تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
أهل بيته فقرأ عليهم الكتاب فلما ذكر عمر قال هشام : و الله لا نبايعه أبداً فقال له رجاء : و الله نضرب عنقك فقام أسفاً يجر رجليه حتى جاء إلى عمر بن عبد العزيز و قد أجلسه رجاء على المنبر و هو يسترجع لما أخطأه ، فبايعه و اتبعه الباقون و دفن سليمان و صلى عليه عمر بن عبد العزيز و الوليد كان غائباً عند موت سليمان و لم يعلم بيعه عمر فعقد لواء و دعا لنفسه و جاء إلى دمشق . ثم بلغه عهد سليمان فجاء إلى عمر و اعتذر إليه و قال : بلغني أن سليمان لم يعهد فخفت على الأموال أن تنهب فقال : عمر لو قمت بالأمر لقعدت في بيتي ولم أنازعك فقال عبد العزيز : و الله لا أحب لهذا الأمر غيرك و أول ما بدأ به عمر لما استقرت البيعة له أنه رد ما كان لفاطمة بنت عبد الملك زوجته من المال و الحلى و الجواهر إلى بيت المال و قال : لا أجتمع أنا و أنت و هو في بيت واحد فردته جميعه و لما ولاى أخوها يزيد من بعد رده عليها فأبت و قالت : ما كنت أعطيه ميتاً ففرقه يزيد على أهله و كان بنو أمية يسبون علياً فكتب عمر إلى الآفاق بترك ذلك و كتب إلى مسملة و هو بأرض الروم بالقفول بالمسلمين .
عزل يزيد بن المهلب و حبسه و الولاية على عماله
و لما استقرت البيعة لعمر كتب في سنة مائة إلى يزيد بن المهلب أن يستخلفه على عماله و يقدم فاستخلف مخلداً ابنه و قدم من خراسان و قد كان عمر ولى على البصرة عدي ابن أرطاة الفراري و على الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب و ضم إليه أبا الزناذ ، فكتب إلى عدي بن أرطاة موسى أن يقبض على يزيد بن المهلب و يبعثه مقيذاً ، فلمنا نزل يزيد واسط و ركب السفن يريد البصرة بعث علي بن أرطاة موسى بن الرحيبة الحميري فلقيه في نهر معقل عند الجسر فقيده و بعث به إلى عمر ، و كان عمر يبغضه و يقول إنا مراء و أهل بيته جبابرة فلما طالبه بالأموال التي كتب بها إلى سليمان من خمس جرجان قال : إنما كتبت لأسمع الناس ، و علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني بذلك . فقال له عمر : إتق الله و هذه حقوق المسلمين لا يسعني تركها ثم حبسه بحصن حلب و بعث الجاح بن عبد الله الحكمي والياً على خراسان مكانه . و انصرف يزيد بن يزيد فقدم على عمر و استعطفه لأبيه و قال له : يا أمير المؤمنين إن كانت له بينة فخذ بها و إلا فاستحلفه و إلا فصالحه أو فصالحني على ما تسأل فأبى عمر من ذلك و شكر من مخلد ما فعل ، ثم ألبس يزيد جبة صوف و حمله على جمل و سيره إلى دهلك و مر يزيد على الناس و هو ينادي بعشيرة بالنكير لما فعل به فدخل سلامة بن نعيم الخولاني على عمر و قال : أردد يزيد إلى محبسه لئلا ينزعه قومه ، فإنهم قد غضبوا ، فرده إلى أن كان من أمر فزارة ما يذكر .
ولاية عبد الرحمن بن نعيم القشيرى على خراسان
و لما عزل يزيد عن خراسان و كان عامل جرجان جهم بن ذخر الجعفي فأرسل عامل العراق على جرجان عاملاً مكانه ، فحبسه جهم و قيده فما جاء الجراح إلى خراسان أطلق أهل جرجان عاملهم ، و نكر الجاح على جهم ما فعل و قال : لولا قابتك مني ما سوغتك هذا ! يعني أن جهماً و جعفاً معا إبنا سعد العشيرة . ثم بعث في الغزو و أوفد على عمر وفداً فكلم فيه بعضهم عمر بأنه يعري الموالي بلا عطاء و لا رزق و يؤاخذ من أسلم من أهل الذمة بالخراج . ثم عرض بأنه سيف من سيوف الجراح قد علم بالظلم و العدوان . فكتب عمر إلى الجراح انظر من صلى قبلك فخل عنه الجزية فسارع الناس إلى الإسلام فراراً من الجزية فامتحنهم بالختان و كتب إلى عمر بذلك فكتب عليه عمران ! الله بعث محمداً داعياً و لم يبعثه خاتناً و استقدم الجراح و قال : إحمل معك أبا مخلد و استخلف على حرب خراسان عبد الرحمن ابن نعيم القشيري و لما قدم على عمر قال : متى خرجت ؟ قال : في شهر رمضان . قال : صدق من وصفك بالجفاء ، ألا أقمت حتى تفطر ثم تسافر . ثم سأل عمر أبا مخلد عن عبد الرحمن بن عبد الله فقال يكافيء الأكفاء و يعادي الأعداء و يقدم إن وجد ما يساعده ، قال : فعبد الرحمن بن نعيم ؟ قال : يحب العافية و تأتيه ! قال : هو أحب إلي فولاه الصلاة و الحرب ، و ولى عبد الرحمن القشيرى الخراج فلم يزل عبد الرحمن بن نعيم على خراسان حتى قتل يزيد بن المهلب . و ولي مسلمة فكانت ولايته أكثر من سنة و نصف و ظهر من أيام الجاح بخراسان دعاة بني العباس فيمن بعثه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى الآفاق حسبما يذكر في أخبار الدولة العباسية .
وفاة عمر بن عبد العزيز و بيعة يزيد
ثم توفي عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى و مائة بدير سمعان و دفن بها السنتين و خمسة أشهر من ولايته و لأربعين من عمره و كان يدعى أشج بني أمية رمحته دابة و هو غلام فشجته . و لما مات ولي بعده يزيد بن عبد الملك بعهد سليمان كما تقدم و قيل لعمر حين احتضر : اكتب إلى يزيد فأوصه بالأمة فقال : بماذا أوصيه ؟ إنه من بني عبد الملك ! ثم كتب أما بعد فاتق يا يزيد الصرعة بعد الغفلة حين لا تقال العثرة ، و لا تقدر على الرجعة ، إنك تترك ما أترك لمن لا يحمدك و تصير إلى من لا يعذرك و السلام . و لما ولي يزيد عزل أبا بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن المدينة و ولى عليها عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري و غير كل ما صنعه عمر بن عبد العزيز و كان من ذلك شأن خراج اليمن فإن محمدا أخا الحجاج جعل عليهم خراجاً مجدداً و أزال ذلك عمر إلى العشر أو نصف العشر و قال : لئن يأتيني من اليمن حبة ذرة أحب إلي من تقرير هذه الوظيفة فلما ولي يزيد أعادها و قال لعامله خذها منهم و لو صاروا حرضاً و هلك عمه محمد بن مروان فولى مكانه على الجزيرة و أذربيجيان و أرمينية عمه اآخر مسلمة بن عبد الملك .
احتيال يزيد بن المهلب مقتلهقد تقدم لنا حبس يزيد بن المهلب فلم يزل محبوساً حتى اشتد مرض عمر بن عبد العزيز فعمل في الهرب مخافة يزيد بن عبد الملك لأن زوجته بنت أخي الحجاج و كان سليمان أمر ابن المهلب بعذاب قرابة الحجاج كلهم فنقلهم من البلقاء و فيهم زوجة يزيد و عذبها و جاءه يزيد بن عبد الملك إلى منزله شافعاً فلم يشفعه فضمن حمل ما قرر عليها فلم يقبل فتهدده فقال له ابن المهلب الآن وليت أنت لأرمينك بمائة ألف سيف ، فحمل يزيد بن عبد الملك عنها مائة ألف دينار . و لما اشتد مرض عمر خاف من ذلك و أرسل إلى مواليه أن يغدوا له بالإبل و الخيل في مكانه عينة لهم و بعث إلى عامل حلب بإشفاقه من يزيد ، و بزل له المال و إلى الحرس الذين يحفظونه فخلى سبيله ، و أتى إلى دوابه فركبها و لحق بالبصرة . و كتب إلى عمر : إني و الله لو وثقت بحياتك لم أخرج من محبسك . و لكن خفت أن يقتلني يزيد شر قتلة فقرأ عمر الكتاب و به رمق فقال : اللهم إن كان ابن المهلب يريد بالمسلمين سؤاً فألحقه به و هضه فقد هاض . انتهى . و لما بويع ليزيد بن عبد الملك كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بالكوفة و إلى عدي بن أرطأة بالبصرة بهربه و التحرر منه و أبى عدي أن يأخذ المهلب بالبصرة فحبس المفضل حبيباً و مروان ابني المهلب ، بعث عبد الحميد من الكوفة جنداً عليهم هشام بن ساحق بن عامر فأتوا العذيب و مر بيزيد عليهم فوق القطقطانة فلم يقدموا عليه . و مضى نحو البصرة و قد جمع عدي بن أرطأة أهل البصرة و خندق عليها و بعث على خيلها المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل و جاء يزيد على أصحابه الذين معه و انضم إليه أخوه محمد فيمن اجتمع إليه من قومهم . و بعث عدي بن أرطأة على كل خمس من أخماس البصرة رجالاً : فعلى الأزد المغيرة بن زياد بن عمر العتكي ، و على تميم محرز بن حمدان السعدي ، و على بكرة نوح بن شيبان بن مالك بن مسمع ، و على عبد القيس مالك بن المنذر بن الجارود ، و على أهل العالية عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، و هم قريش و كنانة و الأزد و بجيلة و خثعم و قيس عيلان و مزينة فلم يعرضوا ليزيد و أقبل فانزل . انتهى . و اختلف الناس إليه و أرسل إلى عدي أن يطلق له إخوته فينزل به البصرة ، و يخرج حتى يأخذ لنفسه من يزيد ، و بعث حميد ابن أخيه عبد الملك بن المهلب يستأمن له من يزيد بن عبد الملك فأجاره خالد القسري و عمر بن يزيد الحكمي بأمان يزيد له و لأهله و قد كان بعد منصرف حميد فرق في الناس قطع الذهب و الفضة فانثلوا عليه ، و عدي يعطي درهمين درهمين ثم تناجزوا الحرب و حمل أصحاب يزيد على أصحاب عدي فانهزموا و
عزل يزيد بن المهلب و حبسه و الولاية على عماله
و لما استقرت البيعة لعمر كتب في سنة مائة إلى يزيد بن المهلب أن يستخلفه على عماله و يقدم فاستخلف مخلداً ابنه و قدم من خراسان و قد كان عمر ولى على البصرة عدي ابن أرطاة الفراري و على الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب و ضم إليه أبا الزناذ ، فكتب إلى عدي بن أرطاة موسى أن يقبض على يزيد بن المهلب و يبعثه مقيذاً ، فلمنا نزل يزيد واسط و ركب السفن يريد البصرة بعث علي بن أرطاة موسى بن الرحيبة الحميري فلقيه في نهر معقل عند الجسر فقيده و بعث به إلى عمر ، و كان عمر يبغضه و يقول إنا مراء و أهل بيته جبابرة فلما طالبه بالأموال التي كتب بها إلى سليمان من خمس جرجان قال : إنما كتبت لأسمع الناس ، و علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني بذلك . فقال له عمر : إتق الله و هذه حقوق المسلمين لا يسعني تركها ثم حبسه بحصن حلب و بعث الجاح بن عبد الله الحكمي والياً على خراسان مكانه . و انصرف يزيد بن يزيد فقدم على عمر و استعطفه لأبيه و قال له : يا أمير المؤمنين إن كانت له بينة فخذ بها و إلا فاستحلفه و إلا فصالحه أو فصالحني على ما تسأل فأبى عمر من ذلك و شكر من مخلد ما فعل ، ثم ألبس يزيد جبة صوف و حمله على جمل و سيره إلى دهلك و مر يزيد على الناس و هو ينادي بعشيرة بالنكير لما فعل به فدخل سلامة بن نعيم الخولاني على عمر و قال : أردد يزيد إلى محبسه لئلا ينزعه قومه ، فإنهم قد غضبوا ، فرده إلى أن كان من أمر فزارة ما يذكر .
ولاية عبد الرحمن بن نعيم القشيرى على خراسان
و لما عزل يزيد عن خراسان و كان عامل جرجان جهم بن ذخر الجعفي فأرسل عامل العراق على جرجان عاملاً مكانه ، فحبسه جهم و قيده فما جاء الجراح إلى خراسان أطلق أهل جرجان عاملهم ، و نكر الجاح على جهم ما فعل و قال : لولا قابتك مني ما سوغتك هذا ! يعني أن جهماً و جعفاً معا إبنا سعد العشيرة . ثم بعث في الغزو و أوفد على عمر وفداً فكلم فيه بعضهم عمر بأنه يعري الموالي بلا عطاء و لا رزق و يؤاخذ من أسلم من أهل الذمة بالخراج . ثم عرض بأنه سيف من سيوف الجراح قد علم بالظلم و العدوان . فكتب عمر إلى الجراح انظر من صلى قبلك فخل عنه الجزية فسارع الناس إلى الإسلام فراراً من الجزية فامتحنهم بالختان و كتب إلى عمر بذلك فكتب عليه عمران ! الله بعث محمداً داعياً و لم يبعثه خاتناً و استقدم الجراح و قال : إحمل معك أبا مخلد و استخلف على حرب خراسان عبد الرحمن ابن نعيم القشيري و لما قدم على عمر قال : متى خرجت ؟ قال : في شهر رمضان . قال : صدق من وصفك بالجفاء ، ألا أقمت حتى تفطر ثم تسافر . ثم سأل عمر أبا مخلد عن عبد الرحمن بن عبد الله فقال يكافيء الأكفاء و يعادي الأعداء و يقدم إن وجد ما يساعده ، قال : فعبد الرحمن بن نعيم ؟ قال : يحب العافية و تأتيه ! قال : هو أحب إلي فولاه الصلاة و الحرب ، و ولى عبد الرحمن القشيرى الخراج فلم يزل عبد الرحمن بن نعيم على خراسان حتى قتل يزيد بن المهلب . و ولي مسلمة فكانت ولايته أكثر من سنة و نصف و ظهر من أيام الجاح بخراسان دعاة بني العباس فيمن بعثه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى الآفاق حسبما يذكر في أخبار الدولة العباسية .
وفاة عمر بن عبد العزيز و بيعة يزيد
ثم توفي عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى و مائة بدير سمعان و دفن بها السنتين و خمسة أشهر من ولايته و لأربعين من عمره و كان يدعى أشج بني أمية رمحته دابة و هو غلام فشجته . و لما مات ولي بعده يزيد بن عبد الملك بعهد سليمان كما تقدم و قيل لعمر حين احتضر : اكتب إلى يزيد فأوصه بالأمة فقال : بماذا أوصيه ؟ إنه من بني عبد الملك ! ثم كتب أما بعد فاتق يا يزيد الصرعة بعد الغفلة حين لا تقال العثرة ، و لا تقدر على الرجعة ، إنك تترك ما أترك لمن لا يحمدك و تصير إلى من لا يعذرك و السلام . و لما ولي يزيد عزل أبا بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن المدينة و ولى عليها عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري و غير كل ما صنعه عمر بن عبد العزيز و كان من ذلك شأن خراج اليمن فإن محمدا أخا الحجاج جعل عليهم خراجاً مجدداً و أزال ذلك عمر إلى العشر أو نصف العشر و قال : لئن يأتيني من اليمن حبة ذرة أحب إلي من تقرير هذه الوظيفة فلما ولي يزيد أعادها و قال لعامله خذها منهم و لو صاروا حرضاً و هلك عمه محمد بن مروان فولى مكانه على الجزيرة و أذربيجيان و أرمينية عمه اآخر مسلمة بن عبد الملك .
احتيال يزيد بن المهلب مقتلهقد تقدم لنا حبس يزيد بن المهلب فلم يزل محبوساً حتى اشتد مرض عمر بن عبد العزيز فعمل في الهرب مخافة يزيد بن عبد الملك لأن زوجته بنت أخي الحجاج و كان سليمان أمر ابن المهلب بعذاب قرابة الحجاج كلهم فنقلهم من البلقاء و فيهم زوجة يزيد و عذبها و جاءه يزيد بن عبد الملك إلى منزله شافعاً فلم يشفعه فضمن حمل ما قرر عليها فلم يقبل فتهدده فقال له ابن المهلب الآن وليت أنت لأرمينك بمائة ألف سيف ، فحمل يزيد بن عبد الملك عنها مائة ألف دينار . و لما اشتد مرض عمر خاف من ذلك و أرسل إلى مواليه أن يغدوا له بالإبل و الخيل في مكانه عينة لهم و بعث إلى عامل حلب بإشفاقه من يزيد ، و بزل له المال و إلى الحرس الذين يحفظونه فخلى سبيله ، و أتى إلى دوابه فركبها و لحق بالبصرة . و كتب إلى عمر : إني و الله لو وثقت بحياتك لم أخرج من محبسك . و لكن خفت أن يقتلني يزيد شر قتلة فقرأ عمر الكتاب و به رمق فقال : اللهم إن كان ابن المهلب يريد بالمسلمين سؤاً فألحقه به و هضه فقد هاض . انتهى . و لما بويع ليزيد بن عبد الملك كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بالكوفة و إلى عدي بن أرطأة بالبصرة بهربه و التحرر منه و أبى عدي أن يأخذ المهلب بالبصرة فحبس المفضل حبيباً و مروان ابني المهلب ، بعث عبد الحميد من الكوفة جنداً عليهم هشام بن ساحق بن عامر فأتوا العذيب و مر بيزيد عليهم فوق القطقطانة فلم يقدموا عليه . و مضى نحو البصرة و قد جمع عدي بن أرطأة أهل البصرة و خندق عليها و بعث على خيلها المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل و جاء يزيد على أصحابه الذين معه و انضم إليه أخوه محمد فيمن اجتمع إليه من قومهم . و بعث عدي بن أرطأة على كل خمس من أخماس البصرة رجالاً : فعلى الأزد المغيرة بن زياد بن عمر العتكي ، و على تميم محرز بن حمدان السعدي ، و على بكرة نوح بن شيبان بن مالك بن مسمع ، و على عبد القيس مالك بن المنذر بن الجارود ، و على أهل العالية عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، و هم قريش و كنانة و الأزد و بجيلة و خثعم و قيس عيلان و مزينة فلم يعرضوا ليزيد و أقبل فانزل . انتهى . و اختلف الناس إليه و أرسل إلى عدي أن يطلق له إخوته فينزل به البصرة ، و يخرج حتى يأخذ لنفسه من يزيد ، و بعث حميد ابن أخيه عبد الملك بن المهلب يستأمن له من يزيد بن عبد الملك فأجاره خالد القسري و عمر بن يزيد الحكمي بأمان يزيد له و لأهله و قد كان بعد منصرف حميد فرق في الناس قطع الذهب و الفضة فانثلوا عليه ، و عدي يعطي درهمين درهمين ثم تناجزوا الحرب و حمل أصحاب يزيد على أصحاب عدي فانهزموا و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
دنا يزيد من القصر ، و خرج عدي بنفسه فانهزم أصحابه . و خاف إخوة يزيد و هم في الحبس أن يقتلوا قبل وصوله فأغلق الباب و امتنعوا فجاءهم الحرس يعالجون فأجفلهم الناس عنه فخلوا عنهم و انطلقوا إلى أخيهم . و نزل دار مسلم بن زياد إلى جنب القصر و تسور القصر بالسلالم و فتحه و أتى أخيهم . و نزل يزيد دار مسلم بن زياد إلى جنب القصر و تسور القصر بالسلالم و فتحه و أتى بعدي بن أرطأة فحبسه ، و هرب رؤس البصرة من تميم و قيس و مالك بن المنذر إلى الكوفة و الشام و خرج المغيرة بن زياد بن عمر العتكي إلى الشام فلقي خالداً القسري و عمر بن يزيد و قد جاؤا بأمان يزيد بن المهلب مع حميد بن أخيه فأخبرهما بظهور يزيد على البصرة و حبسه عدياً فرجعا إلى وعد لهما فلم يقبلا ، و قبض عبد الحميد بن عبد الرحمن بالكوفة على خالد بن يزيد ابن المهلب و حماد بن ذخر ، و حملهما و سيرهما إلى الشام فحبسهما يزيد حتى هلكا بالسجن و بعث يزيد بن عبد الملك إلى أهل الكوفة يثني عليهم و يمنيهم الزيادة و جهز أخاه العباس مسلمة و ابن أخيه العباس بن الوليد إلى العراق في سبعين ألف مقاتل أو ثمانين من أهل الشام و الجزيرة ، فقدموا الكوفة و نزلوا النخيلة . و تكلم العباس يوماً ببعض الكلام فأساء عليه حيان النبطي بالكشة الأعجمية و لما سمع ابن المهلب بوصول مسلمة و أهل الشام فخطب الناس و شجعهم للقائهم و هون عليهم أمرهم و أخبرهم أن أكثرهم له و استوثق له أهل البصرة و بعث عماله على الأهواز و فارس و كرمان و بعث إلى خراسان مدرك بن المهلب و عليها عبد الرحمن بن نعيم و بعث بنو تميم ليمنعوه و لقيه الأزد على رأس المغارة فقالوا : ارجع عنا حتى نرى مآل أمركم . ثم خطب يزيد الناس يدعوهم إلى الكتاب و يحثهم على الجهاد و أن جهاد أهل الشام أعظم ثواباً من جهاد الترك و الديلم و نكر ذلك الحسن البصري و النضر بن أنس بن مالك و تابعها الناس في النكير . و سار يزيد من البصرة إلى واسط و استخلف عليها أخاه مروان بن المهلب و أقام بواسط أياماً ثم خرج منها سنة إثنتين و مائة و استخلف عليها أمان معونة و قدم أخاه عبد الملك بن المهلب نحو الكوفة فاستقبله ابن الوليد بسور له فاقتتلوا و انهزم عبد الملك و عاد إلى يزيد و أقبل مسلمة على شاطئ الفرات إلى الأنهار فعقد الجسر و عبر و سار حتى نزل على يزيد بن المهلب و فزع إليه ناس من أهل الكوفة و كان عسكره مائة و عشرين و كان عبد الحميد بن عبد الرحمن قد عسكر بالنخيلة و شق المياه و جعل الأرصاد على أهل الكوفة أن يفزعوا إلى يزيد بن المهلب ، و بعث بعثاً إلى مسلمة مع صبرة بن عبد الرحمن بن مختف فعزل مسلمة بن عبد الحميد عن الكوفة و استعمل عليها محمد بن عمر بن الوليد بن عقبة . ثم أراد يزيد بن المهلب أن يبعث أخاه محمد بالعساكر يبيتون مسلمة فأبى عليه أصحابه و قالوا : قد و عدناهم بالكتاب و السنة و وعدوا بالإجابة فلا نغدرهم فقال يزيد : و يحكم تصدقونهم إنهم يخادعونكم ليمكروا بكم فلا يسبقوكم إليه و الله ما في بني مروان أمكر و لا أبعد غوراً من هذه الجرادة الصغرى يعني مسلمة . و كان مروان بن المهلب بالبصرة يحث الناس على اللحاق بيزيد أخيه و الحسن البصري يثبطهم و يتهدده فلم يكف ثم طلب الذين يجتمعون إليه فافترقوا فأقام مسلمة بن عبد الملك يطاول يزيد بن المهلب ثمانية أيام ثم خرج يوم الجمعة منتصف صغر فعبى أصحابه و عبى العباس بن الوليد كذلك و التقوا ، و اشتد القتال و أمر مسلمة فأخرق الجسر فسطع دخانه فلما رآه أصحاب يزيد انهزموا و اعترضهم يزيد يضرب في وجوههم حتى كثروا عليه فرجع و ترجل في أصحابه و قيل له : قتل أخوك حبيب فقال : لا خير في العيش بعده و لا بعد الهزيمة . ثم استمات و دلف إلى مسلمة لا يريد غيره فعطف عليه أهل الشام فقتلوه هو و أصحابه ، و فيهم أخوه محمد و بعث مسلمة برأسه إلى يزيد بن عبد الملك مع خالد ابن الوليد بن عقبة و قيل إن الذي قتله الهذيل بن زفر بن الحرث الكلابي و أنف أن ينزل فيأخذ رأسه فأخذه غيره و كان المفضل بن المهلب يقاتل في ناحية المعترك و ما علم ببيقتل يزيد فبقي ساعة كذلك يكر و يفر حتى أخبر بقتل إخوته فافترق الناس عنه ، و مضى إلى واسط و جاء أهل الشام إلى عسكر يزيد فقاتلهم أبو رؤبة رأس الطائفة المرجئة و معه جماعة منهم صدق ، فقاتلهم أبو رؤبة رأس الطائفة المرجئة و معه جماعة منهم صدق ، فقاتلوا ساعة من النهار ثم انصرفوا و أسر مسلمة ثلثمائة أسير حبسهم بالكوفة . و جاء كتاب يزيد إلى محمد بن عمر بن الوليد بقتلهم فأمر العريان بن الهيثم صاحب الشرطة بذلك و بدأ بثمانين من بني تميم فقتلهم . ثم جاء كتاب يزيد بإعفائهم فتركهم و أقبل مسلمة فنزل الحيرة و جاء الخبر بقتل يزيد إلى واسط فقتل ابنه معاوية عدي بن أرطاة و محمداً ابنه و مالكاً و عبد الملك ابنا مسمع في ثلاثين و رجع إلى البصرة بالمال و الخزائن و اجتمع بعمه المفضل و أهل بيتهم ، و تجهزوا للركوب في البحر و ركبوا إلى قندابيل و بها وداع بن حميد الأزدي ولاه عليها يزيد بن المهلب ملجأ لأهل بيته إن وقع بهم ذلك فركبوا البحر بعيالهم و أموالهم إلى جبال كرمان فنزلوا بها و اجتمع إليهم الفل من كل جانب . و بعث مسلمة مدرك بن ضب الكلبي في طلبهم فقاتلهم و قتل من أصحابه المفضل النعمان بن إبراهيم و محمد بن إسحق بن محمد بن الأشعث و أسر ابن صول قهستان ، و هرب عثمان بن اسحق بن محمد بن الأشعث فقتل و حمل رأسه إلى مسلمة بالحيرة و رجع ناس من أصحاب بني المهلب فاستأمنوا و أمنهم مسلمة منهم مالك بن إبراهيم بن الأشتر و الورد ابن عبد الله بن حبيب السعدي التميمي و مضى إلى آل المهلب و من معهم بقندابيل فمنعهم وداع بن حميد من دخولها و خرج معهم لقتال عدوهم و كان مسلمة قد رد مدرك بن ضب بعد هزيمتهم في جبال كرمان و بعث في أثرهم هلال بن أحور التميمي فلحقهم بقندابيل فتبعوا لقتاله ! و بعث هلال رايه أمان فمال إليه وداع بن حميد و عبد الملك بن هلال و افترق الناس عن آل المهلب ثم استقدموا فاستأمنوا فقتلهم عن آخرهم : المفضل و عبد الملك و زياد و مروان بنو المهلب ، و معاوية بن يزيد بن المهلب و المنهال و عمر بن يزيد بن المهلب و عمر بن يزيد بن المهلب و عثمان بن المفضل بن المهلب بريبيل ملك الترك و بعث هلال بن أحور برؤسهم و سبيهم و أسراهم إلى مسلمة بالحيرة فبعث بهم مسلمة إلى يزيد بن عبد الملك فسيرهم يزيد إلى العباس بن الوليد في حلب فنصب الرؤوس و أراد مسلمة أن يبتاع الذرية فاشتراهم الجراح بن عبد الله الحكمي بمائة ألف و خلى سبيلهم ، و لم يأخذ مسلمة من الجراح شيئاً و لما قدم بالأسرى على يزيد بن عبد الملك و كانوا ثلاثة عشر أمر يزيد فقتلوا و كلهم من ولد المهلب و استأمنت هند بنت المهلب لأخيها عيينة إلى يزيد بن عبد الملك فأمنه و أقام عمر و عثمان عند رتبيل حتى أمنهما أسد بن عبد القسري عليه بخراسان .
ولاية مسلمة على العراق و خراسان
و لما فرغ مسلمة بن عبد الملك من حرب بني المهلب ولاه يزيد بن عبد الملك العراق و جمع له ولاية البصرة و الكوفة و خراسان فأقر على الكوفة محمد بن عمر بن الوليد و كان قد قام بأمر البصرة بعد بني المهلب شبيب بن الحرث التميمي فبعث عليها مسلمة عبد الرحمن بن سليم الكلبي و على شرطتها عمر بن يزيد التميمي و أراد عبد الرحمن أن يقتل شيعة بن المهلب بالبصرة فزله عبد الملك بن بشر ابن مروان و أقر عمر بن يزيد على الشرطة و استعمل مسلمة على خراسان صهره على سعيد بن عبد العزيز بن الحرث بن الحكم بن أبي العباس و يلقب سعيد خدينة . و دخل عليه بعض العرب بخراسان و عليه ثياب مصبغة و حوله مرافق مصبغة ، و سئل عنه لما خرج فقال : خدينة و هي الدهقانة ربة البيت . و لما ولاه على خراسان سار إليها فاستعمل شعبة بن ظهر النهشلي على سمرقند فسار إليها و قدم الصغد و كان أهلها كفروا أيام عبد الرحمن بن نعيم ، ثم عادوا إلى الصلح فوبخ ساكنها من العرب و غيرهم بالجبن فاعتذروا بأمر أميرهم علي بن حبيب العبدي . ثم حبس سعيد عمال عبد الرحمن بن عبد الله و أطلقهم ، ثم حبس عمال يزيد بن المهلب رفع لهم أنهم اختانوا الأموال فعذبهم فمات بعضهم في العذاب و بقي بعضهم بالسجن حتى غزاهم الترك و الصغد فأطلقهم .
العهد لهشام بن عبد الملك و الوليد بن يزيدلما بعث يزيد بن عبد الملك الجيوش إلى يزيد بن المهلب مع مسلمة أخيه و العباس بن أخيه الوليد قال له العباس : إنا نخاف أن يرجف أهل العراق بموتك و يبث ذلك في أعضادنا و أشار عليه بالعهد لعبد العزيز أخيه بن الوليد و بلغ ذلك مسلمة فجاءه و قال : أخوك أحق فإن
ولاية مسلمة على العراق و خراسان
و لما فرغ مسلمة بن عبد الملك من حرب بني المهلب ولاه يزيد بن عبد الملك العراق و جمع له ولاية البصرة و الكوفة و خراسان فأقر على الكوفة محمد بن عمر بن الوليد و كان قد قام بأمر البصرة بعد بني المهلب شبيب بن الحرث التميمي فبعث عليها مسلمة عبد الرحمن بن سليم الكلبي و على شرطتها عمر بن يزيد التميمي و أراد عبد الرحمن أن يقتل شيعة بن المهلب بالبصرة فزله عبد الملك بن بشر ابن مروان و أقر عمر بن يزيد على الشرطة و استعمل مسلمة على خراسان صهره على سعيد بن عبد العزيز بن الحرث بن الحكم بن أبي العباس و يلقب سعيد خدينة . و دخل عليه بعض العرب بخراسان و عليه ثياب مصبغة و حوله مرافق مصبغة ، و سئل عنه لما خرج فقال : خدينة و هي الدهقانة ربة البيت . و لما ولاه على خراسان سار إليها فاستعمل شعبة بن ظهر النهشلي على سمرقند فسار إليها و قدم الصغد و كان أهلها كفروا أيام عبد الرحمن بن نعيم ، ثم عادوا إلى الصلح فوبخ ساكنها من العرب و غيرهم بالجبن فاعتذروا بأمر أميرهم علي بن حبيب العبدي . ثم حبس سعيد عمال عبد الرحمن بن عبد الله و أطلقهم ، ثم حبس عمال يزيد بن المهلب رفع لهم أنهم اختانوا الأموال فعذبهم فمات بعضهم في العذاب و بقي بعضهم بالسجن حتى غزاهم الترك و الصغد فأطلقهم .
العهد لهشام بن عبد الملك و الوليد بن يزيدلما بعث يزيد بن عبد الملك الجيوش إلى يزيد بن المهلب مع مسلمة أخيه و العباس بن أخيه الوليد قال له العباس : إنا نخاف أن يرجف أهل العراق بموتك و يبث ذلك في أعضادنا و أشار عليه بالعهد لعبد العزيز أخيه بن الوليد و بلغ ذلك مسلمة فجاءه و قال : أخوك أحق فإن
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
ابنك لم يبلغ و أشار عليه بأخيه هشام و ابنه الوليد من بعده . و الوليد ابن إحدى عشرة سنة فبايع لهما كذلك ثم بلغ ابنه الوليد فكان إذا رآه يقول بيني و بين من قدم هشاماً عليك .
غزوة الترك
لما ولي سعيد خراسان استضعفه الناس و سموه خدينة و استعمل شعبه على سمرقند ثم عزله كما مر و ولى مكانه عثمان بن عبد الله بن مطرف بن الشخير فطمعت الترك ، و بعثهم خاقان إلى الصغد ، و على الترك كورصول و أقبلوا حتى نزلوا قصر الباهلي و فيه مائة أهل بيت بذراريهم . و كتبوا إلى عثمان بسمرقند و خافوا أن يبطئ المدد ، فصالحوا الترك على أربعين ألفاً و أعطوهم سبعة عشر رجلاً رهينة . و ندب عثمان الناس فانتدب المسيب بن بشر الرياحي و معه أربع آلاف من سائر القبائل . فقال لهم المسيب : من أراد الغزو و الصبر على الموت فليتقدم فرجع عنه ألف ، و قالها بعد فرسخ فرجع ألف آخر ، ثم أعادها ثالثة بعد فرسخ فاعتزله ألف . و سار حتى كان على فرسخين من العدو فأخبره بعض الدهاقين بقتل الرهائن و ميعادهم غداً . و قال أصحابي ثلثمائة مقاتل و هم معكم فبعث المسيب إلى القصر رجلين عجمياً و عربياً يأتيانه بالخبر ، فجاؤا في ليلة مظلمة و قد أجرت الترك الماء بدائر القصر لئلا يصل إليه أحد فصاح بهما فقالا له اسكت وادع لنا فلانا . فأعلماه قرب العسكر و سألا هل عندكم امتناع غداً ؟ فقال : لهما نحن مستميتون . فرجعا إلى المسيب فأخبره فعزم على تبييت الترك و بايعه أصحابه على الموت و ساروا يومهم إلى الليل . و لما أمسى حثهم على الصبر و قال : ليكن شعاركم يا محمد و لا تتبعوا مولياً و اعقروا الدواب فإنه أشد عليهم ، و ليست بكم قلة فإن سبعمائة سيف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنته ، و إن كثر أهله . ثم دنوا من العسكر في السحر و ثار الترك و خالطهم المسلمون و عقروا الدواب و ترجل المسيب في أصحابه له فقاتلوا قتالاً شديداً و قتل عظيم من عظماء الترك فانهزم و نادى منادي المسيب لاتتبعوهم و اقصدوا القصر و احملوا من فيه ، و لا تحملوا من متاعهم إلا المال و من حمل إمرأة أو صبياً أو ضعيفاً حسبةً فأجره على الله و إلا فله أربعون درهماً . و حملوا من في القصر إلى سمرقند و رجع الترك من الغد فلم يروا في القصر أحداً . و رأوا قتلاهم فقالوا : لم يكن الذين جاؤنا بالأمس .
غزو الصغد
و لما كان من انتقاض االصغد إعانتهم على المسلمين ما ذكرنا تجهز سعيد لغزوهم و عبر النهر فلقيه الترك و طائفة من الصغد فهزمهم المسلمون . و نهاهم سعيد عن اتباعهم و قال هم جباية أمير المؤمنين فانكفوا عنهم . ثم سار المسلمون إلى واد بينهم و بين المرج فقطعه بعض العسكر و قد أكمن لهم الترك فخرجوا عليهم و انهزم المسلمون إلى الوادي و قيل بل كان المنهزمون مسلحة للمسلمين و كان فيمن قتل شعبة بن ظهر في خمسين رجلاً . و جاء الأمير و الناس فانهزم العدو و كان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا و غنموا و سبوا رد السبي و عاقب فثقل سعيد على الناس و ضعفوه و لما رجع من هذه الغزاة و كان سورة بن الأبجر قد قال لحيان النبطي يوم أمر سعيد بالكف عن الصغد و انهم جباية امير المؤمنين فقال : سورة إرجع عنهم يا حيان فقال : عقيرة الله لا أدعها . فقال انصرف يانبطي . قال : أنبط الله وجهك فحقدها عليه سورة و أغزى به سعيد خدينة و قال : إنه أفسد خراسان على قتيبة و يثب عليك و يتحصن ببعض القلاع له سعيد : لا يسمع هذا منك أحد ، ثم حاول عليه و سقاه لبناً قد ألقى فيه ذهباً مسحوقاً . ثم ركض الناس معه أربعة فراسخ فعاش حيان من بعدها ليالي قلائل و مات .
ولاية ابن هبيرة على العراق و خراسان
كان مسلمة لما ولي على هذه الأعمال لم يدفع من الخراج شيئاً و استحيا يزيده من عزله فكتب إليه بالقدوم و أن يستخلف على عمله و سار لذلك سنة ثلاث و أربعمائة ، فلقيه عمر بن هبيرة بالطريق على دواب البريد ، و قال : وجهني أمير المؤمنين لحيازه أموال بني المهلب فارتاب لذلك ، و قال له بعض أصحابه : كيف يبعث ابن هبيرة من عند الجزيرة لمثل هذا الغرض ؟ ثم أتاه أن ابن هبيرة عزل عماله . و كان عمر بن هبيرة من النجابة بمكان ، و كان الحجاج يبعثه في البعوث ، و هو ممن سار لقتال مطرف بن المغيرة حين خلغ و يقال إنه الذي قتله ، و جاء برأسه ، فسيره ، الحجاج إلى عبد الملك فأقطعه قرية قريبة من دمشق . ثم بعثه إلى كروم ابن مرثد الفزاري ليخلص منه فارتاب و أخذ المال و لحق بعبد الملك عائداً به من الحجاج و قال قتلت ابن عمه و لست آمنه على نفسي ، فأجاره عبد الملك ، و كتب الحجاج إليه فيه فقال : أمسك عنه و عظم شأنه عبد الملك و بنوه و استعمله عمر بن عبد العزيز على روم من ناحية أرمينية و أثخن فيهم و أسر سبعمائة منهم و قتلهم . و استخدم أيام يزيد لمحبوبته حبابة فسعت له في ولاية العراق ، فولاه مكان أخيه مسلمة . و لما ولي قدم عليه المجشر بن مزاحم السلمي ، و عبد الله بن عمر الليثي في وفد فشكوا من سعيد و حذيفة عاملهم و هو صهر مسلمة فعزله و ولى مكانه على خراسان سعيد بن عمر الحريشي من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، فسار خدينة عن خراسان و قدم سعيد فلم يعرض لعماله . و لما قدم على خراسان كان الناس بإزاء العدو و قد نكثوا ، فحثهم على الجهاد و خاف الصغد منه بما كانوا أعانوا الترك أيام خدينة ، فقال لهم ملكهم : احملوا له خراج ما مضى و اضمنوا خراج ما يأتي و العمارة و الغزو معه ، و أعطوه الرهن بذلك . فأبوا إلا أن يستجيروا بملك فرغانة و خرجوا من بلادهم إلى خجندة و سألوا الجوار و أن ينزلوا شعب عصام . فقال : أمهلونا عشرين يوماً أو أربعين لنخليه لكم و ليس لكم علي جوار قبل دخولكم إياه . ثم غزاهم الحريش سنة أربع و مائة فقطع النهر و ترك قصر الريح على فرسخين من الدنوسية ، و أتاه ابن عم ملك فرغانة يغريه بأهل الصغد و أنهم بخجندة ، و لم يدخلوا جواره بعد ، فبعث معه عبد الرحمن القسري في عسكر ، و جاء في أثره حتى نزلوا على خجندة ، و خرج أهل صغد لقتالهم فانهزموا ، و قد كانوا حفروا خندقاً و غطوه بالتراب ليسقط فيه المسلمون عند القتال . فلما انهزموا ذلك اليوم أخطأهم الطريق و أسقطهم الله في ذلك الخندق . ثم حاصرهم الحريشي ، و نصب عليهم المجانيق و أرسلوا إلى ملك فرغانة ليجيرهم ، فقال : قد شرطت عليكم أن لا جوار قبل الأجل الذي بيني و بينكم . فسألوا الصلح من الحريشي على أن يردوا ما في أيديهم من سبي العرب ، و يعطوا ما كسر من الخراج و لا يتخلف أحد منهم بخجندة ، و إن أحدثوا حدثاً استبيحت دماؤهم . فقبل منهم و خرجوا من خجندة و نزلوا في العسكر على كل من يعرفه . و بلغ الحريش أنهم قتلوا إمرأة فقتل قاتلها ، فخرج قبيل منهم فاعترض الناس و قتل جماعة . و قتل الصغد من أسرى المسلمين مائة وخمسين ، و لقي الناس منهم عنفاً ثم أحاطوا بهم و هم يقاتلون بالخشب ليس لهم سلاح فقتلوا عن آخرهم ثلاثة آلاف أو سبعة آلاف . و كتب الحريشي إلى يزيد بن عبد الملك و لم يكتب لعمر بن هبيرة فأحفظه ذلك ثم سرح الحريشي سليمان بن أبي السرى إلى حصن يطيف به وراء الصغد و معه خوارزم شاه و ملك أجرون و سومان . فسار سليمان و على مقدمته المسيب بن بشر الرياحي ، و لقيه أهل الحصن فهزمهم ثم حاصرهم فسألوا الصلح على أن لا يعرض لسبيهم و يسلموا القلعة بما فيها فقبل . و بعث إلى الحريشي فقبضه و بعث من قبضه . و سار الحريشي إلى كش و نسف حرباً و خراجاً سليمان بن أبي السري و استنزل مكانه آخر اسمه قشقري من حصنه على الأمان و جاء به إلى مرو فشنقه و صلبه .
ولاية الجراح على أرمينية و فتح بلنجرو لما سار ابن هبيرة على الجزيرة و أرمينية تشبب البهراني فحفل لهم الخزر و هم التركمان و استجاشوا بالقفجاق و غيرهم من أنواع الترك ، و لقوا المسلمين بمرج الحجارة فهزموهم و احتوى التركمان علىعسكرهم و غنموا ما فيه . و قد المنهزمون على يزيد بن عبد الملك فولى على أرمينية الجراح بن عبد الله الحكمي و أمده بجيش كثيف و سار لغزو الخزر فعادوا للباب و الأبواب . و نزل الجراح بردعة فأراح بها قليلاً ، ثم سار نحوهم و عبر نهر الكر و أشاع الإقامة ليرجع بذلك عيونهم إليهم ثم أسرى من ليلته و أجد السير إلى مدينة الباب فدخلها وبث السرايا للنهب و الغارة . و زحف إليه التركمان و عليهم ابن ملكهم فلقيهم عند نهر
غزوة الترك
لما ولي سعيد خراسان استضعفه الناس و سموه خدينة و استعمل شعبه على سمرقند ثم عزله كما مر و ولى مكانه عثمان بن عبد الله بن مطرف بن الشخير فطمعت الترك ، و بعثهم خاقان إلى الصغد ، و على الترك كورصول و أقبلوا حتى نزلوا قصر الباهلي و فيه مائة أهل بيت بذراريهم . و كتبوا إلى عثمان بسمرقند و خافوا أن يبطئ المدد ، فصالحوا الترك على أربعين ألفاً و أعطوهم سبعة عشر رجلاً رهينة . و ندب عثمان الناس فانتدب المسيب بن بشر الرياحي و معه أربع آلاف من سائر القبائل . فقال لهم المسيب : من أراد الغزو و الصبر على الموت فليتقدم فرجع عنه ألف ، و قالها بعد فرسخ فرجع ألف آخر ، ثم أعادها ثالثة بعد فرسخ فاعتزله ألف . و سار حتى كان على فرسخين من العدو فأخبره بعض الدهاقين بقتل الرهائن و ميعادهم غداً . و قال أصحابي ثلثمائة مقاتل و هم معكم فبعث المسيب إلى القصر رجلين عجمياً و عربياً يأتيانه بالخبر ، فجاؤا في ليلة مظلمة و قد أجرت الترك الماء بدائر القصر لئلا يصل إليه أحد فصاح بهما فقالا له اسكت وادع لنا فلانا . فأعلماه قرب العسكر و سألا هل عندكم امتناع غداً ؟ فقال : لهما نحن مستميتون . فرجعا إلى المسيب فأخبره فعزم على تبييت الترك و بايعه أصحابه على الموت و ساروا يومهم إلى الليل . و لما أمسى حثهم على الصبر و قال : ليكن شعاركم يا محمد و لا تتبعوا مولياً و اعقروا الدواب فإنه أشد عليهم ، و ليست بكم قلة فإن سبعمائة سيف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنته ، و إن كثر أهله . ثم دنوا من العسكر في السحر و ثار الترك و خالطهم المسلمون و عقروا الدواب و ترجل المسيب في أصحابه له فقاتلوا قتالاً شديداً و قتل عظيم من عظماء الترك فانهزم و نادى منادي المسيب لاتتبعوهم و اقصدوا القصر و احملوا من فيه ، و لا تحملوا من متاعهم إلا المال و من حمل إمرأة أو صبياً أو ضعيفاً حسبةً فأجره على الله و إلا فله أربعون درهماً . و حملوا من في القصر إلى سمرقند و رجع الترك من الغد فلم يروا في القصر أحداً . و رأوا قتلاهم فقالوا : لم يكن الذين جاؤنا بالأمس .
غزو الصغد
و لما كان من انتقاض االصغد إعانتهم على المسلمين ما ذكرنا تجهز سعيد لغزوهم و عبر النهر فلقيه الترك و طائفة من الصغد فهزمهم المسلمون . و نهاهم سعيد عن اتباعهم و قال هم جباية أمير المؤمنين فانكفوا عنهم . ثم سار المسلمون إلى واد بينهم و بين المرج فقطعه بعض العسكر و قد أكمن لهم الترك فخرجوا عليهم و انهزم المسلمون إلى الوادي و قيل بل كان المنهزمون مسلحة للمسلمين و كان فيمن قتل شعبة بن ظهر في خمسين رجلاً . و جاء الأمير و الناس فانهزم العدو و كان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا و غنموا و سبوا رد السبي و عاقب فثقل سعيد على الناس و ضعفوه و لما رجع من هذه الغزاة و كان سورة بن الأبجر قد قال لحيان النبطي يوم أمر سعيد بالكف عن الصغد و انهم جباية امير المؤمنين فقال : سورة إرجع عنهم يا حيان فقال : عقيرة الله لا أدعها . فقال انصرف يانبطي . قال : أنبط الله وجهك فحقدها عليه سورة و أغزى به سعيد خدينة و قال : إنه أفسد خراسان على قتيبة و يثب عليك و يتحصن ببعض القلاع له سعيد : لا يسمع هذا منك أحد ، ثم حاول عليه و سقاه لبناً قد ألقى فيه ذهباً مسحوقاً . ثم ركض الناس معه أربعة فراسخ فعاش حيان من بعدها ليالي قلائل و مات .
ولاية ابن هبيرة على العراق و خراسان
كان مسلمة لما ولي على هذه الأعمال لم يدفع من الخراج شيئاً و استحيا يزيده من عزله فكتب إليه بالقدوم و أن يستخلف على عمله و سار لذلك سنة ثلاث و أربعمائة ، فلقيه عمر بن هبيرة بالطريق على دواب البريد ، و قال : وجهني أمير المؤمنين لحيازه أموال بني المهلب فارتاب لذلك ، و قال له بعض أصحابه : كيف يبعث ابن هبيرة من عند الجزيرة لمثل هذا الغرض ؟ ثم أتاه أن ابن هبيرة عزل عماله . و كان عمر بن هبيرة من النجابة بمكان ، و كان الحجاج يبعثه في البعوث ، و هو ممن سار لقتال مطرف بن المغيرة حين خلغ و يقال إنه الذي قتله ، و جاء برأسه ، فسيره ، الحجاج إلى عبد الملك فأقطعه قرية قريبة من دمشق . ثم بعثه إلى كروم ابن مرثد الفزاري ليخلص منه فارتاب و أخذ المال و لحق بعبد الملك عائداً به من الحجاج و قال قتلت ابن عمه و لست آمنه على نفسي ، فأجاره عبد الملك ، و كتب الحجاج إليه فيه فقال : أمسك عنه و عظم شأنه عبد الملك و بنوه و استعمله عمر بن عبد العزيز على روم من ناحية أرمينية و أثخن فيهم و أسر سبعمائة منهم و قتلهم . و استخدم أيام يزيد لمحبوبته حبابة فسعت له في ولاية العراق ، فولاه مكان أخيه مسلمة . و لما ولي قدم عليه المجشر بن مزاحم السلمي ، و عبد الله بن عمر الليثي في وفد فشكوا من سعيد و حذيفة عاملهم و هو صهر مسلمة فعزله و ولى مكانه على خراسان سعيد بن عمر الحريشي من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، فسار خدينة عن خراسان و قدم سعيد فلم يعرض لعماله . و لما قدم على خراسان كان الناس بإزاء العدو و قد نكثوا ، فحثهم على الجهاد و خاف الصغد منه بما كانوا أعانوا الترك أيام خدينة ، فقال لهم ملكهم : احملوا له خراج ما مضى و اضمنوا خراج ما يأتي و العمارة و الغزو معه ، و أعطوه الرهن بذلك . فأبوا إلا أن يستجيروا بملك فرغانة و خرجوا من بلادهم إلى خجندة و سألوا الجوار و أن ينزلوا شعب عصام . فقال : أمهلونا عشرين يوماً أو أربعين لنخليه لكم و ليس لكم علي جوار قبل دخولكم إياه . ثم غزاهم الحريش سنة أربع و مائة فقطع النهر و ترك قصر الريح على فرسخين من الدنوسية ، و أتاه ابن عم ملك فرغانة يغريه بأهل الصغد و أنهم بخجندة ، و لم يدخلوا جواره بعد ، فبعث معه عبد الرحمن القسري في عسكر ، و جاء في أثره حتى نزلوا على خجندة ، و خرج أهل صغد لقتالهم فانهزموا ، و قد كانوا حفروا خندقاً و غطوه بالتراب ليسقط فيه المسلمون عند القتال . فلما انهزموا ذلك اليوم أخطأهم الطريق و أسقطهم الله في ذلك الخندق . ثم حاصرهم الحريشي ، و نصب عليهم المجانيق و أرسلوا إلى ملك فرغانة ليجيرهم ، فقال : قد شرطت عليكم أن لا جوار قبل الأجل الذي بيني و بينكم . فسألوا الصلح من الحريشي على أن يردوا ما في أيديهم من سبي العرب ، و يعطوا ما كسر من الخراج و لا يتخلف أحد منهم بخجندة ، و إن أحدثوا حدثاً استبيحت دماؤهم . فقبل منهم و خرجوا من خجندة و نزلوا في العسكر على كل من يعرفه . و بلغ الحريش أنهم قتلوا إمرأة فقتل قاتلها ، فخرج قبيل منهم فاعترض الناس و قتل جماعة . و قتل الصغد من أسرى المسلمين مائة وخمسين ، و لقي الناس منهم عنفاً ثم أحاطوا بهم و هم يقاتلون بالخشب ليس لهم سلاح فقتلوا عن آخرهم ثلاثة آلاف أو سبعة آلاف . و كتب الحريشي إلى يزيد بن عبد الملك و لم يكتب لعمر بن هبيرة فأحفظه ذلك ثم سرح الحريشي سليمان بن أبي السرى إلى حصن يطيف به وراء الصغد و معه خوارزم شاه و ملك أجرون و سومان . فسار سليمان و على مقدمته المسيب بن بشر الرياحي ، و لقيه أهل الحصن فهزمهم ثم حاصرهم فسألوا الصلح على أن لا يعرض لسبيهم و يسلموا القلعة بما فيها فقبل . و بعث إلى الحريشي فقبضه و بعث من قبضه . و سار الحريشي إلى كش و نسف حرباً و خراجاً سليمان بن أبي السري و استنزل مكانه آخر اسمه قشقري من حصنه على الأمان و جاء به إلى مرو فشنقه و صلبه .
ولاية الجراح على أرمينية و فتح بلنجرو لما سار ابن هبيرة على الجزيرة و أرمينية تشبب البهراني فحفل لهم الخزر و هم التركمان و استجاشوا بالقفجاق و غيرهم من أنواع الترك ، و لقوا المسلمين بمرج الحجارة فهزموهم و احتوى التركمان علىعسكرهم و غنموا ما فيه . و قد المنهزمون على يزيد بن عبد الملك فولى على أرمينية الجراح بن عبد الله الحكمي و أمده بجيش كثيف و سار لغزو الخزر فعادوا للباب و الأبواب . و نزل الجراح بردعة فأراح بها قليلاً ، ثم سار نحوهم و عبر نهر الكر و أشاع الإقامة ليرجع بذلك عيونهم إليهم ثم أسرى من ليلته و أجد السير إلى مدينة الباب فدخلها وبث السرايا للنهب و الغارة . و زحف إليه التركمان و عليهم ابن ملكهم فلقيهم عند نهر
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
الزمان و اشتد القتال بينهم ، ثم انهزم التركمان و كثر القتل فيهم ، و غنم المسلمون ما معهم و ساروا حتى نزلوا على الحصن ، و نزل أهلها على الأمان فقتلهم . ثم سار إلى مدينة برغوا فحاصرها ستة أيام ، ثم نزلوا على الأمان و نقلهم ثم ساروا إلى بلنجر و قاتلهم التركمان دونها فانهزموا و افتتح الحصن عنوة . و غنم المسلمون جميع ما فيه فأصاب الفارس ثلثمائة دينار و كانوا بضعة و ثلاثين ألفاً . ثم إن الجراح رجع حصن بلنجر إلى صاحبه و رد عليه أهله و ماله ، على أن يكون عيناً للمسلمين على الكفار . ثم نزل على حصن الوبيد و كان به أربعون ألف بيت من الترك فصالحوا الجراح على مال أعطوه إياه . ثم تجمع الترك و التركمان و أخذوا الطرق على المسلمين فأقام في رستاق سبى و كتب إلى يزيد بالفتح و طلب المدد و كان ذلك آخر عمر يزيد و بعث بعد ذلك إليه بالمدد و أقره على العمل .
ولاية عبد الواحد القسرى على المدينة و مكة
كان عبد الرحمن بن الضحاك عاملاً على الحجاز منذ أيام عمر بن عبد العزيز و أقام عليها ثلاث سنين ثم حدثته نفسه خطبة فاطمة بنت الحسين فامتنعت فهددها بأن يجلد ابنها في الخمر و هو عبد الله بن الحسن المثنى . و كان على ديوان المدينة عامل من أهل الشام يسمى ابن هرمز . و لما رفع حسابه و أراد السير إلى يزيد جاء ليودع فاطمة ، فقالت : أخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحاك و ما يتعرض لي . ثم بعث رسولها بكتابها إلى يزيد يخبره . و قدم ابن هرمز على يزيد فبينما هو يحدثه عن المدينة قال الحاجب : بالباب رسول فاطمة بنت الحسين ، فذكر ابن هرمز ما حملته . فنزل عن فراشه و قال عندك مثل هذا و ما تخبرني به ! فاعتذر بالنسيان . فأدخل يزيد الرسول و قرأ الكتاب و جعل ينكث الأرض بخيزرانة و يقول : لقد اجترأ ابن الضحاك هل من رجل يسمعني صوته في العذاب قيل له عبد الواحد بن عبد الله القسري فيكتب إليه بيده قد وليتك المدينة فانهض إليها و اعزل ابن الضحاك و غرمه أربعين ألف دينار ، و عذبه حتى أسمع و أنا على فراشي . و جاء البريد بالكتاب إليه و لم يدخل علىابن الضحاك فأحضر البريد و دس إليه بألف دينار فأخبره الخبر فسار ابن الضحاك إلى مسلمة بن عبد الملك و استجار به و سأل مسلمة فيه يزيد فقال : و الله لا أعفيه أبداً فرده مسلمة إلى عبد الواحد بالمدينة فعذبه و لقي شراً ، و لبس جبة صوف يسأل الناس و كان قد آذى الأنصار فذموه و كان قدوم القسري في شوال سنة أربع و مائة و أحسن السيرة فأحبه الناس و كان يستشير القاسم بن محمد و سالم بن عبد الله .
عزل الحريشي و ولاية مسلم الكلبي على خراسان
كان سعيد الحريشي عاملاً على خراسان لابن هبيرة كما ذكرنا و كان يستخف به و يكاتب الخليفة دونه و يكنيه أبا المثنى . و بعث من عيونه من يأتيه بخبره فبلغه أعظم مما سمع فعزله و عذبه حتى أدى الأموال و عزم على قتله ثم كف عنه . و ولى ابن هبيرة على خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي ، و لما جاء إلى خراسان حبسه و قيده و عذبه كما قلنا . فلما هرب ابن هبيرة بعد ذلك عن العراق أرسل خالد القسري في طلبه الحريشي فأدركه على الفرات و قال لابن هبيرة ما ظنك بي قال : إنك لا تدفع رجلاً من قومك إلى رجل من قسر قال : هو ذاك ثم انصرف و تركه .
وفاة يزيد و بيعة هشام
ثم توفي يزيد بن عبد الملك في شعبان سنة خمس و مائة لأربع سنين من خلافته و ولى بعده أخوه هشام بعهده إليه بذلك كما مر ، و كان بحمص فجاءه الخبر بذلك فعزل عمر ابن هبيرة عن العراق وولى مكانه خالد بن عبد الله القسري فسار إلى العراق من يومه .
غزو مسلم الترك
غزا مسلم بن سعيد الترك سنة خمسة و مائة فعبرالنهر و عاث في بلادهم و لم يفتح شيئاًو قفل فأتبعه الترك و لحقوه علىالنهر فعبرالناس و لم ينالوا منه . ثم غزا بقية السنة و حاصر أفشين حتى صالحوه على ستة آلاف رأس ، ثم دفعوا إليه القلعة . ثم غزا سنة ست و مائة ، و تباطأ عنه الناس ، و كان ممن تباطأ البختري بن درهم ، فرد مسلم نصر بن سيار إلى بلخ و أمره أن يخرج الناس إليه , و على بلخ عمر بن قتيبة أخو مسلم ، فجاء نصر و أحرق باب البختري و زياد بن طريف الباهلي . ثم منعهم عمر من دخول بلخ و قد قطع سعيد النهر ، و نزل نصر بن سيار البروقان و أتاه جند الضلاضيان ، و تجمعت ربيعة و الأزد بالبروقان على نصف فرسخ من نصر و خرجت مضر إلى نصر ، و خرج عمر بن مسلم إلى ربيعة والأزد و توافقوا و سفر الناس بينهما في الصلح و انصرف نصر . ثم حمل البختري و عمر بن مسلم على نصر فكر عليهم فقتل منهم ثمانية عشر و هزمهم و أتى بعمر بن مسلم و البختري و زياد بن طريف فضربهم مائة مائة و حلق رؤسهم و لحاهم و ألبسهم المسوح . و قيل إن سبب تعزيز عمر بن مسلم إنهزام تميم عنه و قيل انهزام ربيعة و الأزد ثم أمنهم نصر بعد ذلك و أمرهم أن يلحقوا بمسلم بن سعيد . و لما قطع مسلم النهر و لحقه من لحق من أصحابه سار إلى بخارى فلحقه بها كتاب خالد بن عبد الله القسري بولايته و يأمره بإتمام غزاته ، فسار إلى فرغانة و بلغه أن خاقان قد أقبل إليه فارتحل . و لحقه خاقان بعد ثلاثة مراحل لقي فيها طائفة من المسلمين فأصابهم . ثم أطاف بالعسكر و قاتل المسلمين ، و قتل المسيب بن بشر الرياحي و البراء من فرسان المهلب و أخو غورك و ثار الناس في وجوههم فأخرجوهم من العسكر و رحل مسلم بالناس ثمانية أيام و الترك مطيفون بهم بعد أن أمر بإحراق ما ثقل من الأمتعة ، فأحرقوا ما قيمته ألف ألف . و أصبحوا في التاسع قريب النهر دونه أهل فرغانة و الشاش . فأمر مسلم الناس لأن يخرطوا سيوفهم و يحملوا فافرج أهل فرغانة و الشاش عن النهر ، و نزل مسلم بعسكره ثم عبر من الغد ، و اتبعهم ابن خاقان . فكان حميد بن عبد الله على الساقة من وراء النهر و هو مثخن بالجراحة . فبعث إلى مسلم بالانتظار و عطف علىالترك فقاتلهم و أسر قائدهم و قائد الصغد ثم أصابه سهم فمات . و أتوا خجندة و قد أصابتهم مجاعة و جهد و لقيهم هنالك كتاب أسد بن عبد الله القسري أخي خالد بولايته على خراسان و استخلافه عبد الرحمن بن نعيم . فقرأ مسلم الكتاب و قال سمعاً و طاعة .
ولاية أسد القسري على خراسان
و لما غزا خالد بن عبد الله خراسان استخلف عليها أخاه أسد بن عبد الله فقدم و مسلم بن سعيد بفرغانة فلما رجع و أتى النهى ليقطعه منعه الأشهب بن عبد الله التميمي و كان على السفن بآمد حتى عرفه أنه الأمير فأذن له . ثم عبر أسد النهر و نزل بالمرج و على سمرقند هانئ بن هانئ ، فخرج بالناس و تلقى أسداً و أدخله سمرقند و بعث أسد إلى عبد الرحمن بن نعيم بالولاية على العسكر فقفل بالناس إلى سمرقند . ثم عزل أسداً عنها و ولى مكانه الحسن بن أبي العمرطة الكندي ثم قدم مسلم بن سعيد بن عبد الله بخراسان فكان يكرمه و مر بابن هبيرة و هو يروم الهرب و أسلم على يديه . ثم غزا الغور و هي جبال هراة فوضع أهلها أثقالهم في الكهوف و لم يكن إليهم طريق فاتخذ التوابيت و وضع فيها الرجال و دلاها بالسلاسل فاستخرجوا ما قدروا عليه ثم قطع كماق النهر و جاءه خاقان و لم يكن بينهما قتال و قيل عاد مهزوماً من الجسر . ثم سار إلى عوبرين و قاتلها و أبلى نصر بن سيار و مسلم بن أحور و انهزم المشركون و حوى المسلمون عسكرهم بما فيه .
ولاية أشرس على العراقكان أسد بن عبد الله في ولايته على خراسان يتعصب حتى أفسد الناس و ضرب نصر بن سيار بالسياط و عبد الرحمن بن نعيم و سورة بن أبجر و البختري بن أبي درهم ، و عامر بن مالك الحماني و حلقهم و سيرهم إلى أخيه ، و كتب إليه أنهم أرادوا الوثوب بي فلامه خالد و عنفه و قال : هلا بعثت برؤوسهم ؟ و خطب أسد يوماً فلعن أهل خراسان . فكتب هشام بن عبد الملك إلى خالد اعزل أخاك فعزله في رمضان سنة تسع و ولى مكانه الحكم بن عوانة
ولاية عبد الواحد القسرى على المدينة و مكة
كان عبد الرحمن بن الضحاك عاملاً على الحجاز منذ أيام عمر بن عبد العزيز و أقام عليها ثلاث سنين ثم حدثته نفسه خطبة فاطمة بنت الحسين فامتنعت فهددها بأن يجلد ابنها في الخمر و هو عبد الله بن الحسن المثنى . و كان على ديوان المدينة عامل من أهل الشام يسمى ابن هرمز . و لما رفع حسابه و أراد السير إلى يزيد جاء ليودع فاطمة ، فقالت : أخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحاك و ما يتعرض لي . ثم بعث رسولها بكتابها إلى يزيد يخبره . و قدم ابن هرمز على يزيد فبينما هو يحدثه عن المدينة قال الحاجب : بالباب رسول فاطمة بنت الحسين ، فذكر ابن هرمز ما حملته . فنزل عن فراشه و قال عندك مثل هذا و ما تخبرني به ! فاعتذر بالنسيان . فأدخل يزيد الرسول و قرأ الكتاب و جعل ينكث الأرض بخيزرانة و يقول : لقد اجترأ ابن الضحاك هل من رجل يسمعني صوته في العذاب قيل له عبد الواحد بن عبد الله القسري فيكتب إليه بيده قد وليتك المدينة فانهض إليها و اعزل ابن الضحاك و غرمه أربعين ألف دينار ، و عذبه حتى أسمع و أنا على فراشي . و جاء البريد بالكتاب إليه و لم يدخل علىابن الضحاك فأحضر البريد و دس إليه بألف دينار فأخبره الخبر فسار ابن الضحاك إلى مسلمة بن عبد الملك و استجار به و سأل مسلمة فيه يزيد فقال : و الله لا أعفيه أبداً فرده مسلمة إلى عبد الواحد بالمدينة فعذبه و لقي شراً ، و لبس جبة صوف يسأل الناس و كان قد آذى الأنصار فذموه و كان قدوم القسري في شوال سنة أربع و مائة و أحسن السيرة فأحبه الناس و كان يستشير القاسم بن محمد و سالم بن عبد الله .
عزل الحريشي و ولاية مسلم الكلبي على خراسان
كان سعيد الحريشي عاملاً على خراسان لابن هبيرة كما ذكرنا و كان يستخف به و يكاتب الخليفة دونه و يكنيه أبا المثنى . و بعث من عيونه من يأتيه بخبره فبلغه أعظم مما سمع فعزله و عذبه حتى أدى الأموال و عزم على قتله ثم كف عنه . و ولى ابن هبيرة على خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي ، و لما جاء إلى خراسان حبسه و قيده و عذبه كما قلنا . فلما هرب ابن هبيرة بعد ذلك عن العراق أرسل خالد القسري في طلبه الحريشي فأدركه على الفرات و قال لابن هبيرة ما ظنك بي قال : إنك لا تدفع رجلاً من قومك إلى رجل من قسر قال : هو ذاك ثم انصرف و تركه .
وفاة يزيد و بيعة هشام
ثم توفي يزيد بن عبد الملك في شعبان سنة خمس و مائة لأربع سنين من خلافته و ولى بعده أخوه هشام بعهده إليه بذلك كما مر ، و كان بحمص فجاءه الخبر بذلك فعزل عمر ابن هبيرة عن العراق وولى مكانه خالد بن عبد الله القسري فسار إلى العراق من يومه .
غزو مسلم الترك
غزا مسلم بن سعيد الترك سنة خمسة و مائة فعبرالنهر و عاث في بلادهم و لم يفتح شيئاًو قفل فأتبعه الترك و لحقوه علىالنهر فعبرالناس و لم ينالوا منه . ثم غزا بقية السنة و حاصر أفشين حتى صالحوه على ستة آلاف رأس ، ثم دفعوا إليه القلعة . ثم غزا سنة ست و مائة ، و تباطأ عنه الناس ، و كان ممن تباطأ البختري بن درهم ، فرد مسلم نصر بن سيار إلى بلخ و أمره أن يخرج الناس إليه , و على بلخ عمر بن قتيبة أخو مسلم ، فجاء نصر و أحرق باب البختري و زياد بن طريف الباهلي . ثم منعهم عمر من دخول بلخ و قد قطع سعيد النهر ، و نزل نصر بن سيار البروقان و أتاه جند الضلاضيان ، و تجمعت ربيعة و الأزد بالبروقان على نصف فرسخ من نصر و خرجت مضر إلى نصر ، و خرج عمر بن مسلم إلى ربيعة والأزد و توافقوا و سفر الناس بينهما في الصلح و انصرف نصر . ثم حمل البختري و عمر بن مسلم على نصر فكر عليهم فقتل منهم ثمانية عشر و هزمهم و أتى بعمر بن مسلم و البختري و زياد بن طريف فضربهم مائة مائة و حلق رؤسهم و لحاهم و ألبسهم المسوح . و قيل إن سبب تعزيز عمر بن مسلم إنهزام تميم عنه و قيل انهزام ربيعة و الأزد ثم أمنهم نصر بعد ذلك و أمرهم أن يلحقوا بمسلم بن سعيد . و لما قطع مسلم النهر و لحقه من لحق من أصحابه سار إلى بخارى فلحقه بها كتاب خالد بن عبد الله القسري بولايته و يأمره بإتمام غزاته ، فسار إلى فرغانة و بلغه أن خاقان قد أقبل إليه فارتحل . و لحقه خاقان بعد ثلاثة مراحل لقي فيها طائفة من المسلمين فأصابهم . ثم أطاف بالعسكر و قاتل المسلمين ، و قتل المسيب بن بشر الرياحي و البراء من فرسان المهلب و أخو غورك و ثار الناس في وجوههم فأخرجوهم من العسكر و رحل مسلم بالناس ثمانية أيام و الترك مطيفون بهم بعد أن أمر بإحراق ما ثقل من الأمتعة ، فأحرقوا ما قيمته ألف ألف . و أصبحوا في التاسع قريب النهر دونه أهل فرغانة و الشاش . فأمر مسلم الناس لأن يخرطوا سيوفهم و يحملوا فافرج أهل فرغانة و الشاش عن النهر ، و نزل مسلم بعسكره ثم عبر من الغد ، و اتبعهم ابن خاقان . فكان حميد بن عبد الله على الساقة من وراء النهر و هو مثخن بالجراحة . فبعث إلى مسلم بالانتظار و عطف علىالترك فقاتلهم و أسر قائدهم و قائد الصغد ثم أصابه سهم فمات . و أتوا خجندة و قد أصابتهم مجاعة و جهد و لقيهم هنالك كتاب أسد بن عبد الله القسري أخي خالد بولايته على خراسان و استخلافه عبد الرحمن بن نعيم . فقرأ مسلم الكتاب و قال سمعاً و طاعة .
ولاية أسد القسري على خراسان
و لما غزا خالد بن عبد الله خراسان استخلف عليها أخاه أسد بن عبد الله فقدم و مسلم بن سعيد بفرغانة فلما رجع و أتى النهى ليقطعه منعه الأشهب بن عبد الله التميمي و كان على السفن بآمد حتى عرفه أنه الأمير فأذن له . ثم عبر أسد النهر و نزل بالمرج و على سمرقند هانئ بن هانئ ، فخرج بالناس و تلقى أسداً و أدخله سمرقند و بعث أسد إلى عبد الرحمن بن نعيم بالولاية على العسكر فقفل بالناس إلى سمرقند . ثم عزل أسداً عنها و ولى مكانه الحسن بن أبي العمرطة الكندي ثم قدم مسلم بن سعيد بن عبد الله بخراسان فكان يكرمه و مر بابن هبيرة و هو يروم الهرب و أسلم على يديه . ثم غزا الغور و هي جبال هراة فوضع أهلها أثقالهم في الكهوف و لم يكن إليهم طريق فاتخذ التوابيت و وضع فيها الرجال و دلاها بالسلاسل فاستخرجوا ما قدروا عليه ثم قطع كماق النهر و جاءه خاقان و لم يكن بينهما قتال و قيل عاد مهزوماً من الجسر . ثم سار إلى عوبرين و قاتلها و أبلى نصر بن سيار و مسلم بن أحور و انهزم المشركون و حوى المسلمون عسكرهم بما فيه .
ولاية أشرس على العراقكان أسد بن عبد الله في ولايته على خراسان يتعصب حتى أفسد الناس و ضرب نصر بن سيار بالسياط و عبد الرحمن بن نعيم و سورة بن أبجر و البختري بن أبي درهم ، و عامر بن مالك الحماني و حلقهم و سيرهم إلى أخيه ، و كتب إليه أنهم أرادوا الوثوب بي فلامه خالد و عنفه و قال : هلا بعثت برؤوسهم ؟ و خطب أسد يوماً فلعن أهل خراسان . فكتب هشام بن عبد الملك إلى خالد اعزل أخاك فعزله في رمضان سنة تسع و ولى مكانه الحكم بن عوانة
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
الكلبي فقعد عن الصائفة تلك السنة فاستعمل هشام على خراسان أشرس بن عبد الله السلمي و أمره أن يراجع خالداً فكان خيراً ففرح به أهل خراسان .
عزل أشرس
أرسل أشرس إلى سمرقند سنة عشر و مائة أبا الصيدا صالح بن ظريف مولى بني ضبة و الربيع بن عمران التميمي إلى سمرقند و غيرها مما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام ، على أن توضع عنهم الجزية ، و عليها الحسن بن العمرطة الكندي على حربها و خراجها ، فدعاهم لذلك و أسلموا . و كتب غورك إلى الأشرس أن الجراح قد انكسر ، فكتب أشرس إلى ابن العمرطة : بلغني أن أهل الصغد و أشباههم لم يسلموا رغبة ، و إنما أسلموا نفوراً من الجزية فانظر من اختتن و أقام الفرائض ، و قرأ سورة من القرآن فارفع خراجه . ثم عزل ابن العمرطة عن الخراج و ولى عليها ابن هانئ و منعهم أبو الصيدا أخذ الجزية ممن أسلم ، و كتب هانئ إلى أشرس بأنهم أسلموا و بنوا المساجد فكتب إليه و إلى العمال أن يعيدوا الجزية على من كانت عليه و لو أسلم ، فامتنعوا و اعتزلوا في سبعة آلاف على فراسخ من سمرقند وخرج معهم أبو الصيدا و ربيع بن عمران و الهيثم الشيباني و أبو فاطمة الأزدي و عامر بن قشير و بشير الحجدري و بيان العنبري و إسمعيل بن عقبة لينصروهم . و بلغ الخبر إلى أشرس فعزل ابن العمرطة عن الحرب و ولى مكانه المجشر بن مزاحم السلمي و عميرة بن سعد الشيباني ، فكتب المجشر إلى أبي الصيدا يستقدمه هو و أصحابه فقدم و معه ثابت قطنة فحبسهما و سيرهما إلى أشرس ، و اجتماع الباقون و ولوا عليهم أبا فاطمة ليقاتلوا هانئاً فكتب أشرس و وضع عنهم الخراج فرجعوا و ضعف أمرهم و تتبعوا فحبسوا كلهم و ألح هانئ في الخراج و استخف بغعل العجم و الدهاقين . و أقيموا في العقوبات و حرقت ثيابهم ، و ألقيت مناطقهم في أعناقهم و أخذت الجزية من أسلم . فكفرت الصغد و بخارى ، و استجاشوا بالترك و خرج أشرس غازياً فنزل آمد و أقام أشهراً و قدم قطن بن قتيبة بن مسلم في عشرة آلاف فعبر النهر و لقي الترك و أهل الصغد و بخارى و معهم خاقان ، فحصروا قطناً في خندقه . و أغار الترك على سرح المسلمين ، و أطلق أشرس ثابت بن قطنة بكفالة عبد الله بن بسطام بن مسعود بن عمرو و بعث معه في خيل ، فاستقدمه من أيدي الترك ما أخذوه ثم عبر أشرس بالناس و لحق بقطن و لقيهم العدو فانهزموا أمامهم و سار أشرس بالناس حتى جاء بيكند فحاصرها المسلمون ، و قطع أهل البلد عنهم الماء ، و أصابهم العطش فرحلوا إلى المدينة و اعترضهم دونها العدو فقاتلوهم قتالاً شديداً و أبلى الحرث بن شريح و قطن بن قتيبة بلاء شديداً و أزالوا الترك عن الماء فقتل يومئذ ثابت قطنة وصخر بن مسلم بن النعمان العبدي ، و عبد الملك بن دثار الباهلي و غيرهم و حمل قطن بن قتيبة في جماعة تعاقدوا على الموت ، فانهزم العدو و اتبعهم المسلمون يقتلونهم إلى الليل . ثم رجع أشرس إلى بخارى و جهز عليها عسكراً يحاصرونهم و عليهم الحرث بن شريح الأزدي ثم حاصر خاقان مدينة كمرجة من خراسان و بها جمع من المسلمين . و قطعوا القنطرة و أتاهم ابن جسر و ابن يزدجرد و قال : إن خاقان جاء يرد علي منكبي و أنا آخذ لكم الأمان فشتموه و أتاهم يزغري في مائتين و كان داهية ، و كان خاقان لايخالفه . فطل رجلاً يكلمه فجاءه يزيد بن سعد الباهلي فرغبه بإضعاف العطاء و الإحسان على النزول و يسيرون معهم ، فلاطفه و رجع إلى أصحابه و قال هؤلاء يدعونكم لقتال المسلمين ، فأبوا و أمر خاقان فألقى الحطب الرطب في الخندق ليقطعه ، و ألقى المسلمون البهائم ليأكلوها و يحشوا جلودها ترابا و يملؤا بها الخندق . و أرسل الله سبحانه سحابة فاحتمل السيل ما في الخندق إلى النهر الأعظم و رمى المسلمون بالسهام فأصيب يزغري بسهم و مات من ليلته فقتلوا جميع من عندهم من الأسرى و الرهن . و لم يزالوا كذلك حتى نزلت جيوش المسلمين فرغانة فجردوا عليهم و اشتد قتالهم و صالحهم المسلمون على أن يسلموا لهم كمرجة و يرحلوا عليها إلى سمرقند و الدنوسية و تراهنوا على ذلك و تأخر خاقان حتى يخرجوا و خلف معهم كورصول ليبلغهم إلى مأمنهم فارتحلوا حتى بلغوا الدنوسية و أطلقوا الرهن و كانت مدة الحصار ستين يوماً .
عزل أشرس عن خراسان و ولاية الجنيد
و في سنة إحدى عشرة ومائة عزل هشام أشرس بن عبد الله عن خراسان و ولى مكانه الجنيد بن عبد الرحمن بن عمر بن الحرث بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة المري أهدى إلى أم حكيم بنت يحيى بن الحكم امرأة هشام قلادة فيها جواهر فأعجبت هشاماً فأهدى له أخرى مثلها فولاه خراسان و حمله على البريد فقدم خراسان في خمسمائة و وجد الخطاب ابن محرز السلمي خليفة أشرس على خراسان فسار الجنيد إلى ما وراء النهر و معه الخطاب و استخلف على مرو المجشر بن مزاحم السلمي و على بلخ سورة بن أبجر التميمي . و بعث إلى أشرس و هو يقاتل أهل بخارى و الصغد أن يبعث إليه بسرية مخافة أن يعترضه العدو ، فبعث إليه أشرس عامر بن مالك الجابي فعرض له الترك و الصغد فقاتلوهم ثم استداروا وراء معسكر الترك و حمل المسلمون عليهم من أمامهم فانهزم الترك و لحق عامر بالجنيد فأقبل معه و على مقدمته عمارة بن حزيم و اعترضه الترك فهزمهم . و زحف إليه خاقان بنواحي سمرقند و قطن ابن قتيبة على ساقته ، فهزم خاقان و أسر ابن أخيه و بعث به هشام ، و رجع إلى مرو ظافراً . و استعمل قطن بن قتيبة على بخارى و الوليد بن القعقاع العبسي على هراة و حبيب بن مرة العبسي على شرطته و مسلم بن عبد الرحمن الباهلي على بلخ و عليها نصر بن سيار فبعث مسلم إلى نصر وجيء به في قميص دون سراويل ، فقال شيخ مضر جئتم به على هذه الحالة ؟ فعزل الجنيد مسلماً عن بلخ و أوفد وفداً إلى هشام يخبر غزاته .
مقتل الجراح الحكمي
قد كان تقدم لنا دخوله إلى بلاد الخزر سنة أربع و مائة و انهزامهم أمامه و أنه أثخن فيهم و ملك بلنجر و ردها على صاحبها و أدركه الشتاء فأقام هنالك . و أن هشاماً أقره على عمله ثم ولاه أرمينية فدخل بلاد التركمان من ناحية تفليس سنة إحدى عشرة ففتح مدينتهم البيضاء و انصرف ظافراً . فاجتمع الخزر و الترك من ناحية اللاف ، و زحف إليهم الجراح سنة إثنتي عشرة و لقيهم بمرج أردبيل ، فاقتتلوا أشد قتال ، و تكاثر العدو عليه فاستشهد و من معه وقد كان استخلف أخاه الحجاج على أرمينية و لما قتل طمع الخزر و هم التركمان و أوغلوا في البلاد حتى قاربوا الموصل ، و قيل كان قتله ببلنجر . و لما بلغ الخبر هشاماً دعا سعيد الحريشي فقال : بلغني أن الجراح انهزم ! قال : الجراح أعرف بالله من أن ينهزم و لكن قتل فابعثني على أربعين من دواب البريد و ابعث إلي كل يوم أربعين رجلاً مدداً و اكتب إلى أمراء الأجناد يواسوني ففعل و سار الحريشي فلا يمر بمدينة إلا يستنهض أهلها فيجيبه من أراد الجهاد . و وصل مدينة أزور فلقيه جماعة من أصحاب الجراح فردهم معه و وصل إلى خلاط فحاصرها و فتحها و قسم غنائمها . ثم سار عنها يفتح القلاع و الحصون إلى بروعة فنزلها و ابن خاقان يومئذ بأذزبيجان يحاصرها مدينة ورثان منها و يعيث في نواحيها ، و بعث الحريشي إلى أهل ورثان يخبرهم بوصوله فأخرج العدو عنهم و وصل إليهم الحريشي . ثم اتبع العدو إلى أردبيل و جاءه بعض عيونه بأن عشرة آلاف من عسكرهم على أربعة فراسخ منه و معهم خمسة آلاف بيت من المسلمين أسارى و سبايا ، فبيتهم و قتلهم أجمعين و لم ينج منهم أحد و استنقذ المسلمين منهم . و سار إلى باجروان فجاءه عين آخر ودله على جمع منهم فسار إليهم و استحلمهم أجمعين و استنفد من معهم من المسلمين ، و كان فيهم أهل الجراح و ولده فحملهم إلى باجروان . ثم زحف إليهم جموع الخزر مع ابن ملكهم و التقوا بأرض زرند ، و اشتد القتال و السبي من معسكر الكفار فبكى المسلمون رحمة لهم و صدقوا الحملة ، فانهزم الكفار و اتبعهم المسلمون إلى نهر أرس و غنموا ما كان معهم من الأموال و استنفدوا الأسرى و السبايا و حملوهم إلى باجروان . ثم تناصر الخزر في ملكهم و رجعوا فنزلوا نهر البيلقان و اقتتلوا قتالاً شديداً . ثم انهزموا فكان من غرق أكثر ممن قتل و جمع الحريشي الغنائم و عاد إلى باجروان فقسمها و كتب إلى هشام بالفتح . و استقدمه و ولى أخاه مسلمة على أرمينية و أذربيجان .
عزل أشرس
أرسل أشرس إلى سمرقند سنة عشر و مائة أبا الصيدا صالح بن ظريف مولى بني ضبة و الربيع بن عمران التميمي إلى سمرقند و غيرها مما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام ، على أن توضع عنهم الجزية ، و عليها الحسن بن العمرطة الكندي على حربها و خراجها ، فدعاهم لذلك و أسلموا . و كتب غورك إلى الأشرس أن الجراح قد انكسر ، فكتب أشرس إلى ابن العمرطة : بلغني أن أهل الصغد و أشباههم لم يسلموا رغبة ، و إنما أسلموا نفوراً من الجزية فانظر من اختتن و أقام الفرائض ، و قرأ سورة من القرآن فارفع خراجه . ثم عزل ابن العمرطة عن الخراج و ولى عليها ابن هانئ و منعهم أبو الصيدا أخذ الجزية ممن أسلم ، و كتب هانئ إلى أشرس بأنهم أسلموا و بنوا المساجد فكتب إليه و إلى العمال أن يعيدوا الجزية على من كانت عليه و لو أسلم ، فامتنعوا و اعتزلوا في سبعة آلاف على فراسخ من سمرقند وخرج معهم أبو الصيدا و ربيع بن عمران و الهيثم الشيباني و أبو فاطمة الأزدي و عامر بن قشير و بشير الحجدري و بيان العنبري و إسمعيل بن عقبة لينصروهم . و بلغ الخبر إلى أشرس فعزل ابن العمرطة عن الحرب و ولى مكانه المجشر بن مزاحم السلمي و عميرة بن سعد الشيباني ، فكتب المجشر إلى أبي الصيدا يستقدمه هو و أصحابه فقدم و معه ثابت قطنة فحبسهما و سيرهما إلى أشرس ، و اجتماع الباقون و ولوا عليهم أبا فاطمة ليقاتلوا هانئاً فكتب أشرس و وضع عنهم الخراج فرجعوا و ضعف أمرهم و تتبعوا فحبسوا كلهم و ألح هانئ في الخراج و استخف بغعل العجم و الدهاقين . و أقيموا في العقوبات و حرقت ثيابهم ، و ألقيت مناطقهم في أعناقهم و أخذت الجزية من أسلم . فكفرت الصغد و بخارى ، و استجاشوا بالترك و خرج أشرس غازياً فنزل آمد و أقام أشهراً و قدم قطن بن قتيبة بن مسلم في عشرة آلاف فعبر النهر و لقي الترك و أهل الصغد و بخارى و معهم خاقان ، فحصروا قطناً في خندقه . و أغار الترك على سرح المسلمين ، و أطلق أشرس ثابت بن قطنة بكفالة عبد الله بن بسطام بن مسعود بن عمرو و بعث معه في خيل ، فاستقدمه من أيدي الترك ما أخذوه ثم عبر أشرس بالناس و لحق بقطن و لقيهم العدو فانهزموا أمامهم و سار أشرس بالناس حتى جاء بيكند فحاصرها المسلمون ، و قطع أهل البلد عنهم الماء ، و أصابهم العطش فرحلوا إلى المدينة و اعترضهم دونها العدو فقاتلوهم قتالاً شديداً و أبلى الحرث بن شريح و قطن بن قتيبة بلاء شديداً و أزالوا الترك عن الماء فقتل يومئذ ثابت قطنة وصخر بن مسلم بن النعمان العبدي ، و عبد الملك بن دثار الباهلي و غيرهم و حمل قطن بن قتيبة في جماعة تعاقدوا على الموت ، فانهزم العدو و اتبعهم المسلمون يقتلونهم إلى الليل . ثم رجع أشرس إلى بخارى و جهز عليها عسكراً يحاصرونهم و عليهم الحرث بن شريح الأزدي ثم حاصر خاقان مدينة كمرجة من خراسان و بها جمع من المسلمين . و قطعوا القنطرة و أتاهم ابن جسر و ابن يزدجرد و قال : إن خاقان جاء يرد علي منكبي و أنا آخذ لكم الأمان فشتموه و أتاهم يزغري في مائتين و كان داهية ، و كان خاقان لايخالفه . فطل رجلاً يكلمه فجاءه يزيد بن سعد الباهلي فرغبه بإضعاف العطاء و الإحسان على النزول و يسيرون معهم ، فلاطفه و رجع إلى أصحابه و قال هؤلاء يدعونكم لقتال المسلمين ، فأبوا و أمر خاقان فألقى الحطب الرطب في الخندق ليقطعه ، و ألقى المسلمون البهائم ليأكلوها و يحشوا جلودها ترابا و يملؤا بها الخندق . و أرسل الله سبحانه سحابة فاحتمل السيل ما في الخندق إلى النهر الأعظم و رمى المسلمون بالسهام فأصيب يزغري بسهم و مات من ليلته فقتلوا جميع من عندهم من الأسرى و الرهن . و لم يزالوا كذلك حتى نزلت جيوش المسلمين فرغانة فجردوا عليهم و اشتد قتالهم و صالحهم المسلمون على أن يسلموا لهم كمرجة و يرحلوا عليها إلى سمرقند و الدنوسية و تراهنوا على ذلك و تأخر خاقان حتى يخرجوا و خلف معهم كورصول ليبلغهم إلى مأمنهم فارتحلوا حتى بلغوا الدنوسية و أطلقوا الرهن و كانت مدة الحصار ستين يوماً .
عزل أشرس عن خراسان و ولاية الجنيد
و في سنة إحدى عشرة ومائة عزل هشام أشرس بن عبد الله عن خراسان و ولى مكانه الجنيد بن عبد الرحمن بن عمر بن الحرث بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة المري أهدى إلى أم حكيم بنت يحيى بن الحكم امرأة هشام قلادة فيها جواهر فأعجبت هشاماً فأهدى له أخرى مثلها فولاه خراسان و حمله على البريد فقدم خراسان في خمسمائة و وجد الخطاب ابن محرز السلمي خليفة أشرس على خراسان فسار الجنيد إلى ما وراء النهر و معه الخطاب و استخلف على مرو المجشر بن مزاحم السلمي و على بلخ سورة بن أبجر التميمي . و بعث إلى أشرس و هو يقاتل أهل بخارى و الصغد أن يبعث إليه بسرية مخافة أن يعترضه العدو ، فبعث إليه أشرس عامر بن مالك الجابي فعرض له الترك و الصغد فقاتلوهم ثم استداروا وراء معسكر الترك و حمل المسلمون عليهم من أمامهم فانهزم الترك و لحق عامر بالجنيد فأقبل معه و على مقدمته عمارة بن حزيم و اعترضه الترك فهزمهم . و زحف إليه خاقان بنواحي سمرقند و قطن ابن قتيبة على ساقته ، فهزم خاقان و أسر ابن أخيه و بعث به هشام ، و رجع إلى مرو ظافراً . و استعمل قطن بن قتيبة على بخارى و الوليد بن القعقاع العبسي على هراة و حبيب بن مرة العبسي على شرطته و مسلم بن عبد الرحمن الباهلي على بلخ و عليها نصر بن سيار فبعث مسلم إلى نصر وجيء به في قميص دون سراويل ، فقال شيخ مضر جئتم به على هذه الحالة ؟ فعزل الجنيد مسلماً عن بلخ و أوفد وفداً إلى هشام يخبر غزاته .
مقتل الجراح الحكمي
قد كان تقدم لنا دخوله إلى بلاد الخزر سنة أربع و مائة و انهزامهم أمامه و أنه أثخن فيهم و ملك بلنجر و ردها على صاحبها و أدركه الشتاء فأقام هنالك . و أن هشاماً أقره على عمله ثم ولاه أرمينية فدخل بلاد التركمان من ناحية تفليس سنة إحدى عشرة ففتح مدينتهم البيضاء و انصرف ظافراً . فاجتمع الخزر و الترك من ناحية اللاف ، و زحف إليهم الجراح سنة إثنتي عشرة و لقيهم بمرج أردبيل ، فاقتتلوا أشد قتال ، و تكاثر العدو عليه فاستشهد و من معه وقد كان استخلف أخاه الحجاج على أرمينية و لما قتل طمع الخزر و هم التركمان و أوغلوا في البلاد حتى قاربوا الموصل ، و قيل كان قتله ببلنجر . و لما بلغ الخبر هشاماً دعا سعيد الحريشي فقال : بلغني أن الجراح انهزم ! قال : الجراح أعرف بالله من أن ينهزم و لكن قتل فابعثني على أربعين من دواب البريد و ابعث إلي كل يوم أربعين رجلاً مدداً و اكتب إلى أمراء الأجناد يواسوني ففعل و سار الحريشي فلا يمر بمدينة إلا يستنهض أهلها فيجيبه من أراد الجهاد . و وصل مدينة أزور فلقيه جماعة من أصحاب الجراح فردهم معه و وصل إلى خلاط فحاصرها و فتحها و قسم غنائمها . ثم سار عنها يفتح القلاع و الحصون إلى بروعة فنزلها و ابن خاقان يومئذ بأذزبيجان يحاصرها مدينة ورثان منها و يعيث في نواحيها ، و بعث الحريشي إلى أهل ورثان يخبرهم بوصوله فأخرج العدو عنهم و وصل إليهم الحريشي . ثم اتبع العدو إلى أردبيل و جاءه بعض عيونه بأن عشرة آلاف من عسكرهم على أربعة فراسخ منه و معهم خمسة آلاف بيت من المسلمين أسارى و سبايا ، فبيتهم و قتلهم أجمعين و لم ينج منهم أحد و استنقذ المسلمين منهم . و سار إلى باجروان فجاءه عين آخر ودله على جمع منهم فسار إليهم و استحلمهم أجمعين و استنفد من معهم من المسلمين ، و كان فيهم أهل الجراح و ولده فحملهم إلى باجروان . ثم زحف إليهم جموع الخزر مع ابن ملكهم و التقوا بأرض زرند ، و اشتد القتال و السبي من معسكر الكفار فبكى المسلمون رحمة لهم و صدقوا الحملة ، فانهزم الكفار و اتبعهم المسلمون إلى نهر أرس و غنموا ما كان معهم من الأموال و استنفدوا الأسرى و السبايا و حملوهم إلى باجروان . ثم تناصر الخزر في ملكهم و رجعوا فنزلوا نهر البيلقان و اقتتلوا قتالاً شديداً . ثم انهزموا فكان من غرق أكثر ممن قتل و جمع الحريشي الغنائم و عاد إلى باجروان فقسمها و كتب إلى هشام بالفتح . و استقدمه و ولى أخاه مسلمة على أرمينية و أذربيجان .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
وقعة الشعب بين الجنيد و خاقان
و خرج الجنيد سنة إنثني عشرة و مائة من خراسان غازياً إلى طخارستان و بعث إليها عمارة ابن حزيم في ثمانية عشر ألفاً ، بعث ابراهيم بن سام الليثي في عشرة آلاف إلى وجه آخر و حاشتك الترك و زحف بهم خاقان إلى سمر قند و عليها سورة بن أبجر فكتب إلى الهند مستغيثاً فأمر الجنيد بعبور النهر فقال له المجشر بن مزاحم السلمي و ابن بسطام الأزدي : إن الترك ليسوا كغيرهم و قد جندك فسلم ابن عبد الرحمن بالنبراود و البختري بهراة و عمارة بن حزيم بطخارستان و لا تعبر النهر في أقل من خمسين ألفاً . فاستقدم عمارة و أمهل فقال : أخي على سورة و عبر الجنيد فنزل كش و تأهب للسير . و غور الترك الآبار في طريق كش و سار الجنيد على التعبية و اعتراضه خاقان و معه أهل الصغد و فرغانة و الشاش ، و حملوا على مقدمته ، و عليها عثمان بن عبد الله بن الشخير فرجعوا و الترك في أتباعهم ثم حملوا على المدينة و أمدهم الجنيد بنصر بن سيار و شدوا على العدو و قتل أعياناً منهم و أقبل الجنيد على الميمنة و أقبل تحت راية الأزد فقال صاحب الراية : ماقصدت كرامتنا لكن علمت أنا لا نصل إليك و منا عين تطرف . فصبروا و قاتلوا حتى كلت سيوفهم و قطع عبيدهم الخشب فقاتلوا بها حتى أدركهم الملل و تعانقوا ثم تحاجزوا و هلك من الأزد في ذلك المعترك نحو من ثمانين فيهم عبد الله بن بسطام و محمد بن عبد الله بن جودان و الحسين بن شيخ و يزيد ابن المفضل الحراني . و بين الناس كذلك إذ طلعت أوائل عسكر خاقان فنادى منادي الجنيد بالنزول فترجلوا ، و خندق كل كائن على رجاله . و قصد خاقان جهة بكر بن وائل و عليهم زياد بن الحرث فحملت بكر عليهم فأفرجوا واشتد القتال ، و أشار أصحاب الجنيد عليه بأن يبعث إلى سورة بن أبجر من سمرقند ليقدم الترك إليه ليكون لهم شغل به عن الجنيد و أصحابه ، فكتب يستقدمه فاعتذر فأعاد عليه تهدده وقال : اخرج و سر مع النهر لا تفارقه فلما خرج هو استبعد طريق النهر و استخلف على سمرقند موسى بن أسود الحنظلي وسار محمد في إثنتي عشر ألفاً حتى إذا بقي بينه و بين الجنيد و عساكره فرسخ لقيه خاقان عند الصباح و حال بينهم و بين الماء و أضرم النار في اليبس حواليهم فاستماتوا و حملوا و انكشفت الترك و أظلم الجو بالعجاج . و كان من وراء الترك لهب سقط فيه جمع العدو و المسلمون و سقط سورة فاندقت فخذه ثم عطف الترك فقتلوا المسلمين و لم يبق منهم إلا القليل و انحاش بالناس المهلب بن زياد و العجمي في ستمائة أو ألف ، و معه قريش بن عبد الله العبدي إلى رستاق المرغاب ، و قاتلوا بعض قصوره فأصيب المهلب و ولوا عليهم الرحب بن خالد . و جاءهم الاسكيد صاحب نسف و غورك ملك الصغد فنزلوا معه إلى خاقان فلم يجز أمان غورك و قتلهم و لم ينج منهم أحد . ثم خرج الجنيد من الشعب قاصداً سمرقند و أشار عليه مجشر بن مزاحم بالنزول فنزل و وافقته جموع الترك فجال الناس جولة و صبر المسلمون و قاتل العبيد و انهزم العدو و مضى الجنيد إلى سمرقند فحمل العيالات إلى مرو و أقام بالصغد أربع أشهر و كان صاحب الرأي بخراسان في الحرب المجشر بن مزاحم السلمي و عبد الرحمن ابن صبح المخزومي و عبيد الله بن حبيب الهجري . و لما انصرفت الترك بعث الجنيد نهار بن توسعة بن تيم الله و زميل بن سويد بن شيم بالخبر و تحامل فيه على سورة بن أبجر بما عصاه من مفارقة النهر حتى نال العدو منه فكتب إليه هشام قد بعث إليك من المدد عشرة آلاف من البصرة و مثلها من الكوفة و ثلاثون ألف رمح و مثلها سيفاً . و أقام الجنيد بسمرقند و سار خاقان إلى بخارى و عليها قطن بن قتيبة بن مسلم فخاف عليه من الترك و استشار عبد الله بن أبي عبد الله مولى بن سليم بعد أن اختلف عليه أصحابه فاشترط عليه أن لا يخالفه فأشار بحمل العيالات من سمرقند فقدمهم و استخلف بسمرقند عثمان بن عبد الله بن الشخير في أربعمائة فارس و أربعمائة راجل و وفر أعطياتهم و سار العيادات في مقدمته حتى من الضيق و دنا من الطواويس . فأقبل إليه خاقان بكير ميمنية أول رمضان سنة إثنتى عشرة ، و اقتتلوا قليلاً ، ثم رجع الترك و ارتحل من الغد ، فاعترضه الترك ثانياً و قتل مسلم بن أحوز بعض عظمائهم فرجعوا من الطواويس . ثم دخل الجنيد بالمسلمين بخارى و قدمت الجنود من البصرة و الكوفة فسرح الجنيد معهم حورثة بن زيد العنبري فيمن انتدب معه .
ولاية عاصم على خراسان و عزل الجنيد
بلغ هشاماً سنة ست عشرة أن الجنيد بن عبد الرحمن عامل خراسان تزوج بنت يزيد بن المهلب فغضب لذلك و عزله و ولى مكانه عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي و كان الجنيد قد مرض بالاستسقاء . فقال هشام لعاصم : إن أدركته و به رمق فأزهق نفسه فلما قدم عاصم وجده قد مات و كانت بينهما عداوة فحبس عمارة بن حزيم و كان الجنيد استخلفه و هو ابن عذبة فعذبه و عذب عمال الجنيد .
ولاية مروان بن محمد على أرمينية و أذربيجان
لما عاد مسلمة من غزو الخرز و هم التركمان إلى بلاد المسلمين و كان في عسكره مروان بن محمد بن مروان ، فخرج مختفياً عنه إلى هشام و شكا له من مسلمة و تخاذله عن الغزو و ما أدخل بذلك على المسلمين من الوهم . و بعث إلى العدو بالحرب و أقام شهراً حتى استعدوا و حشدوا و دخل بلادهم فلم يكن له فيهم نكاية و قصد أراد السلامة و رغب إليه بالغزو إليهم لينتقم منهم ، و أن يمده بمائة و عشرين ألف مقاتل و يكتم عليه فأجابه لذلك و ولاه على أرمينية . فسار إليها و جاءه المدد من الشام و العراق و الجزيرة . فأظهر أنه يريد غزو اللان و بعث إلى ملك الخزر في المهادنة فأجاب . و أرسل رسله لتقرير الصلح فأمسكهم مروان إلى أن تجهز و ودعهم و سار على أقرب الطرق فوافاهم و رأى ملك الخزر أن اللقاء على تلك الحال غرر فتأخر إلى أقصى بلاده . و دخل مروان فأوغل فيها و خرب و غنم و سبى إلى آخرها . و دخل بلاد ملك السرير و فتح قلاعها و صالحوه على ألف رأس نصفها غلمان و نصفها جواري و مائة ألف مد تحمل إلى الباب . و صالحه أهل تومان على مائة رأس نصفين و عشرين ألف مد . ثم دخل أرض وردكران فصالحوه . ثم أتى حمرين و افتتح حصنهم ، ثم أتى سبدان فافتتحها صلحاً ، ثم نزل صاحب اللكز في قلعته و قد امتنع من أداء الوظيفة ، فخرج يريد ملك الخزر فأصيب بسهم و مات و صالح أهل اللكز مروان ، و أدخل عامله و سار مروان إلى قلعة سروان فأطاعوا ، و سار إلى الرودانية فأوقع بهم و رجع .
خلع الحرث بن شريح بخراسان
كان الحرث هذا عظيم الأزد بخراسان فخلع ست عشرة و لبس السواد ، و دعا إلى كتاب الله و سنة نبيه و البيعة للرضا على ما كان عليه دعاة بني العباس هناك . و أقبل إلى الغاربات و جاءته رسل عاصم مقاتل بن حيان النبطي و الخطاب بن محرز السلمي فحبسهما و فروا من السجن إلى عاصم بدم الحرث و غدره . و سار الحرث من الغاربات إلى بلخ و عليها نصر بن سيار و التخيبي ، فلقياه في عشرة آلاف و هو في أربعة فهزمهم ، و ملك بلخ و استعمل عليها سليمان بن عبد الله بن حازم . و سار إلى الجوزجان عليها ثم سار إلى مرو و نمي إلى عاصم أن أهل مرو يكاتبونه فاستوثق منهم بالقسامة و خرج و عسكر قريباً من مرو ، و قطع الجسور و أقبل الحرث في ستين ألفاً و معه فرسان الأزد و تميم و دهاقين الجوزجان و الغاربات ، و ملك الطالقان و أصلحوا القناطر ثم نزع محمد بن المثنى في ألفين من الأزد و حماد بن عامر الجانبي في مثلها من بني تميم إلى عاصم ، و لحقوا به . ثم اقتتلوا فانهزم الحرث و غرق كثير من أصحابه في نهر مرو و قتلوا قتلاً ذريعاً . و كان ممن غرق حازم . و لما قطع الحرث نهر مرو ضرب رواقه و اجتمع إليه بها ثلاثة آلاف فارس و كف عاصم عنهم .
ولاية أسد القسرى الثانية بخراسانكتب عاصم إلى هشام سنة سبع عشرة أن خراسان لا تصلح إلا أن تضم إلى العراق ليكون مددها قريب الغوث ، فضم هشام خراسان إلى خالد بن عبد الله القسري و كتب إليه : إبعث أخاك يصلح ما أفسد فبعث خالد أخاه أسداً فسار على مقدمته محمد بن مالك الهمداني . و لما بلغ عاصم الخبر راود الحرث بن شريح على الصلح و أن يكتبا جميعاً إلى هشام يسألانه
و خرج الجنيد سنة إنثني عشرة و مائة من خراسان غازياً إلى طخارستان و بعث إليها عمارة ابن حزيم في ثمانية عشر ألفاً ، بعث ابراهيم بن سام الليثي في عشرة آلاف إلى وجه آخر و حاشتك الترك و زحف بهم خاقان إلى سمر قند و عليها سورة بن أبجر فكتب إلى الهند مستغيثاً فأمر الجنيد بعبور النهر فقال له المجشر بن مزاحم السلمي و ابن بسطام الأزدي : إن الترك ليسوا كغيرهم و قد جندك فسلم ابن عبد الرحمن بالنبراود و البختري بهراة و عمارة بن حزيم بطخارستان و لا تعبر النهر في أقل من خمسين ألفاً . فاستقدم عمارة و أمهل فقال : أخي على سورة و عبر الجنيد فنزل كش و تأهب للسير . و غور الترك الآبار في طريق كش و سار الجنيد على التعبية و اعتراضه خاقان و معه أهل الصغد و فرغانة و الشاش ، و حملوا على مقدمته ، و عليها عثمان بن عبد الله بن الشخير فرجعوا و الترك في أتباعهم ثم حملوا على المدينة و أمدهم الجنيد بنصر بن سيار و شدوا على العدو و قتل أعياناً منهم و أقبل الجنيد على الميمنة و أقبل تحت راية الأزد فقال صاحب الراية : ماقصدت كرامتنا لكن علمت أنا لا نصل إليك و منا عين تطرف . فصبروا و قاتلوا حتى كلت سيوفهم و قطع عبيدهم الخشب فقاتلوا بها حتى أدركهم الملل و تعانقوا ثم تحاجزوا و هلك من الأزد في ذلك المعترك نحو من ثمانين فيهم عبد الله بن بسطام و محمد بن عبد الله بن جودان و الحسين بن شيخ و يزيد ابن المفضل الحراني . و بين الناس كذلك إذ طلعت أوائل عسكر خاقان فنادى منادي الجنيد بالنزول فترجلوا ، و خندق كل كائن على رجاله . و قصد خاقان جهة بكر بن وائل و عليهم زياد بن الحرث فحملت بكر عليهم فأفرجوا واشتد القتال ، و أشار أصحاب الجنيد عليه بأن يبعث إلى سورة بن أبجر من سمرقند ليقدم الترك إليه ليكون لهم شغل به عن الجنيد و أصحابه ، فكتب يستقدمه فاعتذر فأعاد عليه تهدده وقال : اخرج و سر مع النهر لا تفارقه فلما خرج هو استبعد طريق النهر و استخلف على سمرقند موسى بن أسود الحنظلي وسار محمد في إثنتي عشر ألفاً حتى إذا بقي بينه و بين الجنيد و عساكره فرسخ لقيه خاقان عند الصباح و حال بينهم و بين الماء و أضرم النار في اليبس حواليهم فاستماتوا و حملوا و انكشفت الترك و أظلم الجو بالعجاج . و كان من وراء الترك لهب سقط فيه جمع العدو و المسلمون و سقط سورة فاندقت فخذه ثم عطف الترك فقتلوا المسلمين و لم يبق منهم إلا القليل و انحاش بالناس المهلب بن زياد و العجمي في ستمائة أو ألف ، و معه قريش بن عبد الله العبدي إلى رستاق المرغاب ، و قاتلوا بعض قصوره فأصيب المهلب و ولوا عليهم الرحب بن خالد . و جاءهم الاسكيد صاحب نسف و غورك ملك الصغد فنزلوا معه إلى خاقان فلم يجز أمان غورك و قتلهم و لم ينج منهم أحد . ثم خرج الجنيد من الشعب قاصداً سمرقند و أشار عليه مجشر بن مزاحم بالنزول فنزل و وافقته جموع الترك فجال الناس جولة و صبر المسلمون و قاتل العبيد و انهزم العدو و مضى الجنيد إلى سمرقند فحمل العيالات إلى مرو و أقام بالصغد أربع أشهر و كان صاحب الرأي بخراسان في الحرب المجشر بن مزاحم السلمي و عبد الرحمن ابن صبح المخزومي و عبيد الله بن حبيب الهجري . و لما انصرفت الترك بعث الجنيد نهار بن توسعة بن تيم الله و زميل بن سويد بن شيم بالخبر و تحامل فيه على سورة بن أبجر بما عصاه من مفارقة النهر حتى نال العدو منه فكتب إليه هشام قد بعث إليك من المدد عشرة آلاف من البصرة و مثلها من الكوفة و ثلاثون ألف رمح و مثلها سيفاً . و أقام الجنيد بسمرقند و سار خاقان إلى بخارى و عليها قطن بن قتيبة بن مسلم فخاف عليه من الترك و استشار عبد الله بن أبي عبد الله مولى بن سليم بعد أن اختلف عليه أصحابه فاشترط عليه أن لا يخالفه فأشار بحمل العيالات من سمرقند فقدمهم و استخلف بسمرقند عثمان بن عبد الله بن الشخير في أربعمائة فارس و أربعمائة راجل و وفر أعطياتهم و سار العيادات في مقدمته حتى من الضيق و دنا من الطواويس . فأقبل إليه خاقان بكير ميمنية أول رمضان سنة إثنتى عشرة ، و اقتتلوا قليلاً ، ثم رجع الترك و ارتحل من الغد ، فاعترضه الترك ثانياً و قتل مسلم بن أحوز بعض عظمائهم فرجعوا من الطواويس . ثم دخل الجنيد بالمسلمين بخارى و قدمت الجنود من البصرة و الكوفة فسرح الجنيد معهم حورثة بن زيد العنبري فيمن انتدب معه .
ولاية عاصم على خراسان و عزل الجنيد
بلغ هشاماً سنة ست عشرة أن الجنيد بن عبد الرحمن عامل خراسان تزوج بنت يزيد بن المهلب فغضب لذلك و عزله و ولى مكانه عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي و كان الجنيد قد مرض بالاستسقاء . فقال هشام لعاصم : إن أدركته و به رمق فأزهق نفسه فلما قدم عاصم وجده قد مات و كانت بينهما عداوة فحبس عمارة بن حزيم و كان الجنيد استخلفه و هو ابن عذبة فعذبه و عذب عمال الجنيد .
ولاية مروان بن محمد على أرمينية و أذربيجان
لما عاد مسلمة من غزو الخرز و هم التركمان إلى بلاد المسلمين و كان في عسكره مروان بن محمد بن مروان ، فخرج مختفياً عنه إلى هشام و شكا له من مسلمة و تخاذله عن الغزو و ما أدخل بذلك على المسلمين من الوهم . و بعث إلى العدو بالحرب و أقام شهراً حتى استعدوا و حشدوا و دخل بلادهم فلم يكن له فيهم نكاية و قصد أراد السلامة و رغب إليه بالغزو إليهم لينتقم منهم ، و أن يمده بمائة و عشرين ألف مقاتل و يكتم عليه فأجابه لذلك و ولاه على أرمينية . فسار إليها و جاءه المدد من الشام و العراق و الجزيرة . فأظهر أنه يريد غزو اللان و بعث إلى ملك الخزر في المهادنة فأجاب . و أرسل رسله لتقرير الصلح فأمسكهم مروان إلى أن تجهز و ودعهم و سار على أقرب الطرق فوافاهم و رأى ملك الخزر أن اللقاء على تلك الحال غرر فتأخر إلى أقصى بلاده . و دخل مروان فأوغل فيها و خرب و غنم و سبى إلى آخرها . و دخل بلاد ملك السرير و فتح قلاعها و صالحوه على ألف رأس نصفها غلمان و نصفها جواري و مائة ألف مد تحمل إلى الباب . و صالحه أهل تومان على مائة رأس نصفين و عشرين ألف مد . ثم دخل أرض وردكران فصالحوه . ثم أتى حمرين و افتتح حصنهم ، ثم أتى سبدان فافتتحها صلحاً ، ثم نزل صاحب اللكز في قلعته و قد امتنع من أداء الوظيفة ، فخرج يريد ملك الخزر فأصيب بسهم و مات و صالح أهل اللكز مروان ، و أدخل عامله و سار مروان إلى قلعة سروان فأطاعوا ، و سار إلى الرودانية فأوقع بهم و رجع .
خلع الحرث بن شريح بخراسان
كان الحرث هذا عظيم الأزد بخراسان فخلع ست عشرة و لبس السواد ، و دعا إلى كتاب الله و سنة نبيه و البيعة للرضا على ما كان عليه دعاة بني العباس هناك . و أقبل إلى الغاربات و جاءته رسل عاصم مقاتل بن حيان النبطي و الخطاب بن محرز السلمي فحبسهما و فروا من السجن إلى عاصم بدم الحرث و غدره . و سار الحرث من الغاربات إلى بلخ و عليها نصر بن سيار و التخيبي ، فلقياه في عشرة آلاف و هو في أربعة فهزمهم ، و ملك بلخ و استعمل عليها سليمان بن عبد الله بن حازم . و سار إلى الجوزجان عليها ثم سار إلى مرو و نمي إلى عاصم أن أهل مرو يكاتبونه فاستوثق منهم بالقسامة و خرج و عسكر قريباً من مرو ، و قطع الجسور و أقبل الحرث في ستين ألفاً و معه فرسان الأزد و تميم و دهاقين الجوزجان و الغاربات ، و ملك الطالقان و أصلحوا القناطر ثم نزع محمد بن المثنى في ألفين من الأزد و حماد بن عامر الجانبي في مثلها من بني تميم إلى عاصم ، و لحقوا به . ثم اقتتلوا فانهزم الحرث و غرق كثير من أصحابه في نهر مرو و قتلوا قتلاً ذريعاً . و كان ممن غرق حازم . و لما قطع الحرث نهر مرو ضرب رواقه و اجتمع إليه بها ثلاثة آلاف فارس و كف عاصم عنهم .
ولاية أسد القسرى الثانية بخراسانكتب عاصم إلى هشام سنة سبع عشرة أن خراسان لا تصلح إلا أن تضم إلى العراق ليكون مددها قريب الغوث ، فضم هشام خراسان إلى خالد بن عبد الله القسري و كتب إليه : إبعث أخاك يصلح ما أفسد فبعث خالد أخاه أسداً فسار على مقدمته محمد بن مالك الهمداني . و لما بلغ عاصم الخبر راود الحرث بن شريح على الصلح و أن يكتبا جميعاً إلى هشام يسألانه
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
و في ربيع الأول سنة عشرين توفي ابن عبدا القسري بمدينة بلخ و استخلف جعفر بن حنظلة النهرواني فعمل أربع أشهر ثم جاء عهد نصر بن سيار بالعمل في رجب .
ولاية يوسف بن عمر الثقفي على العراق و عزل خالد
و في هذه السنة عزل هشام خالداً عن أعماله جميعها بسعاية أبي المثنى و حسان النبطي و كانا يتوليان ضياع هشام بالعراق ، فنقلا على خالد و أمر الأشدق بالنهوض على الضياع و أنهى ذلك حسان بعد أبي المثنى ، و أن غلته في السنة ثلاثة عشر ألف ألف فوقرت في نفس هشام . و أشار عليه بلال بن أبي بردة العريان بن الهيثم أن يعرض أملاكه على هشام و يضمنون له الرضا فم يجبهم . ثم شكا من خالد بعض آل عمر و الأشدق بأنه أغلظ له القول بمجلسة ، فكتب إليه هشام يوبخه و يأمره بأن يمشي ساعياً على قدميه إلى بابه و يترضاه و نميت عنه من هذا أقوال كثيرة و أنه يستقل ولاية العراق ، فكتب إليه هشام : يا ابن أم خالد بلغني أنك تقول ما ولاية العراق لي بشرف ، يا ابن اللخناء كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفاً و أنت من بجيلة القليلة الذليلة ؟ و لما و الله إني لأظن أن أول من يأتيك صقر من قريش يشد يديك إلى عنقل . ثم كتب إلى يوسف بن عمر الثقفي وهو باليمن يأمره أن يقدم في ثلاثين من أصحابه إلى العراق فقد ولاه ذلك . فسار إلى الكوفة و نزل قريباً منها و قد ختن طارق خليفة خالد بالكوفة ولده و أهدى إليه وصيفاً و وصيفة سوى الأموال و الثياب و مر يوسف و أصحابه ببعض أهل العراق فسألوهم فعرضوا و ظنوهم خوارج ، و ركب يوسف إلى دور ثقيف فكتموا ، ثم جمع يوسف بالمسجد من كان هنالك من مضر و دخل مع الفجر فصلى ، و أرسل إلى خالد و طارق فأخذهما . و قيل إن خالداً كان بواسط و كتب إليه بالخبر بعض أصحابه من دمشق ، فركب إلى خالد و أخبره بالخبر و قال : إركب إلى أمير المؤمنين و اعتذر إليه قال : لا أفعل بغير إذن قال : فترسلني أستأذنه قال : لا . قال : فاضمن له جميع ما انكسر في هذه السنين و آتيك بعهده و هي مائة ألف ألف قال : و الله ما أجد عشرة آلاف ألف قال : أتحملها أنا و فلان و فلان . قال : لا أعطي شيئاً و أعود فيه فقال طارق : إنما نقيك و نقي أنفسنا بأموالنا و نستبقي الدنيا و تبقى النعمة عليك و علينا خير من أن يجيء من يطالبنا بالأموال و هي عند الكوفة فنقتل و يأكلون الأموال فأبى خالد من ذلك كله فودعه طارق و مضى و بكى و رجع إلى الكوفة . و خرج خالد إلى الحمة و جاء كتاب هشام بخطه إلى يوسف بولاية العراق و أن يأخذ ابن النصرانية يعني خالداً و عماله فيعذبهم ، فأخذ الأولاد و سار من يومه و استخلف على اليمين إبنه الصلت و قدم في جمادى الأخيرة سنة عشرين و مائة فنزل النجف و أرسل مولى كيسا فجاء بطارق و لقيه بالحيرة فضربه ضرباً مبرحاً و دخل الكوفة . و بعث عثمان عطاء بن مقدم إلى خالد بالحمة فقدم عليه و حبسه و صالحه عنه أبان بن الوليد و أصحابه على سبع آلاف ألف . و قيل أخذ منه مائة ألف و كانت ولايته العراق خمس عشرة سنة و لما ولي يوسف نزلت الذلة بالعراق في العرب و صار الحكم فيه إلى أهل الذمة .
ولاية نصر بن سيار خراسان و غزوه وصلح الصغد
و لما مات أسد بن عبد الله ولى هشام على خراسان نصر سيار و بعث إليه عهده على عبد الكريم بن سليط الحنفي ، و قد كان جعفر بن حنظلة لما استخلفه أسد عند موته عرض على نصر أن يوليه بخارى فقال له : البحتري بن مجاهد مولى بني شيبان لا تقبل فإنك شيخ مضر بخراسان ، و كان عهدك قد جاء على خراسان كلها فكان كذلك و لما ولي نصر استعمل على بلخ مسلم بن عبد الرحمن و علىمرو الروذ و شاح ابن بكير بن وشاح ، وعلى هراة الحراث بن عبد الله بن الحشرج ، و على نيسابور زياد بن الرحمن القسري ، و على خوارزم أبا حفص علي بن حقنة ، و على الصغد قطن بن قتيبة . و بقي أربع سنين لا يستعمل في خراسان إلا مضرياً فعمرت عمارة لم تعمر مثلها ، و أحسن الولاية و الجباية . و كان وصول العهد إليه بالولاية في رجب سنة عشرين فغزا غزوات أولها إلى ما وراء النهر من نحو باب الحديد . و سار إليها من بلخ و رجع إلى مرو فوضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة و جعلها على من كان يخفف عنه منهم و انتهى عددهم ثلاثين ألفاً من الصنفين وضعت عن هؤلاء و جعلت على هؤلاء . ثم غزا الثانية إلى سمرقند ، ثم الثالثة إلى الشاش سار إليها من مرو و معه ملك بخارى و أهل سمرقند و كش و نسف في عشرين ألفاً . و جاء إلى نهر الشاش فحال بينه و بين عبوره كورصول ، عسكر نصر في ليلة ظلماء ، و نادى نصر لا يخرج أحد و خرج عاصم بن عمير في جند سمرقند ، فجاولته خيل الترك ليلاً و فيهم كورصول فأسره عاصم و جاء به إلى نصر فقتله و صلبه على شاطئ النهر فحزنت الترك لقتله و أحرقوا أبنيته و قطعوا آذانهم و شعورهم و أذناب خيولهم . و أمر نصر بإحراق عظامه لئلا يحملوها بعد رجوعه . ثم سار إلى فرغانة فسبى منها ألف رأس ، و كتب إليه يوسف بن عمران ليسير إلى الحرث بن شريح في الشاش و يخرب بلادهم و يسبيهم . فسار لذلك و جعل على مقدمته يحيى بن حصين و جاء بهم إلى الحرث و قاتلهم و قتل عظيماً من عظماء الترك و انهزموا . و جاء ملك الشاش في الصلح و الهدنة و الرهن و اشترط نصر عليه إخراج الحرث بن شريح من بلده فأخرجه إلى فاراب . و استعمل على الشاش ينزل ابن صالح مولى عمرو بن العاص . ثم سار إلى أرض فرغانة و بعث أمه في إتمام الصلح ، فجاءت لذلك و أكرمها نصر و عقد لها و رجعت . و كان الصغد لما قتل خاقان طمعوا في الرجعة إلى بلادهم ، فلما ولي نصر بعث إليهم في ذلك و أعطوه ما سألوه من الشروط ، و كان أهل خراسان قد نكروا شروطهم ، و كان منها أن لا يعاقب من ارتد عن الإسلام إليهم و لا يؤخذ منهم أسرى إلا ببينة و حكم و عاب الناس ذلك على نصر لما أمضاه لهم . فقال : لو عاينتم شكوتهم في المسلمين مثل ما عانيت ما أنكرتم . و أرسل إلى هشام في ذلك فأمضاه و ذلك سنة ثلاث و عشرين .
ظهور زيد بن علي و مقتلهظهر زيد بن علي بالكوفة خارجاً على هشام داعياً للكتاب و السنة و إلى جهاد الظالمين و الدفع عن المستضعفين ، و إعطاء المحرومين ، و العدل في قسمة الفيء ورد المظالم و أفعال الخير و نصر أهل البيت . و اختلف في سبب خروجه فقيل : إن يوسف ابن عمران لما كتب في خالد القسري كتب إلى هشام أنه شيعة لأهل البيت ، و أنه ابتاع من زيد أرضاً بالمدينة بعشرة آلاف دينار ورد عليه الأمن ، و أنه أودع زيداً و أصحابه الوافدين عليه مالاً ، فكان زيد قد قدم على خالد بالعراق هو و محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، و داود بن علي بن عبد الله بن عباس فأجازهم و رجعوا إلى المدينة فبعث هشام عنهم و سألهم فأقروا بالجائزة و حلفوا على ما سوى ذلك و أن خالداً لم يودعهم شيئاً فصدقهم هشام و بعثهم إلى يوسف فقاتلوا خالداً و صدقهم الآخر ، و عادوا إلى المدينة و نزلوا القادسية . و راسل أهل الكوفة زيداً فعاد إليهم ، و قيل في سبب ذلك ، إن زيداً اختصم مع ابن عمه جعفر ابن الحسن المثنى في وقف علي ، ثم مات جعفر فخاصم أخوه عبد الله زيداً و كانا يحضران عند عامل خالد بن عبد الملك بن الحرث ، فوقعت بينهما في مجلسه مشاتمة و أنكر زيد من خالد إطالته للخصومة و أن يستمع لمثل هذا فأغلظ له زيد و سار إلى هشام فحجبه ، ثم أذن له بعد حين فحاوره طويلاً ثم عرض له بأنه ينكر الخلاف و تنقصه . ثم قال له : أخرج ؟ قال : نعم ثم لا أكون إلا بحيث تكره ! فسار إلى الكوفة و قال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب : ناشدتك الله إلحق بأهلك و لا تأت الكوفة و ذكره بفعلهم مع جده و جده يستعظم ما وقع به . و أقبل الكوفة فأقام بها مستخفياً يتنقل في المنازل و اختلف إليه الشيعة و بايعه جماعة منهم : مسلمة بن كهيل و نصر بن خزيمة العبسي و معاوية بن إسحق بن زيد بن حارثة الأنصاري و ناس من وجوه أهل الكوفة يذكر لهم دعوته . ثم يقول : أتبايعون على ذلك ؟ فيقولون : نعم فيضع يده على أيديهم و يقول عهد الله عليك و ميثاقه و ذمته نبيه بيقين تتبعني و لا تقاتلني مع عدوي و لتنصحن لي في السر و العلانية . فإذا قال نعم وضع يده على يده ثم قال : اللهم اشهد فبايعه خمسة عشر ألفاً و قيل أربعون . و أمرهم بالاستعداد و شاع أمره في الناس و قيل : إنه أقام في الكوفة ظاهراً و معه داود بن علي ابن عبد الله بن عباس لما جاؤا لمقاتلة خالد فاختلف إليه الشيعة ، و كانت البيعة . و بلغ الخبر إلى يوسف بن عمران فأخرجه من
ولاية يوسف بن عمر الثقفي على العراق و عزل خالد
و في هذه السنة عزل هشام خالداً عن أعماله جميعها بسعاية أبي المثنى و حسان النبطي و كانا يتوليان ضياع هشام بالعراق ، فنقلا على خالد و أمر الأشدق بالنهوض على الضياع و أنهى ذلك حسان بعد أبي المثنى ، و أن غلته في السنة ثلاثة عشر ألف ألف فوقرت في نفس هشام . و أشار عليه بلال بن أبي بردة العريان بن الهيثم أن يعرض أملاكه على هشام و يضمنون له الرضا فم يجبهم . ثم شكا من خالد بعض آل عمر و الأشدق بأنه أغلظ له القول بمجلسة ، فكتب إليه هشام يوبخه و يأمره بأن يمشي ساعياً على قدميه إلى بابه و يترضاه و نميت عنه من هذا أقوال كثيرة و أنه يستقل ولاية العراق ، فكتب إليه هشام : يا ابن أم خالد بلغني أنك تقول ما ولاية العراق لي بشرف ، يا ابن اللخناء كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفاً و أنت من بجيلة القليلة الذليلة ؟ و لما و الله إني لأظن أن أول من يأتيك صقر من قريش يشد يديك إلى عنقل . ثم كتب إلى يوسف بن عمر الثقفي وهو باليمن يأمره أن يقدم في ثلاثين من أصحابه إلى العراق فقد ولاه ذلك . فسار إلى الكوفة و نزل قريباً منها و قد ختن طارق خليفة خالد بالكوفة ولده و أهدى إليه وصيفاً و وصيفة سوى الأموال و الثياب و مر يوسف و أصحابه ببعض أهل العراق فسألوهم فعرضوا و ظنوهم خوارج ، و ركب يوسف إلى دور ثقيف فكتموا ، ثم جمع يوسف بالمسجد من كان هنالك من مضر و دخل مع الفجر فصلى ، و أرسل إلى خالد و طارق فأخذهما . و قيل إن خالداً كان بواسط و كتب إليه بالخبر بعض أصحابه من دمشق ، فركب إلى خالد و أخبره بالخبر و قال : إركب إلى أمير المؤمنين و اعتذر إليه قال : لا أفعل بغير إذن قال : فترسلني أستأذنه قال : لا . قال : فاضمن له جميع ما انكسر في هذه السنين و آتيك بعهده و هي مائة ألف ألف قال : و الله ما أجد عشرة آلاف ألف قال : أتحملها أنا و فلان و فلان . قال : لا أعطي شيئاً و أعود فيه فقال طارق : إنما نقيك و نقي أنفسنا بأموالنا و نستبقي الدنيا و تبقى النعمة عليك و علينا خير من أن يجيء من يطالبنا بالأموال و هي عند الكوفة فنقتل و يأكلون الأموال فأبى خالد من ذلك كله فودعه طارق و مضى و بكى و رجع إلى الكوفة . و خرج خالد إلى الحمة و جاء كتاب هشام بخطه إلى يوسف بولاية العراق و أن يأخذ ابن النصرانية يعني خالداً و عماله فيعذبهم ، فأخذ الأولاد و سار من يومه و استخلف على اليمين إبنه الصلت و قدم في جمادى الأخيرة سنة عشرين و مائة فنزل النجف و أرسل مولى كيسا فجاء بطارق و لقيه بالحيرة فضربه ضرباً مبرحاً و دخل الكوفة . و بعث عثمان عطاء بن مقدم إلى خالد بالحمة فقدم عليه و حبسه و صالحه عنه أبان بن الوليد و أصحابه على سبع آلاف ألف . و قيل أخذ منه مائة ألف و كانت ولايته العراق خمس عشرة سنة و لما ولي يوسف نزلت الذلة بالعراق في العرب و صار الحكم فيه إلى أهل الذمة .
ولاية نصر بن سيار خراسان و غزوه وصلح الصغد
و لما مات أسد بن عبد الله ولى هشام على خراسان نصر سيار و بعث إليه عهده على عبد الكريم بن سليط الحنفي ، و قد كان جعفر بن حنظلة لما استخلفه أسد عند موته عرض على نصر أن يوليه بخارى فقال له : البحتري بن مجاهد مولى بني شيبان لا تقبل فإنك شيخ مضر بخراسان ، و كان عهدك قد جاء على خراسان كلها فكان كذلك و لما ولي نصر استعمل على بلخ مسلم بن عبد الرحمن و علىمرو الروذ و شاح ابن بكير بن وشاح ، وعلى هراة الحراث بن عبد الله بن الحشرج ، و على نيسابور زياد بن الرحمن القسري ، و على خوارزم أبا حفص علي بن حقنة ، و على الصغد قطن بن قتيبة . و بقي أربع سنين لا يستعمل في خراسان إلا مضرياً فعمرت عمارة لم تعمر مثلها ، و أحسن الولاية و الجباية . و كان وصول العهد إليه بالولاية في رجب سنة عشرين فغزا غزوات أولها إلى ما وراء النهر من نحو باب الحديد . و سار إليها من بلخ و رجع إلى مرو فوضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة و جعلها على من كان يخفف عنه منهم و انتهى عددهم ثلاثين ألفاً من الصنفين وضعت عن هؤلاء و جعلت على هؤلاء . ثم غزا الثانية إلى سمرقند ، ثم الثالثة إلى الشاش سار إليها من مرو و معه ملك بخارى و أهل سمرقند و كش و نسف في عشرين ألفاً . و جاء إلى نهر الشاش فحال بينه و بين عبوره كورصول ، عسكر نصر في ليلة ظلماء ، و نادى نصر لا يخرج أحد و خرج عاصم بن عمير في جند سمرقند ، فجاولته خيل الترك ليلاً و فيهم كورصول فأسره عاصم و جاء به إلى نصر فقتله و صلبه على شاطئ النهر فحزنت الترك لقتله و أحرقوا أبنيته و قطعوا آذانهم و شعورهم و أذناب خيولهم . و أمر نصر بإحراق عظامه لئلا يحملوها بعد رجوعه . ثم سار إلى فرغانة فسبى منها ألف رأس ، و كتب إليه يوسف بن عمران ليسير إلى الحرث بن شريح في الشاش و يخرب بلادهم و يسبيهم . فسار لذلك و جعل على مقدمته يحيى بن حصين و جاء بهم إلى الحرث و قاتلهم و قتل عظيماً من عظماء الترك و انهزموا . و جاء ملك الشاش في الصلح و الهدنة و الرهن و اشترط نصر عليه إخراج الحرث بن شريح من بلده فأخرجه إلى فاراب . و استعمل على الشاش ينزل ابن صالح مولى عمرو بن العاص . ثم سار إلى أرض فرغانة و بعث أمه في إتمام الصلح ، فجاءت لذلك و أكرمها نصر و عقد لها و رجعت . و كان الصغد لما قتل خاقان طمعوا في الرجعة إلى بلادهم ، فلما ولي نصر بعث إليهم في ذلك و أعطوه ما سألوه من الشروط ، و كان أهل خراسان قد نكروا شروطهم ، و كان منها أن لا يعاقب من ارتد عن الإسلام إليهم و لا يؤخذ منهم أسرى إلا ببينة و حكم و عاب الناس ذلك على نصر لما أمضاه لهم . فقال : لو عاينتم شكوتهم في المسلمين مثل ما عانيت ما أنكرتم . و أرسل إلى هشام في ذلك فأمضاه و ذلك سنة ثلاث و عشرين .
ظهور زيد بن علي و مقتلهظهر زيد بن علي بالكوفة خارجاً على هشام داعياً للكتاب و السنة و إلى جهاد الظالمين و الدفع عن المستضعفين ، و إعطاء المحرومين ، و العدل في قسمة الفيء ورد المظالم و أفعال الخير و نصر أهل البيت . و اختلف في سبب خروجه فقيل : إن يوسف ابن عمران لما كتب في خالد القسري كتب إلى هشام أنه شيعة لأهل البيت ، و أنه ابتاع من زيد أرضاً بالمدينة بعشرة آلاف دينار ورد عليه الأمن ، و أنه أودع زيداً و أصحابه الوافدين عليه مالاً ، فكان زيد قد قدم على خالد بالعراق هو و محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، و داود بن علي بن عبد الله بن عباس فأجازهم و رجعوا إلى المدينة فبعث هشام عنهم و سألهم فأقروا بالجائزة و حلفوا على ما سوى ذلك و أن خالداً لم يودعهم شيئاً فصدقهم هشام و بعثهم إلى يوسف فقاتلوا خالداً و صدقهم الآخر ، و عادوا إلى المدينة و نزلوا القادسية . و راسل أهل الكوفة زيداً فعاد إليهم ، و قيل في سبب ذلك ، إن زيداً اختصم مع ابن عمه جعفر ابن الحسن المثنى في وقف علي ، ثم مات جعفر فخاصم أخوه عبد الله زيداً و كانا يحضران عند عامل خالد بن عبد الملك بن الحرث ، فوقعت بينهما في مجلسه مشاتمة و أنكر زيد من خالد إطالته للخصومة و أن يستمع لمثل هذا فأغلظ له زيد و سار إلى هشام فحجبه ، ثم أذن له بعد حين فحاوره طويلاً ثم عرض له بأنه ينكر الخلاف و تنقصه . ثم قال له : أخرج ؟ قال : نعم ثم لا أكون إلا بحيث تكره ! فسار إلى الكوفة و قال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب : ناشدتك الله إلحق بأهلك و لا تأت الكوفة و ذكره بفعلهم مع جده و جده يستعظم ما وقع به . و أقبل الكوفة فأقام بها مستخفياً يتنقل في المنازل و اختلف إليه الشيعة و بايعه جماعة منهم : مسلمة بن كهيل و نصر بن خزيمة العبسي و معاوية بن إسحق بن زيد بن حارثة الأنصاري و ناس من وجوه أهل الكوفة يذكر لهم دعوته . ثم يقول : أتبايعون على ذلك ؟ فيقولون : نعم فيضع يده على أيديهم و يقول عهد الله عليك و ميثاقه و ذمته نبيه بيقين تتبعني و لا تقاتلني مع عدوي و لتنصحن لي في السر و العلانية . فإذا قال نعم وضع يده على يده ثم قال : اللهم اشهد فبايعه خمسة عشر ألفاً و قيل أربعون . و أمرهم بالاستعداد و شاع أمره في الناس و قيل : إنه أقام في الكوفة ظاهراً و معه داود بن علي ابن عبد الله بن عباس لما جاؤا لمقاتلة خالد فاختلف إليه الشيعة ، و كانت البيعة . و بلغ الخبر إلى يوسف بن عمران فأخرجه من
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
الكوفة و لحق الشيعة بالقادسية أو الغلبية و عذله داود بن علي في الرجوع معه و ذكره حال جده الحسين فقالت الشيعة لزيد : هذا إنما يريد الأمر لنفسه و لأهل بيته فرجع معهم و مضى داود إلى المدينة . و لما أتى الكوفة جاءه مسلمة بن كهيل فصده عن ذلك و قال أهل الكوفة لا يعولون لك . و قد كان مع جدك منهم أضعاف من معك و لم تعاوله ، و كان أعز عليهم منك على هؤلاء فقال له : قد بايعوني و وجبت البيعة في عنقي و عنقهم . و قال : فتأذن لي أن أخرج من هذا البلد فلا آمن أن يحدث حدث و أنا لا أهلك نفسي ، فخرج لليمامة و كتب عبد الله بن الحسن المثنى إلى زيد يعذله و يصده فلم يصغ إليه و تزوج نساء بالكوفة و كان يختلف إليهن و الناس يبايعونه ، ثم أمر أصحابه يتجهزون .و نمى الخبر إلى يوسف بن عمر فطلبه و خاف فتعجل الخروج و كان يوسف بالحيرة و على الكوفة الحكم بن الصلت و على شرطته عمر بن عبد الرحمن من القاهرة و معه عبيد الله بن عباس الكندي في ناس من أهل الشام . و لما علم الشيعة أن يوسف يبحث عن زيد جاء إليه منهم فقالوا : ما تقول في الشيخين ؟ فقال زيد : رحمهما الله و غفر لهما ، و ما سمعت أهل بيتي يذكرونهما إلا بخير . و غاية ما أقول أنا كنا أحق بسلطان رسول الله صلى الله عليه و سلم من الناس فدفعونا عنه ، و لم يبلغ ذلك الكفر ، و قد عدلوا في الناس و عملوا بالكتاب و السنة . قال : فإذا كان أولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتالهم ؟ فقال : إن هؤلاء ظلموا المسلمين أجمعين فإنا ندعوهم إلى الكتاب و السنة و أن نحيي السنن ، و نطفيء البدع ، فإن أجبتم سعدتم و إن أبيتم فلست عليكم بوكيل . ففارقوه و نكثوا بيعته و قالوا : سبق الإمام الحق يعنون محمداً الباقر ، و أن جعفراً ابنه إمامنا بعده ، فسماهم زيد الرافضة و يقال إنما سماهم الرافضة حيث فارقوه ثم بعث يوسف بن عمر إلى الحكم بأن يجمع أهل الكوفة في المسجد فجمعوا و طلبوا زيداً في دار معاوية بن إسحق بن زيد بن حارثة فخرج منها ليلاً و اجتمع إليه ناس من الشيعة و أشعلوا النيران و نادوا يا منصور حتى طلع الفجر ، و أصبح جعفر بن أبي العباس الكندي فلقى إثنين من أصحاب زيد يناديان بشعاره فقتل واحداً و أتى بالآخر إلى الحكم فقتله ، و أغلق أبواب المسجد على الناس و بعث إلى يوسف بالخبر فسار من الحيرة و قدم الرياف بن سلمة الأراثيني في ألفين خيالة و ثلثمائة ماشية . و افتقد زيد الناس فقيل إنهم في الجامع محصورون ، و لم يجد معه إلا مائتين و عشرين . وخرج صاحب الشرطة في خليه فلقي نصر بن خزيمة العبسي من أصحاب زيد ذاهباً إليه فحمل عليه نصر و أصحابه فقتلوه و حمل زيد على أهل الشام فهزمهم و انتهى إلى دار أنسي بن عمر الأزدي ممن بايعه و ناداه فلم يخرج إليه . ثم سار زيد إلى الكناسة فحمل على أهل الشام فهزمهم ثم دخل الكوفة ، و الريات في اتباعه فلما رأى زيد خذلان الناس قال لنصر بن خزيمة : أفعلتموها حسينية ؟ قال : أما أنا فو الله لأموتن معك و إن الناس بالمسجد فامض بنا إليهم فجاء إلى المسجد ينادي بالناس بالخروج إليه فرماه أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد فانصرفوا عند المساء . و أرسل يوسف بن عمر من الغد العباس ابن سعد المزني في أهل الشام فجاءه في دار الزرق و قد كان أوى إليها عند المساء ، فلقيه زيد بن ثابت فاقتتلوا فقتل نصر . ثم حملوا على أصحاب العباس فهزمهم زيد و أصحابه و عبأهم يوسف بن عمر من العشي ثم سرحهم فكشفهم أصحاب زيد و لم يثبت خيلهم لخيله . و بعث إليهم يوسف بن عمر بالقادسية و اشتد القتال و قتل معاوية بن زيد ثم رمي زيد عند المساء بسهم أثبته فرجع أصحابه و أهل الشام يظنون أنهم تحاجزوا و لما نزع النصل من جبهته مات فدفنوه و أجروا عليه الماء و أصبح الحكم يوم الجمعة يتبع الجرحى من الدور و دله بعض الموالي على قبر زيد و قطع رأسه و بعث بها إلى يوسف بالحيرة ، فبعثه إلى هشام فنصبه على باب دمشق و أمر يوسف الحكم أن يصلب زيداً بالكناسة و نصر ابن خزيمة و معاوية بن إسحق و يحرسهم فلما ولي الوليد أمر بإحراقهم و استجار يحيي ابن زيد بعبد الملك بن شبر بن مروان فأجاره حتى سكن المطلب ثم سار إلى خراسان في نفر من الزيدية .
ظهور أبي مسلم بالدعوة العباسيةكان أهل الدعوة العباسية بخراسان يكتمون أمرهم منذ بعث محمد بن علي بن عبد الله بن عباس دعاته إلى الآفاق سنة مائة من الهجرة أيام عمر بن عبد العزيز ، لما مر أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ذاهباً و جائياً من الشام من عند سليمان بن عبد الملك فمرض عنده بالحميمة من أعمال البلقاء و هلك هنالك و أوصى له بالأمر . و كان أبوهاشم قد علم شيعته بالعراق و خراسان و أن الأمر صائر في ولد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس . فلما مات أبو هاشم قصدت الشيعة محمداً و بايعوه سراً و بعث دعاته منهم إلى الآفاق و كان الذي بعث إلى العراق مسيرة بن والي خراسان محمد بن حبيش ، و أما عكرمة السراج و هو أبو محمد الصادق و حيان العطار خال ابراهيم بن سلمة فجاؤا إلى خراسان و دعوا إليه سراً و أجابهم الناس و جاؤا بكتب من أجاب إلى مسيرة . فبعث بها إلى محمد و اختار أبو محمد الصادق إثني عشر رجلاً من أهل الدعوة فجعلهم نقباء عليهم و هم : سليمان بن كثير الخزاعي و لاهز بن قريط التميمي ، و أبو النجم عمران بن اسمعيل مولى أبي معيط و مالك بن الهيثم الخزاعي ، و طلحة بن زريق الخزاعي ، و أبو حمزة بن عمر ابن أعين مولى خزاعة و أخوه عيسى ، و أبو علي شبلة بن طهمان الهروي مولى بني حنيفة . و اختار بعده سبعين رجلاً و كتب إليه محمد بن علي كتاباً يكون لهم مثالاً يقتدون به في الدعوة ، و أقاموا على ذلك ثم بعث مسيرة رسله من العراق سنة إثنتين و مائة في ولاية سعيد خدينة ، و خلافة يزيد بن عبد الملك . و سعى بهم إلى سعيد فقالوا نحن تجار فضمنهم قوم من ربيعة و اليمن فأطلقهم و ولد محمد ابنه عبد الله السفاح سنة أربع و مائة ، و جاء إليه أبو محمد الصادق في جماعة من دعاة خراسان فأخرجه لهم ابن خمسة عشر يوماً قال : هذا صاحبكم الذي يتم الأمر على يده ، فقبلوا أطرافه و انصرفوا . ثم دخل معهم في الدعوة بكير بن هامان جاء من السند مع الجنيد بن عبد الرحمن فلما عزل قدم الكوفة و لقي أبا عكرمة و أبا محمد الصادق و محمد بن حبيش و عمار العبادي خال الوليد الأزرق دعاه غلى خراسان في ولاية أسد القسري أيام هشام و وشى بهم إليه فقطع أيدي من ظفر به منهم و صلبه و أقبل عمار إلى بكير بن هامان فأخبره فكتب إلى محمد بن علي بذلك فأجابه : الحمدلله الذي صدق دعوتكم و مقالتكم و قد بقيت منكم قتلى ستعد . ثم كان أول من قدم محمد بن علي إلى خراسان أبو محمد زياد مولى همذان بعثه محمد بن علي سنة تسعة في ولاية أسد أيام هشام و قال له : انزل في اليمن و تلطف لمضر و نهاه عن الغالب النيسابورى شيعة بني فاطمة . فشتى زياد بمرو ثم سعى به إلى أسد فاعتذر بالتجارة ، ثم عاد إلى أمره ، فأحضره أسد و قتله في عشرة من أهل الكوفة ثم جاء بعدهم إلى خراسان رجل من أهل الكوفة إسمه كثير و نزل على أبي الشحم و أقام يدعو سنتين أو ثلاثة ، ثم أخذ أسد بن عبد الله في ولايته الثانية سنة سبع عشرة . أخذ سليمان بن كثير و مالك بن الهيثم و موسى بن كعب و لاهز بن قريط بثلثمائة سوط و شهد حسن ابن زيد الأزدي ببراءتهم فأطلقهم . ثم بعث بكير بن هامان سنة ثماني عشرة عمار بن زيد على شيعتهم بخراسان فنزل مرو و تسمى بخراش و أطاعه الناس . ثم نزل دعوتهم بدعوة الحزمية فأباح النساء و قال : إن الصوم إنما هو عن ذكر الإمام و أشار إلى إخفاء إسمه و الصلاة الدعاء له ، و الحج القصد إليه و كان خراش هذا نصرانياً بالكوفة و اتبعه على مقالته مالك بن الهيثم و الحريش بن سليم . و ظهر أسد على خبره و بلغ الخبر بذلك إلى محمد بن علي فنكر عليهم قبولهم من خراش و قطع مراسلتهم فقدم عليه ابن كثير منهم يستعلم خبره و يستعطفه على ما وقع منهم ، و كتب معه إليهم كتاباً مختوماً لم يجدوا فيه غير البسملة ، فعلموا مخالفة خراش لأمره و عظم عليهم . ثم بعث محمد بن بكير بن بان و كتب معه بكذب خراش فلم يصدقوه فجاء إلى محمد و بعث معه عصياً مضبيةً بعضها بالنحاس و دفع إلى كل رجل عصا فعلموا أنهم قد خالفوا السيرة فتابوا و رجعوا و توفي محمد بن علي سنة أربع و عشرين و عهد إبنه إبراهيم بالأمر و أوصى الدعاة بذلك ، و كانوا يسمونه الإمام . و جاء بكير بن هامان إلى خراسان بنعيه و الدعاء لإبراهيم الإمام سنة ست و عشرين و مائة ، و نزل مرو و دفع إلى الشيعة و النقباء كتابه بالوصية و السيرة فقبلوه ، و دفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقاتهم فقدم بها بكير على إبراهيم . ثم بعث إليهم أبا مسلم سنة أربع و عشرين و قد اختلف في أوليته اختلافاً كثيراً و في سبب اتصاله بإبراهيم الإمام أو أبيه محمد فقيل : كان من ولد بزر جمهر ، ولد بأصبهان و أوصى به أبوه إلى عيسى بن موسى السراج ، فحمله
ظهور أبي مسلم بالدعوة العباسيةكان أهل الدعوة العباسية بخراسان يكتمون أمرهم منذ بعث محمد بن علي بن عبد الله بن عباس دعاته إلى الآفاق سنة مائة من الهجرة أيام عمر بن عبد العزيز ، لما مر أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ذاهباً و جائياً من الشام من عند سليمان بن عبد الملك فمرض عنده بالحميمة من أعمال البلقاء و هلك هنالك و أوصى له بالأمر . و كان أبوهاشم قد علم شيعته بالعراق و خراسان و أن الأمر صائر في ولد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس . فلما مات أبو هاشم قصدت الشيعة محمداً و بايعوه سراً و بعث دعاته منهم إلى الآفاق و كان الذي بعث إلى العراق مسيرة بن والي خراسان محمد بن حبيش ، و أما عكرمة السراج و هو أبو محمد الصادق و حيان العطار خال ابراهيم بن سلمة فجاؤا إلى خراسان و دعوا إليه سراً و أجابهم الناس و جاؤا بكتب من أجاب إلى مسيرة . فبعث بها إلى محمد و اختار أبو محمد الصادق إثني عشر رجلاً من أهل الدعوة فجعلهم نقباء عليهم و هم : سليمان بن كثير الخزاعي و لاهز بن قريط التميمي ، و أبو النجم عمران بن اسمعيل مولى أبي معيط و مالك بن الهيثم الخزاعي ، و طلحة بن زريق الخزاعي ، و أبو حمزة بن عمر ابن أعين مولى خزاعة و أخوه عيسى ، و أبو علي شبلة بن طهمان الهروي مولى بني حنيفة . و اختار بعده سبعين رجلاً و كتب إليه محمد بن علي كتاباً يكون لهم مثالاً يقتدون به في الدعوة ، و أقاموا على ذلك ثم بعث مسيرة رسله من العراق سنة إثنتين و مائة في ولاية سعيد خدينة ، و خلافة يزيد بن عبد الملك . و سعى بهم إلى سعيد فقالوا نحن تجار فضمنهم قوم من ربيعة و اليمن فأطلقهم و ولد محمد ابنه عبد الله السفاح سنة أربع و مائة ، و جاء إليه أبو محمد الصادق في جماعة من دعاة خراسان فأخرجه لهم ابن خمسة عشر يوماً قال : هذا صاحبكم الذي يتم الأمر على يده ، فقبلوا أطرافه و انصرفوا . ثم دخل معهم في الدعوة بكير بن هامان جاء من السند مع الجنيد بن عبد الرحمن فلما عزل قدم الكوفة و لقي أبا عكرمة و أبا محمد الصادق و محمد بن حبيش و عمار العبادي خال الوليد الأزرق دعاه غلى خراسان في ولاية أسد القسري أيام هشام و وشى بهم إليه فقطع أيدي من ظفر به منهم و صلبه و أقبل عمار إلى بكير بن هامان فأخبره فكتب إلى محمد بن علي بذلك فأجابه : الحمدلله الذي صدق دعوتكم و مقالتكم و قد بقيت منكم قتلى ستعد . ثم كان أول من قدم محمد بن علي إلى خراسان أبو محمد زياد مولى همذان بعثه محمد بن علي سنة تسعة في ولاية أسد أيام هشام و قال له : انزل في اليمن و تلطف لمضر و نهاه عن الغالب النيسابورى شيعة بني فاطمة . فشتى زياد بمرو ثم سعى به إلى أسد فاعتذر بالتجارة ، ثم عاد إلى أمره ، فأحضره أسد و قتله في عشرة من أهل الكوفة ثم جاء بعدهم إلى خراسان رجل من أهل الكوفة إسمه كثير و نزل على أبي الشحم و أقام يدعو سنتين أو ثلاثة ، ثم أخذ أسد بن عبد الله في ولايته الثانية سنة سبع عشرة . أخذ سليمان بن كثير و مالك بن الهيثم و موسى بن كعب و لاهز بن قريط بثلثمائة سوط و شهد حسن ابن زيد الأزدي ببراءتهم فأطلقهم . ثم بعث بكير بن هامان سنة ثماني عشرة عمار بن زيد على شيعتهم بخراسان فنزل مرو و تسمى بخراش و أطاعه الناس . ثم نزل دعوتهم بدعوة الحزمية فأباح النساء و قال : إن الصوم إنما هو عن ذكر الإمام و أشار إلى إخفاء إسمه و الصلاة الدعاء له ، و الحج القصد إليه و كان خراش هذا نصرانياً بالكوفة و اتبعه على مقالته مالك بن الهيثم و الحريش بن سليم . و ظهر أسد على خبره و بلغ الخبر بذلك إلى محمد بن علي فنكر عليهم قبولهم من خراش و قطع مراسلتهم فقدم عليه ابن كثير منهم يستعلم خبره و يستعطفه على ما وقع منهم ، و كتب معه إليهم كتاباً مختوماً لم يجدوا فيه غير البسملة ، فعلموا مخالفة خراش لأمره و عظم عليهم . ثم بعث محمد بن بكير بن بان و كتب معه بكذب خراش فلم يصدقوه فجاء إلى محمد و بعث معه عصياً مضبيةً بعضها بالنحاس و دفع إلى كل رجل عصا فعلموا أنهم قد خالفوا السيرة فتابوا و رجعوا و توفي محمد بن علي سنة أربع و عشرين و عهد إبنه إبراهيم بالأمر و أوصى الدعاة بذلك ، و كانوا يسمونه الإمام . و جاء بكير بن هامان إلى خراسان بنعيه و الدعاء لإبراهيم الإمام سنة ست و عشرين و مائة ، و نزل مرو و دفع إلى الشيعة و النقباء كتابه بالوصية و السيرة فقبلوه ، و دفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقاتهم فقدم بها بكير على إبراهيم . ثم بعث إليهم أبا مسلم سنة أربع و عشرين و قد اختلف في أوليته اختلافاً كثيراً و في سبب اتصاله بإبراهيم الإمام أو أبيه محمد فقيل : كان من ولد بزر جمهر ، ولد بأصبهان و أوصى به أبوه إلى عيسى بن موسى السراج ، فحمله
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
إلى الكوفة ابن سبع سنين و نشأ بها و اتصل بإبراهيم الإمام و كان اسم أبي مسلم إبراهيم بن عثمان بن بشار فسماه إبراهيم الإمام عبد الرحمن و زوجة أبيه أبي النجم عمران ابن سمعيل من الشيعة فبنى بها بخراسان و وزوج إبنته من محرز بن إبراهيم فلم يعقب . و ابنته أسماء من فهم بن محرز فأعقب فاطمة و هي التي يذكرها الحزمية و قيل في إتصاله بإبراهيم الإمام أن أبا مسلم كان مع موسى السراج و تعلم منه صناعة السروج و كان يتجهز فيها بأصبهان و الجبال و الجزيرة و الموصل و اتصل بعاصم بن يونس العجلي صاحب عيسى السراج و إبني أخيه عيسى و إدريس ابني معقل ، و إدريس هو جد أبي دلف و نمى إلى يوسف بن عمران العجلي من دعاة بني العباس فحبسهم مع عمال خالد القسري . و كان أبو مسلم معهم في السجن بخدمتهم و قبل منهم الدعوة و قيل لم يتصل بهم من عيسى السراج و إنما كان من ضاع بني العجلي بأصبهان أو الجبل . و توجه سليمان بن كثير و مالك بن الهيثم و لاهز بن قريط و قحطبة بن شبيب من خراسان يريدون إبراهيم الإمام بمكة ، فمروا بعاصم بن يونس و عيسى و إدريس ابني معقل العجلي بمكانهم من الحبس فرأوا معهم أبا مسلم فأعجبهم و أخذوه و لقوا إبراهيم الإمام بمكة فأعجبه فأخذه . و كان يخدمه ثم قدم النقباء بعد ذلك على إبراهيم الإمام يطلبون أن يوجه من قبله إلى خراسان فبعث معه أبا مسلم . فلما تمكن و نوى أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس و كان من أولية هذا الخبر أن جارية لعبد الله بن العباس ولدت لغير رشدة فحدها و استعبد وليدها و سماه سليطاً فنشأ و اختص بالوليد . و ادعى أن عبد الله بن عباس أقر بأنه ابنه و أقام بالبينة على ذلك و خاصم علي بن عبد الله في الميراث و أذاه . و كان في صحابته عمر الدن من ولد أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم و دخل عليها سليط بالخبر ، فاستعدت الوليد على علي فأنكر و حلف ، فنبشوا في البستان فوجدوه . فأمر الوليد بعلي فضربه ليدله على عمر الدن . ثم شفع فيه عباد بن زياد فأخرج إلى الحميمة . و لما ولي سليمان رده إلى دمشق و قيل : إن أبا مسلم كان عبداً للعجلين ، و ابن بكير بن هامان كان كاتباً لعمال بعض السند و قدم الكوفة فكان دعاة بني العباس فحبسوا و بكير معهم . و كان العجليون في الحبس ، و أبو مسلم العبسي بن معقل . فدعاهم بكير إلى رأيه فأجابوه ، و استحسن الغلام فاشتراه من عيسى بن معقل بأربعمائة درهم و بعث به إلى إبراهيم الإمام ، فدفعه إبراهيم إلى موسى السراج من الشيعة . فسمع منه و حفظ و صار يتردد إلى خراسان . و قيل كان لبعض أهل هراة و ابتاعه منه إبراهيم الإمام ، و مكث عنده سنين و كان يتردد بكتبه إلى خراسان ثم بعثه أميراً على الشيعة و كتب إليهم بالطاعة له ، و إلى أبي سلمة الخلال داعيهم بالكوفة يأمره بإنفاذ إلى خراسان فنزل على سليمان بن كثير و كان من أمره ما يذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى . ثم جاء سليمان بن كثير و لاهز بن قريط و قحطبة إلى مكة سنة سبع و عشرين بعشرين ألف دينار للإمام إبراهيم و مائتي ألف درهم و مسك و متاع كثير و معهم أبو مسلم و قالوا : هذا مولاك و كتب بكير بن هامان إلى الإمام بأنه أوصى بأمر الشيعة بعده لأبي سلمة حفص بن سليمان الخلال و هو رضى فكتب إليه إبراهيم بالقيام بأمر أصحابه و كتب إلى أهل خراسان بذلك فقبلوه و صدقوه و بعثوا بخمس أموالهم و نفقة الشيعة للإمام إبراهيم . ثم بعث إبراهيم في سنة ثمان و عشرين مولاه أبا مسلم إلى خراسان و كتب له : إني قد أمرته بأمري فاسمعوا له و أطيعوا . و قد أمرته على خراسان و ما غلبت عليه فارتابوا من قوله و وفدوا على إبراهبم الإمام من قابل مكة و ذكر له أبو مسلم أنهم لم يقبلوه . فقال لهم : قد عرضت عليكم الأمر فأبيتم من قبوله ، و كان عرضه على سليمان كثير ثم على إبراهيم بن مسلمة فأبوا . و إني قد أجمع رأيي على أبي مسلم و هو منا أهل البيت فاسمعوا له و أطيعوا . و قال لأبي مسلم : إنزل في أهل اليمن و أكرمهم . فإن بهم يتم الأمر و آتهم البيعة . و أما مضر فهم العدو و الغريب ، و اقتل من شككت فيه و إن قدرت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل و ارجع إلى سليمان بن كثير به مني و سرحه معهم فساروا إلى خراسان .
وفاة هشام بن عبد الملك و بيعة الوليد بن يزيد
توفي هشام بن عبد الملك بالرصافة في ربيع الآخر سنة خمس و عشرين و مائة لعشرين سنة من خلافته و ولي بعده الوليد ابن أخيه يزيد بذلك كما مر ، و كان الوليد متلاعباً و له مجون و شراب و ندمان ، و أراد هشام خلعه فلم يمكنه . و كان يضرب من يأخذه في صحبته ، فخرج الوليد في ناس من خاصته و مواليه و خلف كاتبه عياض بن مسلم ليكاتبه بالأحوال فضربه هشام و حبسه . و لم يزل الوليد مقيماً بالبرية حتى مات هشام ، و جاءه مولى أبي محمد السفياني على البريد بكتاب سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل بالخبر فسأل عن كاتبه عياض فقال : لم يزل محبوساً حتى مات هشام ، فأرسل إلى الحراق أن يحتفظوا بما في أيديهم حتى منعوا هشاماً من شيء طلبه . ثم خرج بعد موته من الحبس و ختم أبواب الخزائن ثم كتب الوليد من وقته إلى عمه العباس بن عبد الملك أن يأتي الرصافة فيحصي ما فيها من أموال هشام و ولده و عماله و خدمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كان يراجع أباه في الرفق بالوليد ، فانتهى العباس لما أمر به الوليد . ثم استعمل الوليد العمال و كتب إلى الآفاق بأخذ البيعة فجاءته بيعتهم و كتب مروان ببيعته و استأذن في القدوم . ثم عقد الوليد من سنته لابنيه الحكم و عثمان بعده و جعلهما وليي عهده و كتب بذلك إلى العراق و خراسان .
ولاية نصر للوليد على خراسان
وكتب الوليد في سنته إلى نصر بن سيار بولاية خراسان و أفرده بها ، ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصراً و عماله فرد إليه الوليد خراسان . و كتب يوسف إلى نصر بالقدوم و يحمل معه الهدايا و الأموال و عياله جميعاً و كتب له الوليد بأن يتخذ له برابط و طنابير و أباريق ذهب و فضة و يجمع له البراذين الغرة و يجمع بذلك إليه في وجوه أهل خراسان ، و استحثه رسول يوسف فأجازه . ثم سار و استخلف على خراسان عصمة بن عبد الله الأسدي و على شاش موسى بن ورقاء و على سمرقند حسان بن من أهل الضغانيان و على آمد مقاتل بن علي الصغدي . و أسر إليهم أن يداخلوا الترك في المسير إلى خراسان ليرجع إليهم و بينا هو في طريقه إلى العراق ببيهق لقيه مولى لبني ليث ، و أخبره بقتل الوليد و الفتنة بالشام و أن منصور بن جمهور قدم العراق و هرب يوسف بن عمر فرجع بالناس .
مقتل يحيى بن زياد
كان يحيى بن زياد سار بعد قتل أبيه و سكون الطلب عنه كما مر فأقام عنه الحريش بن عمر و مروان في بلخ و لما ولي الوليد كتب إلى نصر بأن يأخذه من عند الحريش فأحضر الحريش و طالبه بيحيى ، فأنكر ، فضربه ستمائة سوط ، فجاء ابنه قريش و دله على يحيى فحبسه و كتب إلى الوليد فأمره أن يخلي سبيله و سبيل أصحابه فأطلقه نصر و أمره أن يلحق بالوليد فسار و أقام بسرخس فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عياد يخرجه عنها فأخرجه إلى بيهق و خاف يحيى بن يوسف بن عمر فسار إلى نيسابور و بها عمر ابن زرارة ، و كتب عمر بن زرارة بذلك إلى نصر فكتب إليه يأمره بحربهم ، فحاربهم في عشرة آلاف فهزموه و قتلوه ، و مروا بهراة فلم يعرضوا لها و سرح نصر بن سيار مسلم بن أحور المازني إليهم فلحقهم بالجوزجان فقاتلهم قتالاً شديداً و أصيب يحيى بسهم في جبهته فمات . و قتل أصحابه جميعاً و بعثوا برأسه إلى الوليد و صلب بالجوزجان . و كتب الوليد إلى يوسف بن عمر بأن يحرق شلوزيد ، فأحرقه و ذراه في الفرات و لم يزل يحيى مصلوباً بالجوزجان حتى استولى أبو مسلم على خراسان فدفنه ونظر في الديوان أسماء من حضر لقتله فمن كان حياً قتله و من كان ميتاً خلفه في أهله بسوء .
مقتل خالد بن عبد الله القسريقد تقدم لنا ولاية يوسف بن عمر على العراق و أنه حبس خالداً أصحاب العراق و خراسان قبله فأقام بحبسه في الحيرة ثمانية عشر شهراً مع أخيه إسمعيل وابنه يزيد بن خالد و المنذر ابن أخيه أسد و استأذن هشام في عذابه فأذن له على أنه إن هلك قتل يوسف به فعذبه . ثم أمر هشام بإطلاقه سنة إحدى و عشرين ، فأتى إلى قرية بإزاء الرصافة فأقام بها ، حتى خرج
وفاة هشام بن عبد الملك و بيعة الوليد بن يزيد
توفي هشام بن عبد الملك بالرصافة في ربيع الآخر سنة خمس و عشرين و مائة لعشرين سنة من خلافته و ولي بعده الوليد ابن أخيه يزيد بذلك كما مر ، و كان الوليد متلاعباً و له مجون و شراب و ندمان ، و أراد هشام خلعه فلم يمكنه . و كان يضرب من يأخذه في صحبته ، فخرج الوليد في ناس من خاصته و مواليه و خلف كاتبه عياض بن مسلم ليكاتبه بالأحوال فضربه هشام و حبسه . و لم يزل الوليد مقيماً بالبرية حتى مات هشام ، و جاءه مولى أبي محمد السفياني على البريد بكتاب سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل بالخبر فسأل عن كاتبه عياض فقال : لم يزل محبوساً حتى مات هشام ، فأرسل إلى الحراق أن يحتفظوا بما في أيديهم حتى منعوا هشاماً من شيء طلبه . ثم خرج بعد موته من الحبس و ختم أبواب الخزائن ثم كتب الوليد من وقته إلى عمه العباس بن عبد الملك أن يأتي الرصافة فيحصي ما فيها من أموال هشام و ولده و عماله و خدمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كان يراجع أباه في الرفق بالوليد ، فانتهى العباس لما أمر به الوليد . ثم استعمل الوليد العمال و كتب إلى الآفاق بأخذ البيعة فجاءته بيعتهم و كتب مروان ببيعته و استأذن في القدوم . ثم عقد الوليد من سنته لابنيه الحكم و عثمان بعده و جعلهما وليي عهده و كتب بذلك إلى العراق و خراسان .
ولاية نصر للوليد على خراسان
وكتب الوليد في سنته إلى نصر بن سيار بولاية خراسان و أفرده بها ، ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصراً و عماله فرد إليه الوليد خراسان . و كتب يوسف إلى نصر بالقدوم و يحمل معه الهدايا و الأموال و عياله جميعاً و كتب له الوليد بأن يتخذ له برابط و طنابير و أباريق ذهب و فضة و يجمع له البراذين الغرة و يجمع بذلك إليه في وجوه أهل خراسان ، و استحثه رسول يوسف فأجازه . ثم سار و استخلف على خراسان عصمة بن عبد الله الأسدي و على شاش موسى بن ورقاء و على سمرقند حسان بن من أهل الضغانيان و على آمد مقاتل بن علي الصغدي . و أسر إليهم أن يداخلوا الترك في المسير إلى خراسان ليرجع إليهم و بينا هو في طريقه إلى العراق ببيهق لقيه مولى لبني ليث ، و أخبره بقتل الوليد و الفتنة بالشام و أن منصور بن جمهور قدم العراق و هرب يوسف بن عمر فرجع بالناس .
مقتل يحيى بن زياد
كان يحيى بن زياد سار بعد قتل أبيه و سكون الطلب عنه كما مر فأقام عنه الحريش بن عمر و مروان في بلخ و لما ولي الوليد كتب إلى نصر بأن يأخذه من عند الحريش فأحضر الحريش و طالبه بيحيى ، فأنكر ، فضربه ستمائة سوط ، فجاء ابنه قريش و دله على يحيى فحبسه و كتب إلى الوليد فأمره أن يخلي سبيله و سبيل أصحابه فأطلقه نصر و أمره أن يلحق بالوليد فسار و أقام بسرخس فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عياد يخرجه عنها فأخرجه إلى بيهق و خاف يحيى بن يوسف بن عمر فسار إلى نيسابور و بها عمر ابن زرارة ، و كتب عمر بن زرارة بذلك إلى نصر فكتب إليه يأمره بحربهم ، فحاربهم في عشرة آلاف فهزموه و قتلوه ، و مروا بهراة فلم يعرضوا لها و سرح نصر بن سيار مسلم بن أحور المازني إليهم فلحقهم بالجوزجان فقاتلهم قتالاً شديداً و أصيب يحيى بسهم في جبهته فمات . و قتل أصحابه جميعاً و بعثوا برأسه إلى الوليد و صلب بالجوزجان . و كتب الوليد إلى يوسف بن عمر بأن يحرق شلوزيد ، فأحرقه و ذراه في الفرات و لم يزل يحيى مصلوباً بالجوزجان حتى استولى أبو مسلم على خراسان فدفنه ونظر في الديوان أسماء من حضر لقتله فمن كان حياً قتله و من كان ميتاً خلفه في أهله بسوء .
مقتل خالد بن عبد الله القسريقد تقدم لنا ولاية يوسف بن عمر على العراق و أنه حبس خالداً أصحاب العراق و خراسان قبله فأقام بحبسه في الحيرة ثمانية عشر شهراً مع أخيه إسمعيل وابنه يزيد بن خالد و المنذر ابن أخيه أسد و استأذن هشام في عذابه فأذن له على أنه إن هلك قتل يوسف به فعذبه . ثم أمر هشام بإطلاقه سنة إحدى و عشرين ، فأتى إلى قرية بإزاء الرصافة فأقام بها ، حتى خرج
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
زيد و قتل و انقضى أمره ، فسعى يوسف بخالد عند هشام بأنه الذي داخل زيداً في الخروج ، فرد هشام سعايته ووبخ رسوله و قال : لسنا نتهم خالداً في طاعة . و سار خالد إلى الصائفة و أنزل أهله دمشق وعليها كلثوم بن عياض القشيري ، و كان يبغض خالداً . فظهر في دمشق حريق في ليال ، فكتب كلثوم إلى هشام بأن موالي خالد يريدون الوثوب إلى بيت المال و يتطرقون إلى ذلك بالحريق كل ليلة في البلد . فكتب إليه هشام بحبس الكبير منهم و الصغير و الموالي فحبسهم . ثم ظهر على صاحب الحريق و أصحابه . يزيد كتب بهم الوليد بن عبد الرحمن عامل الخراج و لم يذكر فيهم أحداً من آل خالد و مواليه فكتب هشام إلى كلثوم يوبخه و يأمره بإطلاق آل خالد و ترك الموالي فشفع فيهم خالد عند مقدمه من الصائفة ، فلما قدم دخل منزله و أذن للناس فاجتمعوا ببابه فوبخهم و قال : إن هشاماً يسوقهن إلى الحبس كل يوم . ثم قال خرجت غازياً سامعاً مطيعاً فحبس أهلي مع أهل الجرائم كما يفعل بالمشركين . و لم يغير ذلك أحد منكم ، أخفتم القتل ؟ أخافكم الله . و الله ليكفن عني هشام أو لأعودن إلى عراقي الهوى شامي الدار حجازي الأصل يعني محمد بن علي بن عبد الله بن عباس . و بلغ ذلك هشاماً فقال : خرف أبو الهيثم . ثم تتابعت كتب يوسف بن عمر إلى هشام يطلب يزيد بن خالد فأرسل إلى كلثوم بإنفاذه إليه فهرب يزيد فطلبه كلثوم من خالد و حبسه فيه فكتب إليه هشام بتخليته و وبخه . و لما ولي الوليد بن يزيد استقدم خالداً و قال أين ابنك ؟ قال : هرب من هشام و كنا نراه عندك حتى استخلفك الله فلم نره و طلبناه ببلاد قومه من الشراة فقال : و لكن خلفته طلباً للفتنة فقال : إنا أهل بيت طاعة . فقال : لتأتيني به أو لأزهقن نفسك فقال : و الله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه فأمر الوليد بضربه . و لما قدم يوسف بن عمر من العراق بالأموال اشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف فقال له الوليد : إن يوسف يشتريك بكذا فاضمنها إلي قبل أن أدفعك إليه . فقال : ما عهدت العرب تباع ! و الله لو سألتني عوداً ما ضمنته . فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة و حمله على غير وطاء وعذبه عذاباً شديداً و هو لا يكلمه . ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابه ثم قتله و دفنه في عباءة يقال : إنه قتله بشيء وضعه على وجهه . و قيل وضع على رجليه الأعواد و قام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه . و ذلك في المحرم سنة ست و عشرين و مائة .
مقتل الوليد و بيعة يزيدو لما ولي الوليد لم يقلع عما كان عليه من الهوى و المجون . حتى نسب إليه في ذلك كثير من الشنائع مثل رمية المصحف بالسهام حين استفتح فوقع على قوله : " و خاب كل جبار عنيد " و ينشدون له في ذلك بيتين تركتهما لشناعة مغزاهما . و لقد ساءت القالة فيه كثيراً ، و كثير من الناس نفوا ذلك عنه و قالوا : إنها من شناعات الأعداء الصقوها به . قال المدائني : دخل ابن الغمر بن يزيد على الرشيد فسأله : ممن أنت ؟ فقال : من قريش . قال : من أيها ؟ فوجم ، فقال : قل و أنت آمن و لو أنك مروان فقال : أنا ابن الغمز بن يزيد . فقال : رحم الله الوليد و لعن يزيد الناقص ، فإنه قتل خليفة مجمعاً عليه ، إرفع حوائجك فرفعها و قضاها . و قال شبيب بن شبة : كنا جلوساً عند المهدي فذكر الوليد فقال المهدي : كان زنديقاً فقام ابن علانة الفقيه فقال : يا أمير المؤمنين إن الله عز و جل أعدل من أن يولي خلافة النبوة و أمر الأمة زنديقاً لقد أخبرني عنه من كان يشهده في ملاعبه و شربه و يراه في طهارته و صلاته فكان إذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليه المصيبة المصبغة . ثم يتوضأ فيحسن الوضوء و يؤتى بثياب بيض نظيفة فيلبسها و يشتغل بربه . أترى هذا فعل من لا يؤمن بالله ؟ فقال المهدي : بارك الله عليك يا ابن علانة ، و إنما كان الرجل محسوداً في خلاله و مزاحماً بكبار عشيرة بيته من بين عمومته مع لهو كان يصاحبه ، أوجد لهم به السبيل على نفسه . و كان من خلاله قرض الشعر الوثيق و نظم الكلام البليغ . قال يوماً لهشام يعزيه في مسلمة أخيه : إن عقبى منبقي لحوق من مضى ، و قد أفقر بعد مسلمة الصيد لمن رمى ، و اختل الثغر فهوى . و على أثر من سلف ، يمضي من خلف ، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى . فأعرض هشام و سكت القوم ، و أما حكاية مقتله فإنه لما تعرض له بنو عمه و نالوا من عرضه أخذ في مكافأتهم . فضرب سليمان بن عمه هشام مائة سوط و حلقه و غربه إلى معان من أرض الشام ، فحبسه إلى آخر دولته و حبس أخاه يزيد بن هشام ، و فرق بين ابن الوليد و بين امرأته ، و حبس عدة من ولد الوليد ، فرموه بالفسق و الكفر و استباحة نساء أبيه . و خوفوا بني أمية منه بأنه اتخذ ميتة جامعة لهم و طعنوا عليه في تولية إبنيه الحكم و عثمان العهد مع صغرهما . و كان أشدهم عليه في ذلك يزيد بن الوليد لأنه كان يتنسك فكان الناس إلى قوله أميل . ثم فسدت اليمامة عليه بما كان منه لخالد القسري . و قالوا : إنما حبسه و نكبه لامتناعه من بيعة ولديه . ثم فسدت عليه قضاعة و كان اليمن و قضاعة أكثر جند الشام . و استعظموا منه ما كان من بيعة خالد ليوسف بن عمر ، و صنعوا على لسان الوليد قصيدة معيرة اليمنية بشأن خالد . فازداد و اختفى . و أتوا إلى يزيد بن الوليد بن عبد الملك فأرادوه على البيعة . و شاور عمر بن زيد الحكمي فقال : شاور أخاك العباس و إلا فأظهر أنه قد بايعك ، فإن الناس له أطوع . فشاور العباس فنهاه عن ذلك فلم ينته ، و دعا الناس سراً و كان بالبادية . و بلغ الخبر مروان بأرمينية فكتب إلى سعيد بن عبد الملك يعظم عليه الأمر و يحذره الفتنة و يذكر له أمر يزيد ، فأعظم ذلك سعيد و بعث بالكتاب إلى العباس فتهدد أخاه يزيد قكتمه فصدقه . و لما اجتمع ليزيد أمره أقبل إلى دمشق لأربع ليال متنكراً ، معه سبعة نفر على الحمر . و دخل دمشق ليلاً و قد بايع له أكثر أهلها سراً و أهل المزة . و كان علىدمشق عبد الملك بن محمد بن الحجاج فاستوياها فنزل قطنا ، و استخلف عليها إبنه محمداً و على شرطته أبو العاج كثير بن عبد الله السلمي . و نمى الخبر إليهما فكذباه و تواعد يزيد مع أصحابه بعد المغرب بباب الفراديس . ثم دخلوا المسجد فصلوا العتمة ، و لما قضوا الصلاة جاء حرس المسجد لإخراجهم فوثبوا عليهم ، و مضى يزيد بن عنبسة إلى يزيد بن الوليد فجاء به إلى المسجد في زهاء مائتين و خمسين ، و طرقوا باب المقصورة فأدخلهم الخادم فأخذوا أبا العاج و هو سكران و خزان بيت المال . و بعث عن محمد بن عبد الملك فأخذه و أخذوا سلاحاً كثيراً كان بالمسجد ، و أصبح الناس من الغد من النواحي القريبة متسائلين للبيعة أهل المزة و السكاسك و أهل دارا و عيسى بن شيب الثعلبي في أهل درهة و حرستا ، و حميد بن حبيب اللخمي في أهل دمرعران ، و أهل حرش و الحديثة و دير كاوربعي بن هشام الحرثي في جماعة من عروسلامان . و يعقوب بن عمير بن هاني العبسي و حهينة و مواليهم . ثم بعث عبد الرحمن بن مصادي في مائتي فارس ، فجاء بعبد الملك بن محمد بن الحجاج من قصره على الأمان . ثم جهز يزيد الجيش إلى الوليد بمكانه من البادية مع عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ، و منصور بن جمهور و قد كان الوليد لما بلغه الخبر بعث عبد الله بن يزيد بن معاوية إلى دمشق فأقام بطريقه قليلاً ، ثم بايع ليزيد و أشار على الوليد أصحابه أن يلحق بحمص فيتحصن بها . قال له ذلك يزيد بن خالد بن يزيد ، و خالفه عبد الله بن عنبسة و قال : ما ينبغي للخليفة أن يدع عسكره و حرمه قبل أن يقاتل فسار إلى قصر النعمان ابن بشير ، و معه أربعون من ولد الضحاك و غيره . و جاء كتاب العباس بن الوليد بأنه قادم عليه ، و قاتلهم عبد العزيز و منصور بعد أن بعث إليهم زياد بن حصين الكلبي يدعوهم إلى الكتاب و السنة . فقتله أصحاب الوليد و اشتد القتال بينهم و بعث عبد العزيز بن منصور بن جمهور لاعتراض العباس بن الوليد أن يأتي بالوليد ، فجاء به كرهاً إلى عبد العزيز و أرسل الوليد إلى عبد العزيز بخمسين ألف دينار و ولاية حمص ما بقي على أن ينصرف عنه فأبى . ثم قاتل قتالاً شديداً حتى سمع النداء بقتله و سبه من جوانب الحومة ، فدخل القصر فأغلق الباب و طلب الكلام من أعلى القصر ، فكلمه يزيد بن عنبسة السكسكي فذكره بحرمه و فعله فيهم فقال ابن عنبسة : إنا ما ننقم عليك في أنفسنا ، و إنما ننقم عليك في انتهاك ما حرم الله ، و شرب الخمر و نكاح أمهات أولاد أبيك ، و استخفافك بأمر الله . قال : حسبك الله يا أخا السكاسك ! فلعمري لقد أكثرت و أغرقت ، و إن فيما أحل الله سعة عما ذكرت ثم رجع إلى الدار فجلس يقرأ في المصحف و قال : يوم كيوم عثمان فتسوروا عليه و أخذ يزيد بن عنبسة بيده يقيه لا يريد قتله و إذا بمنصور بن جمهور في جماعة معه ضربوه و اجتزوا رأسه فساروا به إلى يزيد فأمر بنصبه ، فتلطف له يزيد بن فروة مولى بني مرة في المنع من ذلك ، و قال : هذا ابن عمك و خليفة و إنما تنصب رؤس الخوارج و لا آمن أن يتعصب له أهل بيته . فلم يجبه ، و أطافه بدمشق على رمح ثم دفع إلى
مقتل الوليد و بيعة يزيدو لما ولي الوليد لم يقلع عما كان عليه من الهوى و المجون . حتى نسب إليه في ذلك كثير من الشنائع مثل رمية المصحف بالسهام حين استفتح فوقع على قوله : " و خاب كل جبار عنيد " و ينشدون له في ذلك بيتين تركتهما لشناعة مغزاهما . و لقد ساءت القالة فيه كثيراً ، و كثير من الناس نفوا ذلك عنه و قالوا : إنها من شناعات الأعداء الصقوها به . قال المدائني : دخل ابن الغمر بن يزيد على الرشيد فسأله : ممن أنت ؟ فقال : من قريش . قال : من أيها ؟ فوجم ، فقال : قل و أنت آمن و لو أنك مروان فقال : أنا ابن الغمز بن يزيد . فقال : رحم الله الوليد و لعن يزيد الناقص ، فإنه قتل خليفة مجمعاً عليه ، إرفع حوائجك فرفعها و قضاها . و قال شبيب بن شبة : كنا جلوساً عند المهدي فذكر الوليد فقال المهدي : كان زنديقاً فقام ابن علانة الفقيه فقال : يا أمير المؤمنين إن الله عز و جل أعدل من أن يولي خلافة النبوة و أمر الأمة زنديقاً لقد أخبرني عنه من كان يشهده في ملاعبه و شربه و يراه في طهارته و صلاته فكان إذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليه المصيبة المصبغة . ثم يتوضأ فيحسن الوضوء و يؤتى بثياب بيض نظيفة فيلبسها و يشتغل بربه . أترى هذا فعل من لا يؤمن بالله ؟ فقال المهدي : بارك الله عليك يا ابن علانة ، و إنما كان الرجل محسوداً في خلاله و مزاحماً بكبار عشيرة بيته من بين عمومته مع لهو كان يصاحبه ، أوجد لهم به السبيل على نفسه . و كان من خلاله قرض الشعر الوثيق و نظم الكلام البليغ . قال يوماً لهشام يعزيه في مسلمة أخيه : إن عقبى منبقي لحوق من مضى ، و قد أفقر بعد مسلمة الصيد لمن رمى ، و اختل الثغر فهوى . و على أثر من سلف ، يمضي من خلف ، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى . فأعرض هشام و سكت القوم ، و أما حكاية مقتله فإنه لما تعرض له بنو عمه و نالوا من عرضه أخذ في مكافأتهم . فضرب سليمان بن عمه هشام مائة سوط و حلقه و غربه إلى معان من أرض الشام ، فحبسه إلى آخر دولته و حبس أخاه يزيد بن هشام ، و فرق بين ابن الوليد و بين امرأته ، و حبس عدة من ولد الوليد ، فرموه بالفسق و الكفر و استباحة نساء أبيه . و خوفوا بني أمية منه بأنه اتخذ ميتة جامعة لهم و طعنوا عليه في تولية إبنيه الحكم و عثمان العهد مع صغرهما . و كان أشدهم عليه في ذلك يزيد بن الوليد لأنه كان يتنسك فكان الناس إلى قوله أميل . ثم فسدت اليمامة عليه بما كان منه لخالد القسري . و قالوا : إنما حبسه و نكبه لامتناعه من بيعة ولديه . ثم فسدت عليه قضاعة و كان اليمن و قضاعة أكثر جند الشام . و استعظموا منه ما كان من بيعة خالد ليوسف بن عمر ، و صنعوا على لسان الوليد قصيدة معيرة اليمنية بشأن خالد . فازداد و اختفى . و أتوا إلى يزيد بن الوليد بن عبد الملك فأرادوه على البيعة . و شاور عمر بن زيد الحكمي فقال : شاور أخاك العباس و إلا فأظهر أنه قد بايعك ، فإن الناس له أطوع . فشاور العباس فنهاه عن ذلك فلم ينته ، و دعا الناس سراً و كان بالبادية . و بلغ الخبر مروان بأرمينية فكتب إلى سعيد بن عبد الملك يعظم عليه الأمر و يحذره الفتنة و يذكر له أمر يزيد ، فأعظم ذلك سعيد و بعث بالكتاب إلى العباس فتهدد أخاه يزيد قكتمه فصدقه . و لما اجتمع ليزيد أمره أقبل إلى دمشق لأربع ليال متنكراً ، معه سبعة نفر على الحمر . و دخل دمشق ليلاً و قد بايع له أكثر أهلها سراً و أهل المزة . و كان علىدمشق عبد الملك بن محمد بن الحجاج فاستوياها فنزل قطنا ، و استخلف عليها إبنه محمداً و على شرطته أبو العاج كثير بن عبد الله السلمي . و نمى الخبر إليهما فكذباه و تواعد يزيد مع أصحابه بعد المغرب بباب الفراديس . ثم دخلوا المسجد فصلوا العتمة ، و لما قضوا الصلاة جاء حرس المسجد لإخراجهم فوثبوا عليهم ، و مضى يزيد بن عنبسة إلى يزيد بن الوليد فجاء به إلى المسجد في زهاء مائتين و خمسين ، و طرقوا باب المقصورة فأدخلهم الخادم فأخذوا أبا العاج و هو سكران و خزان بيت المال . و بعث عن محمد بن عبد الملك فأخذه و أخذوا سلاحاً كثيراً كان بالمسجد ، و أصبح الناس من الغد من النواحي القريبة متسائلين للبيعة أهل المزة و السكاسك و أهل دارا و عيسى بن شيب الثعلبي في أهل درهة و حرستا ، و حميد بن حبيب اللخمي في أهل دمرعران ، و أهل حرش و الحديثة و دير كاوربعي بن هشام الحرثي في جماعة من عروسلامان . و يعقوب بن عمير بن هاني العبسي و حهينة و مواليهم . ثم بعث عبد الرحمن بن مصادي في مائتي فارس ، فجاء بعبد الملك بن محمد بن الحجاج من قصره على الأمان . ثم جهز يزيد الجيش إلى الوليد بمكانه من البادية مع عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ، و منصور بن جمهور و قد كان الوليد لما بلغه الخبر بعث عبد الله بن يزيد بن معاوية إلى دمشق فأقام بطريقه قليلاً ، ثم بايع ليزيد و أشار على الوليد أصحابه أن يلحق بحمص فيتحصن بها . قال له ذلك يزيد بن خالد بن يزيد ، و خالفه عبد الله بن عنبسة و قال : ما ينبغي للخليفة أن يدع عسكره و حرمه قبل أن يقاتل فسار إلى قصر النعمان ابن بشير ، و معه أربعون من ولد الضحاك و غيره . و جاء كتاب العباس بن الوليد بأنه قادم عليه ، و قاتلهم عبد العزيز و منصور بعد أن بعث إليهم زياد بن حصين الكلبي يدعوهم إلى الكتاب و السنة . فقتله أصحاب الوليد و اشتد القتال بينهم و بعث عبد العزيز بن منصور بن جمهور لاعتراض العباس بن الوليد أن يأتي بالوليد ، فجاء به كرهاً إلى عبد العزيز و أرسل الوليد إلى عبد العزيز بخمسين ألف دينار و ولاية حمص ما بقي على أن ينصرف عنه فأبى . ثم قاتل قتالاً شديداً حتى سمع النداء بقتله و سبه من جوانب الحومة ، فدخل القصر فأغلق الباب و طلب الكلام من أعلى القصر ، فكلمه يزيد بن عنبسة السكسكي فذكره بحرمه و فعله فيهم فقال ابن عنبسة : إنا ما ننقم عليك في أنفسنا ، و إنما ننقم عليك في انتهاك ما حرم الله ، و شرب الخمر و نكاح أمهات أولاد أبيك ، و استخفافك بأمر الله . قال : حسبك الله يا أخا السكاسك ! فلعمري لقد أكثرت و أغرقت ، و إن فيما أحل الله سعة عما ذكرت ثم رجع إلى الدار فجلس يقرأ في المصحف و قال : يوم كيوم عثمان فتسوروا عليه و أخذ يزيد بن عنبسة بيده يقيه لا يريد قتله و إذا بمنصور بن جمهور في جماعة معه ضربوه و اجتزوا رأسه فساروا به إلى يزيد فأمر بنصبه ، فتلطف له يزيد بن فروة مولى بني مرة في المنع من ذلك ، و قال : هذا ابن عمك و خليفة و إنما تنصب رؤس الخوارج و لا آمن أن يتعصب له أهل بيته . فلم يجبه ، و أطافه بدمشق على رمح ثم دفع إلى
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
أخيه سليمان بن يزيد و كان معهم عليه و كان قتله آخر جمادى الآخرة سنة ست و عشرين لسنتين و ثلاثة أشهر من بيعته . و لما قتل خطب الناس يزيد فذمه و ثلبه و أنه إنما قتله من أجل ذلك . ثم وعدهم بحسن الظفر و الاقتصار عن النفقة في غير حاجاتهم و سد الثغور و العدل في العطاء و الأزراق و رفع الحجاب و إلا فلكم ما شئتم من الخلع .و كان يسمى الناقص لأنه نقص الزيادة التي زادها الوليد في أعطيات الناس و هي عشرة عشرة . و رد العطاء كما كان أيام هشام و بايع لأخيه إبراهيم بالعهد و من بعده لعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك حمله على ذلك أصحابه القدرية لمرض طرقه .
و لما قتل الوليد و كان قد حبس سليمان ابن عمه هشام بعمان ، خرج سليمان من الحبس و أخذ ما كان هناك من الأموال و نقله إلى دمشق . ثم بلغ مقتله إلى حمص و أن العباس بن الوليد أعان على قتله فانتقضوا و هدموا دار العباس و سبوها و طلبوه فلحق بأخيه يزيد . و كاتبوا الأجناد في الطلب بدم يزيد و أمروا عليهم مروان بن عبد الله بن عبد الملك و معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير و راسلهم يزيد فطردوا رسوله فبعث أخاه مسروراً في الجيش فنزل حوارين . ثم جاء سليمان بن هشام من فرد عليه ما أخذ الوليد من أموالهم ، و بعث على الجيش و أمر أخاه مسرواً بالطاعة . و اعتزم أهل حمص على المسير إلى دمشق فقال لهم مروان : ليس من الرأي أن تتركوا خلفكم هذا الجيش و إنما نقاتله قبل ، فيكون ما بعده أهون علينا . فقال لهم السميط بن ثابت : إنما يريد خلافكم و إنما هواه مع يزيد و القدرية ، فقتلوه و ولوا عليهم محمداً السفياني و قصدوا دمشق ، فاعترضهم ابن هشام بغدرا فقاتلهم قتالاً شديداً و بعث يزيد عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك في ثلاثة آلاف إلى ثنية العقاب و هشام بن مضاد في ألف و خمسمائة إلى عقبة السلامية . و بينما سالم يقاتلهم إذ أقبلت عساكر من ثنية العقاب فانهزم أهل حمص ، و نادى يزيد بن خالد بن عبد الله القسري : الله الله على قومك يا سليمان . فكف الناس عنهم و بايعوا ليزيد . و أخذ أبا محمد السفياني و يزيد بن خالد ابن يزيد و بعثهما إلى يزيد فحبسهما . و استعمل على حمص معاوية بن يزيد بن الحصين و كان لما قتل الوليد وثب أهل فلسطين على عاملهم سعيد بن عبد الملك فطردوه و تولى منهم سعيد و ضبعان إبنا روح . و كان ولد سليمان ينزلون فلسطين فأحضروا يزيد بن سليمان و ولوه عليهم . و بلغ ذلك أهل الأردن فولوا عليهم محمد بن عبد الملك . و بعث يزيد سليمان بن هشام في أهل دمشق و أهل حمص الذين كانوا مع الفياني على ثمانين ألفاً ، و بعث إلى إبني روح بالإحسان و الولاية ، فرجعا بأهل فلسطين . و قدم سليمان عسكراً من خمسة آلاف إلى طبرية فنهبوا القرى و الضياع و خشي أهل طبرية على من وراءهم ، فانتهبوا يزيد بن سليمان و محمد بن عبد الملك ، و نزلوا بمنازلهم ، فافترقت جموع الأردن و فلسطين و سار سليمان بن هشام و لحقه أهل الأردن فبايعوه ليزيد و سار إلى طبرية و الرملة و أخذ على أهلهما البيعة ليزيد و ولى فلسطين ضبعان بن روح و على الأردن إبراهيم بن الوليد .
ولاية منصور بن جمهور على العراق ثم ولاية عبد الله بن عمر
لما ولي يزيد استعمل منصور بن جمهور على العراق و خراسان لم يكن من أهل الدين ، و إنما صار مع يزيد لرأيه في الغيلانية ، و حنقاً على يوسف بقتله خالد القسري . و لما بلغ يوسف قتل الوليد ارتاب في أمره ، و حبس اليمانية لما تجمع المضرية عليه . فلم ير عندهم ما يحب فأطلق اليمانية . و أقبل منصور و كتب من عين البقر إلى قواد الشام في الحيرة بأخذ يوسف و عماله ، فأظهر يوسف الطاعة و لما قرب منصور دخل دار عمر ابن محمد بن سعيد محمد العاص و لحق منها بالشام سراً و بعث يزيد بن الوليد خمسين فارساً لتلقيه . فلما أحس بهم هرب و اختفى ، و جد بين النساء فأخذوه و جاؤا به إلى يزيد فحبسه مع إبني الوليد ، حتى قتلهم مولى ليزيد بن خالد القسري .و لما دخل منصور بن جمهور الكوفة لأيام خلت من رجب أفاض تاعطاء و أطلق من كان في السجون من العمال و أهل الخراج ، و استعمل أخاه على الري و خراسان ، فسار لذلك فامتنع نصر بن سيار من تسليم خراسان له . ثم عزل يزيد منصور بن جمهور لشهرين من ولايته ، و ولى على العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز و قال : سر إلى أهل العراق فإن أهله يميلون إلى أبيك . فسار و انقاد له أهل الشام و سلم إليه منصور العمل ، و انصرف إلى الشام و بعث عبد الله العمال على الجهات و استعمل عمر بن الغضبان بن القبعثرا على الشرطة و خراج السواد و المحاسبات و كتب إلى نصر بن سيار يعهد على خراسان .
انتقاض أهل اليمامة
و لما قتل الوليد كان علي بن المهاجر على اليمامة عاملاً ليوسف بن عمر فجمع له المهير بن سليمان بن هلال من بني الدول بن خولة . و سار إليه هو في قصره بقاع هجر فالتقوا و انهزم علي و قتل ناس من أصحابه ، و هرب إلى المدينة و ملك المهير اليمامة ثم مات . و استخلف عليها عبد الله بن النعمان من بني قيس بن ثعلبة . من الدؤل فبعث المندلب بن الحنفي على الفلخ قرية من قرى بني عامر بن صعصعة فجمع له بني كعب بن ربيعة بن عامر و بني عمير فقتلوا المندلب و أكثر أصحابه . فجمع عبد الله ابن النعمان جموعاً من حنيفة و غيرها و غزا الفلج و هزم بني عقيل و بني بشير و بني جعدة و قتل أكثرهم . ثم اجتمعوا و معهم نمير فلقوا بعض حنيفة بالصحراء و سلبوا نساءهم ، ثم جمع عمر بن الوازع الحنفي الجموع و قال لست بدون عبد الله بن النعمان و هذه فترة من السلطان . و أغار و امتلأت يداه من الغنائم و أقبل و من معه و أقبلت بنو عامر و التقوا فانهزم بنو حنيفة و مات أكثرهم من العطش . و رجع بنو عامر بالأسرى و النساء و لحق عمر بن الوازع باليمامة ثم جمع عبيد الله بن مسلم الحنفي جمعاً و أغار على قشير و عكل فقتل منهم عشرين و سمى المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة والياً على اليمامة من قبل أبيه حتى ولي العراق لمروان فتعرض المثنى لبني عامر و ضرب عدة من بني حنيفة و حلقهم . ثم سكنت البلاد و لم يزل عبيد الله بن مسلم الحنفي مستخفياً حتى قدم كسرى بن عبيد الله الهاشمي والياً على العامة لبني العباس و دل عليه فقتله .
اختلاف أهل خراسان
و لما قتل الوليد و قدم على نصر عهد خراسان من عبد الله بن عمر بن عبد العزيز صاحب العراق ، انتقض عليه جديع بن علي الكرماني و هو أزدي . و إنما سمى الكرماني لأنه ولد بكرمان و قال لأصحابه : هذه فتنة فانظروا لأموركم رجلاً فقالوا له : أنت ! و ولوه . و كان الكرماني قد أحسن إلى نصر في ولاية أسد بن عبد الله ، فلما ولي نصر عزله عن الرياسة بغيره فتباعد ما بينهما . و أكثر على نصر أصحابه في أمر الكرماني ، فاعتزم على حبسه ، و أرسل صاحب حرسه ليأتي به . و أراد الأزد أن يخلصوه فأبى ، و جاء إلى نصر يعدد عليه أياديه قبله من مراجعة يوسف بن عمر في قتله ، و الغرامة عنه ، و تقديم إبنه للرياسة . ثم قال : فبذلت ذلك بالإجماع على الفتنة ، فأخذ يعتذر و يتنصل ، و أصحاب نصر يتحاملون عليه مثل مسلم بن أحرو و عصمة بن عبد الله الأسدي . ثم ضربه و حبسه آخر رمضان سنة ست و عشرين . ثم نقب السجن و اجتمع له ثلاثة آلاف ، و كانت الأزد قد بايعوا عبد الملك بن حرملة على الكتاب و السنة . فلما جاء الكرماني قدمه عبد الملك ثم عسكر نصر على باب مرو الروذ ، و اجتمع إليه الناس ، و بعث سالم بن أحور في الجموع إلى الكرماني و سفر الناس بينهما على أن يؤمنه نصر و لا يحبسه . و أجاب نصر إلى ذلك و جاء الكرماني إليه و أمره بلزوم بيته . ثم بلغه عن نصر شيء فعاد إلى حاله ، و كلموه فيه فأمنه ، و جاء إليه و أعطى أصحابه عشرة عشرة . فلما عزل جمهور عن العراق و ولي عبد الله بن عمر بن عبد العزيز خطب نصر قدام بن جمهور و أثنى على عبد الله ، فغضب الكرماني لابن الجمهور و عاد لجمع المال و اتخاذ السلاح . و كان يحضر الجمعة في ألف و خمسمائة و يصلي خارج المقصورة ، و يدخل فيسلم و لا يحبس . ثم أظهر الخلاف و بعث إليه نصر سالم بن أحور فأفحش في صرفه و سفر بينهما الناس في الصلح على أن يخرج الكرماني من خراسان و تجهز للخروج إلى جرجان .
و لما قتل الوليد و كان قد حبس سليمان ابن عمه هشام بعمان ، خرج سليمان من الحبس و أخذ ما كان هناك من الأموال و نقله إلى دمشق . ثم بلغ مقتله إلى حمص و أن العباس بن الوليد أعان على قتله فانتقضوا و هدموا دار العباس و سبوها و طلبوه فلحق بأخيه يزيد . و كاتبوا الأجناد في الطلب بدم يزيد و أمروا عليهم مروان بن عبد الله بن عبد الملك و معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير و راسلهم يزيد فطردوا رسوله فبعث أخاه مسروراً في الجيش فنزل حوارين . ثم جاء سليمان بن هشام من فرد عليه ما أخذ الوليد من أموالهم ، و بعث على الجيش و أمر أخاه مسرواً بالطاعة . و اعتزم أهل حمص على المسير إلى دمشق فقال لهم مروان : ليس من الرأي أن تتركوا خلفكم هذا الجيش و إنما نقاتله قبل ، فيكون ما بعده أهون علينا . فقال لهم السميط بن ثابت : إنما يريد خلافكم و إنما هواه مع يزيد و القدرية ، فقتلوه و ولوا عليهم محمداً السفياني و قصدوا دمشق ، فاعترضهم ابن هشام بغدرا فقاتلهم قتالاً شديداً و بعث يزيد عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك في ثلاثة آلاف إلى ثنية العقاب و هشام بن مضاد في ألف و خمسمائة إلى عقبة السلامية . و بينما سالم يقاتلهم إذ أقبلت عساكر من ثنية العقاب فانهزم أهل حمص ، و نادى يزيد بن خالد بن عبد الله القسري : الله الله على قومك يا سليمان . فكف الناس عنهم و بايعوا ليزيد . و أخذ أبا محمد السفياني و يزيد بن خالد ابن يزيد و بعثهما إلى يزيد فحبسهما . و استعمل على حمص معاوية بن يزيد بن الحصين و كان لما قتل الوليد وثب أهل فلسطين على عاملهم سعيد بن عبد الملك فطردوه و تولى منهم سعيد و ضبعان إبنا روح . و كان ولد سليمان ينزلون فلسطين فأحضروا يزيد بن سليمان و ولوه عليهم . و بلغ ذلك أهل الأردن فولوا عليهم محمد بن عبد الملك . و بعث يزيد سليمان بن هشام في أهل دمشق و أهل حمص الذين كانوا مع الفياني على ثمانين ألفاً ، و بعث إلى إبني روح بالإحسان و الولاية ، فرجعا بأهل فلسطين . و قدم سليمان عسكراً من خمسة آلاف إلى طبرية فنهبوا القرى و الضياع و خشي أهل طبرية على من وراءهم ، فانتهبوا يزيد بن سليمان و محمد بن عبد الملك ، و نزلوا بمنازلهم ، فافترقت جموع الأردن و فلسطين و سار سليمان بن هشام و لحقه أهل الأردن فبايعوه ليزيد و سار إلى طبرية و الرملة و أخذ على أهلهما البيعة ليزيد و ولى فلسطين ضبعان بن روح و على الأردن إبراهيم بن الوليد .
ولاية منصور بن جمهور على العراق ثم ولاية عبد الله بن عمر
لما ولي يزيد استعمل منصور بن جمهور على العراق و خراسان لم يكن من أهل الدين ، و إنما صار مع يزيد لرأيه في الغيلانية ، و حنقاً على يوسف بقتله خالد القسري . و لما بلغ يوسف قتل الوليد ارتاب في أمره ، و حبس اليمانية لما تجمع المضرية عليه . فلم ير عندهم ما يحب فأطلق اليمانية . و أقبل منصور و كتب من عين البقر إلى قواد الشام في الحيرة بأخذ يوسف و عماله ، فأظهر يوسف الطاعة و لما قرب منصور دخل دار عمر ابن محمد بن سعيد محمد العاص و لحق منها بالشام سراً و بعث يزيد بن الوليد خمسين فارساً لتلقيه . فلما أحس بهم هرب و اختفى ، و جد بين النساء فأخذوه و جاؤا به إلى يزيد فحبسه مع إبني الوليد ، حتى قتلهم مولى ليزيد بن خالد القسري .و لما دخل منصور بن جمهور الكوفة لأيام خلت من رجب أفاض تاعطاء و أطلق من كان في السجون من العمال و أهل الخراج ، و استعمل أخاه على الري و خراسان ، فسار لذلك فامتنع نصر بن سيار من تسليم خراسان له . ثم عزل يزيد منصور بن جمهور لشهرين من ولايته ، و ولى على العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز و قال : سر إلى أهل العراق فإن أهله يميلون إلى أبيك . فسار و انقاد له أهل الشام و سلم إليه منصور العمل ، و انصرف إلى الشام و بعث عبد الله العمال على الجهات و استعمل عمر بن الغضبان بن القبعثرا على الشرطة و خراج السواد و المحاسبات و كتب إلى نصر بن سيار يعهد على خراسان .
انتقاض أهل اليمامة
و لما قتل الوليد كان علي بن المهاجر على اليمامة عاملاً ليوسف بن عمر فجمع له المهير بن سليمان بن هلال من بني الدول بن خولة . و سار إليه هو في قصره بقاع هجر فالتقوا و انهزم علي و قتل ناس من أصحابه ، و هرب إلى المدينة و ملك المهير اليمامة ثم مات . و استخلف عليها عبد الله بن النعمان من بني قيس بن ثعلبة . من الدؤل فبعث المندلب بن الحنفي على الفلخ قرية من قرى بني عامر بن صعصعة فجمع له بني كعب بن ربيعة بن عامر و بني عمير فقتلوا المندلب و أكثر أصحابه . فجمع عبد الله ابن النعمان جموعاً من حنيفة و غيرها و غزا الفلج و هزم بني عقيل و بني بشير و بني جعدة و قتل أكثرهم . ثم اجتمعوا و معهم نمير فلقوا بعض حنيفة بالصحراء و سلبوا نساءهم ، ثم جمع عمر بن الوازع الحنفي الجموع و قال لست بدون عبد الله بن النعمان و هذه فترة من السلطان . و أغار و امتلأت يداه من الغنائم و أقبل و من معه و أقبلت بنو عامر و التقوا فانهزم بنو حنيفة و مات أكثرهم من العطش . و رجع بنو عامر بالأسرى و النساء و لحق عمر بن الوازع باليمامة ثم جمع عبيد الله بن مسلم الحنفي جمعاً و أغار على قشير و عكل فقتل منهم عشرين و سمى المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة والياً على اليمامة من قبل أبيه حتى ولي العراق لمروان فتعرض المثنى لبني عامر و ضرب عدة من بني حنيفة و حلقهم . ثم سكنت البلاد و لم يزل عبيد الله بن مسلم الحنفي مستخفياً حتى قدم كسرى بن عبيد الله الهاشمي والياً على العامة لبني العباس و دل عليه فقتله .
اختلاف أهل خراسان
و لما قتل الوليد و قدم على نصر عهد خراسان من عبد الله بن عمر بن عبد العزيز صاحب العراق ، انتقض عليه جديع بن علي الكرماني و هو أزدي . و إنما سمى الكرماني لأنه ولد بكرمان و قال لأصحابه : هذه فتنة فانظروا لأموركم رجلاً فقالوا له : أنت ! و ولوه . و كان الكرماني قد أحسن إلى نصر في ولاية أسد بن عبد الله ، فلما ولي نصر عزله عن الرياسة بغيره فتباعد ما بينهما . و أكثر على نصر أصحابه في أمر الكرماني ، فاعتزم على حبسه ، و أرسل صاحب حرسه ليأتي به . و أراد الأزد أن يخلصوه فأبى ، و جاء إلى نصر يعدد عليه أياديه قبله من مراجعة يوسف بن عمر في قتله ، و الغرامة عنه ، و تقديم إبنه للرياسة . ثم قال : فبذلت ذلك بالإجماع على الفتنة ، فأخذ يعتذر و يتنصل ، و أصحاب نصر يتحاملون عليه مثل مسلم بن أحرو و عصمة بن عبد الله الأسدي . ثم ضربه و حبسه آخر رمضان سنة ست و عشرين . ثم نقب السجن و اجتمع له ثلاثة آلاف ، و كانت الأزد قد بايعوا عبد الملك بن حرملة على الكتاب و السنة . فلما جاء الكرماني قدمه عبد الملك ثم عسكر نصر على باب مرو الروذ ، و اجتمع إليه الناس ، و بعث سالم بن أحور في الجموع إلى الكرماني و سفر الناس بينهما على أن يؤمنه نصر و لا يحبسه . و أجاب نصر إلى ذلك و جاء الكرماني إليه و أمره بلزوم بيته . ثم بلغه عن نصر شيء فعاد إلى حاله ، و كلموه فيه فأمنه ، و جاء إليه و أعطى أصحابه عشرة عشرة . فلما عزل جمهور عن العراق و ولي عبد الله بن عمر بن عبد العزيز خطب نصر قدام بن جمهور و أثنى على عبد الله ، فغضب الكرماني لابن الجمهور و عاد لجمع المال و اتخاذ السلاح . و كان يحضر الجمعة في ألف و خمسمائة و يصلي خارج المقصورة ، و يدخل فيسلم و لا يحبس . ثم أظهر الخلاف و بعث إليه نصر سالم بن أحور فأفحش في صرفه و سفر بينهما الناس في الصلح على أن يخرج الكرماني من خراسان و تجهز للخروج إلى جرجان .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
أمان الحرث بن شريح و خروجه من دار الحرث
لما وقعت الفتنة بخراسان بين نصر و الكرماني خاف نصر أن يستظهر الكرملاني عليه بالحرث بن شريح ، و كان مقيماً ببلاد الترك منذ إثنتي عشرة سنة كما مر ، فأرسل مقاتل بن حيان النبطي يراوده على الخروج من بلاد الترك ، بخلاف ما يقضي له الأمان من يزيد بن الوليد و بعث خالد بن زياد البدي الترمذي و خالد بن عمرة مولى بني عامر لاقتضاء الأمان له من يزيد ، فكتب له الأمان و أمر نصراً أن يرد عليه ما أخذ له ، و أمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عامل الكوفة أن يكتب لهما بذلك أيضاً . و لما وصل إلى نصر بعث إلى الحرث بذلك فلقيه الرسول راجعاً مع مقاتل بن حيان و أصحابه و وصل سنة سبع و عشرين في جمادى الأخيرة و أنزله نصر بمرو ، و رد عليه ما أخذ له ، و أجرى عليه كل يوم خمسين درهماً و أطلق أهله و ولده ، و عرض عليه أن يوليه و يعطيه مائة ألف دينار فلم يقبل . و قال : لست من الدنيا و اللذات في شيء . و إنما أسأل كتاب الله و العمل بالسنة و بذلك أساعدك على عدوك ، و إنما خرجت من البلاد منذ ثلاث عشرة سنة إنكار للجور فكيف تزيدني عليه ؟ و بعث إلى الكرماني : إن عمل نصر بالكتاب عضدته في أمر الله و لا أعتبك إن ضمنت لي القيام بالعدل و السنة . ثم دعا قبائل تميم فأجاب منهم و من غيرهم كثير و اجتمع إليه ثلاثة آلاف و أقام على ذلك .
انتقاض مروان لما قتل الوليد
كان مروان بن محمد بن مروان على أرمينية و كان على الجزيرة عبدة بن رياح العبادي . و كان الوليد قد بعث بالصائفة أخاه فبعث معه مروان ابنه عبد الملك . فلما انصرفوا من الصائفة لقيهم بجرزان حين مقتل الوليد ، و سار عبدة عن الجزيرة . فوثب عبد الملك بالجزيرة و جرزان فضبطهما ، و كتب إلى أبيه بأرمينية يستحثه ، فسار طالباً بدم الوليد بعد أن أرسل إلى الثغور من يضبطها . و كان معه ثابت بن نعيم الجذامي من أهل فلسطين ، و كان صاحب فتنة . و كان هشام قد حبسه على إفساد الجند بأفريقية عند مقتل كلثوم بن عياض ، و شفع فيه مروان فأطلقاه و اتخذا عنده يداً . فلما سار من أرمينية داخل ثابت أهل الشام في العود إلى الشام من وجه الفرات و اجتمع له الكبير من جند مروان و ناهضه القتال . ثم غلبهم و انقادوا له و حبس ثابت محمد نعيم و أولاده . ثم أطلقهم من حران إلى الشام و جمع نيفاً و عشرين ألفاً من الجزبرة ليسير بهم إلى يزيد ، و كتب إليه يشترط ما كان عبد الملك ولى أباه محمداً من الجزيرة و الموصل و أذربيجان ، فأعطاه يزيد ولاية ذلك و بايع له مروان و انصرف .
وفاة يزيد و بيعة أخيه إبراهيم
ثم توفي يزيد آخر سنة ست و عشرين لخمسة أشهر من ولايته . و يقال إنه كان قدرياً و بايعوا لأخيه إبراهيم من بعده ، إلا أنه انتقض عليه الناس و لم يتم له الأمر و كان يسلم عليه تارة بالخلافة و تارة بالأمان و أقام على ذلك نحواً من ثلاثة أشهر ثم خلعه مروان ابن محمد على ما يذكر و هلك سنة إثنتين و ثلاثين .
مسير مروان إلى الشام
و لما توفي يزيد و ولي أخوه إبراهيم و كان مضعفاً ، و انتقض عليه مروان لوقته ، و سار إلى دمشق . فلما انتهى إلى قنسرين و كان عليها بشر بن الوليد عاملاً لأخيه يزيد و معه أخوهما مسرو ، و دعاهم مروان إلى بيعته و مال إليه يزيد بن عمر بن هبيرة ، و خرج بشر للقاء مروان فلما تراءى الجمعان مال ابن هبيرة و قيس إلى مروان و أسلموا بشراً و مسروراً فأخذهما مروان و حبسهما ، و سار بأهل قنسرين و من معه إلى حمص ، و كانوا امتنعوا من بيعه إبراهيم . فوظه إليهم عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك في جند اهل دمشق . فكان يحاصرهم . فلما دخل مروان رحل عبد العزيز عنهم ، و بايعوا مروان و خرج للقائه سليمان بن هشام في مائة و عشرين ألفاً و مروان في ثماتين فدعاهم إلى الصلح و ترك الطلب بدم الوليد على أن يطلقوا ابنيه الحكم و عثمان وليي عهده فأبوا و قاتلوه . و سرب عسكراً جاؤوهم من خلفهم فانهزموا ، و أثخن فيهم أهل حمص فقتلوا منهم نحواً من سبعة ألفاً مثلها . و رجع مروان بالفل و أخذ عليهم البيعة للحكم و عثمان ابني الوليد و حبس يزيد محمد العقار و الوليد محمد مصاد الكلبيين فهلكا في حبسه .و كان ممن شهد قتل الوليد ابن الحجاج و هرب يزيد بن خالد القسري إلى دمشق فاجتمع له مع إبراهيم و عبد العزيز بن الحجاج و تشاوروا في قتل الحكم و عثمان ، خشية أن يطلقهما مروان فيثأر بأبيهما . و ولوا ذلك يزيد بن خالد فبعث مولاه أبا الأسد فقتلهما و أخرج يوسف ابن عمر فقتله ، و اعتصم أبو محمد السفياني ببيت في الحبس فلم يطيقوا فتحه ، و أعجلهم خيل مروان فدخل دمشق و أتى بأبي الوليد و يوسف بن عمر مقتولين فدفنهما ، و أتى بأبي عمر السفياني في قيوده فسلم عليه بالخلافة و قال : إن ولي العهد جعلها لك . ثم بايعه و سمع الناس فبايعوه و كان أولهم بيعة معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير و أهل حمص . ثم رجع مروان إلى خراسان و استأمن له إبراهيم بن الوليد و سليمان بن هشام و قدما عليه ، و كان قدوم سليمان من تدمر بمن معه من إخوته و أهل بيته و مواليه الذكوانية فيايعوا لمروان .
انتقاض الناس على مروانو لما رجع غلى خراسان راسل ثابت بن نعيم من فلسطين أهل حمص في الخلاف على مروان فأجابوه و بعثوا إلى من كان بتدمر ممن طلب و جاء الأصبغ بن دؤالة الكلبي و أولاده ، و معاوية السكسكي فارس أهل الشام و غيرها في ألف من فرسانهم ، و دخلوا حمص ليلة الفطر من سنة سبعة و عشرين و زحف مروان في العساكر من حران و معه إبراهيم المخلوع و سليمان بن هشام ، و نزل عليهم ثالث يوم الفطر ، و قد سدوا أبوابهم فنادى مناديه : ما دعاكم إلى النكث ؟ قالوا لم ننكث و نحن على الطاعة . و دخل عمر الوضاح في ثلاثة آلاف فقاتله المحتشدون هنالك للخلاف و خرجوا من الباب الآخر و جفل مروان في إتباعهم و علا الباب . فقتل منهم نحو خمسمائة و صلبهم و هدم من سورها علوه و أفلت الأصبغ بن دؤالة و ابنه قرافصة . ثم بلغ مروان و هو بحمص خلاف أهل الغوطة و إنهم و لوا عليهم يزيد بن خالد القسري و حاصروا دمشق و أميرها زامل بن عمر ، فبعث مروان إليهم أبا الورد بن الكوثر بن زفر بن الحرث ، و عمر بن الوضاح في عشرة آلاف . فلما دنوا من دمشق حملوا عليهم ، و خرج إايهم من كان بالمدينة فهزمهم و قتلوا يزيد بن خالد و بعثوا برأسه إلى مروان و أحرقوا المزة و قرى البرامة . ثم خرج ثابت بن نعيم في أهل فلسطين و حاصر طبرية و عليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم . فبعث مروان إليه أبا الورد ، فلما قرب منه خرج أهل طبرية عليه فهزموه و لقيه أبو الورد منهزماً فهزمه أخرى ، و افترق أصحابه و أسر ثلاثة من ولده و بعث بهم إلى مروان ، و تغيب ثابت و ولى مروان على فلسطين الرماحس بن عبد العزيز الكناني فظفر بثابت بعد شهرين و بعث به إلى مروان موثقاً فقطعه و أولاده الثلاثة ، و بعثهم إلى دمشق فصلبوه . ثم بايع لأبنيه عبد الله و عبيد الله و زوجهما بنتي هشام ، ثم سار إلى ترمذ من دير أيوب و كانوا قد غورا المياه فاستعمل المزاد و القرب و الإبل و بعث وزيره الأبرش الكلبي إليهم و أجابوه إلى الطاعة . و هرب نفر منهم إلى البلد و هدم الأبرش سورها و رجع بمن أطاع إلى مروان ثم بعث مروان يزيد ابن عمر محمد هبيرة إلى العراق لقتال الضحاك الشيباني الخارجي بالكوفة و امده ببعوث اهل الشام و نزل قرقيسياً ليقدم ابن هبيرة لقتال الضحاك . و كان سليمان بن هشام قد أستأذنه بالمقام في الرصافة أياماً و يلحق به فرجعت طائفة عظيمة من أهل الشام الذين بعثهم مروان مع اين هبيرة فأقاموا بالرصافة و دعوا سليمان بن هشام بالبيعة فأجاب ، و سار معهم إلى قنسرين فعسكر بها ، و كاتب أهل الشام فأتوه من كل وجه . و بلغ الخبر مروان فكتب إلى ابن هبيرة بالمقام و رجع من قرقيسيا إلى سليمان فقاتله فهزمه ، و استباح معسكره و اثخن فيهم و قتل اسراهم ، و قتل إبراهيم أكبر ولد سليمان و خالد بن هشام المخزومي جاء أبيه فيما ينيف على ثلاثين ألفاً و هرب سليمان إلى حمص في الفل فعسكر بها و بنى ما كان تهدم من سورها . و سار مروان إليه فلما قرب منه بيته جماعة من أصحاب سليمان
لما وقعت الفتنة بخراسان بين نصر و الكرماني خاف نصر أن يستظهر الكرملاني عليه بالحرث بن شريح ، و كان مقيماً ببلاد الترك منذ إثنتي عشرة سنة كما مر ، فأرسل مقاتل بن حيان النبطي يراوده على الخروج من بلاد الترك ، بخلاف ما يقضي له الأمان من يزيد بن الوليد و بعث خالد بن زياد البدي الترمذي و خالد بن عمرة مولى بني عامر لاقتضاء الأمان له من يزيد ، فكتب له الأمان و أمر نصراً أن يرد عليه ما أخذ له ، و أمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عامل الكوفة أن يكتب لهما بذلك أيضاً . و لما وصل إلى نصر بعث إلى الحرث بذلك فلقيه الرسول راجعاً مع مقاتل بن حيان و أصحابه و وصل سنة سبع و عشرين في جمادى الأخيرة و أنزله نصر بمرو ، و رد عليه ما أخذ له ، و أجرى عليه كل يوم خمسين درهماً و أطلق أهله و ولده ، و عرض عليه أن يوليه و يعطيه مائة ألف دينار فلم يقبل . و قال : لست من الدنيا و اللذات في شيء . و إنما أسأل كتاب الله و العمل بالسنة و بذلك أساعدك على عدوك ، و إنما خرجت من البلاد منذ ثلاث عشرة سنة إنكار للجور فكيف تزيدني عليه ؟ و بعث إلى الكرماني : إن عمل نصر بالكتاب عضدته في أمر الله و لا أعتبك إن ضمنت لي القيام بالعدل و السنة . ثم دعا قبائل تميم فأجاب منهم و من غيرهم كثير و اجتمع إليه ثلاثة آلاف و أقام على ذلك .
انتقاض مروان لما قتل الوليد
كان مروان بن محمد بن مروان على أرمينية و كان على الجزيرة عبدة بن رياح العبادي . و كان الوليد قد بعث بالصائفة أخاه فبعث معه مروان ابنه عبد الملك . فلما انصرفوا من الصائفة لقيهم بجرزان حين مقتل الوليد ، و سار عبدة عن الجزيرة . فوثب عبد الملك بالجزيرة و جرزان فضبطهما ، و كتب إلى أبيه بأرمينية يستحثه ، فسار طالباً بدم الوليد بعد أن أرسل إلى الثغور من يضبطها . و كان معه ثابت بن نعيم الجذامي من أهل فلسطين ، و كان صاحب فتنة . و كان هشام قد حبسه على إفساد الجند بأفريقية عند مقتل كلثوم بن عياض ، و شفع فيه مروان فأطلقاه و اتخذا عنده يداً . فلما سار من أرمينية داخل ثابت أهل الشام في العود إلى الشام من وجه الفرات و اجتمع له الكبير من جند مروان و ناهضه القتال . ثم غلبهم و انقادوا له و حبس ثابت محمد نعيم و أولاده . ثم أطلقهم من حران إلى الشام و جمع نيفاً و عشرين ألفاً من الجزبرة ليسير بهم إلى يزيد ، و كتب إليه يشترط ما كان عبد الملك ولى أباه محمداً من الجزيرة و الموصل و أذربيجان ، فأعطاه يزيد ولاية ذلك و بايع له مروان و انصرف .
وفاة يزيد و بيعة أخيه إبراهيم
ثم توفي يزيد آخر سنة ست و عشرين لخمسة أشهر من ولايته . و يقال إنه كان قدرياً و بايعوا لأخيه إبراهيم من بعده ، إلا أنه انتقض عليه الناس و لم يتم له الأمر و كان يسلم عليه تارة بالخلافة و تارة بالأمان و أقام على ذلك نحواً من ثلاثة أشهر ثم خلعه مروان ابن محمد على ما يذكر و هلك سنة إثنتين و ثلاثين .
مسير مروان إلى الشام
و لما توفي يزيد و ولي أخوه إبراهيم و كان مضعفاً ، و انتقض عليه مروان لوقته ، و سار إلى دمشق . فلما انتهى إلى قنسرين و كان عليها بشر بن الوليد عاملاً لأخيه يزيد و معه أخوهما مسرو ، و دعاهم مروان إلى بيعته و مال إليه يزيد بن عمر بن هبيرة ، و خرج بشر للقاء مروان فلما تراءى الجمعان مال ابن هبيرة و قيس إلى مروان و أسلموا بشراً و مسروراً فأخذهما مروان و حبسهما ، و سار بأهل قنسرين و من معه إلى حمص ، و كانوا امتنعوا من بيعه إبراهيم . فوظه إليهم عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك في جند اهل دمشق . فكان يحاصرهم . فلما دخل مروان رحل عبد العزيز عنهم ، و بايعوا مروان و خرج للقائه سليمان بن هشام في مائة و عشرين ألفاً و مروان في ثماتين فدعاهم إلى الصلح و ترك الطلب بدم الوليد على أن يطلقوا ابنيه الحكم و عثمان وليي عهده فأبوا و قاتلوه . و سرب عسكراً جاؤوهم من خلفهم فانهزموا ، و أثخن فيهم أهل حمص فقتلوا منهم نحواً من سبعة ألفاً مثلها . و رجع مروان بالفل و أخذ عليهم البيعة للحكم و عثمان ابني الوليد و حبس يزيد محمد العقار و الوليد محمد مصاد الكلبيين فهلكا في حبسه .و كان ممن شهد قتل الوليد ابن الحجاج و هرب يزيد بن خالد القسري إلى دمشق فاجتمع له مع إبراهيم و عبد العزيز بن الحجاج و تشاوروا في قتل الحكم و عثمان ، خشية أن يطلقهما مروان فيثأر بأبيهما . و ولوا ذلك يزيد بن خالد فبعث مولاه أبا الأسد فقتلهما و أخرج يوسف ابن عمر فقتله ، و اعتصم أبو محمد السفياني ببيت في الحبس فلم يطيقوا فتحه ، و أعجلهم خيل مروان فدخل دمشق و أتى بأبي الوليد و يوسف بن عمر مقتولين فدفنهما ، و أتى بأبي عمر السفياني في قيوده فسلم عليه بالخلافة و قال : إن ولي العهد جعلها لك . ثم بايعه و سمع الناس فبايعوه و كان أولهم بيعة معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير و أهل حمص . ثم رجع مروان إلى خراسان و استأمن له إبراهيم بن الوليد و سليمان بن هشام و قدما عليه ، و كان قدوم سليمان من تدمر بمن معه من إخوته و أهل بيته و مواليه الذكوانية فيايعوا لمروان .
انتقاض الناس على مروانو لما رجع غلى خراسان راسل ثابت بن نعيم من فلسطين أهل حمص في الخلاف على مروان فأجابوه و بعثوا إلى من كان بتدمر ممن طلب و جاء الأصبغ بن دؤالة الكلبي و أولاده ، و معاوية السكسكي فارس أهل الشام و غيرها في ألف من فرسانهم ، و دخلوا حمص ليلة الفطر من سنة سبعة و عشرين و زحف مروان في العساكر من حران و معه إبراهيم المخلوع و سليمان بن هشام ، و نزل عليهم ثالث يوم الفطر ، و قد سدوا أبوابهم فنادى مناديه : ما دعاكم إلى النكث ؟ قالوا لم ننكث و نحن على الطاعة . و دخل عمر الوضاح في ثلاثة آلاف فقاتله المحتشدون هنالك للخلاف و خرجوا من الباب الآخر و جفل مروان في إتباعهم و علا الباب . فقتل منهم نحو خمسمائة و صلبهم و هدم من سورها علوه و أفلت الأصبغ بن دؤالة و ابنه قرافصة . ثم بلغ مروان و هو بحمص خلاف أهل الغوطة و إنهم و لوا عليهم يزيد بن خالد القسري و حاصروا دمشق و أميرها زامل بن عمر ، فبعث مروان إليهم أبا الورد بن الكوثر بن زفر بن الحرث ، و عمر بن الوضاح في عشرة آلاف . فلما دنوا من دمشق حملوا عليهم ، و خرج إايهم من كان بالمدينة فهزمهم و قتلوا يزيد بن خالد و بعثوا برأسه إلى مروان و أحرقوا المزة و قرى البرامة . ثم خرج ثابت بن نعيم في أهل فلسطين و حاصر طبرية و عليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم . فبعث مروان إليه أبا الورد ، فلما قرب منه خرج أهل طبرية عليه فهزموه و لقيه أبو الورد منهزماً فهزمه أخرى ، و افترق أصحابه و أسر ثلاثة من ولده و بعث بهم إلى مروان ، و تغيب ثابت و ولى مروان على فلسطين الرماحس بن عبد العزيز الكناني فظفر بثابت بعد شهرين و بعث به إلى مروان موثقاً فقطعه و أولاده الثلاثة ، و بعثهم إلى دمشق فصلبوه . ثم بايع لأبنيه عبد الله و عبيد الله و زوجهما بنتي هشام ، ثم سار إلى ترمذ من دير أيوب و كانوا قد غورا المياه فاستعمل المزاد و القرب و الإبل و بعث وزيره الأبرش الكلبي إليهم و أجابوه إلى الطاعة . و هرب نفر منهم إلى البلد و هدم الأبرش سورها و رجع بمن أطاع إلى مروان ثم بعث مروان يزيد ابن عمر محمد هبيرة إلى العراق لقتال الضحاك الشيباني الخارجي بالكوفة و امده ببعوث اهل الشام و نزل قرقيسياً ليقدم ابن هبيرة لقتال الضحاك . و كان سليمان بن هشام قد أستأذنه بالمقام في الرصافة أياماً و يلحق به فرجعت طائفة عظيمة من أهل الشام الذين بعثهم مروان مع اين هبيرة فأقاموا بالرصافة و دعوا سليمان بن هشام بالبيعة فأجاب ، و سار معهم إلى قنسرين فعسكر بها ، و كاتب أهل الشام فأتوه من كل وجه . و بلغ الخبر مروان فكتب إلى ابن هبيرة بالمقام و رجع من قرقيسيا إلى سليمان فقاتله فهزمه ، و استباح معسكره و اثخن فيهم و قتل اسراهم ، و قتل إبراهيم أكبر ولد سليمان و خالد بن هشام المخزومي جاء أبيه فيما ينيف على ثلاثين ألفاً و هرب سليمان إلى حمص في الفل فعسكر بها و بنى ما كان تهدم من سورها . و سار مروان إليه فلما قرب منه بيته جماعة من أصحاب سليمان
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
تبايعوا على الموت ، و كان على احتراس و تعبية فترك القتال بالليل و كمنوا له في طريقه من الغد فقاتلهم إلى آخر النهر ، و قتل منهم نحواً من ستمائة و جاؤا إلى سليمان فلحق بتدمر و خلف أخاه سعيداً بحمص و حاصره مروان عشرة أشهر و نصب عليهم نيفاً و ثمانين منجنيقاً حتى استأمنوا له و امكنوه من سعيد بن هشام و ىخرين شرطهم عليهم . ثم سار لقتال الضحاك الخارجي بالكوفة . و قيل إن سليمان بن هشام لما انهزم بقنسرين لحق بعبد الله ابن عمر بن عبد العزيز بالعراق ، و سار معه إلى الضحاك فبايعوه و كان النضر بن سعيد قد ولي العراق ، فلما اجتمعوا على قتاله سار نحو مروان فاعترضه بالقادسية جنود الضحاك من الكوفة مع ابن ملحان فقتله النضر . ، و لى الضحاك مكانه بالكوفة المثنى بن عمران و سار الضحاك إلى الوصل و أقبل ابن هبيرة إلى الكوفة فنزل بعيد التمر و سار إليه المثنى فهزمه ابن هبيرة و قتله و عدة من قواد الضحاك . و اننهزم الخوارج و معهم بن جمهور ثم جاؤا إلى الكوفة و احتشدوا و ساروا للقاء ابن هبيرة فهزمهم ثانية ، و دخل الكوفة و سار إلى واسط و أرسل الضحاك عبيدة بن سوار الثعلبي لقتاله ، فنزل الصراة و قاتله ابن هبيرة هنالك فانهزمت الخوارج كما يأتي في أخبارهم .
ظهور عبد الله بن معاوية
كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قدم على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الكوفة في إخوانه و ولده ، فاكرمهم عبد الله و أجرى عليهم ثلثمائة درهم في كل يوم و أقاموا كذلك . و لما يويع إبراهيم بن الوليد بعد أخيه و اضطرب الشام و سار مروان إلى دمشق ، حبس عبد الله بن عمر عبد الله بن معاوية عنده ، و زاد في رزقه بعده لمروان يبايعه و يقاتله . فلما ظفر مروان بإبراهيم سار إسمعيل بن عبد الله القسري إلى الكوفة و قاتله عبد الله بن عمر ثم خاف إسمعيل أن يفتضح فكفوا خبرهم فوقعت العصبية بين الناس من إيثار عبد الله بن عمر بعضاً من مضر و ربيعة بالعطاء دون غيرهم ، فثارت ربيعة فبعث إليهم أخاه عاصماً ملقياً بيده فاستحيوا و رجعوا و أفاض في رؤوس الناس يستمليهم . فاستنفر الناس و اجتمعت الشيعة إلى عبد الله بن معاوية فبايعوا و أدخلوه قصر الكوفة و أخرجوا منه عاصم بن عمر فلحق بأخيه بالحيرة و بايع الكوفيون ابن معاوية و منهم منصور بن جمهور و إسمعيل أخو خالد القسري و عمر بن العطاء ، و جاءته البيعة من المدائن و جمع الناس و خرج إلى عبد الله بن عمر بالحيرة ، فسرح للقائه مولاه . ثم خرج في إثره و تلاقيا و نزع منصور بن جمهور و إسمعيل أخو خالد القسري و عمر بن العطاء . و جاءته البيعة من ابن عمر و لحقوا بالحيرة و انهزم ابن معاوية إلى الكوفة . و كان عمر بن الغضبان قد حمل على ميمنة ابن عمر فكشفها و انهزم أصحابه من ورائه ، فرجع إلى الكوفة و أقام مع ابن معاوية في القصر ، و معهم ربيعة و الزيدية على أفواه السك يقاتلون ابن عمر . ثم أخذ ربيعة الأمان لابن معاوية و لأنفسهم و للزيدية ، و سار ابن معاوية إلى المدائن و تبعه قوم من أهل الكوفة فتغلب بهم على حلوان و الجبل و همدان و أصبهان و الري إلى أن كان من خبره ما نذكره .
غلبة الكرواني على مرو و قتله الحرث بن شريح
لما ولي مروان و ولى على العراق يزيد بن عمر بن هبيرة كتب يزيد إلى نصر بعهده على خراسان فبايع لمروان بن محمد فارتاب الحرث و قال : ليس لي أمان من مروان و خرج فعسكر و طلب من نصر أن يجعل الأمر شورى فأبى ، و قرأ جهم بن صفوان مولى راسب و هو رأس الجهمية سيرته و ما يدعو إليه على الناس ، فرضوا و كثر جمعه . و أرسل إلى نصر في عزل سالم بن أحور عن الشرطة ، و تغيير العمال . فتقرر الأمر بينهما على أن يردوا ذلك إلى رجال أربعة : مقاتل بن سليمان و مقاتل بن حيان بتعيين نصر و المغيرة بن شعبة الجهضي و معاذ بن جبلة بتعيين الحرث . و أمر نصر أن يكتب بولاية سمرقند و طخارستان لمن يرضاه هؤلاء الأربعة . و كان الحرث يقول إنه صاحب السور و إنه يهدم سور دمشق و يزيل ملك بني أمية فأرسل إليه نصر : إن كان ما تقوله حقاً فتعال نسير إلى دمشق ، و إلا فقد أهلكت عشيرتك . فقال الحرث : هو حق لكن لا تبايعني عليه أصحابي . قال : فكيف تهلك عشرين ألفاً من ربيعة و اليمن ؟ ثم عرض عليه ولاية ما وراء النهر و يعطيه ثلثمائة ألف فلم يقبل . فقال له : فابدأ بالكرماني فاقتله و أنا في طاعتك . ثم اتفقا على تحكيم جهم و مقاتل ، فاحتكما بأن يعزله نصر و يكون الأمر شورى . فأتى نصر فخالفه الحرث ، و قدم على نصر جمع من أهل خراسان حين سمعوا بالفتنة منهم عاصم بن عمير الضمريمي و أبو الديال الناجي و مسلم بن عبد الرحمن و غيرهم ، فكانوا معه و أمر الحرث أن يقرأ سيرته في الأسواق و المساجد ، و أتاه الناس و قرئت على باب نصر . فضرب غلمان نصر قارئها فنادى بهم و تجهزوا للحرب . و نقب الحرث سور مرو من الليل و دخل بالنهار فاقتتلوا و قتل جهم بن مسعود الناجي و أعين مولى حيان و نهبوا منزل مسلم بن أحور ، فركب سالم حين أصبح فقاتل الحرث و هزمه ، و جاء إلى عسكره فقتل كاتبه و بعث نصر إلى الكرماني و كان في الأزدو ربيعة كان موافقاً للحرث لما قدمناه ، فجاءه نصر على الأمان و حادثهم و أغلظوا له في القول فارتاب و مضى ، و قتل من أصحابه جهم بن صفوان . ثم بعث الحرث إبنه حاتماً إلى الكرماني يستجيشه فقال له أصحابه : دع عدويك يضطربان ، ثم ضرب بعد يومين و ناوش القتال نصر فهزمهم ، و صرع تميم بن نصر و مسلم بن أحور و خرج نصر من مرو من الغد فقاتلهم ثلاثة أيام و انهزم الكرماني و أصحابه و نادى مناد يا معشر ربيعة و اليمن إن أبا سيار قتل فانهزمت مضر و نصر و ترجل إبنه تميم فقاتل و أرسل إليه الحرث إني كاف عنك فإن اليمانية يعيرونني بانهزامكم ، فاجعل أصحابك إزاء الكرماني ، و لما انهزم نصر غلب الكرماني على مرو و نهب الأموال فأنكر ذلك عليه الحرث ، ثم اعتزل عن الحرث بشر بن جرموز الضبي في خمسة آلاف و قال : إنما كنا نقاتل معك طلباً للعدل ، فأما إن اتبعت الكرماني للعصبية فنحن لا نقاتل فدعا الحرث الكرماني إلى الشورى فأبى ، فانتقل الحرث عنه و أقاموا أياماً .ثم ثلم الحرث السور و دخل البلد و قاتله الكرماني قتالاً شديداً فهزمه و قتله و أخاه سوادة . و استولى الكرماني على مرو و قيل إن الكرماني خرج مع الحرث لقتال بشر بن جرموز ثم ندم الحرث على اتباع الكرماني و أتى عسكر بشر فأقام معهم و بعث إلى مضر من عسكر الكرماني من عسكر الكرماني فساروا إليهم و كانوا يقتتلون كل يوم و يرجعون إلى خنادقهم ثم نقب الحرث بعد أيام سور مرو و دخلها و تبعه الكرماني و اقتتلوا فقتل الحرث و أخاه و بشر بن جرموز و جماعة من بني تميم و ذلك سنة ثمان و عشرين و مائة فانهزم الباقون و صفت مرو لليمن و هدموا دور المضرية .
ظهور الدعوة العباسية بخراسانقد ذكرنا أن أبا مسلم كان يتردد إلى الإمام من خراسان ثم استدعاه سنة تسعة و عشرين ليسأله عن الناس فسار في سبعين من النقباء مؤدين بالحج و مر بنسا فاستدعى أسيداً فأخبره بأن كتب الإمام جاءت إليه مع الأزهر بن شعيب و عبد الملك بن سعيد ، و دفع إليه الكتب ثم لقيه بقومس كتاب الإمام إليه و إلى سليمان بن كتير إني قد بعثت إليك براية النصر فارجع من حيث يلقاك كتابي و وجه قحطبة إلى الإمام بما معه من الأموال و العروض و جاء أبو مسلم إلى مرو و أعطى كتاب الإمام لسليمان بن كثير و فيه الأمر بإظهار الدعوة ، فنصبوا أبا مسلم و قالوا رجل من أهل البيت و دعوا إلى طاعة بني العباس و كتبوا إلى الدعاة بإظهار الإمر ، و ترك أبو مسلم بقرية من قرى مرو في شعبان من سنة تسع و عشرين ثم بثوا الدعاة في طخارستان و مرو الروذ و الطالقان و خوارزم ، و أنهم إن أعجلهم عدوهم دون الوقت عاجلوه و جردوا السيوف للجهاد ، و من شغله العدو عن الوقت فلا حرج عليه أن يظهر بعد الوقت . ثم سار أبو مسلم فنزل على سليمان بن كثير الخزاعي آخر رمضان و نصر بن سيار يقاتل الكرماني و شيبان فعقد اللواء الذي بعث به الإمام إليه و كان يدعى الظل على رمح طوله أربعة عشر ذراعاً . ثم عقد الراية التي بعثها معه و تسمى السحاب و هو يتلو : أذن للذين يقاتلون الآية . و لبسوا السواد هو و سليمان بن كثير و أخوه سليمان و مواليه و من أجاب الدعوة من أهل تلك القرى و أوقدوا النيران ليلتهم لشيعتهم في خرقان فأصبحوا عنده ثم قدم عليه أهل السقادم مع أبي الوضاح في سبعمائة راجل . و قدم من الدعاة
ظهور عبد الله بن معاوية
كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قدم على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الكوفة في إخوانه و ولده ، فاكرمهم عبد الله و أجرى عليهم ثلثمائة درهم في كل يوم و أقاموا كذلك . و لما يويع إبراهيم بن الوليد بعد أخيه و اضطرب الشام و سار مروان إلى دمشق ، حبس عبد الله بن عمر عبد الله بن معاوية عنده ، و زاد في رزقه بعده لمروان يبايعه و يقاتله . فلما ظفر مروان بإبراهيم سار إسمعيل بن عبد الله القسري إلى الكوفة و قاتله عبد الله بن عمر ثم خاف إسمعيل أن يفتضح فكفوا خبرهم فوقعت العصبية بين الناس من إيثار عبد الله بن عمر بعضاً من مضر و ربيعة بالعطاء دون غيرهم ، فثارت ربيعة فبعث إليهم أخاه عاصماً ملقياً بيده فاستحيوا و رجعوا و أفاض في رؤوس الناس يستمليهم . فاستنفر الناس و اجتمعت الشيعة إلى عبد الله بن معاوية فبايعوا و أدخلوه قصر الكوفة و أخرجوا منه عاصم بن عمر فلحق بأخيه بالحيرة و بايع الكوفيون ابن معاوية و منهم منصور بن جمهور و إسمعيل أخو خالد القسري و عمر بن العطاء ، و جاءته البيعة من المدائن و جمع الناس و خرج إلى عبد الله بن عمر بالحيرة ، فسرح للقائه مولاه . ثم خرج في إثره و تلاقيا و نزع منصور بن جمهور و إسمعيل أخو خالد القسري و عمر بن العطاء . و جاءته البيعة من ابن عمر و لحقوا بالحيرة و انهزم ابن معاوية إلى الكوفة . و كان عمر بن الغضبان قد حمل على ميمنة ابن عمر فكشفها و انهزم أصحابه من ورائه ، فرجع إلى الكوفة و أقام مع ابن معاوية في القصر ، و معهم ربيعة و الزيدية على أفواه السك يقاتلون ابن عمر . ثم أخذ ربيعة الأمان لابن معاوية و لأنفسهم و للزيدية ، و سار ابن معاوية إلى المدائن و تبعه قوم من أهل الكوفة فتغلب بهم على حلوان و الجبل و همدان و أصبهان و الري إلى أن كان من خبره ما نذكره .
غلبة الكرواني على مرو و قتله الحرث بن شريح
لما ولي مروان و ولى على العراق يزيد بن عمر بن هبيرة كتب يزيد إلى نصر بعهده على خراسان فبايع لمروان بن محمد فارتاب الحرث و قال : ليس لي أمان من مروان و خرج فعسكر و طلب من نصر أن يجعل الأمر شورى فأبى ، و قرأ جهم بن صفوان مولى راسب و هو رأس الجهمية سيرته و ما يدعو إليه على الناس ، فرضوا و كثر جمعه . و أرسل إلى نصر في عزل سالم بن أحور عن الشرطة ، و تغيير العمال . فتقرر الأمر بينهما على أن يردوا ذلك إلى رجال أربعة : مقاتل بن سليمان و مقاتل بن حيان بتعيين نصر و المغيرة بن شعبة الجهضي و معاذ بن جبلة بتعيين الحرث . و أمر نصر أن يكتب بولاية سمرقند و طخارستان لمن يرضاه هؤلاء الأربعة . و كان الحرث يقول إنه صاحب السور و إنه يهدم سور دمشق و يزيل ملك بني أمية فأرسل إليه نصر : إن كان ما تقوله حقاً فتعال نسير إلى دمشق ، و إلا فقد أهلكت عشيرتك . فقال الحرث : هو حق لكن لا تبايعني عليه أصحابي . قال : فكيف تهلك عشرين ألفاً من ربيعة و اليمن ؟ ثم عرض عليه ولاية ما وراء النهر و يعطيه ثلثمائة ألف فلم يقبل . فقال له : فابدأ بالكرماني فاقتله و أنا في طاعتك . ثم اتفقا على تحكيم جهم و مقاتل ، فاحتكما بأن يعزله نصر و يكون الأمر شورى . فأتى نصر فخالفه الحرث ، و قدم على نصر جمع من أهل خراسان حين سمعوا بالفتنة منهم عاصم بن عمير الضمريمي و أبو الديال الناجي و مسلم بن عبد الرحمن و غيرهم ، فكانوا معه و أمر الحرث أن يقرأ سيرته في الأسواق و المساجد ، و أتاه الناس و قرئت على باب نصر . فضرب غلمان نصر قارئها فنادى بهم و تجهزوا للحرب . و نقب الحرث سور مرو من الليل و دخل بالنهار فاقتتلوا و قتل جهم بن مسعود الناجي و أعين مولى حيان و نهبوا منزل مسلم بن أحور ، فركب سالم حين أصبح فقاتل الحرث و هزمه ، و جاء إلى عسكره فقتل كاتبه و بعث نصر إلى الكرماني و كان في الأزدو ربيعة كان موافقاً للحرث لما قدمناه ، فجاءه نصر على الأمان و حادثهم و أغلظوا له في القول فارتاب و مضى ، و قتل من أصحابه جهم بن صفوان . ثم بعث الحرث إبنه حاتماً إلى الكرماني يستجيشه فقال له أصحابه : دع عدويك يضطربان ، ثم ضرب بعد يومين و ناوش القتال نصر فهزمهم ، و صرع تميم بن نصر و مسلم بن أحور و خرج نصر من مرو من الغد فقاتلهم ثلاثة أيام و انهزم الكرماني و أصحابه و نادى مناد يا معشر ربيعة و اليمن إن أبا سيار قتل فانهزمت مضر و نصر و ترجل إبنه تميم فقاتل و أرسل إليه الحرث إني كاف عنك فإن اليمانية يعيرونني بانهزامكم ، فاجعل أصحابك إزاء الكرماني ، و لما انهزم نصر غلب الكرماني على مرو و نهب الأموال فأنكر ذلك عليه الحرث ، ثم اعتزل عن الحرث بشر بن جرموز الضبي في خمسة آلاف و قال : إنما كنا نقاتل معك طلباً للعدل ، فأما إن اتبعت الكرماني للعصبية فنحن لا نقاتل فدعا الحرث الكرماني إلى الشورى فأبى ، فانتقل الحرث عنه و أقاموا أياماً .ثم ثلم الحرث السور و دخل البلد و قاتله الكرماني قتالاً شديداً فهزمه و قتله و أخاه سوادة . و استولى الكرماني على مرو و قيل إن الكرماني خرج مع الحرث لقتال بشر بن جرموز ثم ندم الحرث على اتباع الكرماني و أتى عسكر بشر فأقام معهم و بعث إلى مضر من عسكر الكرماني من عسكر الكرماني فساروا إليهم و كانوا يقتتلون كل يوم و يرجعون إلى خنادقهم ثم نقب الحرث بعد أيام سور مرو و دخلها و تبعه الكرماني و اقتتلوا فقتل الحرث و أخاه و بشر بن جرموز و جماعة من بني تميم و ذلك سنة ثمان و عشرين و مائة فانهزم الباقون و صفت مرو لليمن و هدموا دور المضرية .
ظهور الدعوة العباسية بخراسانقد ذكرنا أن أبا مسلم كان يتردد إلى الإمام من خراسان ثم استدعاه سنة تسعة و عشرين ليسأله عن الناس فسار في سبعين من النقباء مؤدين بالحج و مر بنسا فاستدعى أسيداً فأخبره بأن كتب الإمام جاءت إليه مع الأزهر بن شعيب و عبد الملك بن سعيد ، و دفع إليه الكتب ثم لقيه بقومس كتاب الإمام إليه و إلى سليمان بن كتير إني قد بعثت إليك براية النصر فارجع من حيث يلقاك كتابي و وجه قحطبة إلى الإمام بما معه من الأموال و العروض و جاء أبو مسلم إلى مرو و أعطى كتاب الإمام لسليمان بن كثير و فيه الأمر بإظهار الدعوة ، فنصبوا أبا مسلم و قالوا رجل من أهل البيت و دعوا إلى طاعة بني العباس و كتبوا إلى الدعاة بإظهار الإمر ، و ترك أبو مسلم بقرية من قرى مرو في شعبان من سنة تسع و عشرين ثم بثوا الدعاة في طخارستان و مرو الروذ و الطالقان و خوارزم ، و أنهم إن أعجلهم عدوهم دون الوقت عاجلوه و جردوا السيوف للجهاد ، و من شغله العدو عن الوقت فلا حرج عليه أن يظهر بعد الوقت . ثم سار أبو مسلم فنزل على سليمان بن كثير الخزاعي آخر رمضان و نصر بن سيار يقاتل الكرماني و شيبان فعقد اللواء الذي بعث به الإمام إليه و كان يدعى الظل على رمح طوله أربعة عشر ذراعاً . ثم عقد الراية التي بعثها معه و تسمى السحاب و هو يتلو : أذن للذين يقاتلون الآية . و لبسوا السواد هو و سليمان بن كثير و أخوه سليمان و مواليه و من أجاب الدعوة من أهل تلك القرى و أوقدوا النيران ليلتهم لشيعتهم في خرقان فأصبحوا عنده ثم قدم عليه أهل السقادم مع أبي الوضاح في سبعمائة راجل . و قدم من الدعاة
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
أبو العباس المروزي و حصن أبو مسلم بسفيدنج و رمها و حضر عيد الفطر ، فصلى سليمان بن كثير و خطب على المنبر في العسكر و بدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان و لا إقامة . و كبر في الأولى ست تكبيرات و في الثانية خمساً خلاف ما كان بنو أمية يفعلون . و كل ذلك مما سنه لهم الإمام و أبوه . ثم انصرفوا من الصلاة مع الشيعة فطمعوا و كان أبو مسلم و هو في الخندق إذا كتب نصر بن سيار يبدأ بإسمه فلما قوى بمن اجتمع إليه كتب إلى نصر و بدأ بنفسه و قال : أما بعد فإن الله تباركت أسماؤه عير قوماً في القرآن فقال : " و أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير " إلى " و لن تجد لسنة الله تحويلا " فاستعظم الكتاب و بعث مولاه يزيد لمحاربة أبي مسلم لثمانية عشر شهراً من ظهوره فبعث إليه أبو مسلم مالك الهيثم الخزاعي فدعاه إلى الرضا من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستكبروا فقاتلهم مالك و هو في مائتين يوماً بكماله . و قدم على أبي مسلم صالح بن سليمان الضبي و إبراهيم بن يزيد و زياد بن عيسى فسرحهم إلى مالك فقوي مالك بهم ، و قاتلوا القوم فحل عبد الله الطائي على يزيد مولى نصر فأسره ، و انهزم أصحابه و أرسله الطائي إلى أبي مسلم و معه رؤوس القتلى فأحسن أبو مسلم إلى يزيد و عالجه ، و لما اندملت جراحه قال : إن شئت أقمت عندنا و إلا رجعت إلى مولاك سالماً بعد أن تعاهدنا على أن لا تحاربنا و لا تكذب علينا فرجع إلى مولاه . و تفرس نصر أنه عاهدهم فقال : و الله هو ما ظننت و قد استحلفوني أن لا أكذب عليهم و أنهم الله يصلون الصلاة لوقتها بأذان و إقامة و يتلون القرآن و يذكرون الله كثيراً و يدعون إلى ولاية آل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ما أحسب أمرهم إلا سيعلو و لولا أنك مولاي لأقمت عندهم . و كان الناس يرجفون عنهم بعبادة الأوثان و استحلال الحرام . ثم غلب حازم بن خزيمة على مرو الروذ و قتل عامل نصر بها و كان من بني تميم من الشيعة و أرادوا بنو تميم منعه فقال : أنا منكم فإن ظفرت فهي لكم و إن قتلت كفيتم أمري فنزل قرية زاها . ثم تغلب على أهلها فقتل بشر بن جعفر السغدي عامل نصر عليها أوائل ذي القعدة ، و بعث بالفتح إلى أبي مسلم مع إبنه خزيمة بن حازم . و قيل في أمر أبي مسلم غير هذا و أن إبراهيم الإمام أزوج أبا مسلم لما بعثه خراسان بابنه أبي النجم و كتب إلى النقباء بطاعته . و كان أبو مسلم من سواد الكوفة فهزما فانتهى لإدريس بن معقل العجلي ثم سار إلى ولاية محمد بن علي ، ثم إبنه إبراهيم ، ثم للأئمة من ولاية من ولده و قدم خراسان و هو حديث السن و استصغره سليمان بن كثير فرده و كان أبو داود خالد بن إبراهيم غائباً وراء النهر ، فلما جاء إلى مرو أقرأه كتاب الإمام و سألهم عن أبي مسلم فأخبروه أن سليمان بن كثير رده لحداثة سنه و أنه لا يقدر على الأمر ، فنخاف على أنفسنا و على من يدعوه فقال لهم أبو داود : إن الله بعث نبيه صلى الله عليه و سلم إلى جميع خلقه ، و أنزل عليه كتابه بشرائعه و أنبأه بما كان و ما يكون و خلف علمه رحمة لأمته و عمله إنما هو عند عترته و أهل بيته و هم معدن العلم و ورثة الرسول فيما علمه الله أتشكون في شيء من ذلك . قالوا : لا . قال : فقد شككتم و الرجل لم يبعثه إليكم حتى علم أهليته لما يقوم به فبعثوا عن أبي مسلم و ردوه من قومس بقول أبي داود و ولوه أمرهم و أطاعوه و لم تزل في نفس أبي مسلم من سليمان بن كثير . ثم بعث الدعاة و دخل الناس في الدعوة أفواجاً و استدعاه الإمام سنة تسع و عشرين أن يوافيه بالمرسوم ليأمره في إظهار الدعوة و أن يقدم معه قحطبة بن شبيب و يحمل ما اجتمع عنده من الأموال فسار في جماعة من النقباء و الشيعة فلقيه كتاب الإمام بقومس يأمره بالرجوع و إظهار الدعوة بخراسان ، و بعث قحطبة بالمال و أن قحطبة سار إلى جرجان .و استدعى خالد بن برمك و أبا عون فقدما بما عندهما من مال الشيعة فسار به نحو الإمام .
مقتل الكرماني
قد ذكرنا من قبل أن الكرماني قتل الحرث بن شريح فخلصت له مرو و تنحى نصر عنها ثم بعث نصر سالم بن أحور في رابطته و فرسانه إلى مرو فوجد يحيي بن نعيم الشيباني في ألف رجل من ربيعة و محمد بن المثنى في سبعمائة من الأزد و أبو الحسن ابن الشيخ في ألف منهم و الحربي السغدي في ألف من اليمن . فتلاحى سالم و ابن المثنى و شتم سالم الكرماني فقاتلوه فهزموه و قتل من أصحابه نحو مائة . فبعث نصر بعده عصمة بن عبد الله الأسدي فكان بينهم مثل ما كان أولاً ، فقاتلهم محمد السغدي ، فانهزم السغدي و قتل من أصحابه أربعمائة . و رجع إلى نصر فبعث مالك بن عمر التميمي فاقتتلوا كذلك و انهزم مالك و قتل من أصحابه سبعمائة و من أصحابه الكرماني ثلثمائة . و لما استيقن أبو مسلم أن كلا الفريقين قد أثخن صاحبه و أنه لا مدد لهم جعل يكتب إلى شيبان الخارجي يذم اليمانية تارةً و مضر أخرى و يوصي الرسول بكتاب مضر أن يتعرض لليمانية ليقرؤا ذم مضر و الرسول بكتاب اليمانية أن يتعرض لمضر ليقرؤا ذم اليمانية حتى صار هوى الفريقين معه ثم كتب إلى نصر بن سيار و الكرماني : أن الإمام أوصاني بكم و لا أعد و رأيه فيكم . ثم كتب يستدعي الشيعة أسد بن عبد الله الخزاعي بنسا و مقاتل بن حكيم بن غزوان و كانوا أول من سود و نادوا يا محمد يا منصور ! ثم سود أهل أبي ورد و مرو الروذ و قرى مرو فاستدعاهم أبو مسلم و أقبل فنزل بين خندق الكرماني و خندق نصر و هابه الفريقان و بعث إلى الكرماني إني معك و قبل فانضم أبو مسلم إليه ، و كتب نصر بن سيار إلى الكرماني يحذره منه و يشير عليه بدخول مرو ليصالحه فدخل ثم خرج من الغد ، و ارسل إلى نصر في إتمام الصلح في مائتي فارس ، فرأى نصر فيه غرة فبعث إليه ثلثمائة فارس فقتلوه . و سار إبنه إلى أبي مسلم و قاتلوا نصر بن سيار حتى أخرجوه من دار الأمارة إلى بعض الدور . و دخل أبو مسلم مرو فبايعه علي بن الكرماني ، و قال له أبو مسلم أقم على ما أنت عليه حتى آمرك بأمري . و كان نصر حين نزل أبو مسلم بين خندقه و خندق الكرماني و رأى قوته كتب إلى مروان بن محمد يعلمه بخروجه و كثرة من معه و دعائه لإبراهيم بن محمد :
أرى خلل الرماد و ميض جمر و يوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكو و إن الحرب أولها الكلام
فإن لم تطفؤها يخرجوها مسجرة يشيب لها الغلام
أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام
فإن يك قومنا أضحوا نياماً فقل قوموا فقد حان القيام
تعزي عن رجالك ثم قولي على الإسلام و العرب السلام
فوجده مشتغلا بحرب الضحاك بن قيس فكتب إليه الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فاحثهم التلول قبلك . فقال نصر : أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عنده . و صادف وصول كتاب نصر إلى مروان عثورهم على كتاب من إبراهيم الإمام لأبي مسلم يوبخه حيث لم ينتهز الفرصة من نصر و الكرماني إذ أمكنته و يأمره أن لا يدع بخراسان متكلماً بالعربية . فلما قرأ الكتاب بعث إلى عامله بالبلقاء أن يسير إلى الحيسة فيبعث إليه بإبراهيم بن محمد مشدود الوثاق فحبسه مروان .
اجتماع أهل خراسان على قتل أبي مسلملما أظهر أبو مسلم أمره سارع إليه الناس ، و كان أهل مرو يأتونه و لا يمنعهم نصر ، و كان الكرماني و شيباني الخارجي لا يكرهان أمر أبي مسلم لأنه دعا إلى خلع مروان و كان أبو مسلم ليس له حرس و لا حجاب و لا غلظة الملك ، فكان الناس يأنسون به لذلك ، و أرسل نصر إلى شيبان الخارجي في الصلح ليتفرغ لقتال أبي مسلم ، إما أن يكون معه أو يكف عنه ، ثم نعود إلى ما كنا فيه فهم شيبان بذلك ، و كتب أبو مسلم إلى الكرماني فحرضه على منع شيبان من ذلك فدخل عليه و ثناه عنه ثم بعث أبو مسلم النضر بن نعيم الضبي إلى هراة فملكها و طرد عنها عيسى بن عقيل بن معقل الليثي عامل نصر . فجاء يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني إلى الكرماني و شيبان و أغراهما بمصالحة نصر و قال : إن صالحتم نصراً قاتله أبو مسلم و ترككم لأن أمر خراسان لمضر و إن لم تصالحوه صالحه و قاتلكم فقدموا نصر قبلكم . فأرسل شيبان إلى نصر في الموادعة فأجلب و جاء مسلم بن أحور بكتب الموادعة فكتبوها و بعث أبو مسلم إلى شيبان في موادعة ثلاثة أشهر فقال ابن الكرماني إذا ما صالحت نصراً إنما صالحه شيبان و أنا موتور بأبي ثم عادو القتال و قعد شيبان عن نصره و
مقتل الكرماني
قد ذكرنا من قبل أن الكرماني قتل الحرث بن شريح فخلصت له مرو و تنحى نصر عنها ثم بعث نصر سالم بن أحور في رابطته و فرسانه إلى مرو فوجد يحيي بن نعيم الشيباني في ألف رجل من ربيعة و محمد بن المثنى في سبعمائة من الأزد و أبو الحسن ابن الشيخ في ألف منهم و الحربي السغدي في ألف من اليمن . فتلاحى سالم و ابن المثنى و شتم سالم الكرماني فقاتلوه فهزموه و قتل من أصحابه نحو مائة . فبعث نصر بعده عصمة بن عبد الله الأسدي فكان بينهم مثل ما كان أولاً ، فقاتلهم محمد السغدي ، فانهزم السغدي و قتل من أصحابه أربعمائة . و رجع إلى نصر فبعث مالك بن عمر التميمي فاقتتلوا كذلك و انهزم مالك و قتل من أصحابه سبعمائة و من أصحابه الكرماني ثلثمائة . و لما استيقن أبو مسلم أن كلا الفريقين قد أثخن صاحبه و أنه لا مدد لهم جعل يكتب إلى شيبان الخارجي يذم اليمانية تارةً و مضر أخرى و يوصي الرسول بكتاب مضر أن يتعرض لليمانية ليقرؤا ذم مضر و الرسول بكتاب اليمانية أن يتعرض لمضر ليقرؤا ذم اليمانية حتى صار هوى الفريقين معه ثم كتب إلى نصر بن سيار و الكرماني : أن الإمام أوصاني بكم و لا أعد و رأيه فيكم . ثم كتب يستدعي الشيعة أسد بن عبد الله الخزاعي بنسا و مقاتل بن حكيم بن غزوان و كانوا أول من سود و نادوا يا محمد يا منصور ! ثم سود أهل أبي ورد و مرو الروذ و قرى مرو فاستدعاهم أبو مسلم و أقبل فنزل بين خندق الكرماني و خندق نصر و هابه الفريقان و بعث إلى الكرماني إني معك و قبل فانضم أبو مسلم إليه ، و كتب نصر بن سيار إلى الكرماني يحذره منه و يشير عليه بدخول مرو ليصالحه فدخل ثم خرج من الغد ، و ارسل إلى نصر في إتمام الصلح في مائتي فارس ، فرأى نصر فيه غرة فبعث إليه ثلثمائة فارس فقتلوه . و سار إبنه إلى أبي مسلم و قاتلوا نصر بن سيار حتى أخرجوه من دار الأمارة إلى بعض الدور . و دخل أبو مسلم مرو فبايعه علي بن الكرماني ، و قال له أبو مسلم أقم على ما أنت عليه حتى آمرك بأمري . و كان نصر حين نزل أبو مسلم بين خندقه و خندق الكرماني و رأى قوته كتب إلى مروان بن محمد يعلمه بخروجه و كثرة من معه و دعائه لإبراهيم بن محمد :
أرى خلل الرماد و ميض جمر و يوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكو و إن الحرب أولها الكلام
فإن لم تطفؤها يخرجوها مسجرة يشيب لها الغلام
أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام
فإن يك قومنا أضحوا نياماً فقل قوموا فقد حان القيام
تعزي عن رجالك ثم قولي على الإسلام و العرب السلام
فوجده مشتغلا بحرب الضحاك بن قيس فكتب إليه الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فاحثهم التلول قبلك . فقال نصر : أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عنده . و صادف وصول كتاب نصر إلى مروان عثورهم على كتاب من إبراهيم الإمام لأبي مسلم يوبخه حيث لم ينتهز الفرصة من نصر و الكرماني إذ أمكنته و يأمره أن لا يدع بخراسان متكلماً بالعربية . فلما قرأ الكتاب بعث إلى عامله بالبلقاء أن يسير إلى الحيسة فيبعث إليه بإبراهيم بن محمد مشدود الوثاق فحبسه مروان .
اجتماع أهل خراسان على قتل أبي مسلملما أظهر أبو مسلم أمره سارع إليه الناس ، و كان أهل مرو يأتونه و لا يمنعهم نصر ، و كان الكرماني و شيباني الخارجي لا يكرهان أمر أبي مسلم لأنه دعا إلى خلع مروان و كان أبو مسلم ليس له حرس و لا حجاب و لا غلظة الملك ، فكان الناس يأنسون به لذلك ، و أرسل نصر إلى شيبان الخارجي في الصلح ليتفرغ لقتال أبي مسلم ، إما أن يكون معه أو يكف عنه ، ثم نعود إلى ما كنا فيه فهم شيبان بذلك ، و كتب أبو مسلم إلى الكرماني فحرضه على منع شيبان من ذلك فدخل عليه و ثناه عنه ثم بعث أبو مسلم النضر بن نعيم الضبي إلى هراة فملكها و طرد عنها عيسى بن عقيل بن معقل الليثي عامل نصر . فجاء يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني إلى الكرماني و شيبان و أغراهما بمصالحة نصر و قال : إن صالحتم نصراً قاتله أبو مسلم و ترككم لأن أمر خراسان لمضر و إن لم تصالحوه صالحه و قاتلكم فقدموا نصر قبلكم . فأرسل شيبان إلى نصر في الموادعة فأجلب و جاء مسلم بن أحور بكتب الموادعة فكتبوها و بعث أبو مسلم إلى شيبان في موادعة ثلاثة أشهر فقال ابن الكرماني إذا ما صالحت نصراً إنما صالحه شيبان و أنا موتور بأبي ثم عادو القتال و قعد شيبان عن نصره و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
قال : لا يحل الغدر فاستنصر ابن الكرماني بأبي مسلم فأقبل حتى نزل الماخران لإثنتين و أربعين يوماً من نزوله يسفيدنخ و خندق على معسكره و جعل له بابين و على شرطته مالك بن الهيثم و على الحرس أبا إسحق خالد بن عثمان ، و على ديوان الجند أبا صالح كامل بن المظفر و على الرسائل أسلم بن صبيح و على القضاء القاسم بن مجاشع النقيب و كان القاسم يصلي بأبي مسلم و يقرأ القصص بعد العصر فيذكر فضل بني هاشم و سالف بني أمية و لما نزل أبو مسلم الماخران أرسل إلى ابن الكرماني بأنه معه فطلب لقاءه فجاءه أبو مسلم و أقام عنده يومين ثم رجع و ذلك أول المحرم سنة ثلاثين ثم عرض الجند و أمر كامل ابن مظفر بكتب أسمائهم و أنسابهم في دفتر فبلغت عدته سبعة آلاف ثم إن القبائل من ربيعة و مضر و اليمن توادعوا على وضع الحرب والاجتماع على قتال أبي مسلم فعظم ذلك عليه و تحول عن الماخران لأربعة أشهر من نزولها لأنها كانت تحت الماء و خشي أن يقطع فتحول إلى طبسين و خندق بها ، و خندق نصر بن سيار على نهر عياض و أنزل عماله بالبلاد ، فأنزل أبا الديال في جنده لطوسان فآذوا أهلها و عسفوهم و كان أكثرهم مع أبي مسلم في خندق فسير إليهم جنداً فقاتلوه فهزموه و أسروا من أصحابه ثلاثين ، فأطلقهم أبو مسلم ثم بعث محرز بن إبراهيم في جمع من الشيعة ليقطع مادة نصر من مرو الروذ و بلخ و طخارستان فخندق بين نصر و بين هذه البلاد ، و اجتمع إليه ألف رجل و قطع المادة عن نصر .
مقتل عبد الله بن معاوية
قد تقدم لنا أن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بويع بالكوفة و غلبه عليها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز و لحق بالمدائن و جاءه ناس من أهل الكوفة و غيرها فسار إلى الجبال و غلب عليها و على حلوان و قومس و أصبهان و الري و أقام بأصبهان و كان محارب بن موسى مولى بني يشكر عظيم القدر بفارس فجاء إلى دار الأمارة بأصطخر و طرد عامل عبد الله بن عمر عنها ، و بايع الناس لعبد الله بن معاوية . ثم سار إلى كرمان فأغار عليها و انضم إليه قواد أهل الشام فسار إلى سالم بن المسيب عامل عبد الله ابن عمر على شيراز فقتله سنة ثمان و عشرين . ثم سار محارب إلى أصبهان و حول عبد الله ابن معاوية إلى أصطخر بعد أن استعمل على الجبال أخاه الحسن بن معاوية ، و أتى إلى أصطخر فنزل بها و أتاه بنو هاشم و غيرهم ، و جبى المال و بعث العمال . و كان معه منصور بن جمهور و سليمان بن هشام ، و أتاه شيبان بن عبد العزيز الخارجي ثم أتاه أبو جعفر المنصور و عبد الله ابن أخيه عيسى . و لما قدم يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق أرسل نباتة بن حنظلة الكلابي على الأهواز و أن يقاتل عبد الله بن معاوية ، و بلغ سليمان بن حبيب و هو بالأهواز فسرح داود بن حاتم للقاء نباتة ، و هرب سليمان من الأهواز إلى نيسابور و قد غلب الأكراد عليها فطردهم عنها ، بايع لابن معاوية ، فبعث أخاه يزيد بن معاوية عليها . ثم إن محارب بن موسى فارق عبد الله بن معاوية و جمع ، و قصد نيسابور فقاتله يزيد بن معاوية و هزمه ، فأتى كرمان و أقام بها حتى قدم محمد بن الأشعث فصار معه ثم نافره ، فقتله ابن الأشعث و أربعة و عشرين إبناً له . ثم بعث يزيد بن هبيرة بعد نباتة بن حنظلة إبنه داود ابن يزيد في العساكر إلى عبد الله بن معاوية ، و على مقدمته داود بن ضبارة . و بعث معن بن زائدة من وجه آخر ، فقاتلوا عبد الله بن معاوية و هزموه و أسروا و قتلوا ، و هرب منصور بن جمهور إلى السند و عبد الرحمن بن يزيد إلى عمان و عمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان إلى مصر ، وبعثوا بالأسرى إلى ابن هبيرة فأطلقهم و مضى ابن معاوية عن فارس إلى خراسان .و سار معن بن زائدة في طلب منصور بن جمهور و كان فيمن أسر مع عبد الله بن معاوية عبد الله بن علي بن عبد الله ابن عباس ، شفع فيه حرب ابن قطن من أخواله بني هلال ، فوهبه له ضبارة و غاب عبد الله بن معاوية عن ابن ضبارة ، و رمى أصحابه باللواطة ، فبعث إلى ابن هبيرة ليخبره ، و سار ابن ضبارة في طلب عبد الله بن معاوية إلى شيراز فحاصره بها حتى خرج منها هارباً و معه أخوه الحسن و يزيد و جماعة من أصحابه ، فسلك المفازة على كرمان إلى خراسان طمعاً في أبي مسلم لأنه كان يدعو إلى الرضا من آل محمد ، و قد استولى على خراسان فوصل إلى نواحي هراة و عليها مالك فقال له : انتسب نعرفك . فانتسب له فقال : أما عبد الله و جعفر فمن أسماء آل الرسول و أما معاوية فلا نعرفه في أسمائهم . قال : إن جدي كان عند معاوية حين ولد أبي فبعث إليه مائة ألف على أن يسمي إبنه باسمه فقال : لقد اشتريتم الأسماء الخبيثة بالثمن اليسير فلا نرى لك حقاً فيما تدعوا إليه ثم بعث بخبره إلى أبي مسلم فأمره بالقبض عليه و على من معه فحبسهم . ثم كتب إليه بإطلاق أخويه الحسن و يزيد و قتل عبد الله فوضع الفراش على وجهه فمات . لما تعاقد نصر و ابن الكرماني و قبائل ربيعة و اليمن و مضر على قتال أبي مسلم عظم على الشيعة ، و جمع أبو مسلم أصحابه و دس سليمان بن كثير إلى ابن الكرماني يذكره بثأر أبيه من نصر فانتقضوا ، فبعث نصر إلى أبي مسلم بموافقة مضر و بعث إليه أصحاب ابن الكرماني و هم ربيعة و اليمن بمثل ذلك . و استدعى وفد الفريقين ليختار الركون إلى أحدهما و أحضر الشيعة لذلك و أخبرهم بأن مضر أصحاب مروان و عماله و شيعته و قبله يحيى بن زيد . فلما حضر الوفد تكلم سليمان بن كثير ، و يزيد بن شقيق السلمي بمثل ذلك و بأن نصر بن سيار عامل مروان و يسميه أمير المؤمنين و ينفد أوامره فليس على هدى ، و إنما يختار علي بن الكرماني و أصحابه و وافق السبعون من الشيعة على ذلك و انصرف الوفد و رجع أبو مسلم من أبين إلى الماخران وأمر الشيعة ببناء المساكن و أمن من فتنة العرب ثم أرسل إليه علي بن الكرماني أن يدخل مرو من ناحيته ليدخل هو و قومه من الناحية الأخرى ، فلم يطمئن لذلك أبو مسلم و قال : ناشبهم الحرب من قبل فناشب ابن الكرماني نصر بن سيار الحرب و دخل مرو من ناحيته و بعث أبو مسلم بعض النقباء . فدخل معه ثم سار و على مقدمته أسيد بن عبد الله الخزاعي ، و على ميمنته مالك بن الهيثم و على ميسرته القاسم بن مجاشع . فدخل مرو و الفريقان يقتتلان ، و مضى إلى قصر الإمارة و هو يتلو : و دخل المدينة على حين غفلة من أهلها . و أمر الفريقين بالانصراف فانصرفوا إلى معسكرهم و صفت له مرو ، و أمر بأخذ البيعة من الجند ، و تولى أخذها أبو منصور طلحة بن زريق أحد النقباء الذين اختارهم محمد بن علي من الشيعة حين بعث دعاته إلى خراسان سنة ثلاث و أربع ، و كانوا إثني عشر رجلاً . فمن خزاعة سليمان بن كثير و مالك بن الهيثم و زياد بن صالح و طلحة بن زريق و عمر بن أعين . و من طيء قحطبة بن شيب بن خالد سعدان . و من تميم أبو عيينة موسى بن كعب و لاهز ابن قريط و القاسم بن مجاشع و أسلم بن سلام و من بكر بن وائل أبو داود خالد بن إبراهيم الشيباني و أبو الهروي ، و يقال شبل بن طهمان و كان عمر بن أعين مكان موسى بن كعب و أبو النجم إسمعيل بن عمران مكان أبي علي الهروي و هو ختن أبي مسلم . و لم يكن أحد من النقباء و والده غير أبي منصور طلحة بن زريق بن سعد و هو أبو زينب الخزاعي ، و كان قد شهد حرب ابن الأشعث و صحب المهلب و غزا معه . و كان أبو مسلم يشاوره في الأمور . و كان نص البيعة : أبايعكم على كتاب الله و سنة رسوله محمد صلى الله عليه و سلم و الطاعة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، عليكم بذلك عهد الله و ميثاقه و الطلاق و العتاق ، و المشي إلى بيت الله الحرام ، و على أن لا تسألوا رزقاً و لا طمعاً حتى تبدأكم به ولاتكم ، و ذلك سنة ثلاثين و مائة . ثم أرسل أبو مسلم لاهز بن قريط في جماعة إلى نصر بن سيار يدعو إلى البيعة ، و علم نصر أن أمره قد استقام ولا طاقة له بأصحابه ، فوعده بأنه يأتيه يبايعه من الغد ، و أرسل أصحابه بالخروج من ليلتهم إلى مكان يأمنون فيه . فقال أسلم بن أحوز لا يتهيأ لنا الليلة . فلما أصبح أبو مسلم كتابه و أعاد لاهز بن قريط إلى نصر يستحثه فأجاب و أقام لوضوئه ، فقال لاهز : إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك . فخرج نصر عند المساء من خلف حجرته و معه إبنه تميم و الحكم بن غيلة النميري و امرأته المزربانة و انطلقوا هراباً . و استبطأه لاهز فدخل المنزل فلم يجده و بلغ أبا مسلم هربه فجاء إلى معسكره وقبض على أصحابه منهم سالم بن أحوز صاحب شرطته و البحتري كاتبه ، و إبنان له و يونس بن عبد ربه و محمد بن قطن و غيرهم . و سار أبو مسلم و ابن الكرماني في طلبه ليلتهما فأدركا إمرأته قد خلفها و سار فرجعوا إلى مرو . و بلغ نصر من سرخس فأقام بطوس خمس عشرة ليلة . ثم جاء نيسابور فأقام بها و تعاقد ابن الكرماني مع أبي مسلم على رأيه . ثم بعث إلى شيبان الحروري يدعوه
مقتل عبد الله بن معاوية
قد تقدم لنا أن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بويع بالكوفة و غلبه عليها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز و لحق بالمدائن و جاءه ناس من أهل الكوفة و غيرها فسار إلى الجبال و غلب عليها و على حلوان و قومس و أصبهان و الري و أقام بأصبهان و كان محارب بن موسى مولى بني يشكر عظيم القدر بفارس فجاء إلى دار الأمارة بأصطخر و طرد عامل عبد الله بن عمر عنها ، و بايع الناس لعبد الله بن معاوية . ثم سار إلى كرمان فأغار عليها و انضم إليه قواد أهل الشام فسار إلى سالم بن المسيب عامل عبد الله ابن عمر على شيراز فقتله سنة ثمان و عشرين . ثم سار محارب إلى أصبهان و حول عبد الله ابن معاوية إلى أصطخر بعد أن استعمل على الجبال أخاه الحسن بن معاوية ، و أتى إلى أصطخر فنزل بها و أتاه بنو هاشم و غيرهم ، و جبى المال و بعث العمال . و كان معه منصور بن جمهور و سليمان بن هشام ، و أتاه شيبان بن عبد العزيز الخارجي ثم أتاه أبو جعفر المنصور و عبد الله ابن أخيه عيسى . و لما قدم يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق أرسل نباتة بن حنظلة الكلابي على الأهواز و أن يقاتل عبد الله بن معاوية ، و بلغ سليمان بن حبيب و هو بالأهواز فسرح داود بن حاتم للقاء نباتة ، و هرب سليمان من الأهواز إلى نيسابور و قد غلب الأكراد عليها فطردهم عنها ، بايع لابن معاوية ، فبعث أخاه يزيد بن معاوية عليها . ثم إن محارب بن موسى فارق عبد الله بن معاوية و جمع ، و قصد نيسابور فقاتله يزيد بن معاوية و هزمه ، فأتى كرمان و أقام بها حتى قدم محمد بن الأشعث فصار معه ثم نافره ، فقتله ابن الأشعث و أربعة و عشرين إبناً له . ثم بعث يزيد بن هبيرة بعد نباتة بن حنظلة إبنه داود ابن يزيد في العساكر إلى عبد الله بن معاوية ، و على مقدمته داود بن ضبارة . و بعث معن بن زائدة من وجه آخر ، فقاتلوا عبد الله بن معاوية و هزموه و أسروا و قتلوا ، و هرب منصور بن جمهور إلى السند و عبد الرحمن بن يزيد إلى عمان و عمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان إلى مصر ، وبعثوا بالأسرى إلى ابن هبيرة فأطلقهم و مضى ابن معاوية عن فارس إلى خراسان .و سار معن بن زائدة في طلب منصور بن جمهور و كان فيمن أسر مع عبد الله بن معاوية عبد الله بن علي بن عبد الله ابن عباس ، شفع فيه حرب ابن قطن من أخواله بني هلال ، فوهبه له ضبارة و غاب عبد الله بن معاوية عن ابن ضبارة ، و رمى أصحابه باللواطة ، فبعث إلى ابن هبيرة ليخبره ، و سار ابن ضبارة في طلب عبد الله بن معاوية إلى شيراز فحاصره بها حتى خرج منها هارباً و معه أخوه الحسن و يزيد و جماعة من أصحابه ، فسلك المفازة على كرمان إلى خراسان طمعاً في أبي مسلم لأنه كان يدعو إلى الرضا من آل محمد ، و قد استولى على خراسان فوصل إلى نواحي هراة و عليها مالك فقال له : انتسب نعرفك . فانتسب له فقال : أما عبد الله و جعفر فمن أسماء آل الرسول و أما معاوية فلا نعرفه في أسمائهم . قال : إن جدي كان عند معاوية حين ولد أبي فبعث إليه مائة ألف على أن يسمي إبنه باسمه فقال : لقد اشتريتم الأسماء الخبيثة بالثمن اليسير فلا نرى لك حقاً فيما تدعوا إليه ثم بعث بخبره إلى أبي مسلم فأمره بالقبض عليه و على من معه فحبسهم . ثم كتب إليه بإطلاق أخويه الحسن و يزيد و قتل عبد الله فوضع الفراش على وجهه فمات . لما تعاقد نصر و ابن الكرماني و قبائل ربيعة و اليمن و مضر على قتال أبي مسلم عظم على الشيعة ، و جمع أبو مسلم أصحابه و دس سليمان بن كثير إلى ابن الكرماني يذكره بثأر أبيه من نصر فانتقضوا ، فبعث نصر إلى أبي مسلم بموافقة مضر و بعث إليه أصحاب ابن الكرماني و هم ربيعة و اليمن بمثل ذلك . و استدعى وفد الفريقين ليختار الركون إلى أحدهما و أحضر الشيعة لذلك و أخبرهم بأن مضر أصحاب مروان و عماله و شيعته و قبله يحيى بن زيد . فلما حضر الوفد تكلم سليمان بن كثير ، و يزيد بن شقيق السلمي بمثل ذلك و بأن نصر بن سيار عامل مروان و يسميه أمير المؤمنين و ينفد أوامره فليس على هدى ، و إنما يختار علي بن الكرماني و أصحابه و وافق السبعون من الشيعة على ذلك و انصرف الوفد و رجع أبو مسلم من أبين إلى الماخران وأمر الشيعة ببناء المساكن و أمن من فتنة العرب ثم أرسل إليه علي بن الكرماني أن يدخل مرو من ناحيته ليدخل هو و قومه من الناحية الأخرى ، فلم يطمئن لذلك أبو مسلم و قال : ناشبهم الحرب من قبل فناشب ابن الكرماني نصر بن سيار الحرب و دخل مرو من ناحيته و بعث أبو مسلم بعض النقباء . فدخل معه ثم سار و على مقدمته أسيد بن عبد الله الخزاعي ، و على ميمنته مالك بن الهيثم و على ميسرته القاسم بن مجاشع . فدخل مرو و الفريقان يقتتلان ، و مضى إلى قصر الإمارة و هو يتلو : و دخل المدينة على حين غفلة من أهلها . و أمر الفريقين بالانصراف فانصرفوا إلى معسكرهم و صفت له مرو ، و أمر بأخذ البيعة من الجند ، و تولى أخذها أبو منصور طلحة بن زريق أحد النقباء الذين اختارهم محمد بن علي من الشيعة حين بعث دعاته إلى خراسان سنة ثلاث و أربع ، و كانوا إثني عشر رجلاً . فمن خزاعة سليمان بن كثير و مالك بن الهيثم و زياد بن صالح و طلحة بن زريق و عمر بن أعين . و من طيء قحطبة بن شيب بن خالد سعدان . و من تميم أبو عيينة موسى بن كعب و لاهز ابن قريط و القاسم بن مجاشع و أسلم بن سلام و من بكر بن وائل أبو داود خالد بن إبراهيم الشيباني و أبو الهروي ، و يقال شبل بن طهمان و كان عمر بن أعين مكان موسى بن كعب و أبو النجم إسمعيل بن عمران مكان أبي علي الهروي و هو ختن أبي مسلم . و لم يكن أحد من النقباء و والده غير أبي منصور طلحة بن زريق بن سعد و هو أبو زينب الخزاعي ، و كان قد شهد حرب ابن الأشعث و صحب المهلب و غزا معه . و كان أبو مسلم يشاوره في الأمور . و كان نص البيعة : أبايعكم على كتاب الله و سنة رسوله محمد صلى الله عليه و سلم و الطاعة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، عليكم بذلك عهد الله و ميثاقه و الطلاق و العتاق ، و المشي إلى بيت الله الحرام ، و على أن لا تسألوا رزقاً و لا طمعاً حتى تبدأكم به ولاتكم ، و ذلك سنة ثلاثين و مائة . ثم أرسل أبو مسلم لاهز بن قريط في جماعة إلى نصر بن سيار يدعو إلى البيعة ، و علم نصر أن أمره قد استقام ولا طاقة له بأصحابه ، فوعده بأنه يأتيه يبايعه من الغد ، و أرسل أصحابه بالخروج من ليلتهم إلى مكان يأمنون فيه . فقال أسلم بن أحوز لا يتهيأ لنا الليلة . فلما أصبح أبو مسلم كتابه و أعاد لاهز بن قريط إلى نصر يستحثه فأجاب و أقام لوضوئه ، فقال لاهز : إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك . فخرج نصر عند المساء من خلف حجرته و معه إبنه تميم و الحكم بن غيلة النميري و امرأته المزربانة و انطلقوا هراباً . و استبطأه لاهز فدخل المنزل فلم يجده و بلغ أبا مسلم هربه فجاء إلى معسكره وقبض على أصحابه منهم سالم بن أحوز صاحب شرطته و البحتري كاتبه ، و إبنان له و يونس بن عبد ربه و محمد بن قطن و غيرهم . و سار أبو مسلم و ابن الكرماني في طلبه ليلتهما فأدركا إمرأته قد خلفها و سار فرجعوا إلى مرو . و بلغ نصر من سرخس فأقام بطوس خمس عشرة ليلة . ثم جاء نيسابور فأقام بها و تعاقد ابن الكرماني مع أبي مسلم على رأيه . ثم بعث إلى شيبان الحروري يدعوه
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
إلى البيعة فقال شيبان : بل أنت تبايعني ، و استنصر بابن الكرماني فأبى عليه ، و سار شيبان إلى سرخس و اجتمع له جمع من بكر بن وائل و بعث إليه أبو مسلم في الكف فسجن الرسل . فكتب إلى بسام بن إبراهيم مولى بني ليث المكنى بأبي ورد أن يسير إليه فقاتله و قتل بكر بن وائل الرسل الذي كانوا عنده . و قيل إن أبا مسلم إنما وجه إلى شيبان عسكراً من عنده عليهم خزيمة بن حازم و بسام بن إبراهيم . ثم بعث أبو مسلم كعباً من النقباء إلى أبيورد فافتتحها ، ثم أبا داود خالد بن إبراهيم من النقباء إلى بلخ و بها زياد بن عبد الرحمن القشيري فجمع له أهل بلخ و ترمذ و جند طخارستان و نزل الجوزجان ، و لقيهم أبو داود فهزمه و ملك مدينة بلخ . و ساروا إلى ترمذ فكتب أبو مسلم إلى أبي داود يستقدمه و بعث مكانه على بلخ يحيى بن نعيم أبا الميلا فداخله زياد بن عبد الرحمن في الخلاف على أبي مسلم ، و اجتمع لذلك زياد و مسلم بن عبد الرحمن الباهلي ، و عيسى بن زرعة السلمي و أهل بلخ و ترمذ و ملوك طخارستان و ما وراء النهر و نزلوا على فرسخ من بلخ و خرج إليهم يحيى بن نعيم بمن معه . و اتفقت كلمة مضر و ربيعة و اليمن و من معهم من العجم على قتال المسودة و ولوا عليهم مقاتل بن حيان النبطي مخافة أن يتنافسوا . و بعث أبو مسلم أبا داود إليهم فأقبل بعساكره حتى اجتمعوا على نهر السرحسان و اقتتلوا . و كان زياد و أصحابه قد خلفوا أبا سعيد القرشي مسلحةً وراءهم خشية أن يؤتوا من خلفهم و كانت راياته سوداً و أغفلوا ذلك . فلما اشتد القتال زحف أبو سعيد في أصحابه لمددهم فظنوه كميناً للمسودة فانهزموا و سقطوا في النهر ، و حوى أبو داود في معسكرهم بما فيه و ملك بلخ . و مضى زياد و يحيى و من معهما إلى ترمذ و كتب أبو مسلم يستقدم أبا داود و بعث النضر بن صبيح المزني على بلخ . و لما قدم أبو داود أشار على أبي مسلم بالتفرقة بين علي و عثمان إبني الكرماني . فبعث عثمان على بلخ و قدمها فاستخلف الفرافصة بن ظهير العبسي و سار هو و النضر بن صبيح إلى مرو الروذ و جاء مسلم بن عبد الرحمن الباهلي من ترمذ في المضرية ، فاستولى على بلخ و رجع إليه عثمان و النضر فهربوا من ليلتهم ولم يعن النضر في طلبهم و قاتلهم عثمان ناحية عنه فانهزم ، و رجع أبو داود إلى بلخ و سار أبو مسلم إلى نيسابور و معه علي بن الكرماني و قد اتفق مع أبي داود على قتال إبني الكرماني فقتل أبو داود عثمان في بلخ و قتل أبو مسلم علياً في طريقه إلى نيسابور .
مسير قحطبة للفتح
و في سنة ثلاثين قدم قحطبة بن شبيب على أبي مسلم من عند الإمام إبراهيم و قد عقد له لواء على محاربة العدو فبعثه أبو مسلم في مقدمته و ضم إليه العساكر و جعل إليه التولية و العزل ، و أمر الجنود بطاعته . و قد كان حين غلب على خراسان بعث العمال على البلاد فبعث ساعي بن النعمان الأزدي على سمرقند و أبا داود خالد بن إبراهيم على طخارستان و محمد بن الأشعث الخزاعي على طبسين و جعل مالك بن الهيثم على شرطته . و بعث قحطبة إلى طوس و معه عدة من القواد : أبو عون عبد الملك بن يزيد و خالد بن برمك و عثمان بن نهيك ، و حازم بن خزيمة و غيرهم فهزم أهل طوس و أفحش في قتلهم ، ثم بعث أبو مسلم القاسم بن مجاشع إلى نيسابور على طريق الحجة ، و كتب إلى قحطبة بقتال تميم ابن نصر بالسودقان ، و معه الثاني بن سويد و أصحاب شيبان ، و أمده بعشرة آلاف مع علي بن معقل فزحف إليهم و دعاهم بدعوته و قاتلهم ، فقتل تميم بن نصر و جماعة عظيمة من أصحابه ، يقال بلغوا ثلاثين ألفاً و استبيح معسكرهم و تحصن الباقي بالمدينة فاقتحهما عليهم ، و خلف خالد بن برمك على قبض الغنائم ، و سار إلى نيسابور فهرب منها نصر بن سيار إلى قومس ثم تفرق عنه أصحابه فسار إلى نباتة بن حنظلة بجرجان و كان يزيد بن هبيرة بعثه مدداً لنصر ، فأتى فارس و أصبهان ثم سار إلى الري ، ثم إلى جرجان و قدم حطبة نيسابور فأقام بها رمضان و شوال و ارتحل إلى جرجان ، و جعل إبنه الحسن على مقدمته و انتهى إلى جرجان و أهل الشام بها مع نباتة فهابهم أهل خراسان فخطبهم قحطبة و أخبرهم أن الإمام أخبره أنهم يلقونه مثل ههذ العدد فينصرونه عليهم . ثم تقدم للقتال و على ميمنته ابنه الحسن فانهزم أهل الشام و قتل نباتة في عشرة آلاف منهم و بعث برأسه إلى أبي مسلم ، و ذلك في ذي الحجة من السنة و ملك قحطبة جرجان . ثم بلغه أن أهل جرجان يرومون الخروج عليهم فاستعرضهم و قتل منهم نحواً من ثلاثين ألفاً و سار نصر من قومس إلى خوار الري و عليها أبو بكر العقيلي و كتب إلى ابن هبيرة بواسط يستمده فحبس رسله . فكتب مروان إلى ابن هبيرة فجهز ابن هبيرة جيشاً كثيفاً إلى نصر و عليهم ابن عطيف .
هلاك نصر بن سيار
ثم بعث قحطبة ابنه الحسن إلى محاصرة نصر في خوار الري في محرم سنة إحدى و ثلاثين ، و بعث إليه المدد مع أبي كامل و أبي القاسم محرز بن إبراهيم و أبي العباس المروزي . و لما تقاربوا نزع أبو كامل إلى نصر فكان معه و هرب جند قحطبة و أصحاب نصر أصابهم شيء من متاعهم فبعثه نصر إلى ابن هبيرة فاعترضه ابن عطيف بالري فأخذه فغاضبه نصر فأقام ابن عطيف بالري و سار نصر إلى الري و عليها حبيب بن يزيد النهشلي . فلما قدمها سار ابن عطيف إلى همذان و كان فيها مالك ابن أدهم بن محرز الباهلي ، فعدل ابن عطيف عنها إلى أصبهان و بها عامر بن ضبارة ، و قدم نصر الري فأقام بها يومين و مرض و ارتحل . فلما بلغ نهاوة مات لإثنى عشر من ربيع الأول من السنة و دخل أصحابه همذان .
استيلاء قحطبة على الري
و لما مات نصر بن سيار بعث الحسن بن قحطبة خزيمة بن حازم إلى سمنان و أقبل قحطبة من جرجان و قدم زياد بن زرارة القشيري و قد كان قدم على طاعة أبي مسلم و اعتزم على اللحاق بابن ضبارة ، فبعث قحطبة في أثره المسيب بن زهير الضبي فهزمه ، و قتل عامة من مع ابن معاوية و رجع ، و لحق قحطبة ابنه الحسن إلى الري فخرج عنها حبيب بن يزيد النهشلي و أهل الشام ، و دخلها الحسن في صفر ثم لحق به أبوه و كتب بالخبر إلى أبي مسلم . و قد كثر أهل الري إلى بني أمية فأخذ أبو مسلم أملاكهم و لم يردها عليهم إلا السفاح بعد حين فأقام قحطبة بالري و كتب أبو مسلم إلى أصبهذ طبرستان بالطاعة و أداء الخراج فأجاب ، و كتب إلى المصمغان صاحب دنباوند و كبير الديلم بمثل ذلك فأفحش في الرد . فكتب أبو مسلم إلى موسى بن كعب أن يسير إليه من الري فسار ولم يتمكن منه لضيق بلاده و كان الديلم يقاتلونه كل يوم ، فكثر فيهم الجراح و القتل ، ومنعهم الميرة فأصابهم الجوع فرجع موسى إلى الري و لم يزل المصمغان متمنعاً إلى أيام المنصور فأغزاه حماد بن عمر في جيش كثيف ، ففتح دنباوند . و لما ورد كتاب قحطبة على أبي مسلم ارتحل عن مرو و نزل نيسابور ثم سير قحطبة إبنه الحسن بعد نزوله الري بثلاث ليال ، فسار عنها مالك بن أدهم و أهل الشام و خراسان إلى نهاوند و نزل على أربعة فراسخ من المدينة ، و أمده قحطبة بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة و أقام محاصراً لها .
استيلاء قحطبة على أصبهان و مقتل ابن ضبارة و فتح نهاوند و شهرزورقد تقدم لنا أن ابن هبيرة بعث ابنه داود يزيد لقتال عبد الله بن معاوية باصطخر ، و بعث معه عامر بن ضبارة فهزموه و اتبعوه إلى كرمان سنة تسع و عشرين ، فلما بلغ ابن هبيرة مقتل نباتة بجرجان سنة ثلاثين ، كتب إلى إبنه داود ضبارة بالمسير إلى قحطبة فسار من كرمان في خمسين ألفاً و نزلوا أصبهان و بعث إليهم قحطبة جماعة من القواد عليهم مقاتل بن حكيم الكعبي فنزلوا قم و سار قحطبة إلى نهاوند مدداً لولده الحسن الذي حاصرهم فبعث مقاتلاً بذلك قحطبة ، فسار حتى لحقه ، و زحفوا للقاء داود ابن ضبارة و هم في مائة ألف و قحطبة في عشرين ألفاً . و حمل قحطبة و أصحابه فانهزم ابن ضبارة و قتل و احتووا على ما كان في معسكرهم مما لا يعبر عنه من الأصناف و ذلك في رجب . و طير قحطبة بالخبر إلى ابنه الحسن و سار إلى أصبهان فأقام بها عشرين ليلة ، و قدم على إبنه فحاصروا نهاوند ثلاثة أشهر إلى آخر شوال ، و نصبوا عليه المجانيق و بعث بالأمان إلى من كان في نهاوند من أهل خراسان فلم يقبلوا ، فبعث إلى أهل الشام فقالوا أشغل عنا أهل المدينة بالقتال نفتح لك المدينة من ناحيتنا ، ففعلوا ، و خرجوا إليه جميعاً فقتلوا أهل خراسان فيهم أبو كامل و حاتم
مسير قحطبة للفتح
و في سنة ثلاثين قدم قحطبة بن شبيب على أبي مسلم من عند الإمام إبراهيم و قد عقد له لواء على محاربة العدو فبعثه أبو مسلم في مقدمته و ضم إليه العساكر و جعل إليه التولية و العزل ، و أمر الجنود بطاعته . و قد كان حين غلب على خراسان بعث العمال على البلاد فبعث ساعي بن النعمان الأزدي على سمرقند و أبا داود خالد بن إبراهيم على طخارستان و محمد بن الأشعث الخزاعي على طبسين و جعل مالك بن الهيثم على شرطته . و بعث قحطبة إلى طوس و معه عدة من القواد : أبو عون عبد الملك بن يزيد و خالد بن برمك و عثمان بن نهيك ، و حازم بن خزيمة و غيرهم فهزم أهل طوس و أفحش في قتلهم ، ثم بعث أبو مسلم القاسم بن مجاشع إلى نيسابور على طريق الحجة ، و كتب إلى قحطبة بقتال تميم ابن نصر بالسودقان ، و معه الثاني بن سويد و أصحاب شيبان ، و أمده بعشرة آلاف مع علي بن معقل فزحف إليهم و دعاهم بدعوته و قاتلهم ، فقتل تميم بن نصر و جماعة عظيمة من أصحابه ، يقال بلغوا ثلاثين ألفاً و استبيح معسكرهم و تحصن الباقي بالمدينة فاقتحهما عليهم ، و خلف خالد بن برمك على قبض الغنائم ، و سار إلى نيسابور فهرب منها نصر بن سيار إلى قومس ثم تفرق عنه أصحابه فسار إلى نباتة بن حنظلة بجرجان و كان يزيد بن هبيرة بعثه مدداً لنصر ، فأتى فارس و أصبهان ثم سار إلى الري ، ثم إلى جرجان و قدم حطبة نيسابور فأقام بها رمضان و شوال و ارتحل إلى جرجان ، و جعل إبنه الحسن على مقدمته و انتهى إلى جرجان و أهل الشام بها مع نباتة فهابهم أهل خراسان فخطبهم قحطبة و أخبرهم أن الإمام أخبره أنهم يلقونه مثل ههذ العدد فينصرونه عليهم . ثم تقدم للقتال و على ميمنته ابنه الحسن فانهزم أهل الشام و قتل نباتة في عشرة آلاف منهم و بعث برأسه إلى أبي مسلم ، و ذلك في ذي الحجة من السنة و ملك قحطبة جرجان . ثم بلغه أن أهل جرجان يرومون الخروج عليهم فاستعرضهم و قتل منهم نحواً من ثلاثين ألفاً و سار نصر من قومس إلى خوار الري و عليها أبو بكر العقيلي و كتب إلى ابن هبيرة بواسط يستمده فحبس رسله . فكتب مروان إلى ابن هبيرة فجهز ابن هبيرة جيشاً كثيفاً إلى نصر و عليهم ابن عطيف .
هلاك نصر بن سيار
ثم بعث قحطبة ابنه الحسن إلى محاصرة نصر في خوار الري في محرم سنة إحدى و ثلاثين ، و بعث إليه المدد مع أبي كامل و أبي القاسم محرز بن إبراهيم و أبي العباس المروزي . و لما تقاربوا نزع أبو كامل إلى نصر فكان معه و هرب جند قحطبة و أصحاب نصر أصابهم شيء من متاعهم فبعثه نصر إلى ابن هبيرة فاعترضه ابن عطيف بالري فأخذه فغاضبه نصر فأقام ابن عطيف بالري و سار نصر إلى الري و عليها حبيب بن يزيد النهشلي . فلما قدمها سار ابن عطيف إلى همذان و كان فيها مالك ابن أدهم بن محرز الباهلي ، فعدل ابن عطيف عنها إلى أصبهان و بها عامر بن ضبارة ، و قدم نصر الري فأقام بها يومين و مرض و ارتحل . فلما بلغ نهاوة مات لإثنى عشر من ربيع الأول من السنة و دخل أصحابه همذان .
استيلاء قحطبة على الري
و لما مات نصر بن سيار بعث الحسن بن قحطبة خزيمة بن حازم إلى سمنان و أقبل قحطبة من جرجان و قدم زياد بن زرارة القشيري و قد كان قدم على طاعة أبي مسلم و اعتزم على اللحاق بابن ضبارة ، فبعث قحطبة في أثره المسيب بن زهير الضبي فهزمه ، و قتل عامة من مع ابن معاوية و رجع ، و لحق قحطبة ابنه الحسن إلى الري فخرج عنها حبيب بن يزيد النهشلي و أهل الشام ، و دخلها الحسن في صفر ثم لحق به أبوه و كتب بالخبر إلى أبي مسلم . و قد كثر أهل الري إلى بني أمية فأخذ أبو مسلم أملاكهم و لم يردها عليهم إلا السفاح بعد حين فأقام قحطبة بالري و كتب أبو مسلم إلى أصبهذ طبرستان بالطاعة و أداء الخراج فأجاب ، و كتب إلى المصمغان صاحب دنباوند و كبير الديلم بمثل ذلك فأفحش في الرد . فكتب أبو مسلم إلى موسى بن كعب أن يسير إليه من الري فسار ولم يتمكن منه لضيق بلاده و كان الديلم يقاتلونه كل يوم ، فكثر فيهم الجراح و القتل ، ومنعهم الميرة فأصابهم الجوع فرجع موسى إلى الري و لم يزل المصمغان متمنعاً إلى أيام المنصور فأغزاه حماد بن عمر في جيش كثيف ، ففتح دنباوند . و لما ورد كتاب قحطبة على أبي مسلم ارتحل عن مرو و نزل نيسابور ثم سير قحطبة إبنه الحسن بعد نزوله الري بثلاث ليال ، فسار عنها مالك بن أدهم و أهل الشام و خراسان إلى نهاوند و نزل على أربعة فراسخ من المدينة ، و أمده قحطبة بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة و أقام محاصراً لها .
استيلاء قحطبة على أصبهان و مقتل ابن ضبارة و فتح نهاوند و شهرزورقد تقدم لنا أن ابن هبيرة بعث ابنه داود يزيد لقتال عبد الله بن معاوية باصطخر ، و بعث معه عامر بن ضبارة فهزموه و اتبعوه إلى كرمان سنة تسع و عشرين ، فلما بلغ ابن هبيرة مقتل نباتة بجرجان سنة ثلاثين ، كتب إلى إبنه داود ضبارة بالمسير إلى قحطبة فسار من كرمان في خمسين ألفاً و نزلوا أصبهان و بعث إليهم قحطبة جماعة من القواد عليهم مقاتل بن حكيم الكعبي فنزلوا قم و سار قحطبة إلى نهاوند مدداً لولده الحسن الذي حاصرهم فبعث مقاتلاً بذلك قحطبة ، فسار حتى لحقه ، و زحفوا للقاء داود ابن ضبارة و هم في مائة ألف و قحطبة في عشرين ألفاً . و حمل قحطبة و أصحابه فانهزم ابن ضبارة و قتل و احتووا على ما كان في معسكرهم مما لا يعبر عنه من الأصناف و ذلك في رجب . و طير قحطبة بالخبر إلى ابنه الحسن و سار إلى أصبهان فأقام بها عشرين ليلة ، و قدم على إبنه فحاصروا نهاوند ثلاثة أشهر إلى آخر شوال ، و نصبوا عليه المجانيق و بعث بالأمان إلى من كان في نهاوند من أهل خراسان فلم يقبلوا ، فبعث إلى أهل الشام فقالوا أشغل عنا أهل المدينة بالقتال نفتح لك المدينة من ناحيتنا ، ففعلوا ، و خرجوا إليه جميعاً فقتلوا أهل خراسان فيهم أبو كامل و حاتم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
بن شريح و ابن نصر بن سيار و عاصم بن عمير و علي بن عقيل وبيهس . ، كان قحطبة لما جاء إلى نهاوند بعث إبنه الحسن إلى جهات حلوان و عليها عبد الله بن العلاء الكندي فتركها و هرب . ثم بعث قحطبة عبد الملك بن يزيد و مالك بن طرا في أربعة آلاف إلى شهرزور و بها عثمان بن سفيان على مقدمته عبد الله بن محمد فقاتلوا عثمان آخر ذي الحجة فانهزم و قتل . و ملك أبو عون بلاد الموصل ، و قيل إن عثمان هرب إلى عبد الله بن مروان و غنم أبو عون عسكره و قتل أصحابه ، و بعث إليه قحطبة بالمدد و كان مروان بن محمد بحران فسار في أهل الشام و الجزيرة و الموصل و نزل الزاب الأكبر و أتوا شهرزور إلى المحرم سنة إثنتين وثلاثين .
حرب سفاح بن هبيرة مع قحطبة و مقتلهما و فتح الكوفة
و لما قدم على يزيد بن هبيرة إبنه داود منهزماً من حلوان خرج يزيد للقاء قحطبة في مدد لا يحصى ، و كان مروان أمده بحوثرة بن سهيل الباهلي ، فسار معه حتى نزل حلوان و احتفر الخندق الذي كانت فارس احتفرته أيام الواقعة . و أقام و أقبل قحطبة إلى حلوان ثم عبر دجلة إلى الأنبار فرجع ابن هبيرة مبادراً إلى الكوفة و قدم إليها حوثرة في خمسة عشر ألفاً و عبر قحطبة الفرات من الأنبار لثمان من المحرم سنة إثنتين و ثلاثين ، و ابن هبيرة معسكر على فم الفرات و على ثلاثة و عشرين فرسخاً من الكوفة ، و معه حوثرة و فل ابن ضبارة . و أشار عليه أصحابه أن يدع الكوفة و يقصد هو خراسان فيتبعه قحطبة فأبى إلا البدار إلى الكوفة ، و عبر إليها دجلة من المدائن ، و على مقدمته حوثرة و الفريقان يسيران على جانب الفرات . و قال قحطبة لأصحابه إن الإمام أخبرني بأن وقعة تكون بهذا المكان و النصر لنا ، ثم دلوه على مخاضة فعبر منها ، و قاتل حوثرة و ابن نباتة فانهزم أهل الشام ، و قعد قحطبة و شهد مقاتل العللي بأن قحطبة عهد لابنه الحسن بعده ، فبايع جميع الناس لأخيه الحسن ، و كان في سرية فبعثوا عنه و ولوه و وجد قحطبة في جدول هو و حرب بن كم ابن أحوز و قيل : إن قحطبة لما عبر الفرات و قاتل ضربه معن بن زائدة فسقط و أوصى إذا مات أن يلقى في الماء . ثم انهزم ابن نباتة و أهل الشام و مات قحطبة و أوصى بأمر الشيعة إلى أبي مسلم الخلال بالكوفة وزير آل محمد . و لما انهزم ابن نباتة و حوثرة لحقوا بابن هبيرة فانهزم إلى واسط و استولى الحسن ابن قحطبة على ما في معسكرهم . و بلغ الخبر إلى الكوفة فثار بها محمد بن خالد القسري بدعوة الشيعة خرج ليلة عاشوراء و على الكوفة زياد بن صالح الحارثي و على شرطته عبد الرحمن بن بشير العجلي و سار إلى فهرب زياد و من معه من أهل الشام و دخل القصر و رجع إليه حوثرة و عن محمد عامة من معه و لزم القصر . ثم جاء قوم من بجيلة من أصحاب حوثرة فدخلوا في الدعوة ثم آخرون من كنانة ، ثم آخرون من نجدل فارتحل حوثرة نحوه و كتب محمد إلى قحطبة و هو لم يعلم بهلاكه فقرأه الحسن على الناس و ارتحل نحو الكوفة فصبحها الرابعة من مسيرة و قيل إن الحسن بن قحطبة سار إلى الكوفة بعد قتل ابن هبيرة و عليها عبد الرحمن بن بشير العجلي فهرب عنها و سبق محمد بن خالد و خرج في إحدى عشر رجلاً فلقى الحسن و دخل معه و أتوا إلى أبي مسلمة فاستخرجوه من بني مسلمة و عسكر بالنخيلة ، ثم نزل حمام أعين . و بعث الحسن بن قحطبة إلى واسط لقتال ابن هبيرة و بايع الناس أبا مسلمة حفص ابن سليمان الخلال وزير آل محمد و استعمل محمد بن خالد القسري على الكوفة و كان يسمى الأمير ، حتى ظهر أبو العباس السفاح و بعث حميد بن قحطبة إلى المدائن في قواد و المسيب بن هبيرة و خالد بن مرمل ، إلى دير فناء و شراحيل إلى عير و بسام بن إبراهيم بن بسام إلى الأهواز ، و بها عبد الرحمن بن عمر بن هبيرة فقاتله بسام و انهزم إلى البصرة و عليها مسلم بن قتيبة الباهلي عاملاً لأخيه . و بعث بسام في أثره سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب والياً على البصرة ، فجمع سالم قيساً و مضر وبني أمية و جاء قائد من قواد ابن هبيرة في ألفي رجل ، و جمع سفيان اليمانية و حلفاءهم من ربيعة و اقتتلوا في صفر . و قتل ابن سفيان و اسمه معاوية فانهزم لذلك . ثم جاء إلى سالم أربعة آلاف مدداً من عند مروان فقاتل الأزد و استباحهم ولم يزل بالبصرة حتى قتل ابن هبيرة فهرب عنها و اجتمع ولد الحرث بن عبد المطلب إلى محمد بن جعفر فولوه أياماً حتى قدم أبو مالك عبد الله بن أسيد الخزاعي من قبل أبي مسلم . فلما بويع أبو العباس السفاح ولاها سفيان بن معاوية .
بيعة السفاحقد كنا قدمنا خبر الدعاة و قبض مروان على إبراهيم بن محمد و أنه حبسه بحران و كان نعى نفسه إلى أهل بيته و أمرهم باللحاق بالكوفة و أوصى على أخيه أبي العباس عبد الله ابن الحريثة . فسار أبو العباس و معه أهل بيته و في إخوته أبو جعفر المنصور و عبد الوهاب و محمد ابن أخيه إبراهيم و عيسى ابن أخيه موسى و من أعمامه داود و عيسى و صالح و إسمعيل و عبد الله و عبد الصمد بنو علي بن عبد الله بن عباس ، و موسى ابن عمه داود و يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس ، فقدموا الكوفة في صفر و أبو سلمة و الشيعة على حمام أعين بظاهر الكوفة و أنزلهم أبو سلمة دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم في بني أود ، و كتم أمرهم عن جميع القواد و الشيعة أربعين ليلة ، و أراد فيما زعموا أن يحول الأمر إلى أبي طالب . و سأله أبو الجهم من الشيعة و غيره فيقول : لا تعجلوا ليس هذا وقته . و لقي أبو حميد محمد بن إبراهيم ذات يوم خادم إبراهيم الإمام و هو سابق الخوارزمي فسأله عن الإمام فقال : قتل إبراهيم و أوصى إلى أخيه أبي العباس و ها هو بالكوفة و معه أهل بيته . فسأله عن اللقاء فقال : حتى أستأذن و واعده من الغد في ذلك المكان ، و جاء أبو حميد إلى أبي الجهم فأخبره و كان في عسكر أبي سلمة فقال له : تلطف في لقائهم . فجاء إلى موعد سابق ومضى معه و دخل عليهم فسأل عن الخليفة فقال داود بن علي : هذا إمامكم و خليفتكم يشير إلى أبي العباس . فسلم عليه بالخلافة و عزاه بإبراهيم الإمام ، و رجع و معه خادم من خدمهم إلى أبي الجهم فأخبره عن منزلهم و أن أبا العباس أرسل إلى أبي سلمة أن يبعث إليه كراء الرواحل التي جاؤا إليها ، فلم يبعث إليهم شيئاً فمشى أبو الجهم و أبو الحميد و الخادم إلى موسى بن كعب و أخبروه بالأمر و بعثوا إلى الإمام مائتي دينار مع خادمه . و اتفق رأي القواد على لقاء الإمام فنهض موسى بن كعب و أبو الجهم عبد الحميد بن ربعي و سلمة بن محمد و عبد الله الطائي و إسحق بن إبراهيم و شراحيل و أبو حميد و عبد الله ابن بسام و محمد بن إبراهيم و محمد بن حصن و سليمان بن الأسود فدخلوا على أبي العباس فسلموا عليه بالخلافة و عزوه في إبراهيم . و رجع موسى بن كعب و أبو الجهم و خلفوا الباقين عند الإمام و أوصوهم إن جاء أبو سلمة لا يدخلن إلا وحده و بلغه الخبر فجاء و دخل وحده كما حدوا له و سلم على أبي العباس بالخلافة و أمره بالعود إلى معسكره و أصبح الناس يوم الجمعة لإثنتي عشرة خلت من ربيع الأول فلبسوا الصفاح و اصطفوا للخروج إلى أبي العباس و أتوه بالدواب له و لمن معه من أهل بيته ، و أركبوهم إلى دار الإمارة . ثم رجع إلى المسجد فخطب و صلى بالناس و بايعوه ثم صعد المنبر ثانية فقام في أعلاه و صعد عمه داود فقام دونه و خطب خطبته البليغة المشهورة و ذكر حقهم في الأمر و ميراثهم له ، و زاد الناس في أعطياتهم ، و كان موعوكاً فاشتد عليه الوعك فحبس على المنبر و قام عمه داود على أعلى المراقي فخطب مثله و ذم سيرة بني أمية و عاهد الناس على إقامتة الكتاب و السنة و سيرة النبي . ثم اعتذر عن عود السفاح بعد الصلاة إلى المنبر و أنه أراد أن لا يخلط كلام الجمعة بغيرها ، و إنما قطعه عن إتمام الكلام شدة الوعك فأدعوا الله له بالعافية . ثم بالغ في ذم مروان و شكر شيعتهم من أهل خراسان و أن الكوفة منزلهم لا يتخلون عنها و أنه ما صعد هذا المنبر خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و أمير المؤمنين عبد الله بن محمد و أشار إلى السفاح و أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا حتى نسلمه لعيسى بن مريم . ثم نزل أبو العباس و داود أمامه حتى دخل القصر و أجلس أخاه أبا جعفر في المسجد يأخذ البيعة على الناس حتى جن الليل . و خرج أبو العباس إلى عسكر أبي سلمة و نزل معه في حجرته بينهما ستر . و حاجب السفاح يومئذ عبد الله بن بسام و استخلف على الكوفة عمه داود و بعث عمه عبد الله إلى أبي عون بن يزيد بشهرزور و بعث ابن أخيه موسى إلى الحسن ابن قحطبة و هو يحاصر ابن هبيرة بواسط و بعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى أحمد ابن قحطبة بالمدائن و بعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن
حرب سفاح بن هبيرة مع قحطبة و مقتلهما و فتح الكوفة
و لما قدم على يزيد بن هبيرة إبنه داود منهزماً من حلوان خرج يزيد للقاء قحطبة في مدد لا يحصى ، و كان مروان أمده بحوثرة بن سهيل الباهلي ، فسار معه حتى نزل حلوان و احتفر الخندق الذي كانت فارس احتفرته أيام الواقعة . و أقام و أقبل قحطبة إلى حلوان ثم عبر دجلة إلى الأنبار فرجع ابن هبيرة مبادراً إلى الكوفة و قدم إليها حوثرة في خمسة عشر ألفاً و عبر قحطبة الفرات من الأنبار لثمان من المحرم سنة إثنتين و ثلاثين ، و ابن هبيرة معسكر على فم الفرات و على ثلاثة و عشرين فرسخاً من الكوفة ، و معه حوثرة و فل ابن ضبارة . و أشار عليه أصحابه أن يدع الكوفة و يقصد هو خراسان فيتبعه قحطبة فأبى إلا البدار إلى الكوفة ، و عبر إليها دجلة من المدائن ، و على مقدمته حوثرة و الفريقان يسيران على جانب الفرات . و قال قحطبة لأصحابه إن الإمام أخبرني بأن وقعة تكون بهذا المكان و النصر لنا ، ثم دلوه على مخاضة فعبر منها ، و قاتل حوثرة و ابن نباتة فانهزم أهل الشام ، و قعد قحطبة و شهد مقاتل العللي بأن قحطبة عهد لابنه الحسن بعده ، فبايع جميع الناس لأخيه الحسن ، و كان في سرية فبعثوا عنه و ولوه و وجد قحطبة في جدول هو و حرب بن كم ابن أحوز و قيل : إن قحطبة لما عبر الفرات و قاتل ضربه معن بن زائدة فسقط و أوصى إذا مات أن يلقى في الماء . ثم انهزم ابن نباتة و أهل الشام و مات قحطبة و أوصى بأمر الشيعة إلى أبي مسلم الخلال بالكوفة وزير آل محمد . و لما انهزم ابن نباتة و حوثرة لحقوا بابن هبيرة فانهزم إلى واسط و استولى الحسن ابن قحطبة على ما في معسكرهم . و بلغ الخبر إلى الكوفة فثار بها محمد بن خالد القسري بدعوة الشيعة خرج ليلة عاشوراء و على الكوفة زياد بن صالح الحارثي و على شرطته عبد الرحمن بن بشير العجلي و سار إلى فهرب زياد و من معه من أهل الشام و دخل القصر و رجع إليه حوثرة و عن محمد عامة من معه و لزم القصر . ثم جاء قوم من بجيلة من أصحاب حوثرة فدخلوا في الدعوة ثم آخرون من كنانة ، ثم آخرون من نجدل فارتحل حوثرة نحوه و كتب محمد إلى قحطبة و هو لم يعلم بهلاكه فقرأه الحسن على الناس و ارتحل نحو الكوفة فصبحها الرابعة من مسيرة و قيل إن الحسن بن قحطبة سار إلى الكوفة بعد قتل ابن هبيرة و عليها عبد الرحمن بن بشير العجلي فهرب عنها و سبق محمد بن خالد و خرج في إحدى عشر رجلاً فلقى الحسن و دخل معه و أتوا إلى أبي مسلمة فاستخرجوه من بني مسلمة و عسكر بالنخيلة ، ثم نزل حمام أعين . و بعث الحسن بن قحطبة إلى واسط لقتال ابن هبيرة و بايع الناس أبا مسلمة حفص ابن سليمان الخلال وزير آل محمد و استعمل محمد بن خالد القسري على الكوفة و كان يسمى الأمير ، حتى ظهر أبو العباس السفاح و بعث حميد بن قحطبة إلى المدائن في قواد و المسيب بن هبيرة و خالد بن مرمل ، إلى دير فناء و شراحيل إلى عير و بسام بن إبراهيم بن بسام إلى الأهواز ، و بها عبد الرحمن بن عمر بن هبيرة فقاتله بسام و انهزم إلى البصرة و عليها مسلم بن قتيبة الباهلي عاملاً لأخيه . و بعث بسام في أثره سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب والياً على البصرة ، فجمع سالم قيساً و مضر وبني أمية و جاء قائد من قواد ابن هبيرة في ألفي رجل ، و جمع سفيان اليمانية و حلفاءهم من ربيعة و اقتتلوا في صفر . و قتل ابن سفيان و اسمه معاوية فانهزم لذلك . ثم جاء إلى سالم أربعة آلاف مدداً من عند مروان فقاتل الأزد و استباحهم ولم يزل بالبصرة حتى قتل ابن هبيرة فهرب عنها و اجتمع ولد الحرث بن عبد المطلب إلى محمد بن جعفر فولوه أياماً حتى قدم أبو مالك عبد الله بن أسيد الخزاعي من قبل أبي مسلم . فلما بويع أبو العباس السفاح ولاها سفيان بن معاوية .
بيعة السفاحقد كنا قدمنا خبر الدعاة و قبض مروان على إبراهيم بن محمد و أنه حبسه بحران و كان نعى نفسه إلى أهل بيته و أمرهم باللحاق بالكوفة و أوصى على أخيه أبي العباس عبد الله ابن الحريثة . فسار أبو العباس و معه أهل بيته و في إخوته أبو جعفر المنصور و عبد الوهاب و محمد ابن أخيه إبراهيم و عيسى ابن أخيه موسى و من أعمامه داود و عيسى و صالح و إسمعيل و عبد الله و عبد الصمد بنو علي بن عبد الله بن عباس ، و موسى ابن عمه داود و يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس ، فقدموا الكوفة في صفر و أبو سلمة و الشيعة على حمام أعين بظاهر الكوفة و أنزلهم أبو سلمة دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم في بني أود ، و كتم أمرهم عن جميع القواد و الشيعة أربعين ليلة ، و أراد فيما زعموا أن يحول الأمر إلى أبي طالب . و سأله أبو الجهم من الشيعة و غيره فيقول : لا تعجلوا ليس هذا وقته . و لقي أبو حميد محمد بن إبراهيم ذات يوم خادم إبراهيم الإمام و هو سابق الخوارزمي فسأله عن الإمام فقال : قتل إبراهيم و أوصى إلى أخيه أبي العباس و ها هو بالكوفة و معه أهل بيته . فسأله عن اللقاء فقال : حتى أستأذن و واعده من الغد في ذلك المكان ، و جاء أبو حميد إلى أبي الجهم فأخبره و كان في عسكر أبي سلمة فقال له : تلطف في لقائهم . فجاء إلى موعد سابق ومضى معه و دخل عليهم فسأل عن الخليفة فقال داود بن علي : هذا إمامكم و خليفتكم يشير إلى أبي العباس . فسلم عليه بالخلافة و عزاه بإبراهيم الإمام ، و رجع و معه خادم من خدمهم إلى أبي الجهم فأخبره عن منزلهم و أن أبا العباس أرسل إلى أبي سلمة أن يبعث إليه كراء الرواحل التي جاؤا إليها ، فلم يبعث إليهم شيئاً فمشى أبو الجهم و أبو الحميد و الخادم إلى موسى بن كعب و أخبروه بالأمر و بعثوا إلى الإمام مائتي دينار مع خادمه . و اتفق رأي القواد على لقاء الإمام فنهض موسى بن كعب و أبو الجهم عبد الحميد بن ربعي و سلمة بن محمد و عبد الله الطائي و إسحق بن إبراهيم و شراحيل و أبو حميد و عبد الله ابن بسام و محمد بن إبراهيم و محمد بن حصن و سليمان بن الأسود فدخلوا على أبي العباس فسلموا عليه بالخلافة و عزوه في إبراهيم . و رجع موسى بن كعب و أبو الجهم و خلفوا الباقين عند الإمام و أوصوهم إن جاء أبو سلمة لا يدخلن إلا وحده و بلغه الخبر فجاء و دخل وحده كما حدوا له و سلم على أبي العباس بالخلافة و أمره بالعود إلى معسكره و أصبح الناس يوم الجمعة لإثنتي عشرة خلت من ربيع الأول فلبسوا الصفاح و اصطفوا للخروج إلى أبي العباس و أتوه بالدواب له و لمن معه من أهل بيته ، و أركبوهم إلى دار الإمارة . ثم رجع إلى المسجد فخطب و صلى بالناس و بايعوه ثم صعد المنبر ثانية فقام في أعلاه و صعد عمه داود فقام دونه و خطب خطبته البليغة المشهورة و ذكر حقهم في الأمر و ميراثهم له ، و زاد الناس في أعطياتهم ، و كان موعوكاً فاشتد عليه الوعك فحبس على المنبر و قام عمه داود على أعلى المراقي فخطب مثله و ذم سيرة بني أمية و عاهد الناس على إقامتة الكتاب و السنة و سيرة النبي . ثم اعتذر عن عود السفاح بعد الصلاة إلى المنبر و أنه أراد أن لا يخلط كلام الجمعة بغيرها ، و إنما قطعه عن إتمام الكلام شدة الوعك فأدعوا الله له بالعافية . ثم بالغ في ذم مروان و شكر شيعتهم من أهل خراسان و أن الكوفة منزلهم لا يتخلون عنها و أنه ما صعد هذا المنبر خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و أمير المؤمنين عبد الله بن محمد و أشار إلى السفاح و أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا حتى نسلمه لعيسى بن مريم . ثم نزل أبو العباس و داود أمامه حتى دخل القصر و أجلس أخاه أبا جعفر في المسجد يأخذ البيعة على الناس حتى جن الليل . و خرج أبو العباس إلى عسكر أبي سلمة و نزل معه في حجرته بينهما ستر . و حاجب السفاح يومئذ عبد الله بن بسام و استخلف على الكوفة عمه داود و بعث عمه عبد الله إلى أبي عون بن يزيد بشهرزور و بعث ابن أخيه موسى إلى الحسن ابن قحطبة و هو يحاصر ابن هبيرة بواسط و بعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى أحمد ابن قحطبة بالمدائن و بعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تاريخ ابن خلدون – الجزء الثالث
عمار بن ياسر إلى بسام إبراهيم بن بسام بالأهواز ، و بعث سلمة بن عمر بن عثمان بن مالك ابن الطواف و أقام السفاح بالعسكر شهراً ثم ارتحل فنزل قصر الإمارة من المدينة الهاشمية . و قد قيل إن داود بن علي و ابنه موسى لم يكونا بالشام عند مسير بني العباس إلى الكوفة و إنهما لقياهم بدومة الجندل فعرفا خبرهم و قال لهم داود : كيف تأتون الكوفة و مروان بن محمد في حران في أهل الشام و الجزيرة فطل على العراق و يزيد بن هبيرة بالعراق ؟ فقال : يا عم من أحب الحياء ذل فرجع داود و ابنه معه .
مقتل إبراهيم بن الإمام
قد تقدم لنا أن مروان حبسه بحران و حبس سعيد بن هشام بن عبد الملك و ابنيه عثمان و مروان و العباس بن الوليد بن عبد الملك و عبد الله بن عمر بن عبد العزيز و أبا محمد السفياني فهلك منهم في السجن من وباء وقع بحران : العباس بن الوليد و إبراهيم بن الإمام و عبد الله بن عمر . و خرج سعيد بن هشام و من معه من المحبوسين بعد أن قتلوا صاحب السجن فقتلهم الغوغاء من أهل حران و كان فيمن قتلوه شراحيل بن مسلمة بن عبد الملك و عبد الملك بن بشر الثعلبي و بطريق أرمينية و إسمه كوشان و تخلف أبو محمد السفياني في الحبس لم يستحل الخروج منه . و لما قدم مروان منهزماً من الزاب حل عنه فيمن بقي و قيل إن شراحيل بن مسلمة كان محبوساً مع إبراهيم و كانا يتزاوران و يتهاديان ، فدس في بعض الأيام إلى إبراهيم بن الإمام بلبن مسموم على لسان شراحيل فاستطلق بطنه . و قيل إن شراحيل قال : إنالله و إنا إليه راجعون احتيل و الله عليه ، و أصبح ميتاً من ليلته .
مقتل إبراهيم بن الإمام
قد تقدم لنا أن مروان حبسه بحران و حبس سعيد بن هشام بن عبد الملك و ابنيه عثمان و مروان و العباس بن الوليد بن عبد الملك و عبد الله بن عمر بن عبد العزيز و أبا محمد السفياني فهلك منهم في السجن من وباء وقع بحران : العباس بن الوليد و إبراهيم بن الإمام و عبد الله بن عمر . و خرج سعيد بن هشام و من معه من المحبوسين بعد أن قتلوا صاحب السجن فقتلهم الغوغاء من أهل حران و كان فيمن قتلوه شراحيل بن مسلمة بن عبد الملك و عبد الملك بن بشر الثعلبي و بطريق أرمينية و إسمه كوشان و تخلف أبو محمد السفياني في الحبس لم يستحل الخروج منه . و لما قدم مروان منهزماً من الزاب حل عنه فيمن بقي و قيل إن شراحيل بن مسلمة كان محبوساً مع إبراهيم و كانا يتزاوران و يتهاديان ، فدس في بعض الأيام إلى إبراهيم بن الإمام بلبن مسموم على لسان شراحيل فاستطلق بطنه . و قيل إن شراحيل قال : إنالله و إنا إليه راجعون احتيل و الله عليه ، و أصبح ميتاً من ليلته .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تاريخ دمشق الجزء الثالث
» تاريخ ابن خلدون – الجزء الثاني
» تاريخ بن خلدون الجزء الأول
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تاريخ دمشق الجزء الثالث
» تاريخ ابن خلدون – الجزء الثاني
» تاريخ بن خلدون الجزء الأول
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى