تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
صفحة 1 من اصل 1
تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
ثم أوحى الله إلى إبراهيم أن هذه الأرض أرض الكنعانيين التي أنت بها ، ملكتها لك و لذريتك و أكثرهم مثل حصى الأرض ، و أن ذريتك يسكنون في أرض ليست لهم أربعمائة سنة و يرجع الحقب إلى هنا .
ثم إن سارة وهبت مملوكتها هاجر القبطية لإبراهيم عليه السلام لعشر سنين من مجيئهم من مصر ، و قالت لعل الله يرزقك منها ولدا . و كان إبراهيم قد سأل الله أن يهب له ولداً فوعده به . و كانت سارة قد كبرت و عقمت عن الولد ، فولدت هاجر لإبراهيم إسمعيل عليهما السلام لست و ثمانين من عمره ، و أوحى الله إليه أني قد باركت عليه و كثرته و يولد له اثنا عشر ولدا ، و يكون رئيساً لشعب عظيم . و أدركت سارة الغيرة من هاجر و طلبت منه إخراجها ، و أمره الله أن يطيع سارة في أمرها ، فهاجر بها إلى مكة و وضعها و ابنها بمكان زمزم عند دوحة هنالك و انطلق . فقالت له هاجر : آلله أمرك ؟ قال : نعم . فقالت : إذاً لا يضيعنا . و انطلق إبراهيم و عطش إسمعيل بعد ذلك عطشاً شديداً ، و أقامت هاجر تتردد بين الصفا و المروة ، إلى أن صعدت عليها سبع مرات لعلها تجد شيئاً ، ثم أتته و هو يفحص برجليه فنبعت زمزم .
و عن السدي : أنه تركه في مكان الحجر ، و اتخذ فيه عريشاً ، و أن جبريل هو الذي همز له الماء بعقبه ، و أخبر هاجر أنها عين يشرب بها ضيفان الله ، و أن أبا هذا الغلام سيجيء و يبنيان بيتاً لله هذا مكانه . ثم مرت رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم أقبلوا من كداء ، و نزلوا أسفل مكة ، فرأوا الطير حائمة ، فقالوا : لا نعلم بهذا الوادي ماء ، ثم أشرفوا فرأوا المرأة و نزلوا معها هنالك .
و عن ابن عباس : كانت أحياؤها قريبا من ذلك المكان ، فلما رأوا الطير تحوم عليه أقبلوا إليه فوجدوهما ، فنزلوا معهما حتى كان بها أهل أبيات منهم ، و شب إسمعيل بينهم ، و تعلم اللغة العربية منهم ، و أعجبهم و زوجوه امرأة منهم ، و ماتت أمه هاجر فدفنها في الحجر . و لما رجع إبراهيم و أقام في أهله بالشام ، و بالغ أهل المؤتفكة في العصيان و الفاحشة ، و دعاهم لوط فكذبوه و أقام على ذلك . قال الطبري : فأرسل الله رسولا من الملائكة لإهلاكهم ، و مروا بإبراهيم فأضافهم و خدمهم ، و كان من ضحك سارة و بشارة الملائكة لها باسحق و ابنه يعقوب ما قصه القرآن ، و كانت البشارة بإسحق و إبراهيم ابنا مائة سنة و سارة بنت تسعين . و في التوراة إنه أمر أن يحرر ولده إسمعيل لثلاث عشرة سنة من عمره ، و كل من في بيته من الأحرار فكان ذلك لتسع و تسعين من عمر إبراهيم ، و قال له ذلك عهد بيني و بينك و ذريتك . ثم أهلك الله المؤتكفة و نجى لوطاً إلى أرض الشام ، فكان بها مع عمه إبراهيم صلوات الله عليهما . و ولدت سارة إسحق ، و أمر الله إبراهيم بعد ولادة اسمعيل و إسحق ببناء بيت يعبد فيه و يذكر ، و لم يعرف مكانه فجعل له علامة تسير معه حتى وقفت به على الموضع ، يقال أنها ريح لينة لها رأسان تسير معه حتى تكون بالموضع ، و يقال بل بعث معه جبريل لذلك حتى أراه الموضع . و كان إبراهيم يعتاد إسمعيل لزيارته ، و يقال إنه كان يستأذن سارة في ذلك ، و أنها شرطت عليه أن لا يقيم عندهم ، و أن إبراهيم وجد امرأة لإسمعيل في غيبة منه و كانت من العماليق ، و هي عمارة بنت سعيد بن أسامة بن أكيل ، فرآها فظة غليظة فأوصاها لإسمعيل بأن يحول عتبة بابه ، فلما قصت عليه الخبر و الوصية قال ذلك أبي يأمرني أن أطلقك فطلقها . و تزوج بعدها السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي ، و خالفه إبراهيم إلى بيته فتسهلت له بالإذن و أحسنت التحية و قربت الوضوء و الطعام ، فأوصاها لإسمعيل بأني قد رضيت عتبة بابك ، و لما قصت عليه الوصية قال ذلك أبي يأمرني بإمساكك فأمسكها . ثم جاء إبراهيم مرة ثالثة و قد أمره الله ببناء البيت و أمر اسمعيل بإعانته ، فرفعوها من القواعد و تم بناؤها ، و أذن في الناس بالحج .
ثم زوج لوط ابنته من مدين بن إبراهيم عليهما السلام ، و جعل الله في نسلها البركة ، فكان منه أهل مدين الأمة المعروفة .ثم ابتلى الله إبراهيم بذبح ابنه في رؤيا رآها و هي وحي ، و كانت الفدية و نجى الله ذلك الولد كما قص في القرآن . و اختلف في ذلك الذبيح من ولديه فقيل إسمعيل و قيل إسحق ، و ذهب إلى كلا القولين جماعة من الصحابة و التابعين ، فالقول بإسمعيل لابن عباس و ابن عمر و الشعبي و مجاهد و الحسن و محمد بن كعب القرظي و قد يحتجون له بقوله صلى
ثم إن سارة وهبت مملوكتها هاجر القبطية لإبراهيم عليه السلام لعشر سنين من مجيئهم من مصر ، و قالت لعل الله يرزقك منها ولدا . و كان إبراهيم قد سأل الله أن يهب له ولداً فوعده به . و كانت سارة قد كبرت و عقمت عن الولد ، فولدت هاجر لإبراهيم إسمعيل عليهما السلام لست و ثمانين من عمره ، و أوحى الله إليه أني قد باركت عليه و كثرته و يولد له اثنا عشر ولدا ، و يكون رئيساً لشعب عظيم . و أدركت سارة الغيرة من هاجر و طلبت منه إخراجها ، و أمره الله أن يطيع سارة في أمرها ، فهاجر بها إلى مكة و وضعها و ابنها بمكان زمزم عند دوحة هنالك و انطلق . فقالت له هاجر : آلله أمرك ؟ قال : نعم . فقالت : إذاً لا يضيعنا . و انطلق إبراهيم و عطش إسمعيل بعد ذلك عطشاً شديداً ، و أقامت هاجر تتردد بين الصفا و المروة ، إلى أن صعدت عليها سبع مرات لعلها تجد شيئاً ، ثم أتته و هو يفحص برجليه فنبعت زمزم .
و عن السدي : أنه تركه في مكان الحجر ، و اتخذ فيه عريشاً ، و أن جبريل هو الذي همز له الماء بعقبه ، و أخبر هاجر أنها عين يشرب بها ضيفان الله ، و أن أبا هذا الغلام سيجيء و يبنيان بيتاً لله هذا مكانه . ثم مرت رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم أقبلوا من كداء ، و نزلوا أسفل مكة ، فرأوا الطير حائمة ، فقالوا : لا نعلم بهذا الوادي ماء ، ثم أشرفوا فرأوا المرأة و نزلوا معها هنالك .
و عن ابن عباس : كانت أحياؤها قريبا من ذلك المكان ، فلما رأوا الطير تحوم عليه أقبلوا إليه فوجدوهما ، فنزلوا معهما حتى كان بها أهل أبيات منهم ، و شب إسمعيل بينهم ، و تعلم اللغة العربية منهم ، و أعجبهم و زوجوه امرأة منهم ، و ماتت أمه هاجر فدفنها في الحجر . و لما رجع إبراهيم و أقام في أهله بالشام ، و بالغ أهل المؤتفكة في العصيان و الفاحشة ، و دعاهم لوط فكذبوه و أقام على ذلك . قال الطبري : فأرسل الله رسولا من الملائكة لإهلاكهم ، و مروا بإبراهيم فأضافهم و خدمهم ، و كان من ضحك سارة و بشارة الملائكة لها باسحق و ابنه يعقوب ما قصه القرآن ، و كانت البشارة بإسحق و إبراهيم ابنا مائة سنة و سارة بنت تسعين . و في التوراة إنه أمر أن يحرر ولده إسمعيل لثلاث عشرة سنة من عمره ، و كل من في بيته من الأحرار فكان ذلك لتسع و تسعين من عمر إبراهيم ، و قال له ذلك عهد بيني و بينك و ذريتك . ثم أهلك الله المؤتكفة و نجى لوطاً إلى أرض الشام ، فكان بها مع عمه إبراهيم صلوات الله عليهما . و ولدت سارة إسحق ، و أمر الله إبراهيم بعد ولادة اسمعيل و إسحق ببناء بيت يعبد فيه و يذكر ، و لم يعرف مكانه فجعل له علامة تسير معه حتى وقفت به على الموضع ، يقال أنها ريح لينة لها رأسان تسير معه حتى تكون بالموضع ، و يقال بل بعث معه جبريل لذلك حتى أراه الموضع . و كان إبراهيم يعتاد إسمعيل لزيارته ، و يقال إنه كان يستأذن سارة في ذلك ، و أنها شرطت عليه أن لا يقيم عندهم ، و أن إبراهيم وجد امرأة لإسمعيل في غيبة منه و كانت من العماليق ، و هي عمارة بنت سعيد بن أسامة بن أكيل ، فرآها فظة غليظة فأوصاها لإسمعيل بأن يحول عتبة بابه ، فلما قصت عليه الخبر و الوصية قال ذلك أبي يأمرني أن أطلقك فطلقها . و تزوج بعدها السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي ، و خالفه إبراهيم إلى بيته فتسهلت له بالإذن و أحسنت التحية و قربت الوضوء و الطعام ، فأوصاها لإسمعيل بأني قد رضيت عتبة بابك ، و لما قصت عليه الوصية قال ذلك أبي يأمرني بإمساكك فأمسكها . ثم جاء إبراهيم مرة ثالثة و قد أمره الله ببناء البيت و أمر اسمعيل بإعانته ، فرفعوها من القواعد و تم بناؤها ، و أذن في الناس بالحج .
ثم زوج لوط ابنته من مدين بن إبراهيم عليهما السلام ، و جعل الله في نسلها البركة ، فكان منه أهل مدين الأمة المعروفة .ثم ابتلى الله إبراهيم بذبح ابنه في رؤيا رآها و هي وحي ، و كانت الفدية و نجى الله ذلك الولد كما قص في القرآن . و اختلف في ذلك الذبيح من ولديه فقيل إسمعيل و قيل إسحق ، و ذهب إلى كلا القولين جماعة من الصحابة و التابعين ، فالقول بإسمعيل لابن عباس و ابن عمر و الشعبي و مجاهد و الحسن و محمد بن كعب القرظي و قد يحتجون له بقوله صلى
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
الله عليه و سلم : " أنا ابن الذبيحين " ، و لا تقوى الحجة به لأن عم الرجل قد يجعل أباه يضرب من التجوز لا سيما في مثل هذا الفخر . يحتجون أيضا بقوله تعالى : " فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " ، و لو كان ذبيحا في زمن الصبا ، لم تصح البشارة بابن يكون له لأن الذبح في الصبا ينافي وجود الولد ، و لا تقوم من ذلك حجة ، لأن البشارة إنما وقعت على وفق العلم بأنه لا يذبح و إنما كان ابتلاء لابراهيم ، و القول بإسحق للعباس و عمرو و علي و ابن مسعود و كعب الأحبار و زيد بن أسلم و مسروق و عكرمة و سعيد بن جبير و عطا و الزهري و مكحول و السدي و قتادة .
و قال الطبري : و الراجح أنه إسحق لأن نص القرآن يقتضي أن الذبيح هو المبشر به ، و لم يبشر إبراهيم بولد إلا من زوجته سارة مع أن البشارة وقعت إجابة لدعائه عند مهاجره من أرض بابل . و قوله إني ذاهب إلى ربي سيهدين ، ثم قال عقبة : رب هب لي من الصالحين ، ثم قال عقبة فبشرناه بغلام حليم . و ذلك كله كان قبل هاجر ، لأن هاجر إنما ملكتها سارة بمصر ، و ملكتها لإبراهيم بعد ذلك بعشر سنين ، فالمبشر به قبل ذلك كله إنما هو ابن سارة ، فهو الذبيح بهذه الدلالة القاطعة . و بشارة الملائكة لسارة بعد ذلك حين كانوا ضيوفا عند إبراهيم في مسيرهم لإهلاك سدوم ، إنما كان تجديداً للبشارة المتقدمة .
ثم توفيت سارة لمائة و سبع و عشرين من عمرها ، و ذلك في قرية جيرون من بلاد بني حبيب الكنعانيين ، فطلب إبراهيم منهم مقبرة لها ، فوهبه عفرون بن صخر مغارة كانت في مزرعته ، فامتنع من قبولها إلا بالثمن ، فأجاب إلى ذلك ، و أعطاه إبراهيم أربعمائة مثقال فضة و دفن فيها سارة . و تزوج إبراهيم من بعدها قطورا بنت يقطان من الكنعانيين . و قال السهيلي قنطورا بزيادة نون بين القاف و الطاء ، و هذا الاسم أعجمي و طاؤه قريبة من التاء ، فولدت له كما هو مذكور في التوراة ستة من الولد و هم : زمران يقشان مدان مدين أشبق شوخ . ثم وقع في التوراة ذكر أولادهم فولد يقشان سبا ودذان ، وولد دذان أشور ثم ولطوسيح و لاميم . و ولد مدين عيفا و عيفين و حنوخ و أفيداع و ألزاعا هذا آخر ولده من قنطورا في التوراة . و قال السهيلي : كان لإبراهيم عليه السلام أولاد آخرون خمسة من امرأة اسمها حجين أو حجون بنت أهيب ، وهم كبسان و فروخ و أميم و لوطان و نافس . و لما ذكر الطبري بني قنطورا الستة و سمى منهم يقشان ، قال بعده : و سائرهم من الأخرى و هي رعوة . ثم قال : و من يقشان جبل البربر . فولد إبراهيم على هذا ثلاثة عشر : فإسمعيل من هاجر ، و إسحق من سارة ، و ستة من قنطورا كما ذكر في التوراة ، و الخمسة بنو حجين عند السهيلي ، أو رعوة عند الطبري .
و كان إبراهيم عليه السلام قد عهد لابنه إسحق أن لا يتزوج في الكنعانيين ، و أكد العهد و الوصية بذلك لمولاه القائم على أموره ، ثم بعثه إلى حران مهاجرهم الأول ، فخطب من ابن أخيه بتويل بن ناحور بن آزر بنته رفقا فزوجها أبوها و احتملها و من معها من الجواري و جاء بها إلى إسحق في حياة أبيه و عمره يومئذ أربعون سنة فتزوجها ، و ولدت له يعقوب و عيصو توأمين و سنذكر خبرهما . ثم قبض الله نبيه إبراهيم صلوات الله عليه بمكان هجرته من أرض كنعان و هو ابن مائة و خمس و سبعين سنة ، و دفن مع مغارة عفرون الحبيبي ، و عرف بالخليل لهذا العهد ، ثم جعل الله في ذريته النبوة و الكتاب آخر الدهر .
فإسمعيل سكن مع جرهم بمكة و تزوج فيهم و تعلم لغتهم و تكلم بها و صار أبا لمن بعده من أجيال العرب ، و بعثه الله إلى جرهم و العمالقة الذين كانوا بمكة ، و إلى أهل اليمن فآمن بعض و كفر بعض . ثم قبضه الله إليه و خلف ولده بين جرهم ، و كانوا على ما ذكر في التوراة اثنتي عشر أكبرهم بنايوت و هو الذي تقوله العرب نابت و نبت ، ثم قيذار و أدبيل و بسام و مشمع و ذوما و مسار و حراه و قيما وبطور و نافس و قدما . قال ابن إسحق : و عاش فيما ذكر مائة و ثلاثين سنة ، و دفن في الحجر مع أمه هاجر ، و يقال آجر . و في التوراة أنه قبض ابن مائة و سبع و ثلاثين سنة ، و أن شيعته سكنوا من حويلا إلى شور قبالة مصر من مدخل أثور ، و سكنوا على حذر شيع إخوته . و حويلا عند أهل التوراة هي جنوب برقة و الواو منها قريبة من الياء ، و شور هي أرض الحجاز ، و أثور بلاد الموصل و الجزيرة . ثم ولي أمر البيت من بعد إسمعيل ابنه نابت ، و أقام ولده بمكة مع أخوالهم جرهم حتى تشعبوا و كثر نسلهم و تعددت بطونهم من عدنان في عداد معد ، ثم بطون معد في ربيعة و مضر و إياد و أنمار بني نزار بن معد ، فضاقت بهم مكة ، على ما نذكره عند ذكر قريش و اخبار ملكهم بمكة ، فكانت بطون عدنان هذه كلها من ولد إسمعيل لابنه نابت ، و قيل لقيذار ، و لم يذكر النسابون نسلاً من ولده الآخرين ، و تشعبت من إسمعيل أيضاً عند جماعة من أهل العلم بالنسب بطون قحطان كلها فيكون على هذا أبا لجميع العرب بعده .و أما إسحق فأقام بمكانه في فلسطين ، و عمر و عمي بعد الكثير من عمره و بارك على ولده يعقوب فغضب بذلك أخوه عيصو ، و هم بقتله فأشارت عليه رفقا بنت بتويل بالسير إلى حران عند خاله لابان بن بتويل ، فأقام عنده و زوجه بنتيه ، فزوجه أولا الكبرى و اسمها ليا و أخدمها جاريتها زلفة ، ثم من بعدها أختها الصغرى و اسمها راحيل و أخدمها جاريتها بلها . و أول من ولد منهن ليا ولدت له روبيل ، ثم شمعون ، ثم لاوي ، ثم يهوذا . و كانت راحيل لا تحبل فوهبت جاريتها بلها ليعقوب لتلد منه ، فولدت له دان ثم نفتالي . و لما فعلت ذلك الرحيل و هبت أختها ليا ليعقوب عليه السلام جاريتها زلفة فولدت له كادو و آشر ، ثم ولدت ليا من بعد ذلك يساخر ، ثم زبولون ، فكمل له بذلك عشرة من الولد . ثم دعت راحيل الله عز و جل أن يهب لها ولدا من يعقوب فولدت يوسف ، و قد كملت له بحران عشرون سنة ، ثم أمر بالرحيل إلى أرض كنعان التي وعدوا بملكها . فارتحل و خرج لابان في اتباعه و
و قال الطبري : و الراجح أنه إسحق لأن نص القرآن يقتضي أن الذبيح هو المبشر به ، و لم يبشر إبراهيم بولد إلا من زوجته سارة مع أن البشارة وقعت إجابة لدعائه عند مهاجره من أرض بابل . و قوله إني ذاهب إلى ربي سيهدين ، ثم قال عقبة : رب هب لي من الصالحين ، ثم قال عقبة فبشرناه بغلام حليم . و ذلك كله كان قبل هاجر ، لأن هاجر إنما ملكتها سارة بمصر ، و ملكتها لإبراهيم بعد ذلك بعشر سنين ، فالمبشر به قبل ذلك كله إنما هو ابن سارة ، فهو الذبيح بهذه الدلالة القاطعة . و بشارة الملائكة لسارة بعد ذلك حين كانوا ضيوفا عند إبراهيم في مسيرهم لإهلاك سدوم ، إنما كان تجديداً للبشارة المتقدمة .
ثم توفيت سارة لمائة و سبع و عشرين من عمرها ، و ذلك في قرية جيرون من بلاد بني حبيب الكنعانيين ، فطلب إبراهيم منهم مقبرة لها ، فوهبه عفرون بن صخر مغارة كانت في مزرعته ، فامتنع من قبولها إلا بالثمن ، فأجاب إلى ذلك ، و أعطاه إبراهيم أربعمائة مثقال فضة و دفن فيها سارة . و تزوج إبراهيم من بعدها قطورا بنت يقطان من الكنعانيين . و قال السهيلي قنطورا بزيادة نون بين القاف و الطاء ، و هذا الاسم أعجمي و طاؤه قريبة من التاء ، فولدت له كما هو مذكور في التوراة ستة من الولد و هم : زمران يقشان مدان مدين أشبق شوخ . ثم وقع في التوراة ذكر أولادهم فولد يقشان سبا ودذان ، وولد دذان أشور ثم ولطوسيح و لاميم . و ولد مدين عيفا و عيفين و حنوخ و أفيداع و ألزاعا هذا آخر ولده من قنطورا في التوراة . و قال السهيلي : كان لإبراهيم عليه السلام أولاد آخرون خمسة من امرأة اسمها حجين أو حجون بنت أهيب ، وهم كبسان و فروخ و أميم و لوطان و نافس . و لما ذكر الطبري بني قنطورا الستة و سمى منهم يقشان ، قال بعده : و سائرهم من الأخرى و هي رعوة . ثم قال : و من يقشان جبل البربر . فولد إبراهيم على هذا ثلاثة عشر : فإسمعيل من هاجر ، و إسحق من سارة ، و ستة من قنطورا كما ذكر في التوراة ، و الخمسة بنو حجين عند السهيلي ، أو رعوة عند الطبري .
و كان إبراهيم عليه السلام قد عهد لابنه إسحق أن لا يتزوج في الكنعانيين ، و أكد العهد و الوصية بذلك لمولاه القائم على أموره ، ثم بعثه إلى حران مهاجرهم الأول ، فخطب من ابن أخيه بتويل بن ناحور بن آزر بنته رفقا فزوجها أبوها و احتملها و من معها من الجواري و جاء بها إلى إسحق في حياة أبيه و عمره يومئذ أربعون سنة فتزوجها ، و ولدت له يعقوب و عيصو توأمين و سنذكر خبرهما . ثم قبض الله نبيه إبراهيم صلوات الله عليه بمكان هجرته من أرض كنعان و هو ابن مائة و خمس و سبعين سنة ، و دفن مع مغارة عفرون الحبيبي ، و عرف بالخليل لهذا العهد ، ثم جعل الله في ذريته النبوة و الكتاب آخر الدهر .
فإسمعيل سكن مع جرهم بمكة و تزوج فيهم و تعلم لغتهم و تكلم بها و صار أبا لمن بعده من أجيال العرب ، و بعثه الله إلى جرهم و العمالقة الذين كانوا بمكة ، و إلى أهل اليمن فآمن بعض و كفر بعض . ثم قبضه الله إليه و خلف ولده بين جرهم ، و كانوا على ما ذكر في التوراة اثنتي عشر أكبرهم بنايوت و هو الذي تقوله العرب نابت و نبت ، ثم قيذار و أدبيل و بسام و مشمع و ذوما و مسار و حراه و قيما وبطور و نافس و قدما . قال ابن إسحق : و عاش فيما ذكر مائة و ثلاثين سنة ، و دفن في الحجر مع أمه هاجر ، و يقال آجر . و في التوراة أنه قبض ابن مائة و سبع و ثلاثين سنة ، و أن شيعته سكنوا من حويلا إلى شور قبالة مصر من مدخل أثور ، و سكنوا على حذر شيع إخوته . و حويلا عند أهل التوراة هي جنوب برقة و الواو منها قريبة من الياء ، و شور هي أرض الحجاز ، و أثور بلاد الموصل و الجزيرة . ثم ولي أمر البيت من بعد إسمعيل ابنه نابت ، و أقام ولده بمكة مع أخوالهم جرهم حتى تشعبوا و كثر نسلهم و تعددت بطونهم من عدنان في عداد معد ، ثم بطون معد في ربيعة و مضر و إياد و أنمار بني نزار بن معد ، فضاقت بهم مكة ، على ما نذكره عند ذكر قريش و اخبار ملكهم بمكة ، فكانت بطون عدنان هذه كلها من ولد إسمعيل لابنه نابت ، و قيل لقيذار ، و لم يذكر النسابون نسلاً من ولده الآخرين ، و تشعبت من إسمعيل أيضاً عند جماعة من أهل العلم بالنسب بطون قحطان كلها فيكون على هذا أبا لجميع العرب بعده .و أما إسحق فأقام بمكانه في فلسطين ، و عمر و عمي بعد الكثير من عمره و بارك على ولده يعقوب فغضب بذلك أخوه عيصو ، و هم بقتله فأشارت عليه رفقا بنت بتويل بالسير إلى حران عند خاله لابان بن بتويل ، فأقام عنده و زوجه بنتيه ، فزوجه أولا الكبرى و اسمها ليا و أخدمها جاريتها زلفة ، ثم من بعدها أختها الصغرى و اسمها راحيل و أخدمها جاريتها بلها . و أول من ولد منهن ليا ولدت له روبيل ، ثم شمعون ، ثم لاوي ، ثم يهوذا . و كانت راحيل لا تحبل فوهبت جاريتها بلها ليعقوب لتلد منه ، فولدت له دان ثم نفتالي . و لما فعلت ذلك الرحيل و هبت أختها ليا ليعقوب عليه السلام جاريتها زلفة فولدت له كادو و آشر ، ثم ولدت ليا من بعد ذلك يساخر ، ثم زبولون ، فكمل له بذلك عشرة من الولد . ثم دعت راحيل الله عز و جل أن يهب لها ولدا من يعقوب فولدت يوسف ، و قد كملت له بحران عشرون سنة ، ثم أمر بالرحيل إلى أرض كنعان التي وعدوا بملكها . فارتحل و خرج لابان في اتباعه و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
عزم له في المقام عنده ، فأبى فودعه و انصرف إلى حران و سار يعقوب لوجهه حتى إذا قرب من بلد عيصو ، و هو جبل يسعين بأرض الكرك و الشوبك لهذا العهد ، اعترضه عيصو لتلقيه و كرامته ، فأهدى إليه يعقوب من ماشيته هدية احتفل و تودد إليه بالخضوع و التضرع ، فذهب ما كان عند عيصو و أوحى الله إليه بأن يكون اسمه إسرائيل ، و مر على أرشاليم و هي بيت فاشترى هنالك مزرعة ضرب فيها فسطاطه و أمر ببناء مرجح سماه إيل في مكان الصخرة . ثم حملت راحيل هنالك فولدت له بنيامين ، و ماتت من نفاسه و دفنها في بيت لحم . ثم جاء إلى أبيه إسحق بقرية جيرون من أرض كنعان فأقام عنده .
و مات إسحق عليه السلام لمائة و ثمانين سنة من عمره و دفن مع أبيه في المغارة ، و أقام يعقوب بمكانه و ولده عنده ، و شب يوسف عليه السلام على غير حالهم من كرامة الله به ، و قص عليهم رؤياه التي بشر الله فيها بأمره فغصوا به و خرجوا معه إلى الصيد ، فألقوه في الجب و استخرجه السيارة الذين مروا به بعد ذلك و باعوه للعرب بعشرين مثقالا ، و يقال إن الذي تولى بيعه هو مالك بن دعر بن واين بن عيفا بن مدين . و اشتراه من العرب عزيز مصر و هو وزيرها أو صاحب شرطتها . قال ابن إسحق و اسمه أطفير بن رجيب و قيل قوطفير . و كان ملكها يومئذ من العماليق ، الريان بن الوليد بن دومغ ، و ربي يوسف عليه السلام في بيت العزيز فكان من شأنه مع امرأته زليخا ، و مكثه في السجن ، و تعبيره الرؤيا للمحبوسين من أصحاب الملك ما هو مذكور في الكتاب الكريم . ثم استعمله ملك مصر عندما خشي السنة و الغلاء على خزائن الزرع في سائر مملكته يقدر جمعها و تصريف الأرزاق منها و أطلق يده بذلك في جميع أعماله ، و ألبسه خاتمه و حمله على مركبه ، و يوسف لذلك العهد ابن ثلاثين سنة . فقيل عزل أطفير العزيز و ولاه ، و قيل بل مات أطفير فتزوج زليخا و تولى عمله و كان ذلك سبباً لانتظام شمله بأبيه و إخوته لما أصابتهم السنة بأرض كنعان و جاء بعضهم للميرة ، و كان لهم يوسف عليه السلام ، و رد عليهم بضاعتهم و طالبهم بحضور أخيهم فكان ذلك كله سببا لاجتماعه بأبيه يعقوب بعد أن كبر و عمي .
قال ابن اسحق : كان ذلك لعشرين سنة من مغيبه ، و لما وصل يعقوب إلى بلبيس قريبا من مصر ، خرج يوسف ليلقاه ، و يقال خرج فرعون معه ، و أطلق لهم أرض بلبيس يسكنون بها و ينتفعون . و كان وصول يعقوب صلوات الله عليه في سبعين راكباً من بنيه ، و معه أيوب النبي من بني عيصو ، و هو أيوب بن برحما بن زبرج بن رعويل بن عيصو ، و استقروا جميعا بمصر ثم قبض يعقوب صلوات الله عليه لسبع عشرة سنة من مقدمه و لمائة و أربعين من عمره ، و حمله يوسف صلوات الله عليه إلى أرض فلسطين ، و خرج معه أكابر مصر و شيوخها بإذن من فرعون . و اعترضهم بعض الكنعانيين في طريقهم ، فأوقعوا بهم ، و انتهوا إلى مدفن إبراهيم و إسحق عليهما السلام فدفنوه في المغارة عندهما ، و انتقلوا إلى مصر ، و أقام يوسف صلوات الله عليه بعد موت أبيه و معه إخوته إلى أن أدركته الوفاة فقبض لمائة و عشرين سنة من عمره ، و أدرج في تابوت و ختم عليه ، و دفن في بعض مجاري النيل . و كان يوسف أوصى أن يحمل عند خروج بني إسرائيل إلى أرض البقاع ، فيدفن هنالك و لم تزل وصيته محفوظة عندهم إلى أن حمله موسى صلوات الله عليه عند خروجه ببني اسرائيل من مصر .و لما قبض يوسف صلوات الله عليه ، و بقي من بقي من الأسباط إخوته و بنيه تحت سلطان الفراعنة بمصر ، تشعب نسلهم ، و تعددوا إلى أن كاثروا أهل الدولة و ارتابوا بهم فاستعبدوهم . قال المسعودي : دخل يعقوب إلى مصر مع ولده الأسباط و أولادهم حين أتوا إلى يوسف في سبعين راكبا ، و كان مقامهم بمصر إلى أن خرجوا مع موسى صلوات الله عليه نحوا من مائتين و عشر سنين ، فتداولهم ملوك القبط و العمالقة بمصر ، ثم أحصاهم موسى في التيه ، و عد من يطيق حمل السلاح من ابن عشرين فما فوقها ، فكانوا ستمائة ألف و يزيدون . و قد ذكرنا ما في هذا العدد من الوهم و الغلو في مقدمة الكتاب ، فلا نطول به . و وقوعه في نص التوراة لا يقضي بتحقيق هذا العدد لأن المقام للمبالغة ، فلا تكون إعداده نصوصا . و كان ليوسف صلوات الله عليه من الولد كثير ، إلا أن المعروف منهم اثنان أفراثيم و منشى و هما معدودان في الأسباط ، لأن يعقوب صلوات الله عليه أدركهما و بارك عليهما و جعلهما من جملة ولده ، و قد يزعم بعض من لا تحقيق عنده أن يوسف صلوات الله عليه استقل آخرا بملك مصر . و ينسب لبعض ضعفة المفسرين و معتمدهم في ذلك قول يوسف عليه السلام في دعائه : رب قد آتيتني من الملك . و لا دليل لهم في ذلك لأن كل من ملك شيئاً و لو في خاصة نفسه فاستيلاؤه يسمى ملكاً حتى البيت و الفرس و الخادم ، فكيف من ملك التصرف و لو كان في شعب واحد منها فهو ملك و قد كان العرب يسمون أهل القرى و المدائن ملوكا ، مثل هجر و معان و دومة الجندل ، فما ظنك بوزير مصر لذلك العهد و في تلك الدولة ، و قد كان في الخلافة العباسية تسمى الولاة الأطراف و عمالها ملوكا ، فلا استدلال لهم في هذه الصيغة . و أخرى أيضا فيما يستدلون به من قوله تعالى : " و كذلك مكنا ليوسف في الأرض " أن لا يكون فيه مستند لأن التمكين يكون بغير الملك . و نص القرآن إنما هو بولايته على أمور الزرع في جمعه و تفريقه كما قال تعالى : " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " . و مساق القصة كلها أنه مرؤوس في تلك الدولة بقرائن الحال كلها لا ما يتوهم من تلك اللفظة الواقعة في دعائه ، فلا نعدل عن النص المحفوف بالقرائن إلى هذا المتوهم الضعيف . و أيضاً فالقصة في التوراة قد وقعت صريحة في أنه لم يكن ملكا و لا صار إليه ملك . و أيضا فالأمر الطبيعي من الشوكة و القطامة له يدفع أن
و مات إسحق عليه السلام لمائة و ثمانين سنة من عمره و دفن مع أبيه في المغارة ، و أقام يعقوب بمكانه و ولده عنده ، و شب يوسف عليه السلام على غير حالهم من كرامة الله به ، و قص عليهم رؤياه التي بشر الله فيها بأمره فغصوا به و خرجوا معه إلى الصيد ، فألقوه في الجب و استخرجه السيارة الذين مروا به بعد ذلك و باعوه للعرب بعشرين مثقالا ، و يقال إن الذي تولى بيعه هو مالك بن دعر بن واين بن عيفا بن مدين . و اشتراه من العرب عزيز مصر و هو وزيرها أو صاحب شرطتها . قال ابن إسحق و اسمه أطفير بن رجيب و قيل قوطفير . و كان ملكها يومئذ من العماليق ، الريان بن الوليد بن دومغ ، و ربي يوسف عليه السلام في بيت العزيز فكان من شأنه مع امرأته زليخا ، و مكثه في السجن ، و تعبيره الرؤيا للمحبوسين من أصحاب الملك ما هو مذكور في الكتاب الكريم . ثم استعمله ملك مصر عندما خشي السنة و الغلاء على خزائن الزرع في سائر مملكته يقدر جمعها و تصريف الأرزاق منها و أطلق يده بذلك في جميع أعماله ، و ألبسه خاتمه و حمله على مركبه ، و يوسف لذلك العهد ابن ثلاثين سنة . فقيل عزل أطفير العزيز و ولاه ، و قيل بل مات أطفير فتزوج زليخا و تولى عمله و كان ذلك سبباً لانتظام شمله بأبيه و إخوته لما أصابتهم السنة بأرض كنعان و جاء بعضهم للميرة ، و كان لهم يوسف عليه السلام ، و رد عليهم بضاعتهم و طالبهم بحضور أخيهم فكان ذلك كله سببا لاجتماعه بأبيه يعقوب بعد أن كبر و عمي .
قال ابن اسحق : كان ذلك لعشرين سنة من مغيبه ، و لما وصل يعقوب إلى بلبيس قريبا من مصر ، خرج يوسف ليلقاه ، و يقال خرج فرعون معه ، و أطلق لهم أرض بلبيس يسكنون بها و ينتفعون . و كان وصول يعقوب صلوات الله عليه في سبعين راكباً من بنيه ، و معه أيوب النبي من بني عيصو ، و هو أيوب بن برحما بن زبرج بن رعويل بن عيصو ، و استقروا جميعا بمصر ثم قبض يعقوب صلوات الله عليه لسبع عشرة سنة من مقدمه و لمائة و أربعين من عمره ، و حمله يوسف صلوات الله عليه إلى أرض فلسطين ، و خرج معه أكابر مصر و شيوخها بإذن من فرعون . و اعترضهم بعض الكنعانيين في طريقهم ، فأوقعوا بهم ، و انتهوا إلى مدفن إبراهيم و إسحق عليهما السلام فدفنوه في المغارة عندهما ، و انتقلوا إلى مصر ، و أقام يوسف صلوات الله عليه بعد موت أبيه و معه إخوته إلى أن أدركته الوفاة فقبض لمائة و عشرين سنة من عمره ، و أدرج في تابوت و ختم عليه ، و دفن في بعض مجاري النيل . و كان يوسف أوصى أن يحمل عند خروج بني إسرائيل إلى أرض البقاع ، فيدفن هنالك و لم تزل وصيته محفوظة عندهم إلى أن حمله موسى صلوات الله عليه عند خروجه ببني اسرائيل من مصر .و لما قبض يوسف صلوات الله عليه ، و بقي من بقي من الأسباط إخوته و بنيه تحت سلطان الفراعنة بمصر ، تشعب نسلهم ، و تعددوا إلى أن كاثروا أهل الدولة و ارتابوا بهم فاستعبدوهم . قال المسعودي : دخل يعقوب إلى مصر مع ولده الأسباط و أولادهم حين أتوا إلى يوسف في سبعين راكبا ، و كان مقامهم بمصر إلى أن خرجوا مع موسى صلوات الله عليه نحوا من مائتين و عشر سنين ، فتداولهم ملوك القبط و العمالقة بمصر ، ثم أحصاهم موسى في التيه ، و عد من يطيق حمل السلاح من ابن عشرين فما فوقها ، فكانوا ستمائة ألف و يزيدون . و قد ذكرنا ما في هذا العدد من الوهم و الغلو في مقدمة الكتاب ، فلا نطول به . و وقوعه في نص التوراة لا يقضي بتحقيق هذا العدد لأن المقام للمبالغة ، فلا تكون إعداده نصوصا . و كان ليوسف صلوات الله عليه من الولد كثير ، إلا أن المعروف منهم اثنان أفراثيم و منشى و هما معدودان في الأسباط ، لأن يعقوب صلوات الله عليه أدركهما و بارك عليهما و جعلهما من جملة ولده ، و قد يزعم بعض من لا تحقيق عنده أن يوسف صلوات الله عليه استقل آخرا بملك مصر . و ينسب لبعض ضعفة المفسرين و معتمدهم في ذلك قول يوسف عليه السلام في دعائه : رب قد آتيتني من الملك . و لا دليل لهم في ذلك لأن كل من ملك شيئاً و لو في خاصة نفسه فاستيلاؤه يسمى ملكاً حتى البيت و الفرس و الخادم ، فكيف من ملك التصرف و لو كان في شعب واحد منها فهو ملك و قد كان العرب يسمون أهل القرى و المدائن ملوكا ، مثل هجر و معان و دومة الجندل ، فما ظنك بوزير مصر لذلك العهد و في تلك الدولة ، و قد كان في الخلافة العباسية تسمى الولاة الأطراف و عمالها ملوكا ، فلا استدلال لهم في هذه الصيغة . و أخرى أيضا فيما يستدلون به من قوله تعالى : " و كذلك مكنا ليوسف في الأرض " أن لا يكون فيه مستند لأن التمكين يكون بغير الملك . و نص القرآن إنما هو بولايته على أمور الزرع في جمعه و تفريقه كما قال تعالى : " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " . و مساق القصة كلها أنه مرؤوس في تلك الدولة بقرائن الحال كلها لا ما يتوهم من تلك اللفظة الواقعة في دعائه ، فلا نعدل عن النص المحفوف بالقرائن إلى هذا المتوهم الضعيف . و أيضاً فالقصة في التوراة قد وقعت صريحة في أنه لم يكن ملكا و لا صار إليه ملك . و أيضا فالأمر الطبيعي من الشوكة و القطامة له يدفع أن
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
يكون حصل له ملك ، لأنه إنما كان في تلك الدولة قبل أن يأتي إليه إخوته منفرداً لا يملك إلا نفسه و لا يتأتى الملك في هذا الحال و قد تقدم ذلك في مقدمة الكتاب و الله أعلم .
و أما عيصو بن إسحق فسكن جبال بني يسعين من بني جوي ، إحدى شعوب كنعان ، و هي جبال الشراة بين تبوك و فلسطين و تعرف اليوم ببلاد كرك و الشوبك ، و كان من شعوبهم هناك على ما في التوراة بنو لوطان و بنو شوبال و بنو صمقون و بنو عنا و بنو ديشوق و بنو يصد و بنو ديسان سبعة شعوب . و من بني ديشون الأشبان ، فسكن عيصو بينهم بتلك البلاد ، و تزوج منهم من بنات عنا بن يسعين من جوى ، و هي أهليقاما ، و تزوج أيضا من بنات حي من الكنعانيين عاذا بنت أيلول ، و باسمت بنت إسمعيل عليه السلام . و كان له من الولد خمسة مذكورون في التوراة و أكبرهم أليفاز ، بالفاء المفخمة و إشباع حركتها و زاي معجمة من بعدها ، من عاذا بنت أيلول ، ثم رعويل من باسمت بنت إسمعيل ، ثم يعوش و يعلام و قورح من أهليقاما بنت عنا. و ولد أليفاز ستة من الولد ثمال و أومار و صفو و كعتام و قتال و عمالق السادس ، لسرية اسمها تمتاع و هي شقيقة لوطان بن يسعين . و ولد رعويل بن عيصو أربعة من الولد ، ناحة و زيدم و شتما و مرا . هكذا وقع ذكر ولد العيص و ولدهم في التوراة ، و فيها أن العيص اسمه أروم ، فلذلك قبل لهم بنو أروم ، و لبعض الاسرائيلين أن أروم اسم لذلك الجبل و معناه بالعبرانية الجبل الأحمر الذي لا نبات به . و قد يقع لبعض المؤرخين أن القياصرة ملوك الروم من ولد عيصو ، و قال الطبري : أن الروم و فارس من ولد رعويل ابن باسمت . و ليس ذلك كله بصحيح و رأيته في كتاب يوسف بن كرمون مؤرخ العمارة الثانية ببيت المقدس قبيل الجلوة الكبرى ، و كان من كهنوتينا اليهود و هو قريب من الغلط .
قال ابن حزم في كتاب الجمهرة : و كأن لإسحق عليه السلام ابن آخر غير يعقوب اسمه عيصاب أو عيصو ، كان بنوه يسكنون جبال الشراة بين الشام و الحجاز ، و قد بادوا جملة ، إلا أن قوما يذكرون أن الروم من ولده و هذا خطأ . و إنما وقع لهم هذا الغلط لأن موضعهم كان يقال له أروم فظنوا أن الروم من ذلك الموضع ، و ليس كذلك لأن الروم إنما نسبوا إلى رومس باني رومة ، فإن ظن ظان أن قول النبي صلى الله عليه و سلم للحر بن قيس هل لك في بلاد بني الأصفر العام ، و ذلك في غزوة تبوك ، يدل على أن الروم من بني الأصفر و هو عيصاب المذكور فليس كما ظن . و قول النبي صلى الله عليه و سلم حق ، و إنما عنى عليه السلام بني عيصاب على الحقيقة لا الروم ، لأن مغزاه عليه الصلاة و السلام في تلك الغزوة كان إلى ناحية الشراة مسكن القوم المذكورين كلام ابن حزم .
و زعيم أهروشيوش مؤرخ الروم أن أم الفينان و هاؤا و عالوم و قدوم الأربعة من بنات كاتيم بن ياوان بن يافث ، و الأول أصح لأنه نص التوراة . ثم كثر نسل بني عيصو بأرض يسعين و غلبوا الجويين على تلك البلاد و غلبوا بني مدين أيضاً على بلادهم إلى أبلة . و تداول فيهم ملوك و عظماء كان منهم فالغ بن ساعور ، و بعده يودب بن زيدح ، ثم كان منهم هداد بن مداد الذي أخرج بني مدين عن مواطنهم ، ثم كان فيهم بعده ملوك إلى أن زحف يوشع إلى الشام و فتح أريحاء و ما بعدما و انتزع الملك من جميع الأمم الذين كانوا هنالك ، ثم استلحمهم بختنصر عندما ملك أرض القدس ، و لحق بعضهم بأرض يونان ، و بعضهم بأفريقية . و أما عمالق بن أليفاز فمن عقبه عند الإسرائيلين عمالقة الشام ، و في قول فراعنة مصر من القبط و نساب العرب ، يأبون من ذلك و نسبوهم إلى عملاق بن لاوذ كما مر . ثم بنو يروم و كنعان و لم يبق منهم عين تطرف و الله الباقي بعد فناء خلقه .
و أما مدين بن إبراهيم فتزوج بابنة لوط و جعل الله في نسلها البركة ، و كان له من الولد خمسة عيفا و عيفين و خنوخ و أنيداغ و ألزاعا . و قد تقدم ذكرهم في ولد إبراهيم من قنطورا ، فكان منهم مدين أمة كبيرة ذات بطون و شعوب ، و كانوا من أكبر قبائل الشام و أكثرهم عددا ، و كانت مواطنهم تجاور معان من أطراف الشام مما يلي الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط ، و كان لهم تغلب بتلك الأرض ، فعتوا و بغوا و عبدوا الآلهة ، و كانوا يقطعون السبل و يبخسون في المكيال . و بعث الله فيهم شعيبا نبيا منهم ، و هو ابن نويل بن رعويل بن عيا بن مدين . قال المسعودي : مدين هؤلاء من ولد المحضر بن جندل بن يعصب بن مدين ، و أن شعيبا أخوهم في النسب ، و كانوا ملوكا عدة يسمون بكلمات أبجد إلى آخرها و فيه نظر . و قال ابن حبيب في كتاب البدء : هو شعيب بن نويب بن أحزم بن مدين . و قال السهيلي : شعيب بن عيفا ، و يقال ابن صيفون ، و شعيب هذا هو شعيب موسى الذي هاجر إليه من مصر أيام القبط و استأجره على إنكاح ابنته أياه على أن يخدمه ثماني سنين ، و أخذ عند آداب الكتاب و النبوة حسما يأتي عند ذكر موسى صلوات الله عليهما و أخبار بني إسرائيل . و قال الصيمري الذي استأجر موسى و زوجه : هو بثر بن رعويل ، و وقع في التوارة أن اسمه يبثر و أن رعويل أباه أو عمه هو الذي تولى عقد النكاح . و كان لمدين هؤلاء مع بني إسرائيل حروب بالشام ، ثم تغلب عليهم بنو إسرائيل و انقرضوا جميعا .و أما لوط بن هارون أخي إبراهيم عليهما السلام فقد تقدم من خبره مع قومه ما ذكرناه هنالك ، و لما نجا بعد هلاكهم لحق بأرض فلسطين ، فكان بها مع إبراهيم إلى أن قبضه الله ، و كان له من الولد على ما ذكر في التوراة عمون بتشديد الميم و إشباع حركتها بالضم و نون بعدها ، و موآيي بإشباع ضمة الميم و إشباع فتحة الهمزة بعدها و ياء تحيتة و بعدها ياء ساكنة هوائية ، و جعل الله في نسلهما البركة ، حتى كانوا من أكثر قبائل الشام ، و كانت مساكنهم بأرض البلقاء و مدائنها في بلد موآيي و معان و ما والاهما ، و كانت لهم مع بني إسرائيل
و أما عيصو بن إسحق فسكن جبال بني يسعين من بني جوي ، إحدى شعوب كنعان ، و هي جبال الشراة بين تبوك و فلسطين و تعرف اليوم ببلاد كرك و الشوبك ، و كان من شعوبهم هناك على ما في التوراة بنو لوطان و بنو شوبال و بنو صمقون و بنو عنا و بنو ديشوق و بنو يصد و بنو ديسان سبعة شعوب . و من بني ديشون الأشبان ، فسكن عيصو بينهم بتلك البلاد ، و تزوج منهم من بنات عنا بن يسعين من جوى ، و هي أهليقاما ، و تزوج أيضا من بنات حي من الكنعانيين عاذا بنت أيلول ، و باسمت بنت إسمعيل عليه السلام . و كان له من الولد خمسة مذكورون في التوراة و أكبرهم أليفاز ، بالفاء المفخمة و إشباع حركتها و زاي معجمة من بعدها ، من عاذا بنت أيلول ، ثم رعويل من باسمت بنت إسمعيل ، ثم يعوش و يعلام و قورح من أهليقاما بنت عنا. و ولد أليفاز ستة من الولد ثمال و أومار و صفو و كعتام و قتال و عمالق السادس ، لسرية اسمها تمتاع و هي شقيقة لوطان بن يسعين . و ولد رعويل بن عيصو أربعة من الولد ، ناحة و زيدم و شتما و مرا . هكذا وقع ذكر ولد العيص و ولدهم في التوراة ، و فيها أن العيص اسمه أروم ، فلذلك قبل لهم بنو أروم ، و لبعض الاسرائيلين أن أروم اسم لذلك الجبل و معناه بالعبرانية الجبل الأحمر الذي لا نبات به . و قد يقع لبعض المؤرخين أن القياصرة ملوك الروم من ولد عيصو ، و قال الطبري : أن الروم و فارس من ولد رعويل ابن باسمت . و ليس ذلك كله بصحيح و رأيته في كتاب يوسف بن كرمون مؤرخ العمارة الثانية ببيت المقدس قبيل الجلوة الكبرى ، و كان من كهنوتينا اليهود و هو قريب من الغلط .
قال ابن حزم في كتاب الجمهرة : و كأن لإسحق عليه السلام ابن آخر غير يعقوب اسمه عيصاب أو عيصو ، كان بنوه يسكنون جبال الشراة بين الشام و الحجاز ، و قد بادوا جملة ، إلا أن قوما يذكرون أن الروم من ولده و هذا خطأ . و إنما وقع لهم هذا الغلط لأن موضعهم كان يقال له أروم فظنوا أن الروم من ذلك الموضع ، و ليس كذلك لأن الروم إنما نسبوا إلى رومس باني رومة ، فإن ظن ظان أن قول النبي صلى الله عليه و سلم للحر بن قيس هل لك في بلاد بني الأصفر العام ، و ذلك في غزوة تبوك ، يدل على أن الروم من بني الأصفر و هو عيصاب المذكور فليس كما ظن . و قول النبي صلى الله عليه و سلم حق ، و إنما عنى عليه السلام بني عيصاب على الحقيقة لا الروم ، لأن مغزاه عليه الصلاة و السلام في تلك الغزوة كان إلى ناحية الشراة مسكن القوم المذكورين كلام ابن حزم .
و زعيم أهروشيوش مؤرخ الروم أن أم الفينان و هاؤا و عالوم و قدوم الأربعة من بنات كاتيم بن ياوان بن يافث ، و الأول أصح لأنه نص التوراة . ثم كثر نسل بني عيصو بأرض يسعين و غلبوا الجويين على تلك البلاد و غلبوا بني مدين أيضاً على بلادهم إلى أبلة . و تداول فيهم ملوك و عظماء كان منهم فالغ بن ساعور ، و بعده يودب بن زيدح ، ثم كان منهم هداد بن مداد الذي أخرج بني مدين عن مواطنهم ، ثم كان فيهم بعده ملوك إلى أن زحف يوشع إلى الشام و فتح أريحاء و ما بعدما و انتزع الملك من جميع الأمم الذين كانوا هنالك ، ثم استلحمهم بختنصر عندما ملك أرض القدس ، و لحق بعضهم بأرض يونان ، و بعضهم بأفريقية . و أما عمالق بن أليفاز فمن عقبه عند الإسرائيلين عمالقة الشام ، و في قول فراعنة مصر من القبط و نساب العرب ، يأبون من ذلك و نسبوهم إلى عملاق بن لاوذ كما مر . ثم بنو يروم و كنعان و لم يبق منهم عين تطرف و الله الباقي بعد فناء خلقه .
و أما مدين بن إبراهيم فتزوج بابنة لوط و جعل الله في نسلها البركة ، و كان له من الولد خمسة عيفا و عيفين و خنوخ و أنيداغ و ألزاعا . و قد تقدم ذكرهم في ولد إبراهيم من قنطورا ، فكان منهم مدين أمة كبيرة ذات بطون و شعوب ، و كانوا من أكبر قبائل الشام و أكثرهم عددا ، و كانت مواطنهم تجاور معان من أطراف الشام مما يلي الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط ، و كان لهم تغلب بتلك الأرض ، فعتوا و بغوا و عبدوا الآلهة ، و كانوا يقطعون السبل و يبخسون في المكيال . و بعث الله فيهم شعيبا نبيا منهم ، و هو ابن نويل بن رعويل بن عيا بن مدين . قال المسعودي : مدين هؤلاء من ولد المحضر بن جندل بن يعصب بن مدين ، و أن شعيبا أخوهم في النسب ، و كانوا ملوكا عدة يسمون بكلمات أبجد إلى آخرها و فيه نظر . و قال ابن حبيب في كتاب البدء : هو شعيب بن نويب بن أحزم بن مدين . و قال السهيلي : شعيب بن عيفا ، و يقال ابن صيفون ، و شعيب هذا هو شعيب موسى الذي هاجر إليه من مصر أيام القبط و استأجره على إنكاح ابنته أياه على أن يخدمه ثماني سنين ، و أخذ عند آداب الكتاب و النبوة حسما يأتي عند ذكر موسى صلوات الله عليهما و أخبار بني إسرائيل . و قال الصيمري الذي استأجر موسى و زوجه : هو بثر بن رعويل ، و وقع في التوارة أن اسمه يبثر و أن رعويل أباه أو عمه هو الذي تولى عقد النكاح . و كان لمدين هؤلاء مع بني إسرائيل حروب بالشام ، ثم تغلب عليهم بنو إسرائيل و انقرضوا جميعا .و أما لوط بن هارون أخي إبراهيم عليهما السلام فقد تقدم من خبره مع قومه ما ذكرناه هنالك ، و لما نجا بعد هلاكهم لحق بأرض فلسطين ، فكان بها مع إبراهيم إلى أن قبضه الله ، و كان له من الولد على ما ذكر في التوراة عمون بتشديد الميم و إشباع حركتها بالضم و نون بعدها ، و موآيي بإشباع ضمة الميم و إشباع فتحة الهمزة بعدها و ياء تحيتة و بعدها ياء ساكنة هوائية ، و جعل الله في نسلهما البركة ، حتى كانوا من أكثر قبائل الشام ، و كانت مساكنهم بأرض البلقاء و مدائنها في بلد موآيي و معان و ما والاهما ، و كانت لهم مع بني إسرائيل
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
حروب نذكرهم في أخبارهم ، و كان منهم بلعام بن باعورا بن رسيوم بن برسيم بن موآيي ، و قصته مع ملك كنعان حين طلبه في الدعاء على بني إسرائيل أيام موسى صلوات الله عليه و أن دعاءه صرف إلى الكنعانيين ، مذكورة في التوراة و نودرها في موضعها .
و أما ناحور إبراهيم عليه السلام فقد تقدم ذكره أنه هاجر مع إبراهيم عليه السلام من بابل إلى حران ، ثم إلى الأرض المقدسة ، فكان معه هنالك ، و كانت زوجته ملكا بنت أخيه هاران ، و ملكا هذه هي أخت سارة زوج إبراهيم عليه السلام و أم إسحق ، و كان لناحور من ملكا على ما وقع في نص التوراة ثمانية من الولد عوص و بوص و قمويل و هو أبو الأرمن ، و كاس و منه الكلدانيون الذين كان منه بختنصر و ملوك بابل ، و حذر و بلداس و بلداف و يثويل . و كان له من سرية اسمها أدوما أربعة من الولد و هم طالج و كاحم و تاخش و ماعخا . هؤلاء ولد ناحور أخي إبراهيم كلهم مذكورون في التوراة و هم اثنا عشر ولدا ، و هؤلاء كلهم بادوا و انقرضوا ، و لم يبق منهم إلا الأرمن من قمويل بن ناحورا أخي إبراهيم عليه السلام ابن آزر و هم لهذا العهد على دين النصرانية و مواطنهم في أرمينية شرقي القسطنطينية ، و الله وارث الأرض و من عليها و هم خبر الوارثين . و هذا آخر الكلام في الطبقة الأولى من العرب و من عاصرهم من الأمم ، و لنرجع إلى أهل الطبقة الثانية و هم العرب المستعربة ، و الله سبحانه و تعالى الكفيل بالإعانة .
الطبقة الثانية من العرب و هم العرب المستعربة و ذكر أنسابهم و أيامهم و ملوكهم و الإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم
و إنما سمي أهل هذه الطبقة بهذا الاسم لأن السمات و الشعائر العربية و لما انتقلت إليهم ممن قبلهم ، اعتبرت فيها الصيرورة ، بمعنى أنهم صاروا إلى حال لم يكن عليها أهل نسبهم ، و هي اللغة العربية التي تكلموا بها ، و فهو من استفعل بمعنى الصيرورة من قولهم : استنوق الجمل ، و استحجر الطين . و أهل الطبقة الأولى لما كانوا أقدم الأمم فيما يعلم جيلا ، كانت اللغة العربية لهم بالأصالة و قيل العاربة .
و اعلم أن أهل هذا الجيل من العرب يعرقون باليمينة و السبائية ، و قد تقدم أن نسابة بني إسرائيل يزعمون أن أباهم سبا من ولد كوش بن كنعان ، و نسابة العرب يأبون ذلك و يدفعونه ، و الصحيح الذي عليه كافتهم أنهم من قحطان ، و أن سبا هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان . و قال ابن إسحق يعرب بن يشجب فقدم و أخر . و قال ابن ماكولا على ما نقل عنه السهيلي اسم قحطان مهزم . و بين النسابة خلاف في نسب قحطان فقيل هو ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام أخو فالغ ، و يقطن و لم يقع له ذكر في التوراة ، و إنما ذكر فالغ و يقطن . و قيل هو معرب يقطن لأنه اسم أعجمي و العرب تتصرف في الأسماء الأعجمية بتبديل حروفها و تغييرها و تقديم بعضها على بعض . و قيل إن قحطان بن يمن بن قيدار ، و قيل إن قحطان من ولد إسمعيل . و أصح ما قيل في هذا إنه قحطان بن يمن بن قيدر ، و يقال الهميسع بن يمن بن قيدار ، و أن يمن هذا سميت به اليمن . و قال ابن هشام أن يعرب ابن قحطان كان يسمى يمنا و به سميت اليمن . فعلى القول بأن قحطان من ولد إسمعيل تكون العرب كلهم من ولده لأن عدنان و قحطان يستوعبان شعوب العرب كلها .
و قد احتج لذلك من ذهب إليه بأن النبي صلى الله عليه و سلم قال لرماة الأنصار : " ارموا يا بني إسمعيل فإن أباكم كان راميا " . و الأنصار من ولد سبا و هو ابن قحطان ، و قيل إنما قال ذلك لقوم من أسلم من أقصى أخوة خزاعة بن حارثة بناء على أن نسبهم في سبا . و قال السهيلي و لا حجة في شيء منهما لأنه إذا كانت العرب كلها من ولد إسمعيل ، فهذا من السهيلي جنوح إلى القول بمفهوم اللقب و هو ضعيف . ثم قال : و الصحيح أن هذا القول إنما كان منه صلى الله عليه و سلم لأسلم كما قدمناه و إنما أراد أن خزاعة من معد بن إلياس بن مضر و ليسوا من سبا ، و لا من قحطان كما هو الصحيح في نسبهم على ما يأتي . و احتجوا أيضا لذلك بأن قحطان لم يقع له ذكر في التوراة كما تقدم ، فدل على أنه ليس من ولد عابر فترجح القول بأنه من إسماعيل ، و هذا مردود بما تقدم أن قحطان معرب يقطن و هو الصحيح ، و ليس بين الناس خلاف في أن قحطان أبو اليمن كلهم . و يقال إنه أول من تكلم بالعربية و معناه من أهل هذا الجيل الذين هم العرب المستعربة من اليمنية ، و إلا فقد كان للعرب جيل آخر و هم العرب العاربة ، و منهم تعلم قحطان تلك اللغة العربية ضرورة و لا يمكن أن يتكلم بها من ذات نفسه . و كان بنو قحطان هؤلاء معاصرين لإخوانهم من العرب العاربة و مظاهرين لهم على أمورهم ، و لم يزالوا مجتمعين في مجالات البادية مبعدين عن رتبة الملك و ترفه الذي كان لأولئك فأصبحوا بمنجاة من الهرم الذي يسوق إليه الترف و النضارة ، فتشعبت في أرض الفضا فصائلهم ، و تعدد في جو القفر أفخاذهم و عشائرهم و نما عددهم ، و كثر إخوانهم من العمالقة في آخر ذلك الجيل ، و زاحموهم بمناكبهم ، و استجدوا خلق الدولة بما استأنفوه من عزهم .و كانت الدولة لبني قحطان متصلة فيهم ، و كان يعرب بن قحطان من أعاظم ملوك العرب . يقال إنه أول من حياة قومه بتحية الملك . قال ابن سعيد : و هو الذي ملك بلاد اليمن و غلب عليها قوم عاد ، و غلب العمالقة على الحجاز ، و ولى إخوته على جميع أعمالهم ، فولى جرهما على الحجاز ، و عاد بن قحطان على الشحر ، و حضرموت بن قحطان على جبال الشحر ، و عمان بن قحطان على بلاد عمان هكذا ذكر البيهقي . و قال ابن حزم : وعد لقحطان عشرة من الولد و أنه لم يعقب منهم أحد ، ثم ذكر ابنين منهم دخلوا في حمير ، ثم ذكر الحرث بن قحطان ، و قال فولد فيما يقال له لاسور ، و هم رهط حنظلة بن صفوان
و أما ناحور إبراهيم عليه السلام فقد تقدم ذكره أنه هاجر مع إبراهيم عليه السلام من بابل إلى حران ، ثم إلى الأرض المقدسة ، فكان معه هنالك ، و كانت زوجته ملكا بنت أخيه هاران ، و ملكا هذه هي أخت سارة زوج إبراهيم عليه السلام و أم إسحق ، و كان لناحور من ملكا على ما وقع في نص التوراة ثمانية من الولد عوص و بوص و قمويل و هو أبو الأرمن ، و كاس و منه الكلدانيون الذين كان منه بختنصر و ملوك بابل ، و حذر و بلداس و بلداف و يثويل . و كان له من سرية اسمها أدوما أربعة من الولد و هم طالج و كاحم و تاخش و ماعخا . هؤلاء ولد ناحور أخي إبراهيم كلهم مذكورون في التوراة و هم اثنا عشر ولدا ، و هؤلاء كلهم بادوا و انقرضوا ، و لم يبق منهم إلا الأرمن من قمويل بن ناحورا أخي إبراهيم عليه السلام ابن آزر و هم لهذا العهد على دين النصرانية و مواطنهم في أرمينية شرقي القسطنطينية ، و الله وارث الأرض و من عليها و هم خبر الوارثين . و هذا آخر الكلام في الطبقة الأولى من العرب و من عاصرهم من الأمم ، و لنرجع إلى أهل الطبقة الثانية و هم العرب المستعربة ، و الله سبحانه و تعالى الكفيل بالإعانة .
الطبقة الثانية من العرب و هم العرب المستعربة و ذكر أنسابهم و أيامهم و ملوكهم و الإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم
و إنما سمي أهل هذه الطبقة بهذا الاسم لأن السمات و الشعائر العربية و لما انتقلت إليهم ممن قبلهم ، اعتبرت فيها الصيرورة ، بمعنى أنهم صاروا إلى حال لم يكن عليها أهل نسبهم ، و هي اللغة العربية التي تكلموا بها ، و فهو من استفعل بمعنى الصيرورة من قولهم : استنوق الجمل ، و استحجر الطين . و أهل الطبقة الأولى لما كانوا أقدم الأمم فيما يعلم جيلا ، كانت اللغة العربية لهم بالأصالة و قيل العاربة .
و اعلم أن أهل هذا الجيل من العرب يعرقون باليمينة و السبائية ، و قد تقدم أن نسابة بني إسرائيل يزعمون أن أباهم سبا من ولد كوش بن كنعان ، و نسابة العرب يأبون ذلك و يدفعونه ، و الصحيح الذي عليه كافتهم أنهم من قحطان ، و أن سبا هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان . و قال ابن إسحق يعرب بن يشجب فقدم و أخر . و قال ابن ماكولا على ما نقل عنه السهيلي اسم قحطان مهزم . و بين النسابة خلاف في نسب قحطان فقيل هو ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام أخو فالغ ، و يقطن و لم يقع له ذكر في التوراة ، و إنما ذكر فالغ و يقطن . و قيل هو معرب يقطن لأنه اسم أعجمي و العرب تتصرف في الأسماء الأعجمية بتبديل حروفها و تغييرها و تقديم بعضها على بعض . و قيل إن قحطان بن يمن بن قيدار ، و قيل إن قحطان من ولد إسمعيل . و أصح ما قيل في هذا إنه قحطان بن يمن بن قيدر ، و يقال الهميسع بن يمن بن قيدار ، و أن يمن هذا سميت به اليمن . و قال ابن هشام أن يعرب ابن قحطان كان يسمى يمنا و به سميت اليمن . فعلى القول بأن قحطان من ولد إسمعيل تكون العرب كلهم من ولده لأن عدنان و قحطان يستوعبان شعوب العرب كلها .
و قد احتج لذلك من ذهب إليه بأن النبي صلى الله عليه و سلم قال لرماة الأنصار : " ارموا يا بني إسمعيل فإن أباكم كان راميا " . و الأنصار من ولد سبا و هو ابن قحطان ، و قيل إنما قال ذلك لقوم من أسلم من أقصى أخوة خزاعة بن حارثة بناء على أن نسبهم في سبا . و قال السهيلي و لا حجة في شيء منهما لأنه إذا كانت العرب كلها من ولد إسمعيل ، فهذا من السهيلي جنوح إلى القول بمفهوم اللقب و هو ضعيف . ثم قال : و الصحيح أن هذا القول إنما كان منه صلى الله عليه و سلم لأسلم كما قدمناه و إنما أراد أن خزاعة من معد بن إلياس بن مضر و ليسوا من سبا ، و لا من قحطان كما هو الصحيح في نسبهم على ما يأتي . و احتجوا أيضا لذلك بأن قحطان لم يقع له ذكر في التوراة كما تقدم ، فدل على أنه ليس من ولد عابر فترجح القول بأنه من إسماعيل ، و هذا مردود بما تقدم أن قحطان معرب يقطن و هو الصحيح ، و ليس بين الناس خلاف في أن قحطان أبو اليمن كلهم . و يقال إنه أول من تكلم بالعربية و معناه من أهل هذا الجيل الذين هم العرب المستعربة من اليمنية ، و إلا فقد كان للعرب جيل آخر و هم العرب العاربة ، و منهم تعلم قحطان تلك اللغة العربية ضرورة و لا يمكن أن يتكلم بها من ذات نفسه . و كان بنو قحطان هؤلاء معاصرين لإخوانهم من العرب العاربة و مظاهرين لهم على أمورهم ، و لم يزالوا مجتمعين في مجالات البادية مبعدين عن رتبة الملك و ترفه الذي كان لأولئك فأصبحوا بمنجاة من الهرم الذي يسوق إليه الترف و النضارة ، فتشعبت في أرض الفضا فصائلهم ، و تعدد في جو القفر أفخاذهم و عشائرهم و نما عددهم ، و كثر إخوانهم من العمالقة في آخر ذلك الجيل ، و زاحموهم بمناكبهم ، و استجدوا خلق الدولة بما استأنفوه من عزهم .و كانت الدولة لبني قحطان متصلة فيهم ، و كان يعرب بن قحطان من أعاظم ملوك العرب . يقال إنه أول من حياة قومه بتحية الملك . قال ابن سعيد : و هو الذي ملك بلاد اليمن و غلب عليها قوم عاد ، و غلب العمالقة على الحجاز ، و ولى إخوته على جميع أعمالهم ، فولى جرهما على الحجاز ، و عاد بن قحطان على الشحر ، و حضرموت بن قحطان على جبال الشحر ، و عمان بن قحطان على بلاد عمان هكذا ذكر البيهقي . و قال ابن حزم : وعد لقحطان عشرة من الولد و أنه لم يعقب منهم أحد ، ثم ذكر ابنين منهم دخلوا في حمير ، ثم ذكر الحرث بن قحطان ، و قال فولد فيما يقال له لاسور ، و هم رهط حنظلة بن صفوان
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
مواضيع مماثلة
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى