في ظلال القرآن سورة الأنفال
4 مشترك
صفحة 2 من اصل 5
صفحة 2 من اصل 5 • 1, 2, 3, 4, 5
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
"وما إن يتكون هذا الحزب حتى يبدأ بالجهاد في سبيل الغاية التي أنشئ لأجلها . فمن طبيعته , وما يستدعيه وجوده , أن لا يألو جهداً في القضاء على نظم الحكم التي أسس بنيانها على غير قواعد الإسلام , واستئصال شأفتها , وأن يستنفد مجهوده في أن يستبدل بها نظاماً للعمران والاجتماع معتدلاً , مؤسساً على قواعد ذلك القانون الوسط العدل الذي يسميه القرآن الكريم: كلمة الله . فإن لم يبذل هذا الحزب الجهد المستطاع ,ولم يسع سعيه وراء تغيير نظم الحكم وإقامة نظام الحق . . نظام الحكم المؤسس على قواعد الإسلام . . ولم يجاهد حق جهاده في هذه السبيل , فاتته غايته . وقصر عن تحقيق البغية التي أنشئ لأجلها . فإنه ما أنشئ إلا لإدراك هذه الغاية , وتحقيق هذه البغية . . بغية إقامة نظام الحق والعدل . . ولا غاية له ولا عمل إلا الجهاد في هذه السبيل . وهذه الغاية الوحيدة التي بينها الله تعالى في كتابه العزيز بقوله:
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). . [ آل عمران:110 ]
"ولا يظن أحد أن هذا الحزب . . (حزب الله)بلسان الوحي . . مجرد جماعة من الوعاظ المبشرين , يعظون الناس في المساجد , ويدعونهم إلى مذاهبهم ومسالكهم بالخطب والمقالات ليس إلا ! ليس الأمر كذلك ! وإنما هو حزب أنشأه الله ليحمل لواء الحق والعدل بيده , ويكون شهيداً على الناس ; ومن مهمته التي ألقيت على كاهله من أول يوم أن يقضي على منابع الشر والعدوان , ويقطع دابر الجور والفساد في الأرض والاستغلال الممقوت ; وأن يكبح جماح الآلهة الكاذبة . الذين تكبروا في أرض الله بغير الحق ; وجعلوا أنفسهم أربابا من دون الله ; ويستأصل شأفة ألوهيتهم . ويقيم نظاما للحكم والعمران صالحا يتفيأ ظلاله القاصي والداني والغني والفقير . . وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى في غير واحدة من آي الذكر الحكيم:
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله). . [ الأنفال:38 ] .
(إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). . [ الأنفال:73 ] .
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). . [ التوبة:33 ]
"فتبين من كل ذلك أن هذا الحزب لا بد له من امتلاك ناصية الأمر ; ولا مندوحة له من القبض على زمام الحكم ; لأن نظام العمران الفاسد لا يقوم إلا على أساس حكومة مؤسسة على قواعد العدوان والفساد في الأرض ; وكذلك ليس من الممكن أن يقوم نظام للحكم صالح , ويؤتي أكله , إلا بعدما ينتزع زمام الأمر من أيدي الطغاة المفسدين . ويأخذه بأيديهم رجال يؤمنون بالله واليوم الآخر ; ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً .
"وأضف إلى ذلك أن هذا الحزب ; بصرف النظر عما يرمي إليه من إصلاح العالم ; وبث الخير والفضيلة في أنحاء الأرض كافة , لا يقدر أن يبقى ثابتاً على خطته , متمسكاً بمنهاجه , عاملاً وفق مقتضياته ما دام نظام الحكم قائماً على أساس آخر , سائراً على منهاج غير منهاجه . وذلك أن حزباً مؤمناً بمبدأ ونظام للحياة
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). . [ آل عمران:110 ]
"ولا يظن أحد أن هذا الحزب . . (حزب الله)بلسان الوحي . . مجرد جماعة من الوعاظ المبشرين , يعظون الناس في المساجد , ويدعونهم إلى مذاهبهم ومسالكهم بالخطب والمقالات ليس إلا ! ليس الأمر كذلك ! وإنما هو حزب أنشأه الله ليحمل لواء الحق والعدل بيده , ويكون شهيداً على الناس ; ومن مهمته التي ألقيت على كاهله من أول يوم أن يقضي على منابع الشر والعدوان , ويقطع دابر الجور والفساد في الأرض والاستغلال الممقوت ; وأن يكبح جماح الآلهة الكاذبة . الذين تكبروا في أرض الله بغير الحق ; وجعلوا أنفسهم أربابا من دون الله ; ويستأصل شأفة ألوهيتهم . ويقيم نظاما للحكم والعمران صالحا يتفيأ ظلاله القاصي والداني والغني والفقير . . وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى في غير واحدة من آي الذكر الحكيم:
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله). . [ الأنفال:38 ] .
(إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). . [ الأنفال:73 ] .
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). . [ التوبة:33 ]
"فتبين من كل ذلك أن هذا الحزب لا بد له من امتلاك ناصية الأمر ; ولا مندوحة له من القبض على زمام الحكم ; لأن نظام العمران الفاسد لا يقوم إلا على أساس حكومة مؤسسة على قواعد العدوان والفساد في الأرض ; وكذلك ليس من الممكن أن يقوم نظام للحكم صالح , ويؤتي أكله , إلا بعدما ينتزع زمام الأمر من أيدي الطغاة المفسدين . ويأخذه بأيديهم رجال يؤمنون بالله واليوم الآخر ; ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً .
"وأضف إلى ذلك أن هذا الحزب ; بصرف النظر عما يرمي إليه من إصلاح العالم ; وبث الخير والفضيلة في أنحاء الأرض كافة , لا يقدر أن يبقى ثابتاً على خطته , متمسكاً بمنهاجه , عاملاً وفق مقتضياته ما دام نظام الحكم قائماً على أساس آخر , سائراً على منهاج غير منهاجه . وذلك أن حزباً مؤمناً بمبدأ ونظام للحياة
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
والحكم خاص , لا يمكن أن يعيش متمسكاً بمبدئه عاملاً حسب مقتضاه في ظل نظام للحكم مؤسس على مبادئ وغايات غير المبادى ء والغايات التي يؤمن بها , ويريد السير على منهاجها . فإن رجلاً يؤمن بمبادئ الشيوعية , إن أراد أن يعيش في بريطانيا أو ألمانيا , متمسكاً بمبدئه , سائراً في حياته على البرنامج الذي تقرره الشيوعية , فلن يتمكن من ذلك أبداً , لأن النظم التي تقررها الرأسمالية أو الناتسية تكون مهيمنة عليه , قاهرة بما أوتيت من سلطان , فلا يمكنه أن يتخلص من براثنها أصلا . . وكذلك إن أراد المسلم أن يقضي حياته مستظلاً بنظام للحكم مناقض لمبادئ الإسلام الخالدة وبوده أن يبقى مستمسكاً بمبادئ الإسلام , سائراً وفق مقتضاه في أعماله اليومية , فلن يتسنى له ذلك , ولا يمكنه أن ينجح في بغيته هذه أبداً . لأن القوانين التي يراها باطلة , والضرائبالتي يعتقدها غرماً ونهبا لأموال الناس , والقضايا التي يحسبها جائرة عن الحق وافتئاتاً على العدل , والنظم التي يعرف أنها مبعث الفساد في الأرض , ومناهج التعليم التي يجزم بوخامة عاقبتها وسوء نتائجها , ويرى فيها هلاكاً للأمة . . يجد كل هذه مهيمنة عليه , ومسيطرة على بيئته وأهله وأولاده , بحيث لا يمكنه أن يتخلص من قيودها وينجو بنفسه وأهله من أثرها ونفوذها . فالذي يؤمن بعقيدة ونظام - فرداً كان أو جماعة - مضطر بطبيعة عقيدته وإيمانه بها أن يسعى سعيه في القضاء على نظم الحكم القائمة على فكرة غير فكرته , ويبذل الجهد المستطاع في إقامة نظام للحكم مستند إلى الفكرة التي يؤمن بها ; ويعتقد أن فيها سعادة للبشر . لأنه لا يتسنى له العمل بموجب عقيدته والسير على منهاجه إلا بهذا الطريق . وإذا رأيت رجلا لا يسعى وراء غايته , أو يغفل عن هذا الواجب , فاعلم أنه كاذب في دعواه . ولما يدخل الإيمان في قلبه . وبهذا المعنى ورد في التنزيل:
(عفا الله عنك . لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ? لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم . والله عليم بالمتقين . . إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر . وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون). . . [ التوبة:43 - 45 ] .
"وأي شهادة أصدق ; وأي حجة أنصع ; من شهادة القرآن وحجته ; ففي هذه الآيات من سورة براءة قد نص القرآن الكريم على أن الذي لا يلبي نداء الجهاد ; ولا يجاهد بماله ونفسه في سبيل إعلاء كلمة الله , وإقامة الدين الذي ارتضاه لنفسه , وتوطيد نظام الحكم المبني على قواعده , فهو في عداد الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر , وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون . . .
"لعلك تبينت مما أسلفنا آنفاً أن غاية [ ] الجهاد في الإسلام , هي هدم بنيان النظم المناقضة لمبادئه , وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها واستبدالها بها . وهذه المهمة . . مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام . غير منحصرة في قطر دون قطر . بل مما يريده الإسلام , ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة . . هذه غايته العليا , ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره . إلا أنه لا مندوحة للمسلمين , أو أعضاء "الحزب الإسلامي" عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود , والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها . أما غايتهم العليا وهدفهم الأسمى فهو الانقلاب
(عفا الله عنك . لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ? لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم . والله عليم بالمتقين . . إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر . وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون). . . [ التوبة:43 - 45 ] .
"وأي شهادة أصدق ; وأي حجة أنصع ; من شهادة القرآن وحجته ; ففي هذه الآيات من سورة براءة قد نص القرآن الكريم على أن الذي لا يلبي نداء الجهاد ; ولا يجاهد بماله ونفسه في سبيل إعلاء كلمة الله , وإقامة الدين الذي ارتضاه لنفسه , وتوطيد نظام الحكم المبني على قواعده , فهو في عداد الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر , وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون . . .
"لعلك تبينت مما أسلفنا آنفاً أن غاية [ ] الجهاد في الإسلام , هي هدم بنيان النظم المناقضة لمبادئه , وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها واستبدالها بها . وهذه المهمة . . مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام . غير منحصرة في قطر دون قطر . بل مما يريده الإسلام , ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة . . هذه غايته العليا , ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره . إلا أنه لا مندوحة للمسلمين , أو أعضاء "الحزب الإسلامي" عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود , والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها . أما غايتهم العليا وهدفهم الأسمى فهو الانقلاب
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
العالمي الشامل [ ] المحيط بجميع أنحاء الأرض . وذلك أن فكرة انقلابية لا تؤمن بالقومية , بل تدعو الناس جميعاً إلى سعادة البشر وفلاح الناس أجمعين , لا يمكنها أصلاً أن تضيق دائرة عملها في نطاق محدود من أمة أو قطر . بل الحق أنها مضطرة بسجيتها وجبلتها أن تجعل الانقلاب العالمي غايتها التي تضعها نصب عينها , ولا تغفل عنها طرفة عين . فإن الحق يأبى الحدود الجغرافية , ولا يرضى أن ينحصر في حدود ضيقة اخترعها علماء الجغرافية واصطلحوا عليها . فالحق يتحدى العقول البشرية النزيهة . ويقول لها مطالباً بحقه:ما بالكم تقولون:إن القضية الفلانية "حق" في هذا الجانب من ذاك الجبل أو النهر مثلاً ; ثم تعود القضية نفسها "باطلاً" - بزعمكم - إذا جاوزنا ذاك الجبل أو النهر بأذرع ?! الحق حق في كل حال وفي كل مكان ! وأي تأثير للجبال والأنهار في تغيير حقيقته المعنوية ?! الحق ظله وارف , وخيره عام شامل , لا يختص ببيئة دون بيئة , ولا قطر دون قطر . فأينما وجد "الإنسان" مقهوراً فالحق من واجبه أن يدركه ويأخذ بحقه وينتصر له . ومهما أصيبت "الإنسانية " في أبنائها المستضعفين , فعلى العدل ومبادئهوالحاملين للوائه أن يلبوا نداءها , ويأخذوا بناصرهم حتى ينتصروا لهم من أعدائهم الجائرين , ويستردوا لهم حقوقهم المغصوبة التي استبد بها الطغاة بغياً وعدواناً . وبهذا المعنى نطق لسان الوحي , حيث ورد في التنزيل:
(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان , الذين يقولون:ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها). . . [ النساء:75 ]
"وزد على ذلك أن الأواصر البشرية والعلاقات الإنسانية - على ما أثرت فيها الفوارق القومية والوطنية . وأحدثت فيها من نزعات الشتات والاختلاف - قد تشتمل على تلاؤم شامل , وتجانس عام بين أجزائها , ربما يتعذر معه أن تسير مملكة في قطر بعينه بحسب مبادئها وخططها المرسومة المستبينة , ما دامت الأقطار المجاورة لها لا توافقها على مبادئها وخطتها , ولا ترضى بالسير وفق منهاجها وبرنامجها . من أجل ذلك وجب على الحزب المسلم , حفظاً لكيانه , وابتغاء للإصلاح المنشود , ألا يقنع بإقامة نظام الحكم الإسلامي في قطر واحد بعينه . بل من واجبه الذي لا مناص له منه بحال من الأحوال , ألا يدخر جهداً في توسيع نطاق هذا النظام وبسط نفوذه في مختلف أرجاء الأرض . ذلك بأن يسعى الحزب الإسلامي , في جانب , وراء نشر الفكرة الإسلامية , وتعميم نظرياتها الكاملة ونشرها في أقصى الأرض وأدناها ; ويدعو سكان المعمورة - على اختلاف بلادهم وأجناسهم وطبقاتهم أن يتلقوا هذه الدعوة بالقبول , ويدينوا بهذا المنهاج الذي يضمن لهم السعادتين , سعادتي الدنيا والآخرة . . وبجانب آخر , يشمر عن ساق الجد , ويقاوم النظم الجائرة المناقضة لقواعد الحق والعدل وبالقوة , إذا استطاع ذلك وأعد له عدته , ويقيم مكانها نظام العدل والنصفة , المؤسس على قواعد الإسلام ومبادئه الخالدة التي لا تبلى , ولن تبلى جدتها على مرور الأيام والليالي .
"هذه هي الخطة التي سلكها . وهذا هو المنهاج الذي انتهجه النبي [ ص ] ومن جاء بعده , وسار بسيرته من الخلفاء الراشدين , فإنهم بدأوا ببلاد العرب . ثم أشرقت شمس الإسلام من آفاقها . وأخضعوها أولاً لحكم الإسلام , وأدخلوها في كنف المملكة الإسلامية الجديدة . ثم دعا النبي [ ص ] الملوك والأمراء والرؤساء في
(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان , الذين يقولون:ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها). . . [ النساء:75 ]
"وزد على ذلك أن الأواصر البشرية والعلاقات الإنسانية - على ما أثرت فيها الفوارق القومية والوطنية . وأحدثت فيها من نزعات الشتات والاختلاف - قد تشتمل على تلاؤم شامل , وتجانس عام بين أجزائها , ربما يتعذر معه أن تسير مملكة في قطر بعينه بحسب مبادئها وخططها المرسومة المستبينة , ما دامت الأقطار المجاورة لها لا توافقها على مبادئها وخطتها , ولا ترضى بالسير وفق منهاجها وبرنامجها . من أجل ذلك وجب على الحزب المسلم , حفظاً لكيانه , وابتغاء للإصلاح المنشود , ألا يقنع بإقامة نظام الحكم الإسلامي في قطر واحد بعينه . بل من واجبه الذي لا مناص له منه بحال من الأحوال , ألا يدخر جهداً في توسيع نطاق هذا النظام وبسط نفوذه في مختلف أرجاء الأرض . ذلك بأن يسعى الحزب الإسلامي , في جانب , وراء نشر الفكرة الإسلامية , وتعميم نظرياتها الكاملة ونشرها في أقصى الأرض وأدناها ; ويدعو سكان المعمورة - على اختلاف بلادهم وأجناسهم وطبقاتهم أن يتلقوا هذه الدعوة بالقبول , ويدينوا بهذا المنهاج الذي يضمن لهم السعادتين , سعادتي الدنيا والآخرة . . وبجانب آخر , يشمر عن ساق الجد , ويقاوم النظم الجائرة المناقضة لقواعد الحق والعدل وبالقوة , إذا استطاع ذلك وأعد له عدته , ويقيم مكانها نظام العدل والنصفة , المؤسس على قواعد الإسلام ومبادئه الخالدة التي لا تبلى , ولن تبلى جدتها على مرور الأيام والليالي .
"هذه هي الخطة التي سلكها . وهذا هو المنهاج الذي انتهجه النبي [ ص ] ومن جاء بعده , وسار بسيرته من الخلفاء الراشدين , فإنهم بدأوا ببلاد العرب . ثم أشرقت شمس الإسلام من آفاقها . وأخضعوها أولاً لحكم الإسلام , وأدخلوها في كنف المملكة الإسلامية الجديدة . ثم دعا النبي [ ص ] الملوك والأمراء والرؤساء في
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
مختلف بقاع الأرض إلى دين الحق والإذعان لأمر الله . فالذين آمنوا بهذه الدعوة انضموا إلى هذه المملكة الإسلامية وأصبحوا من أهلها , والذين لم يلبوا دعوتها ولم يتقبلوها بقبول حسن شرع في قتالهم وجهادهم . . ولما استخلف أبو بكر رضي الله عنه , بعد وفاته [ ص ] والتحاقه بالرفيق الأعلى , حمل على المملكتين المجاورتين للمملكة الإسلامية . . مملكتي الروم والفرس . اللتين بلغ من عتوهما وتماديهما في الغي والاستكبار في الأرض ما طبقت شهرته الآفاق . وبلغت هذه الحملات التي بدأ بها الصديق - رضي الله عنه - غايتها في عصر الفاروق الذي يرجع إليه الفضل العظيم في توطيد دعائم المملكة الإسلامية الأولى , حتى شمل ظلها الوارف تلك الأقطار جميعاً" . . . [ انتهت المقتطفات ] .
على ضوء هذا البيان لطبيعة هذا الدين وحقيقته , ولطبيعة الجهاد فيه وقيمته , ولمنهج هذا الدين وخطته الحركية في الجهاد ومراحله . . نستطيع أن نمضي في تقييم غزوة بدر الكبرى , التي قال الله سبحانه عن يومها إنه "يوم الفرقان" . . وأن نمضي كذلك في التعرف إلى سورة الأنفال , التي نزلت في هذه الغزوة , على وجه الإجمال .
لم تكن غزوة بدر الكبرى هي أولى حركات الجهاد الإسلامي - كما بينا من قبل - فقد سبقتها عدة سرايا , لم يقع قتال إلا في واحدة منها , هي سرية عبد الله بن جحش في رجب على رأس سبعة عشر شهراً من هجرة رسول الله [ ص ] إلى المدينة . . وكانت كلها تمشياً مع القاعدة التي يقوم عليها الجهاد في الإسلام . والتي أسلفت الحديث عنها من قبل . . نعم إنها كلها كانت موجهة إلى قريش التي أخرجت رسول الله [ ص ] وللمسلمين الكرام ; ولم تحفظ حرمة البيت الحرام المحرمة في الجاهلية وفي الإسلام ! ولكن هذا ليس الأصل في انطلاقة الجهاد الإسلامي . إنما الأصل هو إعلان الإسلام العام بتحرير الإنسان من العبودية لغير الله ; وبتقرير ألوهية الله في الأرض ; وتحطيم الطواغيت التي تعبد الناس , وإخراج الناس من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده . . وقريش كانت هي الطاغوت المباشر الذي يحول بين الناس في الجزيرة وبين التوجه إلى عبادة الله وحده ; والدخول في سلطانه وحده . فلم يكن بد أن يناجز الإسلام هذا الطاغوت , تمشياً مع خطته العامة ; وانتصافاً في الوقت ذاته من الظلم والطغيان اللذين وقعا بالفعل على المسلمين الكرام ; ووقاية كذلك لدار الإسلام في المدينة من الغزو والعدوان . . وإن كان ينبغي دائماً ونحن نقرر هذه الأسباب المحلية القريبة أن نتذكر - ولا ننسى - طبيعة هذا الدين نفسه وخطته التي تحتمها طبيعته هذه . وهي ألا يترك في الأرض طاغوتاً يغتصب سلطان الله ; ويعبد الناس لغير ألوهيته وشرعه بحال من الأحوال !
أما أحداث هذه الغزوة الكبرى فنجملها هنا قبل استعراض سورة الأنفال التي نزلت فيها , ذلك لنتنسم الجو الذي نزلت فيه السورة ; وندرك مرامي النصوص فيها ; وواقعيتها في مواجهة الأحداث من ناحية ; وتوجيهها للأحداث من الناحية الأخرى . . ذلك أن النصوص القرآنية لا تدرك حق إدراكها بالتعامل مع مدلولاتها البيانية واللغوية فحسب !! إنما تدرك أولاً وقبل كل شيء بالحياة في جوها التاريخي الحركي ; وفي واقعيتها الإيجابية , وتعاملها مع الواقع الحي . وهي - وإن كانت أبعد مدى وأبقى أثراً من الواقع التاريخي
على ضوء هذا البيان لطبيعة هذا الدين وحقيقته , ولطبيعة الجهاد فيه وقيمته , ولمنهج هذا الدين وخطته الحركية في الجهاد ومراحله . . نستطيع أن نمضي في تقييم غزوة بدر الكبرى , التي قال الله سبحانه عن يومها إنه "يوم الفرقان" . . وأن نمضي كذلك في التعرف إلى سورة الأنفال , التي نزلت في هذه الغزوة , على وجه الإجمال .
لم تكن غزوة بدر الكبرى هي أولى حركات الجهاد الإسلامي - كما بينا من قبل - فقد سبقتها عدة سرايا , لم يقع قتال إلا في واحدة منها , هي سرية عبد الله بن جحش في رجب على رأس سبعة عشر شهراً من هجرة رسول الله [ ص ] إلى المدينة . . وكانت كلها تمشياً مع القاعدة التي يقوم عليها الجهاد في الإسلام . والتي أسلفت الحديث عنها من قبل . . نعم إنها كلها كانت موجهة إلى قريش التي أخرجت رسول الله [ ص ] وللمسلمين الكرام ; ولم تحفظ حرمة البيت الحرام المحرمة في الجاهلية وفي الإسلام ! ولكن هذا ليس الأصل في انطلاقة الجهاد الإسلامي . إنما الأصل هو إعلان الإسلام العام بتحرير الإنسان من العبودية لغير الله ; وبتقرير ألوهية الله في الأرض ; وتحطيم الطواغيت التي تعبد الناس , وإخراج الناس من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده . . وقريش كانت هي الطاغوت المباشر الذي يحول بين الناس في الجزيرة وبين التوجه إلى عبادة الله وحده ; والدخول في سلطانه وحده . فلم يكن بد أن يناجز الإسلام هذا الطاغوت , تمشياً مع خطته العامة ; وانتصافاً في الوقت ذاته من الظلم والطغيان اللذين وقعا بالفعل على المسلمين الكرام ; ووقاية كذلك لدار الإسلام في المدينة من الغزو والعدوان . . وإن كان ينبغي دائماً ونحن نقرر هذه الأسباب المحلية القريبة أن نتذكر - ولا ننسى - طبيعة هذا الدين نفسه وخطته التي تحتمها طبيعته هذه . وهي ألا يترك في الأرض طاغوتاً يغتصب سلطان الله ; ويعبد الناس لغير ألوهيته وشرعه بحال من الأحوال !
أما أحداث هذه الغزوة الكبرى فنجملها هنا قبل استعراض سورة الأنفال التي نزلت فيها , ذلك لنتنسم الجو الذي نزلت فيه السورة ; وندرك مرامي النصوص فيها ; وواقعيتها في مواجهة الأحداث من ناحية ; وتوجيهها للأحداث من الناحية الأخرى . . ذلك أن النصوص القرآنية لا تدرك حق إدراكها بالتعامل مع مدلولاتها البيانية واللغوية فحسب !! إنما تدرك أولاً وقبل كل شيء بالحياة في جوها التاريخي الحركي ; وفي واقعيتها الإيجابية , وتعاملها مع الواقع الحي . وهي - وإن كانت أبعد مدى وأبقى أثراً من الواقع التاريخي
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
الذي جاءت تواجهه - لا تتكشف عن هذا المدى البعيد إلا في ضوء ذلك الواقع التاريخي . . ثم يبقى لها إيحاؤها الدائم , وفاعليتها المستمرة , ولكن بالنسبة للذين يتحركون بهذا الدين وحدهم ; ويزاولون منه شبه ما كان يزاوله الذين تنزلت هذه النصوص عليهم أول مرة ; ويواجهون من الظروف والأحوال شبه ما كان هؤلاء يواجهون ! ولن تتكشف أسرار هذا القرآن قط للقاعدين , الذين يعالجون نصوصه في ضوء مدلولاتها اللغوية والبيانية فحسب . . وهم قاعدون ! . .
قال ابن إسحاق :ثم إن رسول الله [ ص ] سمع بأبي سفيان بن حرب مقبلاً من الشام في عير لقريش عظيمة , فيها أموال لقريش , وتجارة من تجاراتهم . وفيها ثلاثون رجلاً من قريش أو أربعون . .
قال ابن إسحاق:فحدثني محمد بن مسلم الزهري , وعاصم بن عمر بن قتادة , وعبد الله بن أبي بكر , ويزيد بن رومان , عن عروة بن الزبير . وغيرهم من علمائنا , عن ابن عباس رضي الله عنهما . . كل قدحدثني بعض الحديث , فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر , قالوا:
لما سمع رسول الله [ ص ] بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم , وقال:" هذه عير قريش فيها أموالهم , فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها " فانتدب الناس , فخف بعضهم وثقل بعضهم , وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله [ ص ] يلقى حرباً [ وفي زاد المعاد وإمتاع الأسماع أنه [ ص ] أمر من كان ظهره - أي ما يركبه - حاضراً بالنهوض , ولم يحتفل لها احتفالاً كبيراً ] . . وقال ابن القيم:" وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً:من المهاجرين ستة وثمانون . ومن الأوس واحد وستون . ومن الخزرج مائة وسبعون . وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج , وإن كانوا أشد منهم وأقوى شوكة وأصبر عند اللقاء , لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة , وجاء النفير بغتة , وقال النبي [ ص ] لا يتبعنا إلا من كان ظهره حاضراً . فاستأذنه رجال ظهورهم كانت في علو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم , فأبى . ولم يكن عزمهم على اللقاء , ولا أعدوا له عدة , ولا تأهبوا له أهبة . ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد " .
وكان أبو سفيان - حين دنا من الحجاز - يتحسس الأخبار , ويسأل من لقي من الركبان , تخوفاً على أمر الناس [ أي على أموالهم التي معه في القافلة ] حتى أصاب خبراً من بعض الركبان:أن محمداً قد استنفر أصحابه لك ولعيرك . فحذر عند ذلك . فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري , فبعثه إلى مكة , وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلى أموالهم , ويخبرهم أن محمداً قد عرض لنا في أصحابه . فخرج ضمضم بن عمرو سريعاً إلى مكة .
قال المقريزي في "إمتاع الأسماع":فلم يرع أهل مكة إلا وضمضم يقول:يا معشر قريش , يا آل لؤي ابن غالب , اللطيمة [ وهي العير التي تحمل الطيب والمسك والثياب وليس فيما تحمله طعام يؤكل ] قد عرض لها محمد في أصحابه . الغوث الغوث . والله ما أرى أن تدركوها ! وقد جدّع أذني بعيره , وشق قميصه وحول
قال ابن إسحاق :ثم إن رسول الله [ ص ] سمع بأبي سفيان بن حرب مقبلاً من الشام في عير لقريش عظيمة , فيها أموال لقريش , وتجارة من تجاراتهم . وفيها ثلاثون رجلاً من قريش أو أربعون . .
قال ابن إسحاق:فحدثني محمد بن مسلم الزهري , وعاصم بن عمر بن قتادة , وعبد الله بن أبي بكر , ويزيد بن رومان , عن عروة بن الزبير . وغيرهم من علمائنا , عن ابن عباس رضي الله عنهما . . كل قدحدثني بعض الحديث , فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر , قالوا:
لما سمع رسول الله [ ص ] بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم , وقال:" هذه عير قريش فيها أموالهم , فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها " فانتدب الناس , فخف بعضهم وثقل بعضهم , وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله [ ص ] يلقى حرباً [ وفي زاد المعاد وإمتاع الأسماع أنه [ ص ] أمر من كان ظهره - أي ما يركبه - حاضراً بالنهوض , ولم يحتفل لها احتفالاً كبيراً ] . . وقال ابن القيم:" وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً:من المهاجرين ستة وثمانون . ومن الأوس واحد وستون . ومن الخزرج مائة وسبعون . وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج , وإن كانوا أشد منهم وأقوى شوكة وأصبر عند اللقاء , لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة , وجاء النفير بغتة , وقال النبي [ ص ] لا يتبعنا إلا من كان ظهره حاضراً . فاستأذنه رجال ظهورهم كانت في علو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم , فأبى . ولم يكن عزمهم على اللقاء , ولا أعدوا له عدة , ولا تأهبوا له أهبة . ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد " .
وكان أبو سفيان - حين دنا من الحجاز - يتحسس الأخبار , ويسأل من لقي من الركبان , تخوفاً على أمر الناس [ أي على أموالهم التي معه في القافلة ] حتى أصاب خبراً من بعض الركبان:أن محمداً قد استنفر أصحابه لك ولعيرك . فحذر عند ذلك . فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري , فبعثه إلى مكة , وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلى أموالهم , ويخبرهم أن محمداً قد عرض لنا في أصحابه . فخرج ضمضم بن عمرو سريعاً إلى مكة .
قال المقريزي في "إمتاع الأسماع":فلم يرع أهل مكة إلا وضمضم يقول:يا معشر قريش , يا آل لؤي ابن غالب , اللطيمة [ وهي العير التي تحمل الطيب والمسك والثياب وليس فيما تحمله طعام يؤكل ] قد عرض لها محمد في أصحابه . الغوث الغوث . والله ما أرى أن تدركوها ! وقد جدّع أذني بعيره , وشق قميصه وحول
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
رحله . فلم تملك قريش من أمرها شيئاً حتى نفروا على الصعب والذلول , وتجهزوا في ثلاثة أيام . وقيل في يومين . وأعان قويهم ضعيفهم . وقام سهيل بن عمرو , وزمعة بن الأسود , وطعيمة بن عدي , وحنظلة بن أبي سفيان , وعمرو بن أبي سفيان , يحضون الناس على الخروج . فقال سهيل:يا آل غالب , أتاركون أنتم محمداً والصباة [ أي المرتدين , يقصد المسلمين ! ] من أهل يثرب يأخذون عيراتكم وأمواكم ? من أراد مالاً فهذا مال , ومن أراد قوة فهذه قوة . فمدحه أمية بن أبي الصلت بأبيات ! ومشى نوفل بن معاوية الديلي إلى أهل القوة من قريش فكلمهم في بذل النفقة والحُملان [ أي ما يحمل عليه من الدواب , يقال فيما يكون هبة خاصة ] لمن خرج . فقال عبد الله بن أبي ربيعة:هذه خمسمائة دينار فضعها حيث رأيت . وأخذ من حويطب بن عبد العزى مائتي دينار وثلاث مائة دينار قوى بها في السلاح والظهر , وحمل طعيمة بن عدي على عشرين بعيراً , وقواهم وخلفهم في أهلهم بمعونة . وكان لا يتخلف أحداً من قريش إلا بعث مكانه بعيثا . ومشوا إلى أبي لهب فأبى أن يخرج أو يبعث أحداً , ويقال:إنه بعث مكانه العاصي , ابن هشام بن المغيرة - وكان له عليه دين - فقال:اخرج , وديني لك . فخرج عنه ! . . . وأخذ عداس [ وهو الغلام النصراني الذي أرسله عتبة وشيبة ابنا ربيعة بقطف من العنب لرسول الله [ ص ] يوم خرج إلى الطائف فرده أهله رداً قبيحا , وأتبعوه السفهاء والصبية يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين , فلجأ منهم إلى بستان عتبة وشيبة . وقد وقع في نفس عداس ما وقع من أمر رسول الله [ ص ] , فأكب على يديه وقدميه يقبلهما ! ] يخذل شيبةوعتبة ابني ربيعة عن الخروج , والعاص بن منبه بن الحجاج . وأبي أمية بن خلف أن يخرج , فأتاه عقبة بن أبي معيط وأبو جهل فعنفاه . فقال ابتاعوا لي أفضل بعير في الوادي ! فابتاعوا له جملاً بثلاث مائة درهم من نعم بني قشير , فغنمه المسلمون ! . . وما كان أحد منهم أكره للخروج من الحارث بن عامر . ورأى ضمضم بن عمرو أن وادي مكة يسيل دماً من أسفله وأعلاه . ورأت عاتكة بنت عبد المطلب رؤياها [ وفيها نذير لقريش بالقتل والدم في كل بيت ] . . . فكره أهل الرأي المسير , ومشى بعضهم إلى بعض , فكان من أبطئهم عن ذلك الحارث بن عامر , وأمية بن خلف , وعتبة وشيبة ابنا ربيعة , وحكيم بن حزام , وأبو البختري [ ابن هشام ] وعلي بن أمية بن خلف , والعاص بن منبه ; حتى بكتهم أبو جهل , وأعانه عقبة بن أبي معيط , والنضر بن الحارث بن كلدة , فاجمعوا المسير . . وخرجت قريش بالقيان والدفاف يغنين في كل منهل , وينحرون الجزر , وهم تسعمائة وخمسون مقاتلاً . . وقادوا مائة فرس , عليها مائة دارع سوى دروع المشاة . وكانت إبلهم سبعمائة بعير . وهم كما ذكر الله تعالى عنهم بقولهولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس , ويصدون عن سبيل الله , والله بما يعملون محيط). . [ الأنفال:47 ] .
وأقبلوا في تجمل عظيم وحنق زائد على رسول الله [ ص ] وأصحابه , لما يريدون من أخذ عيرهم , وقد أصابوا من قبل عمرو بن الحضرمي والعير التي كانت معه [ في سرية عبد الله بن جحش ] . . وأقبل أبو سفيان بالعير ومعها سبعون رجلاً [ في رواية ابن إسحاق ثلاثون رجلاً ] منهم مخرمة بن نوفل , وعمرو ابن العاص , فكانت عيرهم ألف بعير تحمل المال . وقد خافوا خوفاً شديداً حين دنوا من المدينة , واستبطأوا ضمضم بن عمرو والنفير [ الذين نفروا بن قريش ليمنعوا عيرهم ] . . فأصبح أبو سفيان ببدر وقد تقدم العير
وأقبلوا في تجمل عظيم وحنق زائد على رسول الله [ ص ] وأصحابه , لما يريدون من أخذ عيرهم , وقد أصابوا من قبل عمرو بن الحضرمي والعير التي كانت معه [ في سرية عبد الله بن جحش ] . . وأقبل أبو سفيان بالعير ومعها سبعون رجلاً [ في رواية ابن إسحاق ثلاثون رجلاً ] منهم مخرمة بن نوفل , وعمرو ابن العاص , فكانت عيرهم ألف بعير تحمل المال . وقد خافوا خوفاً شديداً حين دنوا من المدينة , واستبطأوا ضمضم بن عمرو والنفير [ الذين نفروا بن قريش ليمنعوا عيرهم ] . . فأصبح أبو سفيان ببدر وقد تقدم العير
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
وهو خائف من الرصد . فضرب وجه عيره , فساحل بها [ أي اتجه إلى ساحل البحر بعيداً عن طريق المدينة ] وترك بدراً يساراً , وانطلق سريعاً . . وأقبلت قريش من مكة ينزلون كل منهل . يطعمون الطعام من أتاهم وينحرون الجزر . . وأتاهم قيس بن امرئ القيس من أبي سفيان يأمرهم بالرجوع , ويخبرهم أن قد نجت عيرهم . فلا تجزروا أنفسكم أهل يثرب [ يعني لا تعرضوا أنفسكم لأن يذبحكم أهل يثرب ] فلا حاجة لكم فيما وراء ذلك . إنما خرجتم لتمنعوا العير وأموالكم , وقد نجاها الله ! فعالج قريشاً فأبت الرجوع [ من الجحفة ] . وقال أبو جهل:لا والله لا نرجع حتى نرد بدراً , فنقيم ثلاثاً , ننحر الجزر , ونطعم الطعام , ونشرب الخمر , وتعزف القيان علينا ; فلن تزال العرب تهابنا أبداً . . وعاد قيس إلى أبي سفيان , فأخبره بمضى قريش . فقال:واقوماه ! هذا عمل عمرو بن هشام [ يعني أبا جهل ] كره أن يرجع لأنه ترأس على الناس فبغى , والبغي منقصة وشؤم . إن أصاب محمد النفير ذللنا . .
قال ابن إسحاق:وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي , وكان حليفاً لبني زهرة , وهم بالجحفة يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم , وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل . وإنما نفرتم لتمنعوه وماله فاجعلوا بي جبنها , وارجعوا , فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة . لا ما يقول هذا [ يعني أبا جهل ] فرجعوا , فلم يشهدها زهري واحد . . ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس , إلا بني عدي ابن كعب , لم يخرج منهم رجل واحد [ في إمتاع الأسماع أن طعمة بن عدي حمل على عشرين بعيراً , وقواهم وخلفهم في أهلهم بمعونة ] . . وكان بين طالب بن أبي طالب - وكان في القوم - وبين بعض قريش محاورة . فقالوا:والله لقد عرفنا يا بني هاشم , وإن خرجتم معنا , إن هواكم لمع محمد . فرجع طالب إلى مكة مع من رجع !
قال ابن إسحاق:وخرج رسول الله [ ص ] في ليال مضت من شهر رمضان في أصحابه .
وكانت إبل أصحاب رسول الله [ ص ] يومئذ سبعين بعيراً فاعتقبوها [ أي كانوا يركبونها بالتعاقب ] فكان رسول الله [ ص ] وعلي بن أبي طالب , ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً . وكان حمزة بن عبد المطلب , وزيد بن حارثة , وأبو كبشة وأنسة موليا رسول الله [ ص ] يعتقبون بعيراً . وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيراً . .
قال المقريزي في إمتاع الأسماع:
ومضى رسول الله [ ص ] حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش . فاستشار الناس , فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فقال فأحسن . ثم قام عمر فقال فأحسن . ثم قال:يا رسول الله , إنها والله قريش وعزها , والله ما ذلت منذ عزت , والله ما آمنت منذ كفرت , والله لا تسلم عزها أبداً , ولتقاتلنك , فأتهب لذلك أهبته , وأعد لذلك عدته . ثم قام المقداد بن عمرو فقال:يا رسول الله , امض لأمر الله , فنحن معك , والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون . ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا , إنا
قال ابن إسحاق:وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي , وكان حليفاً لبني زهرة , وهم بالجحفة يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم , وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل . وإنما نفرتم لتمنعوه وماله فاجعلوا بي جبنها , وارجعوا , فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة . لا ما يقول هذا [ يعني أبا جهل ] فرجعوا , فلم يشهدها زهري واحد . . ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس , إلا بني عدي ابن كعب , لم يخرج منهم رجل واحد [ في إمتاع الأسماع أن طعمة بن عدي حمل على عشرين بعيراً , وقواهم وخلفهم في أهلهم بمعونة ] . . وكان بين طالب بن أبي طالب - وكان في القوم - وبين بعض قريش محاورة . فقالوا:والله لقد عرفنا يا بني هاشم , وإن خرجتم معنا , إن هواكم لمع محمد . فرجع طالب إلى مكة مع من رجع !
قال ابن إسحاق:وخرج رسول الله [ ص ] في ليال مضت من شهر رمضان في أصحابه .
وكانت إبل أصحاب رسول الله [ ص ] يومئذ سبعين بعيراً فاعتقبوها [ أي كانوا يركبونها بالتعاقب ] فكان رسول الله [ ص ] وعلي بن أبي طالب , ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً . وكان حمزة بن عبد المطلب , وزيد بن حارثة , وأبو كبشة وأنسة موليا رسول الله [ ص ] يعتقبون بعيراً . وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيراً . .
قال المقريزي في إمتاع الأسماع:
ومضى رسول الله [ ص ] حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش . فاستشار الناس , فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فقال فأحسن . ثم قام عمر فقال فأحسن . ثم قال:يا رسول الله , إنها والله قريش وعزها , والله ما ذلت منذ عزت , والله ما آمنت منذ كفرت , والله لا تسلم عزها أبداً , ولتقاتلنك , فأتهب لذلك أهبته , وأعد لذلك عدته . ثم قام المقداد بن عمرو فقال:يا رسول الله , امض لأمر الله , فنحن معك , والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون . ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا , إنا
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
معكما مقاتلون . والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا [ وبرك الغماد موضع بأقصى اليمن ] فقال له رسول الله [ ص ] خيراً ودعا له بخير . . ثم قال:" أشيروا علي أيها الناس " . وإنما يريد الأنصار . . وكان يظنهم لا ينصرونه إلا في الدار , لأنهم شرطوا له أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأولادهم [ وذلك في بيعة العقبة الثانية التي هاجر على أساسها رسول الله [ ص ] إلى المدينة ] فقام سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فقال:أنا أجيب عن الأنصار , كأنك يا رسول الله تريدنا ! قال:" أجل " . قال:إنك عسى أن تكون قد خرجت عن أمر قد أوحي إليك في غيره [ يعني كما يبدو أنك ربما تكون قد خرجت لأمر ثم أوحي إليك في غيره إذ كان قد خرج للعير ثم عرض النفير ] , فإنا قد آمنا بك , وصدقناك , وشهدنا أن ما جئت به حق , فأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة . فامض يا نبي الله لما أردت . فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل . وصل من شئت , واقطع من شئت , وخذ من أموالنا ما شئت ; وما أخذت من أموالنا أحب إلينا مما تركت . والذي نفسي بيده ما سلكت هذا الطريق قط , وما لي بها من علم ; وما نكره أن نلقى عدونا غداً , وإنا لصبر عند الحرب , صدق عند اللقاء , لعل الله يريك منا بعض ما تقر به عيناك . . وفي رواية أن سعد بن معاذ قال:إنا خلفنا من قومنا قوماً ما نحن بأشد حباً لك منهم , ولا أطوع لك منهم ; ولكن إنما ظنوا أنها العير . نبني لك عريشاً فتكون فيه , ونعد عندك رواحلك , ثم نلقى عدونا , فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببناه , وإن تكن الأخرى جلست على رواحلك فلحقت من وراءنا . . فقال له النبي [ ص ] خيراً . وقال:" أو يقضي الله خيراً من ذلك يا سعد " . فلما فرغ سعد من المشورة قال رسول الله [ ص ]:" سيروا على بركة الله , فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين . والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم " . . فعلم القوم أنهم إنما يلاقون القتال وأن العير تفلت ; ورجوا النصر لقول النبي [ ص ] ومن يومئذ عقد رسول الله [ ص ] الألوية . وهي ثلاثة , لواء يحمله مصعب بن عمير . ورايتان سوداوان . إحداهما مع علي , والأخرى مع رجل من الأنصار [ هو سعد بن معاذ ] وأظهر السلاح . . وكان خرج من المدينة على غير لواء معقود .
. . . ونزل رسول الله [ ص ] أدنى بدر عشاء ليلة الجمعة لسبع عشر مضت من رمضان ,فبعث علياً والزبير وسعد بن أبي وقاص وبسبس بن عمرو رضي الله عنهم يتحسسون على الماء . وأشار لهم إلى ظريب [ تصغير ظرب وهو الجبل الصغير المنبسط في حجارة دقاق ] وقال:أرجو أن تجدوا الخبر عند هذا القليب الذي يلي الظرب . فوجدوا على تلك القليب روايا قريش فيها سقاؤهم [ الروايا من الإبل حوامل الماء وسُقاء جمع سَقاء ] فأفلت عامتهم - وفيهم عجير - فجاء قريشاً , فقال:يا آل غالب , هذا ابن أبي كبشة [ يعني النبي [ ص ] ] وأصحابه قد أخذوا سقاءكم . فماج العسكر وكرهوا ذلك , والسماء تمطر عليهم . وأخذ تلك الليلة أبو يسار غلام عبيدة بن سعيد بن العاص , وأسلم غلام منبه بن الحجاج , وأبو رافع غلام أمية بن خلف , فأتي بهم النبي [ ص ] وهو يصلي . فقالوا:نحن سقاء قريش بعثونا نسقيهم من الماء . فكره القوم خبرهم فضربوهم . فقالوا:نحن لأبي سفيان , ونحن في العير ! فأمسكوا عنهم ! فسلم رسول الله [ ص ] وقال:" إن صدقوكم ضربتموهم , وإن كذبوكم تركتموهم ! " ثم أقبل عليهم يسألهم , فأخبروه أن قريشاً خلف هذا الكثيب
. . . ونزل رسول الله [ ص ] أدنى بدر عشاء ليلة الجمعة لسبع عشر مضت من رمضان ,فبعث علياً والزبير وسعد بن أبي وقاص وبسبس بن عمرو رضي الله عنهم يتحسسون على الماء . وأشار لهم إلى ظريب [ تصغير ظرب وهو الجبل الصغير المنبسط في حجارة دقاق ] وقال:أرجو أن تجدوا الخبر عند هذا القليب الذي يلي الظرب . فوجدوا على تلك القليب روايا قريش فيها سقاؤهم [ الروايا من الإبل حوامل الماء وسُقاء جمع سَقاء ] فأفلت عامتهم - وفيهم عجير - فجاء قريشاً , فقال:يا آل غالب , هذا ابن أبي كبشة [ يعني النبي [ ص ] ] وأصحابه قد أخذوا سقاءكم . فماج العسكر وكرهوا ذلك , والسماء تمطر عليهم . وأخذ تلك الليلة أبو يسار غلام عبيدة بن سعيد بن العاص , وأسلم غلام منبه بن الحجاج , وأبو رافع غلام أمية بن خلف , فأتي بهم النبي [ ص ] وهو يصلي . فقالوا:نحن سقاء قريش بعثونا نسقيهم من الماء . فكره القوم خبرهم فضربوهم . فقالوا:نحن لأبي سفيان , ونحن في العير ! فأمسكوا عنهم ! فسلم رسول الله [ ص ] وقال:" إن صدقوكم ضربتموهم , وإن كذبوكم تركتموهم ! " ثم أقبل عليهم يسألهم , فأخبروه أن قريشاً خلف هذا الكثيب
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
, وأنهم ينحرون يوماً عشراً ويوماً تسعاً , وأعلموه بمن خرج من مكة . فقال [ ص ]:القوم ما بين الألف والتسعمائة . وقال:" هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ أكبادها " .
واستشار أصحابه في المنزل , فقال الحباب بن المنذر بن الجموح . . انطلق بنا إلى أدنى بئر إلى القوم . فإني عالم بها وبقلبها . بها قليب [ أي بئر قديمة لا يعلم من حفرها ] قد عرفت عذوبة مائه , وماء كثير لا ينزح . ثم نبني عليها حوضاً , ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ; ونعور ما سواها من القلب . فقال:يا حباب أشرت بالرأي [ وفي رواية ابن هشام عن ابن إسحاق أن الحباب بن المنذر قال:يا رسول الله , هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ? أم هو الرأي والحرب والمكيدة ? قال:" بل هو الرأي والحرب والمكيدة " قال:يا رسول الله , هذا ليس بمنزل . . ثم أشار بما أشار ] ونهض رسول الله [ ص ] فنزل على القليب ببدر . وبات تلك الليلة يصلي إلى جذم شجرة [ أي ما بقي من جذعها بعد قطع أعلاه ] . وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان . وفعل ما أشار به الحباب . . وبعث الله السماء , فأصاب المسلمين ما لبد الأرض ولم يمنع من السير . وأصاب قريشاً من ذلك ما لم يقدروا أن يرتحلوا منه . وإنما بينهم قوز من رمل . وكان مجيء المطر نعمة وقوة للمؤمنين , وبلاء ونقمة على المشركين . وأصاب المسلمين تلك الليلة نعاس ألقي عليهم . فناموا , حتى إن أحدهم تكون ذقنه بين ثدييه وما يشعر حتى يقع على جنبه . واحتلم رفاعة ابن رافع بن مالك حتى اغتسل آخر الليل . . وبعث [ ص ] عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - فأطافا بالقوم , ثم رجعا فأخبراه أن القوم مذعورون , وأن السماء تسح عليهم .
وبني لرسول الله [ ص ] لما نزل على القليب - عريش من جريد . وقام سعد بن معاذ على بابه متوشح السيف . ومشى رسول الله [ ص ] على موضع الوقعة , وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعاً مصرعاً , يقول:هذا مصرع فلان , وهذا مصرع فلان . . فما عدا واحد منهم مضجعه الذي حدّ له الرسول . وعدل [ ص ] الصفوف . ورجع إلى العريش فدخل [ ص ] وأبو بكر رضي الله عنه .
قال ابن إسحاق:وقد ارتحلت قريش حتى أصبحت فأقبلت . فلما رآها رسول الله [ ص ] - تصوّب من العقنقل [ وهو الكثيب الذي جاءوا منه ] إلى الوادي , قال:" اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك , وتكذب رسولك , اللهم فنصرك الذي وعدتني , اللهم أحنِهم الغداة " . وقد قال رسولالله [ ص ] وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر , فقال:" إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر , إن يطيعوه يرشدوا " .
"وقد كان خُفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري - أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري - بعث إلى قريش - حين مروا به - ابناً له بجزائر [ أي ذبائح ] أهداها لهم . وقال:إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا . قال:فأرسلوا إليه مع ابنه أن وصلتك رحم . قد قضيت الذي عليك . فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم , ولئن كنا إنما نقاتل الله , كما يزعم محمد , فما لأحد بالله من طاقة .
واستشار أصحابه في المنزل , فقال الحباب بن المنذر بن الجموح . . انطلق بنا إلى أدنى بئر إلى القوم . فإني عالم بها وبقلبها . بها قليب [ أي بئر قديمة لا يعلم من حفرها ] قد عرفت عذوبة مائه , وماء كثير لا ينزح . ثم نبني عليها حوضاً , ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ; ونعور ما سواها من القلب . فقال:يا حباب أشرت بالرأي [ وفي رواية ابن هشام عن ابن إسحاق أن الحباب بن المنذر قال:يا رسول الله , هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ? أم هو الرأي والحرب والمكيدة ? قال:" بل هو الرأي والحرب والمكيدة " قال:يا رسول الله , هذا ليس بمنزل . . ثم أشار بما أشار ] ونهض رسول الله [ ص ] فنزل على القليب ببدر . وبات تلك الليلة يصلي إلى جذم شجرة [ أي ما بقي من جذعها بعد قطع أعلاه ] . وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان . وفعل ما أشار به الحباب . . وبعث الله السماء , فأصاب المسلمين ما لبد الأرض ولم يمنع من السير . وأصاب قريشاً من ذلك ما لم يقدروا أن يرتحلوا منه . وإنما بينهم قوز من رمل . وكان مجيء المطر نعمة وقوة للمؤمنين , وبلاء ونقمة على المشركين . وأصاب المسلمين تلك الليلة نعاس ألقي عليهم . فناموا , حتى إن أحدهم تكون ذقنه بين ثدييه وما يشعر حتى يقع على جنبه . واحتلم رفاعة ابن رافع بن مالك حتى اغتسل آخر الليل . . وبعث [ ص ] عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - فأطافا بالقوم , ثم رجعا فأخبراه أن القوم مذعورون , وأن السماء تسح عليهم .
وبني لرسول الله [ ص ] لما نزل على القليب - عريش من جريد . وقام سعد بن معاذ على بابه متوشح السيف . ومشى رسول الله [ ص ] على موضع الوقعة , وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعاً مصرعاً , يقول:هذا مصرع فلان , وهذا مصرع فلان . . فما عدا واحد منهم مضجعه الذي حدّ له الرسول . وعدل [ ص ] الصفوف . ورجع إلى العريش فدخل [ ص ] وأبو بكر رضي الله عنه .
قال ابن إسحاق:وقد ارتحلت قريش حتى أصبحت فأقبلت . فلما رآها رسول الله [ ص ] - تصوّب من العقنقل [ وهو الكثيب الذي جاءوا منه ] إلى الوادي , قال:" اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك , وتكذب رسولك , اللهم فنصرك الذي وعدتني , اللهم أحنِهم الغداة " . وقد قال رسولالله [ ص ] وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر , فقال:" إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر , إن يطيعوه يرشدوا " .
"وقد كان خُفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري - أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري - بعث إلى قريش - حين مروا به - ابناً له بجزائر [ أي ذبائح ] أهداها لهم . وقال:إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا . قال:فأرسلوا إليه مع ابنه أن وصلتك رحم . قد قضيت الذي عليك . فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم , ولئن كنا إنما نقاتل الله , كما يزعم محمد , فما لأحد بالله من طاقة .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله [ ص ] فيهم حكيم ابن حزام . فقال رسول الله [ ص ] " دعوهم " . فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل . إلا ما كان من حكيم بن حزام فإنه لم يقتل . ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه . فكان إذا اجتهد في يمينه قال:لا والذي نجاني من يوم بدر !
قال ابن إسحاق:وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم , عن أشياخ من الأنصار قالوا:لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي , فقالوا:احزر لنا أصحاب محمد [ [ ص ] ] قال:فاستجال بفرسه حول العسكر ! ثم رجع إليهم , فقال:ثلاث مائة رجل , يزيدون قليلاً أو ينقصون . ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد . قال:فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئاً , فرجع إليهم , فقال:ما وجدت شيئاً , ولكني قد رأيت يا معشر قريش , البلايا تحمل المنايا . نواضح يثرب تحمل الموت الناقع . قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم , والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم , فإذا أصابوا منكم أعدادهم , فما خير العيش بعد ذلك ? فروا رأيكم !
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس , فأتى عتبة بن ربيعة , فقال:يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها , هل لك إلى ألا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر ? قال:وما ذاك يا حكيم ? قال:ترجع بالناس , وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي . قال:قد فعلت , أنت عليّ بذلك , إنما هو حليفي فعليّ عقله [ أي دية أخيه الذي قتل في سرية عبد الله بن جحش كما سبق ] وما أصيب من ماله . فأت ابن الحنظلية فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره . يعني أبا جهل بن هشام . ثم قام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال:يا معشر قريش , إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً . والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه , قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلاً من عشيرته . فارجعوا وخلوا بين محمد وسائر العرب , فإن أصابوه فذاك الذي أردتم , وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرّضوا منه ما تريدون .
قال حكيم:فانطلقت حتى جئت أبا جهل , فوجدته قد نثل درعاً له من جرابها فهو يهيئها . فقلت له:يا أبا الحكم , إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا , للذي قال , فقال:انتفخ والله سَحره [ يعني انتفخت رئته من الخوف ! ] حين رأى محمداً وأصحابه . كلا ! والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد , وما بعتبة ما قال , ولكنه قد رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور , وفيهم ابنه [ يعني أبا حذيفة رضي الله عنه وكان مسلماً مع المسلمين ] فقد تخوفكم عليه !
ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي , فقال:هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس . وقد رأيت ثأرك بعينك , فقم فانشد خفرتك [ أي عهدك ] ومقتل أخيك ! فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف , ثم صرخ:واعمراه ! فحميت الحرب , وحقب أمر الناس [ أي اشتد ] واستوسقوا على ما هم عليه من الشر . فأفسد على الناسالرأي الذي دعاهم
قال ابن إسحاق:وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم , عن أشياخ من الأنصار قالوا:لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي , فقالوا:احزر لنا أصحاب محمد [ [ ص ] ] قال:فاستجال بفرسه حول العسكر ! ثم رجع إليهم , فقال:ثلاث مائة رجل , يزيدون قليلاً أو ينقصون . ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد . قال:فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئاً , فرجع إليهم , فقال:ما وجدت شيئاً , ولكني قد رأيت يا معشر قريش , البلايا تحمل المنايا . نواضح يثرب تحمل الموت الناقع . قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم , والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم , فإذا أصابوا منكم أعدادهم , فما خير العيش بعد ذلك ? فروا رأيكم !
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس , فأتى عتبة بن ربيعة , فقال:يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها , هل لك إلى ألا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر ? قال:وما ذاك يا حكيم ? قال:ترجع بالناس , وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي . قال:قد فعلت , أنت عليّ بذلك , إنما هو حليفي فعليّ عقله [ أي دية أخيه الذي قتل في سرية عبد الله بن جحش كما سبق ] وما أصيب من ماله . فأت ابن الحنظلية فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره . يعني أبا جهل بن هشام . ثم قام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال:يا معشر قريش , إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً . والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه , قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلاً من عشيرته . فارجعوا وخلوا بين محمد وسائر العرب , فإن أصابوه فذاك الذي أردتم , وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرّضوا منه ما تريدون .
قال حكيم:فانطلقت حتى جئت أبا جهل , فوجدته قد نثل درعاً له من جرابها فهو يهيئها . فقلت له:يا أبا الحكم , إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا , للذي قال , فقال:انتفخ والله سَحره [ يعني انتفخت رئته من الخوف ! ] حين رأى محمداً وأصحابه . كلا ! والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد , وما بعتبة ما قال , ولكنه قد رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور , وفيهم ابنه [ يعني أبا حذيفة رضي الله عنه وكان مسلماً مع المسلمين ] فقد تخوفكم عليه !
ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي , فقال:هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس . وقد رأيت ثأرك بعينك , فقم فانشد خفرتك [ أي عهدك ] ومقتل أخيك ! فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف , ثم صرخ:واعمراه ! فحميت الحرب , وحقب أمر الناس [ أي اشتد ] واستوسقوا على ما هم عليه من الشر . فأفسد على الناسالرأي الذي دعاهم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
إليه عتبة . فلما بلغ عتبة قول أبي جهل:انتفخ والله سحره . قال:سيعلم مصفر استه [ يريد أن يشبهه في الجبن كالرجل الذي يتأنث ! ] من انتفخ سحره ? أنا أم هو !
قال ابن إسحاق:وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي , وكان رجلاً شرساً سيئ الخلق , فقال:أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه . فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - فلما التقيا ضربه حمزة فأطنّ قدمه [ أي أطارها ] بنصف ساقه . وهو دون الحوض . فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه ; ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد - زعم - أن يبر يمينه , واتبعه حمزة , فضربه حتى قتله في الحوض !
ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة , بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة , حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة , فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة , وهم عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء , ورجل آخر يقال:هو عبد الله بن رواحة . فقالوا من أنتم ? فقالوا:رهط من الأنصار , قالوا:ما لنا بكم من حاجة [ وقال ابن إسحاق:إن عتبة قال للفتية من الأنصار حين انتسبوا إليه:أكفاء كرام , إنما نريد قومنا ] ثم نادى مناديهم:يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا . فقال رسول الله [ ص ] . " قم يا عبيدة ابن الحارث , قم يا حمزة , قم يا علي " . فلما قاموا ودنوا منهم قالوا:من أنتم ? قال عبيدة:عبيدة ? وقال حمزة:حمزة ! وقال علي:علي ! قالوا . نعم أكفاء كرام ! فبارز عبيدة , وكان أسن القوم , عتبة ابن ربيعة , وبارز حمزة شيبة بن ربيعة , وبارز علي الوليد بن عتبة . فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله , وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله . واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه [ أي جرحه جرحاً لا يملك معه الحركة ] وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه [ أي أجهزا عليه ] واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه .
قال ابن إسحاق:ثم تزاحف الناس , ودنا بعضهم من بعض . وقد أمر رسول الله [ ص ] أصحابه ألا يحملوا حتى يأمرهم . قال:" إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل " . . ثم عدل رسول الله [ ص ] الصفوف ورجع إلى العريش , فدخله ومعه فيه أبو بكر ليس معه فيه غيره . ورسول الله [ ص ] يناشد ربه ما وعده من النصر , ويقول فيما يقول:" اللهم إن نهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد " وأبو بكر يقول:يا نبي الله بعض مناشدتك ربك , فإن الله منجز لك ما وعدك .
وفي إمتاع الأسماع للمقريزي:أن عبد الله بن رواحة قال لرسول الله [ ص ] يا رسول الله إني أشير عليك - ورسول الله أعظم وأعلم من أن يشار عليه - إن الله أجل وأعظم من أن ينشد وعده ! فقال رسول الله [ ص ] " يا ابن رواحة , ألا أنشد الله وعده ? إن الله لا يخلف الميعاد " .
قال ابن إسحاق:وقد خفق رسول الله [ ص ] خفقة وهو في العريش , ثم انتبه , فقال:" أبشر يا أبا بكر , أتاك نصر الله . هذا جبريل آخذاً بعنان فرس يقوده , على ثناياه النقع " [ يعني الغبار ] .
قال ابن إسحاق:وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي , وكان رجلاً شرساً سيئ الخلق , فقال:أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه . فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - فلما التقيا ضربه حمزة فأطنّ قدمه [ أي أطارها ] بنصف ساقه . وهو دون الحوض . فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه ; ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد - زعم - أن يبر يمينه , واتبعه حمزة , فضربه حتى قتله في الحوض !
ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة , بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة , حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة , فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة , وهم عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء , ورجل آخر يقال:هو عبد الله بن رواحة . فقالوا من أنتم ? فقالوا:رهط من الأنصار , قالوا:ما لنا بكم من حاجة [ وقال ابن إسحاق:إن عتبة قال للفتية من الأنصار حين انتسبوا إليه:أكفاء كرام , إنما نريد قومنا ] ثم نادى مناديهم:يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا . فقال رسول الله [ ص ] . " قم يا عبيدة ابن الحارث , قم يا حمزة , قم يا علي " . فلما قاموا ودنوا منهم قالوا:من أنتم ? قال عبيدة:عبيدة ? وقال حمزة:حمزة ! وقال علي:علي ! قالوا . نعم أكفاء كرام ! فبارز عبيدة , وكان أسن القوم , عتبة ابن ربيعة , وبارز حمزة شيبة بن ربيعة , وبارز علي الوليد بن عتبة . فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله , وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله . واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه [ أي جرحه جرحاً لا يملك معه الحركة ] وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه [ أي أجهزا عليه ] واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه .
قال ابن إسحاق:ثم تزاحف الناس , ودنا بعضهم من بعض . وقد أمر رسول الله [ ص ] أصحابه ألا يحملوا حتى يأمرهم . قال:" إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل " . . ثم عدل رسول الله [ ص ] الصفوف ورجع إلى العريش , فدخله ومعه فيه أبو بكر ليس معه فيه غيره . ورسول الله [ ص ] يناشد ربه ما وعده من النصر , ويقول فيما يقول:" اللهم إن نهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد " وأبو بكر يقول:يا نبي الله بعض مناشدتك ربك , فإن الله منجز لك ما وعدك .
وفي إمتاع الأسماع للمقريزي:أن عبد الله بن رواحة قال لرسول الله [ ص ] يا رسول الله إني أشير عليك - ورسول الله أعظم وأعلم من أن يشار عليه - إن الله أجل وأعظم من أن ينشد وعده ! فقال رسول الله [ ص ] " يا ابن رواحة , ألا أنشد الله وعده ? إن الله لا يخلف الميعاد " .
قال ابن إسحاق:وقد خفق رسول الله [ ص ] خفقة وهو في العريش , ثم انتبه , فقال:" أبشر يا أبا بكر , أتاك نصر الله . هذا جبريل آخذاً بعنان فرس يقوده , على ثناياه النقع " [ يعني الغبار ] .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
وقد رمي مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل , فكان أول قتيل من المسلمين رحمه الله . ثم رمي حارثة بن سراقة أحد بني عدي بن النجار - وهو يشرب من الحوض - بسهم , فأصاب نحره , فقتل رحمه الله .
ثم خرج رسول الله [ ص ] إلى الناس فحرضهم وقال:" والذي نفس محمد بيده , لا يقاتلهم اليوم رجل , فيقتل , صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر , إلا أدخله الله الجنة " . فقال عمير بن الحمام أخو بني سلمة , وفي يده ثمرات يأكلهن:بخ بخ [ كلمة تقال للإعجاب ] أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أنيقتلني هؤلاء ? ثم قذف التمرات من يده , وأخذ سيفه , فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله تعالى .
قال ابن إسحاق:وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة , أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء - قال:يا رسول الله , ما يضحك الرب من عبده ? قال:" غمسه يده في العدو حاسراً " فنزع درعاً كانت عليه , فقذفها , ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله .
قال ابن إسحاق:وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري , عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري , حليف بني زهرة , أنه حدثه , أنه لما التقى الناس , ودنا بعضهم من بعض , قال أبو جهل بن هشام:اللهم , أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف , فأحِنه الغداة ! فكان هو المستفتح .
قال ابن إسحاق:ثم إن رسول الله [ ص ] أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشاً , ثم قال:" شاهت الوجوه ! " ثم نفحهم بها . وأمر أصحابه فقال:" شدوا " فكانت الهزيمة . فقتل الله تعالى من قتل من صناديد قريش , وأسر من أسر من أشرافهم . .
فلما وضع القوم أيديهم يأسرون , ورسول الله [ ص ] في العريش , وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله [ ص ] متوشحاً السيف , في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله [ ص ] يخافون عليه كرّة العدو ; ورأى رسول الله [ ص ] فيما ذكر لي - في وجه سعد الكراهية لما يصنع الناس ; فقال له رسول الله [ ص ]:" والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم ! " قال:أجل والله يا رسول الله ; كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك . فكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال !
قال ابن إسحاق:وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد ; عن بعض أهله ; عن ابن عباس رضي الله عنهما . أن النبي [ ص ] قال لأصحابه يومئذ:" إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا , فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله , ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله , ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله [ ص ] فلا يقتله , فإنه إنما أخرج مستكرهاً " قال:فقال أبو حذيفة [ ابن عتبة بن ربيعة ]:أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس ?! والله لئن لقيته لألحمنه السيف ! قال:فبلغت رسول الله [ ص ] فقال لعمر بن الخطاب:" يا أبا حفص " قال عمر:والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله [ ص ] بأبي حفص - " أيضرب وجه عم رسول الله [ ص ] بالسيف ? " فقال
ثم خرج رسول الله [ ص ] إلى الناس فحرضهم وقال:" والذي نفس محمد بيده , لا يقاتلهم اليوم رجل , فيقتل , صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر , إلا أدخله الله الجنة " . فقال عمير بن الحمام أخو بني سلمة , وفي يده ثمرات يأكلهن:بخ بخ [ كلمة تقال للإعجاب ] أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أنيقتلني هؤلاء ? ثم قذف التمرات من يده , وأخذ سيفه , فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله تعالى .
قال ابن إسحاق:وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة , أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء - قال:يا رسول الله , ما يضحك الرب من عبده ? قال:" غمسه يده في العدو حاسراً " فنزع درعاً كانت عليه , فقذفها , ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله .
قال ابن إسحاق:وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري , عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري , حليف بني زهرة , أنه حدثه , أنه لما التقى الناس , ودنا بعضهم من بعض , قال أبو جهل بن هشام:اللهم , أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف , فأحِنه الغداة ! فكان هو المستفتح .
قال ابن إسحاق:ثم إن رسول الله [ ص ] أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشاً , ثم قال:" شاهت الوجوه ! " ثم نفحهم بها . وأمر أصحابه فقال:" شدوا " فكانت الهزيمة . فقتل الله تعالى من قتل من صناديد قريش , وأسر من أسر من أشرافهم . .
فلما وضع القوم أيديهم يأسرون , ورسول الله [ ص ] في العريش , وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله [ ص ] متوشحاً السيف , في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله [ ص ] يخافون عليه كرّة العدو ; ورأى رسول الله [ ص ] فيما ذكر لي - في وجه سعد الكراهية لما يصنع الناس ; فقال له رسول الله [ ص ]:" والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم ! " قال:أجل والله يا رسول الله ; كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك . فكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال !
قال ابن إسحاق:وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد ; عن بعض أهله ; عن ابن عباس رضي الله عنهما . أن النبي [ ص ] قال لأصحابه يومئذ:" إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا , فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله , ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله , ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله [ ص ] فلا يقتله , فإنه إنما أخرج مستكرهاً " قال:فقال أبو حذيفة [ ابن عتبة بن ربيعة ]:أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس ?! والله لئن لقيته لألحمنه السيف ! قال:فبلغت رسول الله [ ص ] فقال لعمر بن الخطاب:" يا أبا حفص " قال عمر:والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله [ ص ] بأبي حفص - " أيضرب وجه عم رسول الله [ ص ] بالسيف ? " فقال
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
عمر:يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف ! فوالله لقد نافق ! فكان أبو حذيفة يقول:ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ; ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة - فقتل يوم اليمامة [ في حروب الردة ] شهيداً .
قال ابن هشام:وإنما نهى رسول الله [ ص ] عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله [ ص ] وهو بمكة , وكان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه , وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب . . . [ وقد قتل لأنه رفض أن يستأسر ] . . .
قال ابن إسحاق:حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه قال:كان أمية بن خلف لي صديقاً بمكة . وكان اسمي عبد عمرو , فتسميت حين أسلمت عبدالرحمن ونحن بمكة . فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول:يا عبد عمرو , أرغبت عن اسم سماكه أبواك ? فأقول:نعم ! فيقول:فإني لا أعرف الرحمن ,فاجعل بيني وبينك شيئا ادعوك به , أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول , وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف ! قال فكان إذا دعاني يا عبد عمرو لم أجبه . قال:فقلت له:يا أبا علي , اجعل ما شئت . قال:فأنت عبدالإله . قال:قلت:نعم . قال:فكنت إذا مررت به قال:يا عبد الإله , فأجيبه , فأتحدث معه . حتى إذا كان يوم بدر مررت به وهو واقف مع ابنه علي ابن أمية آخذ بيده ; ومعي أدراع لي قد استلبتها فأنا أحملها . فلما رآني قال لي:يا عبدعمرو , فلم أجبه . فقال:يا عبد الإله , فقلت:نعم , قال:هل لك فيّ ? فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك !:قال:قلت:نعم ! ها الله إذن . قال:فطرحت الأدراع من يدي , وأخذت بيده ويد ابنه [ يعني أسيرين ] وهو يقول:ما رأيت كاليوم قط ! أما لكم حاجة في اللبن ? [ يعني أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن ! ] ثم خرجت أمشي بهما .
قال ابن إسحاق:حدثني عبدالواحد بن أبي عون , عن سعيد بن إبراهيم , عن أبيه , عن عبدالرحمن ابن عوف - رضي الله عنه - قال:قال لي أمية بن خلف , وأنا بينه وبين ابنه , آخذ بأيديهما:يا عبد الإله , من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره ? قال . قلت:حمزة بن عبدالمطلب . قال:ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل . . قال عبدالرحمن:فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي , وكان هو الذي يعذب بلالاً بمكة على ترك الإسلام , فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت , فيضجعه على ظهره , ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره , ثم يقول:لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد , فيقول بلال:أحد . أحد . قال:فلما رآه قال:رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا ! قال:قلت:أي بلال , أبأسيري ? قال:لا نجوت إن نجا ! قال:قلت:أتسمع يا ابن السوداء ? قال:لا نجوت إن نجا ! قال:ثم صرخ بأعلى صوته:يا أنصار الله , رأس الكفر أمية بن خلف , لا نجوت إن نجا ! قالوا:فأحاطوا بنا , حتى جعلونا في مثل المسكة [ أي السوار من عاج ] وأنا أذب عنه قال:فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع , وصاح أمية صيحة ما سمعت بمثلها قط . قال:فقلت:انج بنفسك ولا نجاء بك . فوالله ما أغني عنك شيئاً . قال:فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما . . فكان عبدالرحمن يقول:يرحم الله بلالاً , ذهبت أدراعي . وفجعني بأسيري !
قال ابن هشام:وإنما نهى رسول الله [ ص ] عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله [ ص ] وهو بمكة , وكان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه , وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب . . . [ وقد قتل لأنه رفض أن يستأسر ] . . .
قال ابن إسحاق:حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه قال:كان أمية بن خلف لي صديقاً بمكة . وكان اسمي عبد عمرو , فتسميت حين أسلمت عبدالرحمن ونحن بمكة . فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول:يا عبد عمرو , أرغبت عن اسم سماكه أبواك ? فأقول:نعم ! فيقول:فإني لا أعرف الرحمن ,فاجعل بيني وبينك شيئا ادعوك به , أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول , وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف ! قال فكان إذا دعاني يا عبد عمرو لم أجبه . قال:فقلت له:يا أبا علي , اجعل ما شئت . قال:فأنت عبدالإله . قال:قلت:نعم . قال:فكنت إذا مررت به قال:يا عبد الإله , فأجيبه , فأتحدث معه . حتى إذا كان يوم بدر مررت به وهو واقف مع ابنه علي ابن أمية آخذ بيده ; ومعي أدراع لي قد استلبتها فأنا أحملها . فلما رآني قال لي:يا عبدعمرو , فلم أجبه . فقال:يا عبد الإله , فقلت:نعم , قال:هل لك فيّ ? فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك !:قال:قلت:نعم ! ها الله إذن . قال:فطرحت الأدراع من يدي , وأخذت بيده ويد ابنه [ يعني أسيرين ] وهو يقول:ما رأيت كاليوم قط ! أما لكم حاجة في اللبن ? [ يعني أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن ! ] ثم خرجت أمشي بهما .
قال ابن إسحاق:حدثني عبدالواحد بن أبي عون , عن سعيد بن إبراهيم , عن أبيه , عن عبدالرحمن ابن عوف - رضي الله عنه - قال:قال لي أمية بن خلف , وأنا بينه وبين ابنه , آخذ بأيديهما:يا عبد الإله , من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره ? قال . قلت:حمزة بن عبدالمطلب . قال:ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل . . قال عبدالرحمن:فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي , وكان هو الذي يعذب بلالاً بمكة على ترك الإسلام , فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت , فيضجعه على ظهره , ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره , ثم يقول:لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد , فيقول بلال:أحد . أحد . قال:فلما رآه قال:رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا ! قال:قلت:أي بلال , أبأسيري ? قال:لا نجوت إن نجا ! قال:قلت:أتسمع يا ابن السوداء ? قال:لا نجوت إن نجا ! قال:ثم صرخ بأعلى صوته:يا أنصار الله , رأس الكفر أمية بن خلف , لا نجوت إن نجا ! قالوا:فأحاطوا بنا , حتى جعلونا في مثل المسكة [ أي السوار من عاج ] وأنا أذب عنه قال:فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع , وصاح أمية صيحة ما سمعت بمثلها قط . قال:فقلت:انج بنفسك ولا نجاء بك . فوالله ما أغني عنك شيئاً . قال:فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما . . فكان عبدالرحمن يقول:يرحم الله بلالاً , ذهبت أدراعي . وفجعني بأسيري !
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
قال ابن إسحاق:فلما فرغ رسول الله [ ص ] من عدوه أمر بأبي جهل بن هشام أن يلتمس في القتلى , وكان أول من لقي ابا جهل - كما حدثني ثور بن زيد , عن عكرمة , عن ابن عباس , وعبدالله بن أبي بكر أيضاً ; قد حدثني ذلك - قالا:قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة:سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة [ أي الشجر الملتف ] وهم يقولون:أبو الحكم لا يخلص إليه , قال:فلما سمعتها جعلته من شأني , فصمدت نحوه , فلما أمكنني حملت عليه , فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه , فوالله ما شبهتها - حين طاحت - إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها , قال:وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي . فتعلقت بجلدة من جنبي , وأجهضني القتال عنه , فلقد قاتلت عامة يومي , وإني لأسحبها خلفي , فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها .
ثم مر بأبي جهل , وهو عقير , معوذ ابن عفراء , فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق , وقاتل معوذ حتى قتل , فمر عبدالله بن مسعود بأبي جهل - حين أمر رسول الله [ ص ] أن يلتمس في القتلى - وقد قال لهم رسول الله [ ص ] فيما بلغني:" انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح في ركبته , فإني ازدحمت يوماً أنا وهو على مأدبة لعبدالله بن جدعان , ونحن غلامان , وكنت أشف منه بيسير , فدفعته , فوقع على ركبتيه , فجحش في إحداهما جحشاً لم يزل أثره به " قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه . فوجدتهبآخر رمق , فعرفته فوضعت رجلي على عنقه , قال وقد كان خبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني [ أي قبض عليّ ولزمني ] ثم قلت له:هل أخزاك الله يا عدو الله ? قال:وبماذا أخزاني ? أأعمد من رجل قتلتموه [ يريد أكبر من رجل قتلتموه ? ] أخبرني لمن الدائرة اليوم ? قال:قلت لله ورسوله .
قال ابن إسحاق:وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول:قال لي:لقد ارتقيت مرتقى صعباً يا رويعي الغنم . قال:ثم احتززت رأسه ; ثم جئت به رسول الله [ ص ] فقلت:يا رسول الله , هذا رأس عدو الله أبي جهل . قال:فقال رسول الله [ ص ]:" الله الذي لا إله غيره " ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله [ ص ] فحمد الله .
قال ابن هشام:وحدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم بالمغازي , أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسعيد بن العاص - ومر به - إني أراك كأن في نفسك شيئاً . أراك تظن أني قتلت أباك ! إني لو قتلته لم أعتذر إليك من قتله ; ولكني قتلت خالي العاص بن هشام ابن المغيرة . فأما أبوك فإني مررت به , وهو يبحث بحث الثور بروقه [ أي بقرنه ] فحدت عنه . وقصد له بن عمه علي فقتله !
قال ابن إسحاق:وحدثني يزيد بن رومان , عن عروة بن الزبير , عن عائشة رضي الله عنها . قالت:لما أمر رسول الله [ ص ] بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه , إلا ما كان من أمية بن خلف . فإنه انتفخ في درعه فملأها , فذهبوا ليحركوه . فتزايل لحمه , فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة , فلما ألقاهم في القليب , وقف عليهم رسول الله [ ص ] فقال:" يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً , فإني
ثم مر بأبي جهل , وهو عقير , معوذ ابن عفراء , فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق , وقاتل معوذ حتى قتل , فمر عبدالله بن مسعود بأبي جهل - حين أمر رسول الله [ ص ] أن يلتمس في القتلى - وقد قال لهم رسول الله [ ص ] فيما بلغني:" انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح في ركبته , فإني ازدحمت يوماً أنا وهو على مأدبة لعبدالله بن جدعان , ونحن غلامان , وكنت أشف منه بيسير , فدفعته , فوقع على ركبتيه , فجحش في إحداهما جحشاً لم يزل أثره به " قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه . فوجدتهبآخر رمق , فعرفته فوضعت رجلي على عنقه , قال وقد كان خبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني [ أي قبض عليّ ولزمني ] ثم قلت له:هل أخزاك الله يا عدو الله ? قال:وبماذا أخزاني ? أأعمد من رجل قتلتموه [ يريد أكبر من رجل قتلتموه ? ] أخبرني لمن الدائرة اليوم ? قال:قلت لله ورسوله .
قال ابن إسحاق:وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول:قال لي:لقد ارتقيت مرتقى صعباً يا رويعي الغنم . قال:ثم احتززت رأسه ; ثم جئت به رسول الله [ ص ] فقلت:يا رسول الله , هذا رأس عدو الله أبي جهل . قال:فقال رسول الله [ ص ]:" الله الذي لا إله غيره " ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله [ ص ] فحمد الله .
قال ابن هشام:وحدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم بالمغازي , أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسعيد بن العاص - ومر به - إني أراك كأن في نفسك شيئاً . أراك تظن أني قتلت أباك ! إني لو قتلته لم أعتذر إليك من قتله ; ولكني قتلت خالي العاص بن هشام ابن المغيرة . فأما أبوك فإني مررت به , وهو يبحث بحث الثور بروقه [ أي بقرنه ] فحدت عنه . وقصد له بن عمه علي فقتله !
قال ابن إسحاق:وحدثني يزيد بن رومان , عن عروة بن الزبير , عن عائشة رضي الله عنها . قالت:لما أمر رسول الله [ ص ] بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه , إلا ما كان من أمية بن خلف . فإنه انتفخ في درعه فملأها , فذهبوا ليحركوه . فتزايل لحمه , فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة , فلما ألقاهم في القليب , وقف عليهم رسول الله [ ص ] فقال:" يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً , فإني
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
قد وجدت ما وعدني ربي حقاً " قالت:فقال له أصحابه:يا رسول الله , أتكلم قوماً موتي ? فقال لهم:" لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق " قالت عائشة:والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلت لهم وإنما قال لهم رسول الله [ ص ]:" لقد علموا " .
قال ابن إسحاق:ولما أمر رسول الله [ ص ] بهم أن يلقوا في القليب , أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب , فنظر رسول الله [ ص ] - فيما بلغني - في وجه أبي حذيفة بن عتبة , فإذا هو كئيب قد تغير . فقال:" يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء " أو كما قال [ ص ] فقال:لا والله يا رسول الله , ما شككت في أبي ولا في مصرعه , ولكنني كنت أعرف من أبي رأياً وحلماً وفضلاً , فكنت أرجو أن يهديهه ذلك إلى الإسلام , فلما رأيت ما أصابه , وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له , أحزنني ذلك . فدعا له رسول الله [ ص ] بخير , وقال له خيراً . .
ثم إن رسول الله [ ص ] أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع , فاختلف المسلمون فيه . فقال من جمعه:هو لنا . وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه:والله لولا نحن ما أصبتموه , لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم . وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله [ ص ] مخافة أن يخالف إليه العدو:والله ما أنتم بأحق به منا , لقد رأينا المتاع حين لم يكن دونه ما يمنعه , ولكنا خفنا على رسول الله [ ص ] كرة العدو , فقمنا دونه , فما أنتم بأحق به منا .
قال ابن إسحاق:وحدثني عبدالرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان بن موسى , عن مكحول , عن أبي أمامة الباهلي , قال سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال . فقال فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل , وساءت فيه أخلاقنا , فنزعه الله من أيدينا , فجعله إلى رسول الله [ ص ]فقسمه رسول الله [ ص ] بين المسلمين عن بواء , يقول:على السواء .
قال ابن إسحاق:وحدثني نبيه بن وهب أخو بني عبد الدار أن رسول الله [ ص ] حين أقبل بالأسارى , فرقهم في أصحابه , وقال ":استوصوا بالأسارى خيراً " . فكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم , أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه , في الأسارى . قال:فقال أبو عزيز:مر بي أخي مصعب بن عمير , ورجل من الأنصار يأسرني , فقال:شد يدك به , فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك . قال:وكنت في رهط من الأنصار - حين أقبلوا بي من بدر - فكانوا إذا قدموا غداءهم أو عشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر , لوصية رسول الله [ ص ] إياهم بنا , ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها . قال:فأستحيي فأردها على أحدهم , فيردها علي ما يمسها .
قال ابن هشام:وكان أبو عزيز صاحب لواء المشركين ببدر , بعد النضر بن الحارث , فلما قال أخوه مصعب ابن عمير لأبي اليسر - وهو الذي أسره - ما قال , قال له أبو عزيز:يا أخي , هذه وصاتك بي ? فقال له
قال ابن إسحاق:ولما أمر رسول الله [ ص ] بهم أن يلقوا في القليب , أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب , فنظر رسول الله [ ص ] - فيما بلغني - في وجه أبي حذيفة بن عتبة , فإذا هو كئيب قد تغير . فقال:" يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء " أو كما قال [ ص ] فقال:لا والله يا رسول الله , ما شككت في أبي ولا في مصرعه , ولكنني كنت أعرف من أبي رأياً وحلماً وفضلاً , فكنت أرجو أن يهديهه ذلك إلى الإسلام , فلما رأيت ما أصابه , وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له , أحزنني ذلك . فدعا له رسول الله [ ص ] بخير , وقال له خيراً . .
ثم إن رسول الله [ ص ] أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع , فاختلف المسلمون فيه . فقال من جمعه:هو لنا . وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه:والله لولا نحن ما أصبتموه , لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم . وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله [ ص ] مخافة أن يخالف إليه العدو:والله ما أنتم بأحق به منا , لقد رأينا المتاع حين لم يكن دونه ما يمنعه , ولكنا خفنا على رسول الله [ ص ] كرة العدو , فقمنا دونه , فما أنتم بأحق به منا .
قال ابن إسحاق:وحدثني عبدالرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان بن موسى , عن مكحول , عن أبي أمامة الباهلي , قال سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال . فقال فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل , وساءت فيه أخلاقنا , فنزعه الله من أيدينا , فجعله إلى رسول الله [ ص ]فقسمه رسول الله [ ص ] بين المسلمين عن بواء , يقول:على السواء .
قال ابن إسحاق:وحدثني نبيه بن وهب أخو بني عبد الدار أن رسول الله [ ص ] حين أقبل بالأسارى , فرقهم في أصحابه , وقال ":استوصوا بالأسارى خيراً " . فكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم , أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه , في الأسارى . قال:فقال أبو عزيز:مر بي أخي مصعب بن عمير , ورجل من الأنصار يأسرني , فقال:شد يدك به , فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك . قال:وكنت في رهط من الأنصار - حين أقبلوا بي من بدر - فكانوا إذا قدموا غداءهم أو عشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر , لوصية رسول الله [ ص ] إياهم بنا , ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها . قال:فأستحيي فأردها على أحدهم , فيردها علي ما يمسها .
قال ابن هشام:وكان أبو عزيز صاحب لواء المشركين ببدر , بعد النضر بن الحارث , فلما قال أخوه مصعب ابن عمير لأبي اليسر - وهو الذي أسره - ما قال , قال له أبو عزيز:يا أخي , هذه وصاتك بي ? فقال له
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
مصعب:إنه أخي دونك . . فسألت أمه عن أغلى ما فدي به قرشي , فقيل لها:أربعة آلاف درهم , فبعثت بأربعة آلاف درهم , ففدته بها .
قال ابن إسحاق:ثم بعثت قريش في فداء الأسرى .
في هذه الغزوة التي أجملنا عرضها بقدر المستطاع , نزلت سورة الأنفال . . نزلت تعرض وقائع الغزوة الظاهرة , وتعرض وراءها فعل القدرة المدبرة , وتكشف عن قدر الله وتدبيره في وقائع الغزوة , وفيما وراءها من خط سير التاريخ البشري كله ; وتحدث عن هذا كله بلغة القرآن الفريدة وبأسلوب القرآن المعجز . . وسيأتي تفصيل هذه المعاني في ثنايا استعراض النصوص القرآنية . . فأما الآن فنكتفي باستعراض الخطوط الأساسية في السورة:
إن هنالك حادثاً بعينه في الغزوة يلقي ضوءاً على خط سيرها . ذلك هو ما رواه ابن إسحاق - عن عبادة ابن الصامت - رضي الله عنه , قال:
"فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل , وساءت فيه أخلاقنا , فنزعه الله من أيدينا , فجعله إلى رسول الله [ ص ] فقسمه رسول الله [ ص ] - عن بواء [ يقول:على السواء ] .
هذا الحادث يلقي ضوءا على افتتاح السورة وعلى خط سيرها كذلك:
لقد اختلفوا على الغنائم القليلة في الوقعة التي جعلها الله فرقاناً في مجرى التاريخ البشري إلى يوم القيامة !
ولقد أراد الله - سبحانه - أن يعلمهم , وأن يعلم البشر كلهم من بعدهم أموراً عظاماً . . .
أراد أن يعلمهم ابتداء أن أمر هذه الوقعة أكبر كثيراً من أمر الغنائم التي يختلفون عليها . فسمى يومها: (يوم الفرقان , يوم التقى الجمعان). .
وأراد أن يعلمهم أن هذا الأمر العظيم إنما تم بتدبير الله وقدره , في كل خطوة وفي كل حركة , ليقضي من ورائه أمراً أراده , فلم يكن لهم في هذا النصر وما وراءه من عظائم الأمور يد ولا تدبير , وسواء غنائمه الصغيرة وآثاره الكبيرة , فكلها من فعل الله وتدبيره . إنما أبلاهم فيه بلاء حسناً من فضله !
وأراد أن يريهم مدى الفرق بين ما أرادوه هم لأنفسهم من الظفر بالعير ; وما أراده الله لهم , وللبشريةكلها من ورائهم من إفلات العير , ولقاء النفير . ليروا على مد البصر مدى ما بين إرادتهم بأنفسهم وإرادة الله بهم ولهم من فرق كبير !
قال ابن إسحاق:ثم بعثت قريش في فداء الأسرى .
في هذه الغزوة التي أجملنا عرضها بقدر المستطاع , نزلت سورة الأنفال . . نزلت تعرض وقائع الغزوة الظاهرة , وتعرض وراءها فعل القدرة المدبرة , وتكشف عن قدر الله وتدبيره في وقائع الغزوة , وفيما وراءها من خط سير التاريخ البشري كله ; وتحدث عن هذا كله بلغة القرآن الفريدة وبأسلوب القرآن المعجز . . وسيأتي تفصيل هذه المعاني في ثنايا استعراض النصوص القرآنية . . فأما الآن فنكتفي باستعراض الخطوط الأساسية في السورة:
إن هنالك حادثاً بعينه في الغزوة يلقي ضوءاً على خط سيرها . ذلك هو ما رواه ابن إسحاق - عن عبادة ابن الصامت - رضي الله عنه , قال:
"فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل , وساءت فيه أخلاقنا , فنزعه الله من أيدينا , فجعله إلى رسول الله [ ص ] فقسمه رسول الله [ ص ] - عن بواء [ يقول:على السواء ] .
هذا الحادث يلقي ضوءا على افتتاح السورة وعلى خط سيرها كذلك:
لقد اختلفوا على الغنائم القليلة في الوقعة التي جعلها الله فرقاناً في مجرى التاريخ البشري إلى يوم القيامة !
ولقد أراد الله - سبحانه - أن يعلمهم , وأن يعلم البشر كلهم من بعدهم أموراً عظاماً . . .
أراد أن يعلمهم ابتداء أن أمر هذه الوقعة أكبر كثيراً من أمر الغنائم التي يختلفون عليها . فسمى يومها: (يوم الفرقان , يوم التقى الجمعان). .
وأراد أن يعلمهم أن هذا الأمر العظيم إنما تم بتدبير الله وقدره , في كل خطوة وفي كل حركة , ليقضي من ورائه أمراً أراده , فلم يكن لهم في هذا النصر وما وراءه من عظائم الأمور يد ولا تدبير , وسواء غنائمه الصغيرة وآثاره الكبيرة , فكلها من فعل الله وتدبيره . إنما أبلاهم فيه بلاء حسناً من فضله !
وأراد أن يريهم مدى الفرق بين ما أرادوه هم لأنفسهم من الظفر بالعير ; وما أراده الله لهم , وللبشريةكلها من ورائهم من إفلات العير , ولقاء النفير . ليروا على مد البصر مدى ما بين إرادتهم بأنفسهم وإرادة الله بهم ولهم من فرق كبير !
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
لقد بدأت السورة بتسجيل سؤالهم عن الأنفال وبيان حكم الله فيها وردها إلى الله والرسول ودعوتهم إلى تقوى الله , وإصلاح ذات بينهم - بعدما ساءت أخلاقهم في النفل كما يقول عبادة بن الصامت - ودعوتهم إلى طاعة الله وطاعة الرسول , وتذكيرهم بإيمانهم وهذا مقتضاه . ورسم للمؤمنين صورة موحية تجف لها القلوبيسألونك عن الأنفال . قل:الأنفال لله والرسول . فاتقوا الله , وأصلحوا ذات بينكم , وأطيعوا الله ورسوله , إن كنتم مؤمنين . إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم , وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم). .
ثم جعل يذكرهم بأمرهم وتدبيرهم لأنفسهم وتدبير الله لهم , ومدى ما يرونه من واقع الأرض ومدى قدرة الله من ورائه ومن ورائهم: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق , وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون . يجادلونك في الحق بعد ما تبين , كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون . وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم , وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم , ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين . ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون . .
ثم ذكرهم بما أمدهم به من العون , وما يسره لهم من النصر , وما قدره لهم بفضله من الأجرإذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين . وما جعله الله إلا بشرى , ولتطمئن به قلوبكم , وما النصر إلا من عند الله , إن الله عزيز حكيم . إذ يغشيكم النعاس أمنة منه , وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به , ويذهب عنكم رجز الشيطان , وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام . إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم , فثبتوا الذين آمنوا , سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب , فاضربوا فوق الأعناق , واضربوا منهم كل بنان . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله , ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب . ذلكم فذوقوه , وأن للكافرين عذاب النار).
وهكذا يمضي سياق السورة في هذا المجال ; يسجل أن المعركة بجملتها من صنع الله وتدبيره بقيادته وتوجيهه . بعونه ومدده . بفعله وقدره . له وفي سبيله . . ومن ثم تجريد المقاتلين ابتداء من الأنفال وتقرير أنها لله وللرسول , حتى إذا ردها الله عليهم كان ذلك مَناً منه وفضلاً . وكذلك يجردهم من كل مطمع فيها ومن كل مغنم , ليكون جهادهم في سبيله خالصاً له وحده . . فترد أمثال هذه النصوص:
(فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم , وما رميت - إذ رميت - ولكن الله رمى , وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً , إن الله سميع عليم . ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين).
(واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس , فآواكم وأيدكم بنصره , ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون). .
ثم جعل يذكرهم بأمرهم وتدبيرهم لأنفسهم وتدبير الله لهم , ومدى ما يرونه من واقع الأرض ومدى قدرة الله من ورائه ومن ورائهم: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق , وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون . يجادلونك في الحق بعد ما تبين , كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون . وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم , وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم , ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين . ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون . .
ثم ذكرهم بما أمدهم به من العون , وما يسره لهم من النصر , وما قدره لهم بفضله من الأجرإذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين . وما جعله الله إلا بشرى , ولتطمئن به قلوبكم , وما النصر إلا من عند الله , إن الله عزيز حكيم . إذ يغشيكم النعاس أمنة منه , وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به , ويذهب عنكم رجز الشيطان , وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام . إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم , فثبتوا الذين آمنوا , سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب , فاضربوا فوق الأعناق , واضربوا منهم كل بنان . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله , ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب . ذلكم فذوقوه , وأن للكافرين عذاب النار).
وهكذا يمضي سياق السورة في هذا المجال ; يسجل أن المعركة بجملتها من صنع الله وتدبيره بقيادته وتوجيهه . بعونه ومدده . بفعله وقدره . له وفي سبيله . . ومن ثم تجريد المقاتلين ابتداء من الأنفال وتقرير أنها لله وللرسول , حتى إذا ردها الله عليهم كان ذلك مَناً منه وفضلاً . وكذلك يجردهم من كل مطمع فيها ومن كل مغنم , ليكون جهادهم في سبيله خالصاً له وحده . . فترد أمثال هذه النصوص:
(فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم , وما رميت - إذ رميت - ولكن الله رمى , وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً , إن الله سميع عليم . ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين).
(واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس , فآواكم وأيدكم بنصره , ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون). .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل . إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان . والله على كل شيء قدير . إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى , والركب أسفل منكم , ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد , ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً . ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة , وإن الله لسميع عليم . إذ يريكهم الله في منامكقليلاً , ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر , ولكن الله سلم , إنه عليم بذات الصدور . وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم قليلاً , ويقللكم في أعينهم , ليقضي الله أمراً كان مفعولاً , وإلى الله ترجع الأمور). .
ولأن المعركة - كل معركة يخوضها المؤمنون - من صنع الله وتدبيره . بقيادته وتوجيهه . بعونه ومدده . بفعله وقدره . له وفي سبيله . تتكرر الدعوة في السورة إلى الثبات فيها , والمضي معها , والاستعداد لها , والاطمئنان إلى تولي الله فيها , والحذر من المعوقات عنها من فتنة الأموال والأولاد , والاستمساك بآدابها , وعدم الخروج لها بطراً ورئاء الناس . ويؤمر رسول الله [ ص ] بتحريض المؤمنين عليها . . وترد أمثال هذه النصوص في بيان هذه المعاني:
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار . ومن يولهم يومئذ دبره - إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة - فقد باء بغضب من الله , ومأواه جهنم وبئس المصير). .
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم , واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه , وأنه إليه تحشرون). .
(يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون . واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة , وأن الله عنده أجر عظيم).
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون . وأطيعوا الله ورسوله , ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم , واصبروا إن الله مع الصابرين . ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس , ويصدون عن سبيل الله , والله بما يعملون محيط). .
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم , وأنتم لا تظلمون). .
يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال , إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين , وإن يكن منكم مائة يغلبوا الفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . . . .
ولأن المعركة - كل معركة يخوضها المؤمنون - من صنع الله وتدبيره . بقيادته وتوجيهه . بعونه ومدده . بفعله وقدره . له وفي سبيله . تتكرر الدعوة في السورة إلى الثبات فيها , والمضي معها , والاستعداد لها , والاطمئنان إلى تولي الله فيها , والحذر من المعوقات عنها من فتنة الأموال والأولاد , والاستمساك بآدابها , وعدم الخروج لها بطراً ورئاء الناس . ويؤمر رسول الله [ ص ] بتحريض المؤمنين عليها . . وترد أمثال هذه النصوص في بيان هذه المعاني:
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار . ومن يولهم يومئذ دبره - إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة - فقد باء بغضب من الله , ومأواه جهنم وبئس المصير). .
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم , واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه , وأنه إليه تحشرون). .
(يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون . واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة , وأن الله عنده أجر عظيم).
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون . وأطيعوا الله ورسوله , ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم , واصبروا إن الله مع الصابرين . ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس , ويصدون عن سبيل الله , والله بما يعملون محيط). .
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم , وأنتم لا تظلمون). .
يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال , إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين , وإن يكن منكم مائة يغلبوا الفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . . . .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
وفي ذات الوقت الذي تتكرر الأوامر بالتثبيت في المعركة يتجه السياق إلى توضيح معالم العقيدة وتعميقها ورد كل أمر وكل حكم وكل توجيه إليها . فلا تبقى الأوامر معلقة في الفراغ , إنما ترتكز على ذلك الأصل الواضح الثابت العميق:
أ في مسألة الأنفال يردون إلى تقوى الله , والوجل عند ذكره , وتعلق الإيمان بطاعة الله وطاعة رسوله: يسألونك عن الأنفال . قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله , إن كنتم مؤمنين . إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم , وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون . . .الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم .
ب وفي خطة المعركة يردون إلى قدر الله وتدبيره , وتصريفه لمراحلها جميعاً: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى , والركب أسفل منكم , ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد , ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً . .).
ج وفي أحداثها ونتائجها يردون إلى قيادة الله لها , ومدده وعونه فيها: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم , وما رميت إذ رميت , ولكن الله رمى , وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً . . .). .
د وفي الأمر بالثبات فيها يردون إلى ما يريده الله لهم بها من حياة , وإلى قدرته على الحيلولة بينهم وبين قلوبهم , وإلى تكفله بنصر من يتوكل عليهيا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم , واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه , وأنه إليه تحشرون). .(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون). .
ه وفي تحديد الهدف من وراء المعركة يقرر: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله). . (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض). .(وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم , وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين , ليحق الحق ويبطل الباطل , ولو كره المجرمون). .
و وفي تنظيم العلاقات في المجتمع المسلم وبينه وبين غيره من المجتمعات الأخرى تبرز العقيدة قاعدة للتجمع وللتميز , وتجعل القيم العقيدية هي التي تقدم في الصف أو تؤخر: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض , والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا , وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر - إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق , والله بما تعملون بصير . والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ; إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق
أ في مسألة الأنفال يردون إلى تقوى الله , والوجل عند ذكره , وتعلق الإيمان بطاعة الله وطاعة رسوله: يسألونك عن الأنفال . قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله , إن كنتم مؤمنين . إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم , وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون . . .الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم .
ب وفي خطة المعركة يردون إلى قدر الله وتدبيره , وتصريفه لمراحلها جميعاً: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى , والركب أسفل منكم , ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد , ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً . .).
ج وفي أحداثها ونتائجها يردون إلى قيادة الله لها , ومدده وعونه فيها: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم , وما رميت إذ رميت , ولكن الله رمى , وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً . . .). .
د وفي الأمر بالثبات فيها يردون إلى ما يريده الله لهم بها من حياة , وإلى قدرته على الحيلولة بينهم وبين قلوبهم , وإلى تكفله بنصر من يتوكل عليهيا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم , واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه , وأنه إليه تحشرون). .(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون). .
ه وفي تحديد الهدف من وراء المعركة يقرر: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله). . (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض). .(وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم , وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين , ليحق الحق ويبطل الباطل , ولو كره المجرمون). .
و وفي تنظيم العلاقات في المجتمع المسلم وبينه وبين غيره من المجتمعات الأخرى تبرز العقيدة قاعدة للتجمع وللتميز , وتجعل القيم العقيدية هي التي تقدم في الصف أو تؤخر: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض , والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا , وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر - إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق , والله بما تعملون بصير . والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ; إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
كريم . والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله , إن الله بكل شيء عليم . .
ويبرز في سياق السورة بصفة خاصة - إلى جانب خط العقيدة - خط آخر هو خط الجهاد , وبيان قيمته الإيمانية والحركية . وتجريده كذلك من كل شائبة شخصية ; وإعطاؤه مبرراته الذاتية العليا التي ينطلق بها المجاهدون في ثقة وطمأنينة واستعلاء إلى آخر الزمان . . والسورة بجملتها تتضمن هذا الإيحاء . فنكتفي ببعض النصوص في هذا التعريف , وندع تفصيلها إلى موضعه عند مواجهة النصوص:
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار . ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله , ومأواه جهنم وبئس المصير).
(إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون . الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة , وهم لا يتقون . فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون).
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم , وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم , وأنتم لا تظلمون). .
(يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال , إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين , وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . .
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض , تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة . والله عزيز حكيم). .
(والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم مغفرة ورزق كريم). .
وأخيراً فإن السورة تنظم ارتباطات الجماعة المسلمة على أساس العقيدة كما أسلفنا ; وبيان الأحكام التي تتعامل بها مع غيرها من الجماعات الأخرى في الحرب والسلم - إلى هذه الفترة التي نزلت فيها السورة - وأحكام الغنائم والمعاهدات وتضع خطوطاً أصيلة في تنظيم تلك الروابط وهذه الأحكام في مثل هذه النصوص الواضحة المحددة:
(يسألونك عن الأنفال . . قل الأنفال لله والرسول). .
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار , ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله , ومأواه جهنم وبئس المصير). .
ويبرز في سياق السورة بصفة خاصة - إلى جانب خط العقيدة - خط آخر هو خط الجهاد , وبيان قيمته الإيمانية والحركية . وتجريده كذلك من كل شائبة شخصية ; وإعطاؤه مبرراته الذاتية العليا التي ينطلق بها المجاهدون في ثقة وطمأنينة واستعلاء إلى آخر الزمان . . والسورة بجملتها تتضمن هذا الإيحاء . فنكتفي ببعض النصوص في هذا التعريف , وندع تفصيلها إلى موضعه عند مواجهة النصوص:
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار . ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله , ومأواه جهنم وبئس المصير).
(إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون . الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة , وهم لا يتقون . فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون).
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم , وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم , وأنتم لا تظلمون). .
(يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال , إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين , وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . .
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض , تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة . والله عزيز حكيم). .
(والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم مغفرة ورزق كريم). .
وأخيراً فإن السورة تنظم ارتباطات الجماعة المسلمة على أساس العقيدة كما أسلفنا ; وبيان الأحكام التي تتعامل بها مع غيرها من الجماعات الأخرى في الحرب والسلم - إلى هذه الفترة التي نزلت فيها السورة - وأحكام الغنائم والمعاهدات وتضع خطوطاً أصيلة في تنظيم تلك الروابط وهذه الأحكام في مثل هذه النصوص الواضحة المحددة:
(يسألونك عن الأنفال . . قل الأنفال لله والرسول). .
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار , ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله , ومأواه جهنم وبئس المصير). .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله , ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون . ولا تكونوا كالذين قالوا:سمعنا وهم لا يسمعون). .
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم , واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه , وأنه إليه تحشرون).
(يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون). .
(قل للذين كفروا:إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف , وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين . وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله , فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير). .
(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل). .
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا , واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون . وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم , واصبروا إن الله مع الصابرين . ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله , والله بما يعملون محيط). .
(إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون . الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون . فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون . وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء , إن الله لا يحب الخائنين . ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا , إنهم لا يعجزون . وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم , وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون . وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله , إنه هو السميع العليم . وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين . . .). . .
(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين . يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال , إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين , وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً , فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين). .
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض , تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة واللهعزيز حكيم . لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم . فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم . يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى:إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم , ويغفر لكم والله غفور رحيم . وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم).
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم , واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه , وأنه إليه تحشرون).
(يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون). .
(قل للذين كفروا:إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف , وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين . وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله , فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير). .
(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل). .
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا , واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون . وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم , واصبروا إن الله مع الصابرين . ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله , والله بما يعملون محيط). .
(إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون . الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون . فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون . وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء , إن الله لا يحب الخائنين . ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا , إنهم لا يعجزون . وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم , وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون . وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله , إنه هو السميع العليم . وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين . . .). . .
(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين . يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال , إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين , وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً , فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين). .
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض , تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة واللهعزيز حكيم . لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم . فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم . يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى:إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم , ويغفر لكم والله غفور رحيم . وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم).
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله , والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض , والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا , وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر - إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق - والله بما تعملون بصير . والذين كفروا بعضهم أولياء بعض , إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا , أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم مغفرة ورزق كريم . والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم , وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله , إن الله بكل شيء عليم . .
هذا مجمل لخطوط السورة الرئيسية . . فإذا كانت السورة بجملتها إنما نزلت في غزوة بدر , وفي التعقيب عليها , فإننا ندرك من هذا طرفاً من منهج القرآن في تربية الجماعة المسلمة , وإعدادها لقيادة البشرية ; وجانباً من نظرة هذا الدين إلى حقيقة ما يجري في الأرض وفي حياة البشر ; مما يقوم منه تصور صحيح لهذه الحقيقة:لقد كانت هذه الغزوة هي أول وقعة كبيرة لقي فيها المسلمون أعداءهم من المشركين , فهزموهم تلك الهزيمة الكبيرة . . ولكن المسلمين لم يكونوا قد خرجوا لهذه الغاية . . لقد كانوا إنما خرجوا ليأخذوا الطريق على قافلة قريش الذين أخرجوا المهاجرين من ديارهم وأموالهم ! فأراد الله للعصبة المسلمة غير ما أرادت لنفسها من الغنيمة . . أراد لها أن تنفلت منها القافلة وأن تلقى عدوها من عتاة قريش الذين جمدوا الدعوة في مكة ; ومكروا مكرهم لقتل رسول الله [ ص ] ; بعدما بلغوا بأصحابه الذين تابعوه على الهدى غاية التعذيب والتنكيل والأذى . .
لقد أراد الله سبحانه أن تكون هذه الوقعة فرقاناً بين الحق والباطل ; وفرقاناً في خط سير التاريخ الإسلامي . ومن ثم فرقاناً في خط سير التاريخ الإنساني . . وأراد أن يظهر فيها الآماد البعيدة بين تدبير البشر لأنفسهم فيما يحسبونه الخير لهم . وتدبير رب البشر لهم ولو كرهوه في أول الأمر . كما أراد أن تتعلم العصبة المؤمنة عوامل النصر وعوامل الهزيمة ; وتتلقاها مباشرة من يد ربها ووليها , وهي في ميدان المعركة وأمام مشاهدها .
وتضمنت السورة التوجيهات الموحية إلى هذه المعاني الكبيرة ; وإلى هذه الحقائق الضخمة الخطيرة . كما تضمنت الكثير من دستور السلم والحرب , والغنائم والأسرى , والمعاهدات والمواثيق , وعوامل النصر وعوامل الهزيمة . كلها مصوغة في أسلوب التوجيه المربي , الذي ينشئ التصور الاعتقادي , ويجعله هو المحرك الأول والأكبر في النشاط الإنساني . . وهذه هي سمة المنهج القرآني في عرض الأحداث وتوجيهها .
ثم إنها تضمنت مشاهد من الموقعة , ومشاهد من حركات النفوس قبل المعركة وفي ثناياها وبعدما . . مشاهد حية تعيد إلى المشاعر وقع المعركة وصورها وسماتها ; كأن قارئ القرآن يراها فيتجاوب معها تجاوباً عميقاً .
هذا مجمل لخطوط السورة الرئيسية . . فإذا كانت السورة بجملتها إنما نزلت في غزوة بدر , وفي التعقيب عليها , فإننا ندرك من هذا طرفاً من منهج القرآن في تربية الجماعة المسلمة , وإعدادها لقيادة البشرية ; وجانباً من نظرة هذا الدين إلى حقيقة ما يجري في الأرض وفي حياة البشر ; مما يقوم منه تصور صحيح لهذه الحقيقة:لقد كانت هذه الغزوة هي أول وقعة كبيرة لقي فيها المسلمون أعداءهم من المشركين , فهزموهم تلك الهزيمة الكبيرة . . ولكن المسلمين لم يكونوا قد خرجوا لهذه الغاية . . لقد كانوا إنما خرجوا ليأخذوا الطريق على قافلة قريش الذين أخرجوا المهاجرين من ديارهم وأموالهم ! فأراد الله للعصبة المسلمة غير ما أرادت لنفسها من الغنيمة . . أراد لها أن تنفلت منها القافلة وأن تلقى عدوها من عتاة قريش الذين جمدوا الدعوة في مكة ; ومكروا مكرهم لقتل رسول الله [ ص ] ; بعدما بلغوا بأصحابه الذين تابعوه على الهدى غاية التعذيب والتنكيل والأذى . .
لقد أراد الله سبحانه أن تكون هذه الوقعة فرقاناً بين الحق والباطل ; وفرقاناً في خط سير التاريخ الإسلامي . ومن ثم فرقاناً في خط سير التاريخ الإنساني . . وأراد أن يظهر فيها الآماد البعيدة بين تدبير البشر لأنفسهم فيما يحسبونه الخير لهم . وتدبير رب البشر لهم ولو كرهوه في أول الأمر . كما أراد أن تتعلم العصبة المؤمنة عوامل النصر وعوامل الهزيمة ; وتتلقاها مباشرة من يد ربها ووليها , وهي في ميدان المعركة وأمام مشاهدها .
وتضمنت السورة التوجيهات الموحية إلى هذه المعاني الكبيرة ; وإلى هذه الحقائق الضخمة الخطيرة . كما تضمنت الكثير من دستور السلم والحرب , والغنائم والأسرى , والمعاهدات والمواثيق , وعوامل النصر وعوامل الهزيمة . كلها مصوغة في أسلوب التوجيه المربي , الذي ينشئ التصور الاعتقادي , ويجعله هو المحرك الأول والأكبر في النشاط الإنساني . . وهذه هي سمة المنهج القرآني في عرض الأحداث وتوجيهها .
ثم إنها تضمنت مشاهد من الموقعة , ومشاهد من حركات النفوس قبل المعركة وفي ثناياها وبعدما . . مشاهد حية تعيد إلى المشاعر وقع المعركة وصورها وسماتها ; كأن قارئ القرآن يراها فيتجاوب معها تجاوباً عميقاً .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
واستطرد السياق أحياناً إلى صور من حياة الرسول [ ص ] وحياة أصحابه في مكة , وهم قلة مستضعفون في الأرض , يخافون أن يتخطفهم الناس . ذلك ليذكروا فضل الله عليهم في ساعة النصر , ويعلموا أنهم إنما سينصرون بنصر الله , وبهذا الدين الذي آثروه على المال والحياة . وإلى صور من حياةالمشركين قبل هجرة رسول الله [ ص ] وبعدها . وإلى أمثلة من مصائر الكافرين من قبل كدأب آل فرعون والذين من قبلهم , لتقرير سنة الله التي لا تتخلف في الانتصار لأوليائه والتدمير على أعدائه .
هذه موضوعات السورة وملامحها - وهي وحدة واحدة - وإن كنا سنجتزئ في هذا الجزء بشطر منها . ثم تجيء بقيتها في الجزء العاشر بإذن الله تعالى . .
فنكتفي بهذا القدر في التعريف المجمل بها ; وننتقل إلى مواجهة النصوص القرآنية في سياقها . .
الوحدة الأولى:1 - 29 الموضوع:مشاهد ودروس من غزوة بدر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الوحدة موضوع هذا الدرس الأول في السورة , هو بيان حكم الله في الأنفال . . المغانم التي يغنمها المسلمون في جهادهم في سبيل الله . . بعد ما ثار بين أهل بدر من الجدال حول تقسيمها . فردهم الله إلى حكمه فيها ; كما ردهم إلى تقواه وطاعته وطاعة رسوله ; واستجاش في قلوبهم وجدان الإيمان والتقوى .
ثم أخذ يذكرهم بما أرادوا لأنفسهم من العير والغنيمة , وما أراده الله لهم من النصر والعزة . وكيفسارت المعركة , وهم قلة لا عدد لها ولا عدة , وأعداؤهم كثرة في الرجال والعتاد . وكيف ثبتهم بمدد من الملائكة , وبالمطر يستقون منه ويغتسلون ويثبت الأرض تحت أقدامهم فلا تسوخ في الرمال , وبالنعاس يغشاهم فيسكب عليهم السكينة والاطمئنان . وكيف ألقى في قلوب أعدائهم الرعب وأنزل بهم شديد العقاب .
ومن ثم يأمر المؤمنين أن يثبتوا في كل قتال , مهما خيل إليهم في أول الأمر من قوة أعدائهم , فإن الله هو الذي يقتل , وهو الذي يرمي , وهو الذي يدبر , وإن هم إلا ستار لقدر الله وقدرته , يفعل بهم ما يشاء . .
ثم يسخر من المشركين الذين كانوا قبل الموقعة يستفتحون , فيطلبون أن تدور الدائرة على أضل الفريقين وأقطعهما للرحم , فيقول لهم: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح).
ويحذر المؤمنين أن يتشبهوا بالمنافقين الذين يسمعون ولكنهم لا يسمعون , لأنهم لا يستجيبون !
وينتهي الدرس بنداءات متكررة للذين آمنوا . ليستجيبوا الله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم - ولو خيل إليهم أنه الموت والقتل - وليذكرهم كيف كانوا قليلاً مستضعفين يخافون أن يتخطفهم الناس , فآواهم وأيدهم بنصره
هذه موضوعات السورة وملامحها - وهي وحدة واحدة - وإن كنا سنجتزئ في هذا الجزء بشطر منها . ثم تجيء بقيتها في الجزء العاشر بإذن الله تعالى . .
فنكتفي بهذا القدر في التعريف المجمل بها ; وننتقل إلى مواجهة النصوص القرآنية في سياقها . .
الوحدة الأولى:1 - 29 الموضوع:مشاهد ودروس من غزوة بدر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الوحدة موضوع هذا الدرس الأول في السورة , هو بيان حكم الله في الأنفال . . المغانم التي يغنمها المسلمون في جهادهم في سبيل الله . . بعد ما ثار بين أهل بدر من الجدال حول تقسيمها . فردهم الله إلى حكمه فيها ; كما ردهم إلى تقواه وطاعته وطاعة رسوله ; واستجاش في قلوبهم وجدان الإيمان والتقوى .
ثم أخذ يذكرهم بما أرادوا لأنفسهم من العير والغنيمة , وما أراده الله لهم من النصر والعزة . وكيفسارت المعركة , وهم قلة لا عدد لها ولا عدة , وأعداؤهم كثرة في الرجال والعتاد . وكيف ثبتهم بمدد من الملائكة , وبالمطر يستقون منه ويغتسلون ويثبت الأرض تحت أقدامهم فلا تسوخ في الرمال , وبالنعاس يغشاهم فيسكب عليهم السكينة والاطمئنان . وكيف ألقى في قلوب أعدائهم الرعب وأنزل بهم شديد العقاب .
ومن ثم يأمر المؤمنين أن يثبتوا في كل قتال , مهما خيل إليهم في أول الأمر من قوة أعدائهم , فإن الله هو الذي يقتل , وهو الذي يرمي , وهو الذي يدبر , وإن هم إلا ستار لقدر الله وقدرته , يفعل بهم ما يشاء . .
ثم يسخر من المشركين الذين كانوا قبل الموقعة يستفتحون , فيطلبون أن تدور الدائرة على أضل الفريقين وأقطعهما للرحم , فيقول لهم: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح).
ويحذر المؤمنين أن يتشبهوا بالمنافقين الذين يسمعون ولكنهم لا يسمعون , لأنهم لا يستجيبون !
وينتهي الدرس بنداءات متكررة للذين آمنوا . ليستجيبوا الله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم - ولو خيل إليهم أنه الموت والقتل - وليذكرهم كيف كانوا قليلاً مستضعفين يخافون أن يتخطفهم الناس , فآواهم وأيدهم بنصره
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
; وليعدهم أن يجعل لهم فرقاناً في قلوبهم وفي حركتهم إن هم اتقوه . ذلك إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ; وما ينتظرهم من فضل الله الذي تتضاءل دونه الغنائم والأنفال . .
الدرس الأول:1 - 4 الأنفال وصفات المؤمنين الصادقين
(يسألونك عن الأنفال . قل:الأنفال لله والرسول , فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم , وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين , إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم , وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً , وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة , ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم). .
ذكرنا من قبل في التعريف الإجمالي بالسورة جانباً من الروايات التي وردت عن نزول هذه الآيات . ونضيف هنا إليها بعض الروايات ; زيادة في استحضار الجو الذي نزلت فيه السورة جملة , والذي نزلت فيه الآيات الخاصة بالغنائم والأنفال بوجه خاص ; واستحضار الملامح الواقعية للجماعة المسلمة في أول وقعة كبيرة بعد قيام الدولة المسلمة في المدينة .
قال ابن كثير في التفسير:روى أبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه - واللفظ له - وابن حبان والحاكم من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال:لما كان يوم بدر قال رسول الله [ ص ]:" من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا " . فتسارع في ذلك شبان القوم , وبقي الشيوخ تحت الرايات . فلما كانت المغانم جاءوا يطلبون الذي جعل لها , فقال الشيوخ:لا تستأثروا علينا , فإنا كنا رداء لكم , لو انكشفتم لفئتم إلينا . فتنازعوا , فأنزل الله تعالى: (يسألونك عن الأنفال). . . إلى قوله: (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين). . وقال الثوري , عن الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس , قال:لما كان يوم بدر قال رسول الله [ ص ]:" من قتل قتيلاً فله كذا وكذا , ومن أتى بأسير فله كذا وكذا " . فجاء أبو اليسير بأسيرين , فقال:يا رسول الله - صلى الله عليك - أنت وعدتنا . فقام سعد بن عبادة فقال:يا رسول الله , إنك لو أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء , وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر , ولا جبن عن العدو , وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك مخافة أن يأتوك من ورائك . فتشاجروا , ونزل القرآن: (يسألونك عن الأنفال قل:الأنفال لله والرسول). . . قال:ونزل القرآن:
إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22)
الدرس الأول:1 - 4 الأنفال وصفات المؤمنين الصادقين
(يسألونك عن الأنفال . قل:الأنفال لله والرسول , فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم , وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين , إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم , وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً , وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة , ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقاً , لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم). .
ذكرنا من قبل في التعريف الإجمالي بالسورة جانباً من الروايات التي وردت عن نزول هذه الآيات . ونضيف هنا إليها بعض الروايات ; زيادة في استحضار الجو الذي نزلت فيه السورة جملة , والذي نزلت فيه الآيات الخاصة بالغنائم والأنفال بوجه خاص ; واستحضار الملامح الواقعية للجماعة المسلمة في أول وقعة كبيرة بعد قيام الدولة المسلمة في المدينة .
قال ابن كثير في التفسير:روى أبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه - واللفظ له - وابن حبان والحاكم من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال:لما كان يوم بدر قال رسول الله [ ص ]:" من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا " . فتسارع في ذلك شبان القوم , وبقي الشيوخ تحت الرايات . فلما كانت المغانم جاءوا يطلبون الذي جعل لها , فقال الشيوخ:لا تستأثروا علينا , فإنا كنا رداء لكم , لو انكشفتم لفئتم إلينا . فتنازعوا , فأنزل الله تعالى: (يسألونك عن الأنفال). . . إلى قوله: (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين). . وقال الثوري , عن الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس , قال:لما كان يوم بدر قال رسول الله [ ص ]:" من قتل قتيلاً فله كذا وكذا , ومن أتى بأسير فله كذا وكذا " . فجاء أبو اليسير بأسيرين , فقال:يا رسول الله - صلى الله عليك - أنت وعدتنا . فقام سعد بن عبادة فقال:يا رسول الله , إنك لو أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء , وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر , ولا جبن عن العدو , وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك مخافة أن يأتوك من ورائك . فتشاجروا , ونزل القرآن: (يسألونك عن الأنفال قل:الأنفال لله والرسول). . . قال:ونزل القرآن:
إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22)
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: في ظلال القرآن سورة الأنفال
(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه). . . إلى آخر الآية . . .
وروى الإمام أحمد قال:حدثنا أبو معاوية , حدثنا أبو إسحق الشيباني , عن محمد بن عبيدالله الثقفي . عن سعد بن أبي وقاص , قال:لما كان يوم بدر , وقتل أخي عمير , قتلت سعيد بن العاص ; وأخذت سيفه . وكان يسمى ذا الكثيفة . فأتيت به النبي [ ص ] فقال:" اذهب فاطرحه في القبض " قال:فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي . قال:فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال , فقال لي رسول الله [ ص ] " اذهب فخذ سلبك " .
وقال الإمام أحمد أيضاً:حدثنا أسود بن عامر , أخبرنا أبو بكر , عن عاصم بن أبي النجود , عن مصعب ابن سعد , عن سعد بن مالك , قال:قلت يا رسول الله , قد شفاني الله اليوم من المشركين , فهب لي هذا السيف . فقال:" إن هذا السيف لا لك ولا لي , ضعه " . قال:فوضعته ثم رجعت , فقلت:عسى أن يعطي هذا السيف من لا يبلي بلائي . قال:فإذا رجل يدعوني من ورائي . قال:قلت:قد أنزل الله فيّ شيئاً ? قال:" كنت سألتني السيف , وليس هو لي , وإنه قد وهب لي , فهو لك " . قال:وأنزل الله هذه الآية: (يسألونك عن الأنفال , قل الأنفال لله والرسول). . [ ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن أبي بكر بن عياش به , وقال الترمذي:حسن صحيح . ]
فهذه الروايات تصور لنا الجو الذي تنزلت فيه آيات الأنفال . . ولقد يدهش الإنسان حين يرى أهل بدر يتكلمون في الغنائم ; وهم إما من المهاجرين السابقين الذين تركوا وراءهم كل شيء , وهاجروا إلى الله بعقيدتهم , لا يلوون على شيء من أعراض هذه الحياة الدنيا ; وإما من الأنصار الذين آووا المهاجرين , وشاركوهم ديارهم وأموالهم , لا يبخلون بشيء من أعراض هذه الحياة الدنيا أو كما قال فيهم ربهم: (يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا , ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). . ولكننا نجد بعض التفسير لهذه الظاهرة في الروايات نفسها . لقد كانت الأنفال مرتبطة في الوقت ذاته بحسن البلاء في المعركة ; وكانت بذلك شهادة على حسن البلاء ; وكان الناس - يومئذ - حريصين على هذه الشهادة من رسول الله [ ص ] ومن الله سبحانه وتعالى , في أول وقعة يشفي فيها صدورهم من المشركين ! . . ولقد غطى هذا الحرص وغلب على أمر آخر نسيه من تكلموا في الأنفال حتى ذكّرهم الله سبحانه به , وردهم إليه . . ذلك هو ضرورة السماحة فيما بينهم في التعامل , والصلاح بين قلوبهم في المشاعر ; حتى أحسوا ذلك في مثل ما قاله عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -:" فينا - أصحاب بدر - نزلت حين اختلفنا في النفل , وساءت فيه أخلاقنا , فنزعه الله من أيدينا , فجعله إلى رسول الله [ ص ] . . " .
ولقد أخذهم الله سبحانه بالتربية الربانية قولاً وعملاً . نزع أمر الأنفال كله منهم ورده إلى رسول الله [ ص ] حتى أنزل حكمه في قسمة الغنائم بجملتها , فلم يعد الأمر حقاً لهم يتنازعون عليه ; إنما أصبح فضلاً من الله
وروى الإمام أحمد قال:حدثنا أبو معاوية , حدثنا أبو إسحق الشيباني , عن محمد بن عبيدالله الثقفي . عن سعد بن أبي وقاص , قال:لما كان يوم بدر , وقتل أخي عمير , قتلت سعيد بن العاص ; وأخذت سيفه . وكان يسمى ذا الكثيفة . فأتيت به النبي [ ص ] فقال:" اذهب فاطرحه في القبض " قال:فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي . قال:فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال , فقال لي رسول الله [ ص ] " اذهب فخذ سلبك " .
وقال الإمام أحمد أيضاً:حدثنا أسود بن عامر , أخبرنا أبو بكر , عن عاصم بن أبي النجود , عن مصعب ابن سعد , عن سعد بن مالك , قال:قلت يا رسول الله , قد شفاني الله اليوم من المشركين , فهب لي هذا السيف . فقال:" إن هذا السيف لا لك ولا لي , ضعه " . قال:فوضعته ثم رجعت , فقلت:عسى أن يعطي هذا السيف من لا يبلي بلائي . قال:فإذا رجل يدعوني من ورائي . قال:قلت:قد أنزل الله فيّ شيئاً ? قال:" كنت سألتني السيف , وليس هو لي , وإنه قد وهب لي , فهو لك " . قال:وأنزل الله هذه الآية: (يسألونك عن الأنفال , قل الأنفال لله والرسول). . [ ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن أبي بكر بن عياش به , وقال الترمذي:حسن صحيح . ]
فهذه الروايات تصور لنا الجو الذي تنزلت فيه آيات الأنفال . . ولقد يدهش الإنسان حين يرى أهل بدر يتكلمون في الغنائم ; وهم إما من المهاجرين السابقين الذين تركوا وراءهم كل شيء , وهاجروا إلى الله بعقيدتهم , لا يلوون على شيء من أعراض هذه الحياة الدنيا ; وإما من الأنصار الذين آووا المهاجرين , وشاركوهم ديارهم وأموالهم , لا يبخلون بشيء من أعراض هذه الحياة الدنيا أو كما قال فيهم ربهم: (يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا , ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). . ولكننا نجد بعض التفسير لهذه الظاهرة في الروايات نفسها . لقد كانت الأنفال مرتبطة في الوقت ذاته بحسن البلاء في المعركة ; وكانت بذلك شهادة على حسن البلاء ; وكان الناس - يومئذ - حريصين على هذه الشهادة من رسول الله [ ص ] ومن الله سبحانه وتعالى , في أول وقعة يشفي فيها صدورهم من المشركين ! . . ولقد غطى هذا الحرص وغلب على أمر آخر نسيه من تكلموا في الأنفال حتى ذكّرهم الله سبحانه به , وردهم إليه . . ذلك هو ضرورة السماحة فيما بينهم في التعامل , والصلاح بين قلوبهم في المشاعر ; حتى أحسوا ذلك في مثل ما قاله عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -:" فينا - أصحاب بدر - نزلت حين اختلفنا في النفل , وساءت فيه أخلاقنا , فنزعه الله من أيدينا , فجعله إلى رسول الله [ ص ] . . " .
ولقد أخذهم الله سبحانه بالتربية الربانية قولاً وعملاً . نزع أمر الأنفال كله منهم ورده إلى رسول الله [ ص ] حتى أنزل حكمه في قسمة الغنائم بجملتها , فلم يعد الأمر حقاً لهم يتنازعون عليه ; إنما أصبح فضلاً من الله
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
صفحة 2 من اصل 5 • 1, 2, 3, 4, 5
مواضيع مماثلة
» في ظلال القرآن سورة أل عمران
» في ظلال سورة التوبة
» فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
» فى ظلال القرآن ـ سيد قطب - صورة الأنعام
» فى ظلال القرأن الجزء الأول سورة إبراهيم
» في ظلال سورة التوبة
» فى ظلال القرأن - سورة الإسراء
» فى ظلال القرآن ـ سيد قطب - صورة الأنعام
» فى ظلال القرأن الجزء الأول سورة إبراهيم
صفحة 2 من اصل 5
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى