alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:05 pm

بنابلس و ما إليها ، و كان جباراً و إن سليمان عوتب على ولايته من الله و انتقض و لحق بمصر ، فلما قبض سليمان و ولي ابنه رحبعم و اختلف عليه بنو إسرائيل بما بلوا من سوء ملكته و الزيادة في الضرائب عليهم ، و اجتمع الأسباط العشرة ما عدا يهوذا و بنيامين فاستقدموا يربعام بن نباط من مصر فبايعوا له و ولوه الملك عليهم و حارباو رحبعم و من في طاعته و هم سبط يهوذا و بنيامين ، فامتنعوا عليهم بمدينة يروشليم ، ثم انحازوا إلى جهة فلسطين في عمل بني يوسف . و نزل يربعم مدينة نابلس بملك الأسباط العشرة و منعهم من الدخول إلى بيت المقدس و القربان فيه ، و كان عاصياً مسخوط السيرة .

و لم يزل الحرب بينه و بين رحبعم بن سليمان و ابنه أبيا من بعده و اثنين من ملك أسا بن أبيا ، و كان أبيا ظاهراً عليه في حروبه ، ثم هلك يربعام بن نباط لسنتين من ملك أبيا و لثلاث و عشرين من ملكه ، فولي مكانه على الأسباط يوناذاب و كان على مثل سيرة أبيه من الجور و عبادة الأصنام ، فسلط الله عليه بعشا بن أحيا فقتله و جميع أهل بيته لسنتين من ملكه . و قام بملك الأسباط فلم يزل يحارب أسا بن أبيا و أهل القدس سائر أيامه . و كان أسا يستمد عليه بملك دمشق من الأرمن . و سار معه إليه مرة ، و كان أعشا بن أحيا نبي يثرب ، فأجفل أمامهم و ترك الآلات فأخذها أسا و بنى بها الحصون و هلك أعشا بن أحيا لأربع و عشرين سنة من ملكه و دفن في برصا مدينة ملكهم بعد أن أنذره بالهلاك نبيهم فاهو . و لما هلك ولي بعده ابنه إيليا ، و يقال إيلهوا في السادسة و العشرين من ملك أسا فأقام سنين ثم بعث عساكر بني إسرائيل إلى محاصرة بعض المدن بفلسطين ، فوثب عليه سبط من الأسباط من عقب كان يعرف زمري صاجب المراكب ، و يقال ابن اليافا ، فقتله و جميع أهل بيته و قام بالملك و مكث أياما يسيرة خلال ما بلغ الخبر لبني اسرائيل بمكانهم من حصار فلسطين ، فلم يرضوه و ملكوا عليهم صي بن كسات من سبطه و رجعوا إلى زمري المتوثب على الملك فحاصروه ، فلما أحيط به دخل مجلس الملك و أوقد ناراً لتحرقه فاحترق فيه لسبعة أيام من فورتهم .

و كان عمري بن ناداب من سبط أفراييم و يلقب صاحب الحربة يرادف صي في الملك فقتله و استبد ، و ذلك في الحادية و الثلاثين من ملك أسا . ثم اختلف عليه بنو إسرائيل و نصب بعضهم بنيامين فنال من سبك يساخر ، و حاربهم عمري فغلبهم . و كان ينزل مدينة برصا ، و لست سنين من ملكه اختط مدينة السامرية ابتاع لها جبل شمران من رجل اسمه سامر بقنطار فضة ، و بنى فيه قصوره و سميت سبسطية ، ثم غلبت عليها النسبة إلى البائع . و يقال إن الاسم كان شومرون فعرب سامرة و أهملت شينها المثلثة ، و كانت هذه المدينة مدينة ملكهم إلى انقراض أمرهم .

ثم هلك عمري لاثنتي عشرة سنة من ولايته و دفن في نابلس ، و قام بملك الأسباط من بعده ابنه أحاب ، و كان على مذهبه و مذهب سلفه منهم من الكفر و العصيان ، و تزوج بنت ملك صيدا ، و بني هيكلاً بسامرة و جعل فيه صنما يسجد له و أفحش في قتل الأنبياء ، و بنى قرية أريحاء و دعا عليه إيليا النبي فقحطوا ثلاث سنين خرج فيها إيليا إلى البرية فسكنها ، ثم رجع فدعا و أنزل الله المطر و ذبح الذين حملوا أحاب على عبادة الأصنام هكذا قال ابن العميد . و الذي قاله الطبري إن هذا النبي الذي دعا عليهم هو الياس بن سين ، و قيل ابن ياسين من نسل فنحاص بن العازار . و كان بعث إلى أهل بلعلبك و إلى أحاب و قومه .

و قال الطبري : فكذبوه فأصابهم القحط ثلاثا ، ففزعوا إليه في الدعاء و بأهلهم في أصنامهم فلم تغن شيئاً ، فدعا لهم فمطروا ، ثم إنهم أقاموا على ما كانوا عليه من الكفر و العصيان . و كان أحاب شديداً و دعا عليه الياس ثم طلب من الله أن يتوفاه بعد أن أنذر الناس بهلاكه و هلاك قومه بل عقبه . و تنبأ بعده إليسع بن أخطوب من سبط أفرأيتم ، و قيل ابن عم الياس . و قال ابن عساكر : اسمه أسباط بن عدي بن شوليم بن أفرائيم . قال الطبري : كان مستخفياً مع الياس بجبل قاسيون من ملك بعلبك ، ثم خلفه في قريته انتهى كلام الطبري .

و قال ابن العميد : في أيام أحاب أوحى الله إلى إيليا أن يبارك على الياس بن بغسا ففعل ذلك ، و أن يبارك على أدوم بدمشق ، و على ياهو ملكاً على بني اسرائيل ففعل ذلك . و هو أيضا على عهد أحاب فجاء سنداب ملك سورية فحاصر أحاب بن عمري و الأسباط العشرة في السامرة ، و خرجوا إليه فهزموه و استلحموا عامة عسكره ، ثم رجع إليهم من العام القابل فخرجوا إليه و هزموه ثانيا و قتلوا من عسكره نحواً من مائة ألف ، و مروا في أتباعهم ، و امتنع سنذاب في بعض حصونه و أحاطوا به فخرج إليهم ملقيا بنفسه على ملكهم أحاب ، فعفا عنه و رده إلى ملكه ، و سخط ذلك النبي من فعله و أنذره بعذاب يصيب ولده عقوبة من الله تعالى على إبقائه عليهم . ثم خرج أحاب من ملك الأسباط مع

يهوشافاظ ملك يهوذا المقدس لمحاربة ملك سورية ، فأصابه سهم هلك فيه و دفن بسامرة لاثنتين و عشرين سنة من ملكه . قال ابن العميد : و قيل لثمان عشرة . و قال إنما خرج لحرب كلعاد ملك أدوم فانهزم و قتل .و لما ملك من بعده ابنه أحزيا و يقال أمشيا و كان عاصياً سيئ السيرة قتل عاموص النبي و عبد بعلا الصنم و هلك لسنتين ، فملك أخوه يوآم و قيل إنه لتسع عشرة من ملك يهوشافاظ ملك الفرس ، فملك يوآم على الأسباط اثنتي عشرة سنة زحف فيها أولاً إلى مؤاب لما منعوه الجزية التي كانت عليهم للأسباط مائتين من الغنم في كل سنة ، و استنجد ملك يهوذا لحربهم فحاصرهم سبعة أيام و فقدوا الماء ، فاستسقى لهم اليسع و جرى الوادي و خرج أهل مؤاب يظنونه دماً ، فقتلهم بنو إسرائيل . و جمع هداد أدوم لحصار سامرة و نازلها ثلاث سنين ،
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:07 pm

ثم دعا عليهم إليسع فأجفلوا و رجعوا إلى بلادهم . و في الثانية عشر من ملك يؤام ملك الأسباط ثار عليه يهوشافاظ بن يشا من سبط منشا بن يوسف ، و ذلك عند منصرفه من محاربة ملوك الجزيرة و أروم مع أحزيا بن يهورام ملك القدس ، و كان جريحاً فعاده أحزيا و كان هذا الفتى ياهو يترصد قتل يؤام فأمكنته الفرصة فيه تلك الساعة فقتله و قتل معه أحزيا ملك القدس و بني يهوذا و ملك على الأسباط .

و قال ابن العميد : خرج يؤام بن أحاب ملك الأسباط لحرب أدوم و معه أحزيا ملك القدس فقتلا جميعا في تلك الحرب . و قيل إن ياهو بن منشا رمى بسهم فأصاب يؤام بن أحاب فمات .

و لما ملك ياهو على الأسباط قتل بني أحآب كلهم كما أمره إليسع ، و هلك لخمس و ثلاثين من ملكه و ولي ابنه يوآص ، و قيل يهوذا ، و لثمان و عشرين من دولة يوآص بن أحزيا ملك يهوذا القدس و كان قبيح السيرة عباداً للأصنام و عمل مذبحا بسامرة و هلك لسبع عشرة من ملكه ، و ولي بعده ابنه يوآش لسبع و ثلاثين من دولة يوآص بالقدس و زحف إلى القدس فملكها من يد أمصيا ملك يهوذا ، و هدم من سورها أربعمائة ذراع ، و سبى أهل المقدس و سبى بني عزريا الكوهن ، و أخذ جميع ما في المسجد و رجع إلى سامرة . و مرض إليسع فعاده يوآش فوعده بأنه يهلك أدوم و يظفر بهم ثلاث مرات ، فكان كذلك ، و هلك لثلاث عشرة سنة من ملكه . و ولي من بعده ابنه يربعام و كان سيء السيرة و زحف إلى أمصيا ملك يهوذا ، و قيل إن الذي زحف إلى أمصيا إنما هو يؤاش أبوه ، فهزمه و أخذه أسيراً و سار به إلى القدس فاقتحمها عنوة و غنم جميع ما في خزانتها و سبى بني عزريا الكوهن . و رحع إلى السامرة فأطلق أمصيا ، ثم لإحدى و أربعين سنة من ملكه ، و لسبع و عشرين من ملك عزيا هو بن أمصيا ملك القدس .

قال ابن العميد : و بقي بنو اسرائيل بالسامرة فوضى أحدى عشرة سنة ، ثم ملكوا ابنه زكريا في الثامنة و الثلاثين من ملك عزيا هو فملك ستة أشهر ، و قال ابن العميد شهراً ، ثم وثب به مناخيم بن كاد من سبط زبلون من أهل برصا فقتله ، و ملك مكانه اثنتي عشرة سنة . و قال ابن العميد عشر سنين . قال و في التاسعة و الثلاثين من ملك عزيا هو خرج إلى مدينة برصا ففتحها عنوة و استباحها ، و زحف إليه فول ملك الموصل فصانعه بألف قنطار من الفضة و رجع عنه ، و كانت سيرته رديئة ، و لما هلك مناخيم ملك ابنه بقحيا لأربعين من دولة عزيا ملك القدس فأقام فيهم اثنتي عشرة سنة ، و قال ابن العميد سنتين ، ثم ثار عليه من عماله باقح بن رصليا و كان على طريقة من تقدمه في الضلال فأقام ملكاً على الأسباط بالسامرة عشر سنين ، و هلك لدولته عزيا بن أمصيا ملك يهوذا بالقدس ، و أقام باقح بن رصليا على سوء السيرة و عبادة الأصنام إلى أن قتله هويشيع الله إيليا من سبط كاد في الثالثة من ملك يؤاب ملك القدس و بقي الأسباط بعده فوضى عشر سنين ، ثم ملكوا قاتله هويشيع بن إيليا المذكور ، فأقام مملكا عليهم سبع سنين و في أيامه زحف إليه ملك أثور و الموصل فصير الأسباط في دولته و أدوا إليه الخراج ، ثم إن هويشيع راسل ملك مصر في الاستعانة به و الرجوع إلى طاعته ، فلما بلغ ذلك إلى ملك الموصل زحف إليه و حاصره في مدينة السامرة ثلاث سنين و اقتحمها في الرابعة . و تقبض على هويشيع لتسع سنين من ملكه و نقله مع الأسباط كلهم إلى الموصل ، ثم بعثهم إلى قرى أصبهان و أنزلهم بها ، و قطع ملك بني إسرائيل من السامرة و بقي ملك يهوذا و بنيامين بالقدس ، و كان ذلك لعهد احزيا بن أخآز من ملوكهم لسنة من دولته .

و تعاقبت ملوكهم بعد ذلك بالقدس إلى أن انقرضوا . و جمع ملك الموصل من كوره غاراً و حماة و صفرارام ، و يقال و مركتا و أسكنهم بالسامرة . قال ابن العميد و تفسيرها حفيظة و يوآطر . قالوا و سلط الله عليهم السباع يفترسونهم فبعثوا إلى ملك الموصل أن يعرفهم بصاحب قسمة السامرية من الكواكب ليتوجهوا إليه بما يناسبه على طريقة الصابئة ، فقيل إن العشرية التي رسخت فيها و هي دين اليهودية تمنع من ذلك و من ظهور أثره . فبعث إليهم كوهنين من عامة اليهود يلعمانهم اليهودية فتلقوها عنهما ، فهذا أصل السامرة في فرق اليهود و ليسوا منهم عند أهل ملتهم لا في نسبهم و لا في دينهم و الله مالك الأمور لا رب غيره و لا معبود سواه سبحانه و تعالى .



الخبر عن عمارة بيت المقدس بعد الخراب الأول و ما كان لبني اسرائيل فيها من الملك في الدولتين لبني حشمناي و بني هيردوس إلى حين الخراب الثاني و الجلوة الكبرى

هذه الأخبار التي كانت لليهود ببيت المقدس و الملك الذي كان لهم في العمارة بعد جلاء بختنصر و أمر الدولتين اللتين كانتا لهم في تلك المدة ، لم يكتب فيها أحد من الأئمة و لا وقفت في كتب التواريخ مع كثرتها و اتساعها على ما يلم بشيء من ذلك . و وقع بيدي و أنا بمصر تأليف لبعض علماء بني إسرائيل من أهل ذلك العصر في أخبار البيت و الدولتين اللتين كانتا بها ما بين خراب بختنصر الأول و خراب طيطش الثاني الذي كانت عنده الجلوة الكبرى ، استوفى فيها أخبار تلك المدة بزعمه و مؤلف الكتاب يسمى يوسف بن كريون و زعم أنه كان من عظماء اليهود و قوادهم عند زحف الروم إليهم ، و أنه كان على صولة ، فحاصره أسيبانوس أبو طيطش و اقتحمها عليه عنوة ، و فر يوسف إلى بعض الشعاب و كمن فيها ثم حصل في قبضته بعد ذلك ، و استبقاه و من عليه و بقي في جملته . و كانت له تلك وسيلة إلى ابنه طيطش عندما أجلى بني اسرائيل عن البيت فتركه بها للعبادة كما يأتي في أخباره . هذا هو التعريف بالمؤلف .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:08 pm

و أما الكتاب فاستوعب فيه أخبار البيت و اليهود بتلك المدة و أخبار الدولتين اللتين كانت بها لبني حشمناي و بني هيردوس من اليهود ، و ما حدث في ذلك من الأحداث فلخصتها هنا كما وجدتهما فيه لأني لم أقف على شيء فيها لسواه ، و القوم أعلم بأخبارهم إذا لم يعارضها ما يقدم عليها . و كما قال صلى الله عليه و سلم : " لا تصدقوا أهل الكتاب " . فقد قال " و لا تكذبوهم " . مع أن ذلك إنما هو راجع إلى أخبار اليهود و قصص الأنبياء التي كان فيها التنزيل من عند الله ، لقوله بعد ذلك : " و قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا و أنزل إليكم " . و أما الخبر عن الواقعات المستندة إلى الحس فخبر الواحد كاف فيه إذا غلب على الظن صحته ، فينبغي أن نلحق هذه الأخبار بما تقدم من أخبارهم لتكمل لنا أحوالهم من أول أمرهم إلى آخره و الله أعلم . و لم ألتزم صدقه من كذبه و الله المستعان .

قال الطبري و غيره من الأئمة : كان يرميا و يقال أرميا بن خلقيا من أنبياء بني اسرائيل و من سبط لاوى و كان لعهد صدقيا هو آخر ملوك بني يهوذا ببيت المقدس ، و لما توغلوا في الكفر و العصيان أنذرهم بالهلاك على يد بختنصر و سأله عنه و أطلقه و لما توغلوا في الكفر و العصيان أنذرهم بالهلاك على يد بختنصر و سأله عنه و أطلقه و احتمله معه في السبي ، و كان فيما يقوله أرميا إنهم يرجعون إلى ببيت المقدس بعد سبعين سنة يملك فيها بختنصر و ابنه و ابن ابنه و يهلكون ، و إذا فرغت مملكة الكلدانيين بعد السبعين يفتقدكم . يخاطب بذلك بني إسرائيل في نص آخر له عند كمال سبعين لخراب المقدس . و كان شعيا بن أمصيا من أنبيائهم أخبرهم بأنهم يرجعون إلى بيت المقدس على يد كورش من ملوك الفرس ، و لم يكن وجد لذلك العهد ، فلما استولى كورش على بابل و أزال مملكة الكلدانيين أذن لبني إسرائيل في الرجوع إلى بيت المقدس و عمارة مسجدها ، و نادى في الناس أن الله أوصاني أن أبني بيتاً فمن كان لله و سعيه لله فليمض إلى بنائه . فمضى بنو اسرائيل في اثنين و أربعين ألفاً و عليهم زيريافيل ، بالفاء الهوائية . بن شالتهيل بن يوخنيا آخر ملوكهم بالقدس الذي حبسه بختنصر و قد مر ذكره . و قد مضى معهم عزير من عقب أشيوع بن فنحاص ابن العازر بن هارون و بينه و بين أشيوع ستة آباء . لم أثق بنقلها لغلبة الظن بأنها مصحفة ، و رد عليهم كورش الأواني و كانت لا يعبر عنها من الكثرة . قال ابن العميد : كانت خمسة آلاف و أبعمائة قصعة ذهبا و فضة . فمضوا إلى بيت المقدس و شرعوا في العمارة و شرع كورش و سعى عليهم في إبطال ذلك بعض أعدائهم من السامرة ، و لم يكن أمد السبعين التي وعدهم بها انقضى لأن الخراب كان لثمان عشرة من ملك بختنصر و كانت دولته خمسة و أربعين و مدة ابنه و ابن خمس و عشرون ، فبقيت من السبعين ثمانية عشر التي نفذت من ملك بختنصر قبل الخراب ، فمنعوا من العمارة بسعاية السامرية إلى أن انقضت الثمان عشرة .

و جاءت دولة دارا من ملوك الفرس فأذن لهم في العمارة و عاد السامرة لسعايتهم في إبطال ذلك عند دارا ، فأخبره أهل دولته أن كورش أذن لهم في ذلك فخلى سبيلهم و عمروا بيت المقدس في الثانية من ملك دارا الأول ، و هو أرفخشذ و الكوهن يومئذ عزير ، و جدد لهم التوراة بعد سنتين من رجوعهم إلى البيت . ثم هلك زيريافيل و خلقه فيهم بهشمياش ، و قبض العزيز و خلفه شمعون الصفا من بني هرون أيضاً . و قال يوسف بن كريون : إن بختنصر لما رجع إلى بابل أقام ملكا سبعاً و عشرين سنة ، و ملك بعده ابنه بلتنصر ثلاث سنين ، و انتقض عليه داريوش ملك ماذي ، و أظنهم الديلم و كيرش ملك فارس ، و هزمتهم عساكره كما مر ، فعمل في بعض أيامه صنيعاً لقواده سروراً بالواقع ، و سقاهم في أواني بيت المقدس التي احتملها جده من الهيكل ، فسخط الله لذلك و رأى تلك الساعة كأن يداً خرجت من الحائط تومي بكتابة كلمات بالخط الكلداني و الكلمات عبرانية ، و هي أحصى وزن نفذ ، فارتاع لذلك هو و الحاضرون و فزع إلى دانيال النبي في تفسيرها . قال وهب بن منبه و هو من أعقاب حزقيل الأصغر و كان خلفا من دانيال الأكبر ، فقال له دانيال : هذا الكلمات تنذر بزوال ملكك و معناها أن الله أحصى مدة ملكك ، و وزن أعمالك ، و نفذ قضاؤه بزوال ملكك عنك و عن قومك . و قتل في تلك الليلة بلتنصر ، و كان ما قدمناه من استقلال كورش و قومه فارس بالملك و رد الجالية إلى بيت المقدس ، و أطلق لهم المال لعمارتها شكراً على الظفر بالكلدانيين و مضى بنو اسرائيل و معهم عزوا الكاهن و نجميا و مردخاي و جميع رؤساء الجالية يبنون البيت و المذبح على حدودها و قربوا القرابين . و كان كورش بعد ذلك يطلق لهم في كل سنة من الحنطة و الزيت و البقر و الغنم و الخمر ما يحتاجون إليه في خدمة البيت و يطلق لهم جراية واسعة . و جرى ملوك الفرس بعده على سنته في ذلك إلا قليلا في أيام أخشويروش منهم ، كان وزيره هامان و كان من العمالقة ، و كان طالوت قد استخلفهم بأمر الله ، فكان هامان يعاديهم لذلك و عظمت سعايته فيهم و حمله على قتلهم . و كان مردخاي من رؤسائهم قد زوج أخته من الرضاع لأخشويروش ، فدس إليها مردخاي أن تشفع إلى الملك في قومها فقبلها و عطف عليهم و أعادهم إلى أن انقرضت دولة الفرس بمهلك دارا ، و استولى بنو يونان بمهلك دارا على ملك فارس . و ملك الاسكندر بن فليفوس و دوخ الأرض ، و فتح سواحل الشام ، و سار إلى بيت المقدس لأنها من طاعة دارا ، و خاف الكهنة من وصوله إليهم ، و رأى في بعض تمثال رجلاً فقال : أنا رجل أرسلت لمعونتك . و نهاه عن أذية المقدس ، و أوصاه بامتثال إشارتهم . فلما وصل إلى البيت لقيه الكوهن ، فبالغ في تعظيمه و دخل معه إلى الهيكل ، و بارك عليه ، و رغب إليه الاسكندر أن يضع هنالك تمثاله من الذهب ليذكر به ، فقال : هذا حرام لكن تصرف همتك في مصالح الكهنة و المصلين و يجعل لك من الذكر دعاؤهم لك ، و أن يسمى كل مولود لبني
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:11 pm

اسرائيل في هذه السنة بالاسكندر ، فرضي الاسكندر و حمل لهم المال و أجزل عطية الكوهن ، و سأله أن يستخير الله في حرب دارا ، فقال له : امض و الله مظفرك . و حض دانيال و قص عليه الاسكندر رؤيا رآها له بأنه يظفر بدارا .

ثم انصرف الاسكندر و سار في نواحي بيت المقدس ، و مر بنابلس و لقيه سنبلاط السامري و كان أهل المقدس أخرجوه عنهم ، فأضافه و أهدى له أموالاً و أمتعة و استأذنه في بناء هيكل في طول بريد فأذن له ، فبناه و أقام صهره منشاكوهنا فيه ، و زعم أن المراد بقوله في التوراة اجعل البركة على جيل كريدم . فقصده اليهود في الأعياد ، و حملوا إليه القرابين و عظم أمره ، و غص بشأنه أهل بيت المقدس ، إلى أن خربه هرمايوس بن شمعون أول ملوك بني حشمناي كما يأتي ذكره .

ثم هلك الاسكندر ببابل بعد استيفاء مدته لاثنتين و ثلاثين من ملكه و قد كان قسم ملكه بين عظماء دولته ، فكان سلياقوس بعد الاسكندر و كان عظيم أصحابه ، فأكرم اليهود و حمل المال إلى فقراء البيت ثم سعى عنده بأن في الهيكل أموالاً و ذخائر نفسية و رغبوه في ذلك ، فبعث عظيماً من قواده اسمه أردوس ليقبض ذلك المال فحضر بالبيت ، و أنكر الكاهن حنينان أن يكون بالبيت إلا بقية الصدقات من فارس و يونان و ما أعطاهم سلياقوس آنفا ، فلم يقبل ، و وكل بهم في الهيكل فتوجهوا بالدعاء . و جاء أردوس ليقبض المال فصدع في طريقه ، و جاء أصحابه إلى الكوهن حنينا و جماعة الكهنة يسألون الإقالة و الدعاء لأردوس ، فدعوا له و عوفي و ارتحل و ازداد الملك سلياقوس إعظاماً للبيت و حمل ما كان يحمل إليهم مضاعفاً .

قال ابن كريون : ثم ترجمت التوراة لليونانيين و كان من خبرها أن تلماي ملك مصر من اليونانيين بعد الاسكندر ، و كان من أهل مقدونية ، و كان محباً للعلوم و مشغوفاً بالحكمة و الكتب الإلهية . و ذكرت له كتب اليهود الأربعة و العشرون سفراً فتاقت نفسه للوقوف عليها ، و كتب إلى كهنون القدس في ذلك و أهدى له ، فاختار سبعين من أحبار اليهود و علمائهم و فيهم كوهن عظيم اسمه ألعازر ، و بعثهم إليه ومعهم الأسفار فتلقاهم بالكرامة و أوسع لهم النزول و رتب مع كل واحد كاتبا يملي عليه ما يترجم له ، حتى ترجم الأسفار من العبرانية إلى اليونانية ، و صححها و أجاز الأحبار و أطلق لهم من كان بمصر من سبي اليهود نحواً من مائة ألف ، و صنع مائدة من الذهب نقشت عليها صورة أرض مصر و النيل و رصعها بالجواهر و الفصوص و بعث بها إلى القدس فأودعت في الهيكل .

ثم ملك تلماي صاحب مصر ، و استولى بعده أنطيخوس صاحب مقدونية على أنطاكية ثم على مصر ، و أطاع ملوك الطوائف بأرض العراق ، و استفحل ملكه و عظم طغيانه ، و أمر الأمم بعبادة الأصنام . و عمل أصناماً على صورته ، فامتنع اليهود من قبولها و سعى بهم عنده بعض شرارهم ، و كانوا أهل نجدة و شوكة ، فسار انطيخوس إليهم و أثخن فيهم بالقتل و السبي ، و فروا إلى الجبال و البراري ، فرجع و استخلف على بيت المقدس قائده فليقلوس ، و أمره أن يحملهم على السجود لأصنامه و على أكل الخنزير و ترك السبت و الختان ، و يقتل من يخالفه . ففعل ذلك أشد ما يكون ، و بسط على اليهود أيدي أولئك الأشرار الساعين ، و قتل العازر الكوهن الذي ترجم لهم التوراة لما امتنع من السجود لصنمه و أكل قربانه . وكان فيمن هرب إلى الجبال و البراري متيتيا بن يوحنا بن شمعون الكوهن الأعظم و يعرف بحشمناي بن حونيا من بني نوذاب من نسل هارون عليه السلام ، و كان رجلاً صالحاً خيراً شجاعاً ، و أقام بالبرية و حزن لما نزل بقومه . فلما أبعد أنطيخوس الرحلة عن القدس ، بعث متيتيا إلى اليهود يعرفهم بمكانه ، و ينمعض لهم و يحرضهم على الثورة على اليونانيين ، فأجابوه و تراسلوا في ذلك ، و بلغ الخبر قائد أنطيخوس ، فسار في عسكره إلى البرية طالباً متيتيا و أصحابه ، فلما وصل إليهم حاربهم فغلبوه و انهزم في عساكره .

و قوي اليهود على الخلاف ، و هلك متيتيا خلال ذلك و قام بأمره ابنه يهوذا فهزم عساكر فليقوس ثانية . و شغل أنطيخوس بحروب الفرس فزحف إليهم من مقدونية ، و استخلف عليهم ابنه أفظر ، و ضم إليه عظيماً من قومه اسمه ليشاوش ، و أمرهم أن يبعثوا العساكر إلى اليهود ، فبعثوا ثلاثة من قوادهم و هم نيقانور و تلمياس و صردوس ، و عهد إليهم بإبادة اليهود حيث كانوا فسارت العساكر ، و استنفروا سائر الأرمن من نواحي دمشق و حلب ، و أعداء اليهود من فلسطين و غيرهم . و زحف يهوذا بن متيتيا مقدم اليهود للقائهم بعد أن تضرعوا إلى الله و طافوا بالبيت و تمسحوا به ، و لقيهم عسكر نيقانور فهزموه ، و أثخنوا فيه بالقتل ، و غنموا ما معهم ، ثم لقيهم عسكر القائد ابن تلمياس و صردوس ثانياً فهزموهما كذلك ، و قبضوا على فليلقوس القائد الأول لأنطيخوس فأحرقوه بالنار ، و رجع نيقانور إلى مقدونية فدخلها و خبر ليشاوش و أفظر ابن الملك بالهزيمة ، فجزعوا لها . ثم جاءهم الخبر بهزيمة أنطيخوس أمام الفرس ، ثم وصل إلى مقدونية و اشتد غيظه على اليهود ، و جمع لغزوهم فهلك دون ذلك بطاعون في جسده ، و دفن في طريقه . و ملك أفظر و سموه أنطخيوس باسم أبيه .

و رجع يهوذا بن متيتيا إلى القدس ، فهدم جميع ما بناه أنطيخوس من المذابح و أزال ما نصبه من الأصنام ، و طهر المسجد ، و بنى مذبحاً جديداً للقربان ، فوضع فيه الحطب و دعا الله أن يريهم آية في اشتعاله من غير نار ، فاشتعل كذلك و لم ينطف إلى الخراب الثاني أيام الجلوة ، و اتخذوا ذلك اليوم عيداً سموه عيد العساكر .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:16 pm

و نازل ليشاوش فزحف إليه يهوذا بن متيتا في عسكر اليهود و ثبت عسكر ليشاوش فانهزموا ، و لجأ إلى بعض الحصون و طلب النزول على الأمان على أن لا يعود إلى حربهم ، فأجابه يهوذا على أن يدخل أفظر معه في العقد و كان ذلك . و تم الصلح و عاهد أفظر اليهود على أن لا يسير إليهم ، و شغل يهوذا بالنظر في مصالح قومه .

قال ابن كريون : و كان لذلك العهد ابتداء أمر الكيتم و هم الروم ، و كان برومية و كان أمرهم شورى بين ثلثمائة و عشرين رئيساً ، و رئيس واحد عليهم يسمونه الشيخ يدبر أمرهم ، و يدفعون للحروب من يثقون بغنائه و كفايته منهم أو من سواهم . هكذا كان شأنهم لذلك العهد ، و كانوا قد غلبوا اليونانيين و استولوا على ملكهم ، و أجازوا البحر إلى إفريقية فملكوها كما يأتي في أخبارهم ، فأجمعوا السير إلى أنطيخوس أفظر و ابن عمه ليشاوش بقية ملوك يونان بأنطاكية ، و كاتبوا يهوذا ملك بني إسرائيل بالقدس يستميلونهم عن طاعة أنطيخوس و اليونانيين فأجابوهم إلى ذلك ، و بلغ ذلك أنطيخوس فنبذ إلى اليهود عهدهم و سار إلى حربهم فهزموه و نالوا منه . ثم راسلهم في الصلح و أن يقيموا من على عهدهم معه و تحمل لبيت المقدس بما كان يحمله من المال ، و أن يقتل من عنده من شرار اليهود الساعين عليهم ، فتم العهد بينهم على ذلك و قتل شملاشوش من الساعين على اليهود ، ثم جهز أهل رومة قائد حروبهم دمترياس بن سلياقوس إلى أنطاكية ، و لقيه أنطيخوس أفظر فانهزم أنطيخوس و قتل هو و ابن عمه ليشاوش ، و ملك الروم أنطاكية . و نزلها قائدهم دمترياس و كان ألقيموس الكوهن من شرار اليهود عند أنطيخوس ، فلما ملك دمترياس قائد الروم فسعى عنده في اليهود و رغبه في ملك القدس و الاستيلاء على أمواله ، فبعث قائده نيقانور لذلك و خرج يهوذا ملك القدس لتلقيه و طاعته ، و قدم بين يديه الهدايا و التحف ، فمال نيقانور إلى مسالمة اليهود و حسن رأيه و أكد بينه و بينهم العهد . و رجع و بادر ألقيموس الكوهن إلى دمترياس و أخبره بميل قائده نيقانور إلى اليهود ، و زاد في إغرائه فبعث إلى قائده ينكر عليه و يستحثه لإنفاذ أمره ، و أن يحمل يهوذا مقيداً . و بلغ ذلك يهوذا فلحق بمدينة السامرة صبصطية ، و اتبعه نيقانور في العساكر فكر عليه يهوذا و هزمه و قتل أكثر عساكر الروم الذين معه . ثم ظفر به فصلبه على الهيكل ببيت المقدس ، و اتخذ اليهود ذلك اليوم عيداً و هو ثالث عشر آذار .

ثم بعث قائد الروم دمترياس من قابل قائده الآخر يعتروس في ثلاثين ألفاً من الروم لمحاربة اليهود ، و خرجت عساكرهم من المقدس ، و فروا عن ملكهم يهوذا و افترقوا في الشعاب ، و أقام معهم منهم فل قليل ، و اتبعهم يعتروس فلقيه يهوذا و أكمن له فانهزم اليهود ، و خرج عليهم كمين الروم فقتل يهوذا في كثير من ولايته و دفن إلى جانب أبيه متيتيا . و لحق أخوه يوناثال فيمن بقي من اليهود ، بنواحي الأردن و تحصنوا ببئر سبع ، فحاصرهم يعتروس هنالك أياماً ، ثم بيتوه فهزموه و خرج يوناثال و اليهود في اتباعه فتقبضوا عليه ، ثم أطلقوه على مسالمة اليهود و أن لا يسير إلى حربهم . فهلك يوناثال إثر ذلك و قام بأمر اليهود أخوهما الثالث شمعون ، فاجتمع إليه اليهود من كل ناحية و عظمت عساكره ، و غزا جميع أعدائهم و من ظاهر عليهم من سائر الأمم ، و زحف إليه دمترياس قائد الروم بإنطاكية فهزمه شمعون و قتل غالب عسكره .

و لم تعاودهم الروم بعدها بالحرب إلى أن هلك شمعون . وثب عليه صهره تلماي زوج أخته فقتله و تقبض على بنيه و امرأته ، و هرب ابنه الأكبر قانوس بن شمعون إلى غزة فامتنع بها ، و كان اسمه يوحان و كان شجاعاً قتل في بعض الحروب شجاعاً اسمه

هرقانوس فسماه أبوه باسمه . ثم اجتمع عليه اليهود و ملكوه و سار إلى بيت المقدس ، وفر تلماي المتوثب على أبيه إلى حصن داخون ، فامتنع به و سار هرقانوس إلى محاربته و ضيق عليه ، و أشرف تلماي في بعض الأيام من فوق السور بأم هرقانوس و أخته يتهدده يقتلهما ، فكف عن الحرب ، و انصرف لحضور عيد المظال ببيت المقدس فقتل تلماي أخته و أمه وفر من الحصن .

قال ابن كريون : ثم زحف دمترياس بن سلياقوس قائد الروم إلى القدس و حاصر اليهود فامتنعوا ، و ثلم السور ، و راسلوه في تأخير الحرب إلى انقضاء عيدهم ، ففعل على أن يكون له نصب في القربان . و وقعت في نفسه صاغية إليهم ، و أهدى تماثيل للبيت فحسن موقعها عندهم ، و راسلوه في الصلح على المسالمة و المظاهرة لبعض فأجاب . و خرج إليه هرقانوس ملك اليهود و أعطاه ثلثمائة بدرة من الذهب استخرجها من بعض قبور بني داود . و رحل عنهم الروم ، و شغل هرقانوس في رم ما ثلم من السور ، و حدثت خلال ذلك فتنة بين الفرس و الروم فسار إليهم دمترياس في جموع الروم ، و بينما و أبطأ هرقانوس ملك اليهود لحضور عيدهم إذ جاءه الخبر بأن الفرس هزموا دمترياس ، فنهز الفرصة و زحف إلى أعدائه من أهل الشام و فتح نابلس و حصون أروم التي بجبل الشراة ، و قتل منهم خلقا و وضع عليهم الجزية و أخذهم بالختان و التزام أحكام التوراة ، و خرب الهيكل الذي بناه سنبلاط السامري في طول بريد بإذن الإسكندر ، و قهر جميع الأمم المجاورين لهم ، ثم بعث وجوه اليهود و أعيانهم إلى الأشياخ و المدبرين برومة يسأل تجديد العهد ، و أن يردوا على اليهود ما أخذ أنطيخوس و يونان من بلادهم التي صارت في مملكة الروم ، فأجابوا و كتبوا له العهد بذلك و خاطبوه بملك اليهود . و إنما كان يسمى من سلف قبله من آبائه بالكوهن فسمى نفسه من يومئذ بالملك ، و جمع بين منزلة الكهنونة و منزلة الملك ، و كان أول ملوك بني حشمناي . ثم سار إلى مدينة السامرة صبصطية ففتحها و خربها و قتل أهلها .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:19 pm

قال ابن كريون : و كان اليهود في دينهم يومئذ ثلاث فرق . فرقة الفقهاء و أهل القياس و يسمونهم الفروشيم و هم الربانيون ، و فرقة الظاهرية المتعلقين بظواهر الألفاظ من كتابهم و يسمونهم الصدوقية و هم القراؤن ، و فرقة العباد المنقطعين إلى العبادة و التسبيح و الزهاد فيما سوى ذلك و يسمونهم الحيسيد . و كان هرقانوس و آباؤه من الربانيين ، ففارق مذهبهم إلى القرائين لأنه جمع اليهود يوما عندما تمهد أمره ، و أخذ بمذاهب الملك ، و ألقى به في صنيع احتفل فيه و ألان لهم جانبه و خضع في قوله و قال : أريد منكم النصيحة . فطمع بعض الربانيين فيه و قال : إن النصيحة أن تنزل عن الكهنونة و تقتصر على الملك و قد فاتك شرطها لأن أمك كانت سبية من أيام أنطيخوس . فغضب لذلك و قال للربانيين : قد حكمتكم في صاحبكم فأخذوا في تأديبه بالضرب فتنكر لهم من أجل ذلك ، و فارق مذهبهم إلى مذهب القرائين ، و قتل من الربانيين خلقا كثيراً ، و نشأت الفتنة بين هاتين الطائفتين من اليهود و اتصلت بينهم الحرب إلى هذا العهد .

و هلك هرقانوس لإحدى و ثلاثين سنة من دولته ، و ملك بعده ابنه أرستبلوس و كان كبيرهم ، و كان له ولدان آخران و هم أنطقنوس و يحب الملك له و يبغض الإسكندر فأبعده إلى جبل الخليل ، فلما ملك أرستبلوس أخذ من إخوته بمذهب أبيهم و قبض على الاسكندر و أمه و استخلص أنطقنوس و قدمه على العساكر ، و اكتفى به في الحروب ، و ترفع عن تاج الكهنونة و لبس تاج الملك . و خرج أنطقنوس إلى الأمم المجاورين الخارجين عن طاعتهم فردهم إلى الطاعة ، و كثرت السعاية فيه عند أخيه من البطانة و أغروه به ، فلما قدم أنطقنوس من مغيبه وافق عيد المظال ، و كان أخيه ملتزما بيته لمرض طرقه ، فعدل أنطقنوس عن بيته إلى الهيكل للتبرك ، فأوهموا الملك أنه إنما فعل ذلك لاستمالة الكهنوينة و العامة و أنه يروم قتل أخيه ، و علامة ذلك أنه جاء بسلاحه ، فعهد أرستبلوس إلى حشمانه و غلمان قصره إن جاء متسلحاً أن يقتلوه . و كان ذلك و تمت حيلة البطانة و سعايتهم عليه و علم أرستبلوس أن قد خدع في أخيه ، فندم و اغتم و لطم صدره حتى قذف الدم من فيه ، و أقام عليلاً بعده حولاً كاملاً ثم هلك . فأفرجوا على أخيه الإسكندر من محبسه ، و بايعوا له بالملك و استقام له الأمر ، ثم انتقض أهل عكا و أهل صيدا و أهل غزة بعثوا إلى قبرص ، و سار الإسكندر إلى عكا فحاصرها و كانت كلوبطره ملكة من بقية اليونان قد انتقض عليها ابنها و اسمه ألظيرو و أجاز البحر إلى جزيرة قبرص فملكها ، فبعث أهل عكا أنهم يملكونه و أجاز إليهم في ثلاثين ألف مقاتل ، حتى إذا أفرج الإسكندر عن حصارهم راجعوا أمرهم و منعوا ألظير ، و أمن الدخول إليهم ، فسار في بلاد الإسكندر و نزل على جبل الخليل فقتل منه خلقا ، و نزل على الأردن . و في خلال ذلك زحف الإسكندر إلى صيدا ففتحها عنوة و استباحها ، و عاد إلى القدس و قد أطاعته البلاد و حسم داء المنتقضين عليه .

ثم تجددت الفتنة بين اليهود بالقدس و ذلك أنهم اجتمعوا في عيد المظال بالمسجد ، و حضر الإسكندر معهم فتلاعبوا بين يديه مراماةً بما عندهم من مشموم و مأكول ، و أصاب الإسكندر رمية من الربانيين فغضب لها ، و شاتمهم القراؤن بما كانوا من شيعته ، فشتموا الإسكندر و قتلوا الشاتم و أصحابه فلم يغن عنهم ، و عظم فيهم الفتك و انفض الجمع ، و عهد الإسكندر أن يستد المذبح و الكهنة بحائط عن الناس ، و نفذ أمره بذلك ، و اتصلت الفتنة بين اليهود ست سنين قتل من الربانيين نحو من خمسين ألفاً ، و الاسكندر يعين القرائين عليهم ، و بعثوا إلى دمتريوس المسمى أنطخيوس ، و بذلوا له المال فسار معهم إلى نابلس و لقي الإسكندر فهزمه و قتل عامة أصحابه و رجع . فخرج الإسكندر إلى الربانيين و أثخن فيهم و ظفر منهم بجماعة تزيد على ثلثمائة فقتلهم صبراً و قهر سائر اليهود . و سار إلى ديمتريوس ففتح الكثير من بلاده ، و خرج فظفر به الإسكندر و قتله .

و عاد إلى بيت المقدس لثلاث سنين في محاربة الربانيين و دمتريوس ، فاستقام أمره و عظم سلطانه ثم طرقه المرض فقام عليلاً ثلاثاً آخرين ، و خرج بعضها لحصار بعض الحصون و انتقضوا عليه فمات هنالك ، و أوصى امرأته الإسكندرة بكتمان موته حتى يفتح الحصن و تسير بشلوه إلى القدس فتدفنه فيه ، و تصانع الربانيين على ولدها فتملكه ، لأن العامة إليهم أميل . ففعلت ذلك و استدعت من كان نافرا من الربانيين ، و جمعتهم و قدمتهم للشورى ، و استبدت بالملك . و كان لهما ابنان من الإسكندر بن هرقانوس ، اسم الأكبر منهم هرقانوس ، و الآخر أرستبلوس ، و كانا صغيرين عند موت أبيهما فلما كبرا عينت هرقانوس للكهونة و قدمت أرستبلوس على العساكر والحروب ، و ضمت إليه الربانيين ، و أخذت الرهن من جميع الأمم و سألها الربانيون في الأخذ بثأرهم من القرائين خلقاً كثيراً . و جاء القراؤون إلى ابنها الكهنون ينكرون ذلك و أنه إذا فعل بهم ذلك ، و قد كانوا شيعاً لأبيه الإسكندر ، فقد تحدث النفرة من سائر الناس . و سألوه أن يلتمس لهم إذنها في الخروج عن القدس و البعد عن الربانيين ، فأذنت لهم رغبة في انقطاع الفتنة ، و خرج معهم وجوه العسكر . ثم ماتت خلال ذلك لتسع سنين من دولتها ، و يقال إن ظهور عيسى صلوات الله عليه كان في أيامها . و كان ابنها أرستبلوس قائد العسكر لما شعر بموتها خرج إلى القرائين يستدعيهم إلى نصرته فأجازوه ، وتقبضت هي على إبنيه وامرأته ، واجتمعت عليه العساكر من النواحي و ضرب البوق و حف لحرب أخيه هرقانوس و الربانيين ، و حاصرهم أرستبلوس ببيت المقدس ، و عزم على هدم الحصن فخرج إليه أعيان اليهود و الكهنونية ساعين في الصلح بينهما ، و أجاب على أن يكون ملكاً و يبقى هرقانوس على الكهنونية ، فتم ذلك و استقر عليه أمره .



ابتداء أمر انظفتر أبو هيردوس
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:23 pm

ثم سعى في الفتنة بينهما انظفتر أبو هيردوس ، و كان من عظماء بني إسرائيل من الذين جمعوا مع العزير من بابل ، و كان ذا شجاعة و بأس ، وله يسار وقنية من الضياع والمواشي . و كان الاسكندر قد ولاه على بلاد أروم و هي جبال الشراة ، فأقام في ولايتها سنين ، و كثر ماله و أنكحوه منهم ، فكان له منها أربعة من الأبناء و هم فسيلو وهيردوس وفرودا ويوسف ، وبنت اسمها سلومث . و قيل إن أنظفتر لم يكن من بني إسرائيل ، و إنما كان من أروم وربي في جملة بني خشمناي وبيوتهم . فلما مات الاسكندر وملكت زوجته الاسكندرة عزلته عن جبال الشراة ، فأقام بالقدس . حتى إذا استبد بالأمر أرستبلوس ، و كان بين هرقانوس و أنظفتر مودة وصحبة ، فغص أرستبلوس بمكانه من أخيه لما يعلم من مكر أنظفتر و هم بقتله ، فانفض عنه و أخذ في التدبير على أرستبلوس . و فشا في الناس تبغضه إليهم و ينكر تغلبه ، و يذكر لهم أن هرقانوس أحق بالملك منه ، ثم حذر هرقانوس من أخيه و خيل إليه أنه يريد قتله ، وبعث لشيعة هرقانوس المال على تخويفه من ذلك حتى تمكن منه الخوف ، ثم أشار عليه بالخروج إلى ملك العرب هرثمة ، و كان يحب هرقانوس ، فعقد معه عهداً على ذلك ، و لحق هرقانوس بهرثمة و معه أنظفتر ، ثم دعوا هرثمة إلى حرب أرستبلوس فأجابهم بعد مراوغة ، و تزاحفوا و نزع الكثير من عسكر أرستبلوس إلى هرقانوس ، فرجع هارباً إلى القدس ، و نازلهم هرقانوس و هرثمة و اتصلت الحرب و طال الحصار . و حضر عيد الفطير و افتقد اليهود القرابين فبعثوا إلى أصحاب هرقانوس فيها ، فاشتطوا في الثمن ، ثم أخذوه و لم يعطوهم شيئاً ، و قتلوا بعض النساك طلبوه في الدعاء على أرستبلوس و أصحابه ، و امتنع فقتلوه ، و وقع فيهم الوباء فمات منهم أمم .

قال ابن كريون : و كان من الأرمن ببلاد دمشق و حمص و حلب ، و كانوا في طاعة الروم ، فانتقضوا عليهم في هذه المدة و حدثت عندهم صاغية إلى الفرس ، فبعث الروم قائدهم فمقيوس فخرج لذلك من رومية ، و قدم بين يديه قائده سكانوس فطوع الأرمن و لحق دمشق ، ثم لحقه فمقيوس و نزل بها . و توجهت إليه وجوه اليهود في أثرهم ، و بعث إليه أرستبلوس من القدس و هرقانوس من كان حصاره ، كل واحد منهما يستنجده على أخيه ، وبعثوا إليه بالأموال و الهدايا فأعرض عنها ، و بعث إلى هرثمة ينهاه عن الدخول بينهما فرحل عن القدس ، و رحل معه هرقانوس و أنظفتر ، و أعاد إلى أرستبلوس رسله و هداياه من بيت المقدس ، و ألح في الطلب و جاء أنظفتر إلى فقيموس بغير مال و لا هدية ، فنكث عنه فمقيوس ، فرجع إلى رغبته و مسح أعطافه و ضمن له طاعة هرقانوس الذي هو الكهنوت الأعظم . و يحصل بعد ذلك إضعاف أرستبلوس فأجابه فمقيوس على أن يتحيل له في الباطن و يكون ظاهره مع أرستبلوس حتى يتم الأمر ، و على أن يحملوا الخراج عند حصول أمرهم ، فضمن أنظفتر ذلك . و حضر هرقانوس و أرستبلوس عند فمقيوس القائد يتظلم كل واحد من صاحبه ، فوعدهم بالنظر بينهم إذا حل بالقدس .

و بعث أنظفتر في جميع الرعايا فجاءوا شاكين من أرستلبوس ، فأمره فمقيوس من إنصافهم فغضب لذلك و استوحش و هرب من معسكر فمقيوس و تحصن في القدس ، و سار فمقيوس في أثره فنزل أريحا ثن القدس و خرج أرستبلوس و استقال ، فأقاله و بذل له الأموال على أن يعينه على أخيه و يحمل له ما في الهيكل من الأموال و الجواهر ، و بعث معه قائده لذلك ، فمنعهم الكهنونية و ثارت بهم العامة و قتلوا بعض أصحاب القائد و أخرجوه . فغضب فمقيوس و تقبض لحينه على أرستبلوس ، و ركب ليقتحم البلد فامتنعت عليه ، و قتل جماعة من أصحابه فرجع ، و أقام عليهم . و وقعت الحرب بالمدينة بين شبع أرستبلوس و هرقانوس ، و فتح بعض اليهود الباب لفمقيوس فدخل البلد و ملك القصر و امتنع الهيكل عليه ، فأقام يحاصره أياماً ، و صنع آلة الحصار فهدم بعض أبراجه و اقتحمه عنوة ، و وجد الكهنونية على عبادتهم و قربانهم مع تلك الحرب ، و وقف على الهيكل فاستظمه و لم يمد يده إلى شيء من دخائره ، و ملك عليهم هرقانوس ، و ضرب عليهم الخراج يحمله كل سنة . و رفع يد اليهود عن جميع الأمم الذين كانوا في طاعتهم ، و رد عليهم البلدان التي ملكها بنو حمشناي ، و رجع إلى رومة .

و استخلف هرقانوس و أنظفتر على المقدس و أنزل معهما قائده سكانوس الذي قدمه لفتح دمشق و بلاد الأرمن عندما خرج من رومية ، و حمل أرستبلوس و ابنيه مقيدين معه ، و هرب الثالث من بنيه و كان يسمى الاسكندر و لحقه فلم يظفر به . و لما بعد فمقيوس عن الشام ذاهباً إلى مكانه خرج هرقانوس و أنظفتر إلى العرب ليحملوهم على طاعة الروم ، فخالفهم الإسكندر بن أرستبلوس إلى المقدس و كان متغيباً بتلك النواحي منذ مغيب أبيه لم يبرح ، فدخل إلى المقدس و ملكه اليهود عليهم و بنى ما هدمه فمقيوس من سور الهيكل ، و اجتمع إليه خلق كثير . و رجع هرقانوس و أنظفتر فسار إليهم الإسكندر و هزمهم و أثخن في عساكرهم . و كان قائد الروم كينانوس قد جاء إلى بلاد الأرمن من بعد فمقيوس ، فلحق به و استنصره على الإسكندر فسار معه إلى القدس ، و خرج إليهم الإسكندر فهزموه ، و مضى إلى حصن له يسمى الإسكندرية و اعتصم به .

و سار هرقانوس إلى القدس فاستولى على ملكه ، و سار كينانوس قائد الروم إلى الإسكندر فحاصره بحصنه و استأمن إليه فقبله و عفا عنه و أحسن إليه . و في أثناء ذلك هرب أرستبلوس أخو هرقانوس من محبسه برومية ، و ابنه أنطقنوس و اجتمع إليه ، فحاربه
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى Empty رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى

مُساهمة من طرف أحمد بدوى الثلاثاء يونيو 29, 2010 10:25 pm

كينانوس و هزمه و حصل في أسره فرده إلى محبسه برومية ، و لم يزل هنالك إلى أن تغلب قيصر على رومية ، و استحدث الملك في الروم .

و خرج فمقيوس من رومية إلى نواحي عمله و جمع العساكر لمحاربة قيصر ، فأطلق أرستبلوس من محبسه ، و أطلق معه قائدين في اثني عشر ألف مقاتل ، و سرحهم إلى الأرمن و اليهود ليردوهم عن طاعة فمقيوس ، و كتب فمقيوس إلى أنظفتر بيت المقدس أن يكفيه أمر أرستبلوس ، فبعث قوماً من اليهود لقوه في بلاد الأرمن و دسوا له سما في بعض شرابه كان فيه حتفه . و قد كان كينانوس كاتب الشيخ صاحب رومية في إطلاق من بقي من ولد أرستبلوس فأطلقهم .

قال ابن كريون : و كان أهل مصر لذلك العهد انتقضوا على ملكهم تلماي و طردوه و امتنعوا من حمل الخراج إلى الروم ، فسار إليهم و استنفر معه أنظفتر فغلبهم و قتلهم ، و رد تلماي إلى ملكه و استقام أمر مصر . و رجع كينانوس إلى بيت المقدس فجدد الملك لهرقانوس ، و قدم أنظفتر مدبر المملكة و سار إلى رومية .

قال ابن كريون : ثم غضبت الفرس على الروم فندبوا إلى ذلك قائداً منهم يسمى عرنبوس ، و بعثوه لحربهم ، فمر بالقدس و دخل إلى الهيكل و طالب الكهنون بما فيه من المال ، و كان يسمى ألعازر من صلحاء اليهود و فضلائهم ، فقال له : إن كينانوس و فمقيوس لم يفعلوا ذلك بتلك . فاشتد عليه . فقال أعطيك ثلثمائة من الذهب و تتجافى عن الهيكل . و دفع إليه سبيكة ذهب على صورة خشبة كانت تلقى عليها الصور التي تنزل من الهيكل الذي تجدد ، و كان وزنها ثلثمائة فأخذها و نقض القول و تعدى على الهيكل ، و أخذ جميع ما فيه منذ عمارتها من الهدايا و الغنائم و قربانات الملوك و الأمم و جميع آلات القدس ، و سار إلى لقاء الفرس فحاربوه و هزموه و أخذوا جميع ما كان معه و قتل . و استولت الفرس على بلاد الأرمن من دمشق و حمص و حلب و ما إليها ، و بلغ الخبر إلى الروم فجهزوا قائداً عظيماً في عساكر جمة اسمه كسناو ، فدخل بلاد الأرمن الذين كانوا غلبوا عليها . و ساروا إلى القدس فوجد اليهود يحاربون هرقانوس و أنظفتر فأعانهما حتى استقام ملك هرناقوس ثم سار إلى الفرس في عساكره فغلبهم و حملهم على طاعة الروم ، و رد الملوك الذين كانوا عصوا عليهم إلى الطاعة ، و كانوا اثنين و عشرين ملكاً من الفرس كان فمقيوس قائد الروم هزمهم ، فلما سار عنهم انتقضوا .

قال ابن كريون : ثم ابتدأ أمر القياصرة و ملك على الروم يولياس و لقبه قيصر لأن أمه ماتت حاملاً به عند مخاضها فشق بطنها عنه فذلك سمي قيصر ، و معناه بلغتهم القاطع . و يسمى أيضاً يولياس باسم الشهر الذي ولد فيه و هو يوليه خامس شهورهم و معنى هذه اللفظة عندهم الخامس ، و كان الثلثمائة و العشرون المدبرون أمر الروم و الشيخ الذي عليهم قد أحكموا أمرهم مع جماعة الروم على أن لا يقدموا عليهم ملكا ، و أنهم يعينون للحروب في الجهات قائدا بعد آخر . هذا ما اتفقوا عليه النقلة في الحكاية عن أمر الروم و ابتداء ملك القياصرة . قالوا و لما رأى قيصر هذا الشيخ الذي كان لذلك العهد كبر و شب على غاية من الشجاعة و الإقدام ، فكانوا يبعثونه قائداً على العساكر إلى النواحي ، فأخرجوه مرة إلى المغرب فدوخ البلاد ، و رجع فسمت نفسه إلى الملك فامتنعوا له و أخبروه أن هذا سنة آبائهم منذ أحقاب ، و حدثوه بالسبب الذي فعلوا ذلك لأجله ، و هو أمر يكوس و أنه عهد لأولهم لا ينقض ، و قد دوخ فمقيوس الشرق ، و طوع اليهود و لم يطمع في هذا فوثب عليهم قيصر و قتلهم و استولى على ملك الروم منفرداً به و سمى قيصر ، و سار إلى فمقيوس بمصر فظفر به و قتله ، و رجع فوجد بتلك الجهات قواد فمقيوس فسار إليهم يولياس قيصر و مد ببلاد الأرمن فأطاعوه ، و كان عليهم ملك اسمه مترداث فبعثه قيصر إلى حربهم .

فسار في الأرمن و لقيه هرقانوس ملك اليهود بعسقلان و نفر معه إلى مصر هو و أنظفتر ليمحوا بعض ما عرف منهم من موالاة فمقيوس ، و ساروا جميعاً إلى مصر و لقيتهم عساكرها و اشتد الحرب فحصر بلادهم ، و كادت الأرمن أن ينهزموا ، فثبت أنظفتر و عساكر اليهود و كان لهم الظفر و استولوا على مصر ، و بلغ الخبر إلى قيصر فشكر لأنظفتر حسن بلائه و استدعاه فسار إليه مع ملك الأرمن مترداث فقبله و أحسن وعده . و كان انطقنوس بن أرستبلوس قد اتصل بقيصر و شكى بأن هرقانوس قتل أباه حين بعثه أهل رومة لحرب فمقيوس ، فتحيل عليه هرقانوس و أنظفتر و قتلاه مسموماً ، فأحسن أنظفتر العذر لقيصر بأنه إنما فعل ذلك في خدمة من ملك علينا من الروم و إنما كنت ناصحاً لقائدهم فمقيوس بالأمس ، و أنا اليوم أيها الملك لك أنصح و أحب ، فحسن موقع كلامه من قيصر و رفع منزلته و قدمه على عساكره لحرب الفرس ، فسار إليه أنظفتر و أبلى في تلك الحروب و مناصحة قيصر ، فلما انقلبوا من بلاد الفرس أعادهم قيصر إلى ملك بيت المقدس على ما كانوا عليه .

و استقام الملك لهرقانوس و كان خيراً ، إلا أنه كان ضعيفاً عن لقاء الحروب فتغلب عليه أنظفتر ، و استبد على الدولة ، و قدم ابنه فسيلو ناظرا في بيت المقدس ، و ابنه هيردوس عاملاً على جبل الخليل . و كان كما بلغ الحلم و احتازوا الملك من أطرافه و امتلأ أهل الدولة منهم حسداً و كثرت السعاية فيهم ، و كان في أطراف عملهم ثائر من اليهود يسمى حزقيا و كان شجاعاً صعلوكاً و اجتمع إليه أمثاله فكانوا لا يغيرون على الأرمن و ينالون منهم . و عظمت نكايتهم فيهم فشكى عامل بلاد الأرمن و هو سفيوس ابن عم قيصر إلى هيردوس و هو بحبل الخليل ما فعله حزقياً و أصحابه في بلادهم ، فبعث هيردوس إليه سرية فكبسوهم ، و قتل حزقياً و غيره منهم ، و كتب بذلك إلى سفيوس فشكره و أهدى إليه اليهود .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45401
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى