ملوكاً، ولا بينَ بني الأعمام مع وقوع التنافسِ، أو وقوعِ الحربِ، ولا بين الجِيرانِ والمتشاكلين في الصناعات، من الشنف والبغضاء، بقدرِ ما يلتحف عليه الخِصيانُ للفحول.
وبُغضُ الخصيِّ للفَحل من شِكل بُغض الحاسِدِ لذِي النعمة، وليس مِنْ شكل ما يولِّده التنافسُ وتُلحِقُه الجنايات.
وقد رأيتُ غيرَ خَصيٍّ يتلوَّط، ويطلب الغلمان في المواضع، ويخلو بهم ويأخذهم على جِهة الصداقة، ويحمل في ذلك الحديد، ويقاتل دون السخول، ويتمشى مع الشطَّار. وقد كانَ في قطيعةِ الربيعِ خصيٌّ أثيرٌ عندَ مولاه، عظيم المنزلة عنده؛ وكان يثِق به في مِلْكِ يمينِه، وفي حُرَمه من بنتٍ وزوجَةٍ وأختٍ، لا يخصُّ شيئاً دونَ شيء، فأشرَفَ ذاتَ يومٍ على مِرْبَدٍ له، وفي المِربد غنمٌ صفايا، وقد شدَّ يَدي شاةٍ وركبها من مؤخَّرها يكُومُها، فلمَّا أبصره بَرِقَ وَبَعِل وسُقِطَ في يديه، وهجم عليه أمرٌ لو يكون رآه من خصيٍّ لعدوٍّ لَهُ لَمَا فارقَ ذلك الهولُ أبداً قلبَه، فكيف وإنّما عايَن الذي عاين فيمَن كان يخلُفُه في نسائه مِن حُرَمه ومِلْكِ يمينه، فبينما الرجلُ وهو واجم حزين، وهو ينظر إليه وقد تحرَّق عليه غيظاً إذْ رَفَع الخصيُّ رأسَه، فلمَّا أثبَت مولاهُ مَرَّ مُسرِعاً نحوَ باب الدار ليركَبَ رأسَه، وكان المولى أقربَ إلى الباب منه، فسبقه إليه، وكان الموضعُ الذي رآه منه موضعاً لا يُصعَد إليه، فحدَثَ لشقائِهِ أمرٌ لم يجد مولاه معه بُدّاً من صُعودِه، فلبثَ الخصيُّ ساعةً ينتفِض من حُمَّى ركِبته ثم فاظ، ولم يُمسِ إلاَّ وهو في القبر.
ولفرْط إرادتِهم النساء، وبالحسرة التي نالتهم، وبالأسف الذي دخلَهم، أبغَضُوا الفحولَ بأشدَّ مِنْ تباغُضِ الأعداءِ فيما بينهم، حتَّى ليس بين الحاسدِ الباغي وبينَ أصحابِ النِّعَم المتظاهرة، ولا بين المَاشي المعنَّى وبين راكب الهِمْلاجِ الفارِه، ولا بين ملوكٍ صاروا سُوقةً، وبينَ سُوقَةٍ صاروا ملوكاً، ولا بينَ بني الأعمام مع وقوع التنافسِ، أو وقوعِ الحربِ، ولا بين الجِيرانِ والمتشاكلين في الصناعات، من الشنف والبغضاء، بقدرِ ما يلتحف عليه الخِصيانُ للفحول.
وبُغضُ الخصيِّ للفَحل من شِكل بُغض الحاسِدِ لذِي النعمة، وليس مِنْ شكل ما يولِّده التنافسُ وتُلحِقُه الجنايات.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
مواضيع مماثلة
» علقمة الفحل وعلقمة الخصي 0000 للجــــــاحظ
» صوت الخصي - للجـــــــاحظ
» مشي الخصي - للجــــاحظ
» شَعر الخصي - للجـــــــــاحظ
» قوله في الغرائز وبيان سبب شره الخصي - للجـــــــــــاحظ
» صوت الخصي - للجـــــــاحظ
» مشي الخصي - للجــــاحظ
» شَعر الخصي - للجـــــــــاحظ
» قوله في الغرائز وبيان سبب شره الخصي - للجـــــــــــاحظ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى