alnazer
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

4 مشترك

صفحة 7 من اصل 19 الصفحة السابقة  1 ... 6, 7, 8 ... 13 ... 19  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:44 pm

صفحة رقم : 1202




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> مجد تانج


النتيجة أن وصل هذا السجل إلى ثلاثين مجلداً تحتوي 900ر48 قصيدة قالها 300ر2 شاعر، كانت هي التي أبقى عليها الدهر من هذه القصائد ومن أسماء أولئك الشعراء. وزاد ما في دار الكتب الإمبراطورية حتى بلغ 000ر54 مجلداً؛ وفي هذا يقول مردك Murdock : "ولا جدال في أن الصين كانت في ذلك الوقت أرقى البلاد حضارة، فقد كانت وقتئذ أعظم الإمبراطوريات قوة، وأكثرها استنارة، وأعظمها رقياً، وأحسنها حكماً على الأرض" (36)، "وقد شد ذلك العصر أرقى ما شهده العالم من الثقافات" .
وكان زينة هذا العصر كله منج هوانج - دي "الإمبراطور النابه" الذي حكم الصين نحو أربعين عاماً تخللتها فترات قصيرة كان فيها بعيداً عن العرش (713- 756 ب.م). وكان هذا الإمبراطور رجلاً اجتمعت فيه كثير من المتناقضات البشرية؛ فقد كان يقرض الشعر ويشن الحرب على البلاد النائية، ومن أعماله أنه فرض الجزية على تركيا وفارس وسمرقند، وألغى حكم الإعدام وأصلح إدارة السجون والمحاكم، ولم يرحم من لا يبادر بأداء الضرائب، وكان يتحمل راضياً مسروراً عنت الشعراء والفنانين والعلماء؛ وأنشأ كلية لتعليم الموسيقى في حديقة له تسمى "حديقة شجرة الكمثرى"، وقد بدأ حكمه متقشفاً متزمتاً، أغلق مصانع الحرير وحرم على نساء القصر التحلي بالجواهر أو الملابس المطرزة، ثم اختتمه أبيقورياً يستمتع بكل وسيلة من وسائل الترف، وضحى آخر الأمر بعرشه لينعم ببسمات يانج جوي - في.
وكان حين التقى بها في سن الستين، أما هي فكانت في السابعة والعشرين. وكانت قد قضت عشر سنين محظية لابنه الثامن عشر. وكانت بدينة ذات شعر


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:44 pm

صفحة رقم : 1203




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> مجد تانج


مستعار، ولكن الإمبراطور أحبها لأنها كانت عنيدة، ذات أطوار شاذة، متغطرسة وقحة، وتقبلت منه إعجابه بها بقبول حسن، وعرفته بخمس أسر من أقاربها، وسمحت له بأن يعيّن أبناء هذه الأسر في وظائف مجزية سهلة في بلاطه.
وكان منج يسمى هذه السيدة "الطاهرة العظيمة"، وقد أخذ عنها فن الاستمتاع بضروب الترف والملاذ، وانصرف ابن السماء عن الدولة وشؤونها وعهد بالسلطة الحكومية كلها إلى يانج جو - جونج أخى السيدة الطاهرة، وهو رجل فاسد عاجز؛ وبينما كانت نذر الخراب والدمار تحيط به من فوقه ومن أسفل منه، كان هو يواصل ليله بنهاره منهمكاً في ضروب اللهو والفساد.
وكان في بلاط مانج رجل تتاري يسمى آن لو - شان يعشق هو الآخر يانج جوي - في، وقد كسب هذا الرجل ثقة الإمبراطور فرفعه إلى منصب حاكم إحدى الولايات الشمالية، وأمره على زهرة جيوش الإمبراطورية. ولم يلبث آن لو - شان أن أعلن نفسه إمبراطوراً على البلاد وزحف بجيوشه على شانجان. وتداعت حصون المدينة وكانت قد طال إهمالهما، وفر منج من عاصمة ملكه.
وتمرد الجنود الذين كانوا يحرسونه في فراره، وقتلوا يانج جو - جونج وجميع أفراد الأسر الخمس، واختطفوا يانج جوي - في من بين يدي الملك وقتلوها أمام عينيه. ونزل الإمبراطور عن عرشه بعد أن أذلته الشيخوخة والهزيمة، وعاثت جحافل آن شان الهمجية في المدينة فساداً، وقتلت عدداً كبيراً من أهلها ولم تفرق بين كبير وصغير . ويقال أن ستة وثلاثين مليوناً من الأنفس قد قضى عليهم في هذه الفتنة الصماء(39). ولكن الفتنة أخفقت آخر الأمر في الوصول
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:44 pm


صفحة رقم : 1204




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> مجد تانج


إلى أغراضها، وقتل آن لو -شان بيد ابنه نفسه، وقتل هذا الابن بيد أحد القواد، ثم قتل هذا القائد ابن له. وظلت نار الفتنة مشتعلة حتى أكلت وقودها وخمدت جذورها في عام 672، وعاد منج هوانج محطماً كسير القلب إلى عاصمته المخربة. ومات فيها بعد بضعة أشهر من ذلك الوقت. وفي هذه الفترة من المآسي والحادثات الروائية العجيبة ازدهر الشعر الصيني ازدهاراً لم يكن له نظير من قبل.

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:45 pm

صفحة رقم : 1205




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي



الفصل الرابع




الملاك المنفي




قصة لي بو - شبابه وبسالته وحبه - على القارب الإمبراطوري -




إنجيل الكرم - الحرب - تجوال لي بو - في السجن - "الشعر الخالد"


استقبل منج هوانج ذات يوم من أيام مجده، رسلاً من كوريا يحملون إليه رسائل خطيرة مكتوبة بلهجة لم يستطع أحد من وزرائه أن يفهمها، فصاح الإمبراطور غاضبا: "ما هذا؟ ألا يوجد بين هذا العدد الحجم من الحكام والعلماء والقواد رجل واحد ينجينا من هذه الورطة؟ قسماً إن لم أجد بعد ثلاثة أيام من يستطيع أن يحل رموز هذه الرسالة لأقصينكم جميعاً عن أعمالكم!".
وقضى الوزراء يوماً كاملاً يتشاورون ويتضجرون، وهم يخشون أن تطيح منهم مناصبهم ورؤوسهم. ثم تقدم الوزير هو جي- جانج إلى العرش وقال: "هل تأذن لأحد رعاياك أن يعلن لجلالتك أن في بيته شاعراً جليل الشأن يدعى لي متبحراً في أكثر من علم واحد؟ مُرْهُ أن يقرأ هذه الرسالة إذ ليس ثمة شيء يعجز عنه ". وأمر الإمبراطور أن يستدعى لي للمثول بين يديه من فوره. ولكن لي أبى أن يحضر بحجة أنه غير جدير بالاضطلاع بالواجب الذي طلب إليه أن يضطلع به، لأن الحكام قد رفضوا مقاله حينما تقدم لآخر امتحان عقد لطالبي الالتحاق بالوظائف العامة. واسترضاه الإمبراطور بأن منحه لقب دكتور من الدرجة الأولى، وخلع عليه حلة هذا اللقب. فجاء لي ووجد الذين امتحنوه بين الوزراء، وأرغمهم على أن يخلعوا له نعليه، ثم ترجم الوثيقة، وقد جاء فيها أن كوريا تعتزم خوض غمار الحرب لاستعادة حريتها. ولما قرأ لي هذه الرسالة أملى عليها رداً مروعاً، ينم عن علم غزير، وقعه الإمبراطور من فوره، وكاد



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:45 pm

صفحة رقم : 1206




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


أن يصدق ما أسره إليه "هو" وهو أن لي ملاك طرد من السماء لأنه ارتكب فيها ذنباً عظيماً . وأرسل الكوريون يتعذرون، وأدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وأرسل الإمبراطور بعض هذه الجزية إلى لي فوهب بعضها إلى صاحب الحانة لأنه كان يحب الخمر.
وكانت أم لي قد رأت في منامها ليلة مولد الشاعر الكوكب الأبيض الكبير الذي يسميه الصينيون ثاي- بو جنج ويسميه أهل الغرب فينوس . ولهذا سمى الطفل لي أي البرقوقة ولقب ثاي- بو أي النجم الأبيض. ولما بلغ العاشرة من عمره كان قد أتقن كتب كنفوشيوس، كما كان في مقدوره أن ينظم الشعر الخالد. وفي الثانية عشرة خرج إلى الجبال ليعيش فيها عيشة الفلاسفة، وأقام فيها سنين طوالاً، حسنت في خلالها صحته، وعظمت قوته، وتدرب على القتال بالسيف ثم أعلن إلى العالم مقدرته وكفايته فقال: إني وإن لم يبلغ طول قامتي سبع أقدام (صينية) فإن لي من القوة ما أستطيع به ملاقاة عشرة آلاف رجل"(41) (وعشرة آلاف لفظ يعبر به الصينيون عن الكثرة) ثم أخذ يضرب في الأرض يتلقى أقاصيص الحب من أفواه الكثيرين، وقد غنى أغنية "لفتاة من وو" قال فيها:


نبيذ الكروم




وأقداح الذهب




وفتاة حسناء من وو-




في سن الخامسة عشرة، تقبل على ظهر مهر،




ذات حاجبين قد خُطّا بقلم أزرق-




وحذاءين من النسيج القرنفلي المشجر-
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:46 pm

صفحة رقم : 1207




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي




لا تفصح عن ما في نفسها-




ولكنها تغني أغاني ساحرة.




وقد أخذت تطعم الطعام على المائدة،




المرصعة بأصداف السلاحف.




ثم سكرت في حجري.




أي طفلتي الحبيبة! ما أحلى العناق.




خلف ستائر المطرزة بأزهار السوسن!


ثم تزوج الشاعر، ولكن مكاسبه كانت ضئيلة، فغادرت زوجته بيته وأخذت معها أبناؤه. ترى هذه الأسطر التي يبث فيها شوقه موجهة إليها، أو إلى حبيبة أخرى لم يطل عهد الوداد بينهما؟-


أيتها الحسناء، لقد كنت وأنت عندي أملأ البيت زهراً.




أما الآن أيتها الحسناء وقد رحلت- فلم يبق فيه إلا فراش خال.




لقد طوى عن الفراش الغطاء المزركش؛ ولست بقادر على النوم.




وقد مضت على فراقك ثلاث سنين؛ ولا يزال يعاودني شذى العطر الذي خلفته ورائك.




إن عطرك يملأ الجو من حولي وسيدوم أبد الدهر؛




ولكن أين أنت الآن يا حبيبتي؟




إني أتحسر- والأوراق الصفراء تسقط عن الغصن،




وأذرف الدمع- ويتلألأ رضاب الندى الأبيض على الكلأ الأخضر.


وأخذ يسلي نفسه باحتساء الخمر، حتى أصبح أحد "الستة المتعطلين في أيكة الخيزران"، الذين يأخذون الحياة سهلة في غير عجلة، ويكسبون أقواتهم المزعزعة بأغانيهم وقصائدهم. وسمع لي الناس ينثون الثناء الجم على نبيذ نيو جونج فسافر

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:46 pm

صفحة رقم : 1208




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


من فوره إلى تلك المدينة، وكانت تبعد عن بلده ثلاثمائة ميل(44).
والتقى في تجواله بدوفو الذي صار فيما بعد منافسه على تاج الصين الشعري، وتبادل هو وإياه القصائد الغنائية، وصارا يضربان في البلاد معاً كالأخوين، وينامان تحت غطاء واحد، حتى فرقت الشهرة بينهما. وأحبهما الناس جميعاً لأنهما كانا كالقديسين لا يؤذيان أحداً ويتحدثان إلى الملوك وإلى السوقة بنفس الأنفة والمودة اللتين يتحدثان بهما إلى الفقراء المساكين. ودخلا آخر الأمر مدينة شانجان وأحب "هو" الوزير الطروب شعر لي حباً حمله على أن يبيع ما عنده من الحلي الذهبية ليبتاع له الشراب، ويصفه دوفو بقوله:


أما لي بو فقدم له ملء إبريق،




يكتب لك مائة قصيدة.




وهو يغفو في حانة




في أحد شوارع مدينة شانجان؛




وحتى إذا ناداه مولاه،




فإنه لا يطأ بقدمه القارب الإمبراطوري.




بل يقول: "معذرة يا صاحب الجلالة.




أنا إله الخمر".


لقد كانت أيامه هذه أيام طرب ومرح؛ يعزه الإمبراطور، ويغمره بالهدايا جزاء ما كان يتغنى به من مديح يانج جوي- في الطاهرة. وأقام منج مرة مأدبة ملكية يوم عيد الفاونيا في فسطاط الصبار، وأرسل في طلب لي بو لينشد الشعر في مديح حبيبته. وجاء لي، ولكنه كان ثملاً لا يستطيع قرض الشعر. فألقى خدم القصر ماء بارداً على وجه الوسيم وسرعان ما انطلق الشاعر


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:46 pm

صفحة رقم : 1209




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


يغني ويصف ما بين الفاونيا وحبيبته يانج من تنافس فقال:


في أثوابها جلال الغمام السابح،




وفي وجهها سنا الزهرة الناضرة.




أيها الطيف السماوي يا من لا يكون إلا في العلا




فوق قلة جبل الجواهر




أو في قصر البلور المسحور حين يرتفع القمر في السماء!




على أنني أشهد هاهنا في روضة الأرض-




حيث يهب نسيم الربيع العليل على الأسوار،




وتتلألأ نقاط الندى الكبيرة...




لقد هزم حنين الحب الذي لا آخر له




والذي حملته إلى القلب أجنحة الربيع.


ترى من ذا الذي لا يسره أن يكون هو الذي تغنى فيه هذه الأغنية؟ لكن الملكة أدخل في روعها أن الشاعر قد عرض بها أغنيته تعريضاً بها خفياً، فأخذت من هذه اللحظة تدس له عند الملك وتبعث الريبة في قلبه. وما زالت به تقلبه بين الذروة والغارب حتى أهدى لي- بو كيساً به نقود وصرفه. فأخذ الشاعر يهيم في الطرقات مرة أخرى يسلي نفسه باحتساء الخمر، "وانضم إلى الثمانية الخالدين أصحاب الكأس"، الذين كان شرابهم على لسان الناس في شانجان. وكان يرى رأي ليو لنج القائل إنه يحسن بالإنسان أن يسير وفي صحبته على الدوام خادمان يحمل أحدهما خمراً ويحمل الآخر مجرفاً يستعين به على دفنه حيث يخر صريعاً "لأن شئون الناس" كما يقول ليو "ليست إلا طحالب في نهر" (46). وكأنما أراد شعراء الصين أن يكفروا عن تزمت الفلسفة الصينية، فأطلقوا لأنفسهم العنان. وفي ذلك يقول لي بو: "لقد أفرغنا مائة إبريق من الخمر لنغسل بها



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:47 pm

صفحة رقم : 1210




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


أرواحنا ونطهرها من الأحزان التي لازمتنا طوال حياتنا" (47) وهو يترنم ببنت الحان ترنم عمر الخيام:


إن المجرى الدافق يصب ماءه في البحر ولا يعود قط.




ألا ترى فوق هذا البرج الشامخ




شبحاً أبيض الشعر يكاد يذوب قلبه حسرة أمام مرآته البراقة؟




لقد كانت هذه الغدائر في الصباح شبيهة بالحرير الأسود،




فلما أقبل المساء إذا هي كلها في بياض الثلج.




هيا بنا، ما دام ذلك في مقدورنا، نتذوق الملاذ القديمة،




ولا نترك إبريق الخمر الذهبي




يقف بمفرده في ضياء القمر...




إني لا أبغي سوى نشوة الخمر الطويلة،




ولا أحب أن أصحو قط من هذه النشوة...




هيا بنا أنا وأنتما نبتاع الخمر اليوم!




لم تقولان أنكما لا تملكان ثمنها؟




فجوادي المرقط بالأزهار الجميلة،




ومعطفي المصنوع من الفراء والذي يساوي ألف قطعة من الذهب




سأخرج عن هذين وآمر غلامي




أن يبتاع بهما الخمر اللذيذة




ولأنسى معكما يا صاحبي




أحزان عشرة آلاف من الأعمار!


ترى ما هي هذه الأحزان؟ أهي آلام من محب أزدرى حبه؟ لا نظن هذا لأن شعراء الصين لا يكثرون من الشكوى من آلام الحب، وإن كان




صفحة رقم : 1211




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


الحب يملأ قلوبهم كما يملأ قلوبنا، وإنما الذي أذاق لي مرارة المآسي البشرية هو الحرب والنفي، وهو آن لو شان والاستيلاء على عاصمة البلاد، وفرار الإمبراطور وموت يانج، وعودة منج هوانج إلى قصوره المهجورة. وهو يقول في حسرة "ليس للحرب نهاية! " ثم يأسو للنساء اللاتي قدمن أزواجهن ضحايا لإله الحرب فيقول:


هاهو ذا شهر ديسمبر؛ وهاهي ذا فتاة يورتشاو الحزينة!




لقد امتنع عليها الغناء، وعز الابتسام، وحاجباها أشعثان،




وهي تقف بالباب، تنتظر عابري السبيل،




وتذكر ذلك الذي اختطف سيفه وسار لحماية الحدود،




ذلك الذي قاسى أشد الآلام في البرد القارس وراء السور العظيم،




ذلك الذي جندل في ساحة الوغى ولن يعود أبداً،




***




في مشيتها الذهبية النمراء التي تحتفظ فيها بالذكريات،




قد بقي لها سهمان مراشان بريشتين بيضاوين،




بين نسج العنكبوت وما تجمع من الغبار خلال السنين الطوال.




تلك أحلام الحب الجوفاء التي لا تستطيع العين أن تنظر إليها لما تسببه للقلب من أحزان،




ثم تخرج السهمين وتحرقهما وتدرو رمادهما في الرياح.




إن في وسع الإنسان أن يقيم سداً يعترض به مجرى النهر الأصفر،




ولكن من ذا الذي يخفف أحزان القلب إذا تساقط الثلج،




وهبت ريح الشمال؟(49)


وفي وسعنا الآن أن نتخيله ينتقل من بلد إلى بلد ومن ولاية إلى ولاية على
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:47 pm

صفحة رقم : 1212




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


الصورة التي وصفه بها دزو تشونج- جي: "على ظهرك حقيبة ملأى بالكتب، تطوف ألف ميل أو أكثر، وفي كمك خنجر وفي جيبك طائفة من القصائد"(50). وقد حبته رفقته القديمة للطبيعة في هذا التجوال الطويل بعزاء وسلوى وراحة تجل عن الوصف؛ وفي وسعنا أن نرى من خلال أشعاره أرض بلاده ذات الأزهار، ونشعر أن حضارة المدن قد أخذ عبئها الباهظ يثقل على الروح الصينية:


لم أعيش بين الجبال الخضراء؟




إني أضحك من هذا السؤال ولا أجيب عنه، إن روحي ساكنة صافية،




إنها تسكن سماء أخرى وأرضاً ليست ملكاً لإنسان.




إن أشجار الخوخ مزدهرة والماء ينساب من تحتها.


ثم انظر إلى هذه الأبيات:


أبصرت ضياء القمر أمام مخدعي.




فخلته الصقيع على الأرض.




ورفعت رأسي ونظرت إلى القمر الساطع فوق الجبل،




وطأطأت رأسي وفكرت في موطني البعيد.


ولما تقدمت به السن وابيض شعره امتلأ قلبه حناناً للأماكن التي قضى فيها أيام شبابه. وكم من مرة، وهو يحيى في العاصمة حياة اصطناعية، حنّ قلبه للحياة البسيطة الطبيعية التي كان يحياها في مسقط رأسه وبين أهله:


في أرض وو وأوراق التوت الخضراء،




نام دود الحرير مرات ثلاثاً.




وأرض لوه الشرقية حيث تقيم أسرتي،




لا أعرف من يزرع فيها حقولنا.




وليس في وسعي أن أعود لأقوم فيها بأعمال الربيع.




أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:47 pm

صفحة رقم : 1213




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي




ومع هذا فإني لا أستطيع أن أعمل شيئاً،بل أسير على ضفة النهر.




إن ريح الجنوب إذا هبت أطارت روحي المشوقة إلى وطني.




وحملتها معها إلى حانتنا المعهودة.




وهناك أرى شجرة خوخ على الجانب الشرقي من البيت.




بأوراقها وأغصانها الكثيفة تموج في الضباب الأزرق.




إنها هي الشجرة التي غرستها قبل أن أفارق الدار منذ سنوات ثلاث.




لقد نمت شجرة الخوخ الآن وطالت حتى بلغت سقف الحانة،




في أثناء تجوالي الطويل إلى غير أوبه.




أي بنيتي الجميلة يابنج- يانج، إني أراك واقفة




بجوار شجرة الخوخ، تنتزعين منها غصناً مزهراً،




تقطفين الأزهار، ولكني لست معك-




ودموع عينيك تفيض كأنها مجرى ماء!




وأنت يا ولدي الصغير بو سشين لقد نموت حتى بلغت كتفي أختك




وصرت تخرج معها تحت شجرة الخوخ!




ولكن من ذا الذي يربت على ظهرك هناك؟




إني حين أفكر في هذه الأمور تخونني حواسي




ويقطع الألم الشديد في كل يوم نياط قلبي.




وهاأنذا اقتطع قطعة من الحرير الأبيض وأكتب عليها هذه الرسالة




وأبعث بها إليك مصحوبة بحبي تجتاز الطريق الطويل إلى أعلى النهر


وكانت السنون الأخيرة من عمره سني بؤس وشقاء، لأنه لم ينزل قط من عليائه ليجمع المال، ولم يجد في أيام الفوضى والفتن ملكاً يحنو عليه ويرد عنه غائلة الجوع والحرمان. ولما عرض عليه لي- لنج أمير يونج أن ينضم إلى حاشيته




صفحة رقم : 1214




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي


قبل هذا راضياً مسروراً؛ ولكن لي- لنج خرج على خليفة منج هوانج، فلما أقلمت أظفار فتنته ألفى لي بو نفسه بين جدران السجن محكوماً عليه بالموت لأنه خان دولته.
ثم توسط له جوُو دزيئي القائد الذي أخمد ثورة آن لو شان، وطلب أن تفتدى حياة لي بو بنزوله هو عن رتبته ولقبه. وخفف الإمبراطور عنه الحكم واستبدل به النفي مدى الحياة. ثم صدر عفو عام بعد ذلك بقليل، وعاد الشاعر يتعثر إلى مسقط رأسه. ومرض وتوفي بعد ثلاث سنين من ذلك الوقت؛ وتقول الأقاصيص، التي يعز عليها أن تموت نفس قل أن يوجد مثلها بين النفوس ميتة عادية، إنه غرق في أحد الأنهار، بينما كان يحاول وهو ثمل جزلان أن يعانق صورة القمر.
وديوان شعره الرقيق الجميل المؤلف من ثلاثين مجلداً لا يترك مجالاً للشك في أنه حامل لواء شعراء الصين بلا منازع. وقد وصفه ناقد صيني: "بأنه قمة تاي الشامخة المشرفة على مئات الجبال والتلال؛ والشمس إذا طلعت خبا وميض ملايين من نجوم السماء".


لقد مات منج هوانج، وماتت يانج وعفا ذكرهما ولكن لي بو لا يزال يغني!




لقد بنيت سفينتي من خشب الأفاوية وصنع سكانها من خشب المولان.




وجلس العازفون عند طرفها وبيدهم الناي من الغاب المحلى بالجواهر والمزمار المرصع بالذهب.




ألا ما أعظم سروري إذا كان إلى جانبي دن الخمر اللذيذة وغيد حسان يغنين




ونحن نطفو فوق ظهر الماء تدفعنا الأمواج ذات اليمين وذات الشمال!




أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:48 pm

صفحة رقم : 1215




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> الملاك المنفي




إذاً لكنت أسعد من جنى الهواء الذي ركب على ظهر غرنيقه الأصفر،




حراً كعريس البحر الذي تعقب النوارس دون غرض يبتغيه،




إني الآن أهز الجبال الخمسة بضربات من وحي قلمي.




هاأنذا قد فرغت من قصيدتي. فأنا أضحك وسروري أوسع من البحر.




أيها الشعر الخالد! إن ألحان شوبنج لشبيهة في روعتها بالشمس والقمر،




أما قصور ملوك جو وأبراجهم فقد عفت آثارها من فوق التلال(55).




أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:48 pm


صفحة رقم : 1216




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> من خصائص الشعر الصيني



الفصل الخامس




من خصائص الشعر الصيني




النظم الطليق - التصوير - كل قصيدة صورة




وكل صورة قصيدة .. - العاطفية - كمال الشكل


ليس في وسعنا أن نحكم على الشعر الصيني بدراسة شعر لي وحده، فإذا أراد الإنسان إن يحس به (وهذا خير من الحكم عليه) وجب عليه أن يسلم نفسه في غير استعجال للكثيرين من الشعراء الصينيين وأساليبهم الشعرية الفذة. ولا جدال في أن بعض الصفات الدقيقة التي يتصف بها هذا الشعر تخفيها عنا ترجمته: فنحن لا نرى في هذه الترجمة الرموز الصينية الجميلة، التي يتكون كل منها من مقطع واحد ولكنه يعبر مع ذلك عن فكرة معقدة؛ ولا نرى السطور تجري من أعلى إلى أسفل ومن اليمين إلى اليسار، ولا ندرك الوزن والقافية اللذين يتشبثان بقوة بالقواعد والسوابق القديمة؛ ولا نستمع إلى النغمات - وما فيها من خفض ورفع - التي يترنم بها الشعر الصيني وجملة القول أن نصف ما في شعر الشرق الأقصى من جمال فني يضيع حين يقرؤه من يجب أن نسميه "أجنبياً عنه. إن خير القصائد الصينية في لغتها الأصلية لصورة مصقولة ثمينة لا تقل في صقلها وعظيم فنها عن المزهرية المنقوشة النادرة الجميلة؛ ولكنه بالنسبة إلينا لا يكون إلا نتفاً من القريض الخداع "الطليق" من الوزن أو الشعر ""التصويري" قد أدركه بعض الإدراك ونقله نقلاً ضعيفاً عقل جاد ولكنه عقل غريب عنه لا يمت إليه بصلة.
إن أهم ما نراه في هذا الشعر هو إيجازه؛ فنميل إلى الظن بأن هذه القصائد تافهة، وإذا ما قرأناها شعرنا بأنا قد لا نجد فيها ما في شعر ملتن وهومر من


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:48 pm

صفحة رقم : 1217




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> من خصائص الشعر الصيني


عظمة تارة وملالة تارة أخرى. ولكن الصينيين يعتقدون أن الشعر كله يجب أن يكون قصيراً؛ وأن القصيدة والطول لفظان متناقضان، لأن الشعر في نظرهم نشوة وقتية بنت ساعتها تموت إذا طالت ومدت حتى صارت ملحمة، وأن رسالة الشاعر أن يرى الصورة ويرسمها بضربة ويسجل الفلسفة في بضعة سطور، وأن مثله الأعلى أن يجمع المعاني الكثيرة في أنغام قليلة. وإذ كانت الصور من جوهر الشعر، وكانت الكتابة الصينية في جوهرها كتابة تصويرية، كانت لغة الصين المكتوبة لغة شعرية بطبيعتها تنقاد للكتابة التصويرية، وتنفر من المعنويات المجردة التي لا يمكن التحدث عنها كما يتحدث عن المرئيات. وإذ كانت المعنويات تكثر كلما ارتقت الحضارة، فقد أضحت اللغة الصينية، في صورتها المكتوبة، أشبه بشفرة سرية ذات إيحاء دقيق. وكذلك كان الشعر الصيني بالطريقة نفسها، وقد يكون للسبب عينه، يجمع بين الإيحاء والتركيز، ويهدف بما يرسم من الصور إلى الكشف عن شيءخفي عميق. فهو لا يجادل ولا يناقش، بل يوحي ويوعز، ويترك أكثر مما يقول؛ وليس في وسع أحد غير الشرقي أن يستجيب لما يوعز به ويملأ الفراغ الذي يتركه. وفي هذا المعنى يقول الصينيون:
كان الأقدمون يرون أن أحسن الشعر ما كان معناه أبعد من لفظه، وما اضطر قارئه أن يستخلص معناه لنفسه . الشعر الصيني كالأخلاق الصينية والفن الصيني ذو جمال رائع لا حد له تخفيه بساطة هادئة مستكنة. فهو لا يعمد إلى الاستعارة والمجاز والتشبيه بل يعتمد على إظهار ما يريد أن يتحدث عنه، ويشير من طرف خفي إلى ما يتضمنه، ويتصل به، وهو يتجنب المبالغات والانفعالات ويلجأ إلى العقل الناضج بما فيه من إيجاز في القول وما يتقيد به من قيود. وقلما تراه في صور روائية هائجة، ولكن في مقدوره أن يعبر عن المشاعر القوية بأسلوبه الهادئ الرصين:

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:48 pm

صفحة رقم : 1218




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> من خصائص الشعر الصيني




الناس يقضون حياتهم متفرقين كالنجوم تتحرك ولكنها لا تلتقي أبداً.




أما هذه العين فما أسعدها، إذ ترى مصباحاً واحداً يبعث الضوء لي ولك!




ألا ما أقصر أيام الشباب!




وإن لما منا لتدل الآن على أن حياتنا قد آذنت بالزوال.




بل إن نصف من نعرفهم قد انتقلوا الآن إلى عالم الأرواح.




ألا ما أشد وقع هذا على نفسي.


وقد يعترينا الملل في بعض الأحيان مما في هذه القصائد من التكلف العاطفي، وما تحويه من تحسر وتمن باطل بأن تقف عجلة الزمان دورتها حتى يبقى الرجال فتياناً وتحتفظ الدول بشبابها أبد الدهر. ونحن ندرك من هذا الشعر أن حضارة الصين كانت قد شاخت وانقضى عهد شبابها في أيام منج هوانج، وأن الشعراء في هذا العهد - كالفنانين في الشرق بوجه عام - قد أولعوا بتكرار الموضوعات التليدة، وأنهم كانوا يسخرون قدرتهم الفنية للاحتفاظ بالصيغ سليمة مبرأة من العيوب. ولكننا رغم هذا كله لا نجد لهذا الشعر مثيلاً في غير بلاد الصين، ولا نرى ما يضارعه في جمال التعبير وما فيه من رقة العواطف رغم اعتدالها، ومن بساطة واقتصاد في التعبير عن أعمق الأفكار. ويقال لنا إن للشعر الذي كتب في عهد أباطرة تانج أثراً عظيماً في تعليم كل شاب صيني وأن الإنسان لا يجد صينياً مفكراً لا يحفظ الكثير من ذلك الشعر عن ظهر قلب. فإذا صح هذا كان في تاريخ لي بو ودوفو بعض ما نجيب به حين نسأل لِمَ يكاد كل صيني متعلم أن يكون فناناً وفيلسوفاً؟
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:49 pm

صفحة رقم : 1219




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> دوفو



الفصل السادس




دوفو




داوتشين - بو - جوي - قصائد لشفاء الملاريا - دوفو




ولي بو - رؤيا الحرب - أيام الرخاء - الإملاق - الموت


لي بو عند الصينيين شبيه بكيتس عند الإنجليز، ولكن للصين غيره من المغنين، لا يكاد يقلّ حبهم لهم عن حبهم للي بو، فمنهم داوتشين الشاعر الرواقي البسيط الذي اعتزل منصباً حكومياً، لأنه على حد قوله لم يعد في وسعه أن يحني فقرات ظهره نظير خمسة أرطال من الأرز في كل يوم" أي أن يبتاع مرتبه بكرامته. واعتزل داوتشين الحياة العامة كما اعتزلها كثيرون من رجال الدولة اشمئزازاً من حياة الوظيفة ذات النزعة التجارية , وذهب ليعيش في الغابات ينشد فيها "طول السنين وعمق الخمور"، ويجد في مجاري الصين وجبالها من السلوى والبهجة ما صوره رساموها على الحرير فيما بعد:


اقطف الأقحوان تحت السياج الشرقي،




ثم اسرح الطرف طويلاً في تلال الصيف البعيدة




وأملا صدري من هواء الجبال النقي عند مطلع الفجر،




وأرى الطيور تعود مثنى مثنى.




إن في هذه الأشياء لمعاني عميقة،




لكننا إذا شئنا التعبير عنها خانتنا الألفاظ فجأة . . .




ألا ما أسخف أن يقضي المرء حياته كأوراق الشجر الساقطة المطمورة في تراب الطرقات!




ولقد قضيت ثلاثة عشرة سنة من حياتي على هذا النحو. . .
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:49 pm

صفحة رقم : 1220




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> دوفو




وعشت زمناً طويلاً حبيساً في قفص،




وهاأنذا قد عدت




إذ لا بد للإنسان أن يعود




ليحيا حياته الطبيعية


أما بو - جوي فقد سلك مسلكا آخر، إذ اختار المنصب الرسمي والحياة في العاصمة. وصار يرقى في المناصب العامة حتى أمسى حاكم مدينة هانج تشاو العظيمة ورئيس مجلس الحرب. لكنه رغم متاعب الحياة العامة عاش حتى بلغ الثانية والسبعين من العمر، وأنشأ أربعة آلاف قصيدة، وعب ملاذ الطبيعة في فترات نفي فيها من بلده( 58 ). وعرف السر الذي يستطيع به أن يجمع بين الوحدة والاختلاط بالجماهير، وبين الراحة والحياة الناشطة. ولم يكن كثير الأصدقاء لأنه كما يقول عن نفسه كان رجلاً وسطاً غير ممتاز في "الخط، والتصوير، والشطرنج، والميسر، وهي الوسائل التي تؤدي إلى اجتماع الرجال وإلى الضجة السارة" (59). وكان مولعاً بالتحدث إلى عامة الناس، ويروى عنه أنه كان يقرأ قصائده لعجوز قروية، فإذا عجزت عن فهم شيء منها بسطه لها. ومن ثم أصبح أقرب الشعراء الصينيين إلى قلوب الجماهير، وكان شعره ينقش في كل مكان، على جدران المدارس والمعابد وقمرات السفن. ويروى أن فتاة من المغنيات قالت لربان سفينة كانت تطربه ليس لك أن تظن أني راقصة عادية؛ وحسبك أن تعرف أن في مقدوري أن أسمعك قصيدة الأستاذ بو: الغلطة الأبدية" .
وآخر من نذكره من أولئك الشعراء هو دوفو الشاعر المحبوب العميق الذي يقول فيه آرثر ويلي Arthur waley: "من عادة الذين يكتبون في الأدب


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:49 pm


صفحة رقم : 1221




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> دوفو


الصيني من الإنجليز أن يقولوا إن لي تاي - بو أشعر شعراء الصين؛ أما الصينيون أنفسهم فيقولون إن دوفو هو حامل لواء الشعراء الصيني"(61).
ونحن نسمع به لأول مرة في شانجان حيث أقبل ليؤدي امتحاناً ليتقلد إذا نجح فيه منصباً حكومياً، ولكنه لم ينجح. على أن ذلك لم يفت في عضده، رغم أنه أخفق في مادة الشعر؛ وأعلن للجمهور أن قصائده علاج ناجع لحمى الملاريا، ويبدو أنه جرب هذا العلاج بنفسه(62). وقرأ بنج هوانج بعض أشعاره ووضع له هو نفسه امتحاناً آخر، وأنجحه فيه وعينه أمين أسرار القائد تسُوَّا. وشجع هذا العمل دوفو وأنساه وقتاً ما زوجته وأبناءه في قريتهم النائية، فأقام في العاصمة وتبادل هو ولي بو الأغاني، وأخذ يتردد على الحانات ويؤدي ثمن خمره شعراً. وقد كتب عن لي بو يقول:


أحب مولاي كما يحب الأخ الأصغر أخاه الأكبر،




ففي الخريف وفي نشوة الخمر ننام تحت غطاء واحد، وفي النهار نسير معاً يداً بيد.


فعل هذا في أيام كان منج ليانج يحب جوي - في فأخذ دو يتغنى بهذا الحب كما يتغنى غيره من الشعراء؛ فلما شبت نار الثورة وأغرقت الأحقاد والمطامع بلاد الصين في بحر من الدماء حول شعره إلى موضوعات حزينة، وأخذ يصور الناحية الإنسانية من الحرب:


في الليلة الماضية صدر أمر حكومي




بتجنيد الفتيان الذي بلغوا الثامنة عشرة.




وأمروا أن يعاونوا على الدفاع عن العاصمة




أيتها الأم! وأيها الأبناء! لا تبكوا هذا البكاء!




إن هذه الدموع التي تذرفونها تضر بكم.




وحين تقف الدموع عن الجريان تبرز العظام
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:50 pm

صفحة رقم : 1222




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> دوفو




ووقتئذ لا ترحمكم الأرض ولا السماء.




وهل تعرفون أن في شانتونج مائتي مقاطعة قد استحالت صحاري مجدبة،




وأن آلافا من القرى والمزارع قد غطاها الحسك والشوك؟




وأن الرجال يذبحون ذبح الكلاب، والنساء يسقن كما يساق الدجاج...




ولو أنني كنت أعرف ما هو مخبأ للأولاد من سوء المصير




لفضلت أن يكون أطفالي كلهم بنات...




ذلك أن الأولاد لا يولدون إلا ليدفنوا تحت العشب الطويل.




ولا تزال عظام من قضت عليهم الحرب في الماضي البعيد مدفونة بجوار البحر الأزرق تراها وأنت مار.




فهي بيضاء رهيبة تراها العين فوق الرمال،.




هنالك تجتمع أشباح الصغار وأشباح الكبار لتصيح جماعات،




وإذا هطل المطر وأقبل الخريف وهبت الريح الباردة،




علت أصواتهم حتى علمتني كيف تقتل المرء الأحزان...




إن الطيور تتناغى في أحلامها وهي تحلق فوق الماء




والبراعة تشع بضيائها في غسق الليل.




فلم يقتل الإنسان أخاه الإنسان ليعيش؟




إني أتحسر خلال الليل في غير طائل؟.


وقضى الشاعر عامين خلال عهد الثورة يطوف بأنحاء الصين تقاسمه إملاقَه زوجته وأبناؤه، وقد بلغ من فقره أنه كان يستجدي الناس الخبز، ومن ذلته أنه خر راكعاً يدعو بالخير للرجل الذي آوى أسرته وأطعمها حيناً من الزمان(65). ثم أنجاه من بؤسه القائد الرحيم ين وو فعينه أمينا لسره، وغفر له أهواؤه وأطواره


أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:50 pm

صفحة رقم : 1223




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> دوفو


الشاذة، وأسكنه كوخاً على ضفة "مجرى غاسل الأزهار"، ولم يطلب إليه أكثر من أن يقرض الشعر . وعاش الرجل حينئذ سعيداً طروباً يتغنى بالأمطار والأزهار والقمر والجبال:


وماذا تجدي العبارة أو المقطوعة الشعرية الجميلة؟




إن أمامي جبالاً وغابات كثيفة سوداء فاحمة.




وإن نفسي لتحدثني بأن أبيع تحفي وكتبي




وأعب من الطبيعة وهي صافية عند منبعها...




فإذا قدمت على مكان بهذا الجمال




مشيت رويداً. وتمنيت أن يغرق الجمال روحي.




أحب أن ألمس ريش الطير.




وأنفخ فيه بقوة حتى أكشف عما تحته من الزغب




وأحب أن أعد إبر النبات أيضاً،




بل أحب أن أعد لقاحه الذهبي،




ألا ما أحلى الجلوس على الكلأ،




ولست بحاجة إلى الخمر حين أجلس عليه، لأن الأزهار تسكرني..




أحب الأشجار القديمة حباً يسري في عظامي، وأحب أمواج البحر التي في زرقة اليشب.


وأحبه القائد الطيب القلب حباً أفسد على الشاعر راحته، لأنه رفعه إلى منصب عال في الدولة، إذ جعله رقيباً في شانجان، ثم مات القائد فجأة، وثارت الحرب حول الشاعر، فأمسى وحيداً لا سند له إلا عبقريته، وسرعان ما ألفى نفسه



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:50 pm

صفحة رقم : 1224




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> دوفو


فقيراً معدماً، وأخذ أطفاله وقد أذهب عقلهم الجوع يسخرون منه لقلة حيلته، وكان في آخر أيامه شيخاً مهدماً بائساً وحيداً، "يؤذي العين منظره"، وأطاحت الريح بسقف كوخه، وسرق الأطفال قش فراشه، وهو ينظر إليهم ولا يستطيع لضعفه أن يقاومهم(67)، وشر من هذا كله أنه فقد لذة الخمر، ولم يعد في وسعه أن يحل مشاكل الحياة كما يحلها لي بو.
ثم لجأ آخر الأمر إلى الدين ووجد سلواه في البوذية، وعاجلته الشيخوخة ولم يتجاوز التاسعة والخمسين من عمره، فحج إلى جبل هون المقدس ليزور فيه معبداً ذائع الصيت، وهناك عثر عليه حاكم من الحكام قد قرأ شعره، فآواه إلى منزله وأقام وليمة تكريماً له، صُفَّت فيها صحاف الشواء وكؤوس الخمر. ولم يكن ووفو قد رأى ذلك من عدة سنين فأكل أكل الجياع. ثم طلب إليه مضيفه أن ينشد الشعر ويغني، فحاول أن يجيبه إلى ما طلب، ولكنه خارت قواه وسقط على الأرض ومات في اليوم الثاني(68).

أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:50 pm


صفحة رقم : 1225




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> النثر



الفصل السابع




النثر




وفرة الآداب الصينية - الروايات الغرامية - التاريخ -




زوماتشين - المقالات - هان يو على عظام بوذا


ليس شعراء تانج إلا فئة من شعراء الصين، وليس الشعر إلا جزءاً من الأدب الصيني، وإنه ليصعب علينا أن ندرك حقيقة ما كان في هذا العصر من وفرة في الأدب ومن سعة انتشاره بين كافة طبقات الشعب. وكان عدم وجود قانون للملكية الأدبية عاملاً من العوامل التي ساعدت على رخص أثمان المطبوعات، ولذلك كان من الأمور العادية، قبل دخول الأفكار الغربية في البلاد، أن يجد الإنسان مجموعات جديدة مجلدة من عشرين كتاباً تباع الواحدة منها بريال أمريكي، وأن يرى موسوعات مؤلفة من عشرين مجلداً تباع جديدة بأربعة ريالات، وأن تباع جميع روائع الأدب الصيني القديم كلها بريالين(69). وأصعب مما سبق أن نقدر نحن قيمة هذا الأدب، وذلك لأن الصينيين يضعون الشكل والأسلوب فوق المادة حين يحكمون على كتاب ما، وليس في وسع أية ترجمة مهما بلغت أن تظهر جمال الشكل أو روعة الأسلوب.
ليس من حقنا أن نلوم الصينيين حين يقولون إن آدابهم أرقى من أية آداب أخرى عدى الآداب اليونانية، ولعلهم حين يستثنون آداب اليونان إنما يفعلون هذا من قبيل المجاملات المأثورة عن الشرقيين.
والصينيون لا يعدون القصص فرعاً من فروع الأدب، وهم في هذا يختلفون عن الغربيين حيث يرفع القصص من شأن المؤلفين ويذيع أسمائهم في سرعة وسهولة. ولذلك فإنا قلما نجد له ذكراً في بلاد الصين قبل أن يدخلها المغول(70)
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:51 pm

صفحة رقم : 1226




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> النثر


بل إن أدباء الصين لا يزالون إلى هذا اليوم يعدون خير الروايات القصصية مجرد تسلية شعبية غير خليقة بأن تذكر في تاريخ الآداب الصينية. لكن سكان المدن الصينية السذج لا يبالون بهذه الفروق، ويتركون أغاني بو- جوي، ولي بو في غير تحرج، ويفضلون عليها الروايات الغرامية التي لا حصر لها، والتي يكتبها مؤلفون يخفون عن القراء أسماءهم، وينشرونها باللهجات الشعبية التي تكتب بها المسرحيات. وهي تصوّر للصينيين في وضوح ما في ماضيهم من أحداث روائية رائعة؛ ذلك أن جميع الروايات الصينية الشهيرة، إلا القليل النادر منها، روايات تاريخية، وقلّ أن يوجد فيها ما هو واقعي النزعة، وأقلّ منه ما يحاول فيه مؤلفوه ذلك القرب من التحليل النفساني أو الاجتماعي الذي يرقى "بأخوة كرمزوف" The Brothers Karamazov و "الجبل المسحور" The Magic Mountain و "الحرب والسلم" War and Peace و "البائسون" Les Miserables إلى مستوى الأدب الرفيع.
ومن أقدم الروايات الصينية رواية شوي هو جوان أو "قصة حواشي الماء" التي ألفها رهط من الكُتاّب في القرن الرابع .
ومن أكبر هذه الروايات حجماً رواية "هونج لومن" أو حلم الغرفة الحمراء (حوالي 1650 م) وهي رواية في أربعة وعشرين مجلداً؛ ومن أحسنها كلها رواية لياو جاي جبىْ أو قصص عجيبة (حوالي 1660 م) وهي التي يجلها الصينيون لجمال أسلوبها وأناقة عبارتها. وأشهرها كلها رواية ساق جورجي ياق إي أو "رواية الممالك الثلاث" وهي رواية منمقة الأسلوب في ألف صفحة ومائتين كتبها لو جوان - جونج (1260-1241م) في وصف الحرب



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:51 pm

صفحة رقم : 1227




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> النثر


والدسائس التي أعقبت سقوط أسرة هان ، وكلها شبيهة بالروايات الطويلة التصويرية التي كانت منتشرة في أوربا في القرن الثامن عشر. وكثيراً ما تجمع هذه الروايات (إذا جاز لنا في مثل هذه الموضوعات أن ننقل إلى القارئ ما يتحدث به الناس عنها) بين تصوير الأخلاق الفكه اللطيف الذي تراه في رواية تم جونز Tom Jones وبين القصص الشائق الذي نراه في جل بلاس Gil Blas. وهي أصلح ما تكون لأن يقرأها الشيوخ الطاعنون في السن ليقطعوا بها أوقات فراغهم.
والتاريخ أجل الآداب شأناً في الصين، وهو كذلك أحبها إلى الصينيين، وليس ثمة أمة ظهر فيها من المؤرخين عدد يوازي ما ظهر منهم في الصين، وما من شك في أنه ليس بين الأمم جميعهاً أمة كتبت في التاريخ بقدر ما كتبت الأمة الصينية. وذلك أن أقدم عصور الملوك كان لها كتابها الرسميون، يسجلون أعمال الملوك وأحداث الأيام؛ ولقد دام منصب مؤرخ البلاط إلى أيامنا هذه، وأوجد في الصين قدراً من الأدب التاريخي لا نرى له مثيلاً في طوله ولا في ملله في جميع بلاد العالم. وحسبنا أن نضرب بعض الأمثلة ليدرك القارئ طول هذه التواريخ. فمنها أربعة وعشون كتاباً في "تواريخ الأسر" وهو تاريخ رسمي نشر في عام 1747م في 219 مجلداً ضخماً(71). وأخذت كتابة التواريخ تخطو خطى سريعة في الصين مبتدئة بالشو - جنج أو "كتاب التاريخ" الذي هذبه كنفوشيوس أحسن تهذيب، وبالدوز - جواق وهو شرح لكتاب المعلم الكبير وإحياء له كتب بعد مائة عام من ذلك الوقت وحوليات كتب الغاب التي وجدت في قبر أحد ملوك ويه، حتى أخرجت في القرن الثاني قبل ميلاد
أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت  - صفحة 7 Empty رد: الجزء الثانى من - قصة الحضارة ول ديورانت

مُساهمة من طرف أحمد بدوى السبت يوليو 23, 2011 7:51 pm

صفحة رقم : 1228




قصة الحضارة -> التراث الشرقي -> الشرق الأقصى -> الصين -> عصر الشعراء -> النثر


المسيح أعظم كتب التاريخ الصينية على الإطلاق، وهو كتاب السجل التاريخي الذي جمعه زوماتشين وبذل في جمعه جهوداً جبارة.
ذلك أنه لما خلف زوما أباه في منصب منجم البلاط بدأ عمله بإصلاح التقويم، ثم وجه جهوده للعمل الذي بدأه أبوه وهو رواية تاريخ الصين من عهد الأسرة الأولى الأسطورية إلى العصر الذي كان يعيش فيه. ولم يكن زوما مولعاً بجمال الأسلوب، بل كل ما كان يهدف إليه أن يجعل سجله هذا كاملاً. وقد قسم كتابه هذا خمسة أقسام هي: (1) حوليات الأباطرة، (2) الجداول التاريخية، (3) ثمانية فصول في المراسم، والموسيقى، وموازين النغمات، والتقويم، والتنجيم، والقرابين الإمبراطورية، والمجارى المائية، والاقتصاد السياسي، (4) حوليات أمراء الإقطاع، (5) تراجم عظماء الرجال. ويبلغ طول العهد الذي تُؤرّخ له هذه الكتب كلها نحو ثلاثة آلاف عام، وقد سجلت في 000ر526 متر صيني نقشت بقلم مدبب على ألواح من الغاب في صبر طويل(72). ولما فرغ زوماتشين من وضع كتابه هذا الذي قضى فيه حياته كلها أرسله إلى الإمبراطور وإلى العالم ولم يضف إليه إلا هذه المقدمة المتواضعة:
"لقد وهنت الآن قوة خادمك الجسمية، وضعف بصره وأظلمت عيناه، ولم يبق من أسنانه إلا العدد القليل، وضعفت ذاكرته حتى أصبح ينسى حوادث الساعة حين تدبر عنه، ذلك أن قواه كلها قد استنفدها إخراج هذا الكتاب. وهو لهذا يرجو أن تصفح جلالتكم عن محاولته الجريئة التي تشفع لها نيته الخالصة، وأن تتفضل في لحظات الفراغ بلقاء نظرة قدسية على هذا الكتاب حتى تعرف من أسباب قيام الأسر السابقة وسقوطها سر نجاح هذه الساعة وإخفاقها، فإذا ما استخدمت هذه المعرفة لخير الإمبراطورية، فإن خادمك يكون قد حقق غرضه ومطمعه في الحياة، وإن ثوت عظامه في الينابيع الصفراء" (73).



أحمد بدوى
أحمد بدوى
سوبر ستار المنتدى

رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 7 من اصل 19 الصفحة السابقة  1 ... 6, 7, 8 ... 13 ... 19  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى