alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

4 مشترك

صفحة 5 من اصل 19 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6 ... 12 ... 19  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:16 pm



صفحة رقم : 1151




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> كنفوشيوس -> أثر كنفوشيوس في الأمة الصينية


الوجهة السياسية، كما احتفظ رهبان العصور الوسطى بجذوة الثقافة القديمة وبقليل من النظام الاجتماعي في العصور المظلمة التي تلت سقوط رومة.
وكانت في البلاد طائفة أخرى هي طائفة "القانونيين" استطاعت أن تناهض وقتاً ما آراء كنفوشيوس في عالم السياسة، وأن تسير الدولة حسب مبادئها هي في بعض الأحيان.
ومن أقوالهم في الرد على كنفوشيوس أن نظام الحكم على المثل الذي يضربه الحاكمون، وعلى الصلاح الذي تنطوي عليه قلوب المحكومين، يعرّض الدولة لأشد الأخطار، إذ ليس في التاريخ أمثلة كثيرة تشهد بنجاح الحكومات التي تسترشد في أعمالها بهذه المبادئ المثالية. وهم يقولون أن الحكم يجب أن يستند إلى القوانين لا إلى الحكام، وإن الناس يجب أن يرغموا على إطاعة القوانين حتى تصبح إطاعتها طبيعة ثانية للمجتمع فيطيعوها راضين مختارين. ولم يبلغ الناس من الذكاء مبلغاً يمكنهم من أن يحسنوا حكم أنفسهم، ولهذا فإنهم لا يصيبون الرخاء إلا تحت حكم جماعة من الأشراف؛ وحتى التجار أنفسهم، وإن أثروا، لا يدل ثراؤهم على أنهم متفوقون في ذكائهم، فهم يسعون وراء مصالحهم الخاصة، وكثيرا ما يتعارض سعيهم هذا مع مصالح الدولة.
ويقول بعض القانونيين إنه قد يكون من الخير للدولة أن تجعل رؤوس الأموال ملكاً عاماً للمجتمع، وأن تحتكر هي التجارة، وأن تمنع التلاعب بالأثمان وتركيز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد(144).
هذه آراء ظهرت ثم اختفت ثم عادت إلى الظهور مرة بعد مرة في تاريخ الحكومة الصينية.
ولكن فلسفة كنفوشيوس كتب لها النصر آخر الأمر. وسنرى فيما بعد كيف سعى شي هوانج- دي، صاحب الحول والطول، يعاونه رئيس وزراء من

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:16 pm


صفحة رقم : 1152




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> كنفوشيوس -> أثر كنفوشيوس في الأمة الصينية


طائفة القانونيين، للقضاء على نفوذ كنفوشيوس، فأمر أن يحرق كل ما كان موجوداً وقتئذ من الكتابات الكنفوشية. ولكن تبين مرة أخرى أن قوة اللسان أعظم من قوة السنان.
ولم يكن لعداء "الإمبراطور الأول" من نتيجة إلاّ أن يجعل الكتب التي أراد أن يعدمها كتباً مقدسة قيمة، وأن يستشهد الناس في سبيل المحافظة عليها.حتى إذا انقضى عهد شي هوانج- دي، وعهد أسرته القصير الأجل، وجلس على العرش إمبراطور أحكم منه، أخرج الآداب الكنفوشية من مخابئها وعيّن العلماء الكنفوشيين في مناصب الدولة، وثبّت حكم أسرة هان، وقوى دعائمه، بأن أدخل آراء كنفوشيوس وأساليبه الحكيمة في برامج تعليم الشبان الصينيين وفي الحكومة. وقربت القرابين تكريماً لكنفوشيوس، وأمر الإمبراطور بأن تنقش نصوص الكتب القديمة على الحجارة، وأصبحت الكنفوشية دين الدولة الرسمي. وناهض الكنفوشية في بعض الأحيان نفوذ الدَّوية، كما طغى عليها أحياناً أخرى سلطان البوذية، حتى إذا كان عهد أسرة تانج أعادتها إلى مكانتها السابقة، وأعلت من شأنها.
ولما جلس على العرش تاي دزونج الأعظم أمر أن يشاد هيكل لكنفوشيوس في كل مدينة وقرية في جميع أنحاء الإمبراطورية، وأن يقرب له فيها القرابين العلماء والموظفون. وفي عهد أسرة زونج نشأت مدرسة قوية للكنفوشية الجديدة أضافت شروحاً وتعليقات لا حصر لها على الكتب الكنفوشية القديمة، وعملت على نشر فلسفة أستاذها الأكبر وما أضافته إليها من شروح مختلفة في بلاد الشرق الأقصى، وبعثت في اليابان نهضة فلسفية قوية. وظلت مبادئ كنفوشيوس من مبدأ قيام أسرة هان إلى سقوط أسرة منشو- أي ما يقرب من ألفي عام- تسيطر على العقلية الصينية وتصوغها في قالبها.


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:17 pm

صفحة رقم : 1153




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> كنفوشيوس -> أثر كنفوشيوس في الأمة الصينية


والفلسفة الكنفوشية أهم ما يواجه المؤرخ لبلاد الصين؛ ذلك أن كفايات معلمها الأكبر ظلت جيلاً بعد جيل النصوص المقررة في مدارس الدولة الصينية، يكاد كل صبي يتخرج في تلك المدارس أن يحفظها عن ظهر قلب، وتغلغلت النزعة المتحفظة القوية التي يمتاز بها الحكيم القديم في قلوب الصينيين، وسرت في دمائهم، وأكسبت أفراد الأمة الصينية كرامة وعمقاً في التفكير لا نظير لهما في غير تاريخهم أو في غير بلادهم، واستطاعت الصين بفضل هذه الفلسفة أن تحيا حياة اجتماعية متناسقة متآلفة، وأن تبعث في نفوس أبنائها إعجاباً شديداً بالعلم والحكمة، وأن تنشر في بلادها ثقافة مستقرة هادئة أكسبت الحضارة الصينية قوة أمكنتها من أن تنهض من كبوتها وتسترد قواها بعد الغزوات المتكررة التي اجتاحت بلادها، وأن تشكل هي الغزاة على صورتها وتطبعهم بطابعها. ولسنا نجد في غير المسيحية والبوذية ما نجده في الكنفوشية من جهود جبارة لتحويل ما جبلت عليه الطبيعة البشرية من غلظة ووحشية إلى تأدب ورقّة.
ولسنا نجد في هذه الأيام- كما لم يجد الأقدمون في الأيام الخالية- دواء يوصف للذين يقاسون الأمرّين من جراء الاضطراب الناشئ من التربية التي تُعنى بالعقل وتهمل كل ما عداه، ومن انحطاط مستوى القانون الأخلاقي وتدهوره، ومن ضعف الأخلاق الفردية والقومية، لسنا نجد دواء لهذا كله خيراً من تلقين الشباب مبادئ الفلسفة الكنفوشية .
لكن تلك الفلسفة لا تستطيع وحدها أن تكون غذاء كاملاً للروح. لقد كانت فلسفة تصلح لأمة تكافح للخروج من غمرات الفوضى والضعف إلى النظام والقوة، ولكنها غل ثقيل يقيد البلد الذي ترغمه المنافسات الدولية على أن ينمو ويتطور.


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:17 pm

صفحة رقم : 1154




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> كنفوشيوس -> أثر كنفوشيوس في الأمة الصينية


ذلك أن قواعد الأدب واللياقة التي شكلت أخلاق الصينيين ونظامهم الاجتماعي أضحت قوة جارفة تسير كل حركة حيوية في طريق مرسوم لا تتحول عنه، وكانت الفلسفة الكنفوشية تصطبغ بصبغة جامدة متزمتة، وتقف في سبيل الدوافع الطبيعية القوية المحركة للجنس البشري، وسمت فضائلها حتى بلغت حد العقم؛ ولم يكن فيها قط مجال للهو والمجازفة كما لم يكن فيها إلا القليل من الصداقة والحب، وقد أعانت على تحقير النساء وإذلالهن(145)، كما أعان ما فيها من كمال بارد على تجميد الأمة الصينية وجعلها أمة متحفظة لا يضارع عداءها للرقي إلا حبها للسلام.
وليس من حقنا أن نعزو هذا كله إلى كنفوشيوس، وأن نوجه إليه اللوم من أجله، إذ ليس في مقدور إنسان أياً كان شأنه أن يسيطر على تفكير عشرين قرناً من الزمان. بل كل ما يحق لنا أن نطلبه إلى المفكر أن يضيء لنا بطريقة ما، وبفضل تفكيره طوال حياته، سبيل الفهم الصحيح. وقَلَّ أن تجد في العالم من اضطلع بهذا الواجب كما اضطلع به كنفوشيوس. وإذا ما قرأنا تعاليمه، وتبينا ما يجب أن نمحوه من فلسفته بسبب تقدم المعارف في العالم وتبدل أحواله، وعرفنا قيمة ما يسديه إلينا من هداية في عالمنا الحاضر نفسه، إذا فعلنا هذا نسينا من فورنا ما يشوب فلسفته من تفاهة تارة ومن كمال لا تطيقه الطبيعة البشرية تارة أخرى، واشتركنا مع كونج جي حفيده الصالح التقي في هذا التسبيح الأعلى الذي كان بداية تأليه كنفوشيوس.
لقد نقل جونج- في عقائد يُو وشوِن كأنهما كانا من آبائه، ونشر نظم وُن و وُو واتخذهما مثلين يحتذيهما وينسج على منوالهما. وكان في صفاته الروحية قديساً أو ملاكاً يتناغم مع السماء، ولكنه لم ينس قط أنه مخلوق من طين وماء. وهو يشبه السماء والأرض في أنه كان عماداً لكل شيء وعائلاً لكل شيء، يحجب نوره كل شيء، وتغطي ظلاله كل شيء. وهو أشبه بالفصول الأربعة في تتابعها وانتظام سيرها، وأشبه بالشمس والقمر في تتابع ضيائهما..


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:30 pm

صفحة رقم : 1155




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> كنفوشيوس -> أثر كنفوشيوس في الأمة الصينية


فهو في شموله واتساع آفاقه كالسماء، وفي عمق تفكيره ونشاطه كالهوة السحيقة والعين الجائشة الفوارة. إذا رآه الناس وقروه وعظموه، وإذا تكلم صدقوه، وإذا فعل أعجبوا بفعله وأحبوه.
ولهذا ذاع صيته في "المملكة الوسطى" وانتشر بين القبائل الهمجية، فحيثما وصلت السفائن والمركبات، وحيثما نفذت قوة الإنسان، وفي كل مكان امتد على سطح الأرض وأظلته السماء وأضاءته الشمس وأناره القمر، وفي كل بقعة مسها الصقيع وطلها الندى- يجله ويحبه كل من سرى فيه دم الحياة وترددت في صدره أنفاسها، حباً صادقاً لا تكلف فيه ولا رياء، ولهذا قيل عنه إنه: "هو والسماء صنوان"(146).

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:31 pm

صفحة رقم : 1156




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> مقدمة



الفصل الثالث




اشتراكيون وفوضويون


لقد كانت المائتا عام التي أعقبت عصر كنفوشيوس أعوام جدل شديد وردَّة عنيفة، ذلك أنه لما كشف العلماء عن لذة الفلسفة وبهجتها قام رجال من أمثال هْوِ ادزه، وجونج سون لويانج يتلاعبون بالمنطق ويخترعون القضايا المنطقية المتناقضة التي لا تقل في تباينها ودقتها عن قضايا زينون(147). واحتشد الفلاسفة من جميع أنحاء البلاد في مدينة لويانج، كما كانوا يحتشدون في نفس هذا القرن في مدينتي بنارس وأثينة، وكانوا يستمتعون في عاصمة الصين بحرية القول والتفكير التي جعلت أثينة وقتئذ العاصمة الفكرية لبلاد البحر الأبيض المتوسط. وغصت عاصمة البلاد بالفلاسفة المسمين تزونج- هنج- كيا أي "فلاسفة الجدل"، الذين جاءوا من كافة أنحاء البلاد ليعلموا الناس على اختلاف طبقاتهم فن إقناع أي إنسان بأي شيء أرادوا إقناعه به(148). فجاء إلى لويانج منشيس الذي خلف كنفوشيوس في منصبه، كما جاء إليها جَونْج- دْزَه أعظم أتباع لو- دْزَه، وشِون- دْزَه القائل بأن الإنسان شرير بطبعه، ومودي نبي الحب العالمي.


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:31 pm


صفحة رقم : 1157




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> مودي العيري



1- مودي العيري




منطق قديم - مسيحي - وداعية سلام


قال منشيس عدو مودي "لقد كان يحب الناس جميعاً، وكان يود لو يستطيع أن يبلى جسمه كله من قمة رأسه إلى أخمص قدمه إذا كان في هذا خير لبني الإنسان(149)؛ وقد نشأ مودي في بلدة لو التي نشأ فيها كنفوشيوس، وذاعت شهرته بعد وفاة الحكيم الأكبر بزمن قليل. وكان يعيب على كنفوشيوس أن تفكيره




صفحة رقم : 1158




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> مودي العيري


خيالي غير عملي، وأراد أن يستبدل بهذا التفكير دعوة الناس جميعاً لأن يحب بعضهم بعضاً. وكان من أوائل المناطقة الصينيين ومن شر المجادلين المحاجين في الصين؛ وقد عرف القضية المنطقية تعريفاً غاية في البساطة فقال:
هذه هي التي أسميها قواعد الاستدلال الثلاث:
أين يجد الإنسان الأساس؟ ابحث عنه في دراسة تجارب أحكم الرجال الأقدمين.
كيف يلم الإنسان به إلماماً عاماً؟ افحص عما في تجارب الناس العقلية من حقائق واقعية.
كيف تطبقها؟ ضعها في قانون وسياسة حكومية، وانظر هل تؤدي إلى خير الدولة ورفاهية الشعب أو لا تؤدي إليهما(150).
وعلى هذا الأساس جَدَّ مودي في البرهنة على أن الأشباح والأرواح حقائق واقعية، لأن كثيرين من الناس قد شاهدوها، وكان من أشد المعارضين لآراء كنفوشيوس المجردة غير المجسمة عن الله، وكان من القائلين بشخصية الله. وكان يظن كما يظن بسكال أن الدين رهان مربح في كلتا الحالين: فإذا كان آباؤنا الذين نقرب لهم القرابين يستمعون إلينا فقد عقدنا بهذه القرابين صفقة رابحة، وإذا كانوا أمواتاً لا حياة لهم ولا يشعرون بما نقرب إليهم فإن القرابين تتيح لنا فرصة الاجتماع بأهلينا وجيرتنا، لنستمتع جميعاً بما نقدمه للموتى من طعام وشراب"(151).
وبهذه الطريقة عينها يثبت مودي أن الحب الشامل هو الحل الوحيد للمشكلة الاجتماعية؛ فإذا ما عم الحب العالم أوجد فيه بلا ريب الدولة الفاضلة والسعادة الشاملة التي بها "يحب الناس كلهم بعضهم بعضاً، ولا يفترس أقوياؤهم ضعفاءهم، ولا تنهب كثرتهم قلتهم، ولا يزدري أغنياؤهم فقراءهم، ولا يسفه عظماؤهم صغارهم، ولا يخدع الماكرون منهم السذج"(152). والأنانية في رأيه مصدر كل شر
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:31 pm

صفحة رقم : 1159




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> مودي العيري


سواء كان هذا الشر رغبة الطفل في التملك أو رغبة الإمبراطوريات في الفتح والاستعمار. ويعجب مودي كيف يدين الناس أجمعون من يسرق خنزيراً ويعاقبونه أشد العقاب، أما الذي يغزو مملكة ويغتصبها من أهلها، فإنه يعد في أعين أمته بطلاً من الأبطال ومثلاً أعلى للأجيال المقبلة(154). ثم ينتقل مودي من هذه المبادئ السلمية إلى توجيه أشد النقد إلى قيام الدولة حتى لتكاد عقيدته السياسية تقترب كل القرب من الفوضى، وحتى أزعجت هذه العقيدة ولاة الأمور في عصره(154). ويؤكد لنا كتاب سيرته أن مهندس الدولة في مملكة جو هَمَّ بغزو دولة سونج ليجرب في هذا الغزو سلماً جديداً من سلالم الحصار اخترعه في ذلك الوقت؛ فما كان من مودي إلا أن أخذ يعظه ويشرح له عقيدة الحب والسلم العالميين حتى أقنعه بالعدول عن رأيه، وحتى قال له المهندس: "لقد كنت قبل أن ألقاك معتزماً فتح بلاد سونج، ولكني بعد أن لقيتك لا أحب أن تكون لي ولو سلمت إلي من غير مقاومة ومن غير أن يكون ثمة سبب حق عادل يحملني على فتحها". فأجابه مودي بقوله: "إذا كان الأمر كذلك فكأني قد أعطيتك الآن دولة سونج. فاستمسك بهذه الخطة العادلة أعطك ملك العالم كله"(155).
وكان العلماء من أتباع كنفوشيوس والساسة أتباع لوينج يسخرون من هذه الأفكار السلمية؛ ولكن مودي رغم هذه السخرية كان له أتباع، وظلت آراؤه مدى قرنين كاملين عقيدة تدين بها شيعة تدعو إلى السلام، وقام اثنان من مريديه وهما سونج بنج، وجونج سون لونج بحملة قوية لنزع السلاح، وجاهدا في سبيل هذه الدعوة حق الجهاد(157). وعارض هان- في أعظم النقاد في عصره هذه الحركة، وكان ينظر إليها نظرة في وسعنا أن نسميها نظرة نيتشية، وكانت حجته في معارضته أن الحرب ستظل هي الحكم بين الأمم حتى تنبت للناس بالفعل أجنحة الحب العام.
ولما أصدر شين هوانج- دي أمره الشهير "بإحراق الكتب" ألقيت
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:32 pm

صفحة رقم : 1160




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> مودي العيري


في النار جميع الآداب المودية كما ألقيت فيها جميع الكتب الكنفوشية؛ وقضى هذا الحريق على الدين الجديد وإن لم يقض على عقيدة المعلم الأكبر وكتاباته.



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:32 pm

صفحة رقم : 1161




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> يانج جو أناني



2- يانج ـ جو، أناني




جبري أبيقوري - الدفاع عن الشر


وكانت عقيدة أخرى، تختلف عن العقيدة السابقة كل الاختلاف، قد أخذت تنتشر وتشتد الدعوة إليها بين الصينيين، فقد قام رجل يدعى يانج- جو لا نعرف عنه شيئاً إلا ما قاله عنه شانئوه(159) وجهر بهذه الدعوة المتناقضة، وهي أن الحياة ملأى بالآلام وأن اللذة هدفها الأعلى، وكان ينكر وجود الله، كما ينكر البعث، ويقول إن الخلائق ليست إلا دمى لا حول لها ولا طول، تحركها القوى الطبيعية العمياء التي أوجدتها، والتي وهبتها أسلافها دون أن يكون لها في ذلك خيار، ورسمت لها أخلاقها، فلا تستطيع أن تتحول عنها أو أن تبدلها غيرَها(160).
فأما الحكيم العاقل فيرضى بما قسم له دون أن يشكوا أو يتذمر، ولكن لا يغتر بشيء من سخافات كنفوشيوس ومودي، وما يقولانه عن الفضيلة الفطرية والحب العالمي، والسمعة الطيبة. ومن أقواله أن المبادئ الخلقية شراك ينصبه الماكرون للسذج البسطاء، وأن الحب العالمي وهمُ يتوهمه الأطفال الذين لا يعرفون كنه البغضاء العالمية التي هي سُنَّة الحياة، وأن حسن الأحدوثة ألعوبة لا يستطيع الحمقى الذين ضحوا من أجلها أن يستمتعوا بعد وفاتهم بها، وأن الأخيار يقاسون في الحياة ما يقاسيه الأشرار، بل إنه ليبدو أن الأشرار أكثر استمتاعاً بالحياة من الأخيار(161). وأن أحكم الحكماء الأقدمين ليسوا هم رجال الأخلاق والحاكمين كما يقول كنفوشيوس بل هم عبدة الشهوات، الذين كان من حظهم

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:32 pm

صفحة رقم : 1162




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> يانج جو أناني


أن استبقوا المشترعين والفلاسفة، فاستمتعوا بكل لذة دفعتهم إليها غرائزهم. نعم إن الأشرار قد يخلّفون وراءهم سمعة غير طيبة، ولكن ذلك أمر لا يقلق عظامهم. ثم يدعونا يانج- جو إلى أن نفكر في مصير الأخيار والأشرار، فيقول : إن الناس كلهم مجمعون على أن شون، ويو، وجو- جونج، وكنفوشيوس كانوا خير الناس وأحقهم بالإعجاب، وأن جياه، وجو، شرهم جميعاً.
ولكن شون قد اضطر إلى حرث الأرض في جنوب نهر هو، والى صنع آنية الفخار بجوار بحيرة لاي، ولم يكن في وسعه أن يستريح من عناء العمل لحظة قصيرة، بل إنه لم يكن يستطيع أن يجد شيئاً من الطعام الشهي والملابس المدفئة، ولم يكن في قلب أبويه شيء من الحب له، كما لم يكن يجد من أخوته وأخواته شيئاً من العطف عليه... فلما نزل له "ياو" آخر الأمر عن المُلك، كان قد تقدمت به السن، وانحطت قواه العقلية؛ وظهر أن ابنه شانج جو إنسان ناقص العقل عديم الكفاية؛ فلم يجد بداً من أن ينزل عن الملُك إلى يو. ومات بعدئذ ميتة محزنة. ولم يكن بين البشر كلهم إنسان قضى حياته كلها بائساً منغصاً، كما قضى هو حياته...
"وكان يو قد صرف كل جهوده في فلح الأرض، وولد له طفل ولكنه لم يستطيع أن يربيه؛ فكان يمر على باب داره ولا يدخلها، وانحنى جسمه وانضمر وغلظ جلد يديه وقدميه وتحجر. فلما أن نزل له شون آخر الأمر عن العرش عاش في بيت وطئ حقير، وإن كان يلبس ميدعة وقلنسوة ظريفتين. ثم مات ميتة محزنة، ولم يكن بين الآدميين كلهم من عاش معيشة نكدة حزينة كما عاش يو...
"وكان كنفوشيوس يفهم أساليب الملوك والحكام الأقدمين، ويستجيب

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:33 pm

صفحة رقم : 1163




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> يانج جو أناني


إلى دعوات أمراء عصره. ثم قطعت الشجرة التي يستظل بها في سونج، وأزيلت آثار أقدامه من ويه، وحل به الضنك في شانج وجو، وحوصر في شان وتشي؛... وأذله يانج هو وأهانه، ومات ميتة محزنة. ولم يكن بين بنى الإنسان كلهم من عاش عيشة مضطربة صاخبة كما عاش كنفوشيوس.
"ولم يستمتع هؤلاء الحكماء الأربعة بالسرور يوماً واحداً من أيام حياتهم، وذاعت شهرتهم بعد موتهم ذيوعاً سوف يدوم عشرات الآلاف من الأجيال، ولكن هذه الشهرة هي الشيء الذي لا يختاره قط من يعنى بالحقائق ويهتم بها. هل يحتفلون بذكراهم؟ هذا مالا يعرفونه. وهل يكافئونهم على أعمالهم؟ وهذا أيضاً لا يعرفونه وليست شهرتهم خيراً لهم مما هي لجذع شجرة أو مَدَرة.
أما (جياه) فقد ورث ثروة طائلة تجمعت مدى قرون طويلة؛ ونال شرف الجلوس على العرش الملكي؛ وأوتي من الحكمة ما يكفيه لأن يتحدى كل من هم دونه مقاماً؛ ومن القوة ما يكفي لأن يزعزع به أركان العالم كله. وكان يستمتع بكل ما تستطيع العين والأذن أن تستمتعا به من ضروب الملذات؛ ولم يحجم قط عن فعل كل ما سولت له نفسه أن يفعله. ومات ميتة هنيئة؛ ولم يكن بين الآدميين كلهم من عاش عيشة مترفة فاسدة كما عاش هو. وورث جو (شِنْ) ثروة طائلة تجمعت في مدى قرون طويلة، ونال شرف الجلوس على العرش الملكي، وكان له من القوة ما يستطيع به أن يفعل كل ما يريد؛... وأباح لنفسه في قصوره فعل كل ما يشتهيه، وأطلق لشهواته العنان خلال الليالي الطوال؛ ولم يكدر صفو سعادته قط بالتفكير في آداب اللياقة أو العدالة، حتى قضى نحبه كأبهج ما يقضى الناس نحبهم. ولم يكن في الآدميين كلهم من كانت حياته داعرة فاجرة كما كانت حياة جو.
وقد استمتع هذان الرجلان السافلان في حياتهما بما شاءا من الملذات وأطلقا لشهواتهم العنان، واشتهر بعد وفاتهما بأنهما كانا من أشد الناس حمقاً


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:33 pm

صفحة رقم : 1164




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> يانج جو أناني


واستبداداً، ولكنهما استمتعا باللذة وهي حقيقة لا تستطيع أن تهبها حسن الأحدوثة. فإذا لامهم الناس فإنهم لا يعرفون، وإذا اثنوا عليهم ظلوا بهذا الثناء جاهلين، وسمعتهم (السيئة) لا تهمهم أكثر مما تهم جذع شجرة أو مَدَرة(162).
ألا ما أعظم الفرق بين هذه الفلسفة وبين فلسفة كنفوشيوس وهنا أيضاً نظن أن الزمان وهو رجعي كالرجعيين من الآدميين قد أبقى لنا آراء أجل المفكرين الصينيين وأعظمهم، ثم عدا على الباقين كلهم تقريباً فطواهم في غمرة الأرواح المنسية. ولعل الزمان محق في فعله هذا، ذلك أن الإنسانية نفسها ما كانت لتعمر طويلاً لو كان فيها كثيرون ممن يفكرون كما يفكر يان جو. وكل ما تستطيع أن ترد به عليه هو أن المجتمع لا يمكن أن يقوم إذا لم يتعاون الفرد مع زملائه أخذاً وعطاءاً؛ وإذا لم يتحملهم ويصبر على أذاهم، ويتقيد بما في المجتمع، من قيود أخلاقية، وإن الفرد الكامل العقل لا يمكن أن يوجد في غير مجتمع، وأن حياتنا نفسها إنما تعتمد على ما فيها من قيود. ومن المؤرخين من يرى في انتشار هذه الفلسفة الأنانية بعض الأسباب التي أدت إلى ما أصاب المجتمع الصيني من انحلال في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد(163). فلا عجب والحالة هذه أن يرفع منشيس، جنسن (Dr. Johnson) زمانه، عقيرته بالاحتجاج الشديد وبالتشهير بأبيقورية ينج جو وبمثالية مودي فقال:
"إن أقوال ينج جو ومودي تملأ العالم؛ وإذا سمعت الناس يتحدثون وجدتهم قد اعتنقوا آراء هذا أو آراء ذاك. فأما المبدأ الذي يدعو إليه ينج فهو هذا. "كل إنسان وشأنه" وهو مبدأ لا يعترف بمطالب الملك. أما مبدأ مو فهو هذا: "أحب الناس جميعا بقدر واحد"- وهو مبدأ لا يعترف بما يحق للأب من حب خاص. ومن لا يعترف بحق الملك ولا بحق الأب كان في منزلة الحيوان الأعجم. فإذا لم يوضع لمبادئهما حد، وإذا لم تسد مبادئ


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:33 pm

صفحة رقم : 1165




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> يانج جو أناني


كنفوشيوس، فإنهما سيخدعان الناس بحديثهما المقلوب، ويسدان في وجوههم طريق الخير والصلاح.
"ولقد أزعجتني تلك الأشياء وأمرضت قلبي، فوقفت أدافع عن عقائد الحكماء والأقدمين، وأعارض ينج ومو، وأطارد أقوالهما المنحطة، حتى يتوارى هؤلاء المتحدثون الفاسدون فلا يجرءوا على الظهور. ولن يغير الحكماء من أقوالي هذه إذا ما عادوا إلى الظهور"(164).



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:34 pm

صفحة رقم : 1166




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء



3- منشيس، مستشار الأمراء




أم نموذجية - فيلسوف بين الملوك - هل الناس أخيار بالسليقة - الضريبة




الفردية - منشيس والشيوعيون -باعث الكسب - حق الناس في أن يثوروا


لقد شاءت الأقدار أن يكون منشيس أنبه الفلاسفة الصينيين ذكراً بعد كنفوشيوس؛ وما أحفل تاريخ الصين بالفلاسفة.
وكان منشيس من سلالة أسرة مانج العريقة، وكان اسمه في بادئ الأمر مانج كو، ثم صدر مرسوم إمبراطوري بتغييره إلى مانج- دزه أي مانج المعلم أو الفيلسوف. وقد بدل علماء أوروبا الذين مرنوا على الأسماء اللاتينية هذا الاسم إلى منشيس كما بدلوا كونج- فو- دزه إلى كنفوشيوس.
ويكاد علمنا بأم منشيس يبلغ من الدقة علمنا به هو نفسه؛ ذلك بأن المؤرخين الصينيين قد خلدوا ذكرها وجعلوها نموذجاً للأمهات بما قصّوه عنها من القصص الكثيرة الممتعة. فهم يقولون إنها بدلت مسكنها ثلاث مرات من أجله؛ بدلته أول مرة لأنهما كانا يسكنان بجوار مقبرة فبدأ الصبي يسلك مسلك دافني الأموات؛ وبدلته في المرة الثانية لأنهما كانا يسكنان بجوار مذبح، ولذلك بدأ الغلام يجيد محاكاة أصوات الحيوانات المذبوحة؛ ثم بدلته في المرة الثالثة



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:34 pm

صفحة رقم : 1167




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء


لأنهما كانا يسكنان بجوار سوق فشرع الصبي يسلك مسلك التجار ثم وجدت آخر الأمر داراً بقرب مدرسة فرضيت بها.
وكانت إذا أهمل الغلام دروسه تقطع خيط المُوم، فإذا سألها عن سبب هذا الإتلاف أجابت بأنها إنما تفعل ما يفعله هو نفسه بإهماله وعدم مثابرته على الدرس والتحصيل. وبذلك أصبح الصبي طالباً مجداً؛ ثم تزوج وقاوم في نفسه الميل إلى تطليق زوجته، وافتتح مدرسة لتعليم الفلسفة جمع فيها حوله طائفة من الطلاب ذاع صيتهم في الآفاق؛ وبعث إليه من كافة الأنحاء يدعونه ليناقشوه في نظرياته عن الحكم. ولم يشأ في أول الأمر أن يترك أمه المسنة، ولكنها أقنعته بالذهاب بخطبة حببتها إلى جميع رجال الصين، ولعل واحداً منهم هو الذي وضع هذه الخطبة:
"ليس من حق المرأة أن تفصل في أمر بنفسها، وذلك لأنها تخضع لقاعدة الطاعات الثلاث: فإذا كانت شابة وجب عليها أن تطيع أبويها، وإذا تزوجت كان عليها أن تطيع زوجها، وإذا ترملت وجب عليها أن تطيع ولدها. وأنت رجل كامل الرجولة، وأنا الآن عجوز، فافعل ما توحيه إليك عقيدتك بأنه حق واجب عليك أن تفعله، وسأفعل أنا ما يوجبه عليّ القانون الذي أأتمر بأمره. فلم إذن تشغل نفسك بي؟" (165).
وأجاب منشيس ما طلب إليه لأن اللهفة على التعليم جزء من اللهفة على الحكم، ترتبط كلتاهما أشد الارتباط بالأخرى. وكان منشيس كفلتير يفضل الملكية المطلقة على الديمقراطية، وحجته في هذا أن الديمقراطية تتطلب تعليم جميع الشعب كله إذا أريد نجاح الحكم، أما النظام الملكي المطلق فكل ما يطلب فيه أن يثقف الفيلسوف رجلاً واحداً هو الملك ويعلمه الحكمة لكي ينشئ الدولة الكاملة.


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:35 pm

صفحة رقم : 1168




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء


ومن أقواله في هذا المعنى: "أصلح ما في عقل الأمير من خطأ. فإنك إن قومت الأمير استقرت شؤون الدولة" (166). وسافر أولاً إلى تشي وحاول أن يقوم أميرها شوان، ورضي أن يكون له فيها منصب فخري، ولكنه رفض مرتب هذا المنصب. وسرعان ما وجد أن الأمير لا يعنى بالفلسفة، فغادر تلك الإمارة إلى إمارة تانج الصغيرة، ووجد في حاكمها تلميذاً مخلصاً وإن يكن تلميذاً عاجزاً ضعيفاً. فعاد مرة أخرى إلى تشي، وأثبت أنه قد زاد حكمة وفهمهاً لحقائق الأمور بأن قبل منصباً ذا مرتب كبير عرضه عليه الأمير شوان. ولما توفيت أمه في هذه السنين الرغدة دفنها باحتفال عظيم وجه اللوم من أجله إلى تلاميذه، ولكنه برر لهم هذا العمل بقوله إن كل ما يرمى إليه هو أن يظهر إخلاصه ووفاءه لوالدته.
وبعد بضع سنين من ذلك الوقت تورط شوان في حرب للفتح والتملك، وساءه ما أشار به عليه منشيس من دعوة إلى السلام، رأى أنها جاءت في غير أوانها فأقاله من منصبه. وسمع منشيس أن أمير سونج يريد أن يحكم حكم الفلاسفة فسافر إلى عاصمته ولكنه وجد أن ما سمعه مبالغاً فيه كثيراً، وأن الأمراء الذين تردد عليهم كانت لهم أعذار كثيرة يبررون بها عدم استقامتهم واتباعهم النصح. فقد قال واحد منهم: "إن لدي ناحية من نواحي الضعف، وهي أني أحب البطولة والبسالة". وقال آخر: "إن لدي ناحية من نواحي الضعف وهي أني أحب الثروة" (167).
واضطر منشيس آخر الأمر إلى أن يعتزل الحياة العامة، وقضى أيام شيخوخته وضعفه في تعليم الطلاب وتأليف كتاب وصف فيه أحاديثه مع ملوك زمانه. وليس في وسعنا أن نقول إلى حد يمكن مقارنة هذه الأحاديث بأحاديث وولتر سفدج لاندر Walter Savage Lander ؛ ولسنا واثقين من أن هذا
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:35 pm

صفحة رقم : 1169




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء


الكتاب من تأليف منشيس نفسه أو من تأليف تلاميذه أو أنه هو وتلاميذه قد اشتركوا في وضعه، أو أنه مدسوس عليه وعليهم(168). وكل ما نستطيع أن نقوله واثقين أن كتاب منشيس من أعظم الكتب الفلسفية الصينية القديمة وأجلها قدراً.
وعقيدته عقيدة دنيوية خالصة لا تقل في هذا عن عقيدة كنفوشيوس، ولا يكاد يوجد فيها شيء عن المنطق أو فلسفة المعرفة أو ما وراء الطبيعة. لقد ترك الكنفوشيون هذا إلى أتباع لو- دزه، ووجهوا همهم إلى البحوث الأخلاقية والسياسية. وكان الذي يهم منشيس هو أن يرسم طريقة للحياة الصالحة وتولي خيار الناس مقاليد الحكم. وكان مبدؤه الأساسي أن الناس أخيار بطبيعتهم (169)، وأن ليس منشأ المشاكل الاجتماعية طبيعة الناس بل منشؤها فساد الحكومات؛ ومن ثم يجب أن يصبح الفلاسفة ملوكاً، أو أن يصبح ملوك هذا العالم فلاسفة. انظر إلى ما يقوله في هذا المعنى:
"والآن إذا أردتم جلالتكم أن تنشئوا حكومة أعمالها صالحة، فإن هذا سيبعث في جميع موظفي مملكتكم الرغبة في أن يكونوا في بلاط جلالتكم، وفي جميع الزراع الرغبة في أن يفلحوا أرض جلالتكم، وفي جميع التجار الرغبة في أن يخزنوا بضائعهم في أسواق جلالتكم، وفي جميع الرحالة الأغراب الرغبة في أن يسافروا في طرق جلالتكم، وفي جميع من يشعرون في أنحاء مملكتكم بأن ظلماً قد وقع عليهم من حكامهم الرغبة في أن يأتوا ويشكوا إلى جلالتكم. وإذا ما اعتزموا أن يفعلوا هذا فمن ذا الذي يستطيع أن يقف في سبيلهم؟" فقال الملك: "إنني غبي وليس في وسعي أن أرقى إلى هذا الحد" (170).
والحاكم الصالح في رأيه لا يشن الحرب على البلاد الخارجية بل يشنها على العدو المشترك وهو الفقر، لأن الفقر والجهل هما منشأ الجرائم واضطراب النظام، وعقاب الناس على ما يرتكبونه من الجرائم لأنهم لا تتاح لهم فرص
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:36 pm

صفحة رقم : 1170




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء


لعمل شَرَك دنيء ينصب للإيقاع بالناس(171). وواجب الحكومة أن توفر أسباب الرفاهية لرعاياها، ولهذا ينبغي لها أن تضع الخطط الاقتصادية الكفيلة بتحقيق هذه الغاية(172). فعليها أن تفرض أكثر الضرائب على الأرض نفسها لا على ما تفعله أو ما يقام عليه من المنشآت(173)، وعليها أن تلغي كل العوائد الجمركية وأن تجعل التعليم عاماً وإجبارياً لأن هذا أصلح أساس لنشر الحضارة وتقدمها؛ "والقوانين الطيبة لا تعادل كسب الناس بالتعليم الطيب" (174). "وليس الذي يفرق بين الإنسان والحيوان الأعجم بالشيء الكثير، ولكن معظم الناس يطرحونه وراء ظهورهم، ولا يحتفظ به إلا عظماء الرجال"(175).
وفي وسعنا أن ندرك قدم المشاكل السياسية التي تواجه عصرنا المستنير، وموقفنا منها، وما نضعه لها من الحلول، إذا عرفنا أن منشيس قد نبذه الأمراء المتطرفون، وسخر منه الاشتراكيون والشيوعيون في عصره لمحافظته واستمساكه بالقديم. ولما قام شوشنج جزار الجنوب الهمجي ينادي بإنشاء دكتاتورية الصعاليك، ويطالب بأن يكون الصناع على رأس الدولة، "وأن يكون الفعلة هم الحكام" لما قام يدعو إلى هذا، واعتنق دعوته كثيرون من "المتعلمين"، كما اعتنق المتعلمون هذه الدعوة نفسها في أيامنا الحاضرة، وانضووا تحت لوائه، رفض منشيس هذه الفكرة بازدراء، وقال "إن الحكومة يجب أن يتولاها المتعلمون" (176). ولكنه ندد أيضاً بالفكرة القائلة إن الكسب يجب أن يكون هو الباعث على العمل في المجتمع الإنساني، وعاب على سونج كانج قوله إن الملوك يجب اكتسابهم لقضية السلام بإقناعهم في لغة هذه الأيام بأن الحرب عمل غير مربح. وفي هذا يقول:
"إن غرضك شريف، ولكن منطقك غير سليم. ذلك بأنك إذا اتخذت الكسب أساساً لحجتك، واستطعت أن تقنع بها ملوك تشين وتشي، وأعجب هؤلاء الملوك بفكرة الكسب فأمروا بوقف حركات جيوشهم، فإن كل المتصلين



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:36 pm

صفحة رقم : 1171




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء


بهؤلاء الجيوش سيفرحون بوقف (القتال)، وسيجدون أعظم السرور في (السعي وراء) الكسب. فنرى الوزراء يخدمون الملك جرياً وراء الكسب الذي حبب إليهم والأبناء يخدمون آباءهم، والأخوة الصغار يخدمون الكبار من أخوتهم، لهذا السبب عينه. ونتيجة هذا أن الملك والوزراء، والأب والابن، والأخ الأكبر والأصغر ينسون كلهم بواعث الخير والصلاح، ويوجهون أعمالهم كلها نحو الكسب المحبب إليهم العزيز عليهم. ولم يوجد قط (مجتمع) كهذا إلا كان مآله الخراب" (177).
وكان يعترف بحق الشعوب في الثورة وينادي بهذا المبدأ في حضرة الملوك. وكان يندد بالحرب ويراها جريمة، ولشد ما صدم عقائد عباد الأبطال في أيامه حين كتب يقول: "من الناس من يقول أني بارع في تنظيم الجند، وأني ماهر في إدارة المعارك. أولئك هم كبار المجرمين" (178).
وقال في موضع آخر: "ليس ثمة حرب عادلة"(179). وكان يندد بترف حاشية الملوك، ويوجه أشد اللوم للملك الذي يطعم كلابه وخنازيره ويترك الناس يموتون جوعاً"(180). ولما قال أحد الملوك إنه لا يستطيع منع المجاعة أجابه منشيس بأنه ينبغي له أن يعتزل المُلك(181). وكان يقول لتلاميذه: "إن الناس أهم عنصر (من عناصر الأمة)؛.. وإن الملك أقل هذه العناصر شأناً" (182). وإن من حق الناس أن يخلعوا حكامهم، بل إن من حقهم أن يقتلوهم في بعض الأحايين.
"وسأل الملك شوان عن الوزراء العظام... فأجابه منشيس: "إذا كان الملك يرتكب أغلاطاً شنيعة وجب عليهم أن يعارضوه، فإذا لم يستمع إليهم بعد أن يفعلوا هذا مرة بعد مرة، وجب عليهم أن يخلعوه...".
ثم واصل منشيس حديثه قائلا: "إذا فرض أن القاضي الأكبر الذي يحكم في الجرائم قد عجز عن السيطرة على الموظفين (الخاضعين له) فماذا تفعل به؟".
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:37 pm

صفحة رقم : 1172




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> منشيس مستشار الأمراء


فأجابه الملك بقوله: "أفصله من منصبه". ثم قال له منشيس: "وإذا لم يكن في داخل حدود (مملكتك) الأربعة حكومة صالحة فماذا تفعل؟". فتلفت الملك يمنة ويسرة وأخذ يتحدث عن أمور أخرى...
وسأله الملك شوان: "وهل من أجل ذلك أمر تانج بنفي جياه وضرب الملك "وُو" حاكم جو (سن)؟ فأجاب منشيس: "هكذا تقول السجلات".
وسأله الملك: "وهل يحق للوزير أن يقتل مليكه؟" فأجابه منشيس: "إن الذي يخرج على ما أودع فيه من (طبيعة خيرة) يسمى لصاً؛ والذي يخرج على قواعد الاستقامة يسمى وغداً؛ وليس كل من اللص والوغد في عرفنا إلا شخصاً لا قيمة له؛ ولقد سمعت بتقطيع أوصال الشخص جو، ولكني لم أسمع بقتل ملك" (183).
تلك عقيدة ما أجرأها، ولقد كانت عاملاً كبيراً في تقرير المبدأ الذي يقره ملوك الصين وأهلها، وهو أن الحاكم الذي يستثير عداوة الشعب يفقد " حقه الإلهي " في الحكم، ومن حق الشعب أن يخلعه. فلا عجب والحالة هذه إذا غضب هونج وو، مؤسس أسرة منج، حين قرأ هذا الحديث الذي دار بين منشيس والملك شوان، وأمر أن يمحى اسم منشيس من مكانه في هيكل كنفوشيوس، وكانت لوحة تذكارية قد وضعت له في هذا المعبد بأمر ملكي في عام 1084م؛ ولكن اللوحة أعيدت إلى مكانها ولم يمض عام واحد على إزالتها، وظل منشيس من ذلك الوقت إلى ثورة عام 1911م يعد بطلاً من أبطال الصين وثاني اثنين ذاع صيتهما في جميع عهود تاريخها، وكان لهما أعظم الأثر في فلسفتها الصحيحة.وإليه وإلى جوشي يرجع الفضل في احتفاظ كنفوشيوس بزعامته الفكرية في الصين أكثر من ألفي عام.


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:37 pm

صفحة رقم : 1173




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> شوق دزه الواقعي



4- شون - دزه، واقعي




النفس البشرية أمارة بالسوء - ضرورة القوانين


كان في فلسفة منشيس كثير من نقط الضعف، وكان يسر معاصريه أن يشهروا بهذه النقط بأعظم ما يستطيعون من قوة. أحق أن الناس أخيار بطبيعتهم؛ وأنهم لا ينحدرون إلى الشر إلا إذا فسدت النظم التي يعيشون في كنفها؟ أم الصحيح أن الطبيعة هي السبب في شرور المجتمع؟ وقد كان هذان الرأيان المتعارضان مثاراً لجدل عنيف ظل قائماً آلاف السنين بين المصلحين والمحافظين. فهل تستطيع التربية أن تنقص الجرائم، وتزيد الفضائل، وتأخذ بيد الناس إلى المثل العليا وتمكنهم من إقامة الدولة الفاضلة المثالية؟ وهل يصلح الفلاسفة لحكم الدول أو أن فلسفتهم لا تؤدي إلا إلى زيادة ما يحاولون علاجه من فوضى واضطراب؟
وكان أشد الناس نقداً لمنشيس وأصعبهم مراساً أحد الموظفين العموميين، ويلوح أنه توفي في عام 235 ق.م وهو في سن السبعين. ذلك هو شون- دزه الذي سبقت الإشارة إليه في هذا الباب. وكما كان منشيس يعتقد أن الناس جميعهم أخيار بطبيعتهم، كان شون- دزه يرى أنهم جميعاً أشرار بفطرتهم، وحتى شون ويو كانا متوحشين حين ولدا(184). وقد وصلت إلينا قطعة من كتابات شون- دزه يبدو فيها أشبه الناس بالفيلسوف الإنجليزي هبز Hobbes إذ يقول:
"النفس البشرية أمارة بالسوء، وما تعمله من خير متكلف مصطنع . فهي قد غرس فيها من ساعة مولدها حب الكسب؛ وإذا كانت أعمال الإنسان
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:37 pm

صفحة رقم : 1174




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> شوق دزه الواقعي


إنما تقوم على الحب فإن هذا يؤدي إلى انتشار المنازعات والسرقات. وليس إنكار الذات والاستسلام للغير من (طبيعة) الإنسان، بل إن من طبيعته التحاسد والتباغض، ولما كانت أعمال الناس لا بد أن تتفق مع طباعهم فإنهم لا يصدر عنهم إلا العنف والأذى، ولا نرى فيهم إخلاصاً أو وفاء.
ومن طبيعة الإنسان أيضاً إشباع الأذن والعين، وهذا يؤدي إلى حب الأصوات العذبة والمناظر الجميلة. ولما كانت أعمال الناس لا أن تتفق مع هذه وتلك كان لا بد أن توجد الدعارة وسوء النظام، وأن تنعدم الاستقامة والاحتشام ومظاهرهما المختلفة المتسقة. ومن هذا يتضح أن السير وفق الطبيعة البشرية وإطاعة أحاسيسها، يؤديان حتماً إلى الخصام واللصوصية، وإلى مخالفة الواجبات التي تتفق مع الوضع الذي وجد فيه كل إنسان، وإلى الخلط بين كل المراتب والمميزات حتى تعم الهمجية. ولهذا كان لا بد من قيام سلطان المعلمين وسلطان الشرائع، والاهتداء بقواعد الاستقامة والاحتشام التي ينشأ عنها إنكار الذات والخضوع للغير ومراعاة قواعد السلوك المنظمة، مما يؤدي إلى قيام الدولة، ذات الحكومة الصالحة... وقد أدرك الملوك الأقدمون الحكماء ما طبعت عليه النفس البشرية من شر، فوضعوا قواعد الاستقامة والآداب، وسنوا النظم والقوانين ليقوموا طبائع الناس ومشاعرهم ويصلحوهم... حتى يسلكوا جميعاً الحكم الصالح الذي يتفق مع العقل" (185).
ووصل شون- دزه في بحوثه إلى ما وصل إليه ترجنيف وهو أن الطبيعة ليست معبداً يضم الصالحين، بل هي مصنع يجتمع فيه الصالح والطالح؛ وهي تقدم المادة الغفل، التي يعمل فيها الذكاء فيصوغها ويشكلها. وكان يظن أن أولئك الناس الأشرار بطبعهم، إذا دربوا على الخير، قد يصلحون، بل إن في وسعهم إذا أريد لهم ذلك أن يكونوا قديسين(186).
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:37 pm



صفحة رقم : 1175




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> شوق دزه الواقعي


ولما كان شون- دزه شاعراً وحكيماً معاً فقد نظم فلسفة فرنسيس بيكن في هذا الشعر الركيك:


إنكم تمجدون الطبيعة وتتفكرون فيها،




فلم لا تسخرونها وتنظمونها؟




إنكم تطيعون الطبيعة وتسبحون بحمدها،




فلم لا تسيطرون على أساليبها وتستخدمونها،




إنكم تنظرون إلى الفصول نظرة الإجلال وتنتظرونها،




فلم لا تستجيبون إليها لبذل النشاط في أوانه؟




إنكم تعتمدون على الأشياء الخارجة عنكم وتعجبون بها،




فلم لا تكشفون عن كفاياتكم؟




وتوجهونها الوجهة الصالحة؟.




أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 5 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:38 pm


صفحة رقم : 1176




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي



5- جونج - دزه، مثالي




الرجوع إلى الطبيعة - المجتمع اللاحكومي - طريقة الطبيعة - حدود




الذهن - تطور الإنسان - مشكل الأزرار - أثر الفلسفة الصينية في أوربا


على أن "الرجوع إلى الطبيعة" لم يكن من السهل أن يقاوم بهذه الطريقة؛ بل قام في ذلك العصر من يدعو إليه كما قام من يدعوا إليه في كل العصور. ومن المصادفات التي يمكننا أن نسميها مصادفات طبيعية إن كان الداعي إلى هذا الرجوع أبلغ كتاب عصره وأفصحهم لساناً. لقد كان جونج- دزه مولعاً بالطبيعة يرى أنها سيدته التي تتحفي به على الدوام مهما كان بغيه أو كانت سنه، ومن أجل هذا فاضت فلسفته بأحاسيس روسو الشعرية مضافاً إليها مُلَحُ فلتير الهجائية. ومن ذا الذي يستطيع أن يتصور أن منشيس ينسى نفسه بحيث يصف أحد الناس


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 5 من اصل 19 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6 ... 12 ... 19  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى