alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 9:13 pm

قد تقدم لنا أن ملك الأرض من بعد نوح عليه السلام كان لكنعان بن كوش بن حام ، ثم لابنه النمروذ من بعده ، و إنه كان على بدعة الصائبة ، و أن بني سام كانوا حنفاء ينتحلون التوحيد الذي عليه الكلدانيون من قبلهم . قال ابن سعيد : و معنى الكلدانيين الموحدين . و وقع ذكر النمروذ في التوراة منسوبا إلى كوش بن حام ، و لم يقع فيها ذكر لكنعان بن كوش ، فالله أعلم بذلك . و قال ابن سعيد أيضا : و خرج عابر بن شالخ بن أرفخشذ فغلبه ، و سار من كوثا إلى أرض الجزيرة و الموصل فبنى مدينة مجدل هنالك ، و أقام بها إلى أن هلك ، و ورث أمره ابنه فالغ من بعده ، و أصاب النمروذ و قومه على عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام ما أصابهم في الصرح و كانت البلبلة و هي المشهورة . و قد وقع ذكرها في التوراة و لا أدري معناها . و القول بأن الناس أجمعين كانوا على لغة واحدة فباتوا عليها ، ثم أصبحوا و قد افترقت لغاتهم ، قول بعيد في العادة ، إلا أن يكون من خوارق الأنبياء فهو معجزة حينئذ و لم ينقلوه كذلك . و الذي يظهر أنه إشارة إلى التقدير الإلهي في خرق العادة و افتراقها و كونها من آياته كما في القرآن الكريم ، و لا يعقل في أمر البلبلة غير ذلك .

و قال ابن سعيد سوريان بن نبيط ولاه فالغ على بابل ، فانتقض عليه و حاربه ، و لما هلك فالغ قام بأمره بعده ابنه ملكان ، فغلبه سوريان على الجزيرة ، و ملكها هؤلاء الجرامقة إخوانه في النسل بنو جرموق بن أشوذ بن سام ، و كانت مواطنهم بالجزيرة و كانت ابن أخت سوريان منهم الموصل بن جرموق ، فولاه سوريان على الجزيرة و أخرج بني عابر منها ، و لحق ملكان منها بالجبال فأقام هناك ، و يقال إن الخضر من عقبه ، و استبد الموصل على خاله سوريان بن نبيط ملك بابل ، و امتازت مملكة الجرامقة من مملكة النبط . و ملك بعد الموصل ابنه راتق و كانت له حروب مع النبط ، و ملك من بعده ابنه أثور و بقي ملكها في عقبه و هو مذكور في التوراة ، و ملك بعده ابنه نينوى و بني المدينة المقابلة للموصل من عدوة دجلة المعروفة باسمه ، ثم كان من عقبه سنجاريف بن أثور بن نينوى بن أثور و هو الذي بنى مدينة سنجار و غزا بني اسرائيل فصلبوه على بيت المقدس .

و قال البيهقي : إن الجزيرة ملكها بعد مقتل سنجاريف أخوه ساطرون ، و هو الذي بنى مدينة الخضر في برية سنجار على نهر الترتار لتولعه بصيد الأسود في غيضاتها . و ملك من بعده ابنه زان و كان يدين بالصائبة ، و يقال إن يونس بن متى بعث إليه و يونس من الجرامقة من سبط بنيامين بن إسرائيل من ابنه ، فآمن به زان بن ساطرون بعد الذي قصه القرآن من شأنه معهم ، ثم إن بختنصر لما غلب على بابل زحف إليه و دعاه إلى دين الصائبة ، و شرط له أن يبقيه في ملكه فأجاب . و لم يزل على الجزيرة حتى زحف إليه جيوش الفرس مع أرتاق ، فضمن القيام بالمجوسية على أن يبقوه في ملكه ، و كتب بذلك أرتاق إلى بهمن فيضمن له ، فأجابه بأن هذا رجل متلاعب بالأديان فاقتله ، فقتله أرتاق و انقرض ملكه بعد ألف و ثلثمائة سنة فيما قال البيهقي . و في أربعين ملكا منهم ، و صارت الجزيرة لملوك الفرس ، و الذي عند الإسرائيليين سنجاريف من ملوك نينوى و هم أولاد موصل بن أشوذ بن سام . و أنه كان قبله بالموصل ملوك منهم و هم فول و تلفات و بلناص ، و أنهم ملكوا بلد الأسباط العشرة ، و هي شمورون المعروفة بالسامرة ، و أنه غرب الأسباط الذين كانوا فيها إلى نواحي أصبهان و خراسان ، و أسكن أهل كومة و هي الكوفة في شمورون هذه ، فسلط الله عليهم السباع يفترسونهم في كل ناحية . فشكوا ذلك إلى سنجاريف و سألوه أن يخبرهم عن بلد شمورون في قسمة أي كوكب هي كي يتوجهوا إليه ، و يستنزلوا روحانيته على طريق الصابئة ، فأعرض عن ذلك و بعث كاهنان إليهم من اليهود فعلموهم دين اليهودية ، و أخذوا به . و هؤلاء عند اليهود هم الشمرة نسبة إلى شمرة و هي شمورون ، و ليس الشمرة عندهم من بني إسرائيل ، و لأن دينهم صحيح في اليهودية .

و زحف سنجاريف عندهم إلى بيت المقدس بعد استيلائه على شمورون فحاصرها و داخله العجب بكثرة عساكره ، فقال لبني إسرائيل من الذي خلصه إلهه من يدي حتى يخلصكم إلهكم ، و فزع ملاك بني اسرائيل إلى نبيهم مدليلا ، و سأله الدعاء فدعا له و أمنه من شر سنجاريف ، و نزلت بعسكره في بعض لياليهم آفة سماوية ، فأصبحوا كلهم قتلى . يقال أحصى قتلاهم فكانوا مائة و خمسة و ثمانين ألفا ، و رجع سنجاريف إلى نينوى ، ثم قتله أولاده في سجوده لمعبوده من الكواكب ، و ولي ابنه أيسر حدون ، ثم استولى عليهم بعد ذلك بختنصر كما سنذكره في خبره .و أما ملوك بابل فهم النبط بنو نبيط بن أشوذ بن سام . و قال المسعودي : نبيط بن ماش بن إرم ، و كانوا موطنين بأرض بابل و ملك منهم سوريان بن نبيط ، و قال المسعودي : هو أحد نبيط بن ماش ملك أرض بابل بولاية من فالغ ، فلما مات فالغ أظهر بدعة الصائبة ، و انتحلها بعده ابنه كنعان و يلقب بالنمروذ . و ملك بعده ابنه كوش و هو نمروذ إبراهيم عليه السلام عليه السلام ، و هو الذي قدم أباه آزر فاصطفاه هاجر على بيت الأصنام لأن أرعو بن فالغ لما هلك أبوه فالغ و كان على دين التوحيد الذي دعاه إليه أبوه عابر ، رجع حينئذ أرغو إلى كوثا ، و دخل مع النمارذة في دين الصائبة ، و توارثها بنوه إلى آزر بن ناحور ، فاصطفاه هاجر بن كوش و قدمه على بيت الأصنام ، و ولد له إبراهيم عليه السلام ، و كان من أمره ما ذكرنا فيما نصه التنزيل و نقله الثقات . ثم توالت ملوك النماردة ببابل و كان منهم بختنصر على ما ذهب إليه بعضهم ، و يقال إن الجرامقة و هم أهل نينوى غلبوا على بابل و ملكها سنجاريف منهم و استعمل فيها بختنصر من ملوكها ، ثم انتقض عليه بالجزا و الطاعة ، و غزا بني اسرائيل ببيت المقدس ، فاقتحمها عليهم بعد الحصار ، و أثخن فيهم بالقتل و الأسر ، و قتل ملكهم و خرب مسجدهم و تجاوزهم إلى مصر فملكها . و لما هلك بختنصر
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 9:17 pm

ملك من بعده فيما ذكروه ابنه نشبت نصر ، ثم من بعده بنيصر و غزاه أرتاق مرزبان كسرى من ملوك الكينية فقتله و ملك بابل و أعمالها و صار النبط و الجرامقة رعية للفرس ، و انقرضت دولة النمارذة ببابل ، هكذا ذكر ابن سعيد و نقله عن داهر مؤرخ دولة الفرس ، و جعل السريانيين و النبط أمة واحدة ، و هما دولة واحدة . و أما المسعودي فجعلهما دولتين . و أما السريانيون فقال هم أول ملوك الأرض بعد الطوفان ، و سمى من ملوكهم تسعة متعاقبين في مائة سنة أو فوقها بأسماء أعجمية لا فائدة في نقلها لقلة الوثوق بالأصول التي بأيدينا من كتبه و كثرة التغيير في الأسماء الأعجمية . نعم ذكر أن شوشان بشينين معجمتين ، و أنه أول من وضع التاج على رأسه . و الرابع منهم أنه الذي كور الكور و مدن المدن و أن ملك الهند لعهده كان اسمه رتبيل و أنه على ملكه و استولى على السريانيين ، و أن بعض ملوك المغرب ظاهرهم عليه و انتزع لهم ملكهم منه ورده عليهم . و سمى الثامن منهم ماروت و أشار في آخر كلامه إلى أنهم كانوا مستولين على بابل و على الموصل ، و أن ملوك اليمن ربما غلبوهم على أمرهم بعض الأحيان . و ذكر في التاسع أنه كان غير مستقل بأمره ، و أن أخاه كان مقاسمه في سلطانه ، و أن أول من اتخذ الخمر فلان و أول من ملك فلان ، و أول من لعب بالصقور و الشطرنج فلان ، مزاعم كلها بعيدة من الصحة . إنما وجهه أن السريانيين لما كانوا أقدم في الخليفة نسب إليهم كل قديم من الأشياء ، أو طبيعي كالخط و اللغة و السحر و الله أعلم .

و أما النبط فعند المسعودي أنهم من أهل بابل لقوله في ترجمهتم ذكر ملوك بابل و النبط و غيرهم المعروفين بالكلدانيين ، و ذكر أن أولهم نمروذ الجبار و نسبه إلى ماش بن إرم بن سام ، و ذكر أنه الذي بنى الصرح ببابل ، و احتفر نهر الكوفة . و نسب النمروذ في موضع آخر إلى كوش بن حام لا أدري هو أو غيره . ثم عد ملوكهم بعد النمروذ ستا و أربعين أو نحوها في ألف و أربعمائة من السنين بأسماء أعجمية متعذر ضبطها فتركت نقلها . إلا أنه ذكر في الموفي منهم عدد العشرين و بعد التسعمائة من سنيهم إنه الذي غزت فارس لعهدة مدينة بابل . و ذكر في الموفى عدد ثلاثة و ثلاثين منهم عند الألف و الأربعمائة من سنيهم أنه سنجاريف الذي حارب بني إسرائيل حاصرهم ببيت المقدس حتى أخذ الجزية منهم . و أن آخر ملوكهم دارينوش ، و هو دار الذي قتله الإسكندر لما ملك بابل . هذا ما ذكره المسعودي و لم يذكر منهم نمروذ الخليل عليه السلام . و ذكر أن مدينتهم بابل و أن الذي اختطها اسمه نير و اسم إمراته شمرام ملوك السريانيين اسمان أعجميان لا وثوق لنا بضبطهما. و قال الطبري نمروذ بن كوش بن كنعان بن حام صاحب إبراهيم الخليل عليه السلام . و كان يقال عاد إرم ، فلما هلكوا قيل ثمود إرم ، فلما هلكوا قيل نمروذ إرم ، فلما هلك قيل لسائر ولد إرم إرمان فهم النبط ، و كانوا على الإسلام ببابل حتى ملكهم نمروذ فدعاهم إلى عبادة الأوثان فعندوها انتهى كلام الطبري .

و قال هروشيوش مؤرخ الروم : إنه نمروذ الجسيم ، و إن بابل كانت مربعة الشكل ، و كان سورها في دور ثمانين ميلا ، و ارتفاعه مائتا ذراع و عرضه خمسون ذراعا ، و هو كله مبني بالآجر و الرصاص ، و فيه مائة باب من النحاس ، و في أعلاه مساكن الحراس و المقاتلة تبيت على الجانبين في سائر دورة الطريق بينهما . و حول هذا السور خندق بعيد المهوى ، أجري فيه الماء ، و أن الفرس هدموه ، و لما تغلبوا على ملك بابل تولى ذلك منهم جيرش و هو كسرى الأول انتهى كلام هروشيوش .

و يظهر من كلام هؤلاء أن اسم النمروذ سمت لكل من ملك بابل لوقوعه في أهل أنساب مختلفة مرة إلى سام و مرة إلى حام . و زعم بعض المؤرخين أن نمروذ الخليل عليه السلام هو النمروذ بن كنعان بن سنجاريف بن النمروذ الأكبر ، و أن بختنصر من عقبه و هو ابن برزاد بن سنجاريف بن النمرود ، و أن الفرس الكينية غلبوا بختنصر على بابل ، ثم أبقوه و استعملوه عليها ، و أن كسرى الأول من بنيى ساسان خرب مدينة بابل . و عند الإسرائيلين و ينقلونه عن كتاب دانيال و أرميا من أنبيائهم و ضبط هذا الاسم يرميا أن بختنصر من عقب كاسد بن حاور و هو أخو ابراهيم الخليل ، و بنو كاسد هؤلاء من ملوك بابل و يعرفون بالكسدانيين نسبة إليه ، و إن بختنصر منهم ملك أكثر المعمور ، وغلب على بني إسرائيل ، و أزال دولتهم ، و خرب بيت المقدس ، و انتهى ملكه إلى مصر و ما وراءها ، و كان ملكه خمساً و أربعين . و ملك بعده ابنه أويل مردود ثلاثا و عشرين سنة ، و بعده ابنه بلينصر ثلاث سنين ثم زحف إليه دارا من ملوك الفرس و صهره كورش فحاصروه بمدينة بابل ، و قال بعض الاسرائيليين أن بختنصر و ملوك بابل من كسديم ، و كسديم من عيلام بن سام و هو أخو أشوذ ، و من أشوذ ملوك الموصل انتهى الكلام في ملوك الموصل و ملوك بابل .و هذا غاية ما أدى إليه البحث من أخبارهم و أنسابهم ، و كان من هؤلاء و الكلدانيين دين الصائبة و هو عبادة الكواكب و استجلاب روحانيتها . و يذكر أنهم كانوا لذلك أهل عناية بأرصاد الكواكب ، و معرفة طبائعها ، و خلاص المولدات ، و ما يشابه ذلك من علوم النجوم و الطلسمات و السحر ، و أنهم نهجوا ذلك لأهل الربع الغربي من الأرض . و قد يشهد لذلك قراءة من قرأ : و ما أنزل على الملكين بكسر اللام ، مشيراً إلى أن هاروت و ماروت من ملوك السريانيين ، و هم أول ملوك بابل ، و على القراءة المشهور و أنهما من الملائكة ، فيكون اختصاص هذه الفتنة ، و الابتلاء ببابل من بين أقطار الأرض ، دليلا على وفور قسطهما من صناعة السحر الذي وقع الابتلاء به ، و مما يشهد لانتحالهم السحر و فنونه من النجوم و غيرها ، أن هذه العلوم وجدناها من منتحل أهل مصر المجاورين لهم ، و كان
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 9:20 pm

لملوكها عناية شديدة بذلك ، حتى كان من مباهاتهم موسى بذلك و حشر السحرة له ما كان ، و بقايا الآثار السحرية في برابي أخميم من صعيد مصر ما يشهد لذلك أيضاً و الله أعلم .



الخبر عن القبط و أولية ملكهم و دولهم و تصاريف أحوالهم و الإلمام بنسبهم

هذه الأمة أقدم أمم العالم و أطولهم أمداً في الملك ، و اختصوا بملك مصر و ما إليها ، ملوكها من لدن الخليفة إلى أن صبحهم الإسلام بها ، فانتزعها المسلمون من أيديهم . و لعهدهم كان الفتح ، و ربما غلب عليهم جميع من عاصرهم من الأمم حين يستفحل أمرهم مثل العمالقة و الفرس و الروم و اليونان ، فيستولون على مصر من أيديهم ، ثم يتقلص ظلهم ، فراجع القبط ملكهم هكذا إلى أن انقرضوا في مملكة الإسلام .

و كانوا يسمون الفراعنة سمة لملوك مصر في اللغة القديمة ، ثم تغيرت اللغة و بقي هذا الاسم مجهول المعنى ، كما تغيرت الحميرية إلى المضرية ، و السريانية إلى الرومية . و نسبهم في المشهور إلى حام بن نوح ، و عند المسعودي إلى بنصر بن حام ، و ليس في التوراة ذكر لبنصر بن حام و إنما ذكر مصرايم و كوش و كنعان و قوط . و قال السهيلي إنهم من ولد كنعان بن حام لأنه لما نسب مصر ، قال فيه : مصر بن النبيط أو ابن قبط بن النبيط من ولد كوش بن كنعان . و قال أهروشيوش : إن القبط من ولد قبط ابن لايق بن مصر . و عند الإسرائيليين أنهم من قوط بن حام .

و عند بعضهم أنهم من كفتوريم قبطقايين و معناه القبط .

و قال المسعودي اختص بنصر بن حام أيام النمروذ ابن أخيه كنعان بولاية أرض مصر ، و استبد بها و أوصى بالملك لابنه مصر ، فاستفحل ملكه ما بين أسوان و اليمن و العريش و أيلية و فرسيسة ، فسميت كلها أرض مصر نسبة إليه ، و في قبليها النوبة و في شرقيها الشام و في بحر الزقاق و في غربها برقة و النيل من دونها . و طال عمر مصر و كبر ولده و أوصى بالملك لأكبرهم و هو قبط بن مصر أبو الأقباط ، فطال أمد ملكه و كان له بنو أربع : قبط بن مصر و أن مصر هو الذي قسم الأرض و عهد إلى أكبرهم بالملك و هو قبط ، فغلب عليهم فأضيفوا إليه لمكان الملك و السن ، و ملك بعد قبط بن مصر أشمون بن مصر ، ثم من بعده صاثم أخوهما أتريب ، ثم عد ملوكا بأسماء أعجمية بعيدة عن الضبط لعجمتها و فساد الأصول التي بين أيدينا من كتبته ، ثم لما ذكر ستة منهم بعد أتريب قال : فكثر ولد بنصر بن حام و تشاغبوا و ملك عليهم النساء ، فسار إليهم ملك الشام من العمالقة الوليد بن دومع فملكهم و انقادوا إليه .و أما ابن سعيد فيما نقل من كتب المشارقة فقال : ملك مصر ابنه قبط ، ثم من بعده أخوه أتريب . قال : و في أيام قبط زحف شداد بن مداد بن شداد بن عاد إلى مصر و غلب على أسافلها ، و مات قبط في حروبه ، ثم جمع أتريب قومه و استظهر بالبربر و السودان على العرب حتى أخرجهم إلى الشام ، و استبد أتريب بملك مصر و بنى المدينة المنسوبة إليه ، و مدينة عين شمس . و ملك بعده ابن أخيه البودشير بن قبط و هو الذي بعث هرمساً المصري إلى جبل القمر حتى ركب جرية النيل من هنالك ، و عدل البطيحة الكبرى التي تنصب إليها عيون النيل ، و عمر بلاد الواحات و حول إليها جميعا من أهل بيته . ثم ملك من بعده عديم بن البودشير ، ثم ابنه شدات بن عديم ، ثم ابنه منذ وش بن شدات وجدد مدينة عين شمس . و كان لهم في السحر آثار عجيبة . ثم ملك بعده ابنه مقلاوش بن مقناوش و عبد البقر و صورها من الذهب ، ثم هلك و خلف ابنه مرقيش فغلب عليه عمه أشمون بن قبط ، و بنى مدينة الأشمون . و ملك بعده ابنه أشاد بن أشمون ، ثم من بعده عمه صابن قبط و بنى مدينة باسمه ، و ملك بعده ابنه ندراس و كان حكيما و هو الذي بنى هيكل الزهرة الذي هدمه بختنصر . و ملك بعده ابنه ماليق بن ندراس فرفض الصائبة و دان بالتوحيد ، و دوخ بلاد البربر و الأندلس ، و حارب الإفرنج . و ملك بعده ابنه حربيا بن ماليق فرجع عن التوحيد إلى الصابئة ، و غزا بلاد الهند و السودان و الشام . و ملك بعده ابنه كلكي بن حربيا ، و هو الذي تسميه القبط حكيم الملوك ، و اتخذ هيكل زحل و عهد إلى أخيه ماليا بن حربيا ، و اشتغل باللهو فقتله ابنه خرطيش و كان سفاكاً للدماء ، و القبط تزعم أنه فرعون الخليل عليه السلام ، و أنه أول الفراعنة . و لما تعدى بالقتل إلى أقاربه سمته ابنته حوريا ، و ملكت القبط من بعده فنازعها أبراحس من ولد عمها أتريب ، وحاربته فكان لها الغلب ، و انهزم أبراحس إلى الشام ، فاستظهر بالكنعانيين و بعث ملكهم قائده جيرون فلما قرب مصر استقبلته حوريا و أطمعته في زواجها على أن يقتل أبراحس و يبني مدينة الإسكندرية ففعل ، ثم قتلته آخراً مسموما و استقام لها الأمر ، و بنت منارة الإسكندرية ، و عهدت بأمرها لدليقية ابنة عمها باقوم ، فخرج عليها أيمن من نسل أتريب طالبا بثأر قريبه إبراحس ، و لحق بملك العمالقة يومئذ و هو الوليد بن دومع الذي ذكرناه عند ذكر العمالقة فاستنصر به و جاء معه و ملك ديار مصر . و استبد بالقبط نقراوس فاشتغل باللذات ، و استكفى من بنيه أطفير و هو العزيز فكفاه ، و قام بأمره و دبر له يوسف الفيوم بالوحي و الهندسة ، و كانت أرضها مغايض للماء فأخرجه و عمر القرى مكانه على عدد أيام السنة ، فجعله على خزائنه . و ملك بعده دارم بن الريان و سمته القبط و يموص . و كان يوسف مدبر أمره بوصية أبيه ، و مات لعهده فأساء السيرة و هلك غريقاً في النيل . و ملك بعده ابنه معد انوس بن دارم فترهب و استخلف ابنه كاشم فاستعبد بني اسرائيل للقبط ، و قتله حاجبه و نصب بعده ابنه لاطش ، فاشتغل باللهو فخلعه ، و نصب آخر من نسل ندراس اسمه لهوب فتجبر ، و تذكر القبط أنه فرعون موسى عليه السلام . و أهل الأثر يقولون : إنه الوليد بن مصعب و أنه نجاراً تقلب حاله إلى عرافة
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 9:22 pm

الحرس ، ثم تطور إلى الوزارة ، ثم إلى الاستبداد . و هذا بعيد لما قدمناه في الكتاب الأول . و قال المسعودي : بل كان فرعون موسى من الأقباط .

ثم هلك فرعون موسى ، و خشي القبط من ملوك الشام ، فملكوا عليهم دلوكة من بيت الملك و هي التي بنت الحائط على أرض مصر ، و يعرف بحائط العجوز لأنها طال عمرها حتى كبرت و اتخذت البرابي و مقاييس النيل . ثم سمي المسعودي من بعد دلوكة ثمانية من ملوكهم على ذلك النحو من عجمة الأسماء ، و قال في الثامن إنه فرعون الأعرج الذي اعتصم به بنو إسرائيل من بختنصر ، فدخل عليه مصر و قتله و هدم هياكل الصائبة و وضع بيوت النيران له و لولده . و ذكر في تواريخهم قال : قال ابن عبد الحكم : و هذه العجوز دلوكة هي التي جددت البرابي بمصر ، أرسلت إلى امرأة ساحرة كانت لعهدها اسمها ترورة ، و كانت السحرة تعظمها ، فعملت بربى من حجارة وسط مدينة منف ، و صورت فيها صور الحيوانات من ناطق و أعجم ، فلا يقع شي بتلك الصورة إلا وقع بمثالها في الخارج . و كان لهم بذلك امتناع ممن يقصدهم من الأمم لأنهم كانوا أعلم الناس بالسحر ، و أقامت عليهم عشرين سنة حتى بلغ صبي من أبنائهم اسمه دركون بطلوس فملكوه ، و أقامت معه على ذلك أربعمائة سنة ، ثم مات فولوا ابنه برديس بن دركون ، و من بعده أخاه نقاس بن نقراس ، و من بعده مرينا بن مرينوس ، ثم ابنه استمارس بن مرينا فطغى عليهم و خلعوه و قتلوه ، و ولوا عليهم من أشرافهم بلوطيس بن مناكيل أربعين سنة ، ثم استخلف مالوس بن بلوطيس و مات ، فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطيس ثم توفي ، فاستخلف ابنه بركة ابن مناكيل فملكهم مائة و عشرين سنة ، و هو فرعون الأعرج الذي سبى أهل بيت المقدس ، و يقال أنه خلع .

و قال ابن عبد الحكم : و ولي من بعده ابنه مرينوس بن بركة ، فاستخلف ابنه فرقون بن مرينوس فملكهم ستين سنة ثم هلك ، و استخلف أخاه نقاس بن مرينوس ، و كاتن البرابي كلها إذا فسد منها شيء لا يصلحه إلا رجل من ذرية تلك العجوز الساحرة التي وضعتها ، ثم انقطعت ذريتها ففسدت البرابي أيام نقاس هذا ، و تجاسر الناس على طلب الملك الذي في أيديهم ، و هلك نقاس ، و استخلف ابنه قومس بن نقاس ، فملكهم دهراً ثم ملك بختنصر بيت المقدس ، و استلحم بني إسرائيل و فرقهم و قتل و خرب و لحقوا بمصر ، فأجارهم قومس ملكها و بعث فيهم بختنصر فمنعهم و زحف إليه و غلب عليه و قتله و خرب مدينة منف . و بقيت مصر أربعين سنة خرابا . و سكنها أرمياء مدة ثم بعث إليه بختنصر فلحق به ثم رد أهل مصر إلى موضعهم ، و أقاموا كذلك ما شاء الله إلى أن غلب الفرس و الروم على سائر الأمم ، و قاتل الروم أهل مصر إلى أن وضعوا عليهم الجزى ، ثم تقاسمها فارس و الروم ، ثم تداولوا ملكها فتوالت عليها نواب الفرس . ثم ملكها الإسكندر اليوناني و جدد الإسكندرية ، و الآثار التي خارجها مثل عمود السواري و رواق الحكمة .

ثم غلب الروم على مصر و الشام و أبقوا القبط في ملكها و صرفوهم في الولاية بمصر إلى أن جاء الله بالإسلام ، و صاحب القبط بمصر و الإسكندرية المقوقس ، و اسمه جريج بن مينا فيما نقله السهيلي ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم حاطب بن أبي بلعتة ، و جبرا مولى أبي رهم الغفاري ، فقارب الإسلام و أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم هديته المعروفة ذكرها أهل السير كان فيها البغلة التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يركبها و تسمى دلدل ، و الحمار الذي يسمى يعفور ، و مارية القبطية أم ولده إبراهيم و أمها و أختها سيرين وهبها رسول الله صلى الله عليه و سلم لحسان بن ثابت ، فولدت له عبد الرحمن ، و قدح من قوارير كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يشرب فيه ، و عسل استظرفه له من بنها إحدى قرى مصر معروفة بالعسل الطيب . و يقال إن هرقل لما بلغه شأن هذه الهدية اتهمه بالميل إلى الإسلام فعزله عن رياسة القبط .

و خرج مسلم في صحيحه " من رواية أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا افتتحتم مصر أو إنكم مستفتحون مصر فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة و رحماً أو صهراً . " و رواه ابن إسحق عن الزهري و قال : قلت للزهري ما الرحم التي ذكر ؟ قال : كانت هاجر أم إسمعيل منهم . و لبعض رواة الحديث في تفسير الصهر أن مارية أم إبراهيم منهم ، أهداها له المقوقس ، و كانت من كورة حفن من عمل أنصناء . و قال الطبري إن عمرو بن العاص لما ملك مصر أخبرهم بوصية النبي صلى الله عليه و سلم بهم ، فقال : هذا نسب لا يحفظ حقه إلا نبي لأنه نسب بعيد و ذكروا له أن هاجر كانت امرأة لملك من ملوكنا و وقعت بيننا و بين أهل عين شمس حروب كانت لهم في بعضها فقتلوا الملك و سبوها ، و من هنالك تسيرت إلى أبيكم إبراهيم .و لما كمل فتح مصر و الإسكندرية و ارتحل الروم إلى القسطنطينية ، أقام المقوقس و القبط على الصلح الذي عقده لهم عمرو بن العاص و على الجزى ، و أبقوه على رياسة قومه ، و كانوا يشاورونه فيما ينزل من المهمات إلى أن هلك ، و كان ينزل الإسكندرية و في بعض الأوقات ينزل منف من أعمال مصر . و اختط عمرو بن العاص الفسطاط بموضع خيامه التي كان يحاصر مصر منها ، فنزل بها المسلمون و هجروا المدينة التي كان بها المقوقس ، إلى أن خربت . و كان في خرابها و مهلك المقوقس انقراض أمرهم . و بقي أعقابهم إلى هذا الزمان يستعملهم أهل الدول الإسلامية في حسابات الخراج ، و جبايات الأموال لقيامهم عليها ، و غنائهم فيها ، و كفايتهم في ضبطها و تنميتها . و قد يهاجر بعضهم إلى الإسلام فترفع رتبتهم عند السلطان في الوظائف المالية التي أعلاها في الديار المصرية رتبة الوزارة ، فيقلدونهم إياها ليحصل لهم بذلك قرب من السلطان و حظ عظيم في الدولة و بسطة يد في الجاه ، تعددت منهم في ذلك رجال ، و تعينت لهم بيوت قصر السلطان نظره على الاختيار
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 9:25 pm

منها لهذا العهد . و عامتهم يقيم على دين النصرانية الذين كانوا عليها لهذا العهد . و أكثرهم بنواحي الصعيد و سائر الأعمال متحرفون بالفلح و الله غالب على أمره .

و أما إقليم مصر فكان في أيام القبط و الفراعنة جسوراً كله بتقدير و تدبير يحبسونه و يرسلونه كيف شاءوا ، و الجنات حفاف النيل من أعلاه إلى أسفله ما بين أسوان و رشيد ، و كانت مدينة منف و عين شمس ، يجري الماء تحت منازلها و أفنيتها بتقدير معلوم ، ذكر ذلك كله عبد الرحمن بن شماسة ، و هو من خيار التابعين ، يرويه عن أشياخ مصر قالوا : و مدينة عين شمس كانت هيكل الشمس ، و كان فيها من الأبنية و الأعمدة و الملاعب ما ليس في بلد . قلت : و في مكانها لهذا العهد ضيعة متصلة بالقاهرة يسكنها نصارى من القبط و تسمى المطرية . قالوا : و مدينة منف مدينة الملوك قبل الفراعنة و بعدهم إلى أن خربها بختنصر كما تقدم في دولة قومس بن نقاس ، و كان فرعون ينزل مدينة منف ، و كان لها سبعون بابا و بنى حيطانها بالحديد و الصفر ، و كانت أربعة أنهار تجري تحت سريره ذكره أبو القاسم بن خرداذبه في كتاب المسالك و الممالك قال : و كان طولها اثني عشر ميلاً ، و كانت جباية مصر تسعين ألف ألف دينار مكررة مرتين بالدينار الفرعوني و هو ثلاثة مثاقيل . و إنما سميت مصر بمصر بن بيصر بن حام ، و يقال إنه كان مع نوح في السفينة فدعا له فأسكنه الله هذه الأرض الطيبة ، و جعل البركة في ولده . و حدها طولاً من برقة إلى أيلة ، و عرضا من أسوان إلى رشيد . و كان أهلها صائبة ، ثم حملهم الروم لما ملكوها بعد قسطنطين على النصرانية ، عندما حملوا على الأمم المجاورة لهم من الجلالقة و الصقالبة و برجان و الروس و القبط و الحبشة و النوبة ، فدانوا كلهم بذلك و رجعوا عن دين الصابئة في تعظيم الهياكل و عبادة الأوثان ، و الله وارث الأرض و من عليها و هو خير الوارثين .



الخبر عن بني إسرائيل و ما كان لهم من النبوة و الملك و تغلبهم على الأرض المقدسة بالشام و كيف تجددت دولتهم بعد الانقراض و ما اكتنف ذلك من الأحوال

لقد ذكرنا عند ذكر إبراهيم و بنيه صلوات الله عليه و سلامه عليهم ما كان من شأن يعقوب بن إسحق و استقراره بمصر مع بنيه الأسباط ، و في التوراة أن الله سماه إسرائيل . و إيل عندهم كلمة مرادفة لعبد و ما قبلها من أسماء الله عز و جل و صفاته و المضاف أبداً متأخر في لسان المعجم ، فلذلك كان إيل هو آخر الكلمة و هو المضاف . ثم قبض الله نبيه يعقوب بمصر لمائة و سبع و ثمانين سنة من عمره ، و أوصى أن يدفن عند أبيه ، فطلب يوسف من فرعون أن يطلقه لذلك ، فأذن له . و أمر أهل دولته بالإنطلاق معه ، فانطلقوا و حملوه إلى فلسطين فدفنوه بمقبرة آبائه ، و هي التي اشتراها إبراهيم من الكنعانيين . و رجع يوسف إلى مصر و أقام بها إلى أن توفي لمائة و عشرين سنة من عمره ، و دفن بمصر و أوصى أن يحملوا شلوه معهم إذا خرجوا إلى أرض الميعاد ، و هي الأرض المقدسة .

و أقام الأسباط بمصر و تناسلوا و كثروا حتى ارتاب القبط بكثرتهم و استعبدوهم ، و في التوراة أن ملكا من الفراعنة جاء بعد يوسف لم يعرف شأنه و لا مقامه في دولة آبائه ، فاسترق بني إسرائيل و استعبدهم . ثم تحدث الكهان من أهل دولتهم بأن نبوة تظهر في بني إسرائيل ، و أن ملكك كائن لهم مع كان معلوما من بشارة آبائهم لهم بالملك ، فعمد الفراعنة إلى قطع نسلهم بذبح الذكور من ذريتهم . فلم يزالوا على ذلك مدة من الزمان حتى ولد موسى . و هو موسى بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب . و أمه يوحانذ بنت لاوى عمه عمران و كان قاهث بن لاوى من القادمين إلى مصر مع يعقوب عليه السلام و ولد عمران بمصر و ولد هارون لثلاث و سبعين من عمره ، و موسى ثمانين ، فجعلته أمه في تابوت و ألقته في ضحضاح أليم ، و أرصدت أخته على بعد لتنظر من يلتقطه فتعرفه . فجاءت ابنة فرعون إلى البحر مع جواريها فرأته و استخرجته من التابوت فرحمته . و قالت : هذا من العبرانيين فمن لنا بظئر ترضعه ، فقالت لها أخته أنا آتيكم بها . و جاءت بأمه فاسترضعها له ابنة فرعون ، إلى أن فصل . فأتت به إلى ابنة فرعون و سمته موسى و أسلمته لها . و نشأ عندها ثم شب ، و خرج يوما يمشي في الناس و له وصولة بما كان له في بيت فرعون من المربى و الرضاع فهم لذلك أخواله ، فرأى عبرانياً يضربه مصري الذي ضربه و دفنه ، و خرج يوما آخر فإذا هو برجلين من بني اسرائيل و قد سطا أحدهما على الأخر فزجره ، فقال له و من جعل لك هذا ؟ أتريد أن تقتلني كما قتلت الآخر بالأمس . و نمي الخبر إلى فرعون فطلبه ، و هرب موسى إلى أرض مدين عند عقبة أيلة .و بنو مدين أمة عظيمة من بني إبراهيم عليه السلام ، كانوا ساكنين هناك و كان ذلك لأربعين سنة من عمره ، فلقى عند مائهم بنتين لعظيم من عظمائهم فسقى لهما ، و جاءتا به إلى أبيهما فزوجه بإحداهما ، كما وقع في القرآن الكريم ، و أكثر المفسرين على أنه شعيب بن نوفل بن عيقا بن مدين و هو النبي صلى الله عليه و سلم . و قال الطبري : الذي استأجر موسى و زوجه بنته رعويل و هو بيتر حبر مدين ، أي عالمهم ، و أن رعويل هو الذي زوجه البنت و أن اسمه يبتر . و عن الحسن البصري أنه شعيب رئيس بني مدين . و قيل إنه ابن أخي شعيب . و قيل ابن عمه . فأقام عند شعيب صهره مقبلا على عبادة ربه ، إلى أن جاءه الوحي و هو ابن ثمانين سنة ، و أوحى إلى أخيه هارون و هو ابن ثلاث و ثمانين سنة ، فأوحى الله إليهما بأن يأتيا فرعون ليبعث معهما بني إسرائيل فيستنقذانهم من مملكة القبط ، و جور الفراعنة ، و يخرجون إلى الأرض المقدسة التي وعدهم الله بملكها على لسان إبراهيم و إسحاق و يعقوب . فخرجا إليه و بلغا بني إسرائيل الرسالة فآمنوا به و اتبعوه ، ثم حضرا إلى
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 9:27 pm

فرعون و بلغاه أمره الله له بأن يبعث معهما بني إسرائيل و أراه موسى عليه السلام معجزة العصا ، فكان من تكذيبه و امتناعه و إحضار السحرة لما رآى موسى في معجزته ثم إسلامهم ما نصه القرآن العظيم .

ثم تمادى فرعون في تكذيبه و مناصبته ، و اشتد جوره على بني إسرائيل و استعبادهم و اتخاذهم سخريا في مهنة الأعمال ، فأصابت و قومه الجوائح العشرة واحدة بعد أخرى يسالمهم عند وقوعها ، و يتضرع إلى موسى في الدعاء بانجلائها ، إلى أن أوحى الله إلى موسى بخروج بني إسرائيل من مصر . ففي التوراة أنهم أمروا عند خروجهم أن يذبح أهل كل بيت حملا من الغنم إن كان كفايتهم ، أو يشتركون مع جيرانهم إن كان أكثر ، و أن ينضحوا دمه على أبوابهم لتكون علامة ، و أن يأكلوه سواء برأسه و أطرافه ، و معناه لا يكسرون منه عظما و لا يدعون شيئا خارج البيوت ، و ليكن خبزهم فطيرا ذلك اليوم و سبعة أيام بعده ، و ذلك في اليوم الرابع عشر من فضل الربيع ، و ليأكلوا بسرعة و أوساطهم مشدودة ، و خفافهم في أرجلهم ، و عصيهم في أيدهم ، و يخرجوا ليلا و ما فضل من عشائهم ذلك يحرقوه بالنار ، و شرع هذا عيداً لهم و لا عقابهم و يسمى عيد الفصح .

و في التوراة أيضاً إنه قتل في تلك الليلة أبكار النساء من القبط و دوابهم و مواشيهم ليكون لهم بذلك ثقل عن بني إسرائيل . و أنهم أمروا أن يستعيروا منهم حلياً كثيراً يخرجون به ، فاستعاروه و خرجوا في تلك الليلة بما معهم من الدواب و الأنعام ، و كانوا ستمائة ألف أو يزيدون . و شغل القبط عنهم بالمآتم التي كانوا فيها على موتاهم ، و أخرجوا معهم تابوت يوسف عليه السلام ، استخرجه موسى صلوات الله عليه من المدفن الذي كان به إلهام من الله تعالى ، و ساروا لوجههم حتى انتهوا إلى ساحل البحر بجانب الطور . و أدركهم فرعون و جنوده ، و أمر موسى بأن يضرب البحر بعصاه و يقتحمه ، فضربه فانفلق طرقا . و سار فيها بنو إسرائيل و فرعون و جنوده في اتباعه ، فهلكوا ، و نزل بنو إسرائيل بجانب الطور ، و سبحوا مع موسى بالتسبيح المنقول عندهم و هم : نسبح الرب البهي ، الذي قهر الجنود ، و نبذ فرسانها في البحر المنيع المحمود إلى آخره . قالوا : و كانت مريم أخت موسى و هارون صلوات الله عليهما تأخذ الدف بيدها ، و نساء بني إسرائيل في أثرها بالدفوف و الطبول ، و هي ترتل لهن التسبيح سبحان الرب القهار الذي قهر الخيول و ركبانها ألقاها في البحر و هو معنى الأول . ثم كانت المناجاة على جبل الطور و كلام الله لموسى و المعجزات المتتابعة ، و نزول الألواح ، و يزعم بنو إسرائيل أنها كانت لوحين فيها الكلمات العشرة و هي : كلمة التوحيد ، و المحافظة على السبت بترك الأعمال فيه ، و بر الوالدين ليطول العمر ، و النهي عن القتل ، و الزنا ، و السرقة ، و شهادة الزور ، و لا تمتد عين إلى بيت صاحبه ، أو امرأته ، أو لشيء من متاعه . هذه الكلمات العشرة التي تضمنتها الألواح .

و كان سبب نزول الألواح أن بني إسرائيل لما نجوا و نزلوا حول طور سينا صعد موسى إلى الجبل ، فكلمه ربه و أمره أن يذكر بني إسرائيل بالنعمة عليهم في نجاتهم من فرعون و أن يتطهروا و يغسلوا ثيابهم ثلاثة أيام ، و يجتمعوا في اليوم الثالث حول الجبل من بعد ، ففعلوا و ظلت الجبل غمامة عظيمة ذات بروق و رعود ففزعوا ، و قاموا في سفح الجبل دهشين ، ثم غشى الجبل دخان في وسطه عمود نور و تزلزل له الجبل زلزلة عظيمة شديدة ، و اشتد صوت الرعد الذي كانوا يسمعونه ، و أمر موسى صلوات الله عليه بأن يقرب بني إسرائيل لسماع الوصايا و التكاليف ، قال فلم يطيقوا فأمر بحضور هارون و تكون العلماء غير بعيد ففعل ، و جاءهم بالألواح .

ثم سار بعد ذلك إلى ميعاد الله بعد أربعين ليلة ، فكلمه ربه و سأله الرؤية ، فمنعها فكان الصعق و ساخ الجبل ، و تلقى كثيرا من أحكام التوراة في المواعظ و التحليل و التحريم . و كان حين سار إلى الميعاد استخلف أخاه هارون على بني اسرائيل ، و استبطؤا موسى ، و كان هارون قد أخبرهم بأن الحلى الذي أخذوه للقبط محرم عليهم ، فأرادوا حرقه و أوقدوا عليه النار . و جاء السامري في شيعة له من بني إسرائيل ، و ألقى عليه شيئا كان عنده من أثر الرسول ، فصار عجلا و قيل عجلا حيوانا ، و عبده بنو إسرائيل ، و سكت عنهم هارون خوفا من افتراقهم . و جاء موسى صلوات الله عليه من المناجاة و قد أخبر بذلك في مناجاته ، فلما رآهم على ذلك ألقى الألواح ، و يقال كسرها ، و أبدل غيرها من الحجارة ، و عند بني إسرائيل أنهما اثنان ، و ظاهر القرآن أنها أكثر مع أنه لا يبعد استعمال الجمع في الاثنين ، ثم أخذ برأس أخيه و وبخه و اعتذر له بما اعتذر ثم حرق العجل ، و قيل برده بالمبرد و ألقاه في البحر .

و كان موسى صلوات الله عليه لما نجا ببني إسرائيل إلى الطور بلغ خبره إلى بيثر صهره من بني مدين ، فجاء و معه بنته صفورا زوجة موسى عليه السلام التي زوجها به أبوها رعويل كما تقدم ، و معها ابناها من موسى و هما جرشون و عازر ، فتلقاها موسى صلوات الله عليه بالبر و الكرامة و عظمه بنو إسرائيل ، و رأى كثرة الخصومات على موسى ، فأشار عليه بأن يتخذ النقباء على كل مائة أو خمسين أو عشرة فيفصلوا بين الناس ، و تفصل أنت فيما أهم و أشكل ، ففعل ذلك .ثم أمر الله موسى ببناء قبة للعبادة و الوحي من خشب الشمشاد ، و يقال هو السنط و جلود الأنعام و شعر الأغنام ، و أمر بتزيينها بالحرير و المصبغ و الذهب و الفضة على أركانها صور منها صور الملائكة الكروبيين على كيفيات مفصلة في التوراة في ذلك كله ، و لها عشر سرادقات مقدرة الطول و العرض ، و أربعة أبواب و أطناب من حرير منقوش مصبغ ، و فيها دفوف و صفائح من ذهب و فضة ، و في كل زاوية بابان و أبواب و ستور من
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى