alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

4 مشترك

صفحة 6 من اصل 19 الصفحة السابقة  1 ... 5, 6, 7 ... 12 ... 19  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:38 pm

صفحة رقم : 1177




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


بأن له: "جدرة كإبريق من الفخار" (188)، وقصارى القول أن جونج أديب وفيلسوف معاً.
ولد هذا الفيلسوف في ولاية سونج، وتقلد وقتاً ما منصباً صغيراً في مدينة خيان. وزار قصور الملوك التي زارها منشيس، ولكن كلا الرجلين لا يذكر فيما بقي لنا من كتاباته اسم الآخر. ولعل كليهما كان يحب صاحبه كما يحب المعاصرون بعضهم بعضاً. ويروى عنه أنه رفض منصباً كبيراً مرتين. ولما عرض عليه دوق- ويه رياسة الوزارة ردّ على رسول الملك رداً مقتبضاً يدل على ما يتراءى للكاتب من أحلام: "اذهب من هنا لساعتك ولا تدنسني بوجودك، لخير لي أن أسلي نفسي وأمتعها في حفرة قذرة من أن أخضع لقواعد في بلاط ملك من الملوك" (189).
وبينما كان يصطاد السمك في يوم من الأيام إذ أقبل عليه رجلان من كبار الموظفين يحملان إليه رسالة من ملك خو يقول فيها: "أريد أن أحملك عبء جميع ملكي"، فأجابه جونج، كما يقول هو نفسه، دون أن يرفع نظره عن صيده:
"لقد سمعت أن في خو صدفة سلحفاة كأنها روح من الأرواح، وقد ماتت سلحفاتها منذ ثلاثة آلاف عام، وأن الملك يحتفظ بهذه الصدفة في معبد أسلافه، وأنه يضعها في سلة مغطاة بالقماش. فهل كان خيراً للسلحفاة أن تموت وتترك صدفتها تعظم على هذا النحو؟ أو هل كان خيراً لها أن تظل حية تجر ذيلها من خلفها في الوحل؟" فأجاب الموظفان الكبيران: "لقد كان خيراً لها أن تعيش وتجر ذيلها من خلفها في الوحل" فقال لهما جونج: "اذهبا في سبيلكما، وسأظل أجر ذيلي ورائي في الوحل"(190).
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:38 pm

صفحة رقم : 1178




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


وكان احترامه للحكومات يعدل احترام سلفه الروحي لو- دزه، فكان يسره أن يشير إلى عدد ما يتصف به الملوك والحكام من صفات اللصوص(191). ويقول إنه إذا أدى الإهمال بأحد الفلاسفة الحقيقيين، فرأى نفسه يتولى شؤون إحدى الدول، فإن الخطة المثلى التي يجب عليه أن يسلكها هي أن لا يفعل شيئاً، وأن يترك الناس أحراراً يضعون ما يشاءون من نظم حكمهم الذاتي. "لقد سمعت عن ترك العالم وشأنه والكف عن التدخل في أمره ولم أسمع عن حكم العالم" (192) ولم يكن ثمة حكومات في العصر الذهبي الذي سبق عهد أقدم الملوك.
ولم يكن يو وشون خليقين بما حبتهما الصين وحباهما كنفوشيوس من تشريف وتعظيم، بل كانا خليقين بأن يتهما بالقضاء على ما كانت الإنسانية تستمتع به من سعادة بدائية قبل إقامة نظم الحكم في الحكم في العالم: "لقد كان الناس في عهد الفضيلة الكاملة يعيشون مجتمعين كما يعيش الطير والحيوان، ولا يفترقون عنهما في شيء، تتألف منهم ومن جميع المخلوقات أسرة واحدة. وأنى لهم أن يعرفوا فيما بينهم ما يميز العظماء فيهم من غير العظماء؟" (193).
ويرى جونج أن من واجب الرجل العاقل أن يولي الأدبار حين يشاهد أولى معالم الحكومة، وأن يعيش أبعد ما يستطيع عن الفلاسفة والملوك، ينشد السلام والسكون في الغابات (وذلك موضوع جد آلاف من المصورين الصينيين في رسمه) وأن يترك كيانه كله يتبع الدَّو المقدس- قانون حياة الطبيعة ومجراها الذي لا تدركه العقول- من غير أن يعوقه في ذلك تفكير أو تدبير، لا يتكلم إلا قليلاً لأن الكلام يضل بقدر ما يهدى، ولأن الدَّو- طريقة الطبيعة وجوهرها- لا يمكن التعبير عنه بالألفاظ أو في أفكار، بل كل ما في الأمر أنه يمكن الشعور به في الدم. وهو يرفض أن يستعين بالآلات ويؤثر عليها الطرق القديمة المجهدة التي كان يجري عليها بسطاء الرجال، وذلك لأن الآلات تؤدي إلى التعقيد والفتنة وعدم المساواة بين الناس، وليس في مقدور أي إنسان


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:38 pm

صفحة رقم : 1179




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


أن يعيش بين الآلات ويستمتع بالسلام(194). وهو يأبى أن يكون له ملك خاص ولا يجد للذهب نفعاً له في حياته؛ ويفعل ما فعله تيمن الأثيني فيترك الذهب مخبوء في جوف التلال واللآلىء في أعماق البحار. والذي يمتاز به من غيره أنه يفهم أن الأشياء جميعها تخص خزانة واحدة وأن الموت والحياة يجب أن ينظر إليهما نظرة واحدة" ، على أنهما نغمتان من أنغام الطبيعة المتناسقة أو موجتان في بحر واحد.
وكان الأساس الذي يقوم عليه تفكير جونج عين الأساس يقوم عليه تفكير لو- دزه شبه الأسطوري، وكان تفكير لو- دزه هذا يبدو لجونج أعمق كثيراً من تفكير كنفوشيوس، وكان في جوهره النظرة الصوفية لوحدة الكون غير الشخصية الشبيهة شبهاً عجيباً بنظرة بوذا وأتباع أبانيشاد، حتى ليكاد المرء يعتقد أن فلسفة ما وراء الطبيعة الهندية قد تسربت إلى الصين قبل أربعمائة عام من ظهور البوذية فيها حسبما يسجله المؤرخون. نعم إن جونج فيلسوف لا أدري، جبري، من القائلين بالحتمية ومن المتشائمين، ولكن هذا لا يمنعه أن يكون قديساً متشككاً، ورجلاً أسكرته الدَّرَّية؛ وهو يعبر عن تشككه هذا تعبيراً يميزه من غيره من أمثاله في القصة الآتية:
قال شبه الظل يوماً ما للظل" إنك تارة تتحرك وتارة تثبت في مكانكـ تارة تجلس وتارة تقوم. فلم هذا التذبذب في القصد وعدم الاستقرار فيه؟" فأجابه الظل بقوله: "إن شيئاً أعتمد عليه هو الذي يجعلني أفعل ما أفعله،
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:38 pm

صفحة رقم : 1180




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


ولكن هذا الشيء نفسه يعتمد على شيء آخر يضطره إلى أن يفعل هو الآخر ما يفعله... وأنى لي أن أعرف لم أفعل هذا الشيء ولا أفعل ذاك؟... إن الجسم إذا بلى بلى العقل معه؛ ألا ينبغي لنا أن نقول إن هذه حال يرثى لها كثيراً؟... إن ما يحدث في الأشياء كلها من تغيير- وجود ثم عدم- يسير (بلا انقطاع)؛ ولكننا لا نعرف من ذا الذي يسير هذه الحركة في طريقها على الدوام: وأنى لنا أن نعرف متى يبدأ الواحد منا ؟ وأنى لنا أن نعرف متى ينتهي ؟ إن كل ما في وسعنا أن ننتظر هذه البداية والنهاية، لا أكثر من هذا ولا أقل"(196).
ويظن جونج أن هذه المشاكل إنما تنشأ من قصر تفكيرنا أكثر مما تنشأ من طبيعة الأشياء نفسها. فلا عجب والحالة هذه أن تنتهي الجهود التي تبذلها عقولنا الحبيسة لفهم العالم الأكبر الذي تكون هي جزيئات صغيرة منه، لا عجب أن تنتهي هذه الجهود بالمتناقضات والقوانين المتعارضة. ولقد كانت هذه المحاولة التي ترمي إلى تفسير الكل بإصلاحات الجزء إسرافاً في التطاول والاعتداد بالنفس، لا نجيزها إلا لما فيها من تسلية وفكاهة؛ لأن الفكاهة، كالفلسفة، هي النظر إلى الكل بمصطلحات الجزء ، وكلاهما لا يمكن وجوده بغير الآخر.
ويقول جونج- دزه إن العقل لا يفيد في فهم الأشياء الغائية أو أي شيء عميق كنمو الطفل مثلاً. "وليس الجدل إلا دليلاً على عدم وضوح الرؤيا"، وإذا أراد الإنسان أن يفهم الدَّو "فعليه أن يكبت علمه أشد الكبت"( 197 ) إن من واجبنا أن ننسى نظرياتنا ونشعر بالحقائق؛ وليس التعليم بنافع لنا في هذا الفهم، وأهم شيء في هذا أن نلقي بأنفسنا في غمرات الطبيعة.
وما هو الدَّو الذي يراه الصوفي المحظوظ النادر الوجود؟ إنه شيء لا يمكن التعبير عنه بالألفاظ؛ وكل ما نستطيع أن نصفه به في عبارات ضعيفة ملأى
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:39 pm

صفحة رقم : 1181




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


بالمتناقضات هو قولنا إنه وحدة الأشياء كلها وانسيابها الهادىء من نشأتها إلى كمالها والقانون الذي يسيطر على هذا الانسياب.
"ولقد كان موجوداً ثابتاً منذ الأزل قبل أن توجد السماء والأرض"(198) وفي هذه الوحدة العالمية تتلاشى كل المتناقضات، وتزول كل الفروق، وتتلاقى كل الأشياء المتعارضة؛ وليس فيه ولا في نظرته إلى الأشياء طيب أو خبيث، ولا أبيض أو أسود، ولا جميل أو قبيح ، ولا عظيم أو حقير. "ولو عرف الإنسان أن العالم صغير كحبة الخردل، وأن طرف الشعرة لا يقل في الارتفاع عن قمة الجبل، أمكن أن يقال عنه أنه يعرف النسبة بين الأشياء(200). وفي هذا الكل المبهم الغامض لا يدوم شكل من الأشكال، وليس فيه صورة فذة لا تنتقل إلى صورة أخري في دورة التطور التي تسير على مهل:
"إن بذور (الأشياء) دقيقة ولا حصر لها. وهي تكون على سطح الماء نسيجاً غشائياً. فإذا وصلت إلى حيث تلتقي الأرض والمياه اجتمعت وكونت (الحزاز الذي يكون) كساء الضفادع والحيوانات الصوفية. فإذا دبت فيها الحياة على التلال والمرتفعات صارت هي الطلح؛ فإذا غذاها السماء أضحت نبات عش الغراب. ومن جذور عش الغراب ينشأ الدود ومن أوراقه ينشأ الفراش. ثم يستحيل الفراش حشرة- وتعيش تحت موقد. ثم تتخذ الحشرة صورة اليرقة، وبعد ألف عام تصبح اليرقة طائراً... ثم تتحد الينجشي مع خيزرانة فينشأ من اتحادهما الخنج- تنج؛ ومنه ينشأ النمر، ومن النمر ينشأ الحصان، ومن الحصان ينشأ الإنسان. فالإنسان جزء من آلة (التطور) العظيمة، التي تخرج منها جميع الأشياء، والتي تدخل فيها بعد موتها" (201).
لا ننكر أن هذه الأقوال ليس فيها من الوضوح ما في نظرية دارون

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:39 pm

صفحة رقم : 1182




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


ولكنها أياً ما كان غموضها نظرية تطور.
"وفي هذه الدورة اللانهائية قد يستحيل الإنسان إلى صورة أخري غير صورته؛ ذلك أن صورته الحالية ليست إلا مرحلة عابرة من مراحل الانتقال، وقد لا تكون في سجل الخلود حقيقة إلا في ظاهر أمرها- أو جزءاً من الفوارق الخداعة التي تُغَشّي بها مايا جميع الكائنات(201) .
"رأيت أنا جونج- دزه مرة في منامي أني فراشة ترفرف بجناحيها في هذا المكان وذاك، أني فراشة حقاً من جميع الوجوه. ولم أكن أدرك شيئاً أكثر من تتبعي لخيالاتي التي تشعرني بأني فراشة. أما ذاتيتي الإنسانية فلم أكن أدركها قط. ثم استيقظت على حين غفلة وهاأنذا منطرح على الأرض رجلاً كما كنت، ولست أعرف الآن هل كنت في ذلك الوقت رجلاً يحلم بأنه فراشة، أو أنني الآن فراشة تحلم بأنها رجل" (202).
وليس الموت في رأيه إلا تغيراً في الصورة، وقد يكون تغيراً من حال إلى حال أحسن منها؛ أو أنه كما قال إبسن Ibsen فيما بعد الصائغ الذي يصهرنا مرة أخرى في أتون التغير والتطور:
"مرض تزه- لاي حتى أصبح طريح الفراش يلفظ آخر أنفاسه، ووقف من حوله زوجه وأبناؤه يبكون. وذهب لي يسأل عنه فلما أقبل عليهم قال لهم: "اسكتوا وتنحوا عن الطريق! ولا تقلقوه في حركة تبدله"... ثم اتكأ على الباب وتحدث إلى (الرجل المحتضر). فقال له تزه- لاي: "إن صلة الإنسان بالين واليانج أقوى من صلته بأبويه. فإذا كانا يتعجلان موتي وأعصي أنا أمرهما فإني أعد حينئذ عاقاً شرساً. هنالك "كتلة (الطبيعة) العظمى" التي تجعلني أحمل هذا الجسم، وأكافح في هذه الحياة، وتهد قواي في سن الشيخوخة، ثم أستريح بالموت. وإذن فذلك الذي يعنى بمولدي هو الذي يعنى بوفاتي. فهاهو ذا صاهر يصب المعادن. فإذا كان المعدن الذي يتأرجح



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:39 pm

صفحة رقم : 1183




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


أثناء صبه يناديه. "يجب أن أكون مويه (سيفاً قديماً مشهوراً) فإن الصاهر العظيم يعد هذا المعدن معدناً خبيثاً بلا ريب. وذلك أيضاً شأن الإنسان، فإذا ما أصر أن يكون إنساناً ولا شيء غير إنسان، لأنه في يوم من الأيام قد تشكل في صورة الإنسان، إذا فعل هذا فإن من بيده تصوير الأشياء وتشكيلها سيعده بلا ريب مخلوقاً خبيثاً. وإذن فلننظر إلى السماء والأرض نظرتنا إلى مصهر عظيم، ولننظر إلى مبدل الأشياء نظرتنا إلى صاهر عظيم؛ فهل لا نكون في مكاننا الحق أينما ذهبنا؟ إن السكون هو نومنا والهدوء هو يقظتنا" (203).
ولما تصرم أجل جونج نفسه أعد أتباعه له جنازة فخمة ولكنه نهاهم عن ذلك وقال لهم: "أليس موكب جنازتي معداً إذا كانت السماء والأرض تابوتي وغطائي، والشمس والقمر والنجوم شعائري، والخلائق كلها تشيعني إلى قبري؟" ولما عارض أتباعه في هذا، وقالوا إنه إن لم يدفن أكلت طيور الهواء الجارحة لحمه، رد عليهم جونج بقوله: "سأكون فوق الأرض طعاماً للحِدَأ، وسأكون تحتها طعاماً لصراصير الطين والنمل؛ فلم تحرمون بعضها طعامها لتقدموه للبعض الآخر؟" (204).
وإذا كنا قد أطنبنا في الكلام على فلاسفة الصين الأقدمين فإن بعض السبب في هذا يرجع إلى أن مشكلات الحياة الإنسانية المعقدة العسيرة الحل ومصائرها تستغرق تفكير العقل الباحث، وأن بعضه الآخر يرجع إلى أن علم فلاسفة الصين الأقدمين هو أثمن تراث خلفته تلك البلاد للعالم. ومن الدلائل القوية على قدر هذه الفلسفة أن ليبنتز Leibbnitz صاحب العقل العالمي الواسع، قام من زمن بعيد (في عام 1697م)، بعد أن درس الفلسفة الصينية، ينادي بضرورة تطعيم فلسفة الشرق والغرب كلتيهما بالأخرى وعبر عن رأيه هذا بألفاظ ستظل محتفظة بقيمتها في كل عصر ولكل جيل:
"إن الأحوال السائدة بيننا وما استشرى في الأرض من فساد طويل


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:40 pm

صفحة رقم : 1184




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


العهد تكاد كلها تحملني على الاعتقاد بأن الواجب أن يرسل إلينا مبشرون صينيون ليعلمونا أساليب الأديان القومية وأهدافها... ذلك بأني أعتقد أنه لو عين رجل حكيم قاضياً... ليحكم أي الشعوب أفضل أخلاقاً من سواها، لما تردد في الحكم للصين بالأسبقية في هذا المضمار" (205). وقد طلب ليبنتز إلى بطرس الأكبر أن ينشأ طريقاً برياً للصين، ودعا إلى إنشاء جمعيات في موسكو و برلين "لارتياد الصين وتبادل المدينتين الصينية والأوربية" (206). وفي عام 1721م بذل كرستيان ولف Christian Wolff مجهوداً آخر في هذا السبيل وذلك بما ألقاه من محاضرات في جامعة هالHalle "عن فلسفة الصينيين العملية"، واتهمه ولاة الأمور بالإلحاد وفصلوه من منصبه، فلما أن جلس فردرك الأكبر على عرش بروسيا دعاه إليها ورد إليه اعتباره (207).
وجاء عصر الاستنارة في فرنسا فعني بالفلسفة الصينية كما عني بتنسيق الحدائق الفرنسية على نمط الحدائق الصينية وتزيين المنازل بالنقوش والأدوات الصينية. ويلوح أن الفلاسفة الاقتصاديين الطبيعيين (الفزيوقراطيين) قد تأثروا بآراء لو- دزه، وجونج- دزه في نظرية "التخلي" Laissez faire وترك الأمور تجري في مجراها، وهي النظرية الاقتصادية التي يقولون بها ويدعون إليها(208). ولقد كان روسو يتحدث في بغض الأحيان كما يتحدث المعلم القديم وإنا لنتبين صلة وثيقة بينه وبين لو- دزه وجونج، ولو أن كنفوشيوس
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:40 pm


صفحة رقم : 1185




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الفلاسفة -> اشتراكيون وفوضويون -> جونج دزه المثالي


ومنشيس قد وهبا ملكة الفكاهة لكانت الصلة وثيقة بينهما وبين فلتير. وفي هذا يقول فلتير نفسه: "لقد قرأت كتب كنفوشيوس بعناية، واقتبست فقرات منها ولم أجد إلا أنقى المبادئ الخلقية التي لا تشوبها أقل شائبة من الشعوذة" (210). وقد كتب جيته في عام 1770م يقول إنه اعتزم أن يقرأ كتب الصين الفلسفية القديمة، ولما دوت مدافع نصف العالم في ليبزج Leipzig بعد ثلاثة وأربعين عاماً من ذلك الوقت لم يلتفت إليها الحكيم الشيخ لأنه كان منهمكاً في دراسة الآداب الصينية(211).
ولعل هذه المقدمة القصيرة غير العميقة تحفز القارىء إلى متابعة دراسة الفلاسفة الصينيين أنفسهم كما درسهم جيته وفلتير وتولستوي.
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:40 pm

صفحة رقم : 1186




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين



الباب الرابع والعشرون




عصر الشعراء




الفصل الأول




بسمرك الصين




عهد الدول المتنازعة - انتحار تشوبنج - شي هونج - دي يوحد




الصين - السور الكبير - "إحراق الكتب" - إخفاق شي هونج - دي


أكبر الظن أن كنفوشيوس مات بائساً، لأن الفلاسفة يحبون توحيد البلاد، ولأن الأمة التي حاول أن يوحدها تحت حكم أسرة قوية ظلت سادرة في الفوضى والفساد والانقسام. ولما أن ظهر هذا الموحد العظيم في آخر الأمر واستطاع بعبقريته الحربية والإدارية أن يؤلف من دويلات الصين دولة واحدة أمر بأن يحرق كل ما كان باقياً من كتب كنفوشيوس.
وفي وسعنا أن نحكم على الجو الذي كان يسود "عهد الدول المتنازعة" من قصة تشوبنج، وهو رجل بدأ نجمه يلمع في سماء الشعر، حتى سما إلى مركز عظيم في وظائف الدولة، ثم ألفى نفسه وقد طرد من منصبه على حين غفلة، فاعتزل الحياة العامة ولجأ إلى الريف وأخذ يفكر في الحياة والموت إلى جانب غدير هادئ، وسأل متنبئاً من المتنبئين:
"هل ينبغي لي أن أواصل السير في طريق الحق والوفاء؟، أو أسير في ركاب جيل فاسد ضال؟ هل أعمل في الحقول بالفأس والمجرف أو أسعى للرقي في حاشية عظيم من العظماء؟ هل أعرّض نفسي للخطر بما أنطق به من صريح اللفظ أو أتذلل بالنغم الزائف للأثرياء والعظماء؟ وهل أظل قانعاً راضياً بنشر الفضيلة

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:40 pm

صفحة رقم : 1187




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين


أو أمارس فن مصانعة النساء كي أنال النجاح؟ هل أكون نقي السريرة، طاهر اليد صالحاً مستقيماً، أو أكون معسول الكلام، مذبذباً، متزلفاً، نهازاً للفرص؟"(1).
وتخلص الرجل من هذه المشكلة العويصة بالانتحار غرقاً (حوالي 350 ق.م). ولا يزال الصينيون حتى يومنا هذا يحيون ذكراه في كل عام، ويحتفلون بهذه الذكرى في يوم عيد القارب الكبير وهو اليوم الذي ظلوا يبحثون فيه عن جثته في كل مجرى من المجاري المائية.
وكان الرجل الذي وحد الصين من أصل وضيع هو أدنأ الأصول التي استطاع المؤرخون الصينيون أن يخترعوها. فهم يقولون لنا أن شي هونج - دي كان ابناً غير شرعي لملكة تشين (لإحدى الولايات الغربية) من الوزير النبيل "لو"، وهو الوزير الذي اعتاد أن يعلق فوق باب داره ألف قطعة من الذهب جائزة لمن يستطيع أن يصلح كلمة واحدة من كتاباته(2) (ولم يرث ابنه عنه هذا الذوق الأدبي الممتاز).
ويقول زوماتشين إن شي اضطر والده إلى الانتحار واضطهد والدته، وجلس على كرسي الإمارة وهو في الثانية عشرة من عمره. ولما أن بلغ الخامسة والعشرين بدأ يفتح البلاد ويضم الدويلات التي كانت الصين منقسمة إليها من زمن بعيد؛ فاستولى على دولة هان في عام 230ق.م، وعلى جو في عام 228، وعلى ويه في عام 225، وعلى تشو في عام 223، وعلى ين في عام 222؛ واستولى أخيراً على دولة تشي المهمة في عام 221؛ وبهذا خضعت الصين لحكم رجل واحد لأول مرة منذ قرون طوال، أو لعل ذلك كان لأول مرة في التاريخ كله. ولقب الفاتح نفسه باسم شي هونج - دي، ثم وجه همه إلى وضع دستور ثابت دائم لإمبراطوريته الجديدة.
أما أوصاف هذا الرجل الذي يعده المؤرخون الصينيون عدوهم الألد،


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:41 pm

صفحة رقم : 1188




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين


فكل ما خلفوه لنا منها وهو قولهم انه كان "رجلا كبير الأنف، واسع العينين، ذا صدر كصدر الطائر الجارح، وصوت شبيه بابن آوى، لا يفعل الخير، له قلب كقلب النمر أو الذئب"(3). وكان قوى الشكيمة عنيداً لا يحول عن رأيه، ولا يعترف بالألوهية إلا لنفسه، اجتمعت فيه عقائد نيتشه وبسمرك، وعقد العزم على أن يوحد بلاده بالدم والحديد. ولما وحد بلاد الصين وجلس على عرشها كان أول عمل قام به أن حمى بلاده من الهمج البرابرة المجاورين لحدودها الشمالية، وذلك بأن أتم الأسوار التي كانت مقامة من قبل عند حدودها، ووصلها كلها بعضها ببعض. وقد وجد في أعدائه المقيمين في داخل البلاد مورداً سهلاً يستمد منه حاجته من العمال لتشييد هذا البناء العظيم الذي يعد رمزاً لمجد الصين ودليلاً على عظيم صبرها. ويبلغ طول السور العظيم ألفاً وخمسمائة ميل، وتتخلله في عدة أماكن منه أبواب ضخمة على النمط الآشوري، وهو أضخم بناء أقامه الإنسان في جميع عصور التاريخ، ويقول عنه فلتير: "إن أهرام مصر إذا قيست إليه لم تكن إلا كتلاً حجرية من عبث الصبيان لا نفع فيها"(4). وقد احتاج تشييده إلى عشر سنين وإلى عدد لا يحصى من الخلق؛ ويقول الصينيون إنه "أهلك جيلا من الناس، وأنقذ كثيراً من الأجيال". على أنه لم يصد الهمج عن الصين كما يتبين لنا ذلك فيما بعد، ولكنه عطل هجومهم عليها وقلل من حدته. وحال بين إغارتهم على أرض الصين زمناً ما، فاتجهوا غرباً إلى أوربا، ثم اجتاحوا بلاد إيطاليا، وسقطت رومة في أيديهم لأن الصين أقامت سورها العظيم.
ثم ترك شي هونج - دي، وهو مغتبط مسرور، شؤون الحرب ووجه عنايته، كما وجهها نابليون من بعده، إلى شؤون الإدارة، ووضع القواعد العامة التي قامت عليها الدولة الصينية في المستقبل. وعمل بمشورة لي - سيو، المشترع الكبير ورئيس وزرائه، فاعتزم ألا يقيم المجتمع الصيني على العادات المألوفة وعلى

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:41 pm



صفحة رقم : 1189




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين


الاستقلال المحلي للولايات، بل اعتزم أن يقيمه على قواعد القانون الصريح وعلى الحكومة المركزية القوية. ولذلك قضى على قوة أمراء الإقطاع، واستبدل بهم طائفة من كبار الموظفين تعينهم الوزارة القومية في مناصبهم؛ وأقام في كل مركز من المراكز حامية عسكرية مستقلة عن الحاكم المدني، وسن للبلاد قوانين وأنظمة موحدة، وبسط الاحتفالات الرسمية، وسك عملة للدولة، وجزأ معظم الضياع الإقطاعية، ومهد السبيل لرخاء الصين بإنشاء الملكيات الزراعية، ولوحدتها القوية بإنشاء الطرق الكبيرة الممتدة من هين - يانج عاصمة ملكه إلى جميع أطراف إمبراطوريته. وجمل العاصمة بما أقامه فيها من القصور الكثيرة، وأقنع أغنى أسر الدولة وأقواها سلطاناً البالغ عددها 000ر12 أسرة بأن تعيش في هذه العاصمة تحت إشرافه ورقابته. وكان يسير في البلاد متخفياً ومن غير حرس، يتفقد أحوالها ويتعرف ما فيها من خلل وفساد وسوء نظام، ثم يصدر الأوامر الصريحة لإصلاح هذه العيوب، وقد شجع العلم وقاوم الأدب(5).
ذلك أن رجال الأدب من شعراء، ونقدة، وفلاسفة بوجه عام، وطلاب الفلسفة الكنفوشية بنوع خاص، كانوا أعدى أعدائه. فقد كانوا يتبرمون بسيطرته القوية الشاملة، وكانوا يرون أن إنشاء حكومة مركزية عليا سيقضي لا محالة على تباين أساليب التفكير والحياة وحريتهما.
وقد كان هذا التباين وتلك الحرية مصدر الانتعاش الأدبي طوال عهد الحروب والانقسامات أيام أسرة جو. فلما أقبل هؤلاء العلماء على شي هونج - دي يحتجون عليه لإغفاله الاحتفالات القديمة رد عليهم رداً جافاً وأمرهم ألا يتدخلوا فيما لا يعنيهم(6). وجاءه وفد من كبار العلماء الرسميين يعرضون عليه أنهم قد أجمعوا رأيهم على أن يطلبوا إليه إعادة النظام الإقطاعي بتوزيع الضياع على أقاربه؛ وأضافوا إلى ذلك قولهم: "لم يحدث قط فيما وصل إلى علمنا أن إنساناً لم يترسم خطوات أسلافه الأقدمين في أمر من الأمور ودام عمله طويلاً "(7). فرد عليهم



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:41 pm

صفحة رقم : 1190




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين


لي سيو رئيس الوزراء، وكان وقتئذ يعمل على إصلاح الحروف الهجائية الصينية ويضعها في الصورة التي تكاد تحتفظ بها إلى يومنا هذا، رد عليهم بخطبة تاريخية لا ترفع من شأن الآداب الصينية قال:
"إن الملوك الخمسة لم يفعل كل منهم ما فعله الآخر، وإن الأسر المالكة الثلاث لم تحذ إحداها حذو الأخرى؛... ذلك أن الأيام قد تبدلت. والآن قد قمتم جلالتكم لأول مرة بعمل جليل، وأسستم مجداً سيدوم مدى عشرة آلاف جيل. لكن الحكام الأغبياء عاجزون عن فهم هذا العمل... لقد كانت الصين في الأيام الخالية مضطربة منقسمة على نفسها، ولم يكن بمقدور أحد أن يوحدها؛ ومن أجل هذا ساد النبلاء جميعاً وقويت شوكتهم؛ وهؤلاء النبلاء جميعاً تدور أحاديثهم كلها حول الأيام الخالية ليعيبوا هذه الأيام... وهم يشجعون الناس على اختراع التهم الباطلة، فإذا ترك لهم الحبل على الغارب، فسينحط مقام الملك في أعين الطبقات العليا، وستنتشر الأحزاب والفرق بين الطبقات السفلى.
"ولهذا اقترح أن تحرق التواريخ الرسمية جميعها عدا "مذكرات تشين، وأن يرغم الذين يحاولون إخفاء الشي - جنج، والشو - جنج ومحاورات المدارس المائة على أن يأتوا بها إلى ولاة الأمور لإحراقها"(Cool.
وأعجب الإمبراطور إعجاباً شديداً بهذه الفكرة، وأصدر الأمر بتنفيذ هذا الطلب، وجيء بكتب المؤرخين في كل مكان وألقيت في النار يرفع عبء الماضي عن كاهل الحاضر؛ وحتى يبدأ تاريخ الصين من عهد شي هونج - دي. ويلوح أن الكتب العلمية ومؤلفات منشيس قد نجت من النيران، وأن كثيراً من الكتب المحرمة قد احتفظ بها في دار الكتب الإمبراطورية حيث يستطيع الرجوع إليها الطلاب الذين يجيز لهم الإمبراطور هذا الاطلاع(9). وإذ كانت

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:41 pm


صفحة رقم : 1191




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين


الكتب في تلك الأيام تكتب على شرائح من الخيزران يشد بعضهما إلى بعض بمشابك متحركة، وإذ كان المجلد الواحد لهذا السبب كبير الحجم ثقيل الوزن، فإن العلماء الذين حاولوا إخفاء هذه الكتب قد لاقوا عناء كبيراً. وكشف أمر بعضهم، وتقول الروايات إن كثيرين منهم أرسلوا للعمل في بناء السور الكبير، وأن أربعمائة وستين منهم أعدموا(10). ولكن بعض الأدباء حفظوا مؤلفات كنفوشيوس كلها عن ظهر قلب، ولقنوها لحفاظ مثلهم، فما إن توفى الإمبراطور عادت هذه الكتب من فورها إلى الظهور والانتشار، وإن كان كثير من الأغلاط قد تسرب في أكبر الظن إلى نصوصها. وكل ما كان لهذا التحريم من أثر خالد أن خلع على الآداب المحرمة هالة من القداسة وأن جعل شي هونج - دي مبغضاً إلى المؤرخين الصينيين. وظل الناس أجيالاً طوالاً يعبرون عن عقيدتهم فيه بتدنيس قبره(11).
وكان من أثر القضاء على الأسر القوية وعلى حرية الكتابة والخطابة أن أمسى شي في شيخوخته لا نصير له ولا معين. وحاول أعداؤه عدة مرات أن يغتالوه، ولكنه كان يكشف أمرهم في الوقت المناسب ويقتل بيده من يحاولون قتله. وكان يجلس على عرشه والسيف مسلول فوق ركبتيه، ولا يسمح لأحد أن يعرف في أية حجرة من حجرات قصوره الكثيرة ينام ليله(13). وقد حاول كما حاول الإسكندر من بعده أن يقوي أسرته بما يذيعه في الناس من أنه إله، ولكنه أخفق في غرضه هذا كما أخفق الإسكندر لأنه لم يستطع أن يقنع الناس بما بينه وبين الآلهة من شبه. وأصدر أمراً بأن يطلق عليه خلفاؤه "الإمبراطور الأول"، وأن يضعوا هم لأسمائهم أرقاماً مسلسلة من بعده تنتهي بالإمبراطور المتمم لعشرة آلاف من نسله. ولكن أسرته قضي عليها بموت ولده. وإذا جاز لنا أن نصدق أقوال المؤرخين الذين كانوا يبغضونه فإنه صار في شيخوخته يؤمن بالخرافات، وينفق الأموال الطائلة في البحث عن أكسير الخلود. ولما


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:42 pm

صفحة رقم : 1192




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> بسمرك الصين


مات جيء بجسمه سراً إلى عاصمة ملكه، وقد نقلته إليها قافلة تحمل السمك النتن حتى تختفي بذلك رائحته الكريهة، ويقال أن بضعة آلاف من الفتيات قد دفن معه ليؤنسنه في قبره، وأن خلفه أراد أن يظهر اغتباطه بموته فنثر الأموال على قبره وأنفق الكثير منها في تزيينه، فنقشت على سقفه أبراج النجوم، وصورت على أرضه خريطة للإمبراطور بالزئبق فوق أرضية من البرنز، وأقيمت في القبة آلات تقتل من نفسها كل من يتعدى على حرمه القبر، وأشعلت فيه شموع ضخمة لكي تضيء أعمال الإمبراطور الميت وأعمال ملكاته إلى أمد غير محدود. أما العمال الذي حملوا التابوت إلى القبر فقد دفنوا فيه أحياء مع حملهم خشية أن يكشفوا للناس عن الطريق السري المؤدي إلى المدفن(14).


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:42 pm


صفحة رقم : 1193




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> تجارب في الاشتراكية



الفصل الثاني




تجارب في الاشتراكية




الفوضى والفقر - أسرة هان - إصلاحات وو دي - ضريبة الدخل -




مشروعات وانج مانج الاقتصادية - القضاء عليها - غزو التتار


وأعقب موته عهد من الفوضى والاضطراب كما تعقب الفوضى والاضطراب موت الطغاة جميعهم تقريباً في أحقاب التاريخ كلها. ذلك أنه في وسع إنسان أياً كان أن يجمع السلطة كلها في يده ويحسن التصرف فيها. وثار الشعب إلى ابنه وقتله بعد أن قتل هو لي سيو بقليل، وقضى على أسرة تشين، ولم يمض على وفاة مؤسسها أكثر من خمس سنين. وأقام الأمراء المتنافسون ممالك متنافسة متعادية وساد الاضطراب من جديد. ودامت هذه الحال حتى اغتصب العرش زعيم عسكري مغامر مرتزق يدعى جو - دزو، وأسس أسرة هان التي ظلت تحكم البلاد أربعمائة عام كاملة، تخللتها فترات أنزلت فيها عن العرش، وتبدلت فيها العاصمة مرة واحدة . وأعاد ون - دي (179-75ق.م.) إلى الشعب حرية القول والكتابة، وألغي المرسوم الذي حرم به هونج - دي انتقاد الحكومة، وجرى على سياسة السلم، وابتدع العادة الصينية المأثورة عادة هزيمة قائد الجيش العدو بتقديم الهدايا إليه(15).
وكان وو - دي أعظم الأباطرة من أسرة هان؛ وقد حكم البلاد زهاء نصف قرن (140-87 ق.م) وصد البرابرة المغيرين، وبسط حكم الصين على
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:42 pm


صفحة رقم : 1194




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> تجارب في الاشتراكية


كوريا ومنشوريا وأنام، والهند الصينية والتركستان، وشملت الصين - لأول مرة في التاريخ جميع الأقاليم الشاسعة التي تعودنا أن نقرنها باسمها. وأخذ وو - دي يقوم بتجارب في الاشتراكية، فجعل موارد الثروة الطبيعية ملكاً للامة، وذلك ليمنع الأفراد "أن يختصوا أنفسهم بثروة الجبال والبحار، ليجنوا من ورائها الأموال الطائلة، ويخضعوا لهم الطبقات الدنيا(16). واحتكرت الدولة استخراج الملح والحديد وعصر الخمور وبيعها. وأراد وو - دي - كما يقول معاصره زوماتشين - أن يقضي على سلطان الوسطاء والمضاربين "الذين يشترون البضائع نسيئة، ويعقدون القروض، والذين يشترون ليكدسوا ما يشترونه في المدن، والذين يخزنون كل أنواع السلع"، فأنشأ نظاماً قومياً للنقل والتبادل تشرف عليه الدولة، وسعى للسيطرة على التجارة حتى يستطيع منع تقلب الأسعار الفجائي. فكان عمال الدولة هم الذين يتولون شئون نقل البضائع وتوصيلها إلى أصحابها في جميع أنحاء البلاد. وكانت الدولة نفسها تخزن ما زاد من السلع على حاجة الأهلين، وتبيعها إذا أخذت أثمانها في الارتفاع فوق ما يجب، كما كانت تشتريها إذا انخفضت الأسعار وبهذه الطريقة كان "أغنياء التجار وأصحاب المتاجر الكبيرة يمنعون من أن يجنوا الأرباح الطائلة... وكانت الأسعار تنظم وتتوازن في جميع أنحاء الإمبراطورية"(17). وكان دخل الأفراد كله يسجل في سجلات حكومية وتؤدى عنه ضريبة مقدارها خمسة في المائة. وكان الأمير يسك النقود المصنوعة من الفضة مخلوط بالقصدير لتكثر في أيدي الناس فيسهل عليهم شراء البضائع واستهلاكها. وشرع يقيم المنشآت العامة العظيمة ليوجد بذلك عملاً لملايين الناس الذين عجزت الصناعات الخاصة عن استيعابهم، فأنشئت الجسور على أنهار الصين وحفرت قنوات لا حصر لها لربط الأنهار بعضها ببعض وإرواء الحقول

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:42 pm


صفحة رقم : 1195




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> تجارب في الاشتراكية


وازدهر النظام الجديد وأفلح إلى حين، وراجت التجارة، وكثرت البضائع وتنوعت، وارتبطت الصين مع الأمم المجاورة لها ومع أمم الشرق الأدنى البعيدة عنها(20). وكثر سكان عاصمتها لو - يانج وزادت ثروتها وامتلأت خزائن الدولة بالأموال، وانتشر طلاب العلم في كل مكان، وكثر الشعراء، وبدأ الخزف الصيني يتخذ منظراً جميلاً جذاباً. وجمع في المكتبة الإمبراطورية 123ر3 مجلداً في الأدب الصيني القديم، و 705ر2 في الفلسفة، و 388ر1 في الشعر، و 568ر2 في الرياضيات، و 868 في الطب، و 790 في فنون الحرب(21). ولم يكن أحد يعين في مناصب الدولة إلا إذا اجتاز امتحاناً تضعه لهذا الغرض، وكانت هذه الامتحانات عامة يتقدم إليها كل من شاء. والحق أن الصين لم يمر بها عهد من الرخاء كالذي مر بها تلك الأيام.
ولكن طائفة من الكوارث الطبيعية مضافاً إليها خبث بني الإنسان قضت على هذه التجربة الجريئة. فقد تعاقبت على البلاد سنون من الفيضان والجدب ارتفعت على أثرها أسعار السلع ارتفاعاً لم تقو الحكومة على وقفه. وتضايق الناس من غلو أثمان الطعام والكساء فصاحوا يطالبون بالعودة إلى الأيام الحلوة الماضية، التي أضحت في اعتقادهم خير الأيام وأكثرها رخاء، وأشاروا بأن يُغلى مقترح النظام الجديد في الماء وهو حي، ونادى رجال الأعمال بأن سيطرة الدولة قضت على الابتكار الفردي السليم وعلى التنافس الحر، وأبوا أن يؤدوا ما يلزم لهذه التجارب من الضرائب الباهظة التي كانت الحكومة تفرضها عليهم(22). ودخلت النساء بلاط الإمبراطور وبسطن نفوذهن السرى على كبار



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:42 pm

صفحة رقم : 1196




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> تجارب في الاشتراكية


الموظفين، وأصبحن عنصراً هاماً في الموجة من الفساد انتشرت في طول البلاد وعرضها بعد وفاة الإمبراطور(23). وأخذ المزيفون يقلدون العملة الجديدة ونجحوا في تقليدها إلى حد اضطر الحكومة إلى سحبها من أيدي الناس، وعادت الخطة القديمة خطة استغلال الضعفاء، يسيطر عليها نظام جديد، ومضى قرن من الزمان نسيت فيه إصلاحات وو دي أو أضحت مسبة له وعاراً.
وجلس على عرش الصين مصلح آخر في بداية التاريخ المسيحي بعد أربعة وثمانين عاماً من موت وو دي، وكان في بادئ الأمر وصياً على العرش ثم أصبح فيما بعد إمبراطوراً. وكان هذا الإمبراطور وانج مانج من أرقى طراز وصل إليه الرجل الصيني الكامل المهذب؛ وكان على غناه يعيش عيشة معتدلة بل عيشة مقتصدة، ويوزع دخله على أقاربه وعلى الفقراء من أهل البلاد . وقد قضى جل وقته يكافح لإعادة النظام إلى أحوال البلاد الاقتصادية والسياسية، ولكنه مع ذلك وجد فسحة من الوقت لا لمناصرة الأدب والعلم فحسب بل للاشتغال بهما بنفسه حتى أصبح من أكمل الناس ثقافة وتهذيباً؛ ولما جلس على سرير المُلك لم يحط نفسه بما يحيط به الملوك أنفسهم من الساسة، بل جمع حوله رجالاً من الأدباء والفلاسفة، وإلى هؤلاء الرجال يعزو أعداؤه أسباب إخفاقه، وإليهم يعزو أصدقاؤه أسباب نجاحه.
وروع وانج مانج في بداية حكمه انتشار الرق في ضياع الصين الكبيرة، فلم يكن منه إلا أن ألغى الرق وألغى الضياع بتأميم الأرض الزراعية، فقسمها قطعاً متساوية ووزعها على الزراع، ثم حرم بيع الأرض وشراؤها ليمنع بذلك عودة الأملاك الواسعة إلى ما كانت عليه من قبل(25). واحتفظ باحتكار الدولة للملح والحديد وأضاف إلى ذلك امتلاكها للمناجم وإشرافها على تجارة الخمور.

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:43 pm

صفحة رقم : 1197




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> تجارب في الاشتراكية


وحاول كما حاول وودي أن يحمي الزراع والمستهلكين من جشع التجار بتحديد أثمان السلع. فكانت الدولة تشتري ما زاد على الحاجة من الحاصلات الزراعية وتبيعها إذا عزت وغلا ثمنها. وكانت الحكومة تقدم القروض بفائدة منخفضة لكل مشروع إنتاجي(26).
لكن وانج لم يفكر في خططه إلا من الناحية الاقتصادية ونسي طبائع الآدميين. فكان يعمل الساعات الطوال بالليل والنهار ليبتكر الخطط التي تزيد ثروة الأمة وأسباب سعادتها، ولكن أحزنه وأضرم قلبه أن وجد الاضطراب الاجتماعي ينتشر في البلاد في أثناء حكمه. فقد ظلت الكوارث الطبيعية كالفيضان والجدب تعطل مشروعاته الاقتصادية، واجتمعت كل الطوائف التي قضت هذه المشروعات على مطاعمها وأخذت تكيد له وتعمل لإسقاطه. فثار نقع الفتن في البلاد يصلت سيفها الشعب في الظاهر، ولكن أكبر الظن أن القائمين بها كانوا يتلقون الأموال من مصادر عليا. وبينما كان وانج يكافح ليقلم أظفار هذه الفتن، وقد ساءه كفر الشعب بفضله وجحوده بنعمته، إذ أخذت الشعوب الخاضعة لسلطان الصين تشق عصا الطاعة، كما أخذ برابرة الشيونج - نو يجتاحون الولايات الشمالية، فأضعف ذلك كله من هيبة الإمبراطور.
وتزعمت أسرة ليو الغنية ثورة عامة اندلع لهيبها في البلاد واستولت على شانج - آن، وقتلت وانج مانج، وألغت جميع إصلاحاته، وعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل.
وجلس على العرش في أواخر أيام أسرة هان جماعة من الأباطرة الضعاف خاف بعضهم بعضاً، وانتهى بهم عهد هذه الأسرة؛ وأعقب ذلك عهد من الفوضى حكمت في أثنائه أسر خاملة الذكر، انقسمت البلاد في أيامها إلى دويلات متعددة. وتدفق التتار على البلاد ولم يصدهم عنها السور على مساحات واسعة من أجزائها الشمالية، وكانت غارات هؤلاء التتار
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:43 pm

صفحة رقم : 1198




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> تجارب في الاشتراكية


سبباً في اضطراب حياة الصين والقضاء على حضارتها النامية، كما كانت غارات الهون الذين يمتون إلى التتار بأواصر القرابة العنصرية سبباً في اضطراب نظام الإمبراطور الرومانية وإلقاء أوربا في غمار الفوضى التي أرجعها نحو مائة عام كاملة. وفي وسعنا أن ندرك ما يمتاز به الصينيون من صلابة عنصرية، ومن قوة في الأخلاق والثقافة، إذا عرفنا أن هذا الاضطراب كان أقصر أجلاً وأقل عمقاً من الاضطراب الذي قضى على الدولة الرومانية. فلما أن انقضى عهد من الحروب والفوضى والامتزاج العنصري بين المغيرين والأهلين، أفاقت الحضارة الصينية من سباتها، وانتعشت انتعاشاً رائعاً يبهر الأنظار.
ولعل دم التتار الجديد قد بعث القوة في أمة كانت قد أدركتها الشيخوخة. وقبل الصينيون الغزاة الفاتحين بينهم، وتزوجوا منهم، وحضروهم، وارتقوا هم وإياهم إلى أسمى ما بلغوه من المجد في تاريخهم الطويل.

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:43 pm


صفحة رقم : 1199




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> مجد تانج



الفصل الثالث




مجد تانج




الأسرة المالكة الجديدة - خطة ناي دزونج في تقليل الجرائم - عصر رخاء -




"الإمبراطور النابه" - رواية يانج - جوي - في - ثورة آن لو - شان


تعزى نهضة الصين الكبرى في العصر الذي سنتحدث عنه في هذا الفصل إلى أسباب ثلاثة وهي: امتزاج هذين الشعبين، والقوة الروحية التي انبعثت من دخول البوذية فيها، وعبقرية إمبراطور من أعظم أباطرتها وهو ناي دزونج الذي حكمها من عام 627 إلى عام 650 بعد الميلاد. جلس هذا الإمبراطور على عرش الصين وهو في الحادية والعشرين من عمره بعد أن نزل عنه أبوه جو - دزو الثاني الذي أقام أسرة تانج قبل ذلك الوقت بتسع سنين. وقد بدأ حكمه بداية غير مبشرة بخير، وذلك بقتل أخوته الذين كانوا يهددونه باغتصاب عرشه، ثم أظهر كفايته العسكرية برد غارات القبائل الهمجية إلى مواطنها الأصلية، وإخضاع الأقاليم المجاورة التي خرجت على حكم الصين بعد سقوط أسرة هان. ثم عافت نفسه الحرب فجأة وعاد إلى شانجان عاصمة ملكه وخصص جهوده كلها للأعمال السلمية، فقرأ مؤلفات كنفوشيوس مرة بعد مرة، وأمر بنشرها في شكل بديع رائع وقال في هذا: "إنك إذا استعنت بمرآة من الشبهان فقد تستطيع أن تعدل وضع قلنسوتك على رأسك؛ وإذا اتخذت الماضي مرآة لك فقد تستطيع أن تتنبأ بقيام الإمبراطوريات وسقوطها". ورفض كل أسباب الترف وأخرج من قصره الثلاثة آلاف من السيدات اللاتي جيء بهن لتسليته.


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:44 pm

صفحة رقم : 1200




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> مجد تانج


ولما أشار عليه وزراؤه بوضع القوانين الصارمة لقمع الجرائم قال لهم: "إني إذا أنقصت نفقات المعيشة، وخففت أعباء الضرائب، ولم أستعن إلا بالأمناء من الموظفين حتى يحصل الناس على كفايتهم من الكساء، كان أثر هذه الأعمال في منع السرقات أعظم من أثر أقسى أنواع العقاب"(27).
وزار الإمبراطور يوماً سجون شانجان فرأى فيها مائتين وتسعين سجيناً حكم عليهم بالإعدام. فلم يكن منه إلا أن أرسلهم ليحرثوا الأرض واكتفى منهم بأن يعدوه بشرفهم أن يعودوا إلى سجنهم. وكان أن عادوا جميعاً، وبلغ من سرور تاي دزونج أن أمر بالإفراج عنهم كلهم، وسن من ذلك الوقت قانوناً يقضي بالا يصادق أي إمبراطور على حكم بالإعدام إلا بعد أن يصوم ثلاثة أيام. وجمّل عاصمة ملكه حتى أقبل عليها السياح من الهند ومن أوربا، وجاء إلى الصين عدد كبير من الرهبان البوذيين الهنود، وكان البوذيون الصينيون أمثال يوان جوانج يسافرون بكامل حريتهم إلى بلاد الهند ليأخذوا دين الصين الجديد عن مصادره الأصلية. وجاء المبشرون إلى شانجان ليبشروا بالأديان الزرادشتية والنسطورية المسيحية، وكان الإمبراطور يرحب بهم كما كان يرحب بهم أكبر، ويبسط عليهم حمايته، ويطلق لهم كامل حريتهم، ويعفي معابدهم من الضرائب، وذلك في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعاني آلام الفاقة والجهالة والمنازعات الدينية. أما هو نفسه فقد بقى كنفوشياً بسيطاً بعيداً عن التحيز والتحكم في عقول رعاياه، وقد قال عنه مؤرخ نابه إنه لما مات حزن الناس عليه حزناً لم يقف عند حد، وبلغ من حزن المبعوثين الأجانب أنفسهم أن كانوا يثخنون أجسامهم بالجراح بالمدي والحراب، وينثرون دماءهم التي أراقوها بأنفسهم طائعين على نعش الإمبراطور المتوفي"(28).
لقد مهد هذا الإمبراطور السبيل إلى أعظم عصور الصين خلقاً وإبداعاً، فقد نعمت في عهده بخمسين عاماً من السلام النسبي واستقرار الحكم فشرعت

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 6 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:44 pm

صفحة رقم : 1201




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> مجد تانج


تصدر ما زاد على حاجتها من الأرز والذرة والحرير والتوابل، وتنفق مكاسبها في ضروب من الترف لم يسبق لها مثيل. فغصت بحيرتها بقوارب التنزه المنقوشة الزاهية الألوان، واكتظت أنهارها وقنواتها بالسفن التجارية، وكانت المراكب تخرج من موانيها تمخر عباب البحار إلى الثغور البعيدة على شواطئ المحيط الهندي والخليج الفارسي. ولم تعرف الصين قبل ذلك العهد مثل هذه الثروة الطائلة؛ ولم تستمتع قط بما كانت تستمتع به وقتئذ من الطعام الوفير، والمساكن المريحة، والملابس الجميلة(29). وبينما كان الحرير يباع في أوربا بما يعادل وزنه ذهباً(30)، كان هو الكساء المألوف لنصف سكان المدن الصينية الكبرى، وكانت الملابس المتخذة من الفراء في القرن الثامن في شانجان أكثر منها في نيويورك في القرن العشرين. وكان في إحدى القرى القريبة من العاصمة مصانع للحرير تستخدم مائة ألف عامل(31). وصاح لي بو في إحدى الولائم: "ما أعظم هذا الكرم، وما أكثر هذا الإسراف في المال! أأقداح من اليشم الأحمر، وأطعمة شهية نادرة على موائد مرصعة بالجواهر الخضراء؟"(32). وكانت التماثيل تنحت من الياقوت، وأجسام الأثرياء من الموتى تدفن على فرش من اللؤلؤ(33). وكأنما أولع هذا الجنس العظيم بالجمال فجأة، وأخذ يكرم بكل ما في وسعه من كان قادراً على خلق هذا الجمال. ومن أقوال أحد النقاد الصينيين في هذا: "ذلك عصر كان فيه كل رجل بحق شاعرا" (34). ورفع الأباطرة الشعراء والمصورين إلى أعلى المناصب. ويروي "سير جون مانفيل" Sir John Manville أن أحداً من الناس لم يكن يجرؤ على أن يخاطب الإمبراطور إلا "إن كان شاعراً مطرباً يغني وينطق بالفكاهات" (35). وأمر أباطرة المانشو في القرن الثامن عشر الميلادي أن يوضع سجل يحوى ما قاله شعراء تانج، فكانت


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 6 من اصل 19 الصفحة السابقة  1 ... 5, 6, 7 ... 12 ... 19  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى