alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:28 pm

و نكر اليهود ذلك من فعل هيردوس و تظلموا منه عند هرقانوس و طلبوه في القصاص منه ، فأحضره في مجلس الأحكام و أحضر السبعين شيخاً من اليهود ، و جاء هيردوس متسلحاً و دافع عن نفسه ، و علم هرقانوس بغرض الأشياخ ، ففصلوا المجلس فنكروا ذلك على هرقانوس ، و لحق هيردوس ببلاد الأرمن فقدمه سفيوس على عمله .

ثم أرسل هرقاوس إلى قيصر يسأل عن تجديد عهود الروم لهم ، فكتب له بذلك ، و أمر بأن يحمل أهل الساحل خراجهم إلى بيت المقدس ما بين صيدا و غزة ، و يحمل أهل صيدا إليها في كل سنة عشرين ألفاً وسق من القمح ، و أن يرد على اليهود سائر ما كان بأيديهم إلى الفرات و اللاذقية و أعمالها و ما كان بنو حشمناي فتحوه عنوة من عدوات الفرات ، لأن فمقيوس كان يتعدى عليهم في ذلك ، و كتب العهد بذلك في ألواح من نحاس بلسان الروم و يونان ، و علقت في أسوار صور و صيدا و استقام أمر هرقانوس .

قال ابن كريون : ثم قتل قيصر ملك الروم . و أنظفتر وزير هرقانوس المستبد عليه . أما قيصر فوثب عليه كيساوس من قواد فمقيوس فقتله ، و ملك و جمع العساكر و عبر البحر إلى بلاد أشيت ففتحها ، ثم سار إلى القدس و طالبهم بسعبين بدرة من الذهب ، فجمع له أنظفتر و بنوه من اليهود ، ثم رجع كيساوس إلى مقدونية فأقام بها . و أما أنظفتر فإن اليهود دخلوا القائد ملكيا الذي كان بين أظهرهم من قبل كيساوس في قتل أنظفتر وزير هرقانوس ، فأجابهم إلى ذلك ، فدسوا إلى ساقيه سما فقتله ، و جاء ابنه هيردوس إلى القدس مجمعا قتل هرقانوس ، فكفه فسيلو عن ذلك ، و جاء كيساوس من مقدونية إلى صور ، و لقي هرقانوس و هيردوس و شكوا إليه ما فعله قائده ملكياً من مداخلة اليهود في قتل أنظفتر ، فأذن لهم في قتله فقتلوه . ثم زحف كينانوس بن أخي قيصر و قائده أنطيوس في العساكر لحرب كيساوس المتوثب على عمه قيصر ، فلقيهم قريبا من مقدونية فظفرا به و قتلاه ، و ملك كينانوس مكان عمه و سمى أوغسطس قيصر باسم عمه . فأرسل إليه هرقانوس ملك اليهود بهدية و فيها تاج من الذهب مرصع بالجواهر و سأل تجديد العهد لهم ، و أن يطلق السبي الذي سبي منهم أيام كيساوس ، و أن يرد اليهود إلى بلاد يونان و أثنية ، و أن يجري لهم ما كان رسم به عمه قيصر ، فأجابه إلى ذلك كله .

و سار أنطيانوس و أوغسطس قيصر إلى بلاد الأرمن بدمشق و حمص ، فلقته هنالك كلبطرة ملكة مصر و كانت ساحرة ، فاستأمنته و تزوجها و حضر عنده هرقانوس ملك اليهود . و جاء جماعة من اليهود فشكوا من هيردوس و أخيه فسيلو و تظلموا منهما ، و أكذبهم ملكهم هرقانوس و أبى عليها ، و أمر انطيانوس بالقبض على أولئك الشاكين و قتل منهم ، و رجع هيردوس و أخوه فسارا إلى مكانهما و مكان أبيهما من تدبير مملكة هرقانوس ، و سار أنطيانوس إلى بلاد الفرس فدوخها و عاث في نواحيها و قهر ملوكهم و قفل إلى رومة .

قال ابن كريون : و في خلال ذلك لحق أنطقنوس و جماعة من اليهود بالفرس ، و ضمنوا لملكهم أن يحملوا إليه بدرة من الذهب و ثمانمائة جارية من بنات اليهود و رؤسائهم يسبيهن له ، على أن يملكه مكان عمه هرقانوس و يسلمه إليه ، و يقتل هيردوس و أخاه فسيلو ، فأجابهم ملك في الفرس إلى ذلك ، و سار في العساكر و فتح بلاد الأرمن و قتل من وجد بها من قواد الروم و مقاتلتهم ، و بعث قائده بعسكر من القدس مع أنطقنوس مورياً بالصلاة في بيت المقدس و التبرك بالهيكل ، حتى إذا توسط المدينة ثار بها و أفحش في القتل ، و بادر هيردوس إلى قصر هرقانوس ليحفظه ، و مضى فسيلو إلى الحصن يضبطه . و تورط من كان بالمدينة من الفرس قتلهم اليهود عن آخرهم ، و امتنعوا على القائد ، و فسد ما كان دبره في أمرر أنطقنوس فرجع إلى استمالة هرقانوس و هيردوس ، و طلب الطاعة منهم للفرس و أنه يتطلف لهم عند الملك في إصلاح حالهم ، فصغي هرقانوس و فسيلو إلى قوله و خرجوا إليه . و ارتاب هيردوس و امتنع فارتحل بهما قائد الفرس حتى إذا بلغ الملك ببلاد الأرمن تقبض عليهما فمات فسيلو من ليلته ، و قيد هرقانوس و احتمله إلى بلاده ، و أشار أنطقنوس بقطع أذنه ليمنعه من الكهنونة .

و لما وصل ملك الفرس إلى بلاده أطلق هرقانوس من الاعتقال ، و أحسن إليه إلى أن استدعاه هيردوس ، كما يأتي بعد ، و بعث ملك الفرس قائده إلى اليهود مع أنطقنوس ليملك ، فخرج هيردوس عن القدس إلى جبل الشراة فترك عياله بالحصن عند أخيه يوسف ، و سار إلى مصر يريد قيصر . فأكرمته كلبطرة ملكة مصر ، و أركبته السفن إلى رومية ، فدخل بها انطيانوس إلى أوغسطس قيصر ، و خبره قيصر ، و خبره الخبر عن الفرس و القدس ، فملكه أوغسطس و ألبسه التاج و أركبه في رومية في زي الملك ، و الهاتف بين يديه بأن أوغسطس ملكه . و احتفل انطيانوس في صنيع له حضره الملك أوغسطس قيصر و شيوخ رومية ، و كتبوا له العهد في ألواح من نحاس ، و وضعوا ذلك اليوم التاريخ ، و هو أول ملك هيردوس .و سار أنطيانوس بالعسكر إلى الفرس و معه هيردوس ، و فارقه من أنطاكية و ركب البحر إلى القدس لحرب أنطقنوس ، فخرج أنطقنوس إلى جبال الشراة للإستيلاء على عيال هيردوس ، و أقام على حصار الحصن ، و جاء هيردوس فحاربه و خرج يوسف من الحصن من ورائه ، فانهزم أنطقنوس إلى القدس ، و هلك أكثر عساكره ، و حاصره هيردوس و بعث انطقنوس بالأموال إلى قواد العسكر من الروم فلم يجيبوه ، و أقام هيردوس على حصاره حتى جاءه الخبر عن أنطيانوس قائد قيصر أنه ظفر بملك الفرس و قتله و دوخ بلادهم ، و أنه عاد و نزل الفرات . فترك هيردوس أخاه يوسف على حصار القدس مع قائد الروم سيساو ، و من تبعهم من الأرمن ، و سار للقاء أنطيانوس ، و بلغه و هو بدمشق أن أخاه يوسف قتل في
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:33 pm

حصار القدس على يد قائده أنطقنوس ، و أن العساكر انفضت و رجعوا إلى دمشق ، و جاء سيساو منهزما قائد أنطيانوس بالعساكر . و تقدم هيردوس و قد خرج أنطقنوس للقائه فهزمه ، و قتل عامة عسكره و اتبعه إلى القدس . و وافاه سيساو قائد الروم فحاصروا القدس أياماً ، ثم اقتحموا البلد و تسللوا صاعدين إلى السور ، و قتلوا الحرس و ملكوا المدينة ، و أفحش سيساو في قتل اليهود ، فرغب إليه هيردوس في الإبقاء . و قال له : إذا قتلت قومي فعلى من تملكني ؟ فرفع القتل عنهم ورد ما نهب و قرب إلى البيت تاجاً من الذهب وضعت فيه ، و حمل إليه هيردوس أموالاً . ثم عثروا على أنطقنوس مختفياً بالمدينة ، فقيده سيساو القائد ، و سار به إلى أنطيانوس ، و قد كان سار من الشام إلى مصر ، فجاءه بأنطقنوس هنالك ، و لحق بهم هيردوس و سأل من أنطيانوس قتل أنطقنوس فقتله . و استبد هيردوس بملك و انقرض ملك بني حشمناي و البقاء لله وحده .



انقراض ملك بني حشمناي و ابتداء ملك هيردوس و بنيه

و كان أول ما افتتح به ملكه أن بعث إلى هرقانوس الذي احتمله الفرس و قطعوا أذنه يستقدمه ليأمن على ملكه من ناحيته ، و رغبه في الكهنونية التي كان عليها ، فرغب و حذره ملك الفرس من هيردوس ، و عزله اليهود الذين معه ، و أراه أنها خديعة و أنه العيب الذي به يمنع الكنهونية ، فلم يقبل شيئاً من ذلك . و صغى إلى هيردوس و حسن ظنه به و سار إليه و تلقاه بالكرامة و الإعطاء و كان يخاطبه بأبي في الجمع و الخلوة .

و كانت الإسكندرة بنت هرقانوس تحت الاسكندر و ابن أخيه أرستبلوس ، و كانت بنتها منه مريم تحت هيردوس ، فاطلعتا على ضمير هيردوس من محاولة قتله ، فخبرتاه بذلك و أشارتا عليه باللحاق يملك الرعب ليكون في جواره ، فخاطبه هرقانوس في ذلك و أن يبعث إليه من رجالاتهم من يخرج به إلى أحيائهم ، و كان حامل الكتاب من اليهود مضطغنا على هرقانوس لأنه قتل أخاه و سلب ماله ، فوضع الكتاب في يد هيردوس ، فلما قرأه رده إليه و قال : أبلغه إلى ملك العرب و أرجع الجواب إلي فجاءه بالجواب من ملك العرب إلى هرقانوس ، و أنه أسعف و بعث الرجال فالقهم بوصولك إلي . فبعث هيردوس من يقبض على الرجال بالمكان الذي عينه ، و أحضرهم و أحضر حكام البلاد اليهود و السبعين شيخاً . و أحضر هرقانوس و قرأ عليه الكتاب بخطه ، فلم يحر جوابا و قامت عليه الحجة ، و قتله هيردوس لوقته لثمانين سنة من عمره و أربعين من ملكه ، و هو أخر ملوك بني حشمناي .

و كان للإسنكدر الله أرستبلوس ، و كان من أجمل الناس صورة ، و كان في كفالة أمه الإسنكدر ، و أخته يومئذ تحت هيردوس كما قلناه . و كان هيردوس يغص به و كانت أخته و أمهما يؤملان أن يكون كوهنا بالبيت مكان جده هرقانوس ، و هيردوس يريد نقل الكنهونة عن بني حشمناي ، و قدم لها رجلا من عوام الكهنونية ، و جعله كبير الكهنونية ، فشق ذلك على الاسكندرة بنت هرقانوس و بنتها مريم زوج هيردوس . و كان بين الإسكندرة و كلوبطره ملكة مصر مواصلة و مهاداة ، و طلبت منها أن تشفع زوجها انطيانوس في ذلك إلى هيردوس ، فاعتذر له هيردوس بأن الكواهن لا تعزل ، و لو أردنا ذلك فلا يمكننا أهل الدين من عزله ، فبعث بذلك إلى الاسكندرة . و دست الاسكندرة إلى الرسول الذي جاء من عند أنطيانوس ، و أتحفته بمال فضمن لهم أن انطيانوس يعزم على هيردوس في بعث أرستبلوس إليه ، و رجع إلى أنطيانوس فرغبه في ذلك و وصف له من جماله و أغراه باستقدامه ، فبعث فيه أنطيانوس إلى هيردوس و هدده بالوحشة إن منعه ، فعلم أنه يريد منه القبيح ، فقدمه كهنونا و عزل الأول ، و اعتذر لانطيانوس بأن الكوهن لا يمكن سفره ، و اليهود تنكر ذلك . فأغفل أنطيانوس الأمر و لم يعاود فيه .

و وكل هيردوس بالاسكندرة بنت هرقانوس عهدته من يراعى أفعالها ، فاطلع على كتبها إلى كلوبطرة أن تبعث إليها السفن و الرجال يوصلنها إليها ، و أن السفن وصلت إلى ساحل يافا ، و أن الإسكندرة صنعت تابوتين لتخرج فيهما في و ابنتها على هيئة الموتى . فأرصد هيردوس من جاء بهما من المقابر في تابوتيهما فوبخهما ثم عفا عنهما . ثم بلغه أن أرستبلوس حضر في عيد المظال ، فصعد على المذبح و قد لبس ثياب القدس و ازدحم الناس عليه و ظهر من ميلهم إليه و محبتهم ما لا يعبر عنه ، فغص بذلك و اعمل التدبير في قتله . فخرج في منتزه له بأريحاء في نيسان ، و استدعى أصحابه و أحضر أرستبلوس ، فطعموا و لعبوا و انغمسوا في البرك يسبحون و عمد غلمان هيردوس إلى أرستبلوس فغمسوه في الماء حتى شرق و فاض ، فاغتم الناس لموته و بكى عليه هيردوس و دفنه ، و كان موته لسبع عشرة سنة من عمره . و تأكدت البغضاء بين الإسكندرة و ابنتها مريم زوج هيردوس أخت هذا الغريق ، و بين أم هيردوس و أخته ، و كثرت شكواهما إليه فلم يشكهما لمكان زوجته مريم و أمها منه .

قال ابن كريون : ثم انتقض أنطيانوس على أوغسطس قيصر و ذلك أنه تزوج كلوبطره و ملك مصر ، و كانت ساحرة فسحرته و استمالته ، و حملته على قتل ملوك كانوا طاعة الروم ، و أخذ بلادهم و أموالهم ، و سبي نسائهم و أموالهم ، و كان من جملته هيردوس و توقف فيه خشية من أوغسطس قيصر ، لأنه كان يكرمه بسبب ما صنع في الآخرين ، فحمله على الانتقاض في العصيان ، ففعل و جمع العسكر و استدعى هيردوس فجاءه و بعثه إلى قتال العرب ، و كانوا خالفوا عليه ، فمضى هيردوس لذلك و معه أنيثاون قائد كلوبطرة ، و قد دست له أن يجر الهزيمة على هيردوس ليقتل ففعل . و ثبت هيردوس من المعترك بعد حروب صعبة هلك فيها بين الفريقين خلق كثير .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:36 pm

و رجع هيردوس إلى بيت المقدس فصالح جميع الملوك و الأمم المجاورين له ، و امتنع العرب من ذلك فسار إليهم و حاربهم ، ثم استباحهم بعد أيام و مواقف بذلوا و جمعوا له الأموال و فرض عليهم الخراج في كل سنة و رجع . و كان أنطيانوس لما بعثه إلى العرب سار هو إلى رومة و كانت بينه و بين أغسطس قيصر حروب هزمه قيصر في آخرها و قتله ، و سار إلى مصر فخافه هيردوس على نفسه لما كان منه في طاعة أنطيانوس و موالاته ، و لم يمكنه التخلف عن لقائه . فأخرج خدمه من القدس فبعث بأمه و أخته إلى قلعة الشراة لنظر أخيه فردوا ، و بعث بزوجه مريم و أمها الإسكندرة إلى حصن الإسكندرونة لنظر زوج أخته يوسف و رجل آخر من خالصته من أهل صور اسمه سوما و عهد إليهما بقتل زوجته و أمها إن قتله قيصر .

ثم حمل معه الهدايا و سار إلى أوغسطس قيصر و كان تحقد له صحبة أنطيانوس ، فلما حضر بين يديه عنفه و أزاح التاج عن رأسه و هم بعقابه ، فتلطف هيردوس في الاعتذار ، و أن موالاته لأنطيانوس إنما كان لما أولى من الجميل في السعاية عند الملك و هي أعظم أياديه عندي ، و لم تكن موالاتي له في عداوتك و لا في حربك و لو كان ذلك و أهلكت نفسي دونه كنت غير ملوم ، فإن الوفاء شأن الكرام . فإن أزلت عني التاج فما أزلت عقلي و لا نظري ، و إن أبقيتني فأنا محل الصنيعة و الشكر . فانبسط أوغسطس لكلامه و توجه كما كان ، و بعثه على مقدمته إلى مصر ، فلما ملك مصر و قتل كلوبطره وهب لهيردوس جميع ما كان أنطيانوس أعطاها إياه و نفل . فأعاد هيردوس إلى ملكه ببيت المقدس و سار إلى رومية .

قال ابن كريون : و لما عاد هيردوس إلى بيت المقدس أعاد حرمه من أماكنهن ، فعادت زوجته مريم و أمها من حصن الاسكندرونة و في خدمتها يوسف زوج أخته و سوما الصوري و قد كانا حدثا المرأة و أمها بما أسر إليهما هيردوس ، و قد كان سلف منه قتل هرقانوس و أرستبلوس فشكرتا له . و بينما هو آخذ في استمالة زوجته إذ رمتها أخته بالفاحشة مع سوما في ملاحاة جرت بينهما ، و لم يصدق ذلك هيردوس للعداوة و الثقة بعفة الزوجة . ثم جرى منها في بعض الأيام و هو في سبيل استمالتها عتاب فيما أسر إلى سوما و زوج أخته ، فقويت عنده الظنة بهم جميعاً و أن مثل هذا السر لم يكن إلا لأمر مريب ، و أخذ في إخفائها و إقصائها و دست عليه أخته بعض النساء تحدثه بأن زوجته داخلته في أن تستحضر السم و أحضره فجرب و صح و قتل للحين صهره يوسف و صاحبه سوما ، و ولى على أروم مكان صهره رجلا منهم اسمه كرسوس و زوجه أخته ، فسار إلى عمله و انحرف عن دين التوراة و الإحسان الذي حملهم عليه هرقانوس ، و أباح لهم عبادة صنمهم و أجمع الخلاف ، و طلق أخت هيردوس فسعت به إلى أخيها و خبرته بأحواله و أنه آوى جماعة من بني حشمناي المرشحين للملك منذ اثني عشر سنة . فقام هيردوس في ركائبه ، و بحث عنه فحضر و طالبه ببني حشمناي الذي عنده ، فأحضرهم فقتله و قتلهم ، و أرهف حده و قتل جماعة من كبار اليهود و مقدميهم ، و اتهمهم بالإنكار عليه عليه . فأذعن له الناس و استفحل ملكه و أهمل المراعاة لوصايا التوراة و عمل في بيت المقدس سوراً و اتخذ منتزه لعب ، و أطلق فيه السباع و يحمل بعض الجهلة على مقابلتها فتفرسهم ، فنكر الناس ذلك و أعمل أهل الدولة الحيلة في قتله فلم تتم لهم ، و كان يمشي متنكراً للتجسن على أحوال الناس ، فعظمت هيبته في النفوس .

و كان أعظم طوائف اليهود عنده الربانيون بما تقدم لهم في ولايته ، و كان لطائفة العباد من اليهود المسمى بالحيسيد مكانة عنده أيضاً ، كان شيخهم مناحيم لذلك العهد محدثاً و كان حدثه و هو غلام بمصير الملك له ، و أخبره و هو ملك بطول مدته في الملك فدعا له و لقومه . و كان كلفاً ببناء المدن و الحصون ، و مدينة قيسارية من بنائه . و لما حدثت في أيامه المجاعة شمر لها و أخرج الزرع للناس و بثه فيهم بيعاً و هبة و صدقة ، و أرسل في الميرة من سائر النواحي ، و أمر قيصر في سائر تخومه و في مصر و رومة أن يحملوا الميرة إلى بيت المقدس ، فوصلت السفن بالزرع إلى ساحلها من كل جهة . و أجرى على الشيوخ و الأيتام و الأرامل و المنقطعين كفايتهم من الخبز ، و على الفقراء و المساكين كفايتهم من الحنطة ، و فرق على خمسين ألفا قصدوه من غير ملته ، فرفعت المجاعة و ارتفع له الذكر و الثناء الجميل .

قال ابن كريون : و لما استفحل ملكه و عظم سلطانه أراد بناء البيت ما بناه سليمان بن داود ، لأنهم لما رجعوا إلى القدس بإذن كورش عين لهم مقدار البيت لا يتجاوزونه ، فلم يتم على حدود سليمان ، و لما اعتزم على ذلك ابتدأ أولاً بإحضار الآلات مستوفيات خشية أن يحصل الهدم و تطول المدة و تعرض القواطع و الموانع . فأعد الآلات و أكمل جمعها في ست سنين ، ثم جمع الصناع للبناء و ما يتعلق به فكانوا عشرة آلاف ، و عين ألفاً من الكهنة يتولون القدس الأقدس الذي لا يدخله غيرهم .

و لما تم له ذلك شرع في الهدم فحصل لأقرب وقت ، ثم بنى البيت على حدوده و هيئته أيام سليمان و زاد في بعض المواضع على ما اختاره و وقف عليه نظره ، فكمل في ثمان سنين . ثم شرع في الشكر لله تعالى على ما هيأ له من ذلك فقرب القربان و احتفل في الولائم و إطعام الطعام ، و تبعه الناس في ذلك أياما فكانت من محاسن دولته . قال ابن كريون : ثم ابتلاه الله بقتل أولاده و كان ولدان من مريم بنت الإسكندرة قتيلة السم ، أحدهما الإسكندر و الآخر ارستبلوس ، و كانا عند قتل أمهما غائبين برومة يتعلمان خط الروم ، فلما وصلا و قد قتل أمهما حصلت بينه و بينهما الوحشة ، و كان له ولد آخر اسمه انظفتر على اسم جده ، و كان قد أبعد أمه راسيس لمكان الروم ، فلما هلكت و استوحش من ولدها
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45424
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى