تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
صفحة 1 من اصل 3
صفحة 1 من اصل 3 • 1, 2, 3
تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
هزيمة مروان بالزاب و مقتله بمصر
قد ذكرنا أن قحطبة أرسل أبا عون عبد الملك بن يزيد الأزدي إلى شهرزور فقتل عثمان بن سفيان و أقام بناحية الموصل و أن مروان بن محمد سار إليه من حران في مائة و عشرين ألفاً و سار أبو عون إلى الزاب و وجه أبو سلمة عيينة بن موسى و المنهال بن قبان و اسحق بن طلحة كل واحد في ثلاثة آلاف مدداً له . فلما بويع أبو العباس و بعث مسلمة بن محمد في ألفين و عبد الله الطائي في ألف و خمسمائة و عبد الحميد بن ربعي الطائي في ألفين و دارس بن فضلة في خمسمائة كلهم مدداً لأبي عون ، ثم ندب أهل بيته إلى المسير إلى أبي عون ، فانتدب عبد الله بن علي فسار و قدم على أبي عون فتحول له عن سرادقه بما فيه ثم أمر عيينة بن موسى بخمسة آلاف تعبر النهر من الزاب أول جمادى الأخير سنة إثنتين و ثلاثين و قاتل عساكر مروان إلى المساء و رجع ففقد مروان الجسر من الغد و قدم ابنه عبد الله و عبر فبعث عبد الله بن علي المخارق بن غفار في أربعة نحو عبد الله بن مروان فسرح ابن مروان الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم ، فانهزم أصحاب المخارق و أسر هو و جيء به إلى مروان مع رؤوس القتلى ، فقال : أنت المخارق ؟ قال : لا . قال : فتعرفه في هذه الرؤوس ؟ قال : نعم . قال : هو ذا فخلى سبيله و قيل بل أنكر أن يكون في الرؤوس فخلى سبيله و عاجلهم عبد الله بن علي بالحرب قبل أن يفشوا الخبر و على ميمنته أبو عون و على ميسرته الوليد بن معاوية و كان عسكره نحواً من عشرين ألفاً ، و قيل إثني عشر و أرسل مروان إليه في الموادعة فأبى و حمل الوليد بن معاوية بن مروان و هو صهر مروان على إبنته ، فقاتل أبا عون حتى انهزم إلى عبد الله بن علي فأمر الناس فارتحلوا و مشى قدماً ينادي يالتارات إبراهيم و بالأشعار يا محمد يا منصور . و أمر مروان القبائل بأن يحملوا فتخاذلوا و اعتذروا حتى صاحب شرطته . ثم ظهر له الخلل فأباح الأموال للناس على أن يقاتلوا فأخذوها من غير قتال . فبعث ابنه عبد الله يصدهم عن ذلك فتبادروا بالفرار و انهزموا و قطع مروان الجسر و كان من غرق أكثر ممن قتل . و غرق إبراهيم بن الوليد المخلوع و قيل بل قتله عبد الله بن علي بالشام و ممن قتل يحيى بن علي ابن هشام و كان ذلك في جمادى الأخيرة سنة إثنتين و ثلاثين ، و أقام عبد الله في عسكره سبعة أيام و اجتاز عسكر مروان بما فيه و كتب بالفتح إلى أبي العباس السفاح ، و سار مروان منهزماً إلى مدينة الموصل و عليها هشام بن عمر الثعلبي و ابن خزيمة الأسدي ، فقطعا الجسر و منعاه العبور إليهم و قيل هذا أمير المؤمنين فتجاهلوا و قالوا أمير المؤمنين لا يفر . ثم أسمعوه الشتم و القبائح فسار إلى حران و بها أبان ابن أخيه ، وسار إلى حمص و جاء عبد الله إلى حران فلقيه أبو مسعود فأمنه و لقي الجزيرة . و لما بلغ مروان حمص أقام بها ثلاثاً و ارتحل فاتبعه أهلها لينهبوه فقاتلهم و أثخن فيهم ، و سار إلى دمشق و عليها الوليد ابن عمه فأوصاه بقتال عدوه . و سار إلى فلسطين فنزل نهر أبي فطرس و قد غلب على فلسطين الحكم بن ضبعان الجذامي ، فأرسل إلى عبد الله ابن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي فأجاره ، ثم سار عبد الله بن علي في أثره من حران بعد أن هدم الدار التي حبس فيها أخوه الإمام إبراهيم . و انتهى إلى قنج فأطاعه أهلها و قدم عليه أخوه عبد الصمد بعثه السفاح مدداً في ثمانية آلاف و افترق قواد الشيعة على أبواب دمشق فحاصروها أياماً ثم دخلوها عنوة لخمس من رمضان و اقتتلوا بها كثيراً و قتل عاملها الوليد بن معاوية و أقام عبد الله بدمشق خمس عشرة ليلة و ارتحل يريد فلسطين فأجفل مروان إلى العرش و جاء عبد الله فنزل نهرابي فطرس و وصله هناك كتاب السفاح بأن يبعث صالح بن علي في طلب مروان . فسار صالح في ذي القعدة و على مقدمته أبو عون بن إسمعيل الحارثي فأجفل مروان إلى النيل ثم إلى الصعيد و نزل صالح الفسطاط و تقدمت عساكر فلقوا خيلاً لمروان فهزموهم و أسروا منهم ودلوهم على مكانه ببوصير فسار إليه عون و بيته هنالك خوفاً من أن يفضحه الصبح فانهزم مروان و طعن فسقط في آخر ذي الحجة الحرام و قطع رأسه ، و بعث به طليعة أبي عون إليه . فبعثه إلى السفاح و هرب عبد الله و عبيد الله إبنا مروان إلى أرض الحبشة و قاتلوهم فقتل عبيد الله و نجا عبد الله و بقي إلى أيام المهدي فأخذه عامل فلسطين و سجنه المهدي . و كان طليعة أبي عون عامر بن إسمعيل الحارثي فوجد نساء مروان و بناته في كنيسة بوصير قد وكل بهن خادماً يقتلهن بعده بهن صالح و لما دخلن عليه سألنه في الإبقاء فلامهن على قتالهم عند بني أمية . ثم عفا عنهن و حملهن إلى حران يبكين . و كان مروان يلقب بالحمار لحرنه في مواطن الحرب . و كان أعداؤه و يلقبونه الجعدي نسبة إلى الجعد بن درهم كان يقول بخلق القرآن و يتزندق . و أمر هشام خالد القسري بقتله . ثم تتبعوا بني أمية بالقتل و دخل أسديف يوماً على السفاح و عنده سليمان بن هشام و قد أمنه والده فقال :
لا يغرنك ما ترى من رجال إن بين الضلوع داء دويا
فضع السيف و ارفع السوط حتى لا ترى فوق ظهرها أموياً
فأمر السفاح بسليمان فقتل . و دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي و عنده ثمانون أو تسعون من بني أمية يأكلون على مائدته فقال :
أصبح الملك في ثبات الأساس بالبهاليل من بني العباس
طلبوا أمر هاشم فنعونا بعد ميل من الزمان وباس
لا تقيلن عبد شمس عثاراً فأقطعن كل رقلة و غراس
فلنا أظهر التودد منها و بها منكم كحز المواسي
فلقد غاضني و غاض سوائي قربهم من نمارق و كراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الله بدار الهوان و الإتعاس
و اذكروا مصرع الحسين و زيداً و قتيلاً بجانب المهراس
و القتيل الذي بحان أضحى ثاوياً رهن غربة و نعاس
فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد ، بسط من فوقهم الأنطاع فأكل الطعام عليهم و أنينهم يسمع حتى ماتوا ، ذلك بنهرابي فطرس و كان فيمن قتل : محمد بن عبد الملك بن مروان و المعز بن يزيد و عبد الواحد بن سليمان و سعيد بن عبد الملك و أبو عبيدة بن الوليد بن عبد الملك . و قيل : إن إبراهيم المخلوع قتل معهم ، و قيل إن أسديفاً هو الذي أنشد هذا الشعر للسفاح و أنه الذي قتلهم . ثم قتل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بالبصرة جماعة من بني أمية فأمر بأشلائهم في الطرق فأكلتهم الكلاب ، و قيل إن عبد الله بن علي أمر بنبش قبور الخلفاء من بني أمية فلم يجدوا في القبور إلا شبه الرماد و خيطاً في قبر معاوية و جمجمة في قبر عبد الملك . و ربما وجد فيها بعض الأعضاء إلا هشام بن عبد الملك فإنه وجد كما هو لم يبل ، فضربه بالسوط ثم صلبه و حرقه و ذاره في الريح ، و الله أعلم بصحة ذلك . ثم تتبعوا بني أمية بالقتل فلم يفلت منهم إلا الرضعاء أو من هرب إلى الأندلس مثل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام و غيره ممن تبعه من قرابته كما يذكر في أخبارهم .
بقية الصوائف في الدولة الأموية
قد انتهينا بالصوائف إلى أخر أيام عمر بن الله العزيز و في سنة إثنتين و مائة أيام اليزيد غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية أرمينية و هو على الجزيرة قبل أن يلي العراق ، فهزمهم و أسر منهم خلقاً منهم سبعمائة أسير . و غزا العباس بن الوليد الروم أيضاً ففتحها لسنة . ثم غزا سنة ثلاث بعدها فافتتح مدينة رسلة . ثم غزا الجراح الحكمي أيام هشام سنة خمس فبلغ وراء بلنجر و غنم ، و غزا في هذه السنة سعيد بن عبد الملك أرض الروم و بعث ألف مقاتل في سرية فهلكوا جميعاً . و غزا فيها مروان محمد بالصائفة اليمنى ، ففتح مدينة من أرض الزوكج . ثم غزا سعيد بن عبد الملك بالصائفة أيام هشام سنة ست . ثم غزا مسملة بن عبد الملك الروم من الجزيرة و هو وال عليها ففتح قيسارية . و غزا إبراهيم بن هشام ففتح حصناً . و غزا معاوية بن هشام في البحر قبرس ، و غزا سنة ففتح حصناً آخر يقال له طبسة . و غزا سنة عشر بالصائفة عبد الله بن عقبة الفهري ، و كان على جيش البحر عبد الرحمن بن معاوية بن خديج . و غزا بالصائفة اليسرى سنة إحدى عشرة معاوية بن هشام و بالصائفة اليمنى سعيد بن هشام و في البحر عبد الله بن أبي مريم . و افتتح معاوية في صائفة سنة ثلاث عشرة مدينة خرشفة . و غزا سنة ثلاث عشرة عبد الله البطال ، فانهزم فثبت عبد الوهاب من أصحابه فقتل . و دخل معاوية بن هشام أرض الروم من ناحية مرعش . ثم غزا سنة أربع عشرة بالصائفة اليسرى و أصحاب ربض أفرق و التقى عبد الله البطال مع قسطنطين ، فهزمه البطال و أسره . و غزا سليمان بن هشام بالصائفة اليسرى فبلغ قيسارية ، و هزم مسلمة بن عبد الملك خاقان و باب الباب . و غزا معاوية بن هشام بالصائفة سنة خمس عشرة و غزا سفيان بن هشام بالصائفة اليسرى سنة سبع عشرة . وسليمان بن هشام بالصائفة اليمنى من ناحية الجزيرة ، و فرق السرايا في أرض الروم و بعث فيها مروان بن محمد من أرمينية فافتتحوا من أرض اللان آهلها أخذها قومانساه صلحاً ، غزا معاوية و سليمان أيضاً أرض الروم سنة ثماني عشرة .و غزا فيها مروان بن محمد من أرمينية و دخل أرض وارقيس ، فهرب وارقيس إلى الحرو و نازل حصنه فحاصره . و قتل وارقيس بعض من اجتاز به و بعث برأسه إلى مروان و نزل أهل الحصن على حكمه فقتل و سبى . و غزا سنة تسع عشرة مروان بن محمد من أرمينية و مر ببلاد اللان إلى بلاد الخزر على بلنجر و سمندر و انتهى إلى خاقان فهرب خاقان منه . و غزا سليمان بن هشام سنة عشرين بالصائفة فافتتح سندرة و غزا إسحق بن مسلم العقيلي قومانساه و افتتح قلاعه و خرب أرضه . و غزا مروان من أرمينية سنة إحدى و عشرين و أفنى قلعة بيت السرير فقتل و سبى ، ثم قلعة أخرى كذلك و دخل عزسك و هو حصن الملك فهرب منه الملك و دخل حصناً له يسمى جرج فيه سرير الذهب فنازله مروان حتى صالحه على ألف فارس كل سنة و مائة ألف مدنى ثم دخل أرض أزرق و نصران فصالحه ملكها . ثم أرض تومان كذلك . ثم أرض حمدين فأخرب بلاده و حصر حصناً له شهراً حتى صالحه ثم أرض مسداد ففتحها على صلح ثم نزل كيلان فصالحه أهل طبرستان و كيلان وكل هذه الولايات على شاطئ البحر من أرمينية إلى طبرستان . و غزا مسلمة بن هشام الروم في هذه السنة فافتتح بها مطامير و في سنة إثنتين و عشرين بعدها قتل البطال و إسمه عبد الله بن الحسين الأنطاكي و كان كثير الغزو في بلاد الروم و الإغارة عليهم . و قدمه مسلمة على عشرة آلاف فارس فكان يغزو بلاد الروم إلى أن قتل هذه السنة . و في سنة أربع و عشرين غزا سليمان بن هشام بالصائفة على عهد أبيه فلقي أليون ملك الروم فهزمه و غنم . و في سنة خمسة و عشرين خرجت الروم إلى حصن زنطره و كان افتتحه حبيب بن مسلمة الفهري و خزيمة الروم و بني بناء غير محكم فأخربوه ثانية أيام مروان . ثم بناه الرشيد و طرقه الروم أيام المأمون فشعبوه فأمر ببنائه و تحصينه ثم طرقوه أيام المعتصم و خبره معروف . و في هذه السنة غزا الوليد بن يزيد بالصائفة أخاه العمر و بعث الأسود بن بلال المحاربي بالجيش في البحر إلى قبرس ليجير أهلها بين الشام و الروم فافترقوا فريقين ، و غزا أيام مروان سنة ثلاثين بالصائفة الوليد بن هشام و نزل العمق و بنى حصن مرعش .
عمال بني أمية على النواحياستعمل معاوية أول خلافته سنة أربعين عبد الله عمرو بن العاص على الكوفة ثم عزله و استعمل المغيرة بن شعبة على الصلاة و استعمل على الخراج و كان على النقباء بها شريح و كان حمران بن أبان قد وثب على البصرة عندما صالح الحسن معاوية فبعث بشر بن أرطأة على البصرة و أمده فقتل أولاده زياد بن أبيه ، و كان عاملاً على فارس لعلي بن أبي طالب ، فقدم البصرة و قد ذكرنا خبره مع بني زياد فيما قبل . ثم ولى على البصرة عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس وضم إليه خراسان و سجستان فجعل على شرطته حبيب بن شهاب و على القضاء عميرة بن تبرى ، و قد تقدم لنا أخبار قيس في خراسان و كان عمرو بن العاص على مصر كما تقدم ، فولى سنة إحدى و أربعين من قبله على أفريقية عقبة بن نافع بن عبد قيس ، و هو ابن خالته فانتهى إلى لواته و مزاتة فأطاعوه ثم كفروا فغزاهم و قتل و سبى . ثم افتتح سنة إثنتين و أربعين بعدها غذامس و قتل و سبى و افتتح سنة ثلاثة و
قد ذكرنا أن قحطبة أرسل أبا عون عبد الملك بن يزيد الأزدي إلى شهرزور فقتل عثمان بن سفيان و أقام بناحية الموصل و أن مروان بن محمد سار إليه من حران في مائة و عشرين ألفاً و سار أبو عون إلى الزاب و وجه أبو سلمة عيينة بن موسى و المنهال بن قبان و اسحق بن طلحة كل واحد في ثلاثة آلاف مدداً له . فلما بويع أبو العباس و بعث مسلمة بن محمد في ألفين و عبد الله الطائي في ألف و خمسمائة و عبد الحميد بن ربعي الطائي في ألفين و دارس بن فضلة في خمسمائة كلهم مدداً لأبي عون ، ثم ندب أهل بيته إلى المسير إلى أبي عون ، فانتدب عبد الله بن علي فسار و قدم على أبي عون فتحول له عن سرادقه بما فيه ثم أمر عيينة بن موسى بخمسة آلاف تعبر النهر من الزاب أول جمادى الأخير سنة إثنتين و ثلاثين و قاتل عساكر مروان إلى المساء و رجع ففقد مروان الجسر من الغد و قدم ابنه عبد الله و عبر فبعث عبد الله بن علي المخارق بن غفار في أربعة نحو عبد الله بن مروان فسرح ابن مروان الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم ، فانهزم أصحاب المخارق و أسر هو و جيء به إلى مروان مع رؤوس القتلى ، فقال : أنت المخارق ؟ قال : لا . قال : فتعرفه في هذه الرؤوس ؟ قال : نعم . قال : هو ذا فخلى سبيله و قيل بل أنكر أن يكون في الرؤوس فخلى سبيله و عاجلهم عبد الله بن علي بالحرب قبل أن يفشوا الخبر و على ميمنته أبو عون و على ميسرته الوليد بن معاوية و كان عسكره نحواً من عشرين ألفاً ، و قيل إثني عشر و أرسل مروان إليه في الموادعة فأبى و حمل الوليد بن معاوية بن مروان و هو صهر مروان على إبنته ، فقاتل أبا عون حتى انهزم إلى عبد الله بن علي فأمر الناس فارتحلوا و مشى قدماً ينادي يالتارات إبراهيم و بالأشعار يا محمد يا منصور . و أمر مروان القبائل بأن يحملوا فتخاذلوا و اعتذروا حتى صاحب شرطته . ثم ظهر له الخلل فأباح الأموال للناس على أن يقاتلوا فأخذوها من غير قتال . فبعث ابنه عبد الله يصدهم عن ذلك فتبادروا بالفرار و انهزموا و قطع مروان الجسر و كان من غرق أكثر ممن قتل . و غرق إبراهيم بن الوليد المخلوع و قيل بل قتله عبد الله بن علي بالشام و ممن قتل يحيى بن علي ابن هشام و كان ذلك في جمادى الأخيرة سنة إثنتين و ثلاثين ، و أقام عبد الله في عسكره سبعة أيام و اجتاز عسكر مروان بما فيه و كتب بالفتح إلى أبي العباس السفاح ، و سار مروان منهزماً إلى مدينة الموصل و عليها هشام بن عمر الثعلبي و ابن خزيمة الأسدي ، فقطعا الجسر و منعاه العبور إليهم و قيل هذا أمير المؤمنين فتجاهلوا و قالوا أمير المؤمنين لا يفر . ثم أسمعوه الشتم و القبائح فسار إلى حران و بها أبان ابن أخيه ، وسار إلى حمص و جاء عبد الله إلى حران فلقيه أبو مسعود فأمنه و لقي الجزيرة . و لما بلغ مروان حمص أقام بها ثلاثاً و ارتحل فاتبعه أهلها لينهبوه فقاتلهم و أثخن فيهم ، و سار إلى دمشق و عليها الوليد ابن عمه فأوصاه بقتال عدوه . و سار إلى فلسطين فنزل نهر أبي فطرس و قد غلب على فلسطين الحكم بن ضبعان الجذامي ، فأرسل إلى عبد الله ابن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي فأجاره ، ثم سار عبد الله بن علي في أثره من حران بعد أن هدم الدار التي حبس فيها أخوه الإمام إبراهيم . و انتهى إلى قنج فأطاعه أهلها و قدم عليه أخوه عبد الصمد بعثه السفاح مدداً في ثمانية آلاف و افترق قواد الشيعة على أبواب دمشق فحاصروها أياماً ثم دخلوها عنوة لخمس من رمضان و اقتتلوا بها كثيراً و قتل عاملها الوليد بن معاوية و أقام عبد الله بدمشق خمس عشرة ليلة و ارتحل يريد فلسطين فأجفل مروان إلى العرش و جاء عبد الله فنزل نهرابي فطرس و وصله هناك كتاب السفاح بأن يبعث صالح بن علي في طلب مروان . فسار صالح في ذي القعدة و على مقدمته أبو عون بن إسمعيل الحارثي فأجفل مروان إلى النيل ثم إلى الصعيد و نزل صالح الفسطاط و تقدمت عساكر فلقوا خيلاً لمروان فهزموهم و أسروا منهم ودلوهم على مكانه ببوصير فسار إليه عون و بيته هنالك خوفاً من أن يفضحه الصبح فانهزم مروان و طعن فسقط في آخر ذي الحجة الحرام و قطع رأسه ، و بعث به طليعة أبي عون إليه . فبعثه إلى السفاح و هرب عبد الله و عبيد الله إبنا مروان إلى أرض الحبشة و قاتلوهم فقتل عبيد الله و نجا عبد الله و بقي إلى أيام المهدي فأخذه عامل فلسطين و سجنه المهدي . و كان طليعة أبي عون عامر بن إسمعيل الحارثي فوجد نساء مروان و بناته في كنيسة بوصير قد وكل بهن خادماً يقتلهن بعده بهن صالح و لما دخلن عليه سألنه في الإبقاء فلامهن على قتالهم عند بني أمية . ثم عفا عنهن و حملهن إلى حران يبكين . و كان مروان يلقب بالحمار لحرنه في مواطن الحرب . و كان أعداؤه و يلقبونه الجعدي نسبة إلى الجعد بن درهم كان يقول بخلق القرآن و يتزندق . و أمر هشام خالد القسري بقتله . ثم تتبعوا بني أمية بالقتل و دخل أسديف يوماً على السفاح و عنده سليمان بن هشام و قد أمنه والده فقال :
لا يغرنك ما ترى من رجال إن بين الضلوع داء دويا
فضع السيف و ارفع السوط حتى لا ترى فوق ظهرها أموياً
فأمر السفاح بسليمان فقتل . و دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي و عنده ثمانون أو تسعون من بني أمية يأكلون على مائدته فقال :
أصبح الملك في ثبات الأساس بالبهاليل من بني العباس
طلبوا أمر هاشم فنعونا بعد ميل من الزمان وباس
لا تقيلن عبد شمس عثاراً فأقطعن كل رقلة و غراس
فلنا أظهر التودد منها و بها منكم كحز المواسي
فلقد غاضني و غاض سوائي قربهم من نمارق و كراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الله بدار الهوان و الإتعاس
و اذكروا مصرع الحسين و زيداً و قتيلاً بجانب المهراس
و القتيل الذي بحان أضحى ثاوياً رهن غربة و نعاس
فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد ، بسط من فوقهم الأنطاع فأكل الطعام عليهم و أنينهم يسمع حتى ماتوا ، ذلك بنهرابي فطرس و كان فيمن قتل : محمد بن عبد الملك بن مروان و المعز بن يزيد و عبد الواحد بن سليمان و سعيد بن عبد الملك و أبو عبيدة بن الوليد بن عبد الملك . و قيل : إن إبراهيم المخلوع قتل معهم ، و قيل إن أسديفاً هو الذي أنشد هذا الشعر للسفاح و أنه الذي قتلهم . ثم قتل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بالبصرة جماعة من بني أمية فأمر بأشلائهم في الطرق فأكلتهم الكلاب ، و قيل إن عبد الله بن علي أمر بنبش قبور الخلفاء من بني أمية فلم يجدوا في القبور إلا شبه الرماد و خيطاً في قبر معاوية و جمجمة في قبر عبد الملك . و ربما وجد فيها بعض الأعضاء إلا هشام بن عبد الملك فإنه وجد كما هو لم يبل ، فضربه بالسوط ثم صلبه و حرقه و ذاره في الريح ، و الله أعلم بصحة ذلك . ثم تتبعوا بني أمية بالقتل فلم يفلت منهم إلا الرضعاء أو من هرب إلى الأندلس مثل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام و غيره ممن تبعه من قرابته كما يذكر في أخبارهم .
بقية الصوائف في الدولة الأموية
قد انتهينا بالصوائف إلى أخر أيام عمر بن الله العزيز و في سنة إثنتين و مائة أيام اليزيد غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية أرمينية و هو على الجزيرة قبل أن يلي العراق ، فهزمهم و أسر منهم خلقاً منهم سبعمائة أسير . و غزا العباس بن الوليد الروم أيضاً ففتحها لسنة . ثم غزا سنة ثلاث بعدها فافتتح مدينة رسلة . ثم غزا الجراح الحكمي أيام هشام سنة خمس فبلغ وراء بلنجر و غنم ، و غزا في هذه السنة سعيد بن عبد الملك أرض الروم و بعث ألف مقاتل في سرية فهلكوا جميعاً . و غزا فيها مروان محمد بالصائفة اليمنى ، ففتح مدينة من أرض الزوكج . ثم غزا سعيد بن عبد الملك بالصائفة أيام هشام سنة ست . ثم غزا مسملة بن عبد الملك الروم من الجزيرة و هو وال عليها ففتح قيسارية . و غزا إبراهيم بن هشام ففتح حصناً . و غزا معاوية بن هشام في البحر قبرس ، و غزا سنة ففتح حصناً آخر يقال له طبسة . و غزا سنة عشر بالصائفة عبد الله بن عقبة الفهري ، و كان على جيش البحر عبد الرحمن بن معاوية بن خديج . و غزا بالصائفة اليسرى سنة إحدى عشرة معاوية بن هشام و بالصائفة اليمنى سعيد بن هشام و في البحر عبد الله بن أبي مريم . و افتتح معاوية في صائفة سنة ثلاث عشرة مدينة خرشفة . و غزا سنة ثلاث عشرة عبد الله البطال ، فانهزم فثبت عبد الوهاب من أصحابه فقتل . و دخل معاوية بن هشام أرض الروم من ناحية مرعش . ثم غزا سنة أربع عشرة بالصائفة اليسرى و أصحاب ربض أفرق و التقى عبد الله البطال مع قسطنطين ، فهزمه البطال و أسره . و غزا سليمان بن هشام بالصائفة اليسرى فبلغ قيسارية ، و هزم مسلمة بن عبد الملك خاقان و باب الباب . و غزا معاوية بن هشام بالصائفة سنة خمس عشرة و غزا سفيان بن هشام بالصائفة اليسرى سنة سبع عشرة . وسليمان بن هشام بالصائفة اليمنى من ناحية الجزيرة ، و فرق السرايا في أرض الروم و بعث فيها مروان بن محمد من أرمينية فافتتحوا من أرض اللان آهلها أخذها قومانساه صلحاً ، غزا معاوية و سليمان أيضاً أرض الروم سنة ثماني عشرة .و غزا فيها مروان بن محمد من أرمينية و دخل أرض وارقيس ، فهرب وارقيس إلى الحرو و نازل حصنه فحاصره . و قتل وارقيس بعض من اجتاز به و بعث برأسه إلى مروان و نزل أهل الحصن على حكمه فقتل و سبى . و غزا سنة تسع عشرة مروان بن محمد من أرمينية و مر ببلاد اللان إلى بلاد الخزر على بلنجر و سمندر و انتهى إلى خاقان فهرب خاقان منه . و غزا سليمان بن هشام سنة عشرين بالصائفة فافتتح سندرة و غزا إسحق بن مسلم العقيلي قومانساه و افتتح قلاعه و خرب أرضه . و غزا مروان من أرمينية سنة إحدى و عشرين و أفنى قلعة بيت السرير فقتل و سبى ، ثم قلعة أخرى كذلك و دخل عزسك و هو حصن الملك فهرب منه الملك و دخل حصناً له يسمى جرج فيه سرير الذهب فنازله مروان حتى صالحه على ألف فارس كل سنة و مائة ألف مدنى ثم دخل أرض أزرق و نصران فصالحه ملكها . ثم أرض تومان كذلك . ثم أرض حمدين فأخرب بلاده و حصر حصناً له شهراً حتى صالحه ثم أرض مسداد ففتحها على صلح ثم نزل كيلان فصالحه أهل طبرستان و كيلان وكل هذه الولايات على شاطئ البحر من أرمينية إلى طبرستان . و غزا مسلمة بن هشام الروم في هذه السنة فافتتح بها مطامير و في سنة إثنتين و عشرين بعدها قتل البطال و إسمه عبد الله بن الحسين الأنطاكي و كان كثير الغزو في بلاد الروم و الإغارة عليهم . و قدمه مسلمة على عشرة آلاف فارس فكان يغزو بلاد الروم إلى أن قتل هذه السنة . و في سنة أربع و عشرين غزا سليمان بن هشام بالصائفة على عهد أبيه فلقي أليون ملك الروم فهزمه و غنم . و في سنة خمسة و عشرين خرجت الروم إلى حصن زنطره و كان افتتحه حبيب بن مسلمة الفهري و خزيمة الروم و بني بناء غير محكم فأخربوه ثانية أيام مروان . ثم بناه الرشيد و طرقه الروم أيام المأمون فشعبوه فأمر ببنائه و تحصينه ثم طرقوه أيام المعتصم و خبره معروف . و في هذه السنة غزا الوليد بن يزيد بالصائفة أخاه العمر و بعث الأسود بن بلال المحاربي بالجيش في البحر إلى قبرس ليجير أهلها بين الشام و الروم فافترقوا فريقين ، و غزا أيام مروان سنة ثلاثين بالصائفة الوليد بن هشام و نزل العمق و بنى حصن مرعش .
عمال بني أمية على النواحياستعمل معاوية أول خلافته سنة أربعين عبد الله عمرو بن العاص على الكوفة ثم عزله و استعمل المغيرة بن شعبة على الصلاة و استعمل على الخراج و كان على النقباء بها شريح و كان حمران بن أبان قد وثب على البصرة عندما صالح الحسن معاوية فبعث بشر بن أرطأة على البصرة و أمده فقتل أولاده زياد بن أبيه ، و كان عاملاً على فارس لعلي بن أبي طالب ، فقدم البصرة و قد ذكرنا خبره مع بني زياد فيما قبل . ثم ولى على البصرة عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس وضم إليه خراسان و سجستان فجعل على شرطته حبيب بن شهاب و على القضاء عميرة بن تبرى ، و قد تقدم لنا أخبار قيس في خراسان و كان عمرو بن العاص على مصر كما تقدم ، فولى سنة إحدى و أربعين من قبله على أفريقية عقبة بن نافع بن عبد قيس ، و هو ابن خالته فانتهى إلى لواته و مزاتة فأطاعوه ثم كفروا فغزاهم و قتل و سبى . ثم افتتح سنة إثنتين و أربعين بعدها غذامس و قتل و سبى و افتتح سنة ثلاثة و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
أربعين بعدها بلد ودان معاوية بالمدينة سنة إثنتين و أربعين مروان بن الحكم فاستقضى عبد الله بن الحرث بن نوفل ، و ولى معاوية على مكة في هذه السنة خالد بن العاص ابن هشام ، و كان على أرمينية حبيب بن مسلمة الفهري و ولاه عليها معاوية و مات سنة إثنتين و أربعين فولى مكانه .و استعمل ابن عامر في هذه السنة على ثغر الهند عبد الله بن سوار العبدي و يقال ولاه معاوية و عزل ابن عامر في هذه السنة قيس بن الهيثم عن خراسان و ولى مكانه الحرث ابن عبد الله بن حازم . ثم عزل معاوية عبد الله بن عامر عن البصرة سنة أربع و أربعين و ولى مكانه الحرث بن عبد الله الأزدي ، ثم عزله لأربعة أشهر و ولى أخاه زياداً سنة خمس و أربعين ، فولى على خراسان الحكم بن عمر الغفاري ، و جعل معه على الخراج أسلم بن زرعة الكلابي . ثم مات الحكم فولى خليد بن عبد الله الحنفي سنة سبعة و أربعين ثم ولي على خراسان سنة ثمان بعدها غالب بن فضالة الليثي ، و تولى عمرو بن العاص سنة تسعة و أربعين فولى مكانه سعيد بن العاص ، فعزله عبد الله بن الحرث عن القضاء و استقضى أبا سلمة بن عبد الرحمن و في سنة خمسين توفي المغيرة بن شعبة فضم الكوفة إلى أخيه زياد ، فجاءه إليها و استخلف على البصرة سمرة ابن جندب ، و كان يقسم السنة بين المصريين في الإقامة نصفاً بنصف و في سنة خمسين هذه اقتطع معاوية أفريقية عن معاوية بن خديج بمصر و ولى عقبة بن نافع الفهري و كان مقيماً ببرقة و زويلة من وقت فتحها أيام عمرو بن العاص ، فأمده بعشرة آلاف فسار إليها و انضاف إليه من أسلم من البربر ، و دوخ البلاد و بنى بالقيروان ، و أنزل عساكر المسلمين ثم استعمل معاوية على مصر و أفريقية مولاه أبا المهاجر ، فاساء عزل عقبة ، و جاء عقبة إلى الشام فاعتذر إليه معاوية و وعده بعمله و مات معاوية فولاه يزيد سنة إثنتين و ستين . و ذكر الواقدي أن عقبة ولي سنة إثنتين و ستين و استعمل أبا المهاجر فولى الأمصار ، فحبس عقبة و ضيق عليه و أمره يزيد بإطلاق فوفد عقبة فأعاده إلى عمله . فحبس أبا المهاجر و خرج غازياً و أثخن حتى قتله كسيلة كما يأتي في سنة إحدى و خمسين ولى زياد على خراسان الربيع بن زياد الحرث مكان خليد بن عبد الله الحنفي و في سنة ثلاث و خمسين توفي زياد يزيد و استخلف على البصرة سمرة بن جندب و على الكوفة عبد الله خالد بن أسيد . ثم ولى الضحاك بن قيس سنة خمس بعدها و في هذه السنة مات الربيع بن زياد عامل خراسان قبل موت زياد و استخلفه ابنه عبد الله و مات لشهرين و استخلف خليد بن يربوع الحنفي و كان على صفا بيروز الديلمي من قبل معاوية فمات سنة ثلاث و خمسين و في سنة أربع و خمسين عزل معاوية عن المدينة سعيد بن العاص ورد إليها مروان بن الحكم ثم عزله سنة سبعة و ولى مكانه الوليد بن عقبة بن أبي سفيان و عزل سنة تسعة و خمسين عن البصرة ابن جندب و ولى مكانه عبد الله بن عمر بن غيلان ، و ولى على خراسان عبيد الله بن زياد ثم ولاه سنة خمس بعدها على البصرة مكان بن غيلان ثم ولى على خراسان سنة ستة و خمسين سعيد بن عثمان بن عفان و في سنة ثمانية و خمسين عزل معاوية عن الكوفة الضحاك بن قيس و استعمل مكانه ابن أم الحكم و هي أخته ، و هو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، و طرده أهل الكوفة فولاه مصر فرده معاوية بن خديج و ولى مكانه على الكوفة سنة تسعة و خمسين النعمان بن بشير وولى فيها على خراسان عبد الرحمن بن زياد فقدم إليها قيس بن الهيثم السلمي فحبس أسلم بن زرعة فأغرمه ثلثمائة ألف درهم . ثم مات معاوية سنة ستين و ولاته على النواحي من ذكرناه و على سجستان عباد بن زياد و على كرمان شريك بن الأعور و عزل يزيد لأول وليته الوليد بن عقبة عن المدينة و الحجاز و ولاها عمر بن سعيد الأشدق ثم عزله سنة إحدى و ستين ، و رد الوليد بن عقبة و ولى على خراسان سالم بن زياد ، فبعث سالم إليها الحرث بن معاوية الحرثي و بعث أخاه يزيد إلى سجستان و كان بها أخوهما عباد عنهما . و قاتل يزيد أهل كابل فهزموه ، فبعث مسلم على سجستان طلحة الطلحات ، و هو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي فبقي سنة ، و بعث سنة إثنتين و ستين عقبة بن نافع إلى أفريقية فحبس أبا المهاجر ، و استخلف على القيروان زهير بن قيس البلوي كما نذكر في أخباره . و توفي في هذه السنة مسلمة بن مخلد الأنصاري أمير مصر . ثم هلك يزيد سنة أربع و ستين و استخلف على أهل العراق عبيد الله بن زياد . و ولى أهل البصرة عليهم عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب و يلقب ببة ، و هرب ابن زياد إلى الشام . و جاء إلى الكوفة عامر بن مسعود من قبل ابن الزبير و بلغه أهل الري و عليهم الفرخان فبعث عليهم محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب فهزموه ، فبعث عتاب بن ورقاء فهزمهم . ثم بويع مروان و سار إلى مصر فملكها من يد عبد الرحمن بن حجام القريشي داعية ابن الزبير و ولى عليها عمر بن سعيد ثم بعثه للقاء مصعب بن الزبير لما بعثه أخوه عبد الله إلى الشام ، و ولى على مصر ابنه عبد العزيز فلم يزل عليها والياً إلى أن هلك لسنة خمسة و ثمانين ، فولى عبد الملك عليها ابنه عبد الله بن عبد الملك . و خلع أهل خراسان بعد يزيد سالم بن زياد و استخلف المهلب بن أبي صفرة ، ثم ولى مسلم عبد الله بن حازم فاستبد بخراسان إلى حين . ثم خرج أهل الكوفة عمر بن حريث خلفة بن زياد و بايعوا لابن الزبير و قدم المختار بن أبي عبيد أميراً على الكوفة من قبله بعد ستة أشهر من مهلك يزيد ، و امتنع شريح من القضاء أيام الفتنة . و استعمل ابن الزبير على المدينة أخاه مصعباً سنة خمس و ستين مكان أخيه عبد الله و ثار بنو تميم بخراسان على عبد الله بن حازم فغلبه عليها بكير بن وشاح و غلب المختار على ابن مطيع عامل ابن الزبير بالكوفة سنة ست و ستين ثم مات مروان سنة خمس و ستين و ولي عبد الملك . و ولي ابن الزبير أخاه مصعباً على البصرة و ولي مكانه بالمدينة جابر بن الأسود بن عوف الزهري . ثم ملك عبد العزيز سنة إحدى و سبعين و استعمل على البصرة خالد بن عبد الله بن أسد و على الكوفة أخاه بشر بن مروان و كان على خراسان عبد الله بن حازم بدعوة ابن الزبير ، فقام بكير بن و شاح التميمي بدعوة عبد الملك و قتله . و ولاه عبد الملك خراسان . و كان على المدينة طلحة بن عبد الله بن عوف بدعوة ابن الزبير بعد جابر بن الأسود ، فبعث عبد الملك طارق بن عمر مولى عثمان فغلبه عليها . ثم قتل ابن الزبير سنة ثلاث و سبعين و انفرد عبد الملك بالخلافة و ولي على الجزيرة و أرمينية أخاه محمداً . و عزل خالد عن البصرة و ضمها إلى أخيه بشر فسار إليها و استخلف على الكوفة عمر بن حريث و ولى على الحجاز و اليمن و اليمامة الحجاج بن يوسف و بعثه من الكوفة لحرب ابن الزبير و عزل طارقاً عن المدينة و سار من جنده . و في سنة أربع و سبعين استقضى أبا إدريس الخولاني و أمر بشر أخاه أن يبعث المهلب بن أبي صفرة لحرب الأزارقة . و عزل عن خراسان بكير بن وشاح و ولى مكانه أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد فبعث أمية ابنه عبد الله على سجستان . و كان على أفريقية زهير بن قيس البلوي فقتله البربر سنة تسع و ستين . و شغل عبد الملك بفتنة ابن الزبير ، فلما فرغ منها بعث إلى أفريقية سنة أربع و سبعين حسان بن النعمان القيساني في عساكر لم ير مثلها ، فأثخن فيها و افترقت جموع الروم و البربر . و قتل الكاهنة كما يذكر في أخبار أفريقية ثم ولى عبد الملك سنة خمس و سبعين الحجاج بن يوسف على العراق فقط ، و ولى على السند سعيد بن أسلم بن زرعة و قتل في حروبها ، و كان أمر الخوارج و في سنة ست و سبعين ولي على المدينة أبان ابن عثمان و كان على قضاء الكوفة شريح و على قضاء البصرة زرارة بن أبي أوفى بعد هشام بن هبيرة و على قضاء المدينة عبد الله بن قشير بن مخرمة . ثم كانت حروب الخوارج كما نذكر في أخبارهم . و في سنة ثمان و سبعين عزل عبد الملك أمية بن عبد الله عن خراسان و سجستان و ضمهما إلى الحجاج بن يوسف ، فبعث الحجاج على خراسان المهلب بن أبي صفرة و على سجستان عبد الله بن أبي بكرة و ولى على قضاء البصرة موسى بن أنس و استعفى شريح بن الحرث من القضاء بالكوفة فولى مكانه أبا بردة بن أبي موسى ثم ولى على قضاء البصرة عبد الرحمن بن أذينة و خرج عبد الرحمن بن الأشعث فملك سجستان و كرمان و فارس و البصرة ثم قتل و رجعت إلى حالها ، و ذلك سنة إحدى و ثمانين . و في سنة إثنتين و ثمانين مات المهلب بن أبي صفرة و استخلف ابنه يزيد على خراسان فأقره الحجاج . و في هذه السنة عزل عبد الملك أبان بن عثمان عن المدينة و ولى مكانه هشام بن إسمعيل المخزومي فعزل هشام نوفل ابن مساحق عن القضاء و ولي مكانه عمر بن خالد الزرقي . و بنى الحجاج مدينة واسط . و في سنة خمس و ثمانين عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان و ولى مكانه هشام أخاه المفضل قليلاً ثم قتيبة بن مسلم و توفي عبد الملك . و عزل الوليد لأول
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
ولايته هشام بن إسمعيل عن المدينة و ولى مكانه عمر بن عبد العزيز فولى على القضاء أبا بكر بن عمر بن حزم و ولى الحجاج على البصرة الجراح بن عبد الله الحكمي و ولى على قضائها عبد الله بن أذينة و على قضاء الكوفة أبا بكر بن أبي موسى الأشعري . و في سنة تسع و ثمانين ولى الوليد على مكة خالد بن عبد الله القسري و كان على ثغر السند محمد بن القاسم بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي و هو ابن عم الحجاج . ففتح السند و قتل ملكه ، و كان على مصر عبد الله بن عبد الملك ولاه عليها أبوه ففل ملكها . فعزله الوليد في هذه السنة و ولىمكانه قرة بن شريك ، و عزل خالداً عن الحجاز و ولى عمر بن عبد العزيز . و في سنة إحدى و تسعين عزل الوليد عمه محمد بن مروان عن الجزيرة و أرمينية و ولى مكانه أخاه مسلمة بن عبد الملك و كان على طندة في قاصية المغرب بن زياد عاملاً لمولاه موسى بن نصير عامل الوليد بالقيروان فأجاز البلاد و البحر إلى بلاد الأندلس و افتتحها سنة إثنتين و تسعين كما يذكر في أخبارها ، و في سنة ثلاث و تسعين عزل بن عبد العزيز عن الحجاز و ولى مكانه خالد بن عبد الله على مكة و عثمان بن حيان على المدينة . و مات الحجاج سنة خمس و تسعين ثم مات الوليد سنة ست وتسعين و فيها قتل قتيبة بن مسلم لانتقاضه على سليمان و ولاها سليمان يزيد المهلب وفيها مات قرة بن شريك و كان على المدينة أبو بكر بن محمد بن عمر بن حزم و على مكة عبد العزيز بن عبد الله ابن خالد بن أسيد و على قضاء الكوفة أبو بكر بن موسى و على قضاء البصرة عبد الرحمن بن أذينة و في سنة سبع و تسعين عزل سليمان بن موسى بن نصير عن أفريقية و ولى مكانه محمد بن يزيد القرشي حتى مات سليمان فعزل و استعمل عمر مكانه إسمعيل بن عبد الله و في سنة ثمان و تسعين كان فتح طبرستان و جرجان أيام سليمان بن عبد الملك على يد يزيد اين المهلب و في سنة تسع و تسعين استعمل عمر ابن عبد العزيز على البصرة عدي بن أطأة الفزاري ، و أمره بإنقاذ يزيد بن المهلب موثوقاً على القضاء الحسن بن أبي الحسن البصري ثم أياس بن معاوية و على الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب . و ولى على المدينة عبد العزيز بن أرطأة و ولى على خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي . ثم عزل سنة مائة و ولى عبد الرحمن بن نعيم القريشي و ولى على الجزيرة عمر بن هبيرة الفزاري ، و على أفريقية إسمعيل بن عبد الله مولى بني مخزوم و على الأندلس السمح بن مالك الخولاني . ثم في سنة إحدى و مائة عزل إسمعيل عن أفريقية و ولاها يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج ، فلم يزل عليها إلى أن قتل . و في سنة إثنتين و مائة ولي يزيد بن عبد الملك أخاته مسلمة على العراق و خراسان فولى على خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحرث ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية و يقال له سعيد خدينة . ثم استحيا من مسلمة في أمر الجراح فعزله و ولى مكانه ابن يزيد بن هبيرة ، فجعل على قضاء الكوفة القاسم ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، و على قضاء البصرى عبد الملك بن يعلى . و كان على مصر أسامة بن زيد ، وليها بعد قرة بن شريك و ولى ابن هبيرة على خراسان سعيداً الحريشي مكان حذيفة . و في سنة ثلاث و مائة جمع يزيد مكة و المديبة لعبد الرحمن بن الضحاك ، و عزل عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عن مكة و عن الطائف و ولى مكانه على الطائف عبد الواحد بن عبد الله البصري . و في سنة أربع و مائة ولى يزيد على أرمينية الجراح بن عبد الله الحكمي و عزل عبد الرحمن بن الضحاك عن مكة و المدينة لثلاث سنين من ولايته ، و ولى عليهما مكانه عبد الواحد النصري و عزل هبيرة سعيد الحريشي عن خراسان و ولى عليها مسلم بن سعيد ابن أسلم بن زرعة الكلابي ، و لى على قضاء الكوفة الحسين بن حسين الكندي . و مات يزيد بن عبد الملك سنة خمس و ولي هشام فعزل ابن هبيرة عن العراق و ولى مكانه خالد بن عبد الله القسري ، و استعمل خالد على خراسان أخاه أسداً سنة سبع و مائة . و عزل مسلم بن سعيد و ولى على البصرة عقبة بن عبد الأعلى ، و على قضائها ثمامة بن عبد الله بن أنس . و ولى على السند الجنيد بن عبد الرحمن . و استعمل هشام على الموصل الحر بن يوسف ، و عزل عبد الواحد النصري عن الحجاز ، و ولى مكانه إبراهيم بن هشام بن إسمعيل المخزومي ، و استتقضى بالمدينة محمد بن صفوان الجمحي ، ثم عزله و استقصى الصلت الكندي . و عزل الجراح بن عبد الله عن أرمينية و أذربيجان و ولى مكانه أخاه مسلمة ، فولى عليها الحرث ابن عمر الطائي . و كان على اليمن سنة ثمان يوسف بن عمر ، و في سنة تسع عزل سنة تسع عزل خالد أخاه أسداً عن خراسان و ولى هشام عليها أشرس بن عبد الله السلمي ، و أمره أن يكاتب خالداً بعد أن كان خالد ولى الكم بن عوانة الكلبي مكان أخيه ، فلم يقر فعزله هشام . و مات في سنة تسع عامل القيروان بشر بن صفوان ، فولى هشام مكانه عبيدة بن عبد الرحمن بن الأغر السلمي فعزله عبيدة يحيى بن سلمة الكلبي عن الأندلس ، استعمل حذيفة بن الأخوص الأشجعي . ثم عزل لستة أشهر و وليها عثمان بن أبي نسعة الخثعمي و في سنة عشر و مائة جمع خالد الصلاة و الأحداث و الشرط و القضاء بالبصرة لبلال بن أبي بردة و عزل تمامة عن القضاء . و في سنة إحدى عشرة عزل هشام عن خراسان أشرس بن عبد الله و ولى مكانه الجنيد بن عبد الرحمن بن الحرث بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة المري و ولى على أرمينية الجراح بن عبد الله الحكمي و عزل مسلمة . و فيها عزل عبيدة بن عبد الرحمن عامل أفريقية و عثمان بن أبي تسعة عن الأندلس ، و ولى مكانه الهيثم بن عبيد الكناني . و في سنة اثنتي عشرة قتل الجراح بن عبد الله صاحب أرمينية قتله التركمان ، فولى هشام مكانه سعيداً الحريشي . و مات الهيثم عامل الأندلس و ولوا على أنفسهم مكانه محمد بن عبد الله الأشجعي شهرين و بعده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي من قبيل ابن عبد الرحمن السلمي عامل أفريقية . و غزا إفرنجة فاستشهد ، فولى عبيدة مكانه عبد الملك بن
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
قطن الفهري و عزل عبيدة عن إفريقية و ولى مكانه عبيد الله بن الحجاب ، و كان على مصر فسار إليها . و في سنة أربع عشرة عزل هشام مسلمة عن أرمينية و ولى مكانه مروان بن محمد بن مروان . و عزل إبراهيم بن هشام عن الحجاز و ولى مكانه على المدينة خالد بن عبد الملك بن الحرث بن الحكم ، وعلى مكة و الطائف محمد بن هشام المخزومي . و في سنة ست عشرة و مائة عزل هشام الجنيد بن عبد الرحمن المري عن خراسان و ولى مكانه عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي . و فيها استعمل عبد الله بن الحجاب على الأندلس عقبة بن الحجاج القيسي مكان عبد الملك بن قطن ففتح خليتيه و في سنة سبع و مائة عزل هشام عاصم بن عبد الله عن خراسان و ولى مكانه خالد بن عبد الله القسري فاستخلف خالد أخاه أسداً . و ولى هشام على أفريقية و الأندلس عبيد الله بن الحجاب و كان على مصر فسار إليها و استخلف على مصر ولده و ولى على الأندلس عقبة بن الحجاج و على طنجة ابنه إسمعيل و بعث حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع غازياً إلى المغرب ، فبلغ السوس الأقصى و أرض السودان و فتح و غنم . و أغزاه إلى صقلية و عشرين و مائة ففتح سنة اثنتين و عشرين و مائة ففتح اأثرها ثم و استدعاه لفتنة ميسرة كما نذكره في أخبارهم و في سنة ثمان عشرة عزل هشام عن المدينة خالد بن عبد الملك بن الحرث و ولى مكانه محمد بن هشام بن إسمعيل . و في سنة عشرين مات أسد بن عبد الله الخراساني و ولي مكانه نصر بن سيار . و عزل هشام خالد القسري عن جميع أعماله بالعراقين و خراسان و ولى مكانه يوسف بن عمر الثقفي استقدمه إليها من ولاية اليمن ، فأقر نصر بن سيار على خراسان ، و كان على قضاء الكوفة ابن شرمة و على قضاء البصرة عامر بن عبيدة و ولى يوسف بن عمر بن شرمة على سجستان و استقضى مكانه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى . و كان على قضاء البصرة اياس بن معاوية بن قرة فمات في هذه السنة و في سنة ثلاث و عشرين قتل كلثوم بن عياض الذي حثه هشام لقتال البربر بالمغرب و توفي عقبة بن الحجاج أمير الأندلس و قيل بل خلعوه ، و ولى مكانه عبد الملك بن قطن ولايته الثانية كما يذكر . و في سنة أربع و عشرين ظهر أمر أبي مسلم بخراسان . و تلقب بلخ على الأندلس ثم مات و كان سار إليها من فل كلثوم بن عياض لما قتله البربر بالمغرب و ولى هشام على الأندلس أبا الخطار حسام بن ضرار الكلبي فأمر حنظلة بن صفوان أن يوليه فولاه و كان ثعلبة بن خزامة سلامة الجرابي قد ولوه بعد بلخ فعزله أبو الخطار . و في هذه السنة ولى الوليد بن يزيد خالد بن يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي على الحجاز فأسره ثم قتل الوليد سنة ست و عشرين فعزل يزيد عن العراق يوسف بن عمر و ولى مكانه منصور ابن جمهور ، فبعث عامله على خراسان فامتنع نصر بن سيار من تسليم العمل له . ثم عزل يزيد منصور بن جمهور و ولى مكانه على العراق عبد الله بن عمر ابن عبد العزيز ، و غلب حنظلة على إفريقية عبد الرحمن بن حبيب كما يذكر في خبرها . و عزل يزيد عن المدينة يوسف بن محمد بن يوسف ، و ولى مكانه عبد العزيز ابن عمر بن عثمان ، و غلب سنة سبع و عشرين عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر على الكوفة ، و ولى مروان على الحجاز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، و على العراق النضر بن سعيد الحريشي . و امتنع ابن عمر من استلام العمل إليه و وقعت الفتنة بينهم . و لحق ابن عمر بالخوارج كما يذكر في أخبارهم و استولى بنو العباس على خراسان . و في سنة تسع و عشرين ولي يوسف بن عبد الرحمن الفهري على الأندلس بعد نوابة بن سلامة كما ياتي في أخبارهم . و ولى مروان على الحجاز عبد الواحد و على العراق يزيد بن عمر بن هبيرة و في سنة ثلاثين ملك أبو مسلم خراسان و هرب عنها نصر بن سيار فمات بنواحي همذان سنة إحدى و ثلاثين و جاء المسودة عليهم قحطبة ابن هبيرة على العراق و ملكوه و بايعوا خليفتهم أبا العباس السفاح . ثم غلبوا مروان على الشام و مصر و قتلوه . و انقرض أمر بني أمية و عاد الأمر و الخلافة لبني العباس و الملك لله يؤتيه من يشاء من عباده و هذه أخبار بني أمية مخلصة من كتاب أبي جعفر الطبري و لنرجع إلى أخبار الخوارج كما شرطنا في أخبارها بالذكر ، و الله المعين لا رب غيره .
الخبر عن الخوارج و ذكر أوليتهم و تكرر خروجهم في الملة الإسلاميةقد تقدم لنا خبر الحكمين في حرب صفين و اعتزل الخوارج علياً منكرين لتحكيم مكفرين به و لاطفهم في الرجوع عن ذلك و ناظرهم فيه بوجه الحق فلجوا و أبوا إلا الحرب و جعلوا أشعارهم النداء بلا حكم إلا لله و بايعوا عبد الله ابن وهب الراسبي و قاتلهم علي بالنهروان فإستحلمهم أجمعين ثم خرج من فلهم طائفة بالأنبار فبعث إليهم من استلحمهم ثم طويفة أخرى مع الهلال بن علية فبعث معقل قيس فقتلهم . ثم أخرى ثالثة كذلك ، ثم أخرى على المدائن كذلك ، ثم أخرى بشهرزور كذلك ، و بعث شريح بن هانيء فهزموه فجرح و استلحمهم أجمعين ، و استأمن من بقي فأمنهم و كانوا نحو خمسين . و افترق شمل الخوارج ثم اجتمع من وجدانهم الثلاثة الذين توعدوا لقتل علي و معاوية و عمرو بن العاص ، فقتل بالسهم عبد الرحمن بن ملجم علياً رضى الله عنه بإثمه و سلم الباقون ، ثم اتفقت الجماعة على بيعة معاوية سنة إحدى و أربعين و استقل معاوية بخلافة الإسلام . و قد كان فروة بن نوفل الأشجعي اعتزل علياً و الحسن و نزل شهرزور و هو في خمسمائة من الخوارج فلما بويع معاوية قال فروة لأصحابه : قد جاء الحق فجاهدوا و أقبلوا فنزلوا النخيلة عند الكوفة فاستنفر معاوية أهل الكوفة فخرجوا لقتالهم ، و سألوا أهل الكوفة أن يخلوا بينهم و بين معاوية فأبوا فاجتمعت أشجع على فروة و أتوا له من القتال و دخلوا الكوفة قهرا و استعمل الخوارج بعده عبد الله بن أبي الحريشي من طيء و قاتلوا أهل الكوفة فقاتلوا و ابن أبي الحريشي معهم ثم
الخبر عن الخوارج و ذكر أوليتهم و تكرر خروجهم في الملة الإسلاميةقد تقدم لنا خبر الحكمين في حرب صفين و اعتزل الخوارج علياً منكرين لتحكيم مكفرين به و لاطفهم في الرجوع عن ذلك و ناظرهم فيه بوجه الحق فلجوا و أبوا إلا الحرب و جعلوا أشعارهم النداء بلا حكم إلا لله و بايعوا عبد الله ابن وهب الراسبي و قاتلهم علي بالنهروان فإستحلمهم أجمعين ثم خرج من فلهم طائفة بالأنبار فبعث إليهم من استلحمهم ثم طويفة أخرى مع الهلال بن علية فبعث معقل قيس فقتلهم . ثم أخرى ثالثة كذلك ، ثم أخرى على المدائن كذلك ، ثم أخرى بشهرزور كذلك ، و بعث شريح بن هانيء فهزموه فجرح و استلحمهم أجمعين ، و استأمن من بقي فأمنهم و كانوا نحو خمسين . و افترق شمل الخوارج ثم اجتمع من وجدانهم الثلاثة الذين توعدوا لقتل علي و معاوية و عمرو بن العاص ، فقتل بالسهم عبد الرحمن بن ملجم علياً رضى الله عنه بإثمه و سلم الباقون ، ثم اتفقت الجماعة على بيعة معاوية سنة إحدى و أربعين و استقل معاوية بخلافة الإسلام . و قد كان فروة بن نوفل الأشجعي اعتزل علياً و الحسن و نزل شهرزور و هو في خمسمائة من الخوارج فلما بويع معاوية قال فروة لأصحابه : قد جاء الحق فجاهدوا و أقبلوا فنزلوا النخيلة عند الكوفة فاستنفر معاوية أهل الكوفة فخرجوا لقتالهم ، و سألوا أهل الكوفة أن يخلوا بينهم و بين معاوية فأبوا فاجتمعت أشجع على فروة و أتوا له من القتال و دخلوا الكوفة قهرا و استعمل الخوارج بعده عبد الله بن أبي الحريشي من طيء و قاتلوا أهل الكوفة فقاتلوا و ابن أبي الحريشي معهم ثم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
اجتمعوا بعده على حوثرة بن و داع الأسدي و قدموا إلى النخيلة في مائة و خمسين و معهم فل ابن أبي الحريشي . و بعث معاوية إلى حوثرة أباه ليرده عن شأنه فأبى ، فبعث إليهم عبد الله بن عوف في معسكر فقتله و قتل أصحابه إلا خمسين دخلوا الكوفة و تفرقوا فيها ، و ذلك في جمادى الأخيرة سنة إحدى و أربعين . و سار معاوية إلى الشام و خلف المغيرة بن شعبة فعاد فروة ابن نوفل الأشجعي إلى الخروج فبعث إليه المغيرة خيلاً عليها ابن ربعي و يقال معقل ابن قيس فلقيه بشهرزور فقتله ثم بعث المغيرة إلى شبيب بن أبجر من قتله ، و كان من أصحاب ابن ملجم و هو الذي أتى معاوية يبشره بقتل علي فخافه على نفسه و أمر بقتله فتنكر بنواحي الكوفة إلى أن بعث المغيرة من قتله ثم بلغ المغيرة أن بعضهم يريد الخروج و ذكر له معن بن عبد الله المحاربي فحبسه ثم طالبه بالبيعة لمعاوية فأبى فقتله . ثم خرج على المغيرة أبو مريم مولى بني الحرث بن كعب فأخرج معه النساء ، فبعث المغيرة من قتله و أصحابه ثم حكم أبو ليلى في المسجد بمشهد الناس و خرج في إثنين من الموالي فأتبعه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله بسور الكوفة سنة إثنتين و أربعين ثم خرج على ابن عامر في البصرة سهم بن غانم الجهني في سبعين رجلاً منهم الحطيم و هو يزيد بن حالك الباهلي ، و نزلوا بين الجسرين و البصرة و مر بهم بعض الصحابة منقلباً من الغزو فقتلوا و قتلوا إبنه و ابن أخيه ، و قالوا : هؤلاء كفرة و خرج إليهم ابن عامر فقتل منهم عدة و أمن باقيهم و لما أتى زياد البصرة سنة خمس و أربعين هرب منهم الحطيم إلى الأهواز و جمع و رجع إلى البصرة فافترق عنه أصحابه فاختفى و طلب الأمان من زياد فلم يؤمنه ثم دل عليه فقتله و صلبه بداره . و قيل بل فتله عبد الله بعد زياد سنة أربع و خمسين . ثم اجتمع الخوارج بالكوفة على المستورد بن عقلة التميمي من تيم الرباب و على حيان بن ضبيان السلمي و على معاذ بن جوين الطائي . و كلهم من فل النهروان الذين ارتموا في القتلى و دخلوا الكوفة بعد مقتل علي و اجتمعوا في أربعمائة في منزل حيان بن ضبيان و تشاوروا في الخروج ، و تدافعوا الإمارة . ثم اتفقوا على المستورد و بايعوه في جمادى الأخيرة و كبسهم المغيرة في منزلهم فسجن حيان و أفلت المستورد فنزل الحيرة و اختلف إليه الخوارج . و بلغ المغيرة خبرهم فخطب الناس و تهدد الخوارج فقام إليه معقل بن قيس فقال : ليكفك كل رئيس قومه . و جاء صعصعة بن صوحان إلى عبد القيس و كان عالماً بمنزلهم عند سليم بن مخدوج العبدي إلا أنه لا يسلم عشرته ، فخرجوا و لحقوا بالصراة في ثلثمائة فجهز إليهم معقل بن قيس في ثلاثة آلاف و جعل معظمهم من شيعة علي ، و خرج معقل في الشيعة و جاء الخوارج ليعبروا النهر إلى المدائن فمنعهم عاملها سمال بن عبد العبسي و دعاهم إلى الطاعة على الأمان فأبوا فساروا إلى المذار . و بلغ ابن عامر بالبصرة خبرهم فبعث شريك بن الأعور الحارثي في ثلاثة آلاف من الشيعة و جاء معقل بن قيس إلى المدائن و قد ساروا إلى المذار ، فقدم بين يديه أبا الرواع الشاكري في ثلثمائة ، و سار و لحقهم أبو الرواع بالمذار فقاتلهم . ثم لحقه معقل بن قيس متقدماً أصحابه عند المساء فحملت الخوارج عليه فثبت و باتوا على تعبية ، و جاء الخبر الخوارج بنهوض شريك بن الأعوار من البصرة فأسروا من ليلتهم راجعين و أصبح معقل و اجتمع بشريك و بعث أبا الرواع في أتباعهم في ستمائة فلحقهم بجرجان فقاتلهم فهزمهم إلى ساباط و هو في اتباعهم . و رأى المستورد أن هؤلاء مع أبي الرواع حماة أصحاب معقل فتسرب عنهم إلى معقل و أبو الرواع في اتباعه و لما لحق بمعقل قاتلهم قتالاً و أدركهم أبو الرواع بعد أن لقي كثيراً من أصحاب معقل منهزمين فردهم و اقتتلوا قتالاً شديداً ، و قتل المستورد معقلاً طعنة بالرمح فانفذه و تقدم معقل و الرمح فيه إلى المستورد فقسم دماغه بالسيف و ماتا جميعاً . و أخذ الراية عمر بن محرز بن شهاب التميمي بعهد معقل بذلك . ثم حمل الناس على الخوارج فقتلوهم و لم ينج منهم إلا خمسة أو ستة . و عند ابن الكلبي أن المستورد من تيم من بني رباح . خرج بالبصرة أيام زياد قريب الأزدى و رجاف الطائي ابنا الخالة ، و على البصرة سمرة بن جندب و قتلوا بعض بني ضبة فخرج عليهم شبان من بني علي و بني راسب فرموهم بالنبل ، و قتل قريب و جاء عبد الله بن أوس الطائي برأسه و اشتد زياد في أمر الخوارج و سمرة و قتلوا منهم خلقاً . ثم خرج سنة إثنتين و خمسين على زياد بن حراش العجلي في ثلثمائة بالسواد فبعث إليهم زياد سعد بن حذيفة في خيل فقتلوهم ، و خرج أيضاً أصحاب المستورد حيان بن ضبيان و معاذ من طيء فبعث إليهما من قتلهما و أصحابهما . و قيل بل استأمنوا و افترقوا . ثم اجتمع بالبصرة سنة ثمان و خمسين سبعون رجلاً من الخوارج من عبد القيس و بايعوا طواف بن على أن يفتكوا بابن زياد ، و كان سبب ذلك أن ابن زياد حبس جماعة من الخوارج بالبصرة و حملهم على قتل بعضهم بعضاً و خلى سبيل القاتلين ففعلوا و أطلقهم ، و كان منهم طواف ثم ندموا و عرضوا على أولياء المقتولين القود و الدية فأبوا ، و أفتاهم بعض علماء الخوارج بالجهاد لقوله تعالى : " ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا " الآية ، فاجتمعوا للخروج كما قلنا . و سعى بهم إلى ابن زياد فاستعجلوا الخروج و قتلوا رجلاً و مضوا إلى الجلحاء كما قلنا ، فندب ابن زياد الشرط و المحاربة فقاتلوهم ، فانهزم الشرط أولا ثم كثرهم الناس فقتلوا عن آخرهم .و اشتد ابن زياد على الخوارج و قتل منهم جماعة كثيرة منهم : عروة بن أدبة أخو مرداس و أدبة أمهما و أبوهما جرير بن تميم . و كان وقف على ابن زياد يوماً يعظه فقال أتبنون بكل ريع آية تعبثون الآيات ؟ فظن ابن زياد أن معه غيره فأخذه و قطعه و قتل إبنيه . و كان أخوه مرداس من عظمائهم و عبادهم و ممن شهد النهروان بالاستعراض و يحرم خروج النساء و لا يرى بقتال من لا يقاتله . و كانت إمرأته من العابدات من بني يربوع و أخذها ابن زياد فقطعها . و ألح ابن زياد في طلب الخوارج و قتلهم و خلى سبيل مرداس من بينهم لما
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
وصف له من عبادته ، ثم خاف فخرج إلى الأهواز و كان يأخذ مال المسلمين إذا مر به فيعطي منه أصحابه و يرد الباقي . و بعث ابن زياد إليهم أسلم بن زرعة الكلابي في الغي رجل و دعاهم إلى معاودة الجماعة فأبوا و قاتلوهم فهزموا أسلم و أصحابه فسرح إليهم ابن زياد عباد بن علقمة المازني . و لحقهم بتوج و هم يصلون فقتلهم أجمعين ما بين راكع و ساجد لم يتغيروا عن حالهم و رجع إلى البصرة برأس أبي بلال مرداس فرصده عبيدة بن هلال في ثلاثة نفر عند قصر الإمارة ليستفتيه فقتلوه و اجتمع عليهم الناس فقتلوه منهم و كان على البصرة عبيد الله بن أبي بكرة فأمره زياد بتتبع الخوارج إلى أن تقدم فحبسهم ، و أخذ الكفلاء على بعضهم و أتى بعروة بن أدبة فقال أنا كفيلك و أطلقه . و لما جاء ابن زياد قتل المحبوسين منهم و المكفولين ، و طالب ابن أبي بكرة بعروة بن أدبة فبحث عنه حتى ظفر به و جاء به إلى ابن زياد فقطعه و صلبه سنة ثمان و خمسين . ثم مات يزيد و استفحل أمر ابن الزبير بمكة و كان الخوارج لما اشتد عليهم ابن زياد بعد قتل أبي بلال مرداس أشار عليهم نافع بن الأزرق منهم باللحاق بابن الزبير لجهاد عساكر يزيد لما ساروا إليه قالوا : و إن لم يكن على رأينا داحضاً عن البيت و قاموا يقاتلون معه فلما مات يزيد و انصرفت العساكر كشفوا عن رأي ابن الزبير فيهم و جاؤه يرمون من عثمان و يتبرؤن منه فصرح بمخالفتهم . و قال بعد خطبة طويلة أثنى فيها على الشيخين و علي و عثمان و اعتذر عنه فيما يزعمون ، و قال : أشهدكم و من حضرني أني ولي لابن عفان و عدو لأعدائه قالوا : فبرئ الله منك قال بل برئ الله منكم فافترقوا عنه . و أقبل نافع بن الأزرق الحنظلي و عبد الله بن صفار السعدي و عبد الله بن أباض ، و حنظلة بن بيهس و بنو الماخور : عبد الله و عبيد الله و الزبير من بني سليط بن يربوع و كلهم من تميم ، حتى أتوا البصرة و انطلق أبو طالوت عن بني بكر من وائل و أبو فديك عبد الله بن نور بن قيس ابن ثعلبة و عطية بن الأسود اليشكري إلى اليمامة فوثبوا بها مع أبي طالوت . ثم تركوه و مالوا عنه إلى نجدة ابن عامر الحنفي . و من هنا افترقت الخوارج على أربع فرق : الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق الحنظلي و كان رأيه البراءة من سائرة المسلمين و تكفيرهم و الاستعراض و قتل الأطفال و استحلال الأمانة لأنه يراهم كفاراً . و الفرقة الثانية النجدية و هم بخلاف الأزارقة في ذلك كله . و الفرقة الثالثة الإباضية أصحاب عبد الله بن إباض المري و هم يرون أن المسلمين كلهم يحكم لهم بحكم المنافقين فلا ينتهون إلى الرأي الأول و لا ينفقون عند الثاني و لا يحرمون مناكحة المسلمين و لا موارثتهم و لا المنافقين فيهم و هم عندهم كالمنافقين ، و قول هؤلاء أقرب إلى السنة و من هؤلاء البيهسية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبعي . و الفرقة الرابعة الصفرية و هم موافقون للإباضية إلا في العقد فإن الإباضية أشد على العقدة منهم . و ربما اختلف هذه الآراء من بعد ذلك و اختلف في تسمية الصفرية فقيل نسبوا إلى ابن صفار و قيل اصفروا بما نهكتم العبادة و كانت الخوارج من قبل هذا الافتراق على رأي واحد لا يختلفون إلا في الشاذ من الفروع . و في أصل اختلافهم هذا مكاتبات بين نافع بن الأزرق و أبي بيهس و عبد الله بن إباض ذكرها المبرد في كتاب الكامل فلينظر هناك ، و لما جاء نافع إلى نواحي البصرة سنة أربع و ستين فأقام بالأهواز يتعرض الناس و كان على البصرة عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب ، فسرح إليه مسلم عبس بن كويز بن ربيعة من أهل البصرة بإشارة الأحنف ابن قيس ، فدافعه عن نواحي البصرة و قاتله بالأهواز ، على ميمنة مسلم الحجاج بن باب الحميري ، و على ميسرته بن بدر العدابي ، و على ميمنة ابن الأزرق عبيدة بن هلال و على ميسرته الزبير بن الماخور التميمي . فقتل مسلم ثم قتل نافع فأمر أهل البصرة عليهم الحجاج بن باب و الخوارج عبد الله بن الماخور ثم قتل الحجاج ، و عبد الله فأمر أهل البصرة ربيعة بن الأخدم و الخوارج عبيد الله بن الماخور . ثم اقتتلوا حتى أمسوا ، و جاء إلى الخوارج مدد فحملوا على أهل البصرة فهزمهم و قتل ربيعة و ولوا مكانه حارثة بن بدر فقاتل و ردهم على الأعقاب و نزل الأهواز . ثم عزل عن البصرة عبد الله بن الحرث و بعث ابن الزبير عليها الحرث القباع بن أبي ربيعة فزحف الخوارج إلى البصرة ، و أشار الأحنف بن قيس بتولية المهلب حروبهم ، و قد كان ابن الزبير ولاه خراسان ، فكتبوا لابن الزبير بذلك فأجاب ، و اشترطوا للمسلم ما سأل من ولاية ما غلب عليه ، و الإعانة بالأموال ، فاختار من الجند إثنتي عشر ألفاً و سار إليهم فدفعهم عن الجسر . و جاء حارثة بن بدر بمن كان معه في قتال الخوارج ، فردهم الحرث إلى المهلب و ركب حارثة البحر يريد البصرة فغرق في النهر . و سار المهلب و على مقدمته إبنه المغيرة فقاتلهم المقدمة و دفعوهم عن سوق الأهواز إلى مادر . و نزل المهلب بسولاف و قاتله الخوارج و صدقوا الحملة فكشفوا أصحاب المهلب ثم ترك من الغد قتالهم و قطع دجيل و نزل العقيل ثم ارتحل فنزل قريباً منهم و خندق عليه و أذكى العيون و الحرس . و جاء منهم عبيدة بن هلال و الزبير بن الماخور في بعض الليالي ليبيتوا عسكر المهلب فوجدوهم حذرين و خرج إليهم المهلب من الغد في تعبية و الأزد و تميم في ميمنته ، و بكر و عبد القيس في ميسرته ، و أهل العالية في القلب . و على ميمنة الخوارج عبيدة بن هلال اليشكري ، و على ميسرتهم الزبير بن الماخور و اقتتلوا و نزل الصبر . ثم شدوا على الناس فأجفل عسكر المهلب و انهزم و سبق المنهزمين إلى ربوة نادى فيهم فاجتمع له ثلاثة آلاف أكثرهم من الأزد ، فرجع بهم و قصد عسكر الخوارج و اشتد قتالهم و رموهم بالحجارة ، و قتل عبد الله بن الماخور و كثير منهم و انكفؤا راجعين إلى كرمان و ناحية أصبهان منهزمين ، و استحلفوا عليهم الزبير ابن الماخور و أقام المهلب بمكانه حتى جاء مصعب بن الزبير أميراً على البصرة و عزل المهلب . و أما نجدة و هو نجدة بن عامر بن عبد الله بن سيار بن مفرج الحنفي و كان مع نافع بن الأزرق ، فلما
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
افترقوا سار إلى اليمامة و دعا أبو طالوت إلى نفسه ، و هو من بكر بن وائل و تابعه نجدة و نهب الحضارم بلد بني حنيفة و كان فيها رقيق كثير يناهز أربعة آلاف فقسمها في أصحابه ، و ذلك سنة خمس و ستين . و اعترض عيراً من البحرين جاءت لابن الزبير فأخذها و جاء بها إلى أبي طالوت فقسمها بين أصحابه . ثم رأى الخوارج أن نجدة خير لهم من أبي طالوت فخالفوه و بايعوا نجدة و سار إلى بني كعب بن ربيعة فهزمهم و أثخن فيهم ، و رجع نجدة إلى اليمامة في ثلاثة آلاف ، ثم سار إلى البحرين سنة سبع و ستين فاجتمع أهل البحرين من عبد القيس و غيرهم على محاربته . و سالمته الأزد و التقوا بالعطيف فانهزمت عبد القيس و أثخن فيهم نجدة و أصحابه و أرسل سرية إلى الخط فظفروا بأهله . و لما قدم مصعب بن الزبير البصرة سنة تسع و ستين عبد الله بن عمر الليثي الأعور في عشرين ألفاً و نجدة بالعطيف فقاتلوهم و هزمهم نجدة و غنم ما في عسكرهم و بعث عطية بن الأسود الحنفي من الخوارج إلى عمان و بها عباد ابن عبد الله شيخ كبير فقاتله عطية فقتله و أقام أشهراً و سار عنها . و استخلف عليها بعض الخوارج فقتله أهل عمان و ولوا عليهم سعيداً و سليمان ابني عباد . ثم خالف عطية نجدة و جاء إلى عمان فامتنعت منه ، فركب البحر إلى كرمان و أرسل إليه المهلب جيشاً فهرب إلى سجستان ثم إلى السند فقتله خيل المهلب بقندابيل . ثم بعث نجدة العرفين إلى البوادي بعد هزيمة ابن عمير فقاتلوا بني تميم بكاظمة و أعانهم أهل طويلع فبعث نجدة من استباحهم و أخذ منهم الصدقة كرهاً . ثم سار إلى صنعاء فبايعوه و أخذ الصدقة من مخالفيها . ثم بعث أبا فديك إلى حضرموت فأخذ الصداقة منهم . و حج سنة ثمان و ستين في تسعمائة رجل و قيل في ألفين ، و وقف ناحية عن ابن الزبير على صلح عقد بينهما . ثم سار نجدة إلى المدينة و تأهبوا لقتاله ، فرجع إلى الطائف و أصاب بنتاً لعبد الله بن عمر بن عثمان فضمها إليه و امتحنه الخوارج بسؤاله بيعها فقال : قد أعتقت نصيبي منه . قالوا : فزوجها ، قال : هي أملك بنفسها ، و قد كرهت الزواج و لما قرب من الطائف جاءه عاصم بن عروة بن مسعود فبايعه عن قومه عليهم الخازرق و على يبانة و السراة . و ولى على ما يلي نجران سعد الطلائع ، و رجع إلى البحرين و قطع الميرة عن الحرمين . و كتب إليه ابن عباس أن ثمامة بن أشاك لما أسلم قطع الميرة عن مكة و هم مشركون ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أهل مكة أهل الله فلا تمنعهم الميرة فخلاها لهم ، و أنك قطعت الميرة و نحن مسلمون فخلاها لهم نجدة . ثم اختلف إليه أصحابه لأن أبا سنان حيي بن وائل أشار عليه بقتل من أطاعه تقية ، فانتهره نجدة و قال : إنما علينا أن نحكم بالظاهر . و أغضبه عطية في منازعة جرت بينهما على تفضيله لسرية البر على سرية البحر في الغنيمة فشتمه نجدة فغضب و سأله في درء الحد في الخمر عن رجل من شجعانهم فأبى ، كاتبه عبد الملك في الطاعة على أن يوليه اليمامة و يهدر له ما أصاب من الدماء فاتهموه في هذه المكاتبة و نقموا عليه أمثال هذه ، و فارقه عطية إلى عمان . ثم انحازوا عنه و ولوا أمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة و استخفى نجدة و ألح أبو فديك في طلبه و كان مستخفياً في قرية من قرى حجر . ثم نذر به فذهب إلى أخواله من تميم و أجمع المسير إلى عبد الملك ، فعلم به أبو فديك ، و جاءت سرية منهم و قاتلهم فقتلوه . و سخط قتله جماعة من أصحاب أبي فديك و اعتمده مسلم بن جبير فطعنه إثنتي عشرة طعنة و قتل مسلم لوقته ، و حمل أبو فديك إلى منزله ، ثم جاء مصعب إلى البصرة سنة ثمان و ستين والياً على العراقين عن أخيه ، و كان المهلب في حرب الأزارقة فأراد مصعب أن يوليه بلاد الموصل و الجزيرة و أرمينية ، ليكون بينه و بين عبد الملك فاستقدمه من فارس و ولاه ، و ولى على فارس و حرب الأزارقة عمر بن عبد الله بن معمر . و كان الخوارج قد ولوا عليهم بعد قتل عبد الله بن الماخور سنة خمس و ستين أخاه الزبير فجاؤا به إلى إصطخر ، و قدم عمر ابنه عبيد الله إليهم فقتلوه ثم قاتل الزبير عمر فهزمهم و قتل منهم سبعون . و فلق قطري بن الفجاءة و شتر صالح بن مخراق و ساروا إلى نيسابور ، فقاتلهم عمر بها و هزمهم ، فقصدوا أصبهان فاستحموا بها . ثم أقبلوا إلى فارس و تجنبوا عسكر عمر و مروا على ساجور ثم أرجان ، فأتوا الأهواز قاصدين العراق . و أغذ عمر السير في أثرهم ، و عسكر مصعب عند الجسر . فسار الزبير بالخوارج فقطع أرض صرصر و شن الغارة على أهل المدائن يقتلون الوالدان و الرجال ، و يبقرون بطون الحبالى ، و هرب صاحب المدائن عنها و انتهت جماعة منهم إلى الكرخ ، فقاتلهم أبو بكر بن مخنف فقتلوه و خرج أمير الكوفة و هو الحرث بن أبي ربيعة القباع حتى انتهى إلى الصراة و معه إبراهيم بن الأشتر و شبيب بن ريعي ، و أسماء بن خارجة و يزيد بن الحرث و محمد بن عمير ، و أشاروا عليه بعقد الجسر و العبور إليهم ، فانهزموا إلى المدائن . و أمر الحرث عبد الرحمن ابن مختف باتباعهم في ستة آلاف إلى حدود أرض الكوفة ، فانتهوا إلى الري و عليها يزيد بن الحرث بن دويم الشيباني و ما والاهم عليه أهل الري فهزموه و قتلوه . ثم انحطوا إلى أصبهان و بها عتاب بن ورقاء فحاصروه أشهراً و كان يقاتلهم على باب المدينة ثم دعا إلى الإستماتة في قتالهم فخرجوا و قاتلوهم ، و انهزمت الخوارج و قتل الزبير و احتووا على معسكرهم . ثم بايع الخوارج قطري بن الفجاءة المازني و يكني أبا نعامة و ارتحل بهم إلى كرمان حتى استجمعوا فرجعوا إلى أصبهان فامتنعت ، فأتوا الأهواز و قاموا ، و بعث مصعب إلى المهلب فرده إلى قتال الخوارج و ولى على الموصل و الجزيرة إبراهيم بن الأشتر ، و جاء المهلب فانتجعت الناس من البصرة و سار إلى الخوارج فلقيهم بسولاف و اقتتلوا ثمانية أشهر و بعث مصعب إلى عتاب بن ورقاء الرباحي عامل أصبهان بقتال أهل الري بما فعله في ابن دويم ، فسار إليهم و عليهم الفرخان فقاتلهم و افتتحها عنوة و قلاعها و عاث في نواحيها .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
خبر ابن الحر و مقتله
كان عبيد الله بن الحر الجعفي من خيار قومه صلاحاً و فضلاً . و لما قتل عثمان حزن عليه ، و كان مع معاوية على علي ، و كانت له زوجة بالكوفة فتزوجت لطول مغيبه . فأقبل من الشام و خاصم زوجها إلى علي فعدد عليه شهوده صفين فقال : أيمنعني ذلك من عدلك ؟ قال : لا ورد إليه إمرأته . فرجع إلى الشام و جاء إلى الكوفة بعد مقتل علي و لقي إخوانه و تفاوضوا في النكير على علي و معاوية . و لما قتل الحسين تغيب على ملحمته و سأل عنه ابن زياد فلم يره . ثم لقيه فأساء عذله ، و عرض له بالكون مع عدوه فأنكر و خرج مغضباً . و راجع ابن زياد رأيه فيه فطلبه فلم يجده فبعث عنه فامتنع ، و قال : أبلغوه أني لا آتيه طائعاً أبداً و أتى منزل أحمد بن زياد الطائي فاجتمع إليه أصحابه ، و خرج إلى المدائن . و مضى لمصارع الحسين و أصحابه فاستغفر لهم ، و لما مات يزيد وقعت الفتنة اجتمع إليه أصحابه و خرج بنواحي المدائن ، و لم يعترض للقتل و لا للمال ، إنما كان يأخذ مال السلطان متى لقيه فيأخذ منه عطاء أصحابه و يرد الباقي و يأخذ لصاحب المال بما أخذ . و حبس المختار إمرأته بالكوفة و جاء فأخرجها من الحبس و أخرج كل من فيه و أراد . المختار أن يسطو به فمنعه إبراهيم محمد الأشتر إلى الموصل لقتال ابن زياد . ثم فارقه و لم يشهد معه و شهد مع مصعب قتال المختار و قتله . ثم أغرى به مصعب فحبسه و شفع فيه رجال من وجوه مذحج فشفعهم و أطلقه ، و أتى إليه الناس يهنؤنه فصرح بأن أحداً لا يستحق بعد الأربعة و لا يحل أن يعقد لهم بيعة في أعناقنا ، فليس لهم علينا من الفضل ما يستحقنه به ذلك ، و كلهم عاص مخالف ، و قوي الدنيا ضعيف الآخرة ، و نحن أصحاب الأيام مع فارس ، ثم لا يعرف حقنا و فضلنا و إني قد أظهرت لهم العداوة . و خرج للحرب فأغار فبعث إليه مصعب سيف بن هانئ المرادي يعرض عليه الطاعة على أن يعطيه قطعة من بلاد فارس فأبى ، فسرح إليه الأبرد بن فروة الرباحي في عسكر فهزمه عبيد الله فبعث إليه حريث بن زيد فهزمه فقتله ، فبعث إليه الحجاج بن حارثة الخثعمي و مسلم بن عمر فقاتلهما بنهر صرصر و هزمهما ، فأرسل إليه مصعب بالأمان و الولاية فلم يقبل ، و أتى إلى فارس فهرب دهقانها بالمال و تبعه ابن الحر إلى عين التمر و عليه بسطام بن معقلة بن هبيرة الشيباني فقاتل عبيد الله و أوفاهم الحجاج بن حارثة فهزمهما عبيد الله و أسرهما و أخذ المال الذي مع الدهقان . و أقام بتكريت ليحيي الخراج فسرح مصعب لقتاله الأبرد ابن فروة الرباحي و الجون بن كعب الهمداني في ألف و أمدهم المهلب بيزيد بن المعقل في خمسمائة و قاتلهم عبيد الله يومين في ثلثمائة ثم تحاجزوا و قال لأصحابه : إني سائر بكم إلى عبد الملك فتجهزوا ! ثم قال : إني خائف أن أموت و لم أذعر مصعباً و قصد الكوفة و جاءته العساكر من كل جهة ، و لم يزل يهزمهم و يقتل منهم بنواحي الكوفة و المدائن . و أقام يغير بالسواد و يجبي الخراج ثم لحق بعبد الملك فأكرمه و أجلسه معه على سريره ، و أعطاه مائة ألف درهم و قسم في أصحابه الأعطيات و سأل من عبد الملك أن يوجه معه عسكراً لقتال مصعب فقال : سر بأصحابك و ادع من قدرت عليه و أنا ممدك بالرجال . فسار نحو الكوفة و نزل بناحية الأنبار و أذن لأصحابه في إتيان الكوفة ليخبروا أصحابه بقدومه . و بعث الحرث بن أبي ربيعة إليه جيشاً كثيفاً فقاتلهم و تفرق عنه أصحابه و أثخنه الجراح فخاض البحر إلى سفينة فركبها حتى توسط الفرات فأشرف خيل على السفينة و تبادروا به فقام يمشي في البحر فتعلقوا به فألقى نفسه في الماء مع بعضهم فغرقوه .
حروب الخوارج مع عبد الملك و الحجاجو لما استقر عبد الملك بالكوفة بعد قتل مصعب بعث على البصرة خالد بن عبد الله و كان المهلب يحارب الأزارقة فولاه على خراج الأهواز و بعث أخاه عبد العزيز بن عبد إلى قتال الخوارج ، و معه مقاتل بن مسمع ، و أتت الخوارج من ناحية كرمان إلى دار ابجرد و بعث قطري بن الفجاءة صالح بن مخراق في تسعمائة فاستقبل عبد العزيز ليلاً على غير تعبية فانهزم و قتل مقاتل بن مسمع و أسرت بنت النذر بن الجارود إمرأة عبد العزيز فقتلها الخوارج . و تغير عبد العزيز إلى رامهرمز . و كتب خالد بالخبر إلى عبد الملك فكتب إليه على ولاية أخيه الحرب و ولاية المهلب جباية الخراج و أمره بأن يسرح المهلب بحربهم . و كتب إلى بشر بالكوفة بإمداده بخمسة آلاف مع من يرضاه ، فإذا فرغوا من قتال الخوارج ساروا إلى الري ، فكانوا هنالك مسلحة فأنفذ بشر العسكر و عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، و كتب له عهده على الري . و خرج خالد بأهل البصرة و معه المهلب و اجتمعوا بالأهواز . و جاءت الأزارقة فأحرقوا السفن . و مر المهلب بعبد الرحمن بن الأشعث و أمره أن يخندق عليه و أقاموا كذلك عشرين ليلة . ثم زحف الخوارج بالناس فهال الخوارج كثرتهم و انصرفوا . و بعث خالد داود قحدم في آثارهم و انصرف إلى البصرة و كتب بالخبر إلى عبد الملك فكتب إلى أخيه بشر أن يبعث أربعة آلاف من أهل الكوفة إلى فارس ، و يلحقوا بداود بن قحدم في طلب الأزارقة . فبعث بهم بشر بن عتاب و لحقوا بداود و اتبعوا الخوارج حتى أصابهم الجهد و رجع عامتهم مشاة إلى الأهواز . ثم خرج أبو فديك من بني قيس بن ثعلبة فغلب على البحرين و قتل نجدة بن عامر الحنفي كما مر . و هزم خالداً فكتب إلى عبد الملك بذلك ، و أمر عبد الملك عمر بن عبيد الله بن معمر أن يندب الناس من أهل الكوفة و البصرة و يسير لقتال أبي فديك . فانتدب معه عشرة آلاف و سار بهم و أهل الكوفة علىلا
كان عبيد الله بن الحر الجعفي من خيار قومه صلاحاً و فضلاً . و لما قتل عثمان حزن عليه ، و كان مع معاوية على علي ، و كانت له زوجة بالكوفة فتزوجت لطول مغيبه . فأقبل من الشام و خاصم زوجها إلى علي فعدد عليه شهوده صفين فقال : أيمنعني ذلك من عدلك ؟ قال : لا ورد إليه إمرأته . فرجع إلى الشام و جاء إلى الكوفة بعد مقتل علي و لقي إخوانه و تفاوضوا في النكير على علي و معاوية . و لما قتل الحسين تغيب على ملحمته و سأل عنه ابن زياد فلم يره . ثم لقيه فأساء عذله ، و عرض له بالكون مع عدوه فأنكر و خرج مغضباً . و راجع ابن زياد رأيه فيه فطلبه فلم يجده فبعث عنه فامتنع ، و قال : أبلغوه أني لا آتيه طائعاً أبداً و أتى منزل أحمد بن زياد الطائي فاجتمع إليه أصحابه ، و خرج إلى المدائن . و مضى لمصارع الحسين و أصحابه فاستغفر لهم ، و لما مات يزيد وقعت الفتنة اجتمع إليه أصحابه و خرج بنواحي المدائن ، و لم يعترض للقتل و لا للمال ، إنما كان يأخذ مال السلطان متى لقيه فيأخذ منه عطاء أصحابه و يرد الباقي و يأخذ لصاحب المال بما أخذ . و حبس المختار إمرأته بالكوفة و جاء فأخرجها من الحبس و أخرج كل من فيه و أراد . المختار أن يسطو به فمنعه إبراهيم محمد الأشتر إلى الموصل لقتال ابن زياد . ثم فارقه و لم يشهد معه و شهد مع مصعب قتال المختار و قتله . ثم أغرى به مصعب فحبسه و شفع فيه رجال من وجوه مذحج فشفعهم و أطلقه ، و أتى إليه الناس يهنؤنه فصرح بأن أحداً لا يستحق بعد الأربعة و لا يحل أن يعقد لهم بيعة في أعناقنا ، فليس لهم علينا من الفضل ما يستحقنه به ذلك ، و كلهم عاص مخالف ، و قوي الدنيا ضعيف الآخرة ، و نحن أصحاب الأيام مع فارس ، ثم لا يعرف حقنا و فضلنا و إني قد أظهرت لهم العداوة . و خرج للحرب فأغار فبعث إليه مصعب سيف بن هانئ المرادي يعرض عليه الطاعة على أن يعطيه قطعة من بلاد فارس فأبى ، فسرح إليه الأبرد بن فروة الرباحي في عسكر فهزمه عبيد الله فبعث إليه حريث بن زيد فهزمه فقتله ، فبعث إليه الحجاج بن حارثة الخثعمي و مسلم بن عمر فقاتلهما بنهر صرصر و هزمهما ، فأرسل إليه مصعب بالأمان و الولاية فلم يقبل ، و أتى إلى فارس فهرب دهقانها بالمال و تبعه ابن الحر إلى عين التمر و عليه بسطام بن معقلة بن هبيرة الشيباني فقاتل عبيد الله و أوفاهم الحجاج بن حارثة فهزمهما عبيد الله و أسرهما و أخذ المال الذي مع الدهقان . و أقام بتكريت ليحيي الخراج فسرح مصعب لقتاله الأبرد ابن فروة الرباحي و الجون بن كعب الهمداني في ألف و أمدهم المهلب بيزيد بن المعقل في خمسمائة و قاتلهم عبيد الله يومين في ثلثمائة ثم تحاجزوا و قال لأصحابه : إني سائر بكم إلى عبد الملك فتجهزوا ! ثم قال : إني خائف أن أموت و لم أذعر مصعباً و قصد الكوفة و جاءته العساكر من كل جهة ، و لم يزل يهزمهم و يقتل منهم بنواحي الكوفة و المدائن . و أقام يغير بالسواد و يجبي الخراج ثم لحق بعبد الملك فأكرمه و أجلسه معه على سريره ، و أعطاه مائة ألف درهم و قسم في أصحابه الأعطيات و سأل من عبد الملك أن يوجه معه عسكراً لقتال مصعب فقال : سر بأصحابك و ادع من قدرت عليه و أنا ممدك بالرجال . فسار نحو الكوفة و نزل بناحية الأنبار و أذن لأصحابه في إتيان الكوفة ليخبروا أصحابه بقدومه . و بعث الحرث بن أبي ربيعة إليه جيشاً كثيفاً فقاتلهم و تفرق عنه أصحابه و أثخنه الجراح فخاض البحر إلى سفينة فركبها حتى توسط الفرات فأشرف خيل على السفينة و تبادروا به فقام يمشي في البحر فتعلقوا به فألقى نفسه في الماء مع بعضهم فغرقوه .
حروب الخوارج مع عبد الملك و الحجاجو لما استقر عبد الملك بالكوفة بعد قتل مصعب بعث على البصرة خالد بن عبد الله و كان المهلب يحارب الأزارقة فولاه على خراج الأهواز و بعث أخاه عبد العزيز بن عبد إلى قتال الخوارج ، و معه مقاتل بن مسمع ، و أتت الخوارج من ناحية كرمان إلى دار ابجرد و بعث قطري بن الفجاءة صالح بن مخراق في تسعمائة فاستقبل عبد العزيز ليلاً على غير تعبية فانهزم و قتل مقاتل بن مسمع و أسرت بنت النذر بن الجارود إمرأة عبد العزيز فقتلها الخوارج . و تغير عبد العزيز إلى رامهرمز . و كتب خالد بالخبر إلى عبد الملك فكتب إليه على ولاية أخيه الحرب و ولاية المهلب جباية الخراج و أمره بأن يسرح المهلب بحربهم . و كتب إلى بشر بالكوفة بإمداده بخمسة آلاف مع من يرضاه ، فإذا فرغوا من قتال الخوارج ساروا إلى الري ، فكانوا هنالك مسلحة فأنفذ بشر العسكر و عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، و كتب له عهده على الري . و خرج خالد بأهل البصرة و معه المهلب و اجتمعوا بالأهواز . و جاءت الأزارقة فأحرقوا السفن . و مر المهلب بعبد الرحمن بن الأشعث و أمره أن يخندق عليه و أقاموا كذلك عشرين ليلة . ثم زحف الخوارج بالناس فهال الخوارج كثرتهم و انصرفوا . و بعث خالد داود قحدم في آثارهم و انصرف إلى البصرة و كتب بالخبر إلى عبد الملك فكتب إلى أخيه بشر أن يبعث أربعة آلاف من أهل الكوفة إلى فارس ، و يلحقوا بداود بن قحدم في طلب الأزارقة . فبعث بهم بشر بن عتاب و لحقوا بداود و اتبعوا الخوارج حتى أصابهم الجهد و رجع عامتهم مشاة إلى الأهواز . ثم خرج أبو فديك من بني قيس بن ثعلبة فغلب على البحرين و قتل نجدة بن عامر الحنفي كما مر . و هزم خالداً فكتب إلى عبد الملك بذلك ، و أمر عبد الملك عمر بن عبيد الله بن معمر أن يندب الناس من أهل الكوفة و البصرة و يسير لقتال أبي فديك . فانتدب معه عشرة آلاف و سار بهم و أهل الكوفة علىلا
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
ميمنته عليهم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله ، و أهل البصرة في ميسرته عليهم عمر بن موسى أخيه ، و هو في القلب و انتهوا إلى البحرين و اصطفوا للقتال و حملوا على أبي فديك و أصحابه فكشفوا ميسرته حتى أبعدوا إلا المغيرة بن المهلب و مجاعة و عبد الرحمن و فرسان الناس فإنهم مالوا إلى أهل الكوفة بالميمنة و رجع أهل الميسرة . و حمل أهل الميمنة على الخوارج و استباحوا عسكرهم و قتلوا أبا فديك و حصروا أصحابه بالمشقر حتى نزلوا فقتل منهم ستة آلاف و أسر ثمانمائة و ذلك سنة ثلاث و سبعين . ثم ولى عبد الملك أخاه بشراً على البصرة فسار إليها و أمره أن يبعث المهلب إلى حرب الأزارقة و أن ينتخب من أهل البصرة من أراد و يتركه و رأيه في الحرب و يمده بعسكر من أهل الكوفة مع رجل معروف بالنجدة . فبعث المهلب لانتخاب الناس جديع بن قبيصة و شق على بشر أن ولاية المهلب من عبد الملك و أوغرت صدره فبعث على عسكر الكوفة عبد الرحمن ابن مخنف و أغراه بالمهلب في ترك مشورته و تنغصه . و سار المهلب إلى رامهرمز و بها الخوارج و أقبل ابن مخنف في أهل الكوفة فنزل على ميل منه بحيث يتراءى العسكران . ثم أتاهم نبأ بشر ابن مروان و أنه استخلف خالد بن عبد الله بن خالد على البصرة و خليفته على الكوفة عمر بن حريث فاقترق ناس كثيرة من أهل البصرة و أهل الكوفة فنزلوا فنزلوا الأهواز و كتب إليهم خالد بن عبد الله يتهددهم فلم يلتفتوا إليه . و أقبل أهل الكوفة إلى الكوفة و كتب إليهم عمر بن حريث بالنكير و العود إلى المهلب و منعهم الدخول فدخلوا ليلاً إلى بيوتهم ثم قدم الحجاج أميراً على العراقين سنة خمس و سبعين فخطب بالكوفة خطبته المعروفة كان منها : و لقد بلغني رفضكم المهلب و إقبالكم إلى مصركم عاصين مخالفين ، و أيم الله لا أجد أحداً من عسكره بعد ثلاثة إلا ضربت عنقه و أنهب داره . ثم دعا العرفاء و قال ألحقوا الناس بالمهلب و أتوني بالبراءة بموافاتهم ، و لا تغلقن أبواب الجسر . و وجد عمر بن ضابئ من المتخلفين و أخبر أنه من قتله عثمان فقتله فأخر جند المهلب و ازدحموا على الجسر و جاء العرفاء إلى المهلب برامهرمز فأخذوا كتابه بموافاة الناس ، و أمرهم الحجاج بمناهضة الخوارج فقاتلهم شيئاً ثم انزاحوا إلى كازرون و سار المهلب و ابن مخنف فنزلوا بهم و خندق المهلب و لم يخندق إبن مخنف و بيتهم الخوارج فوجدوا المهلب حذاراً فمالوا إلى ابن مخنف فانهزم عنه أصحابه و قاتل حتى قتل و في حديث أهل الكوفة أنهم لما ناهضوا الخوارج مالوا إلى المهلب و اضطروه إلى معسكر و أمده عبد الرحمن بعامة عسكره و بقي في خف من الجند . فمال إليه الخوارج فنزل و نزل معه القراء واحد و سبعون من أصحابه فقتلوا . و جاء المهلب من الغد فدفنه و صلى عليه و كتب بالخبر إلى الحجاج فبعث على معسكره عتاب بن ورقاء و أمره بطاعة المهلب ، فأجاب لذلك و في نفسه منه شيء . و عاتبه المهلب يوماً و رفع إليه القضيب فرده إبنه المغيرة عن ذلك و كتب عتاب يشكو المهلب إلى الحجاج و يسأله العود و صادف ذلك أمر شبيب فاستقدمه و بقي المهلب .
حروب الصفرية و شبيب مع الحجاجثم خرج صالح بن مسرح التميمي من بني امرئ القيس بن زيد مناة و كان يرى رأي الصغرية و كان عابداً و مسكنه أرض الموصل و الجزيرة و له أصحاب يقرئهم القرآن و الفقه و كان يأتي الكوفة و يلقى أصحابه و يعد ما يحتاج إليه فطلبه الحجاج فترك الكوفة و جاء إلى أصحابه بالموصل و دار فدعاهم إلى الخروج و حثه عليه . و جاءه كتاب شيب بن يزيد بن نعيم الشيباني من رؤوسهم يحثه على مثل ذلك . فكتب إليه إني في انتظارك فاقدم . فقدم شبيب في نفر من أصحابه منهم أخوه المضاد و المحلل ابن وائل اليشكري و لقيه بدارا ، و أجمع صالح الخروج . و بث إلى أصحابه و خرجوا في صفر سنة ست و سبعين . و أمر بالدعاء قبل القتال و خير في الداء و الأموال و عرضت لهم دواب لمحمد بن مروان بالجزيرة فأخذوها و حملوا عليها أصحابهم . و بلغ محمد بن مروان و هو أمير الجزيرة خروجهم فسرح إليهم عدي بن عدي الكندي في ألف فسار من حران و كان ناسكاً فكره حروبهم و بعث إليهم بالخروج فحبسوا الرسول . فساروا إليه فطلعوا عليه و هو يصلي الضحى و شيب في الميمنة و سويد بن سليم في الميسرة و ركب عدي على غير تعبية فانهزم و احتوى الخوارج على معسكره و مضوا إلى آمد و سرح محمد بن مروان خالد بن حر السلمي في ألف وخمسمائه ، و الحرث بن جعونة العامري في مثلها ، و قال : أيكما سبق فهو أمير على صاحبه . و بعث صالح شبيباً إلى الحرث و توجه نحو خالد و قاتلوهم أشد القتال و اعتصم أصحاب محمد بخندقهم فسارت الخوارج عنهم و قطعوا أرض الجزيرة و الموصل إلى الدسكرة . فسرح إليهم الحجاج الحرث بن عميرة ابن ذي الشعار في ثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلقيهم على تخم ما بين الموصل و صرصر و الخوارج في تسعين رجلاً . فانهزم سويد بن سليم و قتل صالح و صرع شبيب . ثم وقف على صالح قتيلاً فنادى بالمسلمين فلاذوا به و دخلوا حصناً هنالك و هم سبعون . و عاث الحرث بهم و أحرق عليهم الباب و رجع يصحبهم من الغداة . فقال لهم شبيب بايعوا من شئتم من أصحابكم و اخرجوا بنا إليهم فبايعوه و أطفئوا النار بالماء في اللبود و خرجوا إليه فبيتوا و صرح الحرث فحملوا أصحابه و انهزموا نحو المدائن و حوى شبيب عسكرهم . و سار شبيب إلى أرض الموصل فلقي سلامة بن سنان التميمي من تميم شيبان إلا أخاه فضالة من أكابر الخوارج . و كان خرج قبل صالح في ثمانية عشر رجلاً و نزل على ماء لبني عنزة فقتلوهم ، و أتوا برؤوسهم إلى عبد الملك يتقربون له بهم . فلما دعا شبيب سلامة إلى الخروج شرط عليه أن ينتخب ثلاثين فارساً
حروب الصفرية و شبيب مع الحجاجثم خرج صالح بن مسرح التميمي من بني امرئ القيس بن زيد مناة و كان يرى رأي الصغرية و كان عابداً و مسكنه أرض الموصل و الجزيرة و له أصحاب يقرئهم القرآن و الفقه و كان يأتي الكوفة و يلقى أصحابه و يعد ما يحتاج إليه فطلبه الحجاج فترك الكوفة و جاء إلى أصحابه بالموصل و دار فدعاهم إلى الخروج و حثه عليه . و جاءه كتاب شيب بن يزيد بن نعيم الشيباني من رؤوسهم يحثه على مثل ذلك . فكتب إليه إني في انتظارك فاقدم . فقدم شبيب في نفر من أصحابه منهم أخوه المضاد و المحلل ابن وائل اليشكري و لقيه بدارا ، و أجمع صالح الخروج . و بث إلى أصحابه و خرجوا في صفر سنة ست و سبعين . و أمر بالدعاء قبل القتال و خير في الداء و الأموال و عرضت لهم دواب لمحمد بن مروان بالجزيرة فأخذوها و حملوا عليها أصحابهم . و بلغ محمد بن مروان و هو أمير الجزيرة خروجهم فسرح إليهم عدي بن عدي الكندي في ألف فسار من حران و كان ناسكاً فكره حروبهم و بعث إليهم بالخروج فحبسوا الرسول . فساروا إليه فطلعوا عليه و هو يصلي الضحى و شيب في الميمنة و سويد بن سليم في الميسرة و ركب عدي على غير تعبية فانهزم و احتوى الخوارج على معسكره و مضوا إلى آمد و سرح محمد بن مروان خالد بن حر السلمي في ألف وخمسمائه ، و الحرث بن جعونة العامري في مثلها ، و قال : أيكما سبق فهو أمير على صاحبه . و بعث صالح شبيباً إلى الحرث و توجه نحو خالد و قاتلوهم أشد القتال و اعتصم أصحاب محمد بخندقهم فسارت الخوارج عنهم و قطعوا أرض الجزيرة و الموصل إلى الدسكرة . فسرح إليهم الحجاج الحرث بن عميرة ابن ذي الشعار في ثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلقيهم على تخم ما بين الموصل و صرصر و الخوارج في تسعين رجلاً . فانهزم سويد بن سليم و قتل صالح و صرع شبيب . ثم وقف على صالح قتيلاً فنادى بالمسلمين فلاذوا به و دخلوا حصناً هنالك و هم سبعون . و عاث الحرث بهم و أحرق عليهم الباب و رجع يصحبهم من الغداة . فقال لهم شبيب بايعوا من شئتم من أصحابكم و اخرجوا بنا إليهم فبايعوه و أطفئوا النار بالماء في اللبود و خرجوا إليه فبيتوا و صرح الحرث فحملوا أصحابه و انهزموا نحو المدائن و حوى شبيب عسكرهم . و سار شبيب إلى أرض الموصل فلقي سلامة بن سنان التميمي من تميم شيبان إلا أخاه فضالة من أكابر الخوارج . و كان خرج قبل صالح في ثمانية عشر رجلاً و نزل على ماء لبني عنزة فقتلوهم ، و أتوا برؤوسهم إلى عبد الملك يتقربون له بهم . فلما دعا شبيب سلامة إلى الخروج شرط عليه أن ينتخب ثلاثين فارساً
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
و يسير بهم إلى عنزة فيثأر منهم بأخيه فقبل شرطه و سار إلى عنزة فأثخن فيهم و جعل يقتل الحلة بعد الحلة . ثم أقبل شبيب إلى داران في نحو سبعين رجلاً ففرت منهم طائفة من بني شيبان نحو ثلاثة آلاف فنزلوا ديراً خراباً و امتنعوا منه ، و سار في بعض حاجاته و استخلف أخاه مضاد بن يزيد بجماعة من بني شيبان في أموالهم مقيمين ، فقتل منهم ثلاثين شيخاً فيهم حوثرة بن أسد و أشرف بنو شيبان على مضاد و أصحابه ، و سألوا الأمان ليخرجوا إليهم و يسمعوا دعوتهم فأخرجوا و قبلوا و نزلوا إليهم و اجتمعوا بهم و جاء شبيب فاستصوب فعلهم و سار بطائفة نحو أذربيجان . و كان الحجاج قد بعث سفيان بن أبي العالية الخثعمي إلى طبرستان يحاصرها في ألف فارس ، فكتب إليه الحجاج أن يرجع فصالح أهل طبرستان و رجع فأقام بالدسكرة يطلب المدد و بعث الحجاج أيضاً إلى الحرث بن عميرة الهمداني قاتل صالح أن يأتيه بجيش الكوفة و المدائن و إلى سورة ابن أبجر التميمي في خيل المناظر . و يعجل سفيان في طلب شبيب فلحقه بخانقين فاستطردهم و أكمن كميناً لهم مع أخيه ، و اتبعوه في سفح الجبل فخرج عليهم الكمين فانهزموا بغير قتال ، و ثبت سفيان و قاتل ثم حمل شبيب فانكشف و نجا إلى بابل مهرود ، و كتب إلى الحجاج بالخبر و بوصول العساكر إلا سورة بن أبجر فكتب الحجاج إلى سورة يتهدده و يأمره أن يتخذ من المدائن خمسمائة فارس و يسير إلى شبيب فسار . و انتهى شبيب إلى المدائن ثم إلى الهندوان فترحم على أصحابه هنالك و بيتهم سورة هنالك و هم حذرون فلم يصب منهم الغرة و رجع نحو المدائن و شبيب في لتباعه . و خرج ابن أبي العصغي عامل المدائن فقاتلهم و هرب الكثير من جنده إلى الكوفة و مضى شبيب إلى تكريت و وصل سورة إلى الكوفة بالغل فحبسه الحجاج ثم أطلقه . و سرح عثمان بن سعيد شرحيل الكندي و يلقب الجزل في أربعة آلاف ليس فيهم من المنهزمين أحد و ساروا لحرب شبيب و أصحابه . و قدم بين يديه عياض بن أبي لبنة الكندي و جعلوا يتبعون شبيباً من رستاق إلى رستاق و هو على غير التعبية و الجزل على التعبية و يخندق على نفسه متى نزل و طال ذلك شبيب و كان في مائة و ستين فقسمه على أربع فرق و ثبت الجزل و مشايخه فلم يصب منهم فرجع عنهم ثم صحبهم ثانية فلم يظفر منهم بشيء . و سار الجزل في التعبية كما كان و شبيب يسير في أرض الخوارج و غيرها يكسب الخراج . و كتب الحجاج إلى الجزل ينكر عليه البطء و يأمره بالمناهضة و بعث سعيد بن المجالدي على جيش الجزل فجاءهم بالهندوان و وبخهم و عجزهم و جاءهم الخبر بأن شبيباً قد دخل قطيطياً و الدهقان يصلح لهم الغداء ، فنهض سعيد في الناس و ترك الجزل مع العسكر و قد صف بهم خارج الخندق و جاء سعيد إلى قطيطياً و علم به شبيب فأكل و توضأ و صلى . و خرج فحمل على سعيد و أصحابه مستعرضاً فانهزموا و ثبت سعيد فقتله و سار في اتباعهم إلى الجزل فقاتلهم الجزل حتى وقع بين القتلى جريحاً . و كتب إلى الحجاج بالخبر و أقام بالمدائن و انتهى شبيب إلى الكرخ و عبر دجلة إليه و أرسل إلى سوق بغداد فأتاهم في يوم سوقهم و اشترى منه حاجاته و سار إلى الكوفة فلما قرب بعث الحجاج سويد بن عبد الرحمن السعدي في ألفي رجل فساروا إلى شبيب و أمر عثمان بن قطن فعسكر في السبخة و خالفه شبيب إلى أهل السبخة فقاتلوه و جاء سويد في آثاره فمضى نحو الحيرة و سويد في إتباعه ثم رحل من الحيرة . و جاء كتاب الحجاج إلى سويد يأمره باتباعه فمضى في إتيانه و شبيب يغير في طريقه و أخذ على القطقطاتة ثم قصر بني مقاتل ثم على الأنبار ثم ارتفع على أدنى أذربيجان . و لما أبعد سار الحجاج إلى البصرة و استعمل على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة فجاءه كتاب دهقان بابل مهرود يخبره بقصد شبيب الكوفة فبعث بالكتاب إلى الحجاج . و أقبل شبيب حتى نزل عقرقوبا ، و نزل و سار منها يسابق الحجاج إلى الكوفة . و طوى الحجاج المنازل فوصل الكوفة عند العصر و وصل شبيب عند المغرب فأراح و طمعوا ثم ركبوا و دخلوا إلى السوق و ضرب شبيب القصر بعموده . ثم اقتحموا المسجد الأعظم فقتلوا فيه من الصالحين و مروا بدار صاحب الشرطة فدعوه إلى الأمير و نكرهم فقتلوا غلامه و مروا بمسجد بني ذهل فقتلوا ذهل بن الحرث و كان يطيل الصلاة فيه . ثم خرجوا من الكوفة و استقبلهم النضر بن القعقاع بن شور الذهلي ، و كان ممن أقبل مع الحجاج من البصرة فتخلف عنه فلما رآه قال : السلام عليك أيها الأمير ، فقال له شبيب : قل أمير المؤمنين ويلك ! فقالها . و أراد شبيب أن يلقنه للقرابة بينهما . و كان النضر ناحية بيت هانئ بن قبيصة الشيباني فقال له : يا نضر لا حكم إلالله ففطن بهم و قال : إنا لله و إنا إليه راجعون و شد عليه أصحاب شبيب فقتلوه . و نادى منادي الحجاج بالكوفة يا خيل الله اركبي و هو بباب القصر و كان أول من أتاه عثمان بن قطن ابن عبد الله بن الحسين ذي القصة ، ثم جاء الناس من كل جانب ، فبعث الحجاج خالد بن الأسدي و زائدة بن قدامة الثقفي و أبا الضريس مولى بني تميم ، و عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر و زياد بن عبد الله العتكي في ألفين ألفين و قال : إن كان حرب فأميركم زائدة بن قدامة و بعث معهم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله من سجستان ، و كان عبد الملك قد ولاه عليها ، و أمر الحجاج أن يجهزه و يبعثه في آلاف من الجنود إلى عمله ، فجهزه . و حدث أمر شبيب فقال له الحجاج : تجاهد و يظهر إسمك ثم تقضي إلى عمالك ، فساروا جميعاً و نزلوا أسفل الفرات . و أخذ شبيب نحو القادسية و جرد الحجاج ألفاً وثمانمائة من نقاوة الجند مع ذخر بن قيس ، و أمره بمواقعة شبيب أينما أدركه ، و إن ذهب فاتركه . فأدركه بالسلخين و عطف عليه شبيب فقاتل ذخر حتى صرع و فيه بضعة عشر جرحاً و انهزم أصحابه يظنون أنه قتل ثم أفاق من برد السحر فدخل قرية و سار إلى الكوفة ثم قصد شبيب و أعوانه و هم على أربعة و عشرين فرسخاً من الكوفة فقال : إن هزمناهم فليس دون الحجاج و الكوفة مانع و انتهى إليهم و قد تعبوا للحرب و على الميمنة زياد بن عمر العتكي و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
و يسير بهم إلى عنزة فيثأر منهم بأخيه فقبل شرطه و سار إلى عنزة فأثخن فيهم و جعل يقتل الحلة بعد الحلة . ثم أقبل شبيب إلى داران في نحو سبعين رجلاً ففرت منهم طائفة من بني شيبان نحو ثلاثة آلاف فنزلوا ديراً خراباً و امتنعوا منه ، و سار في بعض حاجاته و استخلف أخاه مضاد بن يزيد بجماعة من بني شيبان في أموالهم مقيمين ، فقتل منهم ثلاثين شيخاً فيهم حوثرة بن أسد و أشرف بنو شيبان على مضاد و أصحابه ، و سألوا الأمان ليخرجوا إليهم و يسمعوا دعوتهم فأخرجوا و قبلوا و نزلوا إليهم و اجتمعوا بهم و جاء شبيب فاستصوب فعلهم و سار بطائفة نحو أذربيجان . و كان الحجاج قد بعث سفيان بن أبي العالية الخثعمي إلى طبرستان يحاصرها في ألف فارس ، فكتب إليه الحجاج أن يرجع فصالح أهل طبرستان و رجع فأقام بالدسكرة يطلب المدد و بعث الحجاج أيضاً إلى الحرث بن عميرة الهمداني قاتل صالح أن يأتيه بجيش الكوفة و المدائن و إلى سورة ابن أبجر التميمي في خيل المناظر . و يعجل سفيان في طلب شبيب فلحقه بخانقين فاستطردهم و أكمن كميناً لهم مع أخيه ، و اتبعوه في سفح الجبل فخرج عليهم الكمين فانهزموا بغير قتال ، و ثبت سفيان و قاتل ثم حمل شبيب فانكشف و نجا إلى بابل مهرود ، و كتب إلى الحجاج بالخبر و بوصول العساكر إلا سورة بن أبجر فكتب الحجاج إلى سورة يتهدده و يأمره أن يتخذ من المدائن خمسمائة فارس و يسير إلى شبيب فسار . و انتهى شبيب إلى المدائن ثم إلى الهندوان فترحم على أصحابه هنالك و بيتهم سورة هنالك و هم حذرون فلم يصب منهم الغرة و رجع نحو المدائن و شبيب في لتباعه . و خرج ابن أبي العصغي عامل المدائن فقاتلهم و هرب الكثير من جنده إلى الكوفة و مضى شبيب إلى تكريت و وصل سورة إلى الكوفة بالغل فحبسه الحجاج ثم أطلقه . و سرح عثمان بن سعيد شرحيل الكندي و يلقب الجزل في أربعة آلاف ليس فيهم من المنهزمين أحد و ساروا لحرب شبيب و أصحابه . و قدم بين يديه عياض بن أبي لبنة الكندي و جعلوا يتبعون شبيباً من رستاق إلى رستاق و هو على غير التعبية و الجزل على التعبية و يخندق على نفسه متى نزل و طال ذلك شبيب و كان في مائة و ستين فقسمه على أربع فرق و ثبت الجزل و مشايخه فلم يصب منهم فرجع عنهم ثم صحبهم ثانية فلم يظفر منهم بشيء . و سار الجزل في التعبية كما كان و شبيب يسير في أرض الخوارج و غيرها يكسب الخراج . و كتب الحجاج إلى الجزل ينكر عليه البطء و يأمره بالمناهضة و بعث سعيد بن المجالدي على جيش الجزل فجاءهم بالهندوان و وبخهم و عجزهم و جاءهم الخبر بأن شبيباً قد دخل قطيطياً و الدهقان يصلح لهم الغداء ، فنهض سعيد في الناس و ترك الجزل مع العسكر و قد صف بهم خارج الخندق و جاء سعيد إلى قطيطياً و علم به شبيب فأكل و توضأ و صلى . و خرج فحمل على سعيد و أصحابه مستعرضاً فانهزموا و ثبت سعيد فقتله و سار في اتباعهم إلى الجزل فقاتلهم الجزل حتى وقع بين القتلى جريحاً . و كتب إلى الحجاج بالخبر و أقام بالمدائن و انتهى شبيب إلى الكرخ و عبر دجلة إليه و أرسل إلى سوق بغداد فأتاهم في يوم سوقهم و اشترى منه حاجاته و سار إلى الكوفة فلما قرب بعث الحجاج سويد بن عبد الرحمن السعدي في ألفي رجل فساروا إلى شبيب و أمر عثمان بن قطن فعسكر في السبخة و خالفه شبيب إلى أهل السبخة فقاتلوه و جاء سويد في آثاره فمضى نحو الحيرة و سويد في إتباعه ثم رحل من الحيرة . و جاء كتاب الحجاج إلى سويد يأمره باتباعه فمضى في إتيانه و شبيب يغير في طريقه و أخذ على القطقطاتة ثم قصر بني مقاتل ثم على الأنبار ثم ارتفع على أدنى أذربيجان . و لما أبعد سار الحجاج إلى البصرة و استعمل على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة فجاءه كتاب دهقان بابل مهرود يخبره بقصد شبيب الكوفة فبعث بالكتاب إلى الحجاج . و أقبل شبيب حتى نزل عقرقوبا ، و نزل و سار منها يسابق الحجاج إلى الكوفة . و طوى الحجاج المنازل فوصل الكوفة عند العصر و وصل شبيب عند المغرب فأراح و طمعوا ثم ركبوا و دخلوا إلى السوق و ضرب شبيب القصر بعموده . ثم اقتحموا المسجد الأعظم فقتلوا فيه من الصالحين و مروا بدار صاحب الشرطة فدعوه إلى الأمير و نكرهم فقتلوا غلامه و مروا بمسجد بني ذهل فقتلوا ذهل بن الحرث و كان يطيل الصلاة فيه . ثم خرجوا من الكوفة و استقبلهم النضر بن القعقاع بن شور الذهلي ، و كان ممن أقبل مع الحجاج من البصرة فتخلف عنه فلما رآه قال : السلام عليك أيها الأمير ، فقال له شبيب : قل أمير المؤمنين ويلك ! فقالها . و أراد شبيب أن يلقنه للقرابة بينهما . و كان النضر ناحية بيت هانئ بن قبيصة الشيباني فقال له : يا نضر لا حكم إلالله ففطن بهم و قال : إنا لله و إنا إليه راجعون و شد عليه أصحاب شبيب فقتلوه . و نادى منادي الحجاج بالكوفة يا خيل الله اركبي و هو بباب القصر و كان أول من أتاه عثمان بن قطن ابن عبد الله بن الحسين ذي القصة ، ثم جاء الناس من كل جانب ، فبعث الحجاج خالد بن الأسدي و زائدة بن قدامة الثقفي و أبا الضريس مولى بني تميم ، و عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر و زياد بن عبد الله العتكي في ألفين ألفين و قال : إن كان حرب فأميركم زائدة بن قدامة و بعث معهم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله من سجستان ، و كان عبد الملك قد ولاه عليها ، و أمر الحجاج أن يجهزه و يبعثه في آلاف من الجنود إلى عمله ، فجهزه . و حدث أمر شبيب فقال له الحجاج : تجاهد و يظهر إسمك ثم تقضي إلى عمالك ، فساروا جميعاً و نزلوا أسفل الفرات . و أخذ شبيب نحو القادسية و جرد الحجاج ألفاً وثمانمائة من نقاوة الجند مع ذخر بن قيس ، و أمره بمواقعة شبيب أينما أدركه ، و إن ذهب فاتركه . فأدركه بالسلخين و عطف عليه شبيب فقاتل ذخر حتى صرع و فيه بضعة عشر جرحاً و انهزم أصحابه يظنون أنه قتل ثم أفاق من برد السحر فدخل قرية و سار إلى الكوفة ثم قصد شبيب و أعوانه و هم على أربعة و عشرين فرسخاً من الكوفة فقال : إن هزمناهم فليس دون الحجاج و الكوفة مانع و انتهى إليهم و قد تعبوا للحرب و على الميمنة زياد بن عمر العتكي و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
على الميسرة بشر بن غالب الأسدي و كل أمير بمكانه . و عبى شبيب أصحابه ثلاثة كتائب فحمل سويد بن سليم على زياد بن عمر فانكشفوا و ثبت زياد قليلاً . ثم حمل الثانية فانهزموا و انهزم جريحاً عند المساء . ثم حملوا على عبد الأعلى ابن عبد الله بن عامر فانهزم و لم يقاتل و لحق بزياد بن عمر و حملت الخوارج حتى انتهت إلى محمد بن موسى بن طلحة عند الغروب فقاتلوه و صبر لهم ثم حمل مضاد أخو شبيب على بشر بن غالب في الميسرة فصبر و نزل في خمسين رجلاً فقاتلوه حتى قتلوا . و حملت الخوارج على أبي الضريس مولى بني تميم فهزموه حتى انتهى إلى أعين ثم حملوا عليه و على أعين فهزموهما إلى زائدة بن قدامة . فلما انتهوا إليه نادى نزال و قاتلهم إلى السحر ثم حمل شبيب عليه فقتله و قتل أصحابه و دخل أبو الضريس مع الفل إلى الجوسق بإزائهم . و رفع الخوارج عنهم السيف و دعوهم إلى البيعة لشبيب عند الفجر فبايعوه و كان فيمن بايعه أبو بردة و بقي محمد بن موسى لم ينهزم ، فلما طلع الفجر سمع شبيب أذانهم و علم مكانهم فأذن و صلى ثم حمل عليهم فانهزمت طائفة منهم و ثبتت أخرى و قاتل محمد حتى قتل . و أخذ الخوارج ما في العسكر و انهزم الذين بايعوا شبيباً فلم يبق منهم أحد . و جاء شبيب إلى الجوسق الذي فيه أعين و أبو الضريس فتحصنوا منه فأقام يوماً عليهم و سار عنهم و أراده أصحابه على الكوفة و إزاءهم خوخى فتركها و خرج على نفر و سمع الحجاج بذلك فظن أنه يريد المدائن و هي باب الكوفة و أكثر السواد لها فهاله ذلك و بعث عثمان بن قطن أميراً على المدائن و خوخى و الأنبار و عزل عنها عبد الله بن أبي عصيفير . و قيل في مقتل محمد بن موسى غير هذا و هو أنه كان شهد مع عمر بن عبد الله بن معمر قتال أبي فديك فزوجه عمر ابنته ، و كانت أخته تحت عبد الملك فولاه سجستان فمر بالكوفة و قيل للحجاج إن جاء إلى هذا أحد ممن تطلبه منعك منه فمره بقتال شبيب في طريقه لعل الله يريحك منه ففعل الحجاج . و عدل محمد إلى قتال شبيب و بعث إليه شبيب بدهاء الحجاج و خديعته إياه و أن يعدل عنه فأبى إلا شبيباً فبارزه و قتله شبيب . و لما انهزم الأمراء و قتل موسى بن محمد طلحة دعا الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث و أمره أن ينتخب ستة آلاف فارس و يسير في طلب شبيب أين كان ، فسار لذلك . ثم كتب إليه و إلى أصحابه يتهددهم إن انهزموا و مر ابن الأشعث بالمدائن و عاد الجزل من جراحته فوصاه و حذره و حمله على فرسه و كانت لا تجارى . و سار شبيب على دقوقاً و شهرزور و ابن الأشعث في إتباعه إلى أن وقف على أرض الموصل و أقام يقاتله أهلها ، فكتب إليه الحجاج : أما بعد فاطلب شبيباً و أسلك في أثره أين سلك حتى تدركه فاقتله أو تنفيه فإنما السلطان أمير المؤمنين و الجند جنده . فجعل ابن الأشعث يتبعه و شبيب يقصد به الأرض الخشنة الغليظة و إذا دنا منه رجع يبيته فيجده على حذرة حتى أتعب الجيش و أحفى دوابهم بطن أرض الموصل ليس بينه و بين سواد إلا نهر حولايا في دادان الأعلى من أرض خوخى و نزل عبد الرحمن في عواقيل النهر و كانت أيام النحر ، و طلب شبيب الموادعة فيها فأجابه قصداً للمطاولة و كتب عثمان بن قطن بذلك إلى الحجاج فنكر و بعث إلى عثمان بن قطن بإمارة العسكر و أمره بالمسير و عزل عبد الرحمن بن الأشعث و بعث على المدائن مطرف بن المغيرة مكان ابن قطن و قدم ابن قطن على عسكر الكوفة عشية يوم التروية و ناداهم إلى الحرب فاستمهلوه و أنزله عبد الرحمن بن الأشعث و أصبحوا إلى القتال ثالث يومهم على تعبية و في الميمنة خالد بن نهيك بن قيس و في الميسرة عقيل بن شداد السلولي و ابن قطن في الرجالة و عبر إليهم شبيب في مائة و ثلاثين رجلاً فوقف في الميمنة و أخوه مضاد في القلب و سويد بن سليم في الميسرة و حمل شبيب على ميسرة عثمان بن قطن فانهزموا و نزل عقيل بن شداد فقاتل حتى قتل و قتل معه مالك بن عبد الله الهمداني و حمل سويد على ميمنة عثمان فهزمها و قاتل خالد بن نهيك فجاء شبيب من ورائه فقتله و تقدم عثمان إلى مضاد في القلب فاشتد القتال و حمل شبيب من وراء عثمان و عطف عليهم سويد بن سليم و مضاد من القلب حتى أحاطوا به فقتلوه و انهزمت العساكر و وقع عبد الرحمن بن الأشعث فأتاه ابن أبي شثبة الجعفي و هو على بغلة فأردفه و نادى في الناس باللحاق بدير أبي مريم و رفع شبيب السيف عن الناس و دعاهم إلى البيعة فيايعوه و لحق ابن الأشعث بالكوفة فاختفى حتى أمنه الحجاج و مضى شبيب إلى ماه نهرادان فأقام فيه فصل الصيف فلحق به من كان للحجاج عليه تبعه ثم أقبل إلى المدائن في ثمانمائة رجل و عليها مطرف بن المغيرة و بلغ الخبر إلى الحجاج فقام في الناس و تسخط و توعد . فقال زهرة بن حوية و هو شيخ كبير لا يستطيع القيام إلا معتمداً : أنت تبعث الناس متقطعين فيصبون منهم فاستنفر الناس جميعاً و ابعث عليهم رجلاً شجاعاً مجرياً يرى الفرار عاراً و الصبر مجداً و كرماً . فقال الحجاج : أنت ذلك الرجل ! فقال : إنما يصلح من يحمل الدرع و الرمح و يهز السيف و يثبت على الفرس و لا أطيق من هذا شيئاً و قد ضعف بصري و لكن أكون مع أمير و أشير عليه . فقال له : جزاك الله خيراً عن الإسلام و أهله أول أمرك و آخره . ثم قال للناس : سيروا فتجهزوا بأجمعكم فتجهزوا و كتب الحجاج إلى عبد الملك بأن شبيباً شارف المدائن يريد الكوفة و هم عاجزون عن قتاله بما هزم جندهم و قتل أمراءهم و يستمده من جند الشام ، فبعث إليه عبد الملك سفيان بن الأبرد الكلبي في أربعة آلاف و حبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ألفين و ذلك سنة ست و سبعين و كتب الحجاج إلى عتاب بن الرياحي يستقدمه من عند المهلب و قد وقع بينهما كما مر فقدم عتاب و ولاه على الجيش فشكر زهرة بن حوية له و قال : رميتهم بحجرهم و الله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل . و بعث الحجاج إلى جند الشام يحذرهم البيات و يوصيهم الإحتياط و أن يأتوا على عين التمر . و عسكر عتاب بجماع أعين ثم قطع شبيب دجلة إلى المدائن و بعث إليه مطرف أن يأتيه رجال من وجوههم ينظر في دعوتهم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
فرجاً منه و بعث إليه بغيث بن سويد في جماعة مكثوا عنده أربعاً و لم يرجعوا من مطرف بشيء . و نزل عتاب الصراة و خرج مطرف إلى الجبال خوفاً أن يصل خبره مع شبيب إلى الحجاج فخلا لهم الجو . و جاء مضاد إلى المدائن فعقد الجسر و نزل عتاب سوق حكم في خمسين ألفاً و سار شبيب بأصحابه في ألف رجل ، فصلى الظهر بساباط و أشرف على عسكر عتاب عند المغرب و قد تخلف عنه أربعمائة من أصحابه فصلى المغرب ، و عبى أصحابه ستمائة سويد بن سليم في مائتين في الميسرة ، و المحلل بن وائل في مائتين في الميمنة و هو في مائتين في القلب . و كان على ميمنة عتاب محمد بن عبد الرحمن بن سعيد و على ميسرته نعيم بن عليم و على الرجالة حنظلة بن الحرث اليربوعي و هو ابن عمه و هم ثلاثة صفوف بين السيوف و الرماح و الرماة . ثم حرض الناس طويلاً و جلس في القلب و معه زهرة بن مرتد و عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث و أبو بكر بن محمد بن أبي جهم العدوي و أقبل شبيب حين أضاء القمر بين العشاءين فحمل على الميسرة و فيها ربيعة فانقضوا و ثبت قبيصة بن والق و عبيد بن الحليس و نعيم بن عل رايتهم حتى قتلوا . ثم حمل شبيب على عتاب بن ورقاء و حمل سويد بن سليم على محمد بن سليم في الميمنة في تميم و همدان و اشتد القتال و خالط شبيب القلب و انفضوا و تركوا عتاباً و فر ابن الأشعث في ناس كثيرين و قتل عتاب بن ورقاء و ركب زهرة بن حوية فقاتل ساعة ثم طعنه عامر بن عمر الثعلبي من الخوارج و وطأته الخيل فقتله الفضل بن عامر الشيباني منهم ، و وقف عليه شبيب و توجع له و نكر الخوارج ذلك و قالوا : أتتوجع لرجل كافر ؟ فقال : أعرف قديمه . ثم رفع السيف عن الناس ودعا للبيعة فبايعوه و هربوا تحت ليلهم و حوى ما في العسكر و أتاه أخوه من المدائن و أقام يومين ثم سار نحو الكوفة و لحق سفيان بن الأبرد و عسكر الشام بالحجاج ، فاستغنى بهم عن أهل الكوفة و اشتد بهم و خطب فوبخ أهل الكوفة و عجزهم و جاء شبيب فنزل حمام أعين فسرح الحجاج إليه الحرث بن معاوية الثقفي في نحو ألف من الشرط لم يشهدوا يوم عتاب فبادر إليه شبيب فقتله و انهزم أصحابه إلى الكوفة و أخرج الحجاج مواليه فأخذوا بأفواه السكك و جاء شبيب فنزل السبخة ظاهر الكوفة و بنى بها مسجداً و سرح مولاه أبا الورد في غلمان لقتاله فحمل عليه شبيب و قتله يظنه الحجاج ثم أخرج إليه مولاه طهمان كذلك فقتله . فركب الحجاج في أهل الشام و جعل سيرة بن عبد الرحمن بن مخنف على أفواه السكك و قعد على كرسيه و نادى في أهل الشام و حرضهم فغضوا الأبصار و جثوا على الركب و شرعوا الرماح و أقبل شبيب في ثلاثة كراديس معه و مع سويد بن سليم و مع المحلل بن وائل و حمل سويد و بيتوا و طاعنوه حتى انصرف و قدم الحجاج كرسيه و حمل المحلل ثانية فكذلك و قدم الحجاج كرسيه فثبتوا له و ألحقوا بأصحابه ، و سرب شبيب سويد بن سليم إلى أهل السكك و كان عليها عروة بن المغيرة بن شعبة فلم يطق دفاعه ثم حمل شبيب فطاعنوه و ردوه و انتهى الحجاج إلى مسجده و صعد و ملك العرصة . و قال له خالد ابن عتاب إئذن لي في قتالهم فإني موتور فأذن له ، فجاءهم من ورائهم و قتل أخا شبيب و غزالة إمرأته و خرق عسكرهم و حمل الحجاج عليهم فانهزموا ، و تخلف شبيب ردأً لهم . فأمر الحجاج أصحابه بموادعتهم و دخل الكوفة فخطب و بشر الناس . ثم سرح حبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ثلاثة آلاف فارس لاتباعه و حذره بيانه فانتهى في أثره إلى الأنبار و قد افترق عن شبيب كثير من أصحابه للأمان الذي نادى الحجاج به ، فجاءه شبيب عند الغروب و قد قسم حبيب جنده أرباعاً و تواصوا بالاستماتة فقاتلهم شبيب طائفة بعد فما زالت قدم إنسان عن موضعها إلى آخر الليل . ثم نزل شبيب و أصحابه و اشتد القتال و كثر القتلى و سقطت الأيدي و فقئت الأعين ، و قتل من أصحابه شبيب نحو ثلاثين و من أهل الشام نحو مائة و أدركهم الإعياء و الفشل جميعاً فانصرف شبيب بأصحابه و قطع دجلة و مر في أرض خوخى . ثم قطع دجلة أخرى عند واسط و مضى على الأهواز و فارس إلى كرمان ليريح بها و قد قيل في هذه الحرب غير هذا ، و هو أن الحجاج بعث إليه أمراء واحداً بعد واحد فقتلهم و كان منهم أعين صاحب حمام أعين و كان غزالة إمرأة شبيب نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين بالبقرة و آل عمران فجاء شبيب و دخل الكوفة ليلاً و أوفت بنذرها . ثم قاتلهم الناس و خرجوا و قام الحجاج في الناس يستشيرهم و برز إليه قتيبة و عذله في بعث الرعاع ينهزمون و يموت قائدهم و الرأي أن تخرج بنفسك فتحالمه فخرج من الغد إلى السبخة و بها شبيب و اختفى مكانه عن القوم و نصب أبا الورد مولاه تحت اللواء فحمل عليه شبيب فقتله . ثم حمل على خالد بن عتاب في الميسرة ثم على مطرف بن ناجية في الميمنة فكشفهما و نزل عند ذلك الحجاج و أصحابه و جلس على عباءة و معه عنبسة بن سعيد و بينما هم على ذلك إذ اختلف الخوارج و قال مصقلة بن مهلهل الضبي لشبيب : ما تقول في صالح بن مسرح ؟ قال : برئت منه . فبرئ مصقلة منه ، و فارقه . و شعر الحجاج بإختلافهم فسرح خالد بن عتاب لقتالهم فقاتلهم في عسكرهم و قتل غزالة و بعث برأسها إلى الحجاج فأمر شبيب من اعترضه فقتل حامله ، و جاء به فغسله و دفنه . و انصرف الخوارج و تبعهم خالد و قتل مضاد أخو شبيب و رجع خالد عنهم بعد أن أبلى . و سار شبيب إلى كرمان . و كتب الحجاج إلى عبد الملك يستمده فبعث إليه سفيان بن الأبرد الكلبي في العساكر فأنفق فيهم المال ، و سرحه بعد انصراف الخوارج بشهرين و كتب إلى عامل البصرة و هو الحكم بن أيوب زوج ابنته أن يبعثه بأربع آلاف فارس من جند البصرة إلى سفيان فبعثهم مع زياد بن عمر العتكي فلحقه ـ ـ ـ انقضاء الحرب . و كان شبيب بعد أن استجم بكرمان أقبل راجعاً فلقي سفيان بالأهواز فعبر إليه جسر دجيل و زحف في ثلاثة كراديس فقاتلهم أشد قتال و حملوا عليهم أكثر من ثلاثين حملة و سفيان و أهل الشام مستميتين يزحفون زحفاً حتى
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
اضطر الخوارج إلى الجسر فنزل شبيب في مائة من أصحابه ، و قاتل إلى المساء حتى إذا جاء الليل انصرف و جاء إلى الجسر فقدم أصحابه و هو على أثرهم فلما مر بالجسر اضطرب حجر تحت حافر فرسه و هو على حرف السفينة فسقط في الماء و غرق و هو يقول : و كان أمر الله مفعولا ، ذلك تقدير العزيز العليم . و جاء صاحب الجسر إلى سفيان و هو يريد الإنصراف بأصحابه فقال : إن رجلاً من الخوارج سقط فتنادوا بينهم غرق أمير المؤمنين و مروا و تركوا عسكرهم فكبر سفيان و أصحابه و ركب إلى الجسر و بعث إلى عسكرهم فحوى ما فيه و كان كثير الخيرات ثم استخرجوا شبيباً من النهر و دفنوه .
خروج المطرف و المغيرة بن شعبة
لما ولى الحجاج الكوفة و قدمها وجد بني المغيرة صلحاء أشرافاً فاستعمل عروة على الكوفة و مطرفاً على المدائن و حمزة على همذان فكانوا أحسن العمال سيرة و أشدهم على المريب . و لما جاء شبيب إلى المدائن نزل نهر شير و مطرف بمدينة الأبواب فقطع مطرف الجسر و بعث إلى شبيب أن يرسل إليه من يعرض عليه الدعوة ، فبعث إليه رجلاً من أصحابه فقالوا نحن ندعو إلى كتاب الله و سنة رسوله ، و أنا نقمنا على قومنا الاستئثار بالفيء و تعطيل الحدود و التسبط بالجزية فقال مطرف دعوتم إلى حق ـ ـ ـ جوراً ظاهراً و أنا لكم متابع فبايعوني على قتال هؤلاء الظلمة بإحداثهم و على الدعاء إلى الكتاب و السنة على الشورى كما تركها عمر بن الخطاب حتى يولي المسلون من يرضونه ، فإن العرب إذا علمت أن المراد بالشورى الرضا من قريش رضوا فكثر مبايعكم فقالوا : لا نجيبك إلى هذا ! و أقاموا أربعة أيام يتناظرون في ذلك و لم يتفقوا و خرجوا من عنده . ثم دعا مطرف أصحابه و أخبرهم بما دار بينه و بين أصحاب شبيب و أن رأيه خلع عبد الملك و الحجاج فوجموا من قوله و أشاروا عليه بالكتمان فقال له يزيد بن أبي زياد مولى أبيه لن و الله يخفى على الحجاج شيء مما وقع و لو كنت في السحاب لاستنزلك فالنجاء بنفسك ، و وافقه أصحابه فسار عن المدائن إلى الجبال و لما كان في بعض الطريق دعا أصحابه إلى الخلع و الدعاء إلى الكتاب و السنة ، و أن يكون الأمر شورى فرجع عنه بعض إلى الحجاج منهم سبرة بن عبد الرحمن مخنف و سار مطرف و مر بحلوان و بها سويد بن عبد الرحمن السعدي مع الأكراد فاعترضوه فأوقع مطرف بهم و أثخن في الأكراد و مال عن همذان ذات اليمين و بها أخو حمزة و استمده بمال و سلاح فأمده سراً . و سار إلى قم و قاشان فبعث عماله في نواحيه و فزع إليه كل جانب فجاء سويد بن سرحان الثفقي و بكير بن هرون النخعي من الري في نحو مائة رجل . و كان على الري عدي بن زياد الأيادي و على أصبهان البراء بن قبيصة فكتب إلى الحجاج بالخبر و استمده فأمده بالرجال ، و كتب إلى عدي بالري أن يجتمع مع البراء على حرب مطرف فاجتمعوا في ستة آلاف و عدي أميرهم . و كتب الحجاج إلى قيس بن سعد البجلي و هو على شرطة حمزة بهمذان بأن يقبض على حمزة و يتولى مكانه فجاءه في جمع من عجل و ربيعة و أقرأه كتاب الحجاج فقال سمعاً و طاعة . و قبض قيس عليه و أودعه السجن و سار عدي و البراء نحو مطرف فقاتلوه و انهزم أصحابه و قتل يزيد مولى أبيه و كان صحاب الراية . و قتل من أصحابه عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف الأزدي و كان ناسكاً صالحاً و كان الذي تولى قتل مطرف عمر بن هبيرة الفزاري . و بعث عدي أهل البلاء إلى الحجاج و أمر بكير بن هرون و سويد بن سرحان ، و كان الحجاج يقول مطرف ليس بولد للمغيرة و إنما هم ابن مصقلة الحر ، لأن أكثر الخوارج كانوا من ربيعة لم يكن فيهم من قيس .
اختلاف الأزارقةقد تقدم لنا مقام المهلب في قتال الأزارقة على سابور بعد مسير عتاب عنه إلى الحجاج و أنه أقام في قتالهم سنة ، و كانت كرمان لهم و فارس للمهلب فانقطع عنهم المدد و ضاقت حالهم فتأخروا إلى كرمان و تبعهم المهلب و نزل خيررفت مدينة كرمان و قاتلهم حتى أزالهم عنها و بعث الحجاج العمال على نواحيها و كتب إليه عبد الملك بتسويغ ـ ـ ـ للمهلب معونة له على الحرب . و بعث الحجاج إلى المهلب البراء بن قبيصة يستحثه لقتال الخواج فسار و قاتلهم و البراء مشرف عليه من ربوة و اشتد قتاله ، و جاء البراء من الليل فتعجب لقتاله و انصرف إلى الحجاج و أنهى غدر المهلب و قاتلهم ثمانية عشر شهراً لا يقدر منهم على شيء . ثم وقع الاختلاف بينهم فقيل في سببه أن المقعطر الضبي و كان عاملاً لقطري على بعض نواحي كرمان قتل بعض الخوارج فطلبوا القود منه فمنعه قطري و قال : تأول فأخطأ ، هو من ذوي السابقة فاختلفوا و قيل بل كان رجل في عسكرهم يصنع النصول مسمومة فيرمي بها أصحاب المهلب فكتب المهلب كتاباً مع رجل و امرأة أن يلتقيه في عسكرهم و فيه وصلت نصالك و قد أنفذت إليك ألف درهم . فلما و قف على الكتاب سأل الصانع فأنكر فقتله فأنكر عليه عبد ربه الكبير و اختلفوا . و قيل بعث المهلب نصرانياً و أمره بالسجود لقطري فقتله بعض الخوارج و ولوا عبد ربه الكبير و خلعوا قطرياً فبقي في نحو الخمسين منهم و أقاموا يقتتلون شهراً ، ثم لحق قطري بطبرستان و أقام عبد ربه بكرمان و قاتلهم المهلب و حاصرهم بخيرفت و لما طال عليهم الحصار خرجوا بأموالهم و حريمهم و هو يقاتلهم حتى أثخن فيهم . ثم دخل خيرفت و سار في اتباعهم فلحقهم على أربعة فراسخ فقاتلهم هو و أصحابه حتى أعيو و كف عنهم . ثم استمات الخوارج و رجعوا فقاتلوه حتى يئس من نفسه . ثم نصره الله عليهم و هزمهم و قتل منهم نحواً من أربعة آلاف كان منهم عبد ربه الكبير و لم
خروج المطرف و المغيرة بن شعبة
لما ولى الحجاج الكوفة و قدمها وجد بني المغيرة صلحاء أشرافاً فاستعمل عروة على الكوفة و مطرفاً على المدائن و حمزة على همذان فكانوا أحسن العمال سيرة و أشدهم على المريب . و لما جاء شبيب إلى المدائن نزل نهر شير و مطرف بمدينة الأبواب فقطع مطرف الجسر و بعث إلى شبيب أن يرسل إليه من يعرض عليه الدعوة ، فبعث إليه رجلاً من أصحابه فقالوا نحن ندعو إلى كتاب الله و سنة رسوله ، و أنا نقمنا على قومنا الاستئثار بالفيء و تعطيل الحدود و التسبط بالجزية فقال مطرف دعوتم إلى حق ـ ـ ـ جوراً ظاهراً و أنا لكم متابع فبايعوني على قتال هؤلاء الظلمة بإحداثهم و على الدعاء إلى الكتاب و السنة على الشورى كما تركها عمر بن الخطاب حتى يولي المسلون من يرضونه ، فإن العرب إذا علمت أن المراد بالشورى الرضا من قريش رضوا فكثر مبايعكم فقالوا : لا نجيبك إلى هذا ! و أقاموا أربعة أيام يتناظرون في ذلك و لم يتفقوا و خرجوا من عنده . ثم دعا مطرف أصحابه و أخبرهم بما دار بينه و بين أصحاب شبيب و أن رأيه خلع عبد الملك و الحجاج فوجموا من قوله و أشاروا عليه بالكتمان فقال له يزيد بن أبي زياد مولى أبيه لن و الله يخفى على الحجاج شيء مما وقع و لو كنت في السحاب لاستنزلك فالنجاء بنفسك ، و وافقه أصحابه فسار عن المدائن إلى الجبال و لما كان في بعض الطريق دعا أصحابه إلى الخلع و الدعاء إلى الكتاب و السنة ، و أن يكون الأمر شورى فرجع عنه بعض إلى الحجاج منهم سبرة بن عبد الرحمن مخنف و سار مطرف و مر بحلوان و بها سويد بن عبد الرحمن السعدي مع الأكراد فاعترضوه فأوقع مطرف بهم و أثخن في الأكراد و مال عن همذان ذات اليمين و بها أخو حمزة و استمده بمال و سلاح فأمده سراً . و سار إلى قم و قاشان فبعث عماله في نواحيه و فزع إليه كل جانب فجاء سويد بن سرحان الثفقي و بكير بن هرون النخعي من الري في نحو مائة رجل . و كان على الري عدي بن زياد الأيادي و على أصبهان البراء بن قبيصة فكتب إلى الحجاج بالخبر و استمده فأمده بالرجال ، و كتب إلى عدي بالري أن يجتمع مع البراء على حرب مطرف فاجتمعوا في ستة آلاف و عدي أميرهم . و كتب الحجاج إلى قيس بن سعد البجلي و هو على شرطة حمزة بهمذان بأن يقبض على حمزة و يتولى مكانه فجاءه في جمع من عجل و ربيعة و أقرأه كتاب الحجاج فقال سمعاً و طاعة . و قبض قيس عليه و أودعه السجن و سار عدي و البراء نحو مطرف فقاتلوه و انهزم أصحابه و قتل يزيد مولى أبيه و كان صحاب الراية . و قتل من أصحابه عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف الأزدي و كان ناسكاً صالحاً و كان الذي تولى قتل مطرف عمر بن هبيرة الفزاري . و بعث عدي أهل البلاء إلى الحجاج و أمر بكير بن هرون و سويد بن سرحان ، و كان الحجاج يقول مطرف ليس بولد للمغيرة و إنما هم ابن مصقلة الحر ، لأن أكثر الخوارج كانوا من ربيعة لم يكن فيهم من قيس .
اختلاف الأزارقةقد تقدم لنا مقام المهلب في قتال الأزارقة على سابور بعد مسير عتاب عنه إلى الحجاج و أنه أقام في قتالهم سنة ، و كانت كرمان لهم و فارس للمهلب فانقطع عنهم المدد و ضاقت حالهم فتأخروا إلى كرمان و تبعهم المهلب و نزل خيررفت مدينة كرمان و قاتلهم حتى أزالهم عنها و بعث الحجاج العمال على نواحيها و كتب إليه عبد الملك بتسويغ ـ ـ ـ للمهلب معونة له على الحرب . و بعث الحجاج إلى المهلب البراء بن قبيصة يستحثه لقتال الخواج فسار و قاتلهم و البراء مشرف عليه من ربوة و اشتد قتاله ، و جاء البراء من الليل فتعجب لقتاله و انصرف إلى الحجاج و أنهى غدر المهلب و قاتلهم ثمانية عشر شهراً لا يقدر منهم على شيء . ثم وقع الاختلاف بينهم فقيل في سببه أن المقعطر الضبي و كان عاملاً لقطري على بعض نواحي كرمان قتل بعض الخوارج فطلبوا القود منه فمنعه قطري و قال : تأول فأخطأ ، هو من ذوي السابقة فاختلفوا و قيل بل كان رجل في عسكرهم يصنع النصول مسمومة فيرمي بها أصحاب المهلب فكتب المهلب كتاباً مع رجل و امرأة أن يلتقيه في عسكرهم و فيه وصلت نصالك و قد أنفذت إليك ألف درهم . فلما و قف على الكتاب سأل الصانع فأنكر فقتله فأنكر عليه عبد ربه الكبير و اختلفوا . و قيل بعث المهلب نصرانياً و أمره بالسجود لقطري فقتله بعض الخوارج و ولوا عبد ربه الكبير و خلعوا قطرياً فبقي في نحو الخمسين منهم و أقاموا يقتتلون شهراً ، ثم لحق قطري بطبرستان و أقام عبد ربه بكرمان و قاتلهم المهلب و حاصرهم بخيرفت و لما طال عليهم الحصار خرجوا بأموالهم و حريمهم و هو يقاتلهم حتى أثخن فيهم . ثم دخل خيرفت و سار في اتباعهم فلحقهم على أربعة فراسخ فقاتلهم هو و أصحابه حتى أعيو و كف عنهم . ثم استمات الخوارج و رجعوا فقاتلوه حتى يئس من نفسه . ثم نصره الله عليهم و هزمهم و قتل منهم نحواً من أربعة آلاف كان منهم عبد ربه الكبير و لم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
ينج إلا القليل . و بعث المهلب المبشر إلى الحجاج فأخبره و سأله عن بني المهلب عليهم واحداً واحداً قال : فأيهم كان أنجد ؟ قال : كانوا كالحلقة المفزعة لا يعرف طرفها . فاستحسن قوله و كتب إلى المهلب يشكره و يأمره أن يولي على كرمان من يراه و ينزل حامية و يقدم عليه ، فولى عليها إبنه يزيد و قدم على الحجاج فاحتفل لقدومه و أجلسه إلى جانبه و قال : يا أهل العراق أنتم عبيد المهلب ! و سرح سفيان بن الأبرد الكلبي في جيش عظيم نحو طبرستان لطلب قطري و عبيدة بن هلال و من معهم من الخوارج . و التقوا هنالك بإسحق بن محمد بن الأشعث في أهل الكوفة و اجتمعا على طلبهم ، فلقوهم في شعب من شعاب طبرستان و قاتلوهم فافترقوا عن قطري و وقع عن دابته فتدهده إلى أسفل الشعب و مر به علج فاستقاه على أن يعطيه سلاحه ، فعمد إلى أعلى الشعب و حدر عليه حجراً من فوق الشعب فأصابه في رأسه فأوهنه و نادى بالناس فجاء في أولهم نفر من أهل الكوفة فقتلوه ـ ـ ـ منهم سورة بن أبجر التميمي و جعفر بن عبد الرحمن بن مخنف و السياح بن محمد بن الأشعث و حمل رأسه أبو الجهم إلى إسحق بن محمد فبعث به الحجاج ، و بعثه الحجاج إلى عبد الملك و ركب سفيان فأحاط بالخوارج و حاصرهم حتى أكلوا دوابهم ، ثم خرجوا إليه و استماتوا فقتلهم أجمعين و بعث برؤوسهم إلى الحجاج و دخل دنباوند و طبرستان فكان هناك حتى عزله الحجاج قبل دير الجماجم . قال بعض العلماء و انقرضت الأزارقة بعد قطري و عبيدة آخر رؤسائهم و أول رؤسائهم نافع بن الأزرق . و اتصل أمرهم بضعاً و عشرين سنة إلى أن افترقوا كما ذكرناه سنة سبع و سبعين فلم تظهر لهم جماعة ، إلى رأس المائة .
خروج سودبخرج سودب هذا أيام عمر بن عبد العزيز على رأس المائة و اسمه بسطام و هو من بني يشكر فخرج في مائتي رجل و سار في خوخى و عامل الكوفة يومئذ عبد الحميد ابن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب . فكتب إليه عمر أن لا يعرض لهم حتى يقتلوا أو يفسدوا فيوجه إليهم الجند مع صليب حازم فبعث عبد الحميد بن جرير بن عبد الله البجلي في ألفين فأقام بازائة لا يحركه . و كتب عمر إلى سودب : بلغني أنك خرجت غضباً لله و لرسوله ، و كنت أولى بذلك مني ، فهلم إلي أناظرك فإن كان الحق معنا دخلت مع الناس ، و إن كان الحق معك نظرنا في أمرك . فبعث إليه عاصماً الحبشي مولى بني شيبان و رجلاً من بني يشكر فقدما عليه بخاصر فسألهما ما أخرجكم و ما الذي نقمتم ؟ فقال عاصم ما نقمنا سيرتك إنك لتتحرى العدل و الإحسان فأخبرنا عن قيامك بهذا الأمر مشورة من الناس أم غلبت عليه ؟ قال عمر : ما سألته و لا غلبت عليه و عهد إلي رجل قبلي فقمت و لم ينكر أحد ، و مذهبكم الرضا لكل من عدل ، و إن أنا خالفت الحق فلا طاعة لي عليكم . قالا : فقد خالفت أعمال أهل بيتك و سميتها مظالم فتبرأ منهم و العنهم فقال عمر : أنتم تريدون الآخرة و قد أخطأتم طريقها ، و إن الله لم يشرع اللعن . و قد قال إبراهيم : و من عصاني فإنك غفور رحيم و قال : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده و بقي تسمية أعمالهم مظالم ذماً ، و لو كان لعن اهل الذنوب فريضة لوجب عليكم لعن فرعون ، أنتم لا تلعنونه و هو أخبث الخلق ، فكيف ألعن انا أهل بيتي و هم مصلون صائمون و لم يكفروا بظلمهم ! لأن النبي صلى الله عليه و سلم دعا إلى الإيمان و الشريعة ، فمن عمل بها قبل منه ، و من أحدث حدثاً فرض عليه الحد . فقالا : فإن النبي صلى الله عليه و سلم دعا إلى التوحيد و الإقرار بما نزل عليه . فقال عمر : و ليس أحد ينكر ما نزل عليه و لا يقول لا أعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، لكن القوم أسرفوا على أنفسهم . قال عاصم : فابرأ منهم و رد أحكامهم . قال عمر : أتعلمان ان أبا بكر سبى أهل الردة و أن عمر ردها بالفدية و لم يبرأ من أبي بكر و أنتم لا تبرؤون من واحد منهما . قال : فأهل النهروان خرج أهل الكوفة منهم فلم يقتتلوا و لا استعرضوا و خرج أهل البصرة فقتلوا عبد الله بن حباب و جارية حاملاً ، و لم يتبرأ من لم يقتل ممن قتل و استعرض ، و لا أنتم تتبرؤن من واحد منهما . و كيف ينفعكم ذلك مع علمكم باختلاف أعمالكم ؟ و لا يسعني أنا البراءة من أهل بيتي و الدين واحد فاتقوا الله و لا تقبلوا المردود و تردوا المقبول ، و قد أمن رسول الله صلىالله عليه وسلم من شهد شهادة الإسلام و عصم ماله و دمه ، و أنتم تقتلونه و يأمن عندكم سائر الأديان و تحرمون دماءهم و أموالهم فقال اليشكري من استأمن على قوم و أموالهم فعدل فيها ثم صيرها بعده إلى رجل غير مأمون أتراه أدى الحق الذي لزمه ؟ فكيف تسلم هذا الأمر بعدك إلى يزيد مع علمك أنه لا يعدل فيه ؟ فقال : إنما ولاه غيري و المسلمون أولى بذلك بعدي . قال : فهو حق ممن فعله و ولاه ، قال أنظراني ثلاثاً ثم جاءه عاصم فرجع عن رأي الخوارج و قال له اليشكري : أعرض عليهم ما قلت و اسمع حجتهم . و أقام عاصم عند عمرو و أمر له بالعطاء و توفي عمر لأيام قلائل و محمد بن جرير ينتظر عود الرسل . و لما مات عمر كتب عبد الحميد إلى محمد بن جرير بمناجرة سودب قبل أن يصل إليهم خبر عمر ، فقالت الخوارج ما خالف هؤلاء ميعادهم إلا وقد مات الرجل الصالح . و اقتتلوا فانهزم محمد بن جرير و اتبعه الخوارج إلى الكوفة ، و جعوا و قدم على سودب صاحباه و أخبراه بموت عمر ، و سرح يزيد تميم بن الحباب في ألفين فهزمه أصحابه ، ثم بعث إليهم الشجاع بن وادع في ألفين فقتلوه و هزموه بعد أن قتل منهم هدبة ابن عم سودب و بقي الخوارج بمكانهم . و جاء مسلمة إلى الكوفة فأرسل سعيد بن عمرو الحريشي في عسكر آلاف فاستماتت الخوارج و كشفوا العساكر مراراً ثم حملوا عليهم
خروج سودبخرج سودب هذا أيام عمر بن عبد العزيز على رأس المائة و اسمه بسطام و هو من بني يشكر فخرج في مائتي رجل و سار في خوخى و عامل الكوفة يومئذ عبد الحميد ابن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب . فكتب إليه عمر أن لا يعرض لهم حتى يقتلوا أو يفسدوا فيوجه إليهم الجند مع صليب حازم فبعث عبد الحميد بن جرير بن عبد الله البجلي في ألفين فأقام بازائة لا يحركه . و كتب عمر إلى سودب : بلغني أنك خرجت غضباً لله و لرسوله ، و كنت أولى بذلك مني ، فهلم إلي أناظرك فإن كان الحق معنا دخلت مع الناس ، و إن كان الحق معك نظرنا في أمرك . فبعث إليه عاصماً الحبشي مولى بني شيبان و رجلاً من بني يشكر فقدما عليه بخاصر فسألهما ما أخرجكم و ما الذي نقمتم ؟ فقال عاصم ما نقمنا سيرتك إنك لتتحرى العدل و الإحسان فأخبرنا عن قيامك بهذا الأمر مشورة من الناس أم غلبت عليه ؟ قال عمر : ما سألته و لا غلبت عليه و عهد إلي رجل قبلي فقمت و لم ينكر أحد ، و مذهبكم الرضا لكل من عدل ، و إن أنا خالفت الحق فلا طاعة لي عليكم . قالا : فقد خالفت أعمال أهل بيتك و سميتها مظالم فتبرأ منهم و العنهم فقال عمر : أنتم تريدون الآخرة و قد أخطأتم طريقها ، و إن الله لم يشرع اللعن . و قد قال إبراهيم : و من عصاني فإنك غفور رحيم و قال : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده و بقي تسمية أعمالهم مظالم ذماً ، و لو كان لعن اهل الذنوب فريضة لوجب عليكم لعن فرعون ، أنتم لا تلعنونه و هو أخبث الخلق ، فكيف ألعن انا أهل بيتي و هم مصلون صائمون و لم يكفروا بظلمهم ! لأن النبي صلى الله عليه و سلم دعا إلى الإيمان و الشريعة ، فمن عمل بها قبل منه ، و من أحدث حدثاً فرض عليه الحد . فقالا : فإن النبي صلى الله عليه و سلم دعا إلى التوحيد و الإقرار بما نزل عليه . فقال عمر : و ليس أحد ينكر ما نزل عليه و لا يقول لا أعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، لكن القوم أسرفوا على أنفسهم . قال عاصم : فابرأ منهم و رد أحكامهم . قال عمر : أتعلمان ان أبا بكر سبى أهل الردة و أن عمر ردها بالفدية و لم يبرأ من أبي بكر و أنتم لا تبرؤون من واحد منهما . قال : فأهل النهروان خرج أهل الكوفة منهم فلم يقتتلوا و لا استعرضوا و خرج أهل البصرة فقتلوا عبد الله بن حباب و جارية حاملاً ، و لم يتبرأ من لم يقتل ممن قتل و استعرض ، و لا أنتم تتبرؤن من واحد منهما . و كيف ينفعكم ذلك مع علمكم باختلاف أعمالكم ؟ و لا يسعني أنا البراءة من أهل بيتي و الدين واحد فاتقوا الله و لا تقبلوا المردود و تردوا المقبول ، و قد أمن رسول الله صلىالله عليه وسلم من شهد شهادة الإسلام و عصم ماله و دمه ، و أنتم تقتلونه و يأمن عندكم سائر الأديان و تحرمون دماءهم و أموالهم فقال اليشكري من استأمن على قوم و أموالهم فعدل فيها ثم صيرها بعده إلى رجل غير مأمون أتراه أدى الحق الذي لزمه ؟ فكيف تسلم هذا الأمر بعدك إلى يزيد مع علمك أنه لا يعدل فيه ؟ فقال : إنما ولاه غيري و المسلمون أولى بذلك بعدي . قال : فهو حق ممن فعله و ولاه ، قال أنظراني ثلاثاً ثم جاءه عاصم فرجع عن رأي الخوارج و قال له اليشكري : أعرض عليهم ما قلت و اسمع حجتهم . و أقام عاصم عند عمرو و أمر له بالعطاء و توفي عمر لأيام قلائل و محمد بن جرير ينتظر عود الرسل . و لما مات عمر كتب عبد الحميد إلى محمد بن جرير بمناجرة سودب قبل أن يصل إليهم خبر عمر ، فقالت الخوارج ما خالف هؤلاء ميعادهم إلا وقد مات الرجل الصالح . و اقتتلوا فانهزم محمد بن جرير و اتبعه الخوارج إلى الكوفة ، و جعوا و قدم على سودب صاحباه و أخبراه بموت عمر ، و سرح يزيد تميم بن الحباب في ألفين فهزمه أصحابه ، ثم بعث إليهم الشجاع بن وادع في ألفين فقتلوه و هزموه بعد أن قتل منهم هدبة ابن عم سودب و بقي الخوارج بمكانهم . و جاء مسلمة إلى الكوفة فأرسل سعيد بن عمرو الحريشي في عسكر آلاف فاستماتت الخوارج و كشفوا العساكر مراراً ثم حملوا عليهم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
فطحنوهم طحناً . و قتل سودب و أصحابه و لم يبق منهم أحد ، و ضعف أمر الخوارج إلى ظهور أيام هشام سنة عشرين و مائة بهلول بن بشر بن شيبان و بلغت كنارة ، و كان لما عزم على الخوارج حج و لقي بمكة من كان على رأيه ، فأبعدوا إلى قرية من قرى الموصل و اجتمعوا بها و هم أربعون و أمروا عليهم البهلول و أخفوا أنفسهم بأنهم قدموا من عند هشام و مروا بقرية كان بهلول ابتاع منها خلاً فوجده خمراً و أبى البائع من رده و استعدى عليه عامل القرية ، فقال : الخمر خير منك و من قومك فقتلوه و أظهروا أمرهم و قصدوا خالد القسري بواسط و تعللوا عليه بأنه يهدم المساجد و يبني الكنائس و يولي المجرد على المسلمين . و جاء الخبر إلى خالد فتوجه من واسط إلى الحيرة و كان بها جند من بني العين نحو ستمائة بعثوا مدداً لعامل الهند ، فبعثهم خالد مع مقدمهم لقتال بهلول و أصحابه و ضم إليهم مائتين من الشرط و التقوا على الفرات ، فقتل مقدمهم و انهزموا إلى الكوفة . و بعث خالد عابداً الشيباني من بني حوشب بن يزيد بن رويم فلقيه بين الموصل و الكوفة فهزمهم إلى الكوفة و ارتحل يريد الموصل . ثم بدا له و سار يريد هشاماً بالشام و بعث خالد جنداً من العراق و عامل الجزيرة جنداً ، و بعث هشام جنداً فاجتمعوا بين الجزيرة و الموصل بكحيل و هم في عشرين ألفاً و بهلول في سبعين فقاتلوا و استماتوا و صرع بهلول و سأله أصحابه العهد فعهد إلى دعامة الشيباني ثم إلىعمر اليشكري من بعده . ومات بهلول من ليلته و هرب دعامة و تركهم ثم خرج عمر اليشكري فلم يلبث أن قتل . ( ثم خرج ) على خالد بعد ذلك بسنتين الغفري صاحب الأشهب و بهذا كان يعرف فبعث إليه السمط بن مسلم البجلي في أربعة آلاف فالتقوا بناحية الفرات فانهزمت الخوارج و لقيهم عبيد أهل الكوفة و غوغاؤهم فرموهم بالحجارة حتى قتلوهم . ثم خرج وزير السختياني على خالد بالحيرة فقتل و أحرق القرى فوجه إليه خالد جنداً فقتلوا أصحابه ، و أثخن بالجراح و أتى به خالد فوعظه فأعجبه وعظه فأعفاه من القتل . و كان يسامره بالليل و سعى بخالد إلى هشام و أنه أخذ حرورياً يستحق القتل فجعله سميراً ، فكتب إليه هشام بقتله فقتله . ثم خرج ذلك الصخاري بن شبيب بالفريفية فمضى و ندم خالد فطلبه فلم يرجع ، و أتى جبل و بها نفر من اللات بن ثعلبة فأخبرهم و قال : إنما أردت التوصل إليه لأقتله بفلان من قعدة الصغرية كان خالد قتله صبراً . ثم خرج معه ثلاثون منهم فوجه إليهم خالد جنداً فلقوهم بناحية المناذر فاقتتلوا فقتل الصحارى و أصحابه أجمعون . و رد أمر الخوارج بعد ذلك مرة فلما وقعت الفتن أيام هشام بالعراق و الشام و شغل مروان بمن انتقض عليه فخرج بأرض كفريموتا سعيد بن بهدل الشيباني في مائتين من أهل الجزيرة و كان على رأي الحرورية ، و خرج بسطام البهسي في مثل عدتهم من ربيعة ، و كان مخالفاً لرأيه ، فبعث إليه من الصغرية أربعة آلاف أو يزيدون . و ولى مروان على العراق النضر بن سعيد الحريشي و عزل به عبد الله بن عمر بن عبد العزيز فامتنع عبد الله بالحيرة ، و سار إليه النضر و تحاربا أشهراً . و كانت الصغرية مع النضر عصبة لمروان لطلبه بدم الوليد و أمه قيسية . فلما علم الضحاك و الخوارج بإختلافهم ، و أقبل إلى العراق سنة سبع و عشرين و زحف إليهم فتراسل ابن عمر و النضر و تعاقدا و اجتمعا لقتاله بالكوفة ، و كل واحد منهما يصلى بأصحابه و ابن عمر أمير على الناس و جاء الخوارج فقاتلوهم فهزموهم إلى خندقهم ثم قاتلوهم في اليوم الثاني كذلك فسلك الناس إلى واسط منهم النضر بن سعيد الحريشي و منصور اين جمهور و إسمعيل أخوخالد القسري و غيرهم من الوجوه . فلحق ابن عمر بواسط و استولى الضحاك على الكوفة و عادت الحرب بين ابن عمر و النضر . ثم زحف إليهما الضحاك فاتفقا وقاتلا حتى ضرستهما الحرب ، و لحق منصور بن جمهور بالضحاك و الخوارج و بايعهم ثم صالحهم ابن عمر ليشغلوا مروان عنه ، و خرج إليهم و صلى خلف الضحاك و بايعه و كان معه سليمان بن هشام وصل إليه هارباً من حمص لما انتقض بها و عليه و عليها مروان فلحق بابن عمر و بايع معه الضحاك و صار معه و حرضه على مروان إنما لحق بالضحاك و هو يحاصر نضيراً و تزوج أخت شيبان الحروري . فرجع الضحاك إلى الكوفة و سار منها إلى الموصل و عليهم القطران أم أكمه من بني شيبان عامل لمروان فأدخلهم أهل البلد و قاتلهم القطرن فقتل و من معه و بلغ الخبر إلى مروان و هو يحاصر حمص فكتب إلى ابنه عبد الله أن يسير إلى يمانع الضحاك عن توسط الجزيرة فسار في ثمانية آلاف فارس و الضحاك في مائة ألف و حاصره بنصيبين . ثم سار مروان بن محمد إليه فالتقيا عند كفريموتا من نواحي ماردين فقاتله عامة يومه إلى الليل و ترجل الضحاك في نحو ستة آلاف و قاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم و عثر على الضحاك في القتلى فبعث مروان برأسه إلى الجزيرة و أصبح الخوارج فبايعوا الخبيري قائد الضحاك و عاودوا الحرب مع مروان فهزموه و انتهوا إلى خيامه فقطعوا أطنابهم و جلس الخبيري على فرشه و الجناحان ثابتان و على الميمنة عبد الله بن مروان و على الميسرة اسحق بن مسلم العقيلي فلما انكشف قله الخوارج أحاطوا بهم في مخيم مروان فقتلوهم جميعاً و الخبيري معهم . و رجع مروان من نحو ستة أميال و انصرف الخوارج و بايعوا شيبان الحروري و هو شيبان بن عبد العزيز اليشكري و يكنى أبا الدلقاء و قاتلهم مروان بعد ذلك بالكراديس و أبطل الصف من يومئذ و أقام في قتالهم أياماً وانصرف عن شيبان كثير منهم و ارتحلوا إلى الموصل بإشارة سليمان بن هشام و عسكروا شرقي دجلة ، و عقدوا الجسور و اتبعهم مروان فقاتلهم لتسعة أشهر ، و قتل من الطائفتين خلق كثير و أسر ابن أخ لسليمان بن هشام اسمه أمية بن معاوية فقطعه ثم ضرب عنقه و كتب مروان إلى يزيد بن عمر بن هبيرة و هو بقرقيسيا يأمره بالسير إلى العراق و ولاه عليها و على الكوفة يومئذ المثنى بن عمران العائدي من قريش خليفة للخوارج فلقي ابن هبيرة بعين التمر فاقتتلوا و انهزمت الخوارج . ثم
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
تجمعوا له بالنخيلة ظاهر الكوفة فهزمهم ، ثم تجمعوا بالبصرة فأرسل شيبان إليهم عبيدة بن سوار في خيل عظيمة فهزمهم ابن هبيرة و قتل عبيدة و استباح عسكرهم ، و استولى على العراق و كان منصور بن جمهور مع الخوارج فمضى إلى الماهين و غلب عليها و على الخيل جميعاً ، و سار ابن هبيرة إلى واسط فحبس ابن عمر و كان سليمان بن حبيب عامل ابن عمر على الأهواز فبعث ابن هبيرة إليه نباته بن حنظلة ، و بعث هو داود بن حاتم و التقيا على دجلة فانهزم داود و قتل و كتب مروان إلى ابن هبيرة أن يبعث إليه عامر بن ضبابة المزني فبعثه في ثمانية آلاف و بعث شيبان لاعتراضه الجون بن كلاب الخارجي في جمع فانهزم عامر و تحصن بالسند و جعل مروان يمده بالجنود و كان منصور بن جمهور بالجبل يمد شيبان بالأموال . ثم كثرت جموع عامر فخرج إلى الجون و الخوارج اللذين يحاصرونه فهزمهم و قتل الجون و سار قاصداً الخوارج بالموصل ، فارتحل شيبان عنها و قدم عامر على مروان فبعثه في اتباع شيبان ، فمر على الجبل و خرج على بيضاء فارس و بها يومئذ عامر بن عبد الله بن حطوية بن جعفر في جموع كثيرة ، فسار ابن معاوية إلى كرمان وقاتله عامر فهزمه و لحق بهراة و سار عامر بمن معه فلقي شيبان و الخوارج بخيرفت فهزمهم و استباح عسكرهم و مضى شيبان إلى سجستان فهلك بها سنة ثلاثين و مائة ، و قيل بل كان قتال مروان و شيبان على الموصل شهراً ، ثم انهزم شيبان و لحق بفارس و عامر بن صراة في اتباعه ، ثم سار شيبان إلى جزيرة ابن كاوان ، و أقام بها . و لما ولي السفاح بعث حارثة بن خزيمة لحرب الخوارج هنالك لموجدة وجدها عليه ، فأشير عليه ببعثه لذلك . فسار في عسكر إلى البصرة و ركب السفن إلى جزيرة ابن كاوان ، و بعث فضالة بن نعيم النهيلي في خمسمائة ، فانهزم شيبان إلى عمان و قاتل هناك و قتله جلندي بن مسعود بن جعفر بن جلندي و من معه سنة أربع و ثلاثين . و ركب سليمان بن هشام السفن بأهله و مواليه إلى الهند بعد مسير شيبان إلى جزيرة ابن كاوان حتى إذ بويع السفاح قدم عليه و أنشده سديف البتين المعروفين و هما :
لايغرنك ما ترى من رجال إن بين الضلوع داء دويا
فضع السيف و ارفع الصوت حتى لا ترى فوق ظهرها أمويا
فقتله السفاح و انصرف مروان بعد مسير شيبان إلى الموصل إلى منزله بحران . فلم يزل بها حتى سار إلى الزاب ، و مضى شيبان بعد سلمة إلى خراسان و الفتنة بها يومئذ بين نصر ابن سيار و الكرماني و الحرث بن شريح و قد ظهر أبو مسلم بالدعوة فكان له من الحوادث معهم ما ذكرناه و اجتمع مع علي بن الكرماني على قتال نصر بن سيار فلما صالح الكرماني أبا مسلم كما مر و فارق شيبان تنحى شيبان عن عمر لعلمه أنه لا يقاومه . ثم هرب نصر بن سيار إلى سرخس و استقام أمر أبي مسلم بخراسان ، فأرسل إلى شيبان يدعوه إلى البيعة و يأذنه بالحرب ، و استجاش بالكرماني فأبى ، فسار إلى سرخس و اجتمع إليه الكثير من بكر بن وائل ، و أرسل إليه أبو مسلم في الموادعة ، فحبس الرسل ، فكتب أبو مسلم إلى بسام بن إبراهيم مولى بني ليث بالمسير إلى شيبان فسار إليه فهزمه و قتل في عدة من بكر بن وائل . و يقال إن خزيمة بن حازم حضر مع بسام في ذلك .
خبر أبي حمزة و طالب و إسحقكان اسم أبي حمزة الخارجي المختار بن عوف الأزدي البصري و كان من الخوارج الإباضية و كان يوافي مكة كل موسم يدعو إلى خلاف مروان ، و جاء عبد الله ابن يحيى المعروف بطالب الحق سنة ثمان و عشرين و هو من حضرموت فقال له : إنطلق معي فإني مطاع في قومي . فانطلق معه إلى حضرموت و بايعه على الخلافة و بعثه عبد الله سنة تسع و عشرين مع بلخ بن عقبة الأزدي في سبعمائة فقدموا مكة و حكموا بالموقف و عامل المدينة يومئذ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، فطلبهم في الموادعة حتى ينقض الموسم . و أقام للناس حجهم و نزل بمنى و بعث إلى أبي حمزة عبيد الله بن حسن بن الحسن و محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان و عبد الرحمن بن القاسم بن محمد و عبيد الله ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن في أمثالهم ، فكشر في وجه العلوي و العثماني و انبسط إلى البكري و العمري ، و قال لهما : ما خرجنا إلا بسيرة أبويكما ! فقال له عبيد الله بن حسن : ما جئنا للتفضيل بين آبائنا و إنما جئنا برسالة من الأمير و ربيعة يخبرك بها . ثم أحكموا معه الموادعة إلى مدتها . و نفر عبد الواحد في النفر الأول فمضى إلى المدينة و ضرب على أهلها البعث و زادهم في العطاء عشرة و بعث عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمر ابن عثمان ، فانتهوا إلى فديك . و جاءتهم رسل أبي حمزة يسألونهم التجافي عن حربهم و أن يخلوا بينهم و بين عدوهم فلما نزلوا قديد و كانوا مترفين ليسوا بأصحاب حرب ، فطلع عليهم أصحاب أبي حمزة من الغياض فأثخنوا فيهم و كان قتلاهم نحو سبعمائة من قريش . و بلغ الخبر إلى عبد الواحد فلحق بالشام و دخل أبو حمزة المدينة منتصف صفر سنة ثلاثين و خطب على المنبر و أعلن بدعوته و وعظ ، و ذكر و رد مقالات من عليهم و سفه رأيهم و أحسن السيرة في أهل المدينة و استمالهم حتى سمعوه يقول : من زنا فهو كافر و من سرق فهو كافر و أقام ثلاثة أشهر ، ثم ودعهم و سار نحو الشام . و كان مروان قد سرح إليهم عبد الملك بن محمد بن عطية بن هوزان في أربعة آلاف ليقتل الخوارج حتى يبلغ اليمن فلقي أبا حمزة في وادي القرى ، فانهزمت الخوارج و قتل أبو حمزة و لحق فلهم بالمدينة . و سار عطية في أثرهم إلى المدينة فأقام بها شهراً ، ثم سار إلى اليمن و استخلف على المدينة الوليد ابن أخيه عروة ، و على مكة رجلاً من أهل الشام .و بلغ عبد الله طالب الحق مسيرة إليه و
لايغرنك ما ترى من رجال إن بين الضلوع داء دويا
فضع السيف و ارفع الصوت حتى لا ترى فوق ظهرها أمويا
فقتله السفاح و انصرف مروان بعد مسير شيبان إلى الموصل إلى منزله بحران . فلم يزل بها حتى سار إلى الزاب ، و مضى شيبان بعد سلمة إلى خراسان و الفتنة بها يومئذ بين نصر ابن سيار و الكرماني و الحرث بن شريح و قد ظهر أبو مسلم بالدعوة فكان له من الحوادث معهم ما ذكرناه و اجتمع مع علي بن الكرماني على قتال نصر بن سيار فلما صالح الكرماني أبا مسلم كما مر و فارق شيبان تنحى شيبان عن عمر لعلمه أنه لا يقاومه . ثم هرب نصر بن سيار إلى سرخس و استقام أمر أبي مسلم بخراسان ، فأرسل إلى شيبان يدعوه إلى البيعة و يأذنه بالحرب ، و استجاش بالكرماني فأبى ، فسار إلى سرخس و اجتمع إليه الكثير من بكر بن وائل ، و أرسل إليه أبو مسلم في الموادعة ، فحبس الرسل ، فكتب أبو مسلم إلى بسام بن إبراهيم مولى بني ليث بالمسير إلى شيبان فسار إليه فهزمه و قتل في عدة من بكر بن وائل . و يقال إن خزيمة بن حازم حضر مع بسام في ذلك .
خبر أبي حمزة و طالب و إسحقكان اسم أبي حمزة الخارجي المختار بن عوف الأزدي البصري و كان من الخوارج الإباضية و كان يوافي مكة كل موسم يدعو إلى خلاف مروان ، و جاء عبد الله ابن يحيى المعروف بطالب الحق سنة ثمان و عشرين و هو من حضرموت فقال له : إنطلق معي فإني مطاع في قومي . فانطلق معه إلى حضرموت و بايعه على الخلافة و بعثه عبد الله سنة تسع و عشرين مع بلخ بن عقبة الأزدي في سبعمائة فقدموا مكة و حكموا بالموقف و عامل المدينة يومئذ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، فطلبهم في الموادعة حتى ينقض الموسم . و أقام للناس حجهم و نزل بمنى و بعث إلى أبي حمزة عبيد الله بن حسن بن الحسن و محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان و عبد الرحمن بن القاسم بن محمد و عبيد الله ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن في أمثالهم ، فكشر في وجه العلوي و العثماني و انبسط إلى البكري و العمري ، و قال لهما : ما خرجنا إلا بسيرة أبويكما ! فقال له عبيد الله بن حسن : ما جئنا للتفضيل بين آبائنا و إنما جئنا برسالة من الأمير و ربيعة يخبرك بها . ثم أحكموا معه الموادعة إلى مدتها . و نفر عبد الواحد في النفر الأول فمضى إلى المدينة و ضرب على أهلها البعث و زادهم في العطاء عشرة و بعث عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمر ابن عثمان ، فانتهوا إلى فديك . و جاءتهم رسل أبي حمزة يسألونهم التجافي عن حربهم و أن يخلوا بينهم و بين عدوهم فلما نزلوا قديد و كانوا مترفين ليسوا بأصحاب حرب ، فطلع عليهم أصحاب أبي حمزة من الغياض فأثخنوا فيهم و كان قتلاهم نحو سبعمائة من قريش . و بلغ الخبر إلى عبد الواحد فلحق بالشام و دخل أبو حمزة المدينة منتصف صفر سنة ثلاثين و خطب على المنبر و أعلن بدعوته و وعظ ، و ذكر و رد مقالات من عليهم و سفه رأيهم و أحسن السيرة في أهل المدينة و استمالهم حتى سمعوه يقول : من زنا فهو كافر و من سرق فهو كافر و أقام ثلاثة أشهر ، ثم ودعهم و سار نحو الشام . و كان مروان قد سرح إليهم عبد الملك بن محمد بن عطية بن هوزان في أربعة آلاف ليقتل الخوارج حتى يبلغ اليمن فلقي أبا حمزة في وادي القرى ، فانهزمت الخوارج و قتل أبو حمزة و لحق فلهم بالمدينة . و سار عطية في أثرهم إلى المدينة فأقام بها شهراً ، ثم سار إلى اليمن و استخلف على المدينة الوليد ابن أخيه عروة ، و على مكة رجلاً من أهل الشام .و بلغ عبد الله طالب الحق مسيرة إليه و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
هو بصنعاء فخرج للقائه ، و اقتتلوا ، و قتل طالب الحق و سار ابن عطية إلى صنعاء و ملكها . و جاء كتاب مروان بإقامة الجح بالناس ، فسار في إثنتي عشر رجلاً و معه أربعون ألف دينار و خلف ثقله بصنعاء و نزل الحرف فاعترضه ابن حماية المرادي في جمع ، و قال له و لأصحابه : أنتم لصوص فاستظهروا بعهد مروان فكذبوه و قاتلهم فقتلوه . و ركد ريح الخوارج من يومئذ إلى أن ظهرت الدولة العباسية و بويع المنصور بعد السفاح ( فخرج سنة سبع و ثلاثين ) بالجزيرة ملبد بن حرملة الشيباني فسارت إليه روابط الجزيرة في ألف فارس فهزمهم و قاد منهم . ثم سار إليه يزيد بن حاتم المهلبي و مهلل بن صفوان مولى المنصور ، ثم نزار من قواد خراسان ، ثم زياد بن مسكان ثم صالح بن صبيح فهزمهم كلهم واحداً بعد واحد ، و قتل منهم . ثم سار إليه حميد بن قحطبة و هو عامل الجزيرة فهزمه و تحصن حميد منه ، فبعث المنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن أخا عبد الجبار في الجيوش ، و معه زياد بن مسكان فأكمن له الملبد ، و قاتلهم . ثم خرج الكعبين فانهزم عبد العزيز و قتل عامة أصحابه فبعث المنصور حازم بن خزيمة في ثمانية آلاف من أهل خراسان فسار إلى الموصل و عبر إليه الملبد دجلة فقاتله فانهزم أهل الميمنة و أهل الميسرة من أصحاب حازم ، و ترجل حازم و أصحابه ، و ترجل ملبد كذلك . و أمر حازم أصحابه فنضحوهم بالنبل ، و اشتد القتال و تزاحفت الميمنة و الميسرة و رشقوهم ، فقتل ملبد في ثمانمائة ممن ترجل معه ، ثلثمائة قبل أن يترجل . و تبعهم فضالة صاحب الميمنة فقتل منهم زهاء مائة و خمسين . ثم خرج سنة ثمان و أربعين أيام المنصور بنواحي الموصل حسان بن مخالد بن مالك بن الأجدع الهمداني أخو مسروق . و كان على الموصل الصغر بن يجدة وليها بعد حرب بن عبد الله ، فسار إليهم فهزموه إلى الدجلة . و سار حسان إلى العمال ثم إلى البحر و ركب إلى السند و قاتل ، و كاتب الخوارج بعمان يدعوهم و يستأذنهم في اللحاق بهم فأبوا ، و عاد إلى الموصل فخرج إليه الصفر بن الحسن ابن صالح بن جنادة الهمداني و هلال ، فقتل هلالاً و استبقى ابن الحسن فاتهمه بعض أصحابه بالعصبية و فارقوه . و قد كان حسان أمه من الخوارج و خاله حفص بن أشتم من فقهائهم و لما بلغ المنصور خروجه قال : خارجي من همذان فقيل له إنه ابن أخت حفص بن أشتم . قال : من هناك و إنما أنكر المنصور ذلك لأن عامة همذان شيعة . و عزم المنصور على الفتك بأهل الموصل ، فإنهم عاهدوه على أنهم إن خرجوا فقد فلت ديارهم و أموالهم و أحضر أبا حنيفة و ابن أبي ليلى بن شبرمة و استفتاهم فتلطفوا له في العفو فأشار إلى أبي حنيفة فقال : أبا حوا ما لا يملكون كما لو أباحت إمرأة ، فزوجها بغير عقد شرعي فكف عن أهل الموصل . ثم خرج أيام المهدي بخراسان يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرة و اجتمع شركس فبعث إليه المهدي يزيد بن مزيد الشيباني ابن أخي معن فاقتتلوا قتالاً شديداً و أسره يزيد و بعث به إلى المهدي موثقاً ، و حمل من النهروان على بعير و حول وجهه إلى ذنبه كذلك فدخلوا إلى الرصافة و قطعوا ثم صلبوا . و كان حروباً متعوداً فغلب على بوشنج و مرو الروذ و الطالقان و الجوزجان ، و كان على بوشنج مصعب بن زريق جد طاهر بن الحسين فهرب منه و كان من أصحابه معاذ الفارياني و قبض معه ثم خرج معه أيام المهدي بالجزيرة حمزة بن مالك الحزاعي سنة تسع و ستين و هزم منصور بن زياد و صاحب الخراج و قوي أمره ، ثم اغتاله بعض أصحابه فقتله . ثم خرج آخر أيام المهدي بأرض الموصل خارجي من بني تميم اسمه ياسين يميل إلى مقاتله صالح بن مسرح فهزم عسكر الموصل و غلب على أكثر ديار ربيعة و الجزيرة ، فبعث إليه المهدي القائد أبا هريرة محمد بن مروخ و هزيمة بن أعين مولى بني ضبة فحارباه حتى قتل في عدة من أصحابه و انهزم الباقون . ثم خرج بالجزيرة أيام الرشيد سنة ثمان و سبعين الوليد بن طريف من بني مغلب ، و قتل إبراهيم بن خالد ابن خزيمة بنصيبين ، ثم دخل أرمينية و حاصر خلاط عشرين يوماً و افتدوا بثلاثين ألفاً . ثم سار إلى أذربيجان ثم إلى حلوان و أرض السود ، و عبر إلى غرب دجلة و عاث في أرض الجزيرة ، فبعث إليه الرشيد يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ، و هو ابن أخي معن في العساكر فمكث يقاتله ، و كانت البرامكة منحرفة عن يزيد فاغروا به الرشيد و أنه أبقى على الوليد برجم وائل . فكتب إليه الرشيد يتهدده فناجزه يزيد الحرب في رمضان سنة تسع و سبعين و قاتلهم قتالاً شديداً فقتل الوليد وجيء برأسه . ثم أصبحت أخته مستلئمة للحرب فخرج إليها يزيد و ضربها على رأسها بالرمح و قال لها أعدي فقد فضحت العشيرة فاستحيت و انصرفت و هي تقول في رثائه الأبيات المشهورة التي منها :
أيا شجر الخابور مالك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى و لا المال إلا من قناً و سيوف و انقرضت كلمة هؤلاء بالعراق و الشام ، فلم يخرج بعد ذلك إلا شذاذ متفرقون يستلحمهم الولاة بالنواحي إلا ما كان من خوارج البربر بأفريقية ، فإن دعوة الخارجية فشت فيهم من لدن مسيرة الظفري سنة ثلاث و عشرين و مائة . ثم فشت دعوة الإباضية و الصفرية منهم في هوارة و لماية و نفزة و مغيلة و في مغراوة و بني يفرن من زناتة حسما يذكر في أخبار البربر لسي رستم من الخوارج بالمغرب دولة في تاهرت من الغرب الأوسط نذكرها في أخبار البربر أيضاً . ثم سار بأفريقية منهم على دولة العبيديين خلفاء القيروان أبو يزيد بن مخلد المغربي ، و كانت له معهم حروب و أخبار تذكرها في موضعها . ثم لم يزل أمرهم في تناقض إلى أن اضمحلت ديانتهم و افترقت جماعتهم و بقيت آثار نحلتهم في أعقاب البربر الذين دانوا بها أول الأمر . ففي بلاد زناته بالصحراء منها أثر باق لهذا العهد في قصور ربع و واديه ، في مغراوة من شعوب زناتة و يسمون الراهبية نسبة إلى عبد الله بن وهب الراهبي
أيا شجر الخابور مالك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى و لا المال إلا من قناً و سيوف و انقرضت كلمة هؤلاء بالعراق و الشام ، فلم يخرج بعد ذلك إلا شذاذ متفرقون يستلحمهم الولاة بالنواحي إلا ما كان من خوارج البربر بأفريقية ، فإن دعوة الخارجية فشت فيهم من لدن مسيرة الظفري سنة ثلاث و عشرين و مائة . ثم فشت دعوة الإباضية و الصفرية منهم في هوارة و لماية و نفزة و مغيلة و في مغراوة و بني يفرن من زناتة حسما يذكر في أخبار البربر لسي رستم من الخوارج بالمغرب دولة في تاهرت من الغرب الأوسط نذكرها في أخبار البربر أيضاً . ثم سار بأفريقية منهم على دولة العبيديين خلفاء القيروان أبو يزيد بن مخلد المغربي ، و كانت له معهم حروب و أخبار تذكرها في موضعها . ثم لم يزل أمرهم في تناقض إلى أن اضمحلت ديانتهم و افترقت جماعتهم و بقيت آثار نحلتهم في أعقاب البربر الذين دانوا بها أول الأمر . ففي بلاد زناته بالصحراء منها أثر باق لهذا العهد في قصور ربع و واديه ، في مغراوة من شعوب زناتة و يسمون الراهبية نسبة إلى عبد الله بن وهب الراهبي
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
. أول من بويع منهم أيام علي بن أبي طالب . و هم في قصور هنالك مظهرين لبدعتهم لبعدهم عن مقال أهل السنة و الجماعة ، و كذلك في جبال طرابلس و زناتة أثر باق تلك النحلة تدين بها أولئك البربر في المجاورة لهم مثل ذلك و تطير إلينا هذا العهد من تلك البلاد دواوين و مجلدات من كلامهم في فقه الدين ، و تمهيد عقائده ، و فروعه مباينة لمناحي السنة و طرقها بالكلية ، و إلا أنها ضاربة بسهم في إجادة التأليف و الترتيب و بناء الفروع على أصولهم الفاسد . و كان بنواحي البحرين و عمان إلى بلاد حضرموت و شرقي اليمن و نواحي الموصل آثار تفشي و عروق في كل دولة ، إلى أن خرج علي بن مهدي من خولان باليمن و دعا إلى هذه النحلة . و غلب يومئذ من كان من الملوك باليمن و استلحم بني الصليحي القائمين بدعوة العبيديين من الشيعة و غلبوهم على ما كان بأيديهم من ممالك اليمن ، و استولوا أيضاً على زبيد و نواحيها من يد موالي بني نجاح و مولى ابن زياد كما نذكر ذلك كله في أخبارهم إن شاء الله سبحانه و تعالى . فلتصفح في أماكنها .و يقال إن باليمن لهذا العهد شيعة من هذه الدعوة ببلاد حضرموت ، و الله يضل من يشاء و يهدي من يشاء .
الدولة الإسلامية بعد افتراق الخلافة
لم يزل أمر الإسلام جميعاً دولة واحدة أيام الخلفاء الأربعة و بني أمية من بعدهم لاجتماع عصبية العرب . ثم ظهر من بعد ذلك أمر الشيعة ، و هم الدعاة لأهل البيت ، فغلب دعاة بني العباس على الأمر و استقلوا بخلافة الملك ، و لحق الفل من بني أمية بالأندلس ، فقام بأمرهم فيها من كان هنالك من مواليهم ، و من هرب ، فلم يدخلوا في دعوة بني العباس ، و انقسمت لذلك دولة الإسلام بدولتين لافتراق عصبية العرب . ثم ظهر دعاة أهل البيت بالمغرب و العراق من العلوية و نازعوا خلفاء بني العباس و استولوا على القاصبة من النواحي كالأدارسة بالمغرب الأقصى ، و العبيديين بالقيروان و مصر ، و القرامطة بالبحرين ، و الدواعي بطبرستان و الديلم و الأطروش فيها من بعده . و انقسمت دولة الإسلام بذلك دولاً متفرقة نذكرها واحدة بعد واحدة . و نبدأ منها أولاً بذكر الشيعة و مبادئ دولهم ، و كيف انساقت إلى العباسية و من بعدهم إلى آخر دولهم . ثم نرجع إلى دولة بني أمية بالأندلس . ثم نرجع إلى دولة الدعاة للدولة العباسية في النواحي من العرب و العجم كما ذكرناه في برنامج الكتاب ، و الله الموفق للصواب .
مبدأ دولة الشيعةأعلم أن مبدأ هذه الدولة أن أهل البيت لما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا يرون أنهم أحق بالأمر و أن الخلافة لرجالهم دون من سواهم من قريش . و في الصحيح أن العباس قال لعلي في وجع رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي توفي فيه : إذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا الأمر ، إن كان فينا علمنا ذلك ، و إن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا . فقال له علي :إن منعناها لايعطيناها الناس بعده . و في الصحيح أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في مرضه الذي توفي فيه : " هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فاختلفوا عنده في ذلك ، و تنازعوا و لم يتم الكتاب " . و كان ابن عباس يقول : إن الرزية كل ما حال بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين ذلك الكتاب لاختلافهم و لغطهم ، حتى لقد ذهب كثير من الشيعة إلى أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى في مرضه ذلك لعلي ، و لم يصح ذلك من وجه يعول عليه . و قد أنكرت هذه الوصية عائشة و كفى بإنكارها . و بقي ذلك معروفاً من أهل البيت و أشياعهم . و فيما نقله أهل الآثار أن عمر قال يوماً لابن العباس : إن قومكم يعني قريشاً ما أرادوا أن يجمعوا لكم ، يعني يني هاشم بين النبوة و الخلافة فتحموا عليهم ، و أن ابن عباس نكر ذلك ، و طلب من عمر إذنه في الكلام فتكلم بما عصب له . و ظهر من محاورتهما أنهم كانوا يعلمون أن في نفوس أهل البيت شيئاً من أمر الخلافة و العدول عنهم بها . و في قصة الشورى : أن جماعة من الصحابة كانوا يتشيعون لعلي و يرون استحقاقه على غيره ، و لما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك و أسفوا له مثل الزبير و معه عمار بن ياسر و المقداد بن الأسود و غيرهم . إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين و حرصهم على الإلفة ، لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف و الأسف : ثم لما فشا التكبر على عثمان و الطعن في الآفاق كان عبد الله ابن سبأ و يعرف بابن السوداء ، من أشد الناس خوضاً في التشنيع لعلي بما لا يرضاه من الطعن على عثمان و على الجماعة في العدول إليه عن علي ، و أنه ولي بغير حق ، فأخرجه عبد الله بن عامر من البصرة و لحق بمصر فاجتمع إليه جماعة من أمثاله جنحو إلى الغلو في ذلك و انتحال المذاهب الفاسدة فيه ، مثل خالد بن ملجم و سوذان بن حمدان و كنانة بن بشر و غيرهم . ثم كانت بيعة علي و فتنة الجمل و صفين ، و انحراف الخوارج عنه بما أنكروا عليه من التحكم في الدين .و تمحضت شيعته للاستماته معه في حرب معاوية مع علي ، و بويع ابنه الحسن و خرج عن الأمر لمعاوية ، فسخط ذلك شيعة علي منه و أقاموا يتناجون في السر باستحقاق أهل البيت و الميل إليهم ، و سخطو من الحسن ما كان منه ، و كتبوا إلى الحسين بالدعاء له فامتنع ، و أوعدهم إلى هلاك معاوية . فساروا إلى محمد بن الحنفية و بايعوه في السر على طلب الخلافة متى أمكنه ، و ولى على كل بلد رجلاً ، و أقاموا على ذلك و معاوية يكف بسياسة من غربهم ، و يقتلع الداء إذا تعين له منهم ، كما فعل بحجر بن عدي و أصحابه ، و يروض من شماس أهل البيت و يسامحهم في دعوى تقدمهم و استحقاقهم .و لا يهيج أحداً منهم بالتثريب عليه في ذلك ، إلى أن مات و ولي يزيد ، و كان من خروج الحسين و قتله ما هو معروف ، فكانت من أشنع الوقائع في
الدولة الإسلامية بعد افتراق الخلافة
لم يزل أمر الإسلام جميعاً دولة واحدة أيام الخلفاء الأربعة و بني أمية من بعدهم لاجتماع عصبية العرب . ثم ظهر من بعد ذلك أمر الشيعة ، و هم الدعاة لأهل البيت ، فغلب دعاة بني العباس على الأمر و استقلوا بخلافة الملك ، و لحق الفل من بني أمية بالأندلس ، فقام بأمرهم فيها من كان هنالك من مواليهم ، و من هرب ، فلم يدخلوا في دعوة بني العباس ، و انقسمت لذلك دولة الإسلام بدولتين لافتراق عصبية العرب . ثم ظهر دعاة أهل البيت بالمغرب و العراق من العلوية و نازعوا خلفاء بني العباس و استولوا على القاصبة من النواحي كالأدارسة بالمغرب الأقصى ، و العبيديين بالقيروان و مصر ، و القرامطة بالبحرين ، و الدواعي بطبرستان و الديلم و الأطروش فيها من بعده . و انقسمت دولة الإسلام بذلك دولاً متفرقة نذكرها واحدة بعد واحدة . و نبدأ منها أولاً بذكر الشيعة و مبادئ دولهم ، و كيف انساقت إلى العباسية و من بعدهم إلى آخر دولهم . ثم نرجع إلى دولة بني أمية بالأندلس . ثم نرجع إلى دولة الدعاة للدولة العباسية في النواحي من العرب و العجم كما ذكرناه في برنامج الكتاب ، و الله الموفق للصواب .
مبدأ دولة الشيعةأعلم أن مبدأ هذه الدولة أن أهل البيت لما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا يرون أنهم أحق بالأمر و أن الخلافة لرجالهم دون من سواهم من قريش . و في الصحيح أن العباس قال لعلي في وجع رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي توفي فيه : إذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا الأمر ، إن كان فينا علمنا ذلك ، و إن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا . فقال له علي :إن منعناها لايعطيناها الناس بعده . و في الصحيح أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في مرضه الذي توفي فيه : " هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فاختلفوا عنده في ذلك ، و تنازعوا و لم يتم الكتاب " . و كان ابن عباس يقول : إن الرزية كل ما حال بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين ذلك الكتاب لاختلافهم و لغطهم ، حتى لقد ذهب كثير من الشيعة إلى أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى في مرضه ذلك لعلي ، و لم يصح ذلك من وجه يعول عليه . و قد أنكرت هذه الوصية عائشة و كفى بإنكارها . و بقي ذلك معروفاً من أهل البيت و أشياعهم . و فيما نقله أهل الآثار أن عمر قال يوماً لابن العباس : إن قومكم يعني قريشاً ما أرادوا أن يجمعوا لكم ، يعني يني هاشم بين النبوة و الخلافة فتحموا عليهم ، و أن ابن عباس نكر ذلك ، و طلب من عمر إذنه في الكلام فتكلم بما عصب له . و ظهر من محاورتهما أنهم كانوا يعلمون أن في نفوس أهل البيت شيئاً من أمر الخلافة و العدول عنهم بها . و في قصة الشورى : أن جماعة من الصحابة كانوا يتشيعون لعلي و يرون استحقاقه على غيره ، و لما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك و أسفوا له مثل الزبير و معه عمار بن ياسر و المقداد بن الأسود و غيرهم . إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين و حرصهم على الإلفة ، لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف و الأسف : ثم لما فشا التكبر على عثمان و الطعن في الآفاق كان عبد الله ابن سبأ و يعرف بابن السوداء ، من أشد الناس خوضاً في التشنيع لعلي بما لا يرضاه من الطعن على عثمان و على الجماعة في العدول إليه عن علي ، و أنه ولي بغير حق ، فأخرجه عبد الله بن عامر من البصرة و لحق بمصر فاجتمع إليه جماعة من أمثاله جنحو إلى الغلو في ذلك و انتحال المذاهب الفاسدة فيه ، مثل خالد بن ملجم و سوذان بن حمدان و كنانة بن بشر و غيرهم . ثم كانت بيعة علي و فتنة الجمل و صفين ، و انحراف الخوارج عنه بما أنكروا عليه من التحكم في الدين .و تمحضت شيعته للاستماته معه في حرب معاوية مع علي ، و بويع ابنه الحسن و خرج عن الأمر لمعاوية ، فسخط ذلك شيعة علي منه و أقاموا يتناجون في السر باستحقاق أهل البيت و الميل إليهم ، و سخطو من الحسن ما كان منه ، و كتبوا إلى الحسين بالدعاء له فامتنع ، و أوعدهم إلى هلاك معاوية . فساروا إلى محمد بن الحنفية و بايعوه في السر على طلب الخلافة متى أمكنه ، و ولى على كل بلد رجلاً ، و أقاموا على ذلك و معاوية يكف بسياسة من غربهم ، و يقتلع الداء إذا تعين له منهم ، كما فعل بحجر بن عدي و أصحابه ، و يروض من شماس أهل البيت و يسامحهم في دعوى تقدمهم و استحقاقهم .و لا يهيج أحداً منهم بالتثريب عليه في ذلك ، إلى أن مات و ولي يزيد ، و كان من خروج الحسين و قتله ما هو معروف ، فكانت من أشنع الوقائع في
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
الإسلام . عظمت بها الشحناء ، و توغل الشيعة في شأنهم ، و عظم النكير و الطعن على من تولى ذلك أو قعد عنه ثم تلاوموا على ما أضاعوه من أمر الحسين و أنهم دعوه ثم لم ينصروه فندموا و رأوا أن لا كفارة في ذلك إلا الإستماتة دون ثأره ، و سموا أنفسهم التوابين . و خرجوا لذلك يقدمهم سليمان بن صرد الخزاعي ، و معه جماعة من خيار أصحاب علي . و كان ابن زياد قد انتقض عليه العراق و لحق بالشام و جمع و زرينج قاصداً العراق فزحفوا إليه و قاتلوه حتى قتل سليمان و كثير من أصحابه كما ذكرنا في خبره و ذلك سنة خمس و ستين . ثم خرج المختار بن أبي عبيد و دعا لمحمد بن الحنفية كما قدمناه في خبره ، و فشا التعصب لأهل البيت في الخاصة و العامة بما خرج عن حدود الحق ، و اختلف مذاهب الشيعة فيمن هو أحق بالأمر من أهل البيت ، و بايعت كل طائفة لصاحبها سرا و رسخ الملك لبني أمية و طوى هؤلاء الشيعة قلوبهم على عقائدهم فيها ، و تستروا بها مع تعدد فرقهم و كثرة اختلافهم كما ذكرناه عند نقل مذاهبهم في فصل الإمامة من الكتاب الأول . و نشأ زيد بن علي بن الحسين و قرأ على واصل بن عطاء إمام المعتزلة في وقته ، و كان واصل متردداً في إصابه علي في حرب صفين و الجمل ، فنقل ذلك عنه و كان أخوه محمد الباقر يعذله في الأخذ عمن يرى سخطية جده ، و كان زيد أيضاً مع قوله بأفضلية علي على أصحابه ، يرى أن البيعة الشيخين صحيحة و أن إقامة المفضول جائزة ما عليه الشيعة . و يرى أنهما لم يظلما علياً . ثم دعته الحال إلى الخروج بالكوفة سنة إحدى و عشرين و مائة ، و اجتمع له عامة الشيعة و رجع عنه بعضهم لما سمعوه يثني على الشيخين و أنهما لم يظلما علياً . و قالوا : لم يظلمك هؤلاء و رفضوا دعوته فسموا الرافضة من أجل ذلك . ثم قاتل يوسف بن عمر فقتله يوسف بعث برأسه إلى هشام و صلب شلوه بالكناسة و لحق ابنه يحيى بخراسان فأقام بها ، ثم دعته شيعة إلى الخروج فخرج هنالك سنة خمس و عشرين ، و سرح إليه نصر بن سيار العساكر مع سالم بن أحور المازني فقتلوه و بعث برأسه إلى الوليد و صلب شلوه بالجوزجان و انقرض شأنه الزيدية . و أقام الشيعة على شأنهم و انتظار أمرهم ، و الدعاء لهم في النواحي يدعون على الأحجال للرضا من آل محمد ، و لا يصرحون بمن يدعون له حذراً عليه من أهل الدولة . و كان شيعة محمد بن الحنفية أكثر شيعة أهل البيت ، و كانوا يرون أن الأمر بعد محمد بن الحنفية لابنه أبي هشام عبد الله . و كان كثيراً ما يغدو على سليمان بن عبد الملك فمر في بعض أسفاره محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس بمنزلة بالحميمة من أعمال البلقاء فنزل عليه و أدركه المرض عنده فمات ، و أوصى له بالأمر . و قد كان أعلم شيعته بالعراق و خراسان أن الأمر صائر إلى ولد محمد بن علي هذا ، فلما مات قصدت الشيعة محمد بن علي و بايعوه سراً . و بعث الدعاة منهم إلى الآفاق على رأس مائة من الهجرة أيام عمر بن عبد العزيز ، و أجابه عامة أهل خراسان و بعث عليهم النقباء و تداول أمرهم هنالك . و توفي محمد سنة أربع و عشرين و عهد لابنه إبراهيم و أوصى الدعاة بذلك و كانوا يسمونه الإمام . ثم بعث أبو مسلم إلى أهل دعوته بخراسان فهلك ، و كتب إليهم بولايته ثم قبض مروان بن محمد على إبراهيم الإمام وحبسه بخراسان فهلك هنالك لسنة . و ملك أبو مسلم خراسان و زحف إلى العراق فملكها كما ذكرنا ذلك كله من قبل و غلبوا بني أمية على أمرهم و انقرضت دولتهم .
الخبر عن بني العباس من دول الإسلام في هذه الطبقة الثالثة للعرب و أولية ـ أمرهم و إنشاء دولتهم و الالمام بنكت أخبارهم و عيون أحاديثهم
هذه الدولة من دولة الشيعة كما ذكرناه و فرقها منهم يعرفون بالكيسانية ، و هم القائلون بإمامة محمد بن علي بن الحنفية بعد علي ، ثم بعده إلى ابنه أبي هشام عبد الله . ثم بعده إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بوصيته كما ذكرنا . ثم بعده إلى ابنه إبراهيم الإمام ابن محمد ، ثم بعده إلى أخيه أبي العباس السفاح و هو عبد الله بن الحارثية ، و هكذا مساقها عند هؤلاء الكيسانية و يسمون أيضاً الحرماقية نسبة إلى أبي مسلم لأنه كان يلقب بحرماق . و لبني العباس أيضاً شيعة يسمون الراوندية من أهل خراسان يزعمون أن أحق الناس بالإمامة بعد النبي صلى الله عليه و سلم هو العباس ، لأنه وارثة و عاصبه لقوله و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، و أن الناس منعوه من ذلك و ظلموه إلى أن رده الله إلى ولده ، و يذهبون إلى البراءة من الشيخين و عثمان و يجيزون بيعة علي لأن العباس قال له يا ابن أخي هلم أبايعك فلا يختلف عليك إثنان و لقول داود بن علي ( عم الخليفة العباسي ) على منبر الكوفة يوم بويع السفاح : يا أهل الكوفة إنه لم يقم فيكم إمام بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا علي بن أبي طالب و هذا القائم فيكم يعني السفاح .
دولة السفاحقد تقدم لنا كيف كان أصل هذه الدعوة و ظهورها بخراسان على يد أبي مسلم ، ثم استيلاء شيعتهم على خراسان و العراق ، ثم بيعة السفاح بالكوفة سنة ثلاث و ثلاثين و مائة ، ثم قتل مروان بن محمد و انقراض الدولة الأموية . ثم خرج بعض أشياعهم و قوادهم و انتقضوا على أبي العباس السفاح ، و كان أول من انتقض حبيب بن مرة المري من قواد مروان ، و كان بخولان و البلقاء خاف على نفسه و قومه ، فخلع و بيض و معناه لبس البياض و نصب الرايات البيض مخالفة لشعار العباسية في ذلك . و تابعته قيس و من يليهم و السفاح يومئذ بالحيرة بلغه أن أبا الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحرث الكلابي انتقض بقنسرين ، و
الخبر عن بني العباس من دول الإسلام في هذه الطبقة الثالثة للعرب و أولية ـ أمرهم و إنشاء دولتهم و الالمام بنكت أخبارهم و عيون أحاديثهم
هذه الدولة من دولة الشيعة كما ذكرناه و فرقها منهم يعرفون بالكيسانية ، و هم القائلون بإمامة محمد بن علي بن الحنفية بعد علي ، ثم بعده إلى ابنه أبي هشام عبد الله . ثم بعده إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بوصيته كما ذكرنا . ثم بعده إلى ابنه إبراهيم الإمام ابن محمد ، ثم بعده إلى أخيه أبي العباس السفاح و هو عبد الله بن الحارثية ، و هكذا مساقها عند هؤلاء الكيسانية و يسمون أيضاً الحرماقية نسبة إلى أبي مسلم لأنه كان يلقب بحرماق . و لبني العباس أيضاً شيعة يسمون الراوندية من أهل خراسان يزعمون أن أحق الناس بالإمامة بعد النبي صلى الله عليه و سلم هو العباس ، لأنه وارثة و عاصبه لقوله و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، و أن الناس منعوه من ذلك و ظلموه إلى أن رده الله إلى ولده ، و يذهبون إلى البراءة من الشيخين و عثمان و يجيزون بيعة علي لأن العباس قال له يا ابن أخي هلم أبايعك فلا يختلف عليك إثنان و لقول داود بن علي ( عم الخليفة العباسي ) على منبر الكوفة يوم بويع السفاح : يا أهل الكوفة إنه لم يقم فيكم إمام بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا علي بن أبي طالب و هذا القائم فيكم يعني السفاح .
دولة السفاحقد تقدم لنا كيف كان أصل هذه الدعوة و ظهورها بخراسان على يد أبي مسلم ، ثم استيلاء شيعتهم على خراسان و العراق ، ثم بيعة السفاح بالكوفة سنة ثلاث و ثلاثين و مائة ، ثم قتل مروان بن محمد و انقراض الدولة الأموية . ثم خرج بعض أشياعهم و قوادهم و انتقضوا على أبي العباس السفاح ، و كان أول من انتقض حبيب بن مرة المري من قواد مروان ، و كان بخولان و البلقاء خاف على نفسه و قومه ، فخلع و بيض و معناه لبس البياض و نصب الرايات البيض مخالفة لشعار العباسية في ذلك . و تابعته قيس و من يليهم و السفاح يومئذ بالحيرة بلغه أن أبا الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحرث الكلابي انتقض بقنسرين ، و
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
كان من قواد مروان ، و لما انهزم مروان و قدم عليه عبد الله بن علي بايعه و دخل في دعوة العباسية و كان ولد مسلمة بن عبد الملك مجاورين له ببالس و الناعورة ، فبعث بهم و بنسائهم القائد الذي جاءهم من قبل عبد الله بن علي . و شكوا ذلك إلى أبي فقتل القائد ، و خلع معه أهل قنسرين ، و كاتبوا اهل حمص في الخلاف و قدموا عليهم أبا محمد عبد الله بن يزيد بن معاوية ، و قالوا هو السفياني الذي يذكر . و لما بلغ ذلك عبد الله بن علي وادع حبيب ابن مرة و سار إلى أبي الورد بقنسرين و مر بدمشق ، فخلع بها أبا غانم عبد الحميد بن ربعي الطائي في أربعة آلاف فارس مع حرمه و أثقاله ، و سار إلى حمص فبلغه أن أهل دمشق خلعوا و بيضوا و قام فيهم بذلك عثمان بن عبد الأعلى ابن سراقة الأزدي . و أنهم هزموا أبا غانم و عسكره و قتلوا منهم مقتلة عظيمة و انتهبوا ما خلف عندهم فأعرض عن ذلك و سار للقاء السفياني و أبي الورد ، و قدم أخاه عبد الصمد في عشرة آلاف فكشف و رجع إلى أخيه عبد الله منهزماً ، فزحف عبد الله في جماعة القواد و لقيهم بمرج الأحزم و هم في أربعين ألفاً فانهزموا ، و ثبت أبو الورد في خمسمائة من قومه فقتلوا جميعاً . و هرب أبو محمد إلى ترمذ و راجع أهل قنسرين طاعة العباسية و رجع عبد الله بن علي إلى قتال أهل دمشق و من معهم . فهرب عثمان بن سراقة و دخل أهل دمشق في الدعوة و بايعوا لعبد الله بن علي ، و لم يزل أبو محمد السفياني بأرض الحجاز متغيباً إلى أيام المنصور فقتله زياد بن عبد الله الحارثي عامل الحجاز يومئذ ، و بعث برأسه إلى المنصور مع ابنين له أسيرين فأطلقهما المنصور . ثم خلع أهل الجزيرة و بيضوا و كان السفاح قد بعث إليهما ثلاثة آلاف من جنده مع موسى بن كعب من قواده و أنزلهم بحران . و كان إسحق بن مسلم العقيلي عامل مروان على أرمينية ، فلما بلغته هزيمة مروان سار عنها و اجتمع إليه أهل الجزيرة ، و حاصروا موسى بن كعب بحران شهرين فبعث السفاح أخاه أبا جعفر إليهم و كان محاصراً لابن هبيرة بواسط ، فسار لقتال إسحق بن مسلم ، و مر بقرقيسيا و الرقة و أهلهما قد خلعوا و بيضوا . و سار نحو حران فأجفل إسحق بن مسلم عنها ، و دخل الرها و بعث أخاه بكار بن مسلم إلى قبائل ربيعة بنواحي ماردين ، و رئيسهم يومئذ برمكة من الحرورية ، فصمد إليهم أبو جعفر فهزمهم و قتل برمكة في المعركة و انصرف بكار إلى أخيه إسحق ، فخلعه بالرها و سار إلى شمشاط بمعظم عسكره . و جاء عبد الله بن علي فحاصره ، ثم جاء أبو جعفر فحاصروه سبعة أشهر و هو يقول : لا أخلع البيعة من عنقي حتى أتيقن موت صاحبها . ثم تيقن موت مروان فطلب الأمان و استأذنوا السفاح ، فأمرهم بتأمينه و خرج إسحق إلى أبي جعفر فكان من آثر أصحابه .و استقام أهل الجزيرة و الشام و ولى السفاح أخاه أبا جعفر على الجزيرة و أرمينية و أذربيجان فلم يزل عليها حتى استخلف .
حصار ابن هبيرة بواسط و مقتلهثم تقدم لنا هزيمة يزيد بن هبيرة أمام الحسن بن قحطبة و تحصنه بواسط و كان جويرة و بعض أصحابه أشاروا عليه بعد الهزيمة باللحاق بالكوفة فأبى . و أشار عليه يحيى بن حصين باللحاق بمروان و خوفه عاقبة الحصار فأبى على نفسه من مروان و اعتصم بواسط . و بعث أبو مسلمة الحسن بن قحطبة في العسكر لحصاره و على ميمنته ابنه داود فانهزم أهل الشام و اضطروا إلى دجلة و غرق منهم كثير . ثم تحاجزوا محمد و دخل ابن هبيرة المدينة و خرج لقتالهم ثانية بعد سبعة أيام فانهزم كذلك ، و مكثوا أياماً لا يقتتلون إلا رمياً . و بلغ ابن هبيرة أن أبا أمية الثعلبي قد سود فحبسه فغضبت لذلك ربيعة و معن بن زائدة و حبسوا ثلاثة نفر من فزارة رهناً في أبي أمية ، و اعتزل معن و عبد الله بن عبد الرحمن بن بشير العجلي فيمن معهما فخلى ابن هبيرة سبيل أبي أمية و صالحهم و عادوا إلى اتفاقهم . ثم قدم على الحسن بن قحطبة من ناحية سجستان أبو نصر مالك بن الهيثم فأوقد غيلان بن عبد الله الخزاعي على السفاح يخبره بقدوم أبي نصر ، و كان غيلان واجداً على الحسن ، فرغب من السفاح أن يبعث عليهم رجلاً من أهل بيته ، فبعث أخاه أبا جعفر ، و كتب إلى الحسن العسكر لك و القواد قوادك و لكن أحببت أن يكون أخي حاضراً فأحسن طاعته و مؤازرته . و قدم أبو جعفر فأنزله الحسن في خيمته و جعل على حرسه عثمان بن نهيك . ثم تقدم مالك بن الهيثم لقتال أهل الشام و ابن هبيرة فخرجوا لقتال و أكمنوا معن بن زائدة و أبا يحيى الجرافي ثم استطردوا لابن الهيثم و انهزموا للخنادق فخرج عليهم معن و أبو يحيى فقاتلهم إلى الليل و تحاجزوا و أقاموا بعد ذلك أياماً . ثم خرج أهل واسط مع معن و محمد بن نباتة ، فهزمهم أصحاب الحسن إلى دجلة فتساقطوا فيها و جاء مالك بن الهيثم فوجد ابنه قتيلاً في المعركة ، فحمل على أهل واسط حتى أدخلهم المدينة . و كان مالك يملأ السفن حطباً و يضرمها ناراً فتحرق ما تمر به فيأمر ابن هبيرة بأن تجر بالكلاليب ، و مكثوا كذلك أحد عشر شهراً . و جاء إسمعيل بن عبد الله القسري إلى ابن هبيرة بقتل مروان و فشلت اليمانية عن القتال معهم ، و تبعهم الفزارية فلم يقاتل معه إلا الصعاليك . و بعث ابن هبيرة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بأن يبايع له فأبطأ عنه جوابه ، و كاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة و أطمعهم ، فخرج إليه زياد بن صالح و زياد بن عبيد الله الحرثيان ، و وعدا ابن هبيرة أن يصلحا له جهة السفاح و لم يفعلا و تردد الشعراء بين أبي جعفر و ابن هبيرة في الصلح ، و أن يكتب له كتاب أمان على ما اختاره ابن هبيرة و شاور فيه العلماء أربعين يوماً حتى رضيه و أنفذه إلى أبي جعفر فانفذه إلى السفاح و أمر بإمضائه ، و كان لا يقطع أمراً دون أبي مسلم ، فكتب إليه يحي بن هبيرة قد خرج بعد الأمان إلى أبي جعفر في ألف و ثلثمائة فلقيه الحاجب سلام بن سليم فأنزله و أجلسه على وسادة و أطاف بحجرة أبي جعفر عشرة آلاف من أهل
حصار ابن هبيرة بواسط و مقتلهثم تقدم لنا هزيمة يزيد بن هبيرة أمام الحسن بن قحطبة و تحصنه بواسط و كان جويرة و بعض أصحابه أشاروا عليه بعد الهزيمة باللحاق بالكوفة فأبى . و أشار عليه يحيى بن حصين باللحاق بمروان و خوفه عاقبة الحصار فأبى على نفسه من مروان و اعتصم بواسط . و بعث أبو مسلمة الحسن بن قحطبة في العسكر لحصاره و على ميمنته ابنه داود فانهزم أهل الشام و اضطروا إلى دجلة و غرق منهم كثير . ثم تحاجزوا محمد و دخل ابن هبيرة المدينة و خرج لقتالهم ثانية بعد سبعة أيام فانهزم كذلك ، و مكثوا أياماً لا يقتتلون إلا رمياً . و بلغ ابن هبيرة أن أبا أمية الثعلبي قد سود فحبسه فغضبت لذلك ربيعة و معن بن زائدة و حبسوا ثلاثة نفر من فزارة رهناً في أبي أمية ، و اعتزل معن و عبد الله بن عبد الرحمن بن بشير العجلي فيمن معهما فخلى ابن هبيرة سبيل أبي أمية و صالحهم و عادوا إلى اتفاقهم . ثم قدم على الحسن بن قحطبة من ناحية سجستان أبو نصر مالك بن الهيثم فأوقد غيلان بن عبد الله الخزاعي على السفاح يخبره بقدوم أبي نصر ، و كان غيلان واجداً على الحسن ، فرغب من السفاح أن يبعث عليهم رجلاً من أهل بيته ، فبعث أخاه أبا جعفر ، و كتب إلى الحسن العسكر لك و القواد قوادك و لكن أحببت أن يكون أخي حاضراً فأحسن طاعته و مؤازرته . و قدم أبو جعفر فأنزله الحسن في خيمته و جعل على حرسه عثمان بن نهيك . ثم تقدم مالك بن الهيثم لقتال أهل الشام و ابن هبيرة فخرجوا لقتال و أكمنوا معن بن زائدة و أبا يحيى الجرافي ثم استطردوا لابن الهيثم و انهزموا للخنادق فخرج عليهم معن و أبو يحيى فقاتلهم إلى الليل و تحاجزوا و أقاموا بعد ذلك أياماً . ثم خرج أهل واسط مع معن و محمد بن نباتة ، فهزمهم أصحاب الحسن إلى دجلة فتساقطوا فيها و جاء مالك بن الهيثم فوجد ابنه قتيلاً في المعركة ، فحمل على أهل واسط حتى أدخلهم المدينة . و كان مالك يملأ السفن حطباً و يضرمها ناراً فتحرق ما تمر به فيأمر ابن هبيرة بأن تجر بالكلاليب ، و مكثوا كذلك أحد عشر شهراً . و جاء إسمعيل بن عبد الله القسري إلى ابن هبيرة بقتل مروان و فشلت اليمانية عن القتال معهم ، و تبعهم الفزارية فلم يقاتل معه إلا الصعاليك . و بعث ابن هبيرة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بأن يبايع له فأبطأ عنه جوابه ، و كاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة و أطمعهم ، فخرج إليه زياد بن صالح و زياد بن عبيد الله الحرثيان ، و وعدا ابن هبيرة أن يصلحا له جهة السفاح و لم يفعلا و تردد الشعراء بين أبي جعفر و ابن هبيرة في الصلح ، و أن يكتب له كتاب أمان على ما اختاره ابن هبيرة و شاور فيه العلماء أربعين يوماً حتى رضيه و أنفذه إلى أبي جعفر فانفذه إلى السفاح و أمر بإمضائه ، و كان لا يقطع أمراً دون أبي مسلم ، فكتب إليه يحي بن هبيرة قد خرج بعد الأمان إلى أبي جعفر في ألف و ثلثمائة فلقيه الحاجب سلام بن سليم فأنزله و أجلسه على وسادة و أطاف بحجرة أبي جعفر عشرة آلاف من أهل
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
خراسان ، ثم أذن لابن هبيرة فدخل على المنصور و حادثه و خرج عنه و مكث يأتيه يوماً و يغبه يوماً . ثم أغرى أبا جعفر أصحابه بأنه يأتي في خمسمائة فارس و ثلثمائة راجل فيهتز له العسكر فأمر أبو جعفر أن يأتي في حاشيته فقط . فكان يأتي في ثلاثين ثم آخرا في ثلاثة ثم ألح على أبي جعفر في قتله ، و هو يراجعه للأمان الذي كتب له حتى كتب إليه السفاح و الله لتقتلنه أو لأبعثن من يخرجه من حجرتك فيقتله . فبعث أبو جعفر إلى وجوه القيسية و المضرية و قد أعد لهم ابن نهيك في مائة من الخراسانية في بعض حجره . و جاء القوم في اثنين و عشرين رجلاً يقدمهم محمد بن نباتة و جويرة بن سهيل فدعاهم سلام الحاجب رجلين رجلين و عثمان بن نهيك يقيدهما إلى أن استكملهم و بعث أبو جعفر لحازم بن خزيمة و الهيثم بن شعبة في مائة إلى ابن هبيرة فقالوا : نريد حمل المال فدلهم حاجبه على الخزائن فأقاموا عندها الرجال و أقبلوا نحوه فقام حاجبه في وجوههم ، فضربه الهيثم فصرعه ، و قاتل ابنه فقتل في جماعة من مواليه ثم قتل ابن هبيرة آخراً و حملت رؤسهم إلى أبي جعفر . و نادى بالأمان للناس إلا الحكم بن عبد الملك أبي بشر و خالد بن مسلمة المخزومي و عمر بن در فهرب الحكم و أمن أبو جعفر خالداً فلم يجز السفاح أمانه و قتل و استأمن زياد بن عبيد الله لابن در فأمنه .
مقتل أبي مسلمة بن الخلال و سليمان بن كثير
قد تقدم لنا ما كان من أبي مسلمة الخلال في أمر أبي العباس السفاح و اتهام الشيعة في أمر و تغير السفاح عليه و هو بعكوة أعين ظاهر الكوفة . ثم تحول إلى مدينة الهاشمية و نزل قصرها و هو يتنكر لأبي مسلمة ، و كتب إلى أبي مسلم ببغيته و برأيه فيه ، فكتب إليه أبو مسلم بقتله . و قال له داود بن علي لا تفعل فيحتج بها أبو مسلم عليك و الذين معك أصحابه و هم له أطوع ، و لكن أكتب إليه يبعث من يقتله ففعل .و بعث أبو مسلم مرار بن أنس الضبي فقتله . فلما قدم نادى السفاح بالرضا عن أبي مسلمة و دعا بهس و خلع عليه ثم دخل عنده ليلة أخرى فسهر عامة ليلة ، ثم انصرف إلى منزله فاعترضه مرار بن أنس و أصحابه فقتلوه و قالوا قتله الخوارج . و صلى عليه من الغد يحيى أخو السفاح و كان يسمى وزير آل محمد و أبو مسلم أمير آل محمد . و بلغ الخبر إلى أبي مسلم ، و سرح سليمان بن كثير بالنكير لذلك فقتله أبو مسلم ، و بعث على فارس محمد بن الأشعث و أمره أن يقتل ابن أبي مسلمة ففعل .
عمال السفاح
و لما استقام الأمر للسفاح ولى على الكوفة و السواد عمه داود بن علي ثم عزله و ولاه على الحجاز و اليمن و اليمامة و ولى على الكوفة عيسى ابن أخيه موسى بن محمد . ثم توفي داود سنة ثلاث و ثلاثين فولى مكانه على الحجاز و اليمامة خالد بن زياد بن عبيد الله بن عبيد و على اليمن محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد و ولى السفاح على البصرة سفيان بن معاوية المهلبي ، ثم عزله و ولى مكانه عمه سليمان بن علي و أضاف إليه كور دجلة و البحرين و عمان . و ولى عمه إسمعيل بن علي الأهواز و عمه عبد الله بن علي على الشام ، و أبا عون عبد الملك ابن يزيد على مصر ، و أبا مسلم على خراسان ، و برمك على ديوان الخراج . و ولى عمه عيسى بن علي على فارس ، فسبقه إليها محمد بن الأشعث من قبل أبي مسلم . فلما قدم عليه عيسى هم محمد بقتله ، و قال أمرني أبو مسلم أن أقتل من جاءني بولاية من غيره . ثم أقصر عن قتله و استحلفه بأيمان لا مخارج لها أن لا يعلو منبراً ما عاش و لا يتقلد سيفاً إلا في جهاد فوفى عيسى بذلك بقية عمره . و استعمل بعده على فارس عمه إسمعيل بن علي و استعمل على الموصل محمد بن صول فطرده أهلها و قالوا : بل علينا تولى خثعم ، و كانوا منحرفين عن بني العباس ، فاستعمل السفاح عليهم أخاه يحيى و بعثه في اثنتي عشر ألفاً ، فنزل قصر الإمارة و قتل منهم اثنتي عشر رجلاً ، فثاروا به و حمل السلاح فنودي فيهم بالأمان لمن دخل المسجد فتسايل الناس إليه ، و قد أقام الرجال على أبوابه فقتلوا كل من دخل . يقال : قتل أحد عشر ألفاً ممن لبس و ما لا يحصى من غيرهم . و سمع صياح النساء بالليل فأمر من الغد بقتل النساء و الصبيان ، و استباحهم ثلاثة أيام . و كان في عسكره أربعة آلاف من الزنوج فعانوا في النساء .و ركب في اليوم الرابع و بين يديه الحراب و السيوف فاعترضته إمرأة و أخذت بعنان دابته و قالت له : ألست من بني هاشم ؟ ألست ابن عم الرسول ؟ أما تعلم أن المؤمنات المسلمات ينكحهن الزنوج ؟ فأمسك عنها و جمع الزنج من الغد للعطاء ، و أمر بهم فقتلوا عن آخرهم . و بلغ السفاح سوء أمره في أهل الموصل فعزله ، و ولى مكانه إسمعيل بن علي ، و ولى يحيى مكان إسمعيل بالأهواز و فارس . و ملك الروم ملطية و قاليقلا . و في سنة ثلاث و ثلاثين أقبل قسطنطين ملك الروم فحصر ملطية و الفتن يومئذ بالجزيرة ، و عاملها يومئذ موسى بن كعب بن أسان . فلم يزل حاصرهم حتى نزلوا على الأمان و انتقلوا إلى بلاد الجزيرة ، و حملوا ما قدروا عليه . و خرب الروم ملطية و سار عنها إلى مرج الحصى ، و أرسل قسطنطين العساكر إلى قالقيلا من نواحي ماردين مع قائده كوشان الأرمني فحصرها و داخل بعض الأرمن من أهل المدينة فنقبوا له السور فاقتحم البلد من ذلك النقب و استباحها.
مقتل أبي مسلمة بن الخلال و سليمان بن كثير
قد تقدم لنا ما كان من أبي مسلمة الخلال في أمر أبي العباس السفاح و اتهام الشيعة في أمر و تغير السفاح عليه و هو بعكوة أعين ظاهر الكوفة . ثم تحول إلى مدينة الهاشمية و نزل قصرها و هو يتنكر لأبي مسلمة ، و كتب إلى أبي مسلم ببغيته و برأيه فيه ، فكتب إليه أبو مسلم بقتله . و قال له داود بن علي لا تفعل فيحتج بها أبو مسلم عليك و الذين معك أصحابه و هم له أطوع ، و لكن أكتب إليه يبعث من يقتله ففعل .و بعث أبو مسلم مرار بن أنس الضبي فقتله . فلما قدم نادى السفاح بالرضا عن أبي مسلمة و دعا بهس و خلع عليه ثم دخل عنده ليلة أخرى فسهر عامة ليلة ، ثم انصرف إلى منزله فاعترضه مرار بن أنس و أصحابه فقتلوه و قالوا قتله الخوارج . و صلى عليه من الغد يحيى أخو السفاح و كان يسمى وزير آل محمد و أبو مسلم أمير آل محمد . و بلغ الخبر إلى أبي مسلم ، و سرح سليمان بن كثير بالنكير لذلك فقتله أبو مسلم ، و بعث على فارس محمد بن الأشعث و أمره أن يقتل ابن أبي مسلمة ففعل .
عمال السفاح
و لما استقام الأمر للسفاح ولى على الكوفة و السواد عمه داود بن علي ثم عزله و ولاه على الحجاز و اليمن و اليمامة و ولى على الكوفة عيسى ابن أخيه موسى بن محمد . ثم توفي داود سنة ثلاث و ثلاثين فولى مكانه على الحجاز و اليمامة خالد بن زياد بن عبيد الله بن عبيد و على اليمن محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد و ولى السفاح على البصرة سفيان بن معاوية المهلبي ، ثم عزله و ولى مكانه عمه سليمان بن علي و أضاف إليه كور دجلة و البحرين و عمان . و ولى عمه إسمعيل بن علي الأهواز و عمه عبد الله بن علي على الشام ، و أبا عون عبد الملك ابن يزيد على مصر ، و أبا مسلم على خراسان ، و برمك على ديوان الخراج . و ولى عمه عيسى بن علي على فارس ، فسبقه إليها محمد بن الأشعث من قبل أبي مسلم . فلما قدم عليه عيسى هم محمد بقتله ، و قال أمرني أبو مسلم أن أقتل من جاءني بولاية من غيره . ثم أقصر عن قتله و استحلفه بأيمان لا مخارج لها أن لا يعلو منبراً ما عاش و لا يتقلد سيفاً إلا في جهاد فوفى عيسى بذلك بقية عمره . و استعمل بعده على فارس عمه إسمعيل بن علي و استعمل على الموصل محمد بن صول فطرده أهلها و قالوا : بل علينا تولى خثعم ، و كانوا منحرفين عن بني العباس ، فاستعمل السفاح عليهم أخاه يحيى و بعثه في اثنتي عشر ألفاً ، فنزل قصر الإمارة و قتل منهم اثنتي عشر رجلاً ، فثاروا به و حمل السلاح فنودي فيهم بالأمان لمن دخل المسجد فتسايل الناس إليه ، و قد أقام الرجال على أبوابه فقتلوا كل من دخل . يقال : قتل أحد عشر ألفاً ممن لبس و ما لا يحصى من غيرهم . و سمع صياح النساء بالليل فأمر من الغد بقتل النساء و الصبيان ، و استباحهم ثلاثة أيام . و كان في عسكره أربعة آلاف من الزنوج فعانوا في النساء .و ركب في اليوم الرابع و بين يديه الحراب و السيوف فاعترضته إمرأة و أخذت بعنان دابته و قالت له : ألست من بني هاشم ؟ ألست ابن عم الرسول ؟ أما تعلم أن المؤمنات المسلمات ينكحهن الزنوج ؟ فأمسك عنها و جمع الزنج من الغد للعطاء ، و أمر بهم فقتلوا عن آخرهم . و بلغ السفاح سوء أمره في أهل الموصل فعزله ، و ولى مكانه إسمعيل بن علي ، و ولى يحيى مكان إسمعيل بالأهواز و فارس . و ملك الروم ملطية و قاليقلا . و في سنة ثلاث و ثلاثين أقبل قسطنطين ملك الروم فحصر ملطية و الفتن يومئذ بالجزيرة ، و عاملها يومئذ موسى بن كعب بن أسان . فلم يزل حاصرهم حتى نزلوا على الأمان و انتقلوا إلى بلاد الجزيرة ، و حملوا ما قدروا عليه . و خرب الروم ملطية و سار عنها إلى مرج الحصى ، و أرسل قسطنطين العساكر إلى قالقيلا من نواحي ماردين مع قائده كوشان الأرمني فحصرها و داخل بعض الأرمن من أهل المدينة فنقبوا له السور فاقتحم البلد من ذلك النقب و استباحها.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
الثوار بالنواحى
كان المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة قد ولاه أبو علي اليمامة ، فلما قتل يزيد أبوه امتنع هو باليمامة فبعث إليه زياد بن عبيد المدن بالعساكر من المدينة مع إبراهيم بن حبان السلمي فقتله و قتل أصحابه و ذلك سنة ثلاث و ثلاثين و فيها خرج شريك بن شيخ أسحاراً على أبي مسلم و نقض أفعاله و اجتمع إليه أكثر من ثلاثين ألفاً فبعث إليه مسلم زياد بن صالح الخزاعي فقاتله و قتله .و فيها توجه أبو داود و خالد بن إبراهيم إلى الختل فتحصن ملكهم ابن السبيل منهما و منعه الدهاقبن فحاصره أبو داود حتى جهد الحصار فخرج من حصنه مع الدهاقين و لحق بفرغانة ثم سار منها إلى بلد الصين و أخذ أبو داود من ظفر به في الحصن فبعث بهم إلى أبي مسلم و فيها الفتنة بين إخشيد فرغانة و ملك الشاش ، و استمد الإحشيد ملك الصين فأمده بمائة ألف مقاتل و حصروا ملك الشاش حتى نزلوا حكم ملك الصين ، فلم يعرض له و لا لقومه بسوء .و بعث أبو مسلم زياد بن صالح لاعتراضهم فلقيهم على نهر الطراز فظفر بهم و قتل منهم نحواً من خمسين ألفاً و أسر نحواً من عشرين ألفاً و لحق بهم بالصين ، و ذلك في ذي الحجة سنة ثلاث و ثلاثين . ثم انتقض بسام بن إبراهيم ابن بسام من فرسان أهل خراسان و سار من عسكر السفاح و جماعة على رأيه سراً إلى المدائن ، فبعث السفاح في أثرهم خازم بن خزيمة فقاتلهم و قتل أكثرهم و استباحهم ، و بلغ ماه . و انصرف ، فمر بذات المطامير ، و بها أخوال السفاح من بني عبد المدان في نحو سبعين من قرابتهم و مواليهم . و قيل له إن المغيرة من أصحاب بسام عندهم فسألهم عنه فقالوا مر بنا مجتازاً فهددهم إن يأخذه فأغلظوا له في القول فقتلهم أجمعين ، و نهب أموالهم و هدم دورهم ، و غضب اليمانية لذلك و دخل بهم زياد بن عبيد الله الحرثي على السفاح و شكوا إليه ما فعل بهم فهم بقتله و بلغ ذلك موسى بن كعب و أبا الجهم بن عطية فدخلا على السفاح و ذكراه سابقة الشيعة و طاعتهم و أنهم آثروكم على الأقارب و الأولاد و قتلوا من خالفكم ، فإن كان لا بد من قتله فابعثه لوجه الوجوه ، فإن قتل فهو الذي تريد و إن ظفر فلك ، بعثه إلى الخوارج الذين بجزيرة ابن كاوان من عمان مع شيبان بن عبد العزيز اليشكري ، فبعث معه سبعمائة رجل فحملهم سليمان بن علي من البصرة في السفن و قد انضم إليه من أهله و عشيرته و مواليه و عدة من بني تميم من البصرة ، فلما أرسوا بجزيرة ابن كاوان قدم خازم فضلة بن نعيم المنشلي في خمسمائة إلى شيبان فانهزم هو و أصحابه و كانوا صفرية ، و ركبوا إلى عمان فقاتلهم الجلندي في الإباضية ، فقتل شيبان و من معه كما مر ، و شيبان هذا غير شيبان بن سلمة الذي قتل بخراسان فربما يشتبهان . ثم ركب خازم البحر إلى ساحل عمان فنزل و قاتل الجلندي أياماً أمر خازم أصحابه في آخرها أن يجعلوا على أطراف أسنتهم المشاقة و يدوروها بالنفط و يشعلوها بالنيران و يرموها في بيوت القوم ، و كانت من خشب فلما اضطرمت فيها النار شغلوا بأهليهم و أولادهم عن القتل ، فحمل عليهم خازم و أصحابه فاستلحموهم و قتل الجلندي و عشرة آلاف ، فبعث خازم برؤسهم إلى البصرة فبعثها سليمان إلى السفاح فندم ، ثم غزا خالد بن إبراهيم أهل كش فقتل الأخريد ملكها و هو مطيع و استباحهم و أخذ من الأواني الصينية المنقوشة المذهبة ، و من الديباج و السروج و متاع الصين و ظرفه ما لم ير مثله ، و حمله إلى أبي مسلم بسمرقند . و قتل عدة من دهاقين كش و ملك طازان أخا الأخريد على كش ، و رجع أبو مسلم إلى مرو بعد أن فتك في الصغد و بخارى و أمر ببناء سور سمرقند .و استخلف زياد بن صالح على بخارى و سمرقند و رجع أبو داود إلى بلخ . ثم بلغ السفاح انتقاض منصور ابن جمهور بالسند فبعث صاحب شرطته موسى بن كعب و استخلف مكانه على الشرطة المسيب بن زهير . و سار موسى لقتال ابن جمهور فلقيه بتخوم الهند و هو في نحو اثني عشر ألفاً فانهزم و مات عطشاً في الرمال و رحل عامله على السند بعياله و ثقلته فدخل بهم بلاد الخزر . ثم انتقض سنة خمس و ثلاثين زياد بن صالح وراء النهر . فسار أبو مسلم إليه من مرو و بعث أبو داود خالد بن إبراهيم نصر بن راشد إلى ترمذ ليمنعها من زياد فلما وصل إليها خرج عليه ناس من الطالقان فقتلوه فبعث مكانه عيسى محمد ماهان فسمع قتله نصر فقتلهم . و سار أبو مسلم فانتهى إلى آمد و معه سباع ابن النعمان الأزدي و كان السفاح قد دس معه إلى زياد بن صالح الأزدي أن ينتهز فرصة في أبي مسلم فيقتله . و نمي الخبر إلى أبي مسلم فحبس سباعاً بآمد ، و سار عنها و أمر عامله بقتله . و لقيه قواد زياد في طريقه و قد خلعوا زياداً فدخل أبو مسلم بخارى و نجا زياد إلى هقان هناك فقتله و حمل رأسه إلى أبي مسلم . و كتب أبو مسلم إلى أبي داود فقتله ، و كان قد شغل بأهل الطالقان فرجع إلى كش و بعث عيسى بن ماهان إلى بسام فلم يظفر منها بشيء ، و بعث إلى بعض أصحاب أبي مسلم يعيب أبا داود عيسى ، فضربه و حبسه ، ثم أخرجه فوثب عليه الجند فقتلوه و رجع أبو مسلم إلى مرو .
حج أبي جعفر و أبي مسلم
و في سنة ست و ثلاثين إستأذن أبو مسلم السفاح في القدوم عليه للحج ، و كان منذ ولي خراسان لم يفارقها فأذن له في القدوم مع خمسمائة من الجند ، فكتب إليه أبو مسلم إني قد عاديت الناس و لست أمن على نفسي فأذن له في ألف ، و قال : إن طريق مكة لا تحتمل العسكر فسار في ثمانية آلاف فرقهم ما بين نيسابور و الري ، و خلف أمواله و خزائنه بالري و قدم في ألف و خرج القواد بأمر السفاح لتلقيه ، فدخل على السفاح و أكرمه و أعظمه و استأذن في الحج فأذن له ، قال : لولا أن أبا جعفر يريد الحج لاستعملتك على الموسم ، فأنزله بقرية و كان قد كتب إلى أبي جعفر أن أبا مسلم استأذنني في الحج و أذنت له و هو يريد ولاية الموسم ، فاسألني أنت في الحج ، فلا تطمع أن يتقدمك ، و أذن له فقدم الأنبار و كان ما بين أبي جعفر و أبي مسلم متباعداً من حيث بعث السفاح أبا جعفر إلى خراسان ليأخذ البيعة له و لأبي جعفر من بعده ويولي أبا مسلم على خراسان فاستخلى أبو مسلم بأبي جعفر . فلما قدم ألان أبو جعفر السفاح بقتله و أذن له فيه ندم و كفه عن ذلك ، و سار أبو جعفر إلى الحج و معه أبو مسلم و استعمل على حران مقاتل بن حكيم العكي .
كان المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة قد ولاه أبو علي اليمامة ، فلما قتل يزيد أبوه امتنع هو باليمامة فبعث إليه زياد بن عبيد المدن بالعساكر من المدينة مع إبراهيم بن حبان السلمي فقتله و قتل أصحابه و ذلك سنة ثلاث و ثلاثين و فيها خرج شريك بن شيخ أسحاراً على أبي مسلم و نقض أفعاله و اجتمع إليه أكثر من ثلاثين ألفاً فبعث إليه مسلم زياد بن صالح الخزاعي فقاتله و قتله .و فيها توجه أبو داود و خالد بن إبراهيم إلى الختل فتحصن ملكهم ابن السبيل منهما و منعه الدهاقبن فحاصره أبو داود حتى جهد الحصار فخرج من حصنه مع الدهاقين و لحق بفرغانة ثم سار منها إلى بلد الصين و أخذ أبو داود من ظفر به في الحصن فبعث بهم إلى أبي مسلم و فيها الفتنة بين إخشيد فرغانة و ملك الشاش ، و استمد الإحشيد ملك الصين فأمده بمائة ألف مقاتل و حصروا ملك الشاش حتى نزلوا حكم ملك الصين ، فلم يعرض له و لا لقومه بسوء .و بعث أبو مسلم زياد بن صالح لاعتراضهم فلقيهم على نهر الطراز فظفر بهم و قتل منهم نحواً من خمسين ألفاً و أسر نحواً من عشرين ألفاً و لحق بهم بالصين ، و ذلك في ذي الحجة سنة ثلاث و ثلاثين . ثم انتقض بسام بن إبراهيم ابن بسام من فرسان أهل خراسان و سار من عسكر السفاح و جماعة على رأيه سراً إلى المدائن ، فبعث السفاح في أثرهم خازم بن خزيمة فقاتلهم و قتل أكثرهم و استباحهم ، و بلغ ماه . و انصرف ، فمر بذات المطامير ، و بها أخوال السفاح من بني عبد المدان في نحو سبعين من قرابتهم و مواليهم . و قيل له إن المغيرة من أصحاب بسام عندهم فسألهم عنه فقالوا مر بنا مجتازاً فهددهم إن يأخذه فأغلظوا له في القول فقتلهم أجمعين ، و نهب أموالهم و هدم دورهم ، و غضب اليمانية لذلك و دخل بهم زياد بن عبيد الله الحرثي على السفاح و شكوا إليه ما فعل بهم فهم بقتله و بلغ ذلك موسى بن كعب و أبا الجهم بن عطية فدخلا على السفاح و ذكراه سابقة الشيعة و طاعتهم و أنهم آثروكم على الأقارب و الأولاد و قتلوا من خالفكم ، فإن كان لا بد من قتله فابعثه لوجه الوجوه ، فإن قتل فهو الذي تريد و إن ظفر فلك ، بعثه إلى الخوارج الذين بجزيرة ابن كاوان من عمان مع شيبان بن عبد العزيز اليشكري ، فبعث معه سبعمائة رجل فحملهم سليمان بن علي من البصرة في السفن و قد انضم إليه من أهله و عشيرته و مواليه و عدة من بني تميم من البصرة ، فلما أرسوا بجزيرة ابن كاوان قدم خازم فضلة بن نعيم المنشلي في خمسمائة إلى شيبان فانهزم هو و أصحابه و كانوا صفرية ، و ركبوا إلى عمان فقاتلهم الجلندي في الإباضية ، فقتل شيبان و من معه كما مر ، و شيبان هذا غير شيبان بن سلمة الذي قتل بخراسان فربما يشتبهان . ثم ركب خازم البحر إلى ساحل عمان فنزل و قاتل الجلندي أياماً أمر خازم أصحابه في آخرها أن يجعلوا على أطراف أسنتهم المشاقة و يدوروها بالنفط و يشعلوها بالنيران و يرموها في بيوت القوم ، و كانت من خشب فلما اضطرمت فيها النار شغلوا بأهليهم و أولادهم عن القتل ، فحمل عليهم خازم و أصحابه فاستلحموهم و قتل الجلندي و عشرة آلاف ، فبعث خازم برؤسهم إلى البصرة فبعثها سليمان إلى السفاح فندم ، ثم غزا خالد بن إبراهيم أهل كش فقتل الأخريد ملكها و هو مطيع و استباحهم و أخذ من الأواني الصينية المنقوشة المذهبة ، و من الديباج و السروج و متاع الصين و ظرفه ما لم ير مثله ، و حمله إلى أبي مسلم بسمرقند . و قتل عدة من دهاقين كش و ملك طازان أخا الأخريد على كش ، و رجع أبو مسلم إلى مرو بعد أن فتك في الصغد و بخارى و أمر ببناء سور سمرقند .و استخلف زياد بن صالح على بخارى و سمرقند و رجع أبو داود إلى بلخ . ثم بلغ السفاح انتقاض منصور ابن جمهور بالسند فبعث صاحب شرطته موسى بن كعب و استخلف مكانه على الشرطة المسيب بن زهير . و سار موسى لقتال ابن جمهور فلقيه بتخوم الهند و هو في نحو اثني عشر ألفاً فانهزم و مات عطشاً في الرمال و رحل عامله على السند بعياله و ثقلته فدخل بهم بلاد الخزر . ثم انتقض سنة خمس و ثلاثين زياد بن صالح وراء النهر . فسار أبو مسلم إليه من مرو و بعث أبو داود خالد بن إبراهيم نصر بن راشد إلى ترمذ ليمنعها من زياد فلما وصل إليها خرج عليه ناس من الطالقان فقتلوه فبعث مكانه عيسى محمد ماهان فسمع قتله نصر فقتلهم . و سار أبو مسلم فانتهى إلى آمد و معه سباع ابن النعمان الأزدي و كان السفاح قد دس معه إلى زياد بن صالح الأزدي أن ينتهز فرصة في أبي مسلم فيقتله . و نمي الخبر إلى أبي مسلم فحبس سباعاً بآمد ، و سار عنها و أمر عامله بقتله . و لقيه قواد زياد في طريقه و قد خلعوا زياداً فدخل أبو مسلم بخارى و نجا زياد إلى هقان هناك فقتله و حمل رأسه إلى أبي مسلم . و كتب أبو مسلم إلى أبي داود فقتله ، و كان قد شغل بأهل الطالقان فرجع إلى كش و بعث عيسى بن ماهان إلى بسام فلم يظفر منها بشيء ، و بعث إلى بعض أصحاب أبي مسلم يعيب أبا داود عيسى ، فضربه و حبسه ، ثم أخرجه فوثب عليه الجند فقتلوه و رجع أبو مسلم إلى مرو .
حج أبي جعفر و أبي مسلم
و في سنة ست و ثلاثين إستأذن أبو مسلم السفاح في القدوم عليه للحج ، و كان منذ ولي خراسان لم يفارقها فأذن له في القدوم مع خمسمائة من الجند ، فكتب إليه أبو مسلم إني قد عاديت الناس و لست أمن على نفسي فأذن له في ألف ، و قال : إن طريق مكة لا تحتمل العسكر فسار في ثمانية آلاف فرقهم ما بين نيسابور و الري ، و خلف أمواله و خزائنه بالري و قدم في ألف و خرج القواد بأمر السفاح لتلقيه ، فدخل على السفاح و أكرمه و أعظمه و استأذن في الحج فأذن له ، قال : لولا أن أبا جعفر يريد الحج لاستعملتك على الموسم ، فأنزله بقرية و كان قد كتب إلى أبي جعفر أن أبا مسلم استأذنني في الحج و أذنت له و هو يريد ولاية الموسم ، فاسألني أنت في الحج ، فلا تطمع أن يتقدمك ، و أذن له فقدم الأنبار و كان ما بين أبي جعفر و أبي مسلم متباعداً من حيث بعث السفاح أبا جعفر إلى خراسان ليأخذ البيعة له و لأبي جعفر من بعده ويولي أبا مسلم على خراسان فاستخلى أبو مسلم بأبي جعفر . فلما قدم ألان أبو جعفر السفاح بقتله و أذن له فيه ندم و كفه عن ذلك ، و سار أبو جعفر إلى الحج و معه أبو مسلم و استعمل على حران مقاتل بن حكيم العكي .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
موت السفاح و بيعة المنصور
كان أبو العباس السفاح قد تحول من الحيرة إلى الأنبار في ذي الحجة سنة أربع و ثلاثين فأقام بها سنتين ثم توفي في ذي الحجة سنة ست و ثلاثين لثلاث عشرة ليلة خلت منه و لأربع سنين و ثمانين أشهر من لدن بويع و صلى عليه عمه و دفن بالأنبار . و كان وزيره أبو الجهم بن عطية و كان قبل موته قد عهد بالخلافة لأخيه أبي جعفر و من بعده لعيسى ابن أخيهما موسى ، و جعل العهد في ثوب و ختمه بخواتيمه و خواتيم أهل بيته و دفعه إلى عيسى ، و لما توفي السفاح و كان أبو جعفر بمكة فأخذ البيعة على الناس عيسى بن موسى ، و كتب إليه بالخبر فجزع و استدعى أبا مسلم و كان متأخراً عنه فاقرأه الكتاب فبكى و استرجع ، و سكن أبا جعفر عن الجزع فقال : أخاف شر عبد الله بن علي . فقال أنا أكفيكه و عامة جنده أهل خراسان و هم أطوع لي منه فسري عنه .و بايع له أبو مسلم و الناس و أقبلا حتى قدما الكوفة . و يقال إن أبا مسلم كان متقدماً على أبي جعفر ، فإن الخبر قد أتاه قبله فكتب أبو مسلم إليه يعزيه و يهنيه بالخلافة و بعد يومين كتب له ببيعته و قدم أبو جعفر الكوفة سنة سبع و ثلاثين و سار منها إلى الأنبار فلم إليه عيسى بيوت الأموال و الدواوين و استقام أمر أبي جعفر .
انتقاض عبد الله بن علي و هزيمته
كان عبد الله بن علي قدم على السفاح قبل موته فبعثه إلى الصائفة في جنود أهل الشام و خراسان فإنتهى إلى دلوك و لم يدر حتى جاءه كتاب عيسى بن موسى بوفاة السفاح و أخذ البيعه لأبي جعفر و له من بعده كما عهد به السفاح ، فجمع عبد الله الناس و قرأ عليهم الكتاب و أعلمهم أن السفاح حين أراد أن يبعث الجنود إلى حران تكاسل بنو أبيه عنها فقال لهم : من أنتدب منكم فهو ولي عهدي فلم يندب غيري ! و شهد له أبو غانم الطائي و خفاف المروزي و غيرهما من القواد و بايعوه ، و فيهم حميد بن حكيم بن قحطبة و غيره من خراسان و الشام و الجزيرة . ثم سار عبد الله حتى نزل حران و حاصر مقاتل بن حكيم العكي أربعين يوماً و خشي من أهل خراسان فقتل منهم جماعة ، و ولى حميد بن قحطبة على حلب و كتب معه إلى عاملها زفر بن عاصم بقتله فقرأ الكتاب في طريقه و سار إلى العراق و جاء أبو جعفر من الحج فبعث أبا مسلم لقتال عبد الله و لحقه حميد بن قحطبة نازعاً عن عبد الله فسار معه و جعل على مقدمته مالك بن الهيثم الخزاعي . و لما بلغ عبد الله خبر إقباله و هو على حران بذل الأمان لمقاتل بن حكيم و من معه و ملك حران . ثم بعث مقاتلاً بكتابه إلى عثمان بن عبد الأعلى ، فلما قرأ الكتاب قتله و حبس ابنيه حتى إذا هزم عبد الله قتلهما . و أمر المنصور محمد بن صول و هو على أذربيجان أن يأتي عبد الله بن علي ليمكر به ، فجاء و قال : إني سمعت السفاح يقول الخليفة بعدي عمي عبد الله فشعر بمكيدته و قتله . و هو جد إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب . ثم أقبل عبد الله بن علي حتى نزل نصيبين و خندق عليه و قدم أبو مسلم فيمن معه . و كان المنصور قد كتب إلى الحسن بن قحطبة عامله على أرمينية بأن يوافي أبا مسلم ، فقدم عليه بالموصل ، و سار معه و نزل ناحية نصيبين و كتب إلى عبد الله : إني قد وليت الشام و لم أومر بقتالك فقال أهل الشام لعبد الله : سر بنا إلى الشام لنمنع نساءنا و أبناءنا . فقال لهم عبد الله ما يريد إلا قتالنا و إنما قصد المكر بنا ، فأبوا إلا الشام . فارتحل بهم إلى الشام و نزل أبو مسلم في موضع معسكره و غور ما حوله من المياه فوقف أصحاب عبد الله بكار بن مسلم العقيلي و على ميسرته حبيب بن سويد الأسدي و على الخيل عبد الصمد بن علي أخو عبد الله و على ميمنة أبي مسلم الحسن بن قحطبة و على ميسرته خازم بن خزيمة ، فاقتتلوا شهراً . ثم حمل أصحاب عبد الله على عسكر أبي مسلم فأزالوهم عن مواضعهم و حمل عبد الصمد فقتل منهم ثمانية عشر رجلاً . ثم حمل عليهم ثانية فأزالوا صفهم . ثم نادى منادي أبي مسلم في أهل خراسان فتراجعوا و كان يجلس إذا لقي الناس على عريش ينظر منه إلى الخومة فإن رأى خللاً أرسل بسده فلا تزال رسله تختلف بينه و بين الناس حتى ينصرفوا . فلما كان يوم الأربعاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة سبع و ثلاثين إقتتلوا و أمر أبو مسلم الحسن بن قحطبة أن يضم إلى الميسرة و ينزل في الميمنة حماة أصحابه ، فانضم أهل الشام من الميسرة إلى الميمنة كما أمرهم . و أمر أبو مسلم أهل القلب فحطموهم و ركبهم أصحاب أبي مسلم فانهزم أصحاب عبد الله فقال لابن سراقة ما ترى ؟ قال : الصبر إلى أن تموت فالغرار فيكم بمثلك قبيح . قال : بل آتي العراق فأنا معك فانهزموا و حوى أبو مسلم عسكرهم . و كتب بذلك إلى المنصور و مضى عبد الله و عبد الصمد . فقدم عبد الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسى ، و أمنه المنصور و قيل بل أقام بالرصافة حتى قدهما جمهور بن مروان العجلي في خيول أرسلها المنصور ، فبعث به موثقاً مع أبي الخطيب ، فأطلقه المنصور .و أما عبد الله فقدم البصرة و أقام عند أخيه سليمان متوارياً حتى طلبه و أشخص إليه . ثم إن أبا مسلم أمن الناس بعد الهزيمة و أمر بالكف عنهم .
ذكر قتل أبي مسلم الخراسانيكان أبو مسلم لما حج مع المنصور يؤيد نفسه عليه و يتقدم بالإحسان للوفود و إصلاح الطريق و المياه ، و كان الذكر له و كان الأعراب يقولون : هذا المكذوب عليه و لما صدروا عن الموسم تقدم أبو مسلم ولقيه الخبر بوفاة السفاح فبعث إلى أبي جعفر يعزيه و لم يهنئه بالخلافة و لا رجع إليه و لا أقام ينتظره فغضب أبو جعفر وكتب إليه و أغلظ في العتاب فكتب يهنئه بالخلافة و يقدم إلى فدعا عيسى بن موسى إلى أن يبايع له فأبى و قدم أبو جعفر ، و قد خلع عبيد الله بن علي ، فسرح أبا مسلم لقتاله فهزمه كما مر ، و جمع الغنائم من عسكره . فبعث المنصور مولاه أبا الخصيب لجمعها ، فغضب أبو مسلم و قال : أنا أعين على الدعاء فكيف أخوان الأموال ؟ و هم بقتل الخصيب ثم خلى عنه .و خشى المنصور أن يمضي إلى خراسان فكتب إليه بولاية مصر و الشام فأزداد نفاراً ، و خرج من الجزيرة يريد خراسان و سار المنصور إلى المدائن ، و كتب إليه يستقدمه ، فأجابه بالإمتناع و المسك بالطاعة عن بعد ، و التهديد بالخلع إن طلب منه سوى ذلك . فكتب إليه المنصور ينكر عليه هذا الشرط و أنه لا يحسن طاعة .و بعث إليه عيسى بن موسى برسالة يؤنسه و يسليه .و قيل بل كتب إليه أبو مسلم يعرض له بالخلع و أنه قد تاب إلى الله مما جناه من القيام بدعوتهم ، و أخذ أبو مسلم طريق حلوان و أمر المنصور عمه عيسى و مشيخة بني هاشم بالكتاب على أبي مسلم يحرضونه على التمسك بالطاعة و يحذرونه عاقبة البغي و يأمرونه بالمراجعة . و بعث الكتب مع مولاه أبي حميد المرودوذي ، و أمره بملاينته و الخضوع له بالقول حتى ييأس منه ، فإذا يئس يخبره بقسم أمير المؤمنين لأوكلت أمرك إلى غيري و لو خضت البحر لخضته وراءك و لو اقتحمت النار لاقتحمتها حتى أقتلك أو أموت .فأوصل أبو حميد الكتب و تلطف له في القول ما شاء و احتج عليه بما كان منه في التحريض على طاعتهم ، فاستشار أبو مسلم مالك بن الهيثم فأبى له من الإصغاء إلى هذا القول و قال و الله لئن أتيته ليقتلنك . ثم بعث إلى نيزك صاحب الري يستشيره فأبى له من ذلك ، و أشار عليه بنزول الري و خراسان من ورائه فيكون أمكن لسلطانه . فأجاب أبا حميد بالإمتناع فلما يئس منه أبلغه مقالة المنصور فوجم طويلاً و رعب من ذلك القول و أكبره .و كان المنصور قد كتب إلى عامل أبي مسلم بخراسان يرغبه في الإنحراف عنه بولاية خراسان فأجاب سراً و كتب إلى أبي مسلم يحذره الخلاف و المعصية فزاده ذلك رعباً و قال لأبي حميد قبل انصرافه : قد كنت عزمت على المضي إلى خراسان ثم رأيت أن أوجه أبا إسحق إلى أمير المؤمنين يأتيني برأيته فإني أثق به .و لما قدم أبو إسحق تلقاه بنو هاشم و أهل الدولة بكل ما يجب و داخله المنصور في صرف أبي مسلم عن وجهه خراسان و وعده بولايتها ، فرجع إليه و أشار عليه بلقاء المنصور ، فاعتزم على ذلك و استخلف مالك بن الهيثم على عسكره بحلوان ، و سار فقدم المدائن في
كان أبو العباس السفاح قد تحول من الحيرة إلى الأنبار في ذي الحجة سنة أربع و ثلاثين فأقام بها سنتين ثم توفي في ذي الحجة سنة ست و ثلاثين لثلاث عشرة ليلة خلت منه و لأربع سنين و ثمانين أشهر من لدن بويع و صلى عليه عمه و دفن بالأنبار . و كان وزيره أبو الجهم بن عطية و كان قبل موته قد عهد بالخلافة لأخيه أبي جعفر و من بعده لعيسى ابن أخيهما موسى ، و جعل العهد في ثوب و ختمه بخواتيمه و خواتيم أهل بيته و دفعه إلى عيسى ، و لما توفي السفاح و كان أبو جعفر بمكة فأخذ البيعة على الناس عيسى بن موسى ، و كتب إليه بالخبر فجزع و استدعى أبا مسلم و كان متأخراً عنه فاقرأه الكتاب فبكى و استرجع ، و سكن أبا جعفر عن الجزع فقال : أخاف شر عبد الله بن علي . فقال أنا أكفيكه و عامة جنده أهل خراسان و هم أطوع لي منه فسري عنه .و بايع له أبو مسلم و الناس و أقبلا حتى قدما الكوفة . و يقال إن أبا مسلم كان متقدماً على أبي جعفر ، فإن الخبر قد أتاه قبله فكتب أبو مسلم إليه يعزيه و يهنيه بالخلافة و بعد يومين كتب له ببيعته و قدم أبو جعفر الكوفة سنة سبع و ثلاثين و سار منها إلى الأنبار فلم إليه عيسى بيوت الأموال و الدواوين و استقام أمر أبي جعفر .
انتقاض عبد الله بن علي و هزيمته
كان عبد الله بن علي قدم على السفاح قبل موته فبعثه إلى الصائفة في جنود أهل الشام و خراسان فإنتهى إلى دلوك و لم يدر حتى جاءه كتاب عيسى بن موسى بوفاة السفاح و أخذ البيعه لأبي جعفر و له من بعده كما عهد به السفاح ، فجمع عبد الله الناس و قرأ عليهم الكتاب و أعلمهم أن السفاح حين أراد أن يبعث الجنود إلى حران تكاسل بنو أبيه عنها فقال لهم : من أنتدب منكم فهو ولي عهدي فلم يندب غيري ! و شهد له أبو غانم الطائي و خفاف المروزي و غيرهما من القواد و بايعوه ، و فيهم حميد بن حكيم بن قحطبة و غيره من خراسان و الشام و الجزيرة . ثم سار عبد الله حتى نزل حران و حاصر مقاتل بن حكيم العكي أربعين يوماً و خشي من أهل خراسان فقتل منهم جماعة ، و ولى حميد بن قحطبة على حلب و كتب معه إلى عاملها زفر بن عاصم بقتله فقرأ الكتاب في طريقه و سار إلى العراق و جاء أبو جعفر من الحج فبعث أبا مسلم لقتال عبد الله و لحقه حميد بن قحطبة نازعاً عن عبد الله فسار معه و جعل على مقدمته مالك بن الهيثم الخزاعي . و لما بلغ عبد الله خبر إقباله و هو على حران بذل الأمان لمقاتل بن حكيم و من معه و ملك حران . ثم بعث مقاتلاً بكتابه إلى عثمان بن عبد الأعلى ، فلما قرأ الكتاب قتله و حبس ابنيه حتى إذا هزم عبد الله قتلهما . و أمر المنصور محمد بن صول و هو على أذربيجان أن يأتي عبد الله بن علي ليمكر به ، فجاء و قال : إني سمعت السفاح يقول الخليفة بعدي عمي عبد الله فشعر بمكيدته و قتله . و هو جد إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب . ثم أقبل عبد الله بن علي حتى نزل نصيبين و خندق عليه و قدم أبو مسلم فيمن معه . و كان المنصور قد كتب إلى الحسن بن قحطبة عامله على أرمينية بأن يوافي أبا مسلم ، فقدم عليه بالموصل ، و سار معه و نزل ناحية نصيبين و كتب إلى عبد الله : إني قد وليت الشام و لم أومر بقتالك فقال أهل الشام لعبد الله : سر بنا إلى الشام لنمنع نساءنا و أبناءنا . فقال لهم عبد الله ما يريد إلا قتالنا و إنما قصد المكر بنا ، فأبوا إلا الشام . فارتحل بهم إلى الشام و نزل أبو مسلم في موضع معسكره و غور ما حوله من المياه فوقف أصحاب عبد الله بكار بن مسلم العقيلي و على ميسرته حبيب بن سويد الأسدي و على الخيل عبد الصمد بن علي أخو عبد الله و على ميمنة أبي مسلم الحسن بن قحطبة و على ميسرته خازم بن خزيمة ، فاقتتلوا شهراً . ثم حمل أصحاب عبد الله على عسكر أبي مسلم فأزالوهم عن مواضعهم و حمل عبد الصمد فقتل منهم ثمانية عشر رجلاً . ثم حمل عليهم ثانية فأزالوا صفهم . ثم نادى منادي أبي مسلم في أهل خراسان فتراجعوا و كان يجلس إذا لقي الناس على عريش ينظر منه إلى الخومة فإن رأى خللاً أرسل بسده فلا تزال رسله تختلف بينه و بين الناس حتى ينصرفوا . فلما كان يوم الأربعاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة سبع و ثلاثين إقتتلوا و أمر أبو مسلم الحسن بن قحطبة أن يضم إلى الميسرة و ينزل في الميمنة حماة أصحابه ، فانضم أهل الشام من الميسرة إلى الميمنة كما أمرهم . و أمر أبو مسلم أهل القلب فحطموهم و ركبهم أصحاب أبي مسلم فانهزم أصحاب عبد الله فقال لابن سراقة ما ترى ؟ قال : الصبر إلى أن تموت فالغرار فيكم بمثلك قبيح . قال : بل آتي العراق فأنا معك فانهزموا و حوى أبو مسلم عسكرهم . و كتب بذلك إلى المنصور و مضى عبد الله و عبد الصمد . فقدم عبد الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسى ، و أمنه المنصور و قيل بل أقام بالرصافة حتى قدهما جمهور بن مروان العجلي في خيول أرسلها المنصور ، فبعث به موثقاً مع أبي الخطيب ، فأطلقه المنصور .و أما عبد الله فقدم البصرة و أقام عند أخيه سليمان متوارياً حتى طلبه و أشخص إليه . ثم إن أبا مسلم أمن الناس بعد الهزيمة و أمر بالكف عنهم .
ذكر قتل أبي مسلم الخراسانيكان أبو مسلم لما حج مع المنصور يؤيد نفسه عليه و يتقدم بالإحسان للوفود و إصلاح الطريق و المياه ، و كان الذكر له و كان الأعراب يقولون : هذا المكذوب عليه و لما صدروا عن الموسم تقدم أبو مسلم ولقيه الخبر بوفاة السفاح فبعث إلى أبي جعفر يعزيه و لم يهنئه بالخلافة و لا رجع إليه و لا أقام ينتظره فغضب أبو جعفر وكتب إليه و أغلظ في العتاب فكتب يهنئه بالخلافة و يقدم إلى فدعا عيسى بن موسى إلى أن يبايع له فأبى و قدم أبو جعفر ، و قد خلع عبيد الله بن علي ، فسرح أبا مسلم لقتاله فهزمه كما مر ، و جمع الغنائم من عسكره . فبعث المنصور مولاه أبا الخصيب لجمعها ، فغضب أبو مسلم و قال : أنا أعين على الدعاء فكيف أخوان الأموال ؟ و هم بقتل الخصيب ثم خلى عنه .و خشى المنصور أن يمضي إلى خراسان فكتب إليه بولاية مصر و الشام فأزداد نفاراً ، و خرج من الجزيرة يريد خراسان و سار المنصور إلى المدائن ، و كتب إليه يستقدمه ، فأجابه بالإمتناع و المسك بالطاعة عن بعد ، و التهديد بالخلع إن طلب منه سوى ذلك . فكتب إليه المنصور ينكر عليه هذا الشرط و أنه لا يحسن طاعة .و بعث إليه عيسى بن موسى برسالة يؤنسه و يسليه .و قيل بل كتب إليه أبو مسلم يعرض له بالخلع و أنه قد تاب إلى الله مما جناه من القيام بدعوتهم ، و أخذ أبو مسلم طريق حلوان و أمر المنصور عمه عيسى و مشيخة بني هاشم بالكتاب على أبي مسلم يحرضونه على التمسك بالطاعة و يحذرونه عاقبة البغي و يأمرونه بالمراجعة . و بعث الكتب مع مولاه أبي حميد المرودوذي ، و أمره بملاينته و الخضوع له بالقول حتى ييأس منه ، فإذا يئس يخبره بقسم أمير المؤمنين لأوكلت أمرك إلى غيري و لو خضت البحر لخضته وراءك و لو اقتحمت النار لاقتحمتها حتى أقتلك أو أموت .فأوصل أبو حميد الكتب و تلطف له في القول ما شاء و احتج عليه بما كان منه في التحريض على طاعتهم ، فاستشار أبو مسلم مالك بن الهيثم فأبى له من الإصغاء إلى هذا القول و قال و الله لئن أتيته ليقتلنك . ثم بعث إلى نيزك صاحب الري يستشيره فأبى له من ذلك ، و أشار عليه بنزول الري و خراسان من ورائه فيكون أمكن لسلطانه . فأجاب أبا حميد بالإمتناع فلما يئس منه أبلغه مقالة المنصور فوجم طويلاً و رعب من ذلك القول و أكبره .و كان المنصور قد كتب إلى عامل أبي مسلم بخراسان يرغبه في الإنحراف عنه بولاية خراسان فأجاب سراً و كتب إلى أبي مسلم يحذره الخلاف و المعصية فزاده ذلك رعباً و قال لأبي حميد قبل انصرافه : قد كنت عزمت على المضي إلى خراسان ثم رأيت أن أوجه أبا إسحق إلى أمير المؤمنين يأتيني برأيته فإني أثق به .و لما قدم أبو إسحق تلقاه بنو هاشم و أهل الدولة بكل ما يجب و داخله المنصور في صرف أبي مسلم عن وجهه خراسان و وعده بولايتها ، فرجع إليه و أشار عليه بلقاء المنصور ، فاعتزم على ذلك و استخلف مالك بن الهيثم على عسكره بحلوان ، و سار فقدم المدائن في
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثالث - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
ثلاثة آلاف ، و خشي أبو أيوب وزير المنصور أن يحدث منه عند قدومه فتك فدعا بعض إخوانه و أشار عليه بأن يأتي أبا مسلم و يتوسل به إلى المنصور في ولاية كسكر ليعيب فيها مالاً عظيماً .و أن يشرك أخاه في ذلك ، فإن أمير المؤمنين عازم أن يوليه ما ورى به و يريح نفسه .و استأذن له المنصور في لقاء أبي مسلم فأذن له ، فلقي أبا مسلم و توسل إليه وأخبره الخبر فطابت نفسه و ذهب عنه الحزن . و لما قرب أمر الناس بتلقيه ثم دخل على المنصور فقبل يده و انصرف ليريح ليلته ، و دعا المنصور من الغد حاجبه عثمان بن نهيل و أربعة من الحرس منهم شبيب بن رواح و ابن حنيفة حرب بن قيس ، و أجلسهم خلف الرواق ، و أمرهم بقتل أبي مسلم إذا صفق بيديه .و استدعى أبا مسلم ، فلما دخل سأله عن سيفين أصابهما لعمه عبد الله بن علي و كان متقلداً بأحدهما فقال : هذا أحدهما ! فقال : أرني فانتضاه أبو مسلم و ناوله إياه فأخذ يقلبه بيده و يهزه . ثم وضعه تحت فراشه ، و أقبل يعاتبه فقال : كتبت إلى السفاح تنهاه عن الموت كأنك تعلمه : قال : ظننت أنه لا يحل ، ثم اقتديت بكتاب السفاح و علمت أنكم معدن العلم . قال فتوركك عني بطريق مكة ! قال كرهت مزاحمتك على الماء قال فامتناعك من الرجوع إلي حين بلغك موت السفاح أو الإقامة حتى ألحقك ! قال : طلبت الرفق بالناس و المبادرة إلى الكوفة ! قال : فجارية عبد الله بن علي أردت أن تتخذها لنفسك ! قال : لا إنما و كانت بها من يحفظها . قال : فمراغمتك و مسيرك إلى خراسان قال : خشيت منك فقلت آتي خراساني و أكتب بعذري فأذهب ما في نفسك مني ! قال فالمال الذي جمعته بحران ! قال أنفقته في الجند تقوية لكم . قال ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك و تخطب آسية بنت علي و تزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن عباس ؟ لقد ارتقيت لا أم لك مرتقى صعباً . ثم قال له : و ما الذي دعاك إلى قتل سليمان بن كثير مع أثره في دعوتنا ، و هو أحد نقبائنا من قبل أن ندخلك في هذا الأمر ؟ قال : أراد الخلافة فقتلته . ثم قال أبو مسلم : كيف يقال هذا بعد بلائي و ما كان مني ؟ قال : يا ابن الخبيثة لو كانت أمه مكانك لأغنت إنما ذلك بدولتنا و ربحنا . أبو مسلم يقبل يده و يعتذر فازداد المنصور غضباً . ثم قال أبو مسلم دع هذا فقد أصبحت لا أخاف إلا الله فشتمه المنصور و صفق بيديه فخرج الحرس و ضربه عثمان بن نهيك فقطع حمائل سيفه فقال : اسبقني لعدوك فقال : لا أبقاني الله إذاً و أي عدو منك و أخذه الحرس بسيوفهم حتى قتلوه ، بذلك لخمس بقين من شعبان سنة سبع و ثلاثين . و خرج الوزير أبو الجهم فصرف الناس ، و قال : الأمير قائل عند أمير المؤمنين فانصرفوا و أمر لهم بالجوائز و أعطى إسحق مائة ألف و دخل عيسى بن موسى على المنصور فسأل عنه و أخذ في الثناء على طاعته و بلائه و ذكر رأي الإمام إبراهيم فيه . فقال المنصور : و الله ما أعلم على وجه الأرض عدواً أعدى لكم منه هوذا في البساط فاسترجع عيسى ، فأنكر عليه المنصور و قال : و هل كان لكم ملك معه ؟ ثم دعا جعفر بن حنظلة و استشاره في أمر أبي مسلم فأشار بقتله فقال له المنصور وفقك الله ثم نظر إليه قتيلاً فقال له يا أمير المؤمنين عد خلافتك من هذا اليوم . ثم دعا أبا إسحق عن متابعة أبي مسلم و قال تكلم بما أردت و أخرجه قتيلاً فسجد أبو إسحق ثم رفع رأسه يقول الحمد لله أميت هو و الله ما جئته قط إلا تكفنت و رفع ثيابه و أراه كفنه و حنوطه فرحمه . و قال له استقبل طاعتك و احمد الله الذي أراحك . و كتب المنصور بعد قتل أبي مسلم إلى أبي نصر بن الهيثم على لسان أبي مسلم يأمره بحمل أثقاله ، و قد كان أبو مسلم أوصاه إن جاءك كتاب بخاتمي تاماً فاعلم أني لم أكتبه ، فلما رآه كذلك فطن و انحدر إلى همذان يريد خراسان ، فكتب له المنصور بولاية شهرزور ، و كتب إلى زهير بن التركي بهمذان يحبسه فمر أبو نصر بهمذان و خادعه زهير و دعاه إلى طعامه و حبسه و جاء كتاب العهد بشهرزور لأبي نصر فأطلقه زهير ثم جاءه بعد ذلك الكتاب بقتله فقال : جاءني كتاب عهده فخليت سبيله .و قدم أبو نصر على المنصور فعذله في إشارته على أبي مسلم بخراسان فقال : نعم استنصحني فنصحت له و إن استنصحني أمير المؤمنين نصحت و شكرت ، و استعمله على الموصل ، و خطب أبو جعفر الناس بعد قتل أبي مسلم و انسهم و افترق أصحابه و خرج منهم بخراسان رجل إسمه سنباد و يسمى فيروز أصبهبذ و تبعه أكثر الجيال يطلبون بدم أبي مسلم و غلب على نيسابور و الري و أخذ خزائن أبي مسلم التي خلفها بالري حين شخص إلى السفاح و سبى الحرم و نهب الأموال و لم يعرض إلى التجار و كان يظهر أنه قاصد إلى الكعبة يهدمها فسرح إليه المنصور جمهور بن مرار العجلي و التقوا على طريق المفازة بين همذان و الري ، فقاتلهم و هزمهم و قتل منهم نحواً من ستين ألفاً و سبى ذراريهم و نساءهم ولحق سنباد بطبرستان فقتله بعض عمال صاحبها و أخذ ما معه و كتب إلى المنصور بذلك فكتب إليه المنصور في الأموال فأنكر فسرح إليه الجنود فهرب إلى الديلم ثم إن جمهور بن مرار لما حوى ما في عسكر سنباد و لم يبعث به خاف من المنصور فخلع و اعتصم بالري فسرح إليه محمد بن الأشعث في الجيوش ، فخرج من الري إلى أصبهان فملكها و ملك محمد الري . ثم اقتتلوا و انهزم جمهور فلحق بأذربيجان ، و قتله بعض أصحابه و حملوا رأسه إلى المنصور ، و ذلك سنة ثمان و ثلاثين .
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45421
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
صفحة 1 من اصل 3 • 1, 2, 3
مواضيع مماثلة
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
» تابع تاريخ بن خلدون الجزء الثانى - جعلة الله مفيدا لنا ولكم 0000
صفحة 1 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى