كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
صفحة 1 من اصل 1
كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
خطبة الكتاب
وبه ثقتي
الجزء الأول
جَنَّبَك اللّهُ الشُّبْهةَ، وَعصَمك من الحَيرة، وجَعلَ بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سَبَباً، وحبَّب إليك التثبُّت، وزيَّن في عينك الإنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعرَ قلبكِ عِزَّ الحقّ، وأودَعَ صدرَك بَرْدَ اليقين وطرد عنك ذلَّ اليأس، وعرَّفك ما في الباطل من الذلَّة، وما في الجهل من القِلَّة، ولعمري لقد كان غيرُ هذا الدعاء أصوبَ في أمرك، وأدلَّ عَلَى مقدارِ وزنك، وعلى الحال التي وضعْتَ نفسك فيها، ووسَمْت عرضَك بها، ورضيتها لدينِك حظًّا، ولمروءتك شِكلاً، فقد انتهى إليَّ مَيلُكَ على أبي إسحاق، وحَملُك عليه، وطعنُك على مَعْبَدٍ، وتنقّصك له في الذي كان جَرَى بينَهما في مساوي الديكِ ومحاسِنِه، وفي ذكرِ منافع الكلب ومضارِّه، والذي خرجَا إليه من استقصاءِ ذلك وجمْعِه، ومن تتبُّعِه ونظمِه، ومن الموازَنَة بينَهما، والْحُكم فيهما، ثم عبتَني بكتاب حيل اللصوص، وكتاب غِشّ الصناعات، وعبتَني بكتاب المُلَح والطُّرَف، وما حَرَّ من النوادر وبَرُد، وما عاد بارده حارًّا لفَرْط برده حتى أمتَعَ بأكثر من إمتاع الحارّ، وعبتني بكتاب احتجاجات البخلاء، ومناقضَتِهم للسُّمَحاء، والقولِ في الفرق بين الصدق إذا كان ضارّاً في العاجل، والكذب إذا كان نافعاً في الآجِل، ولِمَ جُعل الصدقُ أبداً محموداً، والكذبُ أبداً مذموماً، والفرق بين الغَيرة وإضاعة الحُرْمة، وبين الإفراط في الحميّة والأنَفَة، وبين التقصير في حفظ حقِّ الحرمة، وقلَّة الاكتراثِ لِسوء القالَة، وهل الغيرة اكتساب وعادة، أم بعض ما يعرض من جهة الديانة، ولبعض التزيُّد فيه والتحسن به، أو يكون ذلك في طباع الحريّة، وحقيقة الجوهريَّة، ما كانت العقولُ سليمة، والآفات منفيَّة والأخلاطُ معتدلة، وعبتَني بكتاب الصُّرَحاء والهُجَناء، ومفاخرة السُّودان والحمران، وموازنة ما بين حقِّ الجئولة والعمومة، وعبتَني بكتاب الزرع والنخل والزيتون والأعناب، وأقسام فضول الصناعات، ومراتب التجارات؛ وبكتاب فضل ما بين الرجال والنساء، وفرقِ ما بين الذكور والإناث، وفي أيِّ موضع يَغلبن ويفضُلْن، وفي أي موضع يكنَّ المغلوباتِ والمفضولات، ونصيب أيِّهما في الولد أوفَر، وفي أيِّ موضع يكون حقُّهنّ أوجب، وأيَّ عملٍ هو بهنَّ أليق، وأيّ صناعةٍ هنَّ فيها أبلغ،
وعبتَني بكتاب القحطانيَّة وكتاب العدنانيَّة في الردّ على القحطانية، وزعمتَ أنّي تجاوزتُ الحميَّة إلى حدِّ العصبيَّة، وأنِّي لم أصل إلى تفضيل العدنانيَّة إلا بِتنقُّص القحطانيّة، وعبتَني بكتاب العرب والموالي، وزعمت أنِّي بَخَسْت المواليَ حقوقَهم، كما أنِّي أعطيتُ العربَ ما ليس لهم، وعبتَني بكتاب العرب والعجم، وزعمت أنّ القولَ في فرقِ ما بين
بِسم اللَّه الرَّحمن الرحيم
وبه ثقتي
الجزء الأول
جَنَّبَك اللّهُ الشُّبْهةَ، وَعصَمك من الحَيرة، وجَعلَ بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سَبَباً، وحبَّب إليك التثبُّت، وزيَّن في عينك الإنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعرَ قلبكِ عِزَّ الحقّ، وأودَعَ صدرَك بَرْدَ اليقين وطرد عنك ذلَّ اليأس، وعرَّفك ما في الباطل من الذلَّة، وما في الجهل من القِلَّة، ولعمري لقد كان غيرُ هذا الدعاء أصوبَ في أمرك، وأدلَّ عَلَى مقدارِ وزنك، وعلى الحال التي وضعْتَ نفسك فيها، ووسَمْت عرضَك بها، ورضيتها لدينِك حظًّا، ولمروءتك شِكلاً، فقد انتهى إليَّ مَيلُكَ على أبي إسحاق، وحَملُك عليه، وطعنُك على مَعْبَدٍ، وتنقّصك له في الذي كان جَرَى بينَهما في مساوي الديكِ ومحاسِنِه، وفي ذكرِ منافع الكلب ومضارِّه، والذي خرجَا إليه من استقصاءِ ذلك وجمْعِه، ومن تتبُّعِه ونظمِه، ومن الموازَنَة بينَهما، والْحُكم فيهما، ثم عبتَني بكتاب حيل اللصوص، وكتاب غِشّ الصناعات، وعبتَني بكتاب المُلَح والطُّرَف، وما حَرَّ من النوادر وبَرُد، وما عاد بارده حارًّا لفَرْط برده حتى أمتَعَ بأكثر من إمتاع الحارّ، وعبتني بكتاب احتجاجات البخلاء، ومناقضَتِهم للسُّمَحاء، والقولِ في الفرق بين الصدق إذا كان ضارّاً في العاجل، والكذب إذا كان نافعاً في الآجِل، ولِمَ جُعل الصدقُ أبداً محموداً، والكذبُ أبداً مذموماً، والفرق بين الغَيرة وإضاعة الحُرْمة، وبين الإفراط في الحميّة والأنَفَة، وبين التقصير في حفظ حقِّ الحرمة، وقلَّة الاكتراثِ لِسوء القالَة، وهل الغيرة اكتساب وعادة، أم بعض ما يعرض من جهة الديانة، ولبعض التزيُّد فيه والتحسن به، أو يكون ذلك في طباع الحريّة، وحقيقة الجوهريَّة، ما كانت العقولُ سليمة، والآفات منفيَّة والأخلاطُ معتدلة، وعبتَني بكتاب الصُّرَحاء والهُجَناء، ومفاخرة السُّودان والحمران، وموازنة ما بين حقِّ الجئولة والعمومة، وعبتَني بكتاب الزرع والنخل والزيتون والأعناب، وأقسام فضول الصناعات، ومراتب التجارات؛ وبكتاب فضل ما بين الرجال والنساء، وفرقِ ما بين الذكور والإناث، وفي أيِّ موضع يَغلبن ويفضُلْن، وفي أي موضع يكنَّ المغلوباتِ والمفضولات، ونصيب أيِّهما في الولد أوفَر، وفي أيِّ موضع يكون حقُّهنّ أوجب، وأيَّ عملٍ هو بهنَّ أليق، وأيّ صناعةٍ هنَّ فيها أبلغ،
وعبتَني بكتاب القحطانيَّة وكتاب العدنانيَّة في الردّ على القحطانية، وزعمتَ أنّي تجاوزتُ الحميَّة إلى حدِّ العصبيَّة، وأنِّي لم أصل إلى تفضيل العدنانيَّة إلا بِتنقُّص القحطانيّة، وعبتَني بكتاب العرب والموالي، وزعمت أنِّي بَخَسْت المواليَ حقوقَهم، كما أنِّي أعطيتُ العربَ ما ليس لهم، وعبتَني بكتاب العرب والعجم، وزعمت أنّ القولَ في فرقِ ما بين
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
العرب والعجم، هو القولُ في فرقِ ما بين الموالي والعرب، ونسبتَني إلى التكرار والترداد، وإلى التكثير، والجهل بما في المُعَاد من الخَطَل، وحَمْلِ الناسِ المؤن، وعبتَني بكتاب الأصنام، وبذكر اعتلالات الهند لها، وسبب عبادة العرب إيّاها، وكيف اختلفا في جهة العِلَّة مع اتّفاقهما على جملة الديانة، وكيف صار عُبَّاد البِدَدَة والمتمسكون بعبادة الأوثان المنحوتة، والأصنام المنجورة، أشدَّ الديّانين إلْفاً لما دانوا به، وشغفاً بِمَا تعبَّدوا له، وأظهَرَهم جِدّاً، وأشدَّهم على من خالفهم ضِغناً، وبما دانو ضِنّاً، وما الفرق بين البُدِّ والوثَن، وما الفَرق بين الوثَن والصنم، وما الفرق بين الدُّمية والجثَّة، ولِمَ صوَّروا في محاريبهم وبيوت عباداتهم، صُوَرَ عظمائهم ورجالِ دعوتهم، ولم تأنَّقوا في التصوير، وتجوَّدوا في إقامة التركيب، وبالغوا في التحسين والتفخيم، وكيف كانت أوَّليَّة تلك العبادات، وكيف اقترفت تلك النِّحل، ومن أيّ شكل كانت خُدَع تلك السدنة، وكيف لم يزالوا أكثرَ الأصنافِ عدداً، وكيف شمل ذلك المذهب الأجناسَ المختلفة، وعبتني بكتاب المعادن، والقولِ في جواهرِ الأرض، وفي اختلاف أجناس الفِلِزِّ والإخبار عن ذائبها وجامدها، ومخلوقها ومصنوعها، وكيف يسرع الانقلاب إلى بعضها، ويُبطئ عن بعضها، وكيف صار بعض الألوان يَصبُغ ولا ينصبغ، وبعضها يَنْصبِغُ ولا يصْبَغُ، وبعضها يصبغُ وينصبغ، وما القولُ في الإكسير والتلطيف، وعبتَني بكتاب فرق ما بين هاشمٍ وعبد شمس، وكتاب فرق ما بين الجنّ والإنس، وفرق ما بين الملائكة والجنّ، وكيف القولُ في معرفة الهدهد واستطاعة العفريت، وفي الذي كان عنده عِلْمٌ من الكتاب، وما ذلك العلم، وما تأويل قولهم: كان عنده اسم اللّه الأعظم، وعبتني بكتاب الأوفاق والرياضات، وما القولُ في الأرزاق والإنفاقات وكيف أسباب التثمير والترقيح، وكيفَ يجتلب
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
التجار الحُرَفاء، وكيف الاحتيال للودائع، وكيف التسبُّب إلى الوصايا، وما الذي يوجب لهم حسن التعديل، ويصرف إليهم باب حسن الظن، وكيف ذكرنا غشَّ الصناعات والتجارات، وكيف التسبُّب إلى تعرف ما قد ستروا وكشف ما موَّهوا؛ وكيف الاحتراس منه والسلامة من أهله، وعبتني برسائلي، وبكلّ ما كتبت به إلى إخواني وخُلَطائي، من مَزْح وجِدٍّ، ومن إفصاح وتعريض، ومن تغافُل وتوقيف، ومن هجاء لا يزال مِيسَمه باقياً، ومديح لا يزال أثرُه نامياً ومن مُلَح تُضحِك، ومواعظَ تُبكي.
وعبتَني برسائلي الهاشميّات، واحتجاجي فيها، واستقصائي معانيَها، وتصويري لها في أحسَن صورة، وإظهاري لها في أتمِّ حلية، وزعمتَ أنّي قد خرجتُ بذلك من حدِّ المعتزلة إلى حد الزيديّة، ومن حدّ الاعتدال في التشيُّع والاقتصاد فيه، إلى حدِّ السرف والإفراط فيه، وزعمتَ أنّ مقالة الزيدية خطبة مقالةِ الرافضَة، وأنّ مقالة الرافضة خطبة مقالة الغاليَة، وزعمتَ أنّ في أصل القضيّة والذي جَرَتْ عليه العادة، أن كلَّ كبير فأوّلهُ صغير، وأنَّ كلَّ كثير فإنما هو قليل جُمع مِنْ قليل، وأنشدت قول الراجز:
وأنشدت قول الشاعر:
وقلت: وقال يزيدُ بن الحكم:
وقلتَ : وقال الآخر:
وأنشدت قول الآخر:
وقالت كَبْشة بنت مَعْدِ يكَرِب:
وقال الآخر:
وتقول العرب: العَصَا من العُصَيَّة، ولا تلد الحيَّةَ إلا حَيَّةٌ.
وعبتَني برسائلي الهاشميّات، واحتجاجي فيها، واستقصائي معانيَها، وتصويري لها في أحسَن صورة، وإظهاري لها في أتمِّ حلية، وزعمتَ أنّي قد خرجتُ بذلك من حدِّ المعتزلة إلى حد الزيديّة، ومن حدّ الاعتدال في التشيُّع والاقتصاد فيه، إلى حدِّ السرف والإفراط فيه، وزعمتَ أنّ مقالة الزيدية خطبة مقالةِ الرافضَة، وأنّ مقالة الرافضة خطبة مقالة الغاليَة، وزعمتَ أنّ في أصل القضيّة والذي جَرَتْ عليه العادة، أن كلَّ كبير فأوّلهُ صغير، وأنَّ كلَّ كثير فإنما هو قليل جُمع مِنْ قليل، وأنشدت قول الراجز:
قد يَلحَق الصغيرُ بالجليل | وإنما القَرْمُ من الأَفِـيل | |
وسُـحُـقُ الـنـخـلِ | من الـفَــســـيل |
وأنشدت قول الشاعر:
ربّ كبير هاجَه صـغـيرٌ | وفي البُحور تَغرَق البحورَُ |
وقلت: وقال يزيدُ بن الحكم:
فاعلم بنـي فـإنـه | بالعلم ينتفع العلـم | |
إن الأمور دقيقهـا | مما يهيج له العظيم |
وقلتَ : وقال الآخر:
صار جداً ما مزحت به | رب جدٍ ساقه اللعـب |
وأنشدت قول الآخر:
ما تنظرون بحق وردة فيكـم | تقـضـــي الأمـــور | |
قد يبعث الأمر الكبير صغيرة | حتى تظل له الدماء تصبب |
وقالت كَبْشة بنت مَعْدِ يكَرِب:
جدعتم بعبد اللـه آنـف قـومـه | بني مازن أن سب راعي المحزم |
وقال الآخر:
أية نار قدح القـادح | وأي جدٍ بلغ المازح |
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
وعبتَ كتابي في خلْق القرآن، كما عبت كتابي في الردِّ على المشبّهة؛ وعِبْتَ كتابي في القول في أصول الفتيا والأحكام، كما عبتَ كتابي في الاحتجاج لنظم القرآن وغريب تأليفه وبديعِ تركيبه، وعبتَ معارضَتي للزيدِيَّة وتفضيلي الاعتزالَ على كلِّ نِحْلة، كما عبتَ كتابي في الوعد والوعيد، وكتابي على النصارى واليهود ثمَّ عبتَ جملةَ كتبي في المعرفة والتمست تهجينَها بكلِّ حيلة، وصغَّرت من شأنها، وحطَطت من قدرها، واعترضت على ناسخيها والمنتفعين بها، فعبتَ كتاب الجوابات، وكتاب المسائل، وكتابَ أصحابِ الإلهام، وكتابَ الحجَّة في تَثبيت النبوّة، وكتاب الأخبار، ثمّ عبتَ إنكاري بصيرةَ غنام المرتدِّ، وبصيرةَ كلِّ جاحد وملحد، وتفريقي بين اعتراض الغُمْر، وبين استبصار المحقّ، وعبتَ كتابَ الردِّ على الجَهْمِيّة في الإدراك، وفي قولهم في الجَهْالات، وكتاب الفرقِ ما بينَ النبيّ والمتنبي، والفرق ما بينَ الحِيَل والمخاريق، وبينَ الحقائقِ الظاهرة والأعلام الباهِرة، ثمّ قصدتَ إلى كتابي هذا بالتصغير لقدره والتهجين لنظمه، والاعتراض على لفظه، والتحقير لمعانيه، فزَرَيت على نحْتِهِ وسَبكه، كما زَرَيت على معناهُ ولفظِه، ثمّ طعنتَ في الغرض الذي إليه نزعْنا، والغاية التي إليها قَصَدنا، على أنّه كتابٌ معناه أنبَهُ من اسمِهِ، وحقيقتهُ آنَقُ من لفظه، وهو كتابٌ يحتاجُ إليه المتوسِّط العامي، كما يحتاجُ إليه العالم الخاصي، ويحتاج إليه الرَّيِّض كما يحتاج إليه الحاذق: أما الرّيض فللتعلُّم والدرْبة، وللترتيب والرياضة، وللتمرينِ وتمْكين العادة، إذْ كان جليلُه يتقدم دقيقه، وإذا كانت مقدِّماته مرتبةً وطبقاتُ معانيه منزّلة، وأما الحاذقُ فلكفايةِ المُؤنة، لأن كلَّ من التقط كتاباً جامعاً، وباباً من أمَّهات العلم مجموعاً، كان له غُنْمه، وعلى مؤلّفه غُرمُه، وكان له نفعُه، وعلى صاحِبهِ كَدُّه، معَ تعرُّضِهِ لمطاعِن البُغَاةِ، ولاعتراض المنافِسِين، ومع عرْضِهِ عقلَه المكدودَ على العقولِ الفارغة، ومعانيه على الجهابِذة، وتحكيمه فيه المتأوِّلين والحسَدَة، ومتى ظَفِر بمثله صاحبُ علم، أو هجمَ عليه طالبُ فقه، وهو وادعٌ رافِه، ونَشِيط جَامٌّ، ومؤلِّفه مُتعَبٌ مكدود، فقد كُفي مَؤُونَة جمعه وخزنِه، وطلبِه وتتبُّعِه، وأغناه ذلك عن طول التفكير، واستفادِ العمر وفلِّ الحدِّ، وأدرَك أقصى حاجتِه وهو مجتمعُ القُوَّة، وعلى أنّ له عند ذلك أن يجعَلَ هُجومه عليه من التوفيق، وظفَره به باباً من التسديد.
وهذا كتابٌ تستوي فيه رغبةُ الأُمم، وتتشابَه فيه العُرْبُ والعَجَم، لأنه وإن كانَ عَرَبيًّا أعرابياً، وإسلاميًّا جماعيًّا، فقد أخَذَ من طُرَفِ الفلسفة، وجمع بين معرفةِ السماعِ وعلْم التجرِبة، وأشرَكَ بين علمِ الكتاب والسنة، وبينَ وِجْدان الحاسَّة، وإحساس الغريزة، ويشتهيه الفتيان كما تشتهيه الشيُوخ، ويشتهيه الفاتِكُ كما يشتهيه الناسك، ويشتهيه اللاعبُ ذو اللَّهو كما يشتهيه المجدّ ذو الحَزْم، ويشتهيه الغُفْلُ كما يشتهيه الأريب، ويشتهيه الغبيُّ كما يشتهيه الفَطِن.
وعبتَني بحكاية قولِ العثْمانِيَّة والضِّرَارية، وأنت تسمعني أقول في أوَّل كتابي: وقالت العثمانية والضراريَّة، كما سمعتَني أقول: قالت الرافضة والزيدية، فحكمتَ عليَّ بالنصْب لحكايتي قول العثمانية، فهلاَّ حكمتَ عليّ بالتشيُّع لحكايتي قول الرافضة وهلا كنتُ عندَك من الغالِية لحكايتي حجج الغالية، كما كنتُ عندك من الناصِبة لحكايتي قولَ الناصِبة وقد حكينا في كتابنا قولَ الإباضيَّة
وهذا كتابٌ تستوي فيه رغبةُ الأُمم، وتتشابَه فيه العُرْبُ والعَجَم، لأنه وإن كانَ عَرَبيًّا أعرابياً، وإسلاميًّا جماعيًّا، فقد أخَذَ من طُرَفِ الفلسفة، وجمع بين معرفةِ السماعِ وعلْم التجرِبة، وأشرَكَ بين علمِ الكتاب والسنة، وبينَ وِجْدان الحاسَّة، وإحساس الغريزة، ويشتهيه الفتيان كما تشتهيه الشيُوخ، ويشتهيه الفاتِكُ كما يشتهيه الناسك، ويشتهيه اللاعبُ ذو اللَّهو كما يشتهيه المجدّ ذو الحَزْم، ويشتهيه الغُفْلُ كما يشتهيه الأريب، ويشتهيه الغبيُّ كما يشتهيه الفَطِن.
وعبتَني بحكاية قولِ العثْمانِيَّة والضِّرَارية، وأنت تسمعني أقول في أوَّل كتابي: وقالت العثمانية والضراريَّة، كما سمعتَني أقول: قالت الرافضة والزيدية، فحكمتَ عليَّ بالنصْب لحكايتي قول العثمانية، فهلاَّ حكمتَ عليّ بالتشيُّع لحكايتي قول الرافضة وهلا كنتُ عندَك من الغالِية لحكايتي حجج الغالية، كما كنتُ عندك من الناصِبة لحكايتي قولَ الناصِبة وقد حكينا في كتابنا قولَ الإباضيَّة
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
مواضيع مماثلة
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ
» كتاب الزكاة - شرح الموطأ - المجلد الثانى
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ
» كتاب الزكاة - شرح الموطأ - المجلد الثانى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى