فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
2 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
وفي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تخلخل بناء الجماعات , وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها . فتعيش الجماعة في ظل نظامه الاجتماعي وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة . ومن ثم هو رحمة للمؤمنين .
(ولا يزيد الظالمين إلا خسارا). .
فهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة . وهم في غيظ وقهر من استعلاء المؤمنين به , وهم في عنادهم وكبريائهم يشتطون في الظلم والفساد , وهم في الدنيا مغلوبون من أهل هذا القرآن , فهم خاسرون . وفي الآخرة معذبون بكفرهم به ولجاجهم في الطغيان , فهم خاسرون: (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا). .
الدرس الرابع:83 - 84 اختلاف موقف الناس من الضر والنفع
فأما حين يترك الإنسان بلا شفاء ورحمة . حين يترك لنزعاته واندفاعاته فهو في حال النعمة متبطر معرض لا يشكر ولا يذكر , وهو في حال الشدة يائس من رحمة الله , تظلم في وجهه فجاج الحياة:
(وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه , وإذا مسه الشر كان يؤوسا). .
والنعمة تطغى وتبطر ما لم يذكر الإنسان واهبها فيحمد ويشكر , والشدة تيئس وتقنط ما لم يتصل الإنسان بالله , فيرجو ويأمل , ويطمئن إلى رحمة الله وفضله , فيتفاءل ويستبشر .
ومن هنا تتجلى قيمة الإيمان وما فيه من رحمة في السراء والضراء سواء .
ثم يقرر السياق أن كل فرد وكل فريق يعمل وفق طريقته واتجاهه ; والحكم على الاتجاهات والأعمال موكول لله:
(قل:كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا). .
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85) وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (87) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)
وفي هذا التقرير تهديد خفي , بعاقبة العمل والاتجاه , ليأخذ كل حذره , ويحاول أن يسلك سبيل الهدى ويجد طريقه إلى الله .
(ولا يزيد الظالمين إلا خسارا). .
فهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة . وهم في غيظ وقهر من استعلاء المؤمنين به , وهم في عنادهم وكبريائهم يشتطون في الظلم والفساد , وهم في الدنيا مغلوبون من أهل هذا القرآن , فهم خاسرون . وفي الآخرة معذبون بكفرهم به ولجاجهم في الطغيان , فهم خاسرون: (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا). .
الدرس الرابع:83 - 84 اختلاف موقف الناس من الضر والنفع
فأما حين يترك الإنسان بلا شفاء ورحمة . حين يترك لنزعاته واندفاعاته فهو في حال النعمة متبطر معرض لا يشكر ولا يذكر , وهو في حال الشدة يائس من رحمة الله , تظلم في وجهه فجاج الحياة:
(وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه , وإذا مسه الشر كان يؤوسا). .
والنعمة تطغى وتبطر ما لم يذكر الإنسان واهبها فيحمد ويشكر , والشدة تيئس وتقنط ما لم يتصل الإنسان بالله , فيرجو ويأمل , ويطمئن إلى رحمة الله وفضله , فيتفاءل ويستبشر .
ومن هنا تتجلى قيمة الإيمان وما فيه من رحمة في السراء والضراء سواء .
ثم يقرر السياق أن كل فرد وكل فريق يعمل وفق طريقته واتجاهه ; والحكم على الاتجاهات والأعمال موكول لله:
(قل:كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا). .
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85) وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (87) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)
وفي هذا التقرير تهديد خفي , بعاقبة العمل والاتجاه , ليأخذ كل حذره , ويحاول أن يسلك سبيل الهدى ويجد طريقه إلى الله .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
الدرس الخامس:85 - 87 الروح من أمر الله وإثبات الوحي
وراح بعضهم يسأل الرسول [ ص ] عن الروح ما هو ? والمنهج الذي سار عليه القرآن - وهو المنهج الأقوم - أن يجيب الناس عما هم في حاجة إليه , وما يستطيع إدراكهم البشري بلوغه ومعرفته ; فلا يبدد الطاقة العقلية التي وهبها الله فيما لا ينتج ولا يثمر , وفي غير مجالها الذي تملك وسائله وتحيط به . فلما سألوه عن الروح أمره الله أن يجيبهم بأن الروح من أمر الله , اختص بعلمه دون سواه:
ويسألونك عن الروح . قل:الروح من أمر ربي . وما أوتيتم من العلم إلا قليلا . .
وليس في هذا حجر على العقل البشري أن يعمل . ولكن فيه توجيها لهذا العقل أن يعمل في حدوده وفي مجاله الذي يدركه . فلا جدوى من الخبط في التيه , ومن إنفاق الطاقة فيما لا يملك العقل إدراكه لأنه لا يملك وسائل إدراكه . والروح غيب من غيب الله لا يدركه سواه , وسر من أسراره القدسية أودعه هذا المخلوق البشري وبعض الخلائق التي لا نعلم حقيقتها . وعلم الإنسان محدود بالقياس إلى علم الله المطلق , وأسرار هذا الوجود أوسع من أن يحيط بها العقل البشري المحدود . والإنسان لا يدبر هذا الكون فطاقاته ليست شاملة , إنما وهب منها بقدر محيطه وبقدر حاجته ليقوم بالخلافة في الأرض , ويحقق فيها ما شاء الله أن يحققه , في حدود علمه القليل .
ولقد أبدع الإنسان في هذه الأرض ما أبدع ; ولكنه وقف حسيرا أمام ذلك السر اللطيف - الروح - لا يدري ما هو , ولا كيف جاء , ولا كيف يذهب , ولا أين كان ولا أين يكون , إلا ما يخبر به العليم الخبير في التنزيل .
وما جاء في التنزيل هو العلم المستيقن , لأنه من العليم الخبير . ولو شاء الله لحرم البشرية منه , وذهب بما أوحى إلى رسوله ; ولكنها رحمة الله وفضله .
(ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك , ثم لا تجد لك به علينا وكيلا . إلا رحمة من ربك , إن فضله , كان عليك كبيرا). .
والله يمتن على رسوله [ ص ] بهذا الفضل . فضل إنزال الوحي , واستبقاء ما أوحى به إليه ; المنة على الناس أكبر , فهم بهذا القرآن في رحمة وهداية ونعمة , أجيالا بعد أجيال .
الدرس السادس:88 - 93 عجز الكفار عن معارضة القرآن ونماذج من طلباتهم الساذجة
وراح بعضهم يسأل الرسول [ ص ] عن الروح ما هو ? والمنهج الذي سار عليه القرآن - وهو المنهج الأقوم - أن يجيب الناس عما هم في حاجة إليه , وما يستطيع إدراكهم البشري بلوغه ومعرفته ; فلا يبدد الطاقة العقلية التي وهبها الله فيما لا ينتج ولا يثمر , وفي غير مجالها الذي تملك وسائله وتحيط به . فلما سألوه عن الروح أمره الله أن يجيبهم بأن الروح من أمر الله , اختص بعلمه دون سواه:
ويسألونك عن الروح . قل:الروح من أمر ربي . وما أوتيتم من العلم إلا قليلا . .
وليس في هذا حجر على العقل البشري أن يعمل . ولكن فيه توجيها لهذا العقل أن يعمل في حدوده وفي مجاله الذي يدركه . فلا جدوى من الخبط في التيه , ومن إنفاق الطاقة فيما لا يملك العقل إدراكه لأنه لا يملك وسائل إدراكه . والروح غيب من غيب الله لا يدركه سواه , وسر من أسراره القدسية أودعه هذا المخلوق البشري وبعض الخلائق التي لا نعلم حقيقتها . وعلم الإنسان محدود بالقياس إلى علم الله المطلق , وأسرار هذا الوجود أوسع من أن يحيط بها العقل البشري المحدود . والإنسان لا يدبر هذا الكون فطاقاته ليست شاملة , إنما وهب منها بقدر محيطه وبقدر حاجته ليقوم بالخلافة في الأرض , ويحقق فيها ما شاء الله أن يحققه , في حدود علمه القليل .
ولقد أبدع الإنسان في هذه الأرض ما أبدع ; ولكنه وقف حسيرا أمام ذلك السر اللطيف - الروح - لا يدري ما هو , ولا كيف جاء , ولا كيف يذهب , ولا أين كان ولا أين يكون , إلا ما يخبر به العليم الخبير في التنزيل .
وما جاء في التنزيل هو العلم المستيقن , لأنه من العليم الخبير . ولو شاء الله لحرم البشرية منه , وذهب بما أوحى إلى رسوله ; ولكنها رحمة الله وفضله .
(ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك , ثم لا تجد لك به علينا وكيلا . إلا رحمة من ربك , إن فضله , كان عليك كبيرا). .
والله يمتن على رسوله [ ص ] بهذا الفضل . فضل إنزال الوحي , واستبقاء ما أوحى به إليه ; المنة على الناس أكبر , فهم بهذا القرآن في رحمة وهداية ونعمة , أجيالا بعد أجيال .
الدرس السادس:88 - 93 عجز الكفار عن معارضة القرآن ونماذج من طلباتهم الساذجة
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
وكما أن الروح من الأسرار التي اختص الله بها فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته , ولا يملك الإنس والجن - وهما يمثلان الخلق الظاهر والخفي - أن يأتوا بمثله , ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه المحاولة:
(قل:لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا). .
فهذا القرآن ليس ألفاظا وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها . إنما هو كسائر ما يبدعه الله يعجز
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89) وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92)
المخلوقون أن يصنعوه . هو كالروح من أمر الله لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل , وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره .
والقرآن بعد ذلك منهج حياة كامل . منهج ملحوظ فيه نواميس الفطرة التي تصرف النفس البشرية في كل أطوارها وأحوالها , والتي تصرف الجماعات الإنسانية في كل ظروفها وأطوارها . ومن ثم فهو يعالج النفس المفردة , ويعالج الجماعة المتشابكة , بالقوانين الملائمة للفطرة المتغلغلة في وشائجها ودروبها ومنحنياتها الكثيرة . يعالجها علاجا متكاملا متناسق الخطوات في كل جانب , في الوقت الواحد , فلا يغيب عن حسابه احتمال من الاحتمالات الكثيرة ولا ملابسة من الملابسات المتعارضة في حياة الفرد وحياة الجماعة . لأن مشرع هذه القوانين هو العليم بالفطرة في كل أحوالها وملابساتها المتشابكة .
أما النظم البشرية فهي متأثرة بقصور الإنسان وملابسات حياته . ومن ثم فهي تقصر عن الإحاطة بجميع الاحتمالات في الوقت الواحد ; وقد تعالج ظاهرة فردية أو اجتماعية بدواء يؤدي بدوره إلى بروز ظاهرة أخرى تحتاج إلى علاج جديد !
إن إعجاز القرآن أبعد مدى من إعجاز نظمه ومعانيه , وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله هو عجز كذلك عن إبداع منهج كمنهجه يحيط بما يحيط به .
(ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا . وقالوا:لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ; أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ; أو تسقط السماء - كما
(قل:لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا). .
فهذا القرآن ليس ألفاظا وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها . إنما هو كسائر ما يبدعه الله يعجز
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89) وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92)
المخلوقون أن يصنعوه . هو كالروح من أمر الله لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل , وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره .
والقرآن بعد ذلك منهج حياة كامل . منهج ملحوظ فيه نواميس الفطرة التي تصرف النفس البشرية في كل أطوارها وأحوالها , والتي تصرف الجماعات الإنسانية في كل ظروفها وأطوارها . ومن ثم فهو يعالج النفس المفردة , ويعالج الجماعة المتشابكة , بالقوانين الملائمة للفطرة المتغلغلة في وشائجها ودروبها ومنحنياتها الكثيرة . يعالجها علاجا متكاملا متناسق الخطوات في كل جانب , في الوقت الواحد , فلا يغيب عن حسابه احتمال من الاحتمالات الكثيرة ولا ملابسة من الملابسات المتعارضة في حياة الفرد وحياة الجماعة . لأن مشرع هذه القوانين هو العليم بالفطرة في كل أحوالها وملابساتها المتشابكة .
أما النظم البشرية فهي متأثرة بقصور الإنسان وملابسات حياته . ومن ثم فهي تقصر عن الإحاطة بجميع الاحتمالات في الوقت الواحد ; وقد تعالج ظاهرة فردية أو اجتماعية بدواء يؤدي بدوره إلى بروز ظاهرة أخرى تحتاج إلى علاج جديد !
إن إعجاز القرآن أبعد مدى من إعجاز نظمه ومعانيه , وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله هو عجز كذلك عن إبداع منهج كمنهجه يحيط بما يحيط به .
(ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا . وقالوا:لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ; أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ; أو تسقط السماء - كما
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
زعمت - علينا كسفا ; أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ; أو يكون لك بيت من زخرف ; أو ترقى في السماء . ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه . . .).
وهكذا قصر إدراكهم عن التطلع إلى آفاق الإعجاز القرآنية , فراحوا يطلبون تلك الخوارق المادية , ويتعنتون في اقتراحاتهم الدالة على الطفولة العقلية , أو يتبجحون في حق الذات الإلهية بلا أدب ولا تحرج . . لم ينفعهم تصريف القرآن للأمثال والتنويع فيها لعرض حقائقه في أساليب شتى تناسب شتى العقول والمشاعر , وشتى الأجيال والأطوار . (فأبى أكثر الناس إلا كفورا)وعلقوا إيمانهم بالرسول [ ص ] بأن يفجر لهم من الأرض ينبوعا ! أو بأن تكون له جنة من نخيل وعنب يفجر الأنهار خلالها تفجيرا ! أو أن يأخذهم بعذاب من السماء , فيسقطها عليهم قطعا كما أنذرهم أن يكون ذلك يوم القيامة ! أو أن يأتي بالله والملائكة قبيلا يناصره ويدفع عنه كما يفعلون هم في قبائلهم ! أو أن يكون له بيت من المعادن الثمينة . أو أن يرقى في السماء . ولا يكفي أن يعرج إليها وهم ينظرونه , بل لا بد أن يعود إليهم ومعه كتاب محبر يقرأونه !
وتبدو طفولة الإدراك والتصور , كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة . وهم يسوون بين البيت المزخرف والعروج إلى السماء ! أو بين تفجير الينبوع من الأرض ومجيء الله - سبحانه - والملائكة قبيلا ! والذي يجمع في تصورهم بين هذه المقترحات كلها هو أنها خوارق . فإذا جاءهم بها نظروا في الإيمان له والتصديق به !
وغفلوا عن الخارقة الباقية في القرآن , وهم يعجزون عن الإتيان بمثله في نظمه ومعناه ومنهجه , ولكنهم لا يلمسون هذا الإعجاز بحواسهم فيطلبون ما تدركه الحواس !
والخارقة ليست من صنع الرسول , ولا هي من شأنه , إنما هي من أمر الله سبحانه وفق تقديره وحكمته . وليس من شأن الرسول أن يطلبها إذا لم يعطه الله إياها . فأدب الرسالة وإدراك حكمة الله في تدبيره يمنعان
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً (94) قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً (95) قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96) وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً (97) ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)
الرسول أن يقترح على ربه ما لم يصرح له به . . (قل:سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا)يقف عند حدود بشريته , ويعمل وفق تكاليف رسالته , لا يقترح على الله ولا يتزيد فيما كلفه إياه .
الدرس السابع:94 - 99 نقض شبهات الكفار عن الرسل وعذابهم يوم القيامة
ولقد كانت الشبهة التي عرضت للأقوام من قبل أن يأتيهم محمد [ ص ] ومن بعد ما جاءهم , والتي صدتهم عن الإيمان بالرسل وما معهم من الهدي , أنهم استبعدوا أن يكون الرسول بشرا ; ولا يكون ملكا:
(وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا:أبعث الله بشرا رسولا ?)
وقد نشأ هذا الوهم من عدم إدراك الناس لقيمة بشريتهم وكرامتها على الله , فاستكثروا على بشر أن يكون رسولا من عند الله . كذلك نشأ هذا الوهم من عدم إدراكهم لطبيعة الكون وطبيعة الملائكة , وأنهم ليسوا مهيئين للاستقرار في الأرض وهم في صورتهم الملائكية حتى يميزهم الناس ويستيقنوا أنهم ملائكة .
(قل:لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا).
فلو قدر الله أن الملائكة تعيش في الأرض لصاغهم في صورة آدمية , لأنها الصورة التي تتفق مع نواميس الخلق وطبيعة الأرض , كما قال في آية أخرى: (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا)والله قادر على كل شيء , ولكنه خلق نواميس وبرأ مخلوقاته وفق هذه النواميس بقدرته واختياره , وقدر أن تمضي النواميس في طريقها لا تتبدل ولا تتحول , لتحقق حكمته في الخلق والتكوين - غير أن القوم لا يدركون !
وما دامت هذه سنة الله في خلقه , فهو يأمر الرسول [ ص ] أن ينهي معهم الجدل , وأن يكل أمره وأمرهم إلى الله يشهده عليهم , ويدع له التصرف في أمرهم , وهو الخبير البصير بالعباد جميعا:
(قل:كفى بالله شهيدا بيني وبينكم , إنه كان بعباده خبيرا بصيرا). .
وهو قول يحمل رائحة التهديد . أما عاقبته فيرسمها في مشهد من مشاهد القيامة مخيف:
ومن يهد الله فهو المهتد , ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه , ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما , مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا . ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا , وقالوا:أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ? أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم ? وجعل لهم أجلا لا ريب فيه , فأبى الظالمون إلا كفورا . .
ولقد جعل الله للهدى وللضلال سننا , وترك الناس لهذه السنن يسيرون وفقها , ويتعرضون لعواقبها . ومن هذه السنن أن الإنسان مهيأ للهدى وللضلال , وفق ما يحاوله لنفسه من السير في طريق الهدى أو طريق الضلال . فالذي يستحق هداية الله بمحاولته واتجاهه يهديه الله ; وهذا هو المهتدي حقا , لأنه اتبع هدى الله . والذين يستحقون الضلال بالإعراض عن دلائل الهدى وآياته لا يعصمهم أحد من عذاب الله: (فلن تجد لهم أولياء من دونه)ويحشرهم يوم القيامة في صورة مهينة مزعجة: على وجوههم يتكفأون (عميا وبكما
وهكذا قصر إدراكهم عن التطلع إلى آفاق الإعجاز القرآنية , فراحوا يطلبون تلك الخوارق المادية , ويتعنتون في اقتراحاتهم الدالة على الطفولة العقلية , أو يتبجحون في حق الذات الإلهية بلا أدب ولا تحرج . . لم ينفعهم تصريف القرآن للأمثال والتنويع فيها لعرض حقائقه في أساليب شتى تناسب شتى العقول والمشاعر , وشتى الأجيال والأطوار . (فأبى أكثر الناس إلا كفورا)وعلقوا إيمانهم بالرسول [ ص ] بأن يفجر لهم من الأرض ينبوعا ! أو بأن تكون له جنة من نخيل وعنب يفجر الأنهار خلالها تفجيرا ! أو أن يأخذهم بعذاب من السماء , فيسقطها عليهم قطعا كما أنذرهم أن يكون ذلك يوم القيامة ! أو أن يأتي بالله والملائكة قبيلا يناصره ويدفع عنه كما يفعلون هم في قبائلهم ! أو أن يكون له بيت من المعادن الثمينة . أو أن يرقى في السماء . ولا يكفي أن يعرج إليها وهم ينظرونه , بل لا بد أن يعود إليهم ومعه كتاب محبر يقرأونه !
وتبدو طفولة الإدراك والتصور , كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة . وهم يسوون بين البيت المزخرف والعروج إلى السماء ! أو بين تفجير الينبوع من الأرض ومجيء الله - سبحانه - والملائكة قبيلا ! والذي يجمع في تصورهم بين هذه المقترحات كلها هو أنها خوارق . فإذا جاءهم بها نظروا في الإيمان له والتصديق به !
وغفلوا عن الخارقة الباقية في القرآن , وهم يعجزون عن الإتيان بمثله في نظمه ومعناه ومنهجه , ولكنهم لا يلمسون هذا الإعجاز بحواسهم فيطلبون ما تدركه الحواس !
والخارقة ليست من صنع الرسول , ولا هي من شأنه , إنما هي من أمر الله سبحانه وفق تقديره وحكمته . وليس من شأن الرسول أن يطلبها إذا لم يعطه الله إياها . فأدب الرسالة وإدراك حكمة الله في تدبيره يمنعان
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً (94) قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً (95) قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96) وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً (97) ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)
الرسول أن يقترح على ربه ما لم يصرح له به . . (قل:سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا)يقف عند حدود بشريته , ويعمل وفق تكاليف رسالته , لا يقترح على الله ولا يتزيد فيما كلفه إياه .
الدرس السابع:94 - 99 نقض شبهات الكفار عن الرسل وعذابهم يوم القيامة
ولقد كانت الشبهة التي عرضت للأقوام من قبل أن يأتيهم محمد [ ص ] ومن بعد ما جاءهم , والتي صدتهم عن الإيمان بالرسل وما معهم من الهدي , أنهم استبعدوا أن يكون الرسول بشرا ; ولا يكون ملكا:
(وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا:أبعث الله بشرا رسولا ?)
وقد نشأ هذا الوهم من عدم إدراك الناس لقيمة بشريتهم وكرامتها على الله , فاستكثروا على بشر أن يكون رسولا من عند الله . كذلك نشأ هذا الوهم من عدم إدراكهم لطبيعة الكون وطبيعة الملائكة , وأنهم ليسوا مهيئين للاستقرار في الأرض وهم في صورتهم الملائكية حتى يميزهم الناس ويستيقنوا أنهم ملائكة .
(قل:لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا).
فلو قدر الله أن الملائكة تعيش في الأرض لصاغهم في صورة آدمية , لأنها الصورة التي تتفق مع نواميس الخلق وطبيعة الأرض , كما قال في آية أخرى: (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا)والله قادر على كل شيء , ولكنه خلق نواميس وبرأ مخلوقاته وفق هذه النواميس بقدرته واختياره , وقدر أن تمضي النواميس في طريقها لا تتبدل ولا تتحول , لتحقق حكمته في الخلق والتكوين - غير أن القوم لا يدركون !
وما دامت هذه سنة الله في خلقه , فهو يأمر الرسول [ ص ] أن ينهي معهم الجدل , وأن يكل أمره وأمرهم إلى الله يشهده عليهم , ويدع له التصرف في أمرهم , وهو الخبير البصير بالعباد جميعا:
(قل:كفى بالله شهيدا بيني وبينكم , إنه كان بعباده خبيرا بصيرا). .
وهو قول يحمل رائحة التهديد . أما عاقبته فيرسمها في مشهد من مشاهد القيامة مخيف:
ومن يهد الله فهو المهتد , ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه , ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما , مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا . ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا , وقالوا:أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ? أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم ? وجعل لهم أجلا لا ريب فيه , فأبى الظالمون إلا كفورا . .
ولقد جعل الله للهدى وللضلال سننا , وترك الناس لهذه السنن يسيرون وفقها , ويتعرضون لعواقبها . ومن هذه السنن أن الإنسان مهيأ للهدى وللضلال , وفق ما يحاوله لنفسه من السير في طريق الهدى أو طريق الضلال . فالذي يستحق هداية الله بمحاولته واتجاهه يهديه الله ; وهذا هو المهتدي حقا , لأنه اتبع هدى الله . والذين يستحقون الضلال بالإعراض عن دلائل الهدى وآياته لا يعصمهم أحد من عذاب الله: (فلن تجد لهم أولياء من دونه)ويحشرهم يوم القيامة في صورة مهينة مزعجة: على وجوههم يتكفأون (عميا وبكما
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
وصما)مطموسين محرومين من جوارحهم التي تهديهم في هذا الزحام . جزاء ما عطلوا هذه الجوارح في الدنيا عن إدراك دلائل الهدى . و (مأواهم جهنم)في النهاية , لا تبرد ولا تفتر (كلما خبت زدناهم سعيرا).
وهي نهاية مفزعة وجزاء مخيف . ولكنهم يستحقونه بكفرهم بآيات الله: (ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا)واستنكروا البعث واستبعدوا وقوعهوقالوا:أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ?)
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً (99) قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً (100) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً (102)
والسياق يعرض هذا المشهد كأنه هو الحاضر الآن , وكأنما الدنيا التي كانوا فيها قد انطوت صفحتها وصارت ماضيا بعيدا . . وذلك على طريقة القرآن في تجسيم المشاهد وعرضها واقعة حية , تفعل فعلها في القلوب والمشاعر قبل فوات الأوان .
ثم يعود ليجادلهم بالمنطق الواقعي الذي يرونه فيغفلونه .
أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم ? فأية غرابة في البعث ; والله خالق هذا الكون الهائل قادر على أن يخلق مثلهم , فهو قادر إذا على أن يعيدهم أحياء . (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه)أنظرهم إليه , وأجلهم إلى موعده (فأبى الظالمون إلا كفورا)فكان جزاؤهم عادلا بعد منطق الدلالات ومنطق المشاهدات , ووضوح الآيات .
الدرس الثامن:100 كرم الله في مقابل بخل الإنسان
على أن أولئك الذين يقترحون على الرسول [ ص ] تلك المقترحات المتعنتة , من بيوت الزخرف , وجنات النخيل والأعناب , والينابيع المتفجرة . . بخلاء أشحاء حتى لو أن رحمة الله قد وكلت إليهم خزائنها لأمسكوا وبخلوا خوفا من نفادها , ورحمة الله لا تنفد ولا تغيض:
(قل:لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا).
وهي نهاية مفزعة وجزاء مخيف . ولكنهم يستحقونه بكفرهم بآيات الله: (ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا)واستنكروا البعث واستبعدوا وقوعهوقالوا:أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ?)
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً (99) قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً (100) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً (102)
والسياق يعرض هذا المشهد كأنه هو الحاضر الآن , وكأنما الدنيا التي كانوا فيها قد انطوت صفحتها وصارت ماضيا بعيدا . . وذلك على طريقة القرآن في تجسيم المشاهد وعرضها واقعة حية , تفعل فعلها في القلوب والمشاعر قبل فوات الأوان .
ثم يعود ليجادلهم بالمنطق الواقعي الذي يرونه فيغفلونه .
أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم ? فأية غرابة في البعث ; والله خالق هذا الكون الهائل قادر على أن يخلق مثلهم , فهو قادر إذا على أن يعيدهم أحياء . (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه)أنظرهم إليه , وأجلهم إلى موعده (فأبى الظالمون إلا كفورا)فكان جزاؤهم عادلا بعد منطق الدلالات ومنطق المشاهدات , ووضوح الآيات .
الدرس الثامن:100 كرم الله في مقابل بخل الإنسان
على أن أولئك الذين يقترحون على الرسول [ ص ] تلك المقترحات المتعنتة , من بيوت الزخرف , وجنات النخيل والأعناب , والينابيع المتفجرة . . بخلاء أشحاء حتى لو أن رحمة الله قد وكلت إليهم خزائنها لأمسكوا وبخلوا خوفا من نفادها , ورحمة الله لا تنفد ولا تغيض:
(قل:لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا).
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
وهي صورة بالغة للشح , فإن رحمة الله وسعت كل شيء , ولا يخشى نفادها ولا نقصها . ولكن نفوسهم لشحيحة تمنع هذه الرحمة وتبخل بها لو أنهم كانوا هم خزنتها !
الدرس التاسع:101 - 104 مما جرى بين فرعون وموسى والإفساد الثاني لبني إسرائيل
وعلى أية حال فإن كثرة الخوارق لا تنشى ء الإيمان في القلوب الجاحدة . وها هو ذا موسى قد أوتي تسع آيات بينات ثم كذب بها فرعون وملؤه , فحل بهم الهلاك جميعا .
(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات , فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم , فقال له فرعون:إني لأظنك يا موسى مسحورا . قال:لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر , وإني لأظنك يا فرعون مثبورا . فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا . وقلنا من بعده لبني إسرائيل:اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا). .
وهذا المثل من قصة موسى وبني إسرائيل يذكر لتناسقه مع سياق السورة وذكر المسجد الأقصى في أولها وطرف من قصة بني إسرائيل وموسى . وكذلك يعقب عليه بذكر الآخرة والمجيء بفرعون وقومه لمناسبة مشهد القيامة القريب في سياق السورة ومصير المكذبين بالبعث الذي صوره هذا المشهد .
والآيات التسع المشار إليها هنا هي اليد البيضاء والعصا وما أخذ الله به فرعون وقومه من السنين ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم . . (فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم)فهم شهداء على ما كان بين موسى وفرعون:
(فقال له فرعون:إني لأظنك يا موسى مسحورا). . فكلمة الحق وتوحيد الله والدعوة إلى ترك الظلم والطغيان والإيذاء لا تصدر في عرف الطاغية إلا من مسحور لا يدري ما يقول ! فما يستطيع الطغاة من أمثال فرعون أن يتصوروا هذه المعاني ; ولا أن يرفع أحد رأسه ليتحدث عنها وهو يملك قواه العقلية !
فأما موسى فهو قوي بالحق الذي أرسل به مشرقا منيرا ; مطمئن إلى نصرة الله له وأخذه للطغاة:
فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (104) وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106)
الدرس التاسع:101 - 104 مما جرى بين فرعون وموسى والإفساد الثاني لبني إسرائيل
وعلى أية حال فإن كثرة الخوارق لا تنشى ء الإيمان في القلوب الجاحدة . وها هو ذا موسى قد أوتي تسع آيات بينات ثم كذب بها فرعون وملؤه , فحل بهم الهلاك جميعا .
(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات , فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم , فقال له فرعون:إني لأظنك يا موسى مسحورا . قال:لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر , وإني لأظنك يا فرعون مثبورا . فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا . وقلنا من بعده لبني إسرائيل:اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا). .
وهذا المثل من قصة موسى وبني إسرائيل يذكر لتناسقه مع سياق السورة وذكر المسجد الأقصى في أولها وطرف من قصة بني إسرائيل وموسى . وكذلك يعقب عليه بذكر الآخرة والمجيء بفرعون وقومه لمناسبة مشهد القيامة القريب في سياق السورة ومصير المكذبين بالبعث الذي صوره هذا المشهد .
والآيات التسع المشار إليها هنا هي اليد البيضاء والعصا وما أخذ الله به فرعون وقومه من السنين ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم . . (فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم)فهم شهداء على ما كان بين موسى وفرعون:
(فقال له فرعون:إني لأظنك يا موسى مسحورا). . فكلمة الحق وتوحيد الله والدعوة إلى ترك الظلم والطغيان والإيذاء لا تصدر في عرف الطاغية إلا من مسحور لا يدري ما يقول ! فما يستطيع الطغاة من أمثال فرعون أن يتصوروا هذه المعاني ; ولا أن يرفع أحد رأسه ليتحدث عنها وهو يملك قواه العقلية !
فأما موسى فهو قوي بالحق الذي أرسل به مشرقا منيرا ; مطمئن إلى نصرة الله له وأخذه للطغاة:
فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (104) وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106)
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
قال:لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض . بصائر . وإني لأظنك يا فرعون مثبورا)هالكا مدمرا , جزاء تكذيبك بآيات الله وأنت تعلم أن لا أحد غيره يملك هذه الخوارق . وإنها لواضحة مكشوفة منيرة للبصائر , حتى لكأنها البصائر تكشف الحقائق وتجلوها .
وعندئذ يلجأ الطاغية إلى قوته المادية , ويعزم أن يزيلهم من الأرض ويبيدهم , (فأراد أن يستفزهم من الأرض)فكذلك يفكر الطغاة في الرد على كلمة الحق .
وعندئذ تحق على الطاغية كلمة الله , وتجري سنته بإهلاك الظالمين وتوريث المستضعفين الصابرين: (فأغرقناه ومن معه جميعا . وقلنا من بعده لبني إسرائيل:اسكنوا الأرض . فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا). .
وهكذا كانت عاقبة التكذيب بالآيات . وهكذا أورث الله الأرض للذين كانوا يستضعفون , موكولين فيها إلى أعمالهم وسلوكهم - وقد عرفنا كيف كان مصيرهم في أول السورة - أما هنا فهو يكلهم هم وأعداءهم إلى جزاء الآخرة , (فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا).
الدرس العاشر:105 - 109 القرآن كلام الله وتفاعل الصالحين به
ذلك مثل من الخوارق , وكيف استقبلها المكذبون , وكيف جرت سنة الله مع المكذبين . فأما هذا القرآن فقد جاء بالحق ليكون آية دائمة , ونزل مفرقا ليقرأ على مهل في الزمن الطويل:
(وبالحق أنزلناه وبالحق نزل , وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا , وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا). .
لقد جاء هذا القرآن ليربي أمة , ويقيم لها نظاما , فتحمله هذه الأمة إلى مشارق الأرض ومغاربها , وتعلم به البشرية هذا النظام وفق المنهج الكامل المتكامل . ومن ثم فقد جاء هذا القرآن مفرقا وفق الحاجات الواقعية لتلك الأمة , ووفق الملابسات التي صاحبت فترة التربية الأولى . والتربية تتم في الزمن الطويل , وبالتجربة العملية في الزمن الطويل . جاء ليكون منهجا عمليا يتحقق جزءا جزءا في مرحلة الإعداد , لا فقها نظريا ولا فكرة تجريدية تعرض للقراءة والاستمتاع الذهني !
وتلك حكمة نزوله متفرقا , لا كتابا كاملا منذ اللحظة الأولى .
ولقد تلقاه الجيل الأول من المسلمين على هذا المعنى . تلقوه توجيها يطبق في واقع الحياة كلما جاءهم منه أمر أو نهى , وكلما تلقوا منه أدبا أو فريضة . ولم يأخذوه متعة عقلية أو نفسية كما كانوا يأخذون الشعر والأدب ; ولا تسلية وتلهية كما كانوا يأخذون القصص والأساطير فتكيفوا به في حياتهم اليومية . تكيفوا به في مشاعرهم وضمائرهم , وفي سلوكهم ونشاطهم . وفي بيوتهم ومعاشهم . فكان منهج حياتهم الذي طرحوا كل ما عداه مما ورثوه , ومما عرفوه , ومما مارسوه قبل أن يأتيهم هذا القرآن .
وعندئذ يلجأ الطاغية إلى قوته المادية , ويعزم أن يزيلهم من الأرض ويبيدهم , (فأراد أن يستفزهم من الأرض)فكذلك يفكر الطغاة في الرد على كلمة الحق .
وعندئذ تحق على الطاغية كلمة الله , وتجري سنته بإهلاك الظالمين وتوريث المستضعفين الصابرين: (فأغرقناه ومن معه جميعا . وقلنا من بعده لبني إسرائيل:اسكنوا الأرض . فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا). .
وهكذا كانت عاقبة التكذيب بالآيات . وهكذا أورث الله الأرض للذين كانوا يستضعفون , موكولين فيها إلى أعمالهم وسلوكهم - وقد عرفنا كيف كان مصيرهم في أول السورة - أما هنا فهو يكلهم هم وأعداءهم إلى جزاء الآخرة , (فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا).
الدرس العاشر:105 - 109 القرآن كلام الله وتفاعل الصالحين به
ذلك مثل من الخوارق , وكيف استقبلها المكذبون , وكيف جرت سنة الله مع المكذبين . فأما هذا القرآن فقد جاء بالحق ليكون آية دائمة , ونزل مفرقا ليقرأ على مهل في الزمن الطويل:
(وبالحق أنزلناه وبالحق نزل , وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا , وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا). .
لقد جاء هذا القرآن ليربي أمة , ويقيم لها نظاما , فتحمله هذه الأمة إلى مشارق الأرض ومغاربها , وتعلم به البشرية هذا النظام وفق المنهج الكامل المتكامل . ومن ثم فقد جاء هذا القرآن مفرقا وفق الحاجات الواقعية لتلك الأمة , ووفق الملابسات التي صاحبت فترة التربية الأولى . والتربية تتم في الزمن الطويل , وبالتجربة العملية في الزمن الطويل . جاء ليكون منهجا عمليا يتحقق جزءا جزءا في مرحلة الإعداد , لا فقها نظريا ولا فكرة تجريدية تعرض للقراءة والاستمتاع الذهني !
وتلك حكمة نزوله متفرقا , لا كتابا كاملا منذ اللحظة الأولى .
ولقد تلقاه الجيل الأول من المسلمين على هذا المعنى . تلقوه توجيها يطبق في واقع الحياة كلما جاءهم منه أمر أو نهى , وكلما تلقوا منه أدبا أو فريضة . ولم يأخذوه متعة عقلية أو نفسية كما كانوا يأخذون الشعر والأدب ; ولا تسلية وتلهية كما كانوا يأخذون القصص والأساطير فتكيفوا به في حياتهم اليومية . تكيفوا به في مشاعرهم وضمائرهم , وفي سلوكهم ونشاطهم . وفي بيوتهم ومعاشهم . فكان منهج حياتهم الذي طرحوا كل ما عداه مما ورثوه , ومما عرفوه , ومما مارسوه قبل أن يأتيهم هذا القرآن .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
قال ابن مسعود - رضي الله عنه - كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن .
ولقد أنزل الله هذا القرآن قائما على الحق: (وبالحق أنزلناه)فنزل ليقر الحق في الأرض ويثبته: (وبالحق نزل). . فالحق مادته والحق غايته . ومن الحق قوامه , وبالحق اهتمامه . . الحق الأصيل الثابت في ناموس الوجود , والذي خلق الله السماوات والأرض قائمين به , متلبسا بهما , والقرآن مرتبط بناموس الوجود كله , يشير إليه ويدل عليه وهو طرف منه . فالحق سداه ولحمته , والحق مادته وغايته . والرسول مبشر ومنذر بهذا الحق الذي جاء به .
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109) قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)
وهنا يأمر الرسول [ ص ] أن يجبه القوم بهذا الحق , ويدع لهم أن يختاروا طريقهم . إن شاءوا آمنوا بالقرآن وإن شاءوا لم يؤمنوا . وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم . ويضع أمام أنظارهم نموذجا من تلقي الذين أوتوا العلم من قبله من اليهود والنصارى المؤمنين لهذا القرآن , لعل لهم فيه قدوة وأسوة وهم الأميون الذين لم يؤتوا علما ولا كتابا:
(قل:آمنوا به أو لا تؤمنوا . إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا , ويقولون:سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ; ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا). .
وهو مشهد موح يلمس الوجدان . مشهد الذين أوتوا العلم من قبله , وهم يسمعون القرآن , فيخشعون , و (يخرون للأذقان سجدا)إنهم لا يتمالكون أنفسهم , فهم لا يسجدون ولكن (يخرون للأذقان سجدا)ثم تنطق ألسنتهم بما خالج مشاعرهم من إحساس بعظمة الله وصدق وعده: (سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا). ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم منه , فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر الغامر الذي لا تصوره الألفاظ: (ويخرون للأذقان يبكون). . (ويزيدهم خشوعا)فوق ما استقبلوه به من خشوع .
إنه مشهد مصور لحالة شعورية غامرة , يرسم تأثير هذا القرآن في القلوب المتفتحة لاستقبال فيضه ; العارفة بطبيعته وقيمته بسبب ما أوتيت من العلم قبله . والعلم المقصود هو ما أنزله الله من الكتاب قبل القرآن , فالعلم الحق هو ما جاء من عند الله .
الدرس الحدي عشر:110 - 111 توجيه للعبادة والدعاء والذكر
هذا المشهد الموحي للذين أتوا العلم من قبل يعرضه السياق بعد تخيير القوم في أن يؤمنوا بهذا القرآن أولا يؤمنوا , ثم يعقب عليه بتركهم يدعون اللّه بما بما شاءوا من الأسماء - وقد كانوا بسبب أوهامهم الجاهلية ينكرون تسمية اللّه بالرحمن , ويستبعدون هذا الاسم من أسماء اللّه - فكلها اسماؤه فما شاءوا منها فليدعوه بها:
قل:ادعو اللّه أو ادعوا الرحمن . أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى .
وإن هي إلا سخافات الجاهلية وأوهام الوثنية التي لا تثبت للمناقشة والتعليل .
كذلك يؤمر الرسول [ ص ] أن يتوسط في صلاته بين الجهر والخفوت لما كانوا يقابلون به صلاته من استهزاء وايذاء , أو من نفور وابتعاد ولعل الأمر كذلك لأن التوسط بين الجهر والخفاء أليق بالوقوف في حضرة الله:
(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا). .
وتختم السورة كما بدأت بحمد الله وتقرير وحدانيته بلا ولد ولا شريك , وتنزيهه عن الحاجة إلى الولي والنصير . وهو العلي الكبير . فيلخص هذا الختام محور السورة الذي دارت عليه , والذي بدأت ثم ختمت به:
(وقل:الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا , ولم يكن له شريك في الملك . ولم يكن له ولي من الذل . وكبره تكبيرا). .
الكهف
الوحدة الأولى:1 - 27 الموضوع:قصة أصحاب الكهف وحقائقها الإعتقادية
ولقد أنزل الله هذا القرآن قائما على الحق: (وبالحق أنزلناه)فنزل ليقر الحق في الأرض ويثبته: (وبالحق نزل). . فالحق مادته والحق غايته . ومن الحق قوامه , وبالحق اهتمامه . . الحق الأصيل الثابت في ناموس الوجود , والذي خلق الله السماوات والأرض قائمين به , متلبسا بهما , والقرآن مرتبط بناموس الوجود كله , يشير إليه ويدل عليه وهو طرف منه . فالحق سداه ولحمته , والحق مادته وغايته . والرسول مبشر ومنذر بهذا الحق الذي جاء به .
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109) قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)
وهنا يأمر الرسول [ ص ] أن يجبه القوم بهذا الحق , ويدع لهم أن يختاروا طريقهم . إن شاءوا آمنوا بالقرآن وإن شاءوا لم يؤمنوا . وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم . ويضع أمام أنظارهم نموذجا من تلقي الذين أوتوا العلم من قبله من اليهود والنصارى المؤمنين لهذا القرآن , لعل لهم فيه قدوة وأسوة وهم الأميون الذين لم يؤتوا علما ولا كتابا:
(قل:آمنوا به أو لا تؤمنوا . إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا , ويقولون:سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ; ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا). .
وهو مشهد موح يلمس الوجدان . مشهد الذين أوتوا العلم من قبله , وهم يسمعون القرآن , فيخشعون , و (يخرون للأذقان سجدا)إنهم لا يتمالكون أنفسهم , فهم لا يسجدون ولكن (يخرون للأذقان سجدا)ثم تنطق ألسنتهم بما خالج مشاعرهم من إحساس بعظمة الله وصدق وعده: (سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا). ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم منه , فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر الغامر الذي لا تصوره الألفاظ: (ويخرون للأذقان يبكون). . (ويزيدهم خشوعا)فوق ما استقبلوه به من خشوع .
إنه مشهد مصور لحالة شعورية غامرة , يرسم تأثير هذا القرآن في القلوب المتفتحة لاستقبال فيضه ; العارفة بطبيعته وقيمته بسبب ما أوتيت من العلم قبله . والعلم المقصود هو ما أنزله الله من الكتاب قبل القرآن , فالعلم الحق هو ما جاء من عند الله .
الدرس الحدي عشر:110 - 111 توجيه للعبادة والدعاء والذكر
هذا المشهد الموحي للذين أتوا العلم من قبل يعرضه السياق بعد تخيير القوم في أن يؤمنوا بهذا القرآن أولا يؤمنوا , ثم يعقب عليه بتركهم يدعون اللّه بما بما شاءوا من الأسماء - وقد كانوا بسبب أوهامهم الجاهلية ينكرون تسمية اللّه بالرحمن , ويستبعدون هذا الاسم من أسماء اللّه - فكلها اسماؤه فما شاءوا منها فليدعوه بها:
قل:ادعو اللّه أو ادعوا الرحمن . أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى .
وإن هي إلا سخافات الجاهلية وأوهام الوثنية التي لا تثبت للمناقشة والتعليل .
كذلك يؤمر الرسول [ ص ] أن يتوسط في صلاته بين الجهر والخفوت لما كانوا يقابلون به صلاته من استهزاء وايذاء , أو من نفور وابتعاد ولعل الأمر كذلك لأن التوسط بين الجهر والخفاء أليق بالوقوف في حضرة الله:
(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا). .
وتختم السورة كما بدأت بحمد الله وتقرير وحدانيته بلا ولد ولا شريك , وتنزيهه عن الحاجة إلى الولي والنصير . وهو العلي الكبير . فيلخص هذا الختام محور السورة الذي دارت عليه , والذي بدأت ثم ختمت به:
(وقل:الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا , ولم يكن له شريك في الملك . ولم يكن له ولي من الذل . وكبره تكبيرا). .
الكهف
الوحدة الأولى:1 - 27 الموضوع:قصة أصحاب الكهف وحقائقها الإعتقادية
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
أكثر الله من أمثالك وجزاكم الله خيراً .
الموسيقار- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 14
عدد المساهمات : 9753
المهارة : 50694
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
الكفاءة : 100
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» فى ظلال القرأن الجزء الأول سورة إبراهيم
» فى ظلال القرأن - صورة الأاحقاف - للسيد قطب
» فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
» في ظلال سورة التوبة
» تابع مفاتيح تدبر القرأن
» فى ظلال القرأن - صورة الأاحقاف - للسيد قطب
» فى ظلال القرأن - للسيد صادق - صورة الأحزاب
» في ظلال سورة التوبة
» تابع مفاتيح تدبر القرأن
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى