كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
2 مشترك
صفحة 6 من اصل 13
صفحة 6 من اصل 13 • 1, 2, 3 ... 5, 6, 7 ... 11, 12, 13
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
تكوُّن الفرخ في البيضة
قال: ويَستَبينُ خَلْقُ الفِراخ إذا مضت لها ثلاثةُ أيَّامٍ بليالها وذلك في شَبَاب الدَّجاج، وأمَّا في المَسَانِّ منها فهو أكثر، وفي ذلك الوقت تُوجد الصُّفرةُ من النَّاحيةِ العُليَا من البَيضة، عند الطرَف المحدَّد وحيث يكون أوَّلُ نَقْرِها، فَثَمَّ يستبين في بياض البَيضة مثلُ نقطة من دم، وهي تختلجُ وتتحرَّك، والفرخ إنَّما يُخلق من البَياض، ويَغْتذي الصُّفرة، ويتمُّ خَلْقُه لعشرةِ أيّام، والرَّأسُ وحْدَهُ يكونُ أكبر من سائر البدن.
البيض العجيب قال: ومن الدَّجاج ما يبيض بيضاً له صُفْرتان في بعض الأحايين، خبَّرني بذلك كم شِئتَ من ثقاتِ أصحابِنا.
وقال صاحب المنطق: وقد باضت فيما مضى دَجاجةٌ ثماني عشْرَة بيضةً، لكلِ بيضةٍ مُحَّتانِ، ثمَّ سخِّنت وحُضنت، فخرَجَ من كلِّ بيضة فَرُّوجان، ما خلا البيضَ الذي كان فاسداً في الأصل، وقد يخرج من البَيضة فَرُّوجان، ويكون أحدُهما أعظمَ جثَّةً، وكذلك الحمام، وما أقَلَّ ما يغادر الحمامُ أن يكون أحدُ الفرْخَيْنِ ذكَراً والآخر أنثى.
معارف في البيض قال: وربَّما باضتْ الحمامةُ وأشباهها من الفَواخِتِ ثَلاث بيضات، فأمَّا الأُطرُغلاَّت والفَواخت فإنها تبيض بيضَتينِ، وربّما باضتْ ثَلاثَ بيضات ولكنْ لا يخرُجُ منها أكثرُ من فرخين، وربّما كان واحداً فقط.
قال: ويَستَبينُ خَلْقُ الفِراخ إذا مضت لها ثلاثةُ أيَّامٍ بليالها وذلك في شَبَاب الدَّجاج، وأمَّا في المَسَانِّ منها فهو أكثر، وفي ذلك الوقت تُوجد الصُّفرةُ من النَّاحيةِ العُليَا من البَيضة، عند الطرَف المحدَّد وحيث يكون أوَّلُ نَقْرِها، فَثَمَّ يستبين في بياض البَيضة مثلُ نقطة من دم، وهي تختلجُ وتتحرَّك، والفرخ إنَّما يُخلق من البَياض، ويَغْتذي الصُّفرة، ويتمُّ خَلْقُه لعشرةِ أيّام، والرَّأسُ وحْدَهُ يكونُ أكبر من سائر البدن.
البيض العجيب قال: ومن الدَّجاج ما يبيض بيضاً له صُفْرتان في بعض الأحايين، خبَّرني بذلك كم شِئتَ من ثقاتِ أصحابِنا.
وقال صاحب المنطق: وقد باضت فيما مضى دَجاجةٌ ثماني عشْرَة بيضةً، لكلِ بيضةٍ مُحَّتانِ، ثمَّ سخِّنت وحُضنت، فخرَجَ من كلِّ بيضة فَرُّوجان، ما خلا البيضَ الذي كان فاسداً في الأصل، وقد يخرج من البَيضة فَرُّوجان، ويكون أحدُهما أعظمَ جثَّةً، وكذلك الحمام، وما أقَلَّ ما يغادر الحمامُ أن يكون أحدُ الفرْخَيْنِ ذكَراً والآخر أنثى.
معارف في البيض قال: وربَّما باضتْ الحمامةُ وأشباهها من الفَواخِتِ ثَلاث بيضات، فأمَّا الأُطرُغلاَّت والفَواخت فإنها تبيض بيضَتينِ، وربّما باضتْ ثَلاثَ بيضات ولكنْ لا يخرُجُ منها أكثرُ من فرخين، وربّما كان واحداً فقط.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
قال: وبعض الطير لايبيض إلاّ بعدَ مُرُورِ الحَوْلِ عليه كَامَلاً، والحمامةُ في أكثر أمْرها يكونُ أحدُ فَرخَيها ذكراً والآخر أنثى، وهي تبيضُ أوّلاً البيضةَ التي فيها الذَّكر، ثمّ تقيم يوماً وليلةً، ثمَّ تبيض الأخرى، وتحضُنُ ما بينَ السَّبْعةَ عشَرَ يوماً إلى العشرين، على قدْر اختلاَفِ طباع الزَّمان، والذي يعرضُ لها من العلل، والحمامةُ أبرُّ بالبَيضُ، والحمامُ أبرُّ بالفراخ.
قال: وأمّا جميعُ أجناسِ الطيرِ ممّا يأكل اللّّحمَ، فلم يظهْر لنا أنَّه يبيضُ ويُفرخ أكثرَ من مرَّة واحدة، مَا خلا الخُطّاف فإنَّه يبيض مرَّتين.
تربية الطيور فراخها والعُقابُ تبيضُ ثلاث بيضات، فَيَخْرُج لها فرْخان، واختلفوا فقال بعضهم: لأنها لا تحضُن إلاَّ بَيضتين، وقال آخرون: قد تحضُنْ وَيخرج لها ثلاثَةُ أفراخ، ولكنَّها ترمي بواحدٍ استثقالاً للتكسُّب على ثَلاثة، وقال آخرون: ليس ذلك إلاّ بما يعتريها من الضعفِ عن الصّيد، كما يعتري النُّفساء من الوهْن والضّعف، وقال آخرون: العُقاب طائر سيّء الخلق، رديءُ التَّربية، وليس يُستعانُ على تربية الأولاد إلاَّ بالصَّبْر، وقال آخرون: لا، ولكنّها شديدةُ النَّهم والشَّرَهِ، وإذا لم تكنْ أمُّ الفِراخِ ذاتَ أثرَةٍ لها، ضاعت.
وكذلك قالوا في العَقعقَ، عند إضاعتها لفراخها، حتى قالوا: أحمقُ من عَقْعَقَ، كما قالوا: أحذَر من عقْعقَ.
قال: وأمّا جميعُ أجناسِ الطيرِ ممّا يأكل اللّّحمَ، فلم يظهْر لنا أنَّه يبيضُ ويُفرخ أكثرَ من مرَّة واحدة، مَا خلا الخُطّاف فإنَّه يبيض مرَّتين.
تربية الطيور فراخها والعُقابُ تبيضُ ثلاث بيضات، فَيَخْرُج لها فرْخان، واختلفوا فقال بعضهم: لأنها لا تحضُن إلاَّ بَيضتين، وقال آخرون: قد تحضُنْ وَيخرج لها ثلاثَةُ أفراخ، ولكنَّها ترمي بواحدٍ استثقالاً للتكسُّب على ثَلاثة، وقال آخرون: ليس ذلك إلاّ بما يعتريها من الضعفِ عن الصّيد، كما يعتري النُّفساء من الوهْن والضّعف، وقال آخرون: العُقاب طائر سيّء الخلق، رديءُ التَّربية، وليس يُستعانُ على تربية الأولاد إلاَّ بالصَّبْر، وقال آخرون: لا، ولكنّها شديدةُ النَّهم والشَّرَهِ، وإذا لم تكنْ أمُّ الفِراخِ ذاتَ أثرَةٍ لها، ضاعت.
وكذلك قالوا في العَقعقَ، عند إضاعتها لفراخها، حتى قالوا: أحمقُ من عَقْعَقَ، كما قالوا: أحذَر من عقْعقَ.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
وقالوا: وأمّا الفَرخ الذي يُخرجه العُقاب، فإنّ المكلَّفَةَ، وهي طائرٌ يقال لها كاسِر العِظام، تقبلُه وتربِّيه.
والعُقاب تحضن ثلاثين يوماً، وكذلك كلُّ طائرٍ عظيم الجثَّة، مثل الإوزّ وأشباهِ ذلك، فأمَّا الوسط فهو يحضنُ عِشرين يوماً، مثل الحِدَأ ومثل أصناف البُزاةِ كالبواشِق واليَآيئ.
والحدأة تبيضُ بيضتين، وربّما باضتْ ثلاث بيضات وخرَج منهن ثلاثة فِراخ.
قالوا:وأما العقبان السُّودُ الألوان، فإنَّها تربّي وتحضن.
وجميع الطير المعقَّف المخالب تطردُ فراخها من أعشاشها عندَ قوَّتها على الطَّيران، وكذلك سائر الأصنافِ منَ الطيرِ، فإنَّها تطردُ الفِراخ ثمَّ لا تعرفُها، ما عدا الغداف، فإنها لا تزالُ لولدها قابلة، ولحالِهِ متفقِّدة.
أجناس العقبان وقال قوم: إن العِقبانَ والبُزاة التَّامّة، والجهارْرَانك، والسُّمنان، والزَّمامجِ والزَّرارقة إنها كلّها عِقْبان، وأمَّا الشّواهينُ والصُّقورةَ واليَوايئ، فإنها أجناسٌ أخر.
حضن الطير قال: وقالوا: فراخ البزاة سمينة طَيِّبَةٌ جدّاً، وأما الإوزة فإنها التي تحضن دونَ الذكر، وأمّا الغِربانُ فعلى الإنَاث الحضن، والذكورة تأتي الإنَاث بالطُّعمة.
وأمّا الحجَل فإنَّ الزّوج مِنها يهيّئان للبَيض عُشّىن وثيقين مقسومَين عليهما، فيحضنُ أحدُهُمَا الذَّكَرَ،
والعُقاب تحضن ثلاثين يوماً، وكذلك كلُّ طائرٍ عظيم الجثَّة، مثل الإوزّ وأشباهِ ذلك، فأمَّا الوسط فهو يحضنُ عِشرين يوماً، مثل الحِدَأ ومثل أصناف البُزاةِ كالبواشِق واليَآيئ.
والحدأة تبيضُ بيضتين، وربّما باضتْ ثلاث بيضات وخرَج منهن ثلاثة فِراخ.
قالوا:وأما العقبان السُّودُ الألوان، فإنَّها تربّي وتحضن.
وجميع الطير المعقَّف المخالب تطردُ فراخها من أعشاشها عندَ قوَّتها على الطَّيران، وكذلك سائر الأصنافِ منَ الطيرِ، فإنَّها تطردُ الفِراخ ثمَّ لا تعرفُها، ما عدا الغداف، فإنها لا تزالُ لولدها قابلة، ولحالِهِ متفقِّدة.
أجناس العقبان وقال قوم: إن العِقبانَ والبُزاة التَّامّة، والجهارْرَانك، والسُّمنان، والزَّمامجِ والزَّرارقة إنها كلّها عِقْبان، وأمَّا الشّواهينُ والصُّقورةَ واليَوايئ، فإنها أجناسٌ أخر.
حضن الطير قال: وقالوا: فراخ البزاة سمينة طَيِّبَةٌ جدّاً، وأما الإوزة فإنها التي تحضن دونَ الذكر، وأمّا الغِربانُ فعلى الإنَاث الحضن، والذكورة تأتي الإنَاث بالطُّعمة.
وأمّا الحجَل فإنَّ الزّوج مِنها يهيّئان للبَيض عُشّىن وثيقين مقسومَين عليهما، فيحضنُ أحدُهُمَا الذَّكَرَ،
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
والآخرَ الأنثى، وكذلك هُمَا في التَّربية، وكلُّ واحدٍ منهما يعيشُ خمساً وعِشرين سنة، ولا تلْقَحُ الأنثى بالبيض ولا يُلِقحُ الذكرُ إلاَّ بعدَ ثلاثِ سنين.
الطاوس قال: وأمَّا الطّاوس فأوّل ما تبيضُ ثماني بيضات، وتبيض أيضاً بيضَ الريح، والطاوس يُلقي ريشَه في زَمن الخَريف إذا بدَا أوّلُ ورقِ الشَّجر يسقُطُ، وإذا بدأ الشَّجرُ يكتسي ورقاً، بدأ الطاوس فاكتسى ريشاً.
ما ليس له عشٌّ من الطير قال: وما كان من الطّير الثَّقيل الجثَّة فليس يهيئ لبيضهِ عُشاً؛ من أجْل أنَّه لا يُجيد الطَّيرَان، ويثقل عليه النهوض ولا يتحَلَّق، مثل الدُّرَّاج والقَبَجَ، وإنما يبيض على التُراب، وفراخ هذه الأجناس كفراريج الدَّجاج، وكذلك فراريج البطِّ الصِّيني، فإنَّ هذه كلَّها تخرُج من البيض كاسية كاسبة تلقط من ساعتها، وتَكفي نفسها.
القبجة قال: وإذا دنا الصَّيّاد من عُشِّ القبجة ولَها فراخٌ، مرَّتْ بينَ يدَيهِ مَراً غيرَ مفُيت، وأطمعتْه في نفسها ليتبعها، فتمرُّ الفراخ في رجوعها إلى موضعِ عُشِّها، والفراخ ليسَ معها من الهِداية ما مع أمّها، وعلى أنّ القَبَجَةَ سيِّئة الدَّلالةِ والهداية، وكذلك كلُّ طائر يعجَّلُ له الكَيْس والكسْوة، ويعجَّل له الكَسْبُ في صغره.
الطاوس قال: وأمَّا الطّاوس فأوّل ما تبيضُ ثماني بيضات، وتبيض أيضاً بيضَ الريح، والطاوس يُلقي ريشَه في زَمن الخَريف إذا بدَا أوّلُ ورقِ الشَّجر يسقُطُ، وإذا بدأ الشَّجرُ يكتسي ورقاً، بدأ الطاوس فاكتسى ريشاً.
ما ليس له عشٌّ من الطير قال: وما كان من الطّير الثَّقيل الجثَّة فليس يهيئ لبيضهِ عُشاً؛ من أجْل أنَّه لا يُجيد الطَّيرَان، ويثقل عليه النهوض ولا يتحَلَّق، مثل الدُّرَّاج والقَبَجَ، وإنما يبيض على التُراب، وفراخ هذه الأجناس كفراريج الدَّجاج، وكذلك فراريج البطِّ الصِّيني، فإنَّ هذه كلَّها تخرُج من البيض كاسية كاسبة تلقط من ساعتها، وتَكفي نفسها.
القبجة قال: وإذا دنا الصَّيّاد من عُشِّ القبجة ولَها فراخٌ، مرَّتْ بينَ يدَيهِ مَراً غيرَ مفُيت، وأطمعتْه في نفسها ليتبعها، فتمرُّ الفراخ في رجوعها إلى موضعِ عُشِّها، والفراخ ليسَ معها من الهِداية ما مع أمّها، وعلى أنّ القَبَجَةَ سيِّئة الدَّلالةِ والهداية، وكذلك كلُّ طائر يعجَّلُ له الكَيْس والكسْوة، ويعجَّل له الكَسْبُ في صغره.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
وهذا إنَّما اعتراها لقَرابةِ ما بينَها وبين الدِّيك.
قال: فإذا أمعن الصَّائد خلْفها وقد خرجت الفراخ من موضَعِها، طارت وقد نحَّتْه إلى حيثُ لا يَهتدي الرُّجوع منه إلى موضع عشِّها، فإذا سقَطَتْ قريباً دعتْها بأصواتٍ لها، حتَّى يجتمعْنَ إليها.
قال: وإناثُ القَبَجْ تبيض خَمْسَ عشْرَةَ بيضة إلى ستَّ عشرةَ بيضة، قال: والقبج طيرٌ منكرٌ وهي تفرُّ ببَيضها من الذَّكر؛ لأنَّ الأنثى تشتغل بالحضْن عن طاعة الذَّكر في طلب السِّفاد، والقَبَج الذَّكَرُ يوصَفُ بالقوّة على السِّفاد، كما يوصف الدِّيكُ والحجَلُ والعُصفور.
قال: فإذا شُغِلَت عنه بالحضْن، ظلبَ مواضعَ بيضها حتى يفسِدَهُ فلذلك ترتاد الأنثى عشَّها في مَخَابِئَ إذا أحسَّت بوقْتِ البيض.
وثوب الذكورة على الذكورة وإذا قاتل بعضُ ذُكورةِ القَبَج بَعضاً فالمغلوبُ منها مسفودٌ والغالبُ سافد، وهذا العرض يعرِضُ للدِّيكة ولذكور الدَّراريج، فإذا دَخَل بين الدِّيَكةِ ديكٌ غريب، فمَا أكثَرَ ما تجتمع عليه حتَّى تسفَدَه، وسفادُ ذُكورة هذه الأجناسِ إنما يعرض لها لهذه الأسباب، فأمَّا ذُكورةُ الحَمير والخَنازيرِ والحمامِ، فإنّ ذُكورَها تثِبُ على بعضٍ مِن جهة الشَّهوة.
وكان عند يعقوبَ بن صباح الأشعثيِّ، هِرّان ضخْمان، أحدُهُما يكومُ الآخَر متى أرادهُ، مِنْ غيرِ إكراهٍ، ومِن غيرِ أن يكونَ المسْفودُ يريدُ من السَّافِد مِثلَ ما يريدُ منه السَّافد، وهذا البابُ شائعٌ في كثير من الأَجناس، إلاَّ أنَّه في هذه الأَجناس أوْجَد.
قال: فإذا أمعن الصَّائد خلْفها وقد خرجت الفراخ من موضَعِها، طارت وقد نحَّتْه إلى حيثُ لا يَهتدي الرُّجوع منه إلى موضع عشِّها، فإذا سقَطَتْ قريباً دعتْها بأصواتٍ لها، حتَّى يجتمعْنَ إليها.
قال: وإناثُ القَبَجْ تبيض خَمْسَ عشْرَةَ بيضة إلى ستَّ عشرةَ بيضة، قال: والقبج طيرٌ منكرٌ وهي تفرُّ ببَيضها من الذَّكر؛ لأنَّ الأنثى تشتغل بالحضْن عن طاعة الذَّكر في طلب السِّفاد، والقَبَج الذَّكَرُ يوصَفُ بالقوّة على السِّفاد، كما يوصف الدِّيكُ والحجَلُ والعُصفور.
قال: فإذا شُغِلَت عنه بالحضْن، ظلبَ مواضعَ بيضها حتى يفسِدَهُ فلذلك ترتاد الأنثى عشَّها في مَخَابِئَ إذا أحسَّت بوقْتِ البيض.
وثوب الذكورة على الذكورة وإذا قاتل بعضُ ذُكورةِ القَبَج بَعضاً فالمغلوبُ منها مسفودٌ والغالبُ سافد، وهذا العرض يعرِضُ للدِّيكة ولذكور الدَّراريج، فإذا دَخَل بين الدِّيَكةِ ديكٌ غريب، فمَا أكثَرَ ما تجتمع عليه حتَّى تسفَدَه، وسفادُ ذُكورة هذه الأجناسِ إنما يعرض لها لهذه الأسباب، فأمَّا ذُكورةُ الحَمير والخَنازيرِ والحمامِ، فإنّ ذُكورَها تثِبُ على بعضٍ مِن جهة الشَّهوة.
وكان عند يعقوبَ بن صباح الأشعثيِّ، هِرّان ضخْمان، أحدُهُما يكومُ الآخَر متى أرادهُ، مِنْ غيرِ إكراهٍ، ومِن غيرِ أن يكونَ المسْفودُ يريدُ من السَّافِد مِثلَ ما يريدُ منه السَّافد، وهذا البابُ شائعٌ في كثير من الأَجناس، إلاَّ أنَّه في هذه الأَجناس أوْجَد.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
صيد البُزاة للحمام
ثمَّ رجَع بنا القَولُ إلى ذِكر الحمام، من غير أن يشاب بذكر غيره.
زعم صاحبُ المنطق أنَّ البُزاةُ عشرة أجناس، فمنها ما يضرِب الحمامة والحمامة جاثمة، ومنها ما لا يضرب الحمامَ إلاّ وهو يطير، ومنها ما لا يضرب الحمام في حال طَيَرَانِهِ ولا في حال جثومهِ، ولا يعرض له إلاَّ أنْ يجده في بَعْض الأغْصان، أو على بعض الأنشازِ والأشجار، فعدَّد أجناسَ صيدِها، ثمَّ ذكرَ أنَّ الحمامَ لا يخفى عليه في أوّل ما يرى البازيَ في الهواء أيُّ البُزَاةِ هُو، وأَيُّ نوعٍ صًيدُه، فيخالف ذلك،ولمعرفة الحمامِ بذلك من البازي أشكال: أوَّلَ ذلك أنّ الحمامَ في أوَّلِ نُهوضِه يفصلُ بينَ النَّسر والعُقاب، وبينَ الرّخمةِ والبازي، وبينَ الغُرابِ والصَّقر؛ فهوَ يَرَى الكرْكيَّ والطَّبرزين ولا يستوحِشُ منهما ويرى الزُّرَّق فيتضاءل، فإنْ رأى الشّاهينَ فَقَدْ رأى السّمَّ الذعاف الناقِع.
إحساس الحيوان بعدوِّه والنَّعجة ترى الفِيلَ والزَّنْدَبِيلَ والجاموسَ والبعير، فلا يهزُّها ذلك، وترى السَّبع وهي لم تره قبل ذلك، وَعضوُ من أعضاء تلك البهائم أعظمُ وهي أهولُ في العين وأشنعُ، ثمَّ ترى الأسَدَ فتخافه، وكذلك البَبْر والنمر، فإن رأت الذئب وحده اعتراها منه وحْدَهُ مثلُ ما اعتراها من تلك الأجناسِ لو كانت مجموعةً في مكانٍ واحد، وليس ذلك عن تجرِبَةٍ، ولا لأنّ منظرَه أشنعُ وأعظم، وليسَ في ذلك عِلَّة إلاَّ ما طُبِعت عليه من تمييز الحيوان عندها، فليس بمُسْتَنكَرٍ أنْ تَفْصِلَ الحمامة بينَ البازي والبازي، كما فصلت بين البازي والكَرْكيِّ.
فإنْ زعمتَ أنَّها تعرف بالمخالب فمِنْقارُ الكرْكيِّ أشنع وأعظم وأَفظع، وأطولُ وأعرض، فأمَّا طَرَفُ منقار الأبغث فما كانَ كلُّ سنانٍ وإن كان مذرَّباً ليبلغه.
ثمَّ رجَع بنا القَولُ إلى ذِكر الحمام، من غير أن يشاب بذكر غيره.
زعم صاحبُ المنطق أنَّ البُزاةُ عشرة أجناس، فمنها ما يضرِب الحمامة والحمامة جاثمة، ومنها ما لا يضرب الحمامَ إلاّ وهو يطير، ومنها ما لا يضرب الحمام في حال طَيَرَانِهِ ولا في حال جثومهِ، ولا يعرض له إلاَّ أنْ يجده في بَعْض الأغْصان، أو على بعض الأنشازِ والأشجار، فعدَّد أجناسَ صيدِها، ثمَّ ذكرَ أنَّ الحمامَ لا يخفى عليه في أوّل ما يرى البازيَ في الهواء أيُّ البُزَاةِ هُو، وأَيُّ نوعٍ صًيدُه، فيخالف ذلك،ولمعرفة الحمامِ بذلك من البازي أشكال: أوَّلَ ذلك أنّ الحمامَ في أوَّلِ نُهوضِه يفصلُ بينَ النَّسر والعُقاب، وبينَ الرّخمةِ والبازي، وبينَ الغُرابِ والصَّقر؛ فهوَ يَرَى الكرْكيَّ والطَّبرزين ولا يستوحِشُ منهما ويرى الزُّرَّق فيتضاءل، فإنْ رأى الشّاهينَ فَقَدْ رأى السّمَّ الذعاف الناقِع.
إحساس الحيوان بعدوِّه والنَّعجة ترى الفِيلَ والزَّنْدَبِيلَ والجاموسَ والبعير، فلا يهزُّها ذلك، وترى السَّبع وهي لم تره قبل ذلك، وَعضوُ من أعضاء تلك البهائم أعظمُ وهي أهولُ في العين وأشنعُ، ثمَّ ترى الأسَدَ فتخافه، وكذلك البَبْر والنمر، فإن رأت الذئب وحده اعتراها منه وحْدَهُ مثلُ ما اعتراها من تلك الأجناسِ لو كانت مجموعةً في مكانٍ واحد، وليس ذلك عن تجرِبَةٍ، ولا لأنّ منظرَه أشنعُ وأعظم، وليسَ في ذلك عِلَّة إلاَّ ما طُبِعت عليه من تمييز الحيوان عندها، فليس بمُسْتَنكَرٍ أنْ تَفْصِلَ الحمامة بينَ البازي والبازي، كما فصلت بين البازي والكَرْكيِّ.
فإنْ زعمتَ أنَّها تعرف بالمخالب فمِنْقارُ الكرْكيِّ أشنع وأعظم وأَفظع، وأطولُ وأعرض، فأمَّا طَرَفُ منقار الأبغث فما كانَ كلُّ سنانٍ وإن كان مذرَّباً ليبلغه.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
بلاهة الحمام وخرقه
قال صاحب الدِّيك: وكيفَ يكونُ للحمام من المعرفة والفِطنة ما تذكرون، وقد جاء في الأثر: كُونُوا بُلْهاً كالحمام.
وقال صاحب الدِّيك: تقول العربُ: أخْرَق مِنْ حمامةٍ، وممَّا يدل على ذلك قولُ عَبيدِ بنِ الأبرص:
عَيَّتْ ببَيْضَتهَا الحَمَامهْ عَيُّوا بِأَمْرِهُـمُ كـمـا
نَشمٍ وآخَرَ من ثمامهْ جَعَلَتْ لها عُودَينِ مِنْ
فإن كان عَبيدٌ إنما عَنَى حمامةً من حمامكم هذا الذي أنتم بِهِ تفْخَرُونَ، فقد أكثرتم في ذكر تدبيرها لمواضعِ بَيضها، وإحكامها لصَنعة عشاشها وأفاحيصها.
وإن قلتم: إنَّه إنما عَنَى بعضَ أجناسِ الحَمَام الوحشي والبَرّيّ، فقد أخرجتمْ بعضَ الحَمَامِ مِنْ حُسْنِ التَّدْبير، وعبيدٌ لم يُخصَّ حماماً دُونَ حمام.
قال صاحب الدِّيك: وكيفَ يكونُ للحمام من المعرفة والفِطنة ما تذكرون، وقد جاء في الأثر: كُونُوا بُلْهاً كالحمام.
وقال صاحب الدِّيك: تقول العربُ: أخْرَق مِنْ حمامةٍ، وممَّا يدل على ذلك قولُ عَبيدِ بنِ الأبرص:
عَيَّتْ ببَيْضَتهَا الحَمَامهْ عَيُّوا بِأَمْرِهُـمُ كـمـا
نَشمٍ وآخَرَ من ثمامهْ جَعَلَتْ لها عُودَينِ مِنْ
فإن كان عَبيدٌ إنما عَنَى حمامةً من حمامكم هذا الذي أنتم بِهِ تفْخَرُونَ، فقد أكثرتم في ذكر تدبيرها لمواضعِ بَيضها، وإحكامها لصَنعة عشاشها وأفاحيصها.
وإن قلتم: إنَّه إنما عَنَى بعضَ أجناسِ الحَمَام الوحشي والبَرّيّ، فقد أخرجتمْ بعضَ الحَمَامِ مِنْ حُسْنِ التَّدْبير، وعبيدٌ لم يُخصَّ حماماً دُونَ حمام.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
رغبة عثمان في ذبح الحمام
وحدَّث أُسامةُ بن زيد قال: سمعتُ بعضَ أشْياخِنا منذُ زمانٍ، يحدِّثُ أنَّ عثمانَ ابنَ عفَّانَ - رضي اللّهُ تعالى عنه - أراد أنْ يَذْبَحَ الحمَامَ ثمَّ قال: لولا أنّها أُمّةٌ من الأمم لأَمرت بذبحهن، ولكنْ قُصُّوهنَّ، فدلَّ بقوله: قُصُّوهنّ على أنَّها إنما تُذْبَحُ لرغبة مَنْ يتّخذُهنّ، ويَلعبُ بهنَّ من الفِتْيانِ والأَحداثِ والشّطَّار، وأصحابِ المراهَنة والقِمار، والذين يتشرَّفون على حُرَم الناس والجيران، ويخْتَدِعُون بفراخ الحَمَامِ أولاد النَّاس، ويرمون بالجُلاَهِقِ وما أكثر مَنْ قد فقأَ عيناً وهشَمَ أنْفاً، وهتَمَ فَماً، وهو لا يدري مَا يصنَع، ولا يَقِفُ على مقدارِ مَا ركِبَ به القومَ، ثم تذهب جِنايتُهُ هدَراً؛ ويعودُ ذلك الدَّمُ مطلولاً بلا عقْل ولا قوَدٍ ولا قِصاص ولا أرْش؛ إذْ كان صاحِبُه مجهولاً.
وحدَّث أُسامةُ بن زيد قال: سمعتُ بعضَ أشْياخِنا منذُ زمانٍ، يحدِّثُ أنَّ عثمانَ ابنَ عفَّانَ - رضي اللّهُ تعالى عنه - أراد أنْ يَذْبَحَ الحمَامَ ثمَّ قال: لولا أنّها أُمّةٌ من الأمم لأَمرت بذبحهن، ولكنْ قُصُّوهنَّ، فدلَّ بقوله: قُصُّوهنّ على أنَّها إنما تُذْبَحُ لرغبة مَنْ يتّخذُهنّ، ويَلعبُ بهنَّ من الفِتْيانِ والأَحداثِ والشّطَّار، وأصحابِ المراهَنة والقِمار، والذين يتشرَّفون على حُرَم الناس والجيران، ويخْتَدِعُون بفراخ الحَمَامِ أولاد النَّاس، ويرمون بالجُلاَهِقِ وما أكثر مَنْ قد فقأَ عيناً وهشَمَ أنْفاً، وهتَمَ فَماً، وهو لا يدري مَا يصنَع، ولا يَقِفُ على مقدارِ مَا ركِبَ به القومَ، ثم تذهب جِنايتُهُ هدَراً؛ ويعودُ ذلك الدَّمُ مطلولاً بلا عقْل ولا قوَدٍ ولا قِصاص ولا أرْش؛ إذْ كان صاحِبُه مجهولاً.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
وعلى شبيهٍ بذلك كان عمرُ - رضي اللّه عنه - أمر بِذَبْحِ الدِّيَكة وأمرَ النبيُّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم بقتْل الكلاب.
قالوا: ففيما ذكرنا دليلٌ على أنَّ أكْلَ لحومِ الكلابِ لم يكنْ مِنْ دينِهم ولا أخْلاقهِمْ، ولا مِنْ دواعي شهواتهم، ولولا ذلك لما جاء الأثرُ عن النبيِّ - صلّى اللّه عليه وسلم - وعُمرَ وعُثمانَ - رضي اللّه تعالى عنهما بِذَبْح الدِّيكةِ والحَمَامِ، وقتْل الكلاب، ولولا أنّ الأمرَ على ما قلنا، لقالوا: اقتلوا الدُّيوكَ والحَمَامَ كما قال: اقتلوا الكلاب، وفي تفريقهم بينها دليلٌ على افتراقِ الحالاَتِ عندَهم.
قال: حدَّثني أسامة بن زيد، وإبراهيمُ بنُ أبي يحيى، أنَّ عثمان شكَوْا إليه الحَمَامَ، وأنّه قال: مَنْ أخَذَ منهنَّ شيئاً فهو له، وقد علمْنا أنّ اللفظَ وإن كان قد وقَعَ على شِكاية الحَمام، فإن المعنى إنَّما هو على شكايةِ أصحاب الحَمام؛ لأنّه ليس في الحَمامِ مَعنىً يدعُو إلى شكايةٍ.
قال: وحدّثنا عُثمان قال: سُئل الحسنُ عن الحَمام الذي يصطاده النَّاس، قال: لا تأكلْه، فإنّه منْ أموال الناس فجعله مالاً، ونَهَى عن أكْله بغير إذنِ أهله، وكلُّ ما كان مالاً فيبيعُه حسَنٌ وابتياعُه حسن، فكيفَ يجوزُ لشيء هذه صفته أنْ يُذبح، إلاَّ أن يكون ذلك على طريق العِقاب والزَّجْرِ لمن اتَّخذَه لما لا يحلّ.
قال: ورووا عن الزُّهري عن سعيدِ بن المسيَّب قال: نَهَى عُثمانُ عن اللعِبِ بالحَمَام، وعن رمي الجُلاهِق، فهذا يدلُّ على ما قلْنا.
قالوا: ففيما ذكرنا دليلٌ على أنَّ أكْلَ لحومِ الكلابِ لم يكنْ مِنْ دينِهم ولا أخْلاقهِمْ، ولا مِنْ دواعي شهواتهم، ولولا ذلك لما جاء الأثرُ عن النبيِّ - صلّى اللّه عليه وسلم - وعُمرَ وعُثمانَ - رضي اللّه تعالى عنهما بِذَبْح الدِّيكةِ والحَمَامِ، وقتْل الكلاب، ولولا أنّ الأمرَ على ما قلنا، لقالوا: اقتلوا الدُّيوكَ والحَمَامَ كما قال: اقتلوا الكلاب، وفي تفريقهم بينها دليلٌ على افتراقِ الحالاَتِ عندَهم.
قال: حدَّثني أسامة بن زيد، وإبراهيمُ بنُ أبي يحيى، أنَّ عثمان شكَوْا إليه الحَمَامَ، وأنّه قال: مَنْ أخَذَ منهنَّ شيئاً فهو له، وقد علمْنا أنّ اللفظَ وإن كان قد وقَعَ على شِكاية الحَمام، فإن المعنى إنَّما هو على شكايةِ أصحاب الحَمام؛ لأنّه ليس في الحَمامِ مَعنىً يدعُو إلى شكايةٍ.
قال: وحدّثنا عُثمان قال: سُئل الحسنُ عن الحَمام الذي يصطاده النَّاس، قال: لا تأكلْه، فإنّه منْ أموال الناس فجعله مالاً، ونَهَى عن أكْله بغير إذنِ أهله، وكلُّ ما كان مالاً فيبيعُه حسَنٌ وابتياعُه حسن، فكيفَ يجوزُ لشيء هذه صفته أنْ يُذبح، إلاَّ أن يكون ذلك على طريق العِقاب والزَّجْرِ لمن اتَّخذَه لما لا يحلّ.
قال: ورووا عن الزُّهري عن سعيدِ بن المسيَّب قال: نَهَى عُثمانُ عن اللعِبِ بالحَمَام، وعن رمي الجُلاهِق، فهذا يدلُّ على ما قلْنا.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
أمْن حمام مكة وغِزْلانها
والناس يقولون: آمَنُ مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ، ومِنْ غِزلان مكة، وهذا شَائعٌ على جميع الألسنة، لا يردُّ أحدٌ ممن يعرِفُ الأَمثَالَ والشّواهدَ، قال عُقيبةُ الأَسديُّ لابن الزُّبير:
في حيثُ يأمَنُ طائرٌ وحَمـامُ ما زلتَ مذ حِججٍ بمكة محْرماً
يَجْتبْنَ عُرْض مَخارِمِ الأعلامِ فَلَتَنْهَضَنّ العِيسُ تنفخُ في البُرَا
يا لَلرّجال لِـخِـفّةِ الأحـلام أبنو المغيرةِ مثلُ آلِ خُويلـدٍ?
وقال النابغةُ في الغِزْلان وأمْنِهَا، كقول جميع الشُّعراء في الحمام:
رُكبانَ مَكّةَ بين الغِيلِ والسَّعَـدِ والمؤمن العائذاتِ الطيرَ تمسَحُها
ولو أنّ الظِّباء ابتُليْت مِمَّنْ يتَّخِذها بِمثل الذي ابتُليت به الحَمام ثمَّ ركبوا المسلمين في الغِزلان بمثل ما ركبوهم به في الحَمام، لساروا في ذَبْحِ الغِزلان كسيرتهم في ذَبْحِ الحمام.
وقالوا: إنّه لَيبلُغُ مَن تعظيم الحَمام لحُرْمة البيتِِ الحرام، أنّ أهلَ مكة يشهَدون عن آخرهم أنّهم لم يَرَوْا حَماماً قطُّ سقَطَ على ظهر الكعبة، إلاَّ مِنْ عِلةٍ عَرَضتْ له، فإن كانت هذه المعرفة اكتساباً من الحَمام فالحَمامُ فوق جميعِ الطير وكلِّ ذي أربع، وإن كان هذا إنَّما كان من طريقِ الإلهام، فليس ما يُلهَمُ كما لاَ يلهم. وقال الشّاعر في أمْن الحمَام:
تفرَّعَ في الذّوائبِ والسَّنامِ لقد علم القبائلُ أنّ بَيْتـي
بمكّتها البيوتَ معَ الحَمام وأنَّا نَحْنُ أولُ من تَبَـنَّـى
وقال كثيِّر- أو غيره من بني سهم - في أمْن الحَمام:
وحُسَيْناً مِنْ سُوقَةٍ وإمـامِ لَعَنَ اللّهُ مَنْ يَسُبُّ عـلـيّاً
والكرامُ الأخوالِ والأعمامِ أَيُسَبُّ المطيَّبـون جـدوداً
مَنُ آلُ الرَّسولِ عِنْدَ المَقامِ يأمن الظبي والحَمامُ ولا يأ
كلما قامَ قـائمٌ بـسـلامِ رحمةُ اللّهِ والسَّلامُ عليهم
وذكر شأنَ ابنِ الزبير وشأنَ ابنِ الحنفيَّة، فقال:
مِنَ النَّاس يَعْلمْ أنَّهُ غـيرُ ظـالـم ومن يَرَ هذا الشَّيخَ بِالخِيفِ من مِنى
وفكَّاكُ أغْـلالٍ ونـفَّـاعُ غـارمِ سَمِيُّ النبيِّ المصطفَى وابن عمِّـهِ
ولا يتَّقِي في الـلّـه لـوْمَةَ لائمِ أبَى فهو لا يشْرِي هُدى بضَـلالةٍ
حُلولاً بهذا الخَيْفِ خَيفِ المحَـارِمِ ونحن بحَمْدِ اللّهِ نتـلُـو كـتـابَـهُ
وتَلْقَى العدُوَّ كالوَليِّ المـسـالـمِ بحيثُ الحَمَامُ آمـنـاتٌ سـواكـنٌ
والناس يقولون: آمَنُ مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ، ومِنْ غِزلان مكة، وهذا شَائعٌ على جميع الألسنة، لا يردُّ أحدٌ ممن يعرِفُ الأَمثَالَ والشّواهدَ، قال عُقيبةُ الأَسديُّ لابن الزُّبير:
في حيثُ يأمَنُ طائرٌ وحَمـامُ ما زلتَ مذ حِججٍ بمكة محْرماً
يَجْتبْنَ عُرْض مَخارِمِ الأعلامِ فَلَتَنْهَضَنّ العِيسُ تنفخُ في البُرَا
يا لَلرّجال لِـخِـفّةِ الأحـلام أبنو المغيرةِ مثلُ آلِ خُويلـدٍ?
وقال النابغةُ في الغِزْلان وأمْنِهَا، كقول جميع الشُّعراء في الحمام:
رُكبانَ مَكّةَ بين الغِيلِ والسَّعَـدِ والمؤمن العائذاتِ الطيرَ تمسَحُها
ولو أنّ الظِّباء ابتُليْت مِمَّنْ يتَّخِذها بِمثل الذي ابتُليت به الحَمام ثمَّ ركبوا المسلمين في الغِزلان بمثل ما ركبوهم به في الحَمام، لساروا في ذَبْحِ الغِزلان كسيرتهم في ذَبْحِ الحمام.
وقالوا: إنّه لَيبلُغُ مَن تعظيم الحَمام لحُرْمة البيتِِ الحرام، أنّ أهلَ مكة يشهَدون عن آخرهم أنّهم لم يَرَوْا حَماماً قطُّ سقَطَ على ظهر الكعبة، إلاَّ مِنْ عِلةٍ عَرَضتْ له، فإن كانت هذه المعرفة اكتساباً من الحَمام فالحَمامُ فوق جميعِ الطير وكلِّ ذي أربع، وإن كان هذا إنَّما كان من طريقِ الإلهام، فليس ما يُلهَمُ كما لاَ يلهم. وقال الشّاعر في أمْن الحمَام:
تفرَّعَ في الذّوائبِ والسَّنامِ لقد علم القبائلُ أنّ بَيْتـي
بمكّتها البيوتَ معَ الحَمام وأنَّا نَحْنُ أولُ من تَبَـنَّـى
وقال كثيِّر- أو غيره من بني سهم - في أمْن الحَمام:
وحُسَيْناً مِنْ سُوقَةٍ وإمـامِ لَعَنَ اللّهُ مَنْ يَسُبُّ عـلـيّاً
والكرامُ الأخوالِ والأعمامِ أَيُسَبُّ المطيَّبـون جـدوداً
مَنُ آلُ الرَّسولِ عِنْدَ المَقامِ يأمن الظبي والحَمامُ ولا يأ
كلما قامَ قـائمٌ بـسـلامِ رحمةُ اللّهِ والسَّلامُ عليهم
وذكر شأنَ ابنِ الزبير وشأنَ ابنِ الحنفيَّة، فقال:
مِنَ النَّاس يَعْلمْ أنَّهُ غـيرُ ظـالـم ومن يَرَ هذا الشَّيخَ بِالخِيفِ من مِنى
وفكَّاكُ أغْـلالٍ ونـفَّـاعُ غـارمِ سَمِيُّ النبيِّ المصطفَى وابن عمِّـهِ
ولا يتَّقِي في الـلّـه لـوْمَةَ لائمِ أبَى فهو لا يشْرِي هُدى بضَـلالةٍ
حُلولاً بهذا الخَيْفِ خَيفِ المحَـارِمِ ونحن بحَمْدِ اللّهِ نتـلُـو كـتـابَـهُ
وتَلْقَى العدُوَّ كالوَليِّ المـسـالـمِ بحيثُ الحَمَامُ آمـنـاتٌ سـواكـنٌ
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
حمامة نوح
قال صاحب الحَمام: أمَّا العرب والأعرابُ والشُّعَراء، فقد أطبقوا على أنّ الحَمَامَة هي التي كانت دليلَ نوحٍ ورائده، وهي التي استجعَلَتْ عليه الطّوْقَ الذي في عنقها، وعند ذلك أعطاها اللّه تعالى تلك الحِلْية؛ ومنَحَها تلك الزِّينة، بدعاء نوحٍ عليه السلام، حينَ رجعتْ إليه ومعها من الكرْم ما مَعها، وفي رجليها من الطِّين والحَمْأة ما برجليها، فعوِّضتْ من ذلك الطِّين خِضابَ الرِّجلين، ومن حُسن الدَّلاَلَةِ والطَّاعةِ طَوْقَ العنق.
قال صاحب الحَمام: أمَّا العرب والأعرابُ والشُّعَراء، فقد أطبقوا على أنّ الحَمَامَة هي التي كانت دليلَ نوحٍ ورائده، وهي التي استجعَلَتْ عليه الطّوْقَ الذي في عنقها، وعند ذلك أعطاها اللّه تعالى تلك الحِلْية؛ ومنَحَها تلك الزِّينة، بدعاء نوحٍ عليه السلام، حينَ رجعتْ إليه ومعها من الكرْم ما مَعها، وفي رجليها من الطِّين والحَمْأة ما برجليها، فعوِّضتْ من ذلك الطِّين خِضابَ الرِّجلين، ومن حُسن الدَّلاَلَةِ والطَّاعةِ طَوْقَ العنق.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
شعر في طوق الحمامة
وفي طوقها يقول الفرزدق:
فقد أَمِنَ الهِجَاءَ بنو حَرَامِ فمن يكُ خائفاً لأذاةِِ شِعري
قلائِدَ مِثلَ أطواقِ الحمامِ هم قادُوا سفيهَهُم وخافُـوا
وقال في ذلك بَكْر بن النَّطَّاح:
وإن شئتُ غنَّاني الحَمَامُ المطوَّق إذا شئتُ غنَّتْني بِبَـغـدَادَ قَـيْنَة
ودِرْعُ حديدٍ أو قميصٌ مخلَّـق لباسي الحسامُ أو إزارٌ مُعصفـرٌ
فذكر الطَّوق، ووصَفها بالغِناءِ والإطراب، وكذلك قال حُمَيد بن ثَور:
ولا الجيرةَ الأدْنينَ إلاَّ تـجـشُّـمـا رَقودُ الضُّحى لاَ تعرِف الجيرَة القصا
أمَـام بـيوتِ الـحـيِّ إنّ وإنَّـمـا وليستْ مِنَ اللائي يكونُ حـديثَـهـا
ثمّ قال:
دعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّـمـا وما هاج هذا الشّوقَ إلاَّ حمـامةٌ
دنَا الصَّيفُ وانجاب الربيعَ فأنجما مطوّقةٌ خطْباء تصدَحَ كـلـمـا
ثمّ قال بعد ذكر الطوق:
أو النَّخْلِ مِنْ تَثلِيثَ أو بيلملما إذا شئتُ غنَّتْنِي بأجزَاعِ بِـيشَةٍ
فصيحاً ولم تَفْغَرْ بمنْطِقها فمَا عجبتُ لها أنَّى يكونُ غِناؤهـا
ولا عَرَبيّاً شاقَهُ صوتُ أعجَما ولم أرَ محزُوناً لهُ مِثلُ صوتِها
وقال في ذكر الطّوق - وأنّ الحَمامةَ نَوّاحةٌ - عبدُ اللّه بن أبي بكر وهو شهيد يوم الطائِف، وهو صاحبٌ ابن صاحِب:
ولا مِثْلها في غير جرمٍ تطَلّقُ فلم أرَ مثلِي طلّق اليومَ مثلهـا
وما نَاحَ قُمرِيُّ الحَمامِ المطوَّقُ أعاتكُ لا أنْساكِ مَا هبَّتِ الصَّبَا
وقال جَهْم بن خَلَف، وذكرها بالنَّوح، والغناء، والطّوْق، ودعوةِ نوح؛ وهو قَوُلَهُ:
طرُوبِِ العَشِيِّ هتوفِ الضُّحَى وقد شاقنـي نَـوْحُ قُـمـرِيةٍ
عَسِيبَ أَشاءٍ بذاتِ الـغَـضَـا من الوُرْقِ نَـوَّاحةٍ بـاكـرَتْ
يُهيِّج للصَّبِّ ما قـدْ مَـضـى تَغَنَّتْ عَلـيهِ بـلـحـنٍ لـهـا
بدعْوةِ نـوحٍ لـهـا إذ دَعَـا مطـوَّقةٍ كُـسِـبـــتْ زِينةً
تبكِّي وَدَمْعَـتـهـا لا تُـرَى فلم أرَ بـاكِـيةً مِـثـلـهـا
وقد عَلِقتْه حـبـالُ الـرَّدَى أضلّتْ فُرَيْخاً فَطَـافَـتْ لَـهُ
عَليهِ، ومـا ذا يردُّ الـبُـكـا فلما بدا اليأْسُ منـهُ بَـكَـتْ
وفي طوقها يقول الفرزدق:
فقد أَمِنَ الهِجَاءَ بنو حَرَامِ فمن يكُ خائفاً لأذاةِِ شِعري
قلائِدَ مِثلَ أطواقِ الحمامِ هم قادُوا سفيهَهُم وخافُـوا
وقال في ذلك بَكْر بن النَّطَّاح:
وإن شئتُ غنَّاني الحَمَامُ المطوَّق إذا شئتُ غنَّتْني بِبَـغـدَادَ قَـيْنَة
ودِرْعُ حديدٍ أو قميصٌ مخلَّـق لباسي الحسامُ أو إزارٌ مُعصفـرٌ
فذكر الطَّوق، ووصَفها بالغِناءِ والإطراب، وكذلك قال حُمَيد بن ثَور:
ولا الجيرةَ الأدْنينَ إلاَّ تـجـشُّـمـا رَقودُ الضُّحى لاَ تعرِف الجيرَة القصا
أمَـام بـيوتِ الـحـيِّ إنّ وإنَّـمـا وليستْ مِنَ اللائي يكونُ حـديثَـهـا
ثمّ قال:
دعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّـمـا وما هاج هذا الشّوقَ إلاَّ حمـامةٌ
دنَا الصَّيفُ وانجاب الربيعَ فأنجما مطوّقةٌ خطْباء تصدَحَ كـلـمـا
ثمّ قال بعد ذكر الطوق:
أو النَّخْلِ مِنْ تَثلِيثَ أو بيلملما إذا شئتُ غنَّتْنِي بأجزَاعِ بِـيشَةٍ
فصيحاً ولم تَفْغَرْ بمنْطِقها فمَا عجبتُ لها أنَّى يكونُ غِناؤهـا
ولا عَرَبيّاً شاقَهُ صوتُ أعجَما ولم أرَ محزُوناً لهُ مِثلُ صوتِها
وقال في ذكر الطّوق - وأنّ الحَمامةَ نَوّاحةٌ - عبدُ اللّه بن أبي بكر وهو شهيد يوم الطائِف، وهو صاحبٌ ابن صاحِب:
ولا مِثْلها في غير جرمٍ تطَلّقُ فلم أرَ مثلِي طلّق اليومَ مثلهـا
وما نَاحَ قُمرِيُّ الحَمامِ المطوَّقُ أعاتكُ لا أنْساكِ مَا هبَّتِ الصَّبَا
وقال جَهْم بن خَلَف، وذكرها بالنَّوح، والغناء، والطّوْق، ودعوةِ نوح؛ وهو قَوُلَهُ:
طرُوبِِ العَشِيِّ هتوفِ الضُّحَى وقد شاقنـي نَـوْحُ قُـمـرِيةٍ
عَسِيبَ أَشاءٍ بذاتِ الـغَـضَـا من الوُرْقِ نَـوَّاحةٍ بـاكـرَتْ
يُهيِّج للصَّبِّ ما قـدْ مَـضـى تَغَنَّتْ عَلـيهِ بـلـحـنٍ لـهـا
بدعْوةِ نـوحٍ لـهـا إذ دَعَـا مطـوَّقةٍ كُـسِـبـــتْ زِينةً
تبكِّي وَدَمْعَـتـهـا لا تُـرَى فلم أرَ بـاكِـيةً مِـثـلـهـا
وقد عَلِقتْه حـبـالُ الـرَّدَى أضلّتْ فُرَيْخاً فَطَـافَـتْ لَـهُ
عَليهِ، ومـا ذا يردُّ الـبُـكـا فلما بدا اليأْسُ منـهُ بَـكَـتْ
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
خفوقُ الجَناحِ حَثِيثُ النَّـجَـا وقد صادَهُ ضَـرِمٌ مُـلْـحِـمٌ
فِ ضارٍ من الوُرْقِ فيه قنـا حديد المخالِبِ عارِي الوَظِـي
جوامزَ منه إذا ما اغـتـدى تَرَى الطّيرَ والوحْش مِن خَوفه
نزاع صاحب الدِّيك في الفخر بالطوق قال صاحب الديك: وأمَّا قوله:
ولم يخْصُصْ به طيراً سِواهَا مطوّقَة كساها اللّه طـوقـاً
كيف لم يخصُص بالأطواق غَيْرَ الحَمام، والتَّدارِجُ أحقُّ بالأطواق وأحسنُ أطواقاً منها، وهي في ذُكورتها أعمّ? وعلى أنّه لم يصف بالطّوق الحَمامة التي فاخرتم بها الدِّيك؛ لأنَّ الحَمامة ليست بمطوَّقة، وإنما الأطواقُ لذكورة الوارشين وأشباه الوارشين،من نوائح الطّير وهواتفِها ومغنِّياتها، ولذلك قال شاعرُكم، حيث يقول:
وما ناحَ قُمرَيُّ الحمَامِ المطوَّقُ أعاتكَ لا أنساكِ ما هبَّتِ الصَّبَا
وقال الآخر:
طروبِ العَشِيِّ هَتُوفِ الضُّحى وقد شاقنـي نـوحَ قـمـريةٍ
ووصفها فقال:
بدَعوةِ نوحٍ لها إذْ دَعا مطوَّقةٍ كُسِـيت زِينةً
فإن زعمتم أنّ الحَمامَ والقمْرِيَّ واليمامَ والفواخِتَ والدَّبَاسِيَّ والشّفانِينَ والوارشين حمامٌ كلُّه، قلنا: إنَّا نزعم أنّ ذكورةَ التَّدَارِجِ وذكورةَ القَبَج، وذكورةَ الحجَلِ ديوكٌ كلها، فإنْ كان ذلك كذلك، فالفخْرُ
فِ ضارٍ من الوُرْقِ فيه قنـا حديد المخالِبِ عارِي الوَظِـي
جوامزَ منه إذا ما اغـتـدى تَرَى الطّيرَ والوحْش مِن خَوفه
نزاع صاحب الدِّيك في الفخر بالطوق قال صاحب الديك: وأمَّا قوله:
ولم يخْصُصْ به طيراً سِواهَا مطوّقَة كساها اللّه طـوقـاً
كيف لم يخصُص بالأطواق غَيْرَ الحَمام، والتَّدارِجُ أحقُّ بالأطواق وأحسنُ أطواقاً منها، وهي في ذُكورتها أعمّ? وعلى أنّه لم يصف بالطّوق الحَمامة التي فاخرتم بها الدِّيك؛ لأنَّ الحَمامة ليست بمطوَّقة، وإنما الأطواقُ لذكورة الوارشين وأشباه الوارشين،من نوائح الطّير وهواتفِها ومغنِّياتها، ولذلك قال شاعرُكم، حيث يقول:
وما ناحَ قُمرَيُّ الحمَامِ المطوَّقُ أعاتكَ لا أنساكِ ما هبَّتِ الصَّبَا
وقال الآخر:
طروبِ العَشِيِّ هَتُوفِ الضُّحى وقد شاقنـي نـوحَ قـمـريةٍ
ووصفها فقال:
بدَعوةِ نوحٍ لها إذْ دَعا مطوَّقةٍ كُسِـيت زِينةً
فإن زعمتم أنّ الحَمامَ والقمْرِيَّ واليمامَ والفواخِتَ والدَّبَاسِيَّ والشّفانِينَ والوارشين حمامٌ كلُّه، قلنا: إنَّا نزعم أنّ ذكورةَ التَّدَارِجِ وذكورةَ القَبَج، وذكورةَ الحجَلِ ديوكٌ كلها، فإنْ كان ذلك كذلك، فالفخْرُ
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
بالطّوق نحن أولى به.
قال صاحب الحَمام: العرب تسمِّي هذه الأجناسَ كلها حماماً، فجمعوها بالاسم العامّ، وفرَّقوها بالاسم الخاص، ورأينا صُورَها متشابهة، وإن كانَ في الأجسامِ بعضُ الاختلافِ، وفي الجُثَث بعض الائتلاف وكذلك المناقير، ووجدناها تتشابه من طريق الزِّواج، ومن طريقْ الدُّعاء والغناء والنَّوح، وكذلك هي في القدودِ وصُورِ الأعناق، وقصب الريش، وصِيغَة الرُّؤوس والأرجل والسُّوق والبَراثِنِ.
والأجناسُ التي عددتم ليس يجمعها اسمٌ ولا بلدةٌ، ولا صورةٌ ولا زِواج، وليس بين الدِّيَكة وبينَ تلك الذُّكورةِ نسبٌ إلاَّ أنّها من الطَّير الموصوفة بكَثْرةِ السِّفاد، وأنَّ فِراخَها وفرارِيجها تخرُج من بيضها كاسية كاسبة، والبطُّ طائرٌ مثقل، وقد ينبغي أن تجعلوا فرخَ البطَّة فَرُّوجاً، والأنثى دجاجةً والذَّكرَ دِيكاً، ونحنُ نجد الحَمامَ، ونجد الوراشين، تتسافد وتتلاقح، ويجيء منها الراعبيُّ والوردانيُّ؛ ونجد الفَواخِت والقماريّ تتسافد وتتلاقح، مع ما ذكرنا من التشابهُ في تلك الوجوه، وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ بعضها مع بعْضٍ كالبُخْتِ والعراب ونتائج ما بينهما، وكالبراذين والعِتاق، وكلها خيلٌ، وتلك كلها إبل، وليس بين التَّدارج والقَبَج والحَجَلِ والدَّجاجِ هذه الأمورُ التي ذكرنا.
وعلى أنَّا قد وجدْنا الأطواقَ عامّةً في ذوات الأوضاحِ مِنَ الحَمام، لأنَّ فيها من الألوان، ولها من الشِّياتِ
قال صاحب الحَمام: العرب تسمِّي هذه الأجناسَ كلها حماماً، فجمعوها بالاسم العامّ، وفرَّقوها بالاسم الخاص، ورأينا صُورَها متشابهة، وإن كانَ في الأجسامِ بعضُ الاختلافِ، وفي الجُثَث بعض الائتلاف وكذلك المناقير، ووجدناها تتشابه من طريق الزِّواج، ومن طريقْ الدُّعاء والغناء والنَّوح، وكذلك هي في القدودِ وصُورِ الأعناق، وقصب الريش، وصِيغَة الرُّؤوس والأرجل والسُّوق والبَراثِنِ.
والأجناسُ التي عددتم ليس يجمعها اسمٌ ولا بلدةٌ، ولا صورةٌ ولا زِواج، وليس بين الدِّيَكة وبينَ تلك الذُّكورةِ نسبٌ إلاَّ أنّها من الطَّير الموصوفة بكَثْرةِ السِّفاد، وأنَّ فِراخَها وفرارِيجها تخرُج من بيضها كاسية كاسبة، والبطُّ طائرٌ مثقل، وقد ينبغي أن تجعلوا فرخَ البطَّة فَرُّوجاً، والأنثى دجاجةً والذَّكرَ دِيكاً، ونحنُ نجد الحَمامَ، ونجد الوراشين، تتسافد وتتلاقح، ويجيء منها الراعبيُّ والوردانيُّ؛ ونجد الفَواخِت والقماريّ تتسافد وتتلاقح، مع ما ذكرنا من التشابهُ في تلك الوجوه، وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ بعضها مع بعْضٍ كالبُخْتِ والعراب ونتائج ما بينهما، وكالبراذين والعِتاق، وكلها خيلٌ، وتلك كلها إبل، وليس بين التَّدارج والقَبَج والحَجَلِ والدَّجاجِ هذه الأمورُ التي ذكرنا.
وعلى أنَّا قد وجدْنا الأطواقَ عامّةً في ذوات الأوضاحِ مِنَ الحَمام، لأنَّ فيها من الألوان، ولها من الشِّياتِ
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
وأشكالِ وألوان الريش ما ليس لغيرها من الطَّير، ولَو احْتجَجْنَا بالتَّسافُدِ دون التَّلاقُح، لكان لقائل مقال، ولكنَّا وجدنَاهَا تجمع الخَصلتين، لأنَّا قدْ نجِدُ سُفهاء النّاس، ومن لا يتقَّذر من الناس والأحداث ومن تشتدُّ غلمته عند احتلامه، ويَقِلُّ طرُوقُه، وتطول عُزْبته؛ كالمعْزِب من الرِّعاء فإنّ هذه الطَّبَقةَ من النّاس، لم يَدَعُوا نَاقَةً، ولا بقرَةً، ولا شاةً، ولا أتاناً، ولا رَمَكةً، ولا حِجْراً، ولا كلبةً، إلاَّ وقد وقعوا عليها.
ولَولاَ أَنَّ في نفوس النَّاس وشَهوَاتِهم ما يدعو إلى هذه القاذورة، لَما وجدْتَ هذا العَمَلَ شائعاً في أهل هذه الصفة، ولَوْ جمعتَهم لجمعتَ أكثرَ من أهلِ بغْدَادَ والبصرة، ثم لم يُلقحْ واحد منهم شيئاً من هذه الأجناس على أنّ بعض هذه الأجناس يتلقى ذلك بالشَّهوةِ المفْرطة. ولقد خبَّرني من إخواني من لا أتَّهمُ خَبَرَه أنّ مملوكاً كان لبعض أهل القَطيعة - أعني قطيعة الربيع - وكان ذلك المملوكُ يَكومُ بغلةً وأنّها كانت تودق وتتلمّظ وأنّها في بعض تلك الوَقَعاتِ تأخَّرَتْ وهو موعبٌ فيها ذكرَه تطلبُ الزيادة، فلم يَزَلْ المملوكُ يتأخّرُ وتتأخّرُ البغْلة حتَّى أسندتْه إلى زاويةٍ مِنْ زَوايا الإصطبل، فَاضَّغَطتْه حتّى بَرَدَ، فدخل بعضُ من دخل فرآه على تلك الحال فصاح بها فتنحّتْ وخرّ الغلام مَيِّتاً.
وأخبرني صديقٌ لي قال: بلغني عن بِرْذَوْنٍ لزُرْقان المتكَلِّم، أنّهُ كان يدربخ للبغال والحَمير والبراذين حتى تكومَه، قال: فأقبلت يوماً في ذلك الإصطبل، فتناولت المجرفة، فَوَضعَتُ رأس عودِ المِجْرَفَة على مَرَاثِه وإنّه لأكْثَرُ مِنْ ذرَاعٍ ونصف، وإنه لخَشِنٌ غليظٌ غير محكوك الرأس ولا ممَلّسهِ، فدفعْته حتى بلغ أقصى العود، وامتنع من الدُّخول ببدن المِجْرَفة، فحلَفَ أنّه ما رآه تأطّرَ ولا انثنى.
قال صاحب الحمام: فهذا فرق ما بيننا وبينكم.
ولَولاَ أَنَّ في نفوس النَّاس وشَهوَاتِهم ما يدعو إلى هذه القاذورة، لَما وجدْتَ هذا العَمَلَ شائعاً في أهل هذه الصفة، ولَوْ جمعتَهم لجمعتَ أكثرَ من أهلِ بغْدَادَ والبصرة، ثم لم يُلقحْ واحد منهم شيئاً من هذه الأجناس على أنّ بعض هذه الأجناس يتلقى ذلك بالشَّهوةِ المفْرطة. ولقد خبَّرني من إخواني من لا أتَّهمُ خَبَرَه أنّ مملوكاً كان لبعض أهل القَطيعة - أعني قطيعة الربيع - وكان ذلك المملوكُ يَكومُ بغلةً وأنّها كانت تودق وتتلمّظ وأنّها في بعض تلك الوَقَعاتِ تأخَّرَتْ وهو موعبٌ فيها ذكرَه تطلبُ الزيادة، فلم يَزَلْ المملوكُ يتأخّرُ وتتأخّرُ البغْلة حتَّى أسندتْه إلى زاويةٍ مِنْ زَوايا الإصطبل، فَاضَّغَطتْه حتّى بَرَدَ، فدخل بعضُ من دخل فرآه على تلك الحال فصاح بها فتنحّتْ وخرّ الغلام مَيِّتاً.
وأخبرني صديقٌ لي قال: بلغني عن بِرْذَوْنٍ لزُرْقان المتكَلِّم، أنّهُ كان يدربخ للبغال والحَمير والبراذين حتى تكومَه، قال: فأقبلت يوماً في ذلك الإصطبل، فتناولت المجرفة، فَوَضعَتُ رأس عودِ المِجْرَفَة على مَرَاثِه وإنّه لأكْثَرُ مِنْ ذرَاعٍ ونصف، وإنه لخَشِنٌ غليظٌ غير محكوك الرأس ولا ممَلّسهِ، فدفعْته حتى بلغ أقصى العود، وامتنع من الدُّخول ببدن المِجْرَفة، فحلَفَ أنّه ما رآه تأطّرَ ولا انثنى.
قال صاحب الحمام: فهذا فرق ما بيننا وبينكم.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
ما وصف به الحمام من الإسعاد..
وحسن الغناء والنوح
ونَذْكر ما وُصِف به الحمامُ من الإسعاد، ومن حُسْن الغُناء والإطراب والنَّوح والشّجَا، قال الحسن بن هانئ:
فَينانُ مَا في أدِيمه جُوَبُ إذا ثَنَتْه الغصون جلّلنـي
كما تُرِنُّ الفواقدُ السُّلُبُ تبيتُ في مأتمٍ حمـائمـه
كأنّما يستخفُّنـا طـرب يهبُّ شوقي وشوقهُنَّ معاً
وقال آخر:
على فَنَنٍ وهناً وإنِّي لَـنـائمُ لقد هَتَفتْ في جُنحِ لَيل حمامةٌ
لنفسي مما قد سَمِعتُ لَـلائمُ فقلتُ اعتذاراً عند ذاك وإنّنـي
لما سَبَقَتْني بالبُكاءِ الحَـمَـائمُ كذبتُ وبيتِ اللّهِ لو كنتُ عاشقاً
وحسن الغناء والنوح
ونَذْكر ما وُصِف به الحمامُ من الإسعاد، ومن حُسْن الغُناء والإطراب والنَّوح والشّجَا، قال الحسن بن هانئ:
فَينانُ مَا في أدِيمه جُوَبُ إذا ثَنَتْه الغصون جلّلنـي
كما تُرِنُّ الفواقدُ السُّلُبُ تبيتُ في مأتمٍ حمـائمـه
كأنّما يستخفُّنـا طـرب يهبُّ شوقي وشوقهُنَّ معاً
وقال آخر:
على فَنَنٍ وهناً وإنِّي لَـنـائمُ لقد هَتَفتْ في جُنحِ لَيل حمامةٌ
لنفسي مما قد سَمِعتُ لَـلائمُ فقلتُ اعتذاراً عند ذاك وإنّنـي
لما سَبَقَتْني بالبُكاءِ الحَـمَـائمُ كذبتُ وبيتِ اللّهِ لو كنتُ عاشقاً
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
وقال نصيب:
بسُعدي شَفيت النّفس قبلَ التندُّمِ ولو قَبْلَ مَبْكاها بَكَيتُ صبـابَةً
بُكَاها فقلتُ الفَضلُ للْمُتَـقَـدِّمِ ولكنْ بَكَتْ قَبلي فهيَّج لي البُكا
وقال أعرابي:
على أنَّ قَلبي للفِراق كلـيمُ عليكِ سَلامُ اللّه قاطعَة القُوى
وإن هبَّ يوماً للجَنُوبِ نَسِيم قريحٌ بتغريدِ الحَمامِ إذا بكت
وقال المجنونُ، أو غيره:
حمائمُ ورقٌ في الـدِّيار وُقـوعُ ولو لم يَهجْني الرائحون لَهاجَنـي
نوائحُ لا تجري لـهـنَّ دُمـوعُ تجاوَبْنَ فاستبْكَيْنَ من كان ذا هوى
وقال الآخر:
عليكنَّ من بَين السَّـيالِ سـلامُ ألا يا سَيَالاتِ الدَّحائلِ بالـلِّـوى
لهـنَ إلـى أفـيائكـنَّ بُـغـامُ أرَى الوَحْشَ آجالاً إليكنَّ بالضحى
تَرَنّمَ في أفنـانـكـنَّ حَـمـامُ وإنِّي لمجلوبٌ لي الشَّوقُ كلمـا
وقال عمرُو بن الوليد:
يُ وصَرْفُ النَّوى وحَرْبٌ عقامُ حال مِنْ دونِ أنْ أحلَّ بهِ الـنَّـأ
والقصور التي بـهـا الآطـام فتبدَّلْتُ من مَسَاكِـنِ قـوْمـي
تتغنَّى علـى ذراه الـحَـمـامُ كلَّ قصـرٍ مـشَـيّدٍ ذي أواسٍ
وقال آخر:
فقد هاج لي مَسراكَ وجدًا علَى وَجد ألا يا صَبَا نجدٍ متى هِجْتَ مِن نَجـدِ
عَلَى غُصُنٍ غضِّ النَّبات مِن الرَّنْـدِ أَأن هَتَفتْ ورقاء في رَوْنقِ الضُّحى
جَليدًا وأبْدَيتَ الذي لم تكـنْ تُـبـدي بكيتَ كما يبكي الوليد ولـم تـكـنْ
يُمَلُّ، وأنّ النّأي يشفي مِنَ الْـوَجْـد وقد زعموا أنّ الـمـحـبَّ إذا دنَـا
عَلَى أنّ قُربَ الدَّارِ خيرٌُ من البُعْـد بكلٍّ تَدَاوَينْا فلـم يَشْـفِ مـا بـنـا
بسُعدي شَفيت النّفس قبلَ التندُّمِ ولو قَبْلَ مَبْكاها بَكَيتُ صبـابَةً
بُكَاها فقلتُ الفَضلُ للْمُتَـقَـدِّمِ ولكنْ بَكَتْ قَبلي فهيَّج لي البُكا
وقال أعرابي:
على أنَّ قَلبي للفِراق كلـيمُ عليكِ سَلامُ اللّه قاطعَة القُوى
وإن هبَّ يوماً للجَنُوبِ نَسِيم قريحٌ بتغريدِ الحَمامِ إذا بكت
وقال المجنونُ، أو غيره:
حمائمُ ورقٌ في الـدِّيار وُقـوعُ ولو لم يَهجْني الرائحون لَهاجَنـي
نوائحُ لا تجري لـهـنَّ دُمـوعُ تجاوَبْنَ فاستبْكَيْنَ من كان ذا هوى
وقال الآخر:
عليكنَّ من بَين السَّـيالِ سـلامُ ألا يا سَيَالاتِ الدَّحائلِ بالـلِّـوى
لهـنَ إلـى أفـيائكـنَّ بُـغـامُ أرَى الوَحْشَ آجالاً إليكنَّ بالضحى
تَرَنّمَ في أفنـانـكـنَّ حَـمـامُ وإنِّي لمجلوبٌ لي الشَّوقُ كلمـا
وقال عمرُو بن الوليد:
يُ وصَرْفُ النَّوى وحَرْبٌ عقامُ حال مِنْ دونِ أنْ أحلَّ بهِ الـنَّـأ
والقصور التي بـهـا الآطـام فتبدَّلْتُ من مَسَاكِـنِ قـوْمـي
تتغنَّى علـى ذراه الـحَـمـامُ كلَّ قصـرٍ مـشَـيّدٍ ذي أواسٍ
وقال آخر:
فقد هاج لي مَسراكَ وجدًا علَى وَجد ألا يا صَبَا نجدٍ متى هِجْتَ مِن نَجـدِ
عَلَى غُصُنٍ غضِّ النَّبات مِن الرَّنْـدِ أَأن هَتَفتْ ورقاء في رَوْنقِ الضُّحى
جَليدًا وأبْدَيتَ الذي لم تكـنْ تُـبـدي بكيتَ كما يبكي الوليد ولـم تـكـنْ
يُمَلُّ، وأنّ النّأي يشفي مِنَ الْـوَجْـد وقد زعموا أنّ الـمـحـبَّ إذا دنَـا
عَلَى أنّ قُربَ الدَّارِ خيرٌُ من البُعْـد بكلٍّ تَدَاوَينْا فلـم يَشْـفِ مـا بـنـا
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
أنساب الحمام
وقال صاحب الحَمام: للحمام مجاهيل، ومعروفات، وخارجيَّات، ومنسوبات، والذي يشتملُ عليه دواوينُ أصحب الحمام أكثرُ من كتب النَّسب التي تضاف إلى ابن الكلبيِّ، والشّرقيِّ بن القطاميِّ، وأبي اليقظان، وأبي عُبيدة النحويِّ، بل إلى دَغْفَلِ ابن حنظلة، وابن لسان الحُمَّرَة، بل إلى صُحارٍ العبديِّ، وإلى أبي السَّطّاح اللّخميّ، بل إلى النَّخّار العذريِّ، وصُبح الطائيِّ، بل إلى مثْجور بن غيلان الضّبيّ، وإلى سَطيح الذئبيّ، بل ابن شرِيَّة الجُرْهميِّ، وإلى زيد بن الكيِّس النَّمَريّ؛ وإلى كلِّ نسَّابَةٍ راويَةٍ، وكلِّ متفنن علاّمة.
ووصف الهذيل المازنيُّ، مثنّى بن َ زُهير وحفظه لأنساب الحمام، فقال: واللّه لهو أنسَب من سعيد بن المسيّب، وقَتادة بن دِعامة للنَّاس، بل هو أنسبُ من أبي بكر الصِّدِّيق رضي اللّه عنه لقد دخلت على رجلٍ أعْرفَ بالأمَّهاتِ المنْجِبات من سُحَيم ابن حفص، وأعرفَ بما دخَلها من الهُجْنةِ والإقراف، من يُونسَ بنِ حبيب.
وقال صاحب الحَمام: للحمام مجاهيل، ومعروفات، وخارجيَّات، ومنسوبات، والذي يشتملُ عليه دواوينُ أصحب الحمام أكثرُ من كتب النَّسب التي تضاف إلى ابن الكلبيِّ، والشّرقيِّ بن القطاميِّ، وأبي اليقظان، وأبي عُبيدة النحويِّ، بل إلى دَغْفَلِ ابن حنظلة، وابن لسان الحُمَّرَة، بل إلى صُحارٍ العبديِّ، وإلى أبي السَّطّاح اللّخميّ، بل إلى النَّخّار العذريِّ، وصُبح الطائيِّ، بل إلى مثْجور بن غيلان الضّبيّ، وإلى سَطيح الذئبيّ، بل ابن شرِيَّة الجُرْهميِّ، وإلى زيد بن الكيِّس النَّمَريّ؛ وإلى كلِّ نسَّابَةٍ راويَةٍ، وكلِّ متفنن علاّمة.
ووصف الهذيل المازنيُّ، مثنّى بن َ زُهير وحفظه لأنساب الحمام، فقال: واللّه لهو أنسَب من سعيد بن المسيّب، وقَتادة بن دِعامة للنَّاس، بل هو أنسبُ من أبي بكر الصِّدِّيق رضي اللّه عنه لقد دخلت على رجلٍ أعْرفَ بالأمَّهاتِ المنْجِبات من سُحَيم ابن حفص، وأعرفَ بما دخَلها من الهُجْنةِ والإقراف، من يُونسَ بنِ حبيب.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
مما أشبه فيه الحَمام الناس
قال: وممَّا أشبَهَ فيه الحَمامُ النَّاسَ في الصّور والشَّمائلِ ورقّة الطباع، وسُرعة القَبول والانقلاب، أنّك إذا كنتَ صاحبَ فِراسةٍ، فمرَّ بك رجالٌ بعضُهم كوفيٌّ، وبعضهم بَصريٌ، وبعضهُم شاميٌّ وبعضُم يمانيٌّ، لم يَخْفَ عَليك أمُورهم في الصُّوَر والشمائِل والقُدودِ والنَّغم أيّهم بصريٌّ، وَأيُّهم كوفيّ، وأيّهم يمانيٌّ، وَأيهم مدنيٌّ وكذلك الحمام؛ لا تَرَى صاحبَ حَمامٍ تخفى عليه نسب الحمام وجنسها وبلادُها إذا رآها.
قال: وممَّا أشبَهَ فيه الحَمامُ النَّاسَ في الصّور والشَّمائلِ ورقّة الطباع، وسُرعة القَبول والانقلاب، أنّك إذا كنتَ صاحبَ فِراسةٍ، فمرَّ بك رجالٌ بعضُهم كوفيٌّ، وبعضهم بَصريٌ، وبعضهُم شاميٌّ وبعضُم يمانيٌّ، لم يَخْفَ عَليك أمُورهم في الصُّوَر والشمائِل والقُدودِ والنَّغم أيّهم بصريٌّ، وَأيُّهم كوفيّ، وأيّهم يمانيٌّ، وَأيهم مدنيٌّ وكذلك الحمام؛ لا تَرَى صاحبَ حَمامٍ تخفى عليه نسب الحمام وجنسها وبلادُها إذا رآها.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
مبلغ ثمن الحمام وغيره
وللحمام من الفضيلة والفخْر، أن الحمام الواحدَ يباعُ بخسمائة دينار، ولايبلغ ذلك بازٍ ولا شاهينٌ، ولا صقرٌ ولا عُقاب، ولا طاوس، ولا تدْرَجٌ ولا ديكٌ، ولا بعيرٌ ولا حمارٌ، ولا بغلٌ، ولو أردْنَا أن نحقِّقَ الخبرَ بأنَّ برذوناً أو فرَسَاً بيع بخمسمائة دينار، لما قدَرْنا عليه إلاّ في حديث السَّمَر.
وأنت إذا أردْتَ أن تتعرَّف مبلغ ثمنِ الحمام الذي جاء من الغايَةِ، ثمَّ دخلْتَ بغدادَ والبصرة وجدْت ذلك بلا معاناة، وفيه أنَّ الحمام إذا جاء من الغاية بيع الفَرخُ الذَّكرُ من فراخ بعشرين ديناراً أو أكثر، وبيعَت الأنثى بعشرة دَنَانير أو أكثر، وبيعَت البيضة بخمسة دنانير، فيقوم الزَّوج منها في الغَلَّةِ مقام ضيعة، وحتى ينهَضَ بمؤْنَة العِيال، ويَقضيَ الدَّين، وتبنى من غلاّتِه وأثمانِ رقابهِ الدُّورُ الجياد، وتبتاع الحوانيتُ المغِلَّة، هذا؛ وهي في ذلك الوقتِ مَلْهى عجيبٌ، ومنظرٌ أنيق، ومعتَبَرٌ لمنْ فكّر، ودليلٌ لمن نظرَ.
وللحمام من الفضيلة والفخْر، أن الحمام الواحدَ يباعُ بخسمائة دينار، ولايبلغ ذلك بازٍ ولا شاهينٌ، ولا صقرٌ ولا عُقاب، ولا طاوس، ولا تدْرَجٌ ولا ديكٌ، ولا بعيرٌ ولا حمارٌ، ولا بغلٌ، ولو أردْنَا أن نحقِّقَ الخبرَ بأنَّ برذوناً أو فرَسَاً بيع بخمسمائة دينار، لما قدَرْنا عليه إلاّ في حديث السَّمَر.
وأنت إذا أردْتَ أن تتعرَّف مبلغ ثمنِ الحمام الذي جاء من الغايَةِ، ثمَّ دخلْتَ بغدادَ والبصرة وجدْت ذلك بلا معاناة، وفيه أنَّ الحمام إذا جاء من الغاية بيع الفَرخُ الذَّكرُ من فراخ بعشرين ديناراً أو أكثر، وبيعَت الأنثى بعشرة دَنَانير أو أكثر، وبيعَت البيضة بخمسة دنانير، فيقوم الزَّوج منها في الغَلَّةِ مقام ضيعة، وحتى ينهَضَ بمؤْنَة العِيال، ويَقضيَ الدَّين، وتبنى من غلاّتِه وأثمانِ رقابهِ الدُّورُ الجياد، وتبتاع الحوانيتُ المغِلَّة، هذا؛ وهي في ذلك الوقتِ مَلْهى عجيبٌ، ومنظرٌ أنيق، ومعتَبَرٌ لمنْ فكّر، ودليلٌ لمن نظرَ.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
عناية الناس بالحمام
ومن دخل الحَجَر ورأَى قصُورَها المبنيَّة لها بالشّامات وكيف اختزانُ تلك الغلاَّت، وحفْظُ تلك المؤونات؛ ومن شهد أربابَ الحمام، وأصحابَ الهُدَّى وما يحتملون فيها من الكُلف الغِلاظِ أيَّامَ الزَّجْل، في حملانها على ظهور الرِّجال، وقبل ذلك في بُطون السفن، وكيف تُفْرَدُ في البيوت، وتجمع إذا كان الجمع أمثل، وتفرَّقُ إذا كانت التَّفرِقَةُ أمثل وكيف تُنقلُ الإنَاثُ عن ذُكورتِها، وكيفَ تنقَلُ الذُّكورَةُ عن إناثها إلى غيرها، وكيف يُخافُ عليها الضَّوَى إذا تقاربت أنسابُها، وكيف يُخاف على أعراقِها من دخول الخارجيّات فيها، وكيف يحتاط في صحَّة طرْقها ونجْلها؛ لأنَّهُ لاَ يُؤْمَن أن يقمُط الأنثى ذكرٌ من عُرْضِ الحمام، فيضربَ في النَّجلِ بنصيبٍ، فتعتريه الهُجنة - والبيضة عند ذلك تنسب إلى طَرْقها، وهم لا يحوطون أرحام نسائهم كما يُحوطون أرحامَ المنْجِبات من إناثِ الحمام، ومن شهد أصحاب الحمام عند زَجْلها من الغاية، والذين يعلّمون الحمامَ كيف يختارون لصاحب العلامات، وكيفَ يتخيَّرُون الثِّقة وموضعَ الصِّدقِ والأمانَةِ، والبُعدِ من الكِذَب والرّشوة، وكيفَ يتوخّوْن ذا التَّجربَة والمعرفة اللَّطيفة، وكيف تسخو أنفسُهمْ بالجعالة الرَّفيعة، وكيف يختارون لحملها من رجال الأمانةِ والجَلَدِ والشَّفَقَةِ والبَصَر وحُسْنِ المعرفَةِ - لعَلم عند ذلك صاحب الدِّيك والكلب أنَّهما لا يجريان في هذه الحلبةِ، ولا يتعاطيان هذه الفضيلة.
ومن دخل الحَجَر ورأَى قصُورَها المبنيَّة لها بالشّامات وكيف اختزانُ تلك الغلاَّت، وحفْظُ تلك المؤونات؛ ومن شهد أربابَ الحمام، وأصحابَ الهُدَّى وما يحتملون فيها من الكُلف الغِلاظِ أيَّامَ الزَّجْل، في حملانها على ظهور الرِّجال، وقبل ذلك في بُطون السفن، وكيف تُفْرَدُ في البيوت، وتجمع إذا كان الجمع أمثل، وتفرَّقُ إذا كانت التَّفرِقَةُ أمثل وكيف تُنقلُ الإنَاثُ عن ذُكورتِها، وكيفَ تنقَلُ الذُّكورَةُ عن إناثها إلى غيرها، وكيف يُخافُ عليها الضَّوَى إذا تقاربت أنسابُها، وكيف يُخاف على أعراقِها من دخول الخارجيّات فيها، وكيف يحتاط في صحَّة طرْقها ونجْلها؛ لأنَّهُ لاَ يُؤْمَن أن يقمُط الأنثى ذكرٌ من عُرْضِ الحمام، فيضربَ في النَّجلِ بنصيبٍ، فتعتريه الهُجنة - والبيضة عند ذلك تنسب إلى طَرْقها، وهم لا يحوطون أرحام نسائهم كما يُحوطون أرحامَ المنْجِبات من إناثِ الحمام، ومن شهد أصحاب الحمام عند زَجْلها من الغاية، والذين يعلّمون الحمامَ كيف يختارون لصاحب العلامات، وكيفَ يتخيَّرُون الثِّقة وموضعَ الصِّدقِ والأمانَةِ، والبُعدِ من الكِذَب والرّشوة، وكيفَ يتوخّوْن ذا التَّجربَة والمعرفة اللَّطيفة، وكيف تسخو أنفسُهمْ بالجعالة الرَّفيعة، وكيف يختارون لحملها من رجال الأمانةِ والجَلَدِ والشَّفَقَةِ والبَصَر وحُسْنِ المعرفَةِ - لعَلم عند ذلك صاحب الدِّيك والكلب أنَّهما لا يجريان في هذه الحلبةِ، ولا يتعاطيان هذه الفضيلة.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
خصائص الحمام
قال: وللحمام من حسنِ الاهتداءِ، وجودةِ الاستدلالِ، وثَباتِ الحِفْظِ والذِّكرْ، وقوّةِ النِّزاع إلى أربابه، والإلف لوطنه، ما ليس لشيء، وكفاك اهتداءً ونِزاعاً أن يكون طائرٌ من بهائم الطير، يجيء من بَرْغَمَة، لا بَلْ من العليق، أو من خَرشنة أوْ من الصفصاف، لاَ بَلْ من البَغْراس، ومن لؤلؤة.
ثمَّ الدَّليلُ على أنَّه يَستدلُّ بالعقلِ والمعرفة، والفِكرةِ والعناية أنَّه إنما يجيء من الغاية على تدريج وتَدْرِيبٍ وتنزيل، والدليل عَلَى علم أربابه بأنّ تلك المقدَّمات قد نَجَعنَ فيه، وعملن في طِباعه، أنّهُ إذا بلغ الرَّقَّة غمَّروا بهِ بكَرّةٍ إلى الدَّرب وما فوقَ الدَّرْب من بلاد الرُّوم، بل لا يجعلون ذلك تغميراً؛ لمكان المقدمات والترتيبات التي قد عُمِلت فيه وحَذّقته ومَرَّنته.
ولو كان الحمام ممَّا يُرسَل باللّيل، لكان مِمَّا يستِدلُّ بالنُّجوم؛ لأنّا رأيناه يلزَم بَطنَ الفُرات، أو بطنَ دِجلة، أو بُطونَ الأوديةِ التي قد مرَّ بها، وهو يرى ويُبصِرُ ويفهَمُ انحدار الماء، ويعلمُ بَعْدَ طولِ الجَوَلانِ و بَعْدَ الزِّجال، إذا هو أشرف علَى الفرات أو دِجلة، أنّ طرِيقَه وطريق الماء واحد، وأنهُ ينبغي أن ينحدِر مَعهُ.
وما أكثرَ ما يستدلُّ بالجَوَادِّ من الطُّرُق إذا أعيتْهُ بطونُ الأودية، فإذا لم يَدْرِ أمُصْعِدٌ أمْ مُنْحَدِرٌ، تعَرَّفَ ذلك بالرِّيح، ومواضعِ قُرْصِ الشمس في السماء، وإنَّما يحتاج إلى ذلك كلِّه إذا لم يكُن وَقَعَ بعد على رسم يعمَلُ عليه فرَّبما كَرّ حين يزجل بهِ يميناً وشِمالاً، وجنوباً وشَمالاً، وصَباً ودَبُوراً - الفرَاسِخَ الكثيرةَ وفوقَ الكثيرة.
قال: وللحمام من حسنِ الاهتداءِ، وجودةِ الاستدلالِ، وثَباتِ الحِفْظِ والذِّكرْ، وقوّةِ النِّزاع إلى أربابه، والإلف لوطنه، ما ليس لشيء، وكفاك اهتداءً ونِزاعاً أن يكون طائرٌ من بهائم الطير، يجيء من بَرْغَمَة، لا بَلْ من العليق، أو من خَرشنة أوْ من الصفصاف، لاَ بَلْ من البَغْراس، ومن لؤلؤة.
ثمَّ الدَّليلُ على أنَّه يَستدلُّ بالعقلِ والمعرفة، والفِكرةِ والعناية أنَّه إنما يجيء من الغاية على تدريج وتَدْرِيبٍ وتنزيل، والدليل عَلَى علم أربابه بأنّ تلك المقدَّمات قد نَجَعنَ فيه، وعملن في طِباعه، أنّهُ إذا بلغ الرَّقَّة غمَّروا بهِ بكَرّةٍ إلى الدَّرب وما فوقَ الدَّرْب من بلاد الرُّوم، بل لا يجعلون ذلك تغميراً؛ لمكان المقدمات والترتيبات التي قد عُمِلت فيه وحَذّقته ومَرَّنته.
ولو كان الحمام ممَّا يُرسَل باللّيل، لكان مِمَّا يستِدلُّ بالنُّجوم؛ لأنّا رأيناه يلزَم بَطنَ الفُرات، أو بطنَ دِجلة، أو بُطونَ الأوديةِ التي قد مرَّ بها، وهو يرى ويُبصِرُ ويفهَمُ انحدار الماء، ويعلمُ بَعْدَ طولِ الجَوَلانِ و بَعْدَ الزِّجال، إذا هو أشرف علَى الفرات أو دِجلة، أنّ طرِيقَه وطريق الماء واحد، وأنهُ ينبغي أن ينحدِر مَعهُ.
وما أكثرَ ما يستدلُّ بالجَوَادِّ من الطُّرُق إذا أعيتْهُ بطونُ الأودية، فإذا لم يَدْرِ أمُصْعِدٌ أمْ مُنْحَدِرٌ، تعَرَّفَ ذلك بالرِّيح، ومواضعِ قُرْصِ الشمس في السماء، وإنَّما يحتاج إلى ذلك كلِّه إذا لم يكُن وَقَعَ بعد على رسم يعمَلُ عليه فرَّبما كَرّ حين يزجل بهِ يميناً وشِمالاً، وجنوباً وشَمالاً، وصَباً ودَبُوراً - الفرَاسِخَ الكثيرةَ وفوقَ الكثيرة.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
الغُمر والمجرّب من الحمام
وفي الحمام الغُمْر والمجرّب، وهم لا يُخاطِرون بالأغمار لوجهين: أحدهما أن يكون الغُمْر عريفاً فصاحبُه يضنُّ به، فهو يريدُ أن يدرِّبه ويمرِّنَه ثمَّ يكلفه بعد الشيء الذي اتّخذه له، وبسببه اصطنعه واتخذهُ، وإمَّا أن يكونَ الغمْر مجهولاً، فهو لا يتعنِّى ويُشقي نفسَه، ويتوقَّعُ الهِِدَايَةَ من الأغمار المجاهيل.
وخَصلةٌ أخرى: أنّ المجهولَ إذا رَجَعَ مع الهدَّى المعروفاتِ، فحملهُ معها إلى الغاية فجاء سابقاً، لم يكنْ له كبير ثمنٍ حتَّى تتلاحق به الأولاد، فإِنْ أنْجَبَ فيهنَّ صار أباً مذْكوراً وصار نَسَباً يرجَع إليه، وزاد ذلك في ثمنه.
فأمَّا المجرَّب غير الغمر، فهو الذي قد عرَّفوه الوُرودَ والتحَصُّب؛ لأنّه متى لم يقدرْ عَلى أن ينقضّ حتَّى يشربَ الماء من بطون الأوديةِ والأنهار والغُدْران، ومناقع المياه، ولم يتحَصّب بطلب بُزورِ البراري، وجاعَ وعطش - التمسَ مواضعَ الناس، وإذا مرَّ بالقرى والعُمْران سقط، وإذا سقط أُخِذ بالبَايْكير وبالقفَّاعة، وبالمِلْقَفِ وبالتَّدْبيق وبالدُّشَاخِ، ورمى أيضاً بالجُلاهِق وبغير ذلك من أسبابِ الصَّيد.
والحمام طائرٌ مُلقًّى غير مُوَقًّى، وأعداؤه كثير، وسباع الطّير تطلُبه أشدّ الطلب، وقد يترفّع مع الشّاهين، وهو للشاهين أخوَف، فالحَمامُ أطْيرَ منْهُ ومن جميعِ سباعِ الطير، ولكِنَّهُ يُذْعرُ فيجهَلُ بابَ المَخْلَص ويعتريه ما يعتري الحمار من الأسدِ إذا رآه، والشاةَ إذا رأت الذِّئب والفارة إذا رأت السِّنَّور.
وفي الحمام الغُمْر والمجرّب، وهم لا يُخاطِرون بالأغمار لوجهين: أحدهما أن يكون الغُمْر عريفاً فصاحبُه يضنُّ به، فهو يريدُ أن يدرِّبه ويمرِّنَه ثمَّ يكلفه بعد الشيء الذي اتّخذه له، وبسببه اصطنعه واتخذهُ، وإمَّا أن يكونَ الغمْر مجهولاً، فهو لا يتعنِّى ويُشقي نفسَه، ويتوقَّعُ الهِِدَايَةَ من الأغمار المجاهيل.
وخَصلةٌ أخرى: أنّ المجهولَ إذا رَجَعَ مع الهدَّى المعروفاتِ، فحملهُ معها إلى الغاية فجاء سابقاً، لم يكنْ له كبير ثمنٍ حتَّى تتلاحق به الأولاد، فإِنْ أنْجَبَ فيهنَّ صار أباً مذْكوراً وصار نَسَباً يرجَع إليه، وزاد ذلك في ثمنه.
فأمَّا المجرَّب غير الغمر، فهو الذي قد عرَّفوه الوُرودَ والتحَصُّب؛ لأنّه متى لم يقدرْ عَلى أن ينقضّ حتَّى يشربَ الماء من بطون الأوديةِ والأنهار والغُدْران، ومناقع المياه، ولم يتحَصّب بطلب بُزورِ البراري، وجاعَ وعطش - التمسَ مواضعَ الناس، وإذا مرَّ بالقرى والعُمْران سقط، وإذا سقط أُخِذ بالبَايْكير وبالقفَّاعة، وبالمِلْقَفِ وبالتَّدْبيق وبالدُّشَاخِ، ورمى أيضاً بالجُلاهِق وبغير ذلك من أسبابِ الصَّيد.
والحمام طائرٌ مُلقًّى غير مُوَقًّى، وأعداؤه كثير، وسباع الطّير تطلُبه أشدّ الطلب، وقد يترفّع مع الشّاهين، وهو للشاهين أخوَف، فالحَمامُ أطْيرَ منْهُ ومن جميعِ سباعِ الطير، ولكِنَّهُ يُذْعرُ فيجهَلُ بابَ المَخْلَص ويعتريه ما يعتري الحمار من الأسدِ إذا رآه، والشاةَ إذا رأت الذِّئب والفارة إذا رأت السِّنَّور.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
سرعة طيران الحمام
والحمامُ أشدُّ طيراناً من جميع سباع الطير، إلاَّ في انقضاض وانحدار؛ فإنَّ تلك تنحطّ انحطاط الصخور و متى التقت أمَّةٌ من سباع الطَّير أوْ جُفالةٌ من بهائم الطير، أو طِرْنَ عَلَى عَرَقةٍ وخيطِ ممدود، فكلُّهَا يعتريها عند ذلك التَّقصير عما ما كانت عليه، إذا طارت في غير جماعة، ولن ترى جماعة طير أكثرَ طيراناً إذا كَثُرْنَ من الحمام؛ فإنّهُنّ كلما التففن وضاق موضعُهنَّ كان أشدّ لطيرانهنَّ، وقد ذكر ذلك النَّابغة الذُّبيانيُّ في قوله:
إلى حمامٍ شراعٍ واردِ الثَّـمـدِ وَاحْكمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذ نَظَرتْ
مثلُ الزُّجاجةِ لم تُكْحَلْ من الرَّمدِِ يحفُّه جانـبًـا نِـيقٍ ويَتْـبَـعُـهُ
إلى حمامَتا ونِصْـفُـهُ فَـقَـدِ قالت: ألا لَيتما هذا الحمامُ لـنـا
تِسعًا وتسْعينَ لم تنقُصْ ولم تزِدِ فحسَبوه فألفَوه كما حَـسَـبَـتْ
وأسْرَعَتْ حَسْبَةً في ذلك العَدَدِ فكَمَّلت مائةً فيها حمامـتُـهـا
قال الأصمعيُّ: لما أراد مَديحَ الحاسب وسرعة إصابته، شدَّدَ الأمرَ وضيَّقه عليه؛ ليكون أحمدَ له إذا أصاب؛ فجعَلَهُ حَزَر طيراً، والطّيرُ أخفُّ من غيره، ثمَّ جعله حماماً والحمامُ أسرع الطّيرِ، وأكثرُها اجتهاداً في السرعة إذا كثر عددهنَّ؛ وذلك أنّه يشتدُّ طيرانُهُ عند المسابقة والمنافسة، وقال: يحفّه جانبا نِيقٍ ويتبعه، فأراد أنّ الحمام إذا كان في مضيقٍ من الهواء كان أسرَعَ منه إذا اتّسع عليه الفضاء.
والحمامُ أشدُّ طيراناً من جميع سباع الطير، إلاَّ في انقضاض وانحدار؛ فإنَّ تلك تنحطّ انحطاط الصخور و متى التقت أمَّةٌ من سباع الطَّير أوْ جُفالةٌ من بهائم الطير، أو طِرْنَ عَلَى عَرَقةٍ وخيطِ ممدود، فكلُّهَا يعتريها عند ذلك التَّقصير عما ما كانت عليه، إذا طارت في غير جماعة، ولن ترى جماعة طير أكثرَ طيراناً إذا كَثُرْنَ من الحمام؛ فإنّهُنّ كلما التففن وضاق موضعُهنَّ كان أشدّ لطيرانهنَّ، وقد ذكر ذلك النَّابغة الذُّبيانيُّ في قوله:
إلى حمامٍ شراعٍ واردِ الثَّـمـدِ وَاحْكمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذ نَظَرتْ
مثلُ الزُّجاجةِ لم تُكْحَلْ من الرَّمدِِ يحفُّه جانـبًـا نِـيقٍ ويَتْـبَـعُـهُ
إلى حمامَتا ونِصْـفُـهُ فَـقَـدِ قالت: ألا لَيتما هذا الحمامُ لـنـا
تِسعًا وتسْعينَ لم تنقُصْ ولم تزِدِ فحسَبوه فألفَوه كما حَـسَـبَـتْ
وأسْرَعَتْ حَسْبَةً في ذلك العَدَدِ فكَمَّلت مائةً فيها حمامـتُـهـا
قال الأصمعيُّ: لما أراد مَديحَ الحاسب وسرعة إصابته، شدَّدَ الأمرَ وضيَّقه عليه؛ ليكون أحمدَ له إذا أصاب؛ فجعَلَهُ حَزَر طيراً، والطّيرُ أخفُّ من غيره، ثمَّ جعله حماماً والحمامُ أسرع الطّيرِ، وأكثرُها اجتهاداً في السرعة إذا كثر عددهنَّ؛ وذلك أنّه يشتدُّ طيرانُهُ عند المسابقة والمنافسة، وقال: يحفّه جانبا نِيقٍ ويتبعه، فأراد أنّ الحمام إذا كان في مضيقٍ من الهواء كان أسرَعَ منه إذا اتّسع عليه الفضاء.
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
رد: كتاب الحيوان المجلد الثالث - للجاحظ
غايات الحمام
وصاحب الحَمام قد كان يدرِّب ويمرِّن ويُنزِل في الزِّجال، والغايَة يومئذٍ واسط، فكيف يصنَع اليومَ بتعريفه الطَّريق وتعريفهِ الوُرود والتحصُّب، مع بُعد الغاية?! ما يختار لِلزّجْل من الحَمام والبغداديون يختارون للزِّجال من الغايةِ الإناث، والبصريّون يختارون الذُّكور فحجَّة البغداديّين أن الذَّكر إذا سافر وبَعُد عهده بقَمْط الإناث، وتاقَتْ نفسُه إلى السِّفاد، ورأى أنثاه في طريقه، ترك الطَّلبَ إن كان بعُد في الجوَلان؛ أو ترك السَّيرَ إن كان وقع على القَصْد، ومالَ إلى الأنثى وفي ذلك الفسادُ كلُّه.
وقال البَصريُّ: الذَّكرُ أحنُّ إلى بيتِه لمكان أنثاه، وهو أشدُّ متْناً وأقوى بدَناً، وهو أحسنُ اهتداء، فَنحنُ لا نَدع تقديمَ الشيء القائم إلى معنًى قد يعرضُ وقد لا يعرض.
نصيحة شدفويه في تربية الحَمام وسمعتُ شدفويه السلائحي من نحو خمسين سنة، وهو يقول لعبد السلام بن أبي عمار: اجعل كعبة حمامك في صَحْن دارِك، فإنَّ الحَمامَ إذا كان متَى خرج من بيته إلى المعلاة لم يصل إلى معلاتهِ إلاّ بجمع النَّفس والجناحين، وبالنهوضِ ومكَابدَةِ الصعود - اشتدَّ متْنُه، وقويَ جناحُه ولحمه، ومتى أراد بيتَه فاحْتاج إلى أن ينتكس ويجيء منقضّاً كان أقوَى على الارتفاع في الهواءِ بعد أن يروى، وقد تعلمون أَنَّ الباطنيِّين أشدّ متناً من الظاهريِّين، وأنّ النِّقرِسَ لا يُصِيب الباطِنيَّ في رجله ليس ذلك إلاَّ لأنَّه يصعد إلى العلالي فوق الكَنادِيجِ درجةً بعد درجة، وكذلك نزوله، فلو درَّبتم الحَمامَ على هذا التّرتيب كانَ أصوب، ولا يعجَبُني تَدْريب العاتق وما فوق العاتق إلاّ من الأماكنِ القريبة؛ لأن العاتقَ كالفتاةِ العاتق، وكالصبّي الغرير، فهو لاَ يَعْدِمُه ضعفُ البدن، وقلَّةُ المعرفة، وسوء الإلف، ولا يُعجبُني أن
وصاحب الحَمام قد كان يدرِّب ويمرِّن ويُنزِل في الزِّجال، والغايَة يومئذٍ واسط، فكيف يصنَع اليومَ بتعريفه الطَّريق وتعريفهِ الوُرود والتحصُّب، مع بُعد الغاية?! ما يختار لِلزّجْل من الحَمام والبغداديون يختارون للزِّجال من الغايةِ الإناث، والبصريّون يختارون الذُّكور فحجَّة البغداديّين أن الذَّكر إذا سافر وبَعُد عهده بقَمْط الإناث، وتاقَتْ نفسُه إلى السِّفاد، ورأى أنثاه في طريقه، ترك الطَّلبَ إن كان بعُد في الجوَلان؛ أو ترك السَّيرَ إن كان وقع على القَصْد، ومالَ إلى الأنثى وفي ذلك الفسادُ كلُّه.
وقال البَصريُّ: الذَّكرُ أحنُّ إلى بيتِه لمكان أنثاه، وهو أشدُّ متْناً وأقوى بدَناً، وهو أحسنُ اهتداء، فَنحنُ لا نَدع تقديمَ الشيء القائم إلى معنًى قد يعرضُ وقد لا يعرض.
نصيحة شدفويه في تربية الحَمام وسمعتُ شدفويه السلائحي من نحو خمسين سنة، وهو يقول لعبد السلام بن أبي عمار: اجعل كعبة حمامك في صَحْن دارِك، فإنَّ الحَمامَ إذا كان متَى خرج من بيته إلى المعلاة لم يصل إلى معلاتهِ إلاّ بجمع النَّفس والجناحين، وبالنهوضِ ومكَابدَةِ الصعود - اشتدَّ متْنُه، وقويَ جناحُه ولحمه، ومتى أراد بيتَه فاحْتاج إلى أن ينتكس ويجيء منقضّاً كان أقوَى على الارتفاع في الهواءِ بعد أن يروى، وقد تعلمون أَنَّ الباطنيِّين أشدّ متناً من الظاهريِّين، وأنّ النِّقرِسَ لا يُصِيب الباطِنيَّ في رجله ليس ذلك إلاَّ لأنَّه يصعد إلى العلالي فوق الكَنادِيجِ درجةً بعد درجة، وكذلك نزوله، فلو درَّبتم الحَمامَ على هذا التّرتيب كانَ أصوب، ولا يعجَبُني تَدْريب العاتق وما فوق العاتق إلاّ من الأماكنِ القريبة؛ لأن العاتقَ كالفتاةِ العاتق، وكالصبّي الغرير، فهو لاَ يَعْدِمُه ضعفُ البدن، وقلَّةُ المعرفة، وسوء الإلف، ولا يُعجبُني أن
أحمد بدوى- سوبر ستار المنتدى
- رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 7431
المهارة : 45422
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
الكفاءة : 0
صفحة 6 من اصل 13 • 1, 2, 3 ... 5, 6, 7 ... 11, 12, 13
مواضيع مماثلة
» كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» كتاب الزكاة - شرح الموطأ - المجلد الثالث
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ المجلد الأول
» كتاب الزكاة - شرح الموطأ - المجلد الثالث
» تابع كتاب الحيوان للجاحظ
صفحة 6 من اصل 13
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى